موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ١

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 311

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 311
المشاهدات: 56784
تحميل: 7138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56784 / تحميل: 7138
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

في هذا القِسم يخرج القارئ بحصيلة معرفيّة معطاءة عن أُولئك الرادة الذين تربّوا في كنَف عليّ، وتخرّجوا من مدرسته، وفى الوقت ذاته تتكشّف له معالم الحُكم العلَوي وما كان يعانيه من قلّة الطاقات الرياديّة الملتزمة الرشيدة، وما يكابده الحكم من نقص في القوى الفاعلة المطيعة المسؤولة. وهذا الواقع يُسهم إلى حدٍّ في الإفصاح عن السِرّ الكامن وراء بعض النواقص التي بدَت في الحُكم العلَوي، ويُعين القارئ على إدراك ذلك، كما تمنحه معطيات هذا القسم موقعاً أفضل للتوفّر على تحليل واقعي لحكومة الإمام.

من الجليّ أنّ أصحاب الإمام لم يكونوا على مستوىً واحد، كما لم يكن عمّاله كذلك. لقد كانت ضرورات الحكم ومتطلّبات الإدارة العامّة تُملي على الإمام أنْ يلجأ أحياناً إلى استعمال أُناس ثابتين في العقيدة بيدَ أنّهم غير منضبطين في العمل. لكن الإمام لم يكن يغفل لحظة عن تنبيه هؤلاء وتحذيرهم المرّة تِلْو الأُخرى، كما لم يُطق مطلقاً انحرافاتهم وما يصدر عنهم، واضطراب سلوكهم مع الناس.

إنّ عليّاً الذي أمضى عُمراً مديداً يضرب بسيفه دفاعاً عن الحقّ، وعليّاً الذي اختار الصمت سنَوات طويلة من أجل الحقّ ( وفي العين قذى، وفي الحلْق شجا)، عليٌّ هذا لا يُطيق المداهنة - وحاشاه - في تنفيذ الحقّ، ولا يعرف المجاملة في إحقاقه، ولا يتحمّل المساومة أبداً.

تتضاعف أهميّة هذا القسم من الموسوعة، وهو حريّ بالقراءة أكثر، ونحن نبصر - فيه - مواقف الإمام من الأصحاب والعمّال مملوءة دروساً

٤١

وعِبراً.

ومع القسم السادس عشر يشرف الكتاب على نهايته؛ ليكون القارئ قد خرج من الموسوعة بسَيلٍ متدفّق من المعرفة، وبفيض من التحاليل والرؤى والأفكار والأخبار، تستحوذ عليها جميعاً شخصيّة الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

خصائص الموسوعة

انتهى للتوّ استعراض وجيز قدّمناه لأقسام (الموسوعة) الستّة عشر دون خوض لِما احتوَته فصولها من تفاصيل، وما ضمّته من مداخل صغيرة كانت أمْ كبيرة، وقد آنَ الأوان للحديث عمّا تحظى به من خصائص.

بَيد أنّا نعتقد أنّ السبيل إلى معرفة خصائص الموسوعة - وربّما ما تحمله من مزايا ونقاط بارزة - يُملي علينا أنْ نُلقي نظرة إلى ما كُتب عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى الآن؛ كي تتّضح من جهة ضرورات التعاطي مع هذه المجموعة، وتستبين من جهة أُخرى نقاط قوّتها، وما قد تكون حقّقته من مكاسب ومعطيات على هذا الصعيد.

غزارة المدوّنات وكثرتها عن الإمام

يحظى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بشخصيّة هي في المدى الأقصى من الجاذبيّة، ومن ثَمّ فتَملّي سيرة هذا العظيم، والتطلّع إلى حياته العبِقة الفوّاحة هو ممّا لا يختصّ باتّجاه دون آخر. فها هم الجميع من كافّة

٤٢

الاتّجاهات والأفكار يكتبون عن الإمام، وها هي ذي شخصيّته المتوهّجة تجذب كلّ المسالك والميول، وتستقطب لدائرتها كافّة القرائح والأقلام.

هكذا تمثّلت واحدة من خصائص عليّ بن أبي طالب بغزارة ما كُتب عنه، وكثافة التآليف التي أطلّت على حياته وسيرته، وتناولت بالبحث إمامته وخلافته، واندفعت تُعنى بحِكَمه وتعاليمه، وبآثاره ومآثره.

فتاريخ الإسلام بدون اسم عليّ بن أبي طالب ومن دون مآثره وبطولاته التي بلغت أعلى ذروة، هو تاريخ أجوف مشوّه، وكتلة هامدة بلا حراك ولا روح، وهو بعد ذلك لا يمتّ إلى حقيقة التاريخ الإسلامي بصِلة.

فها هي ذي قمَم تاريخ صدْر الإسلام تتضوّع باسم عليّ، وتفوح بذِكراه، وها هو ذا ظلُّه يمتدّ ويطول فلا يغيب عن واقعة قطّ.

وما خطّته الأقلام عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يفوق الحصر عَدّاً، فهذا رصْدٌ واحد قدّم خمسة آلاف عنوان كتاب بعضها في عدّة مجلّدات، دون أنْ يستوفي الجميع.

تصنيف الكتابات

ما جادت به القرائح والأقلام عن عليّ بن أبي طالب يقع في جهات متعدّدة، ويمتدّ محتواه على مواضيع مختلفة. مع ذلك يمكن تصنيف الحصيلة في رؤوس العناوين التالية:

أ - تاريخ حياة الإمام.

٤٣

ب - خلافة الإمام.

ج - خصائص الإمام وفضائله.

د - مواضيع لها صلة بالإمام أو تدور حوله مثل الغدير، وآية التطهير، والولاية، وما إلى ذلك.

هـ - تفسير الآيات النازلة بشأن الإمام.

و - أقضية الإمام.

ز - أدعية الإمام.

ح - الأحاديث والنصوص النبويّة عن الإمام.

ط - كلام الإمام، ولهذا صِيَغ مختلفة كالأحاديث ذات الصيغة البلاغيّة، والأخرى رُتّبت على أساس الحروف الهجائيّة.

ى - الشروح: وتشمل شرح خطبة واحدة، أو كتاب واحد أو رسالة واحدة، وإلى غير ذلك من الصيَغ.

ك - ما جادت به القرائح والأقلام نَظْماً ونثراً عن فضائل الإمام ومناقبه ومراثيه.

ل - كرامات الإمام ومعاجزه في حياته وبعد استشهاده.

يفصح هذا التصنيف بموضوعاته المختلفة أنّ الأقلام قد تبارت متحدّثة عن الإمام عليّ (عليه السلام) من زوايا مختلفة، كلّ واحد يعزف على حياته وآثار عظمته من بُعده الخاص.

٤٤

أمّا وقد اتّضح ذلك على وجه الإجمال، تعالوا ننعطف إلى خصائص هذه (الموسوعة) وما قد تحظى به من مزايا، نُجملها من خلال العناوين التالية:

1 - الشمول ومبدأ الانتخاب

في الوقت الذي حرصت (الموسوعة) على تجنّب التكرار (1) ، والإحالة إلى النصوص المتشابهة، فقد سعَت إلى الجمع بين الشمول والاختصار معاً، متحاشية الزوائد والفضول، من خلال التأكيد على مبدأ الانتخاب.

لقد انطلقت (الموسوعة) تجمع النصوص والأحاديث والنقول من مصادر الفريقين، مع التركيز على ما له مساس بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

هكذا تطمئنّ نفس الباحث الذي يراجع هذه المجموعة إلى أنّه قد اطّلع على حصيلة ما جادت به الأقلام حيال الإمام عليّ (عليه السلام)، كما ينفتح أمامه الطريق ممهّداً لاختيار الموضوع أو المواضيع التي يصبو إلى دراستها، عِبر الكثافة المعلوماتيّة التي يوفّرها له حشد كبير من المصادر والهوامش والإيضاحات التي جاء ذكرها في الهوامش.

2 - الاستناد الواسع إلي مصادر الفريقَين

حقّقت (الموسوعة) لأوّل مرّة أوسع عمليّة استعراض لمصادر الفريقين

____________________

(1) باستثناء النصوص التي يقع بينها اختلاف أساسي، أو أنْ يكون النصّ المكرّر حاوياً لنقطة مهمّة، أو متضمّناً فكرة جديرة بالذكر.

٤٥

التاريخيّة والحديثيّة، حيث استنطقت ما حوَته صفحاتها من ذِكر لمختلف جوانب شخصيّة الإمام عليّ (عليه السلام).

بِلُغة الأرقام، لم تبلغ هذه (الموسوعة) نهايتها، ولم تكتسب هذه الصيغة إلاّ بعد مراجعة ما ينوف على الأربعمِئة وخمسين كتاباً أربَت مجلّداتها على الألفَين، منها مئتا كتاب من مصادر الشيعة، ومئتان وخمسون كتاباً من مصادر أهل السنّة.

ثمّ لكي ترتاد بالباحثين صوب آفاق معرفيّة ممتدّة، وحتى تفتح لهم السبيل واسعاً للدراسة والتحليل، فقد أحالت في هوامشها إلى ما يناهز الثلاثين ألف موضع من مصادر الفريقين، ويكفي هذا وحده للكشف عن المدى الأقصى الذي بلَغَه البحث.

3 - وثاقة المصادر

في تدوين هذه الموسوعة عمَدْنا في البدء إلى جمع المعطيات على جذاذات (بطاقات) مستقلّة من المصادر مباشرة، مع الاستعانة بأنظمة الحاسوب الآلي وأقراص الخزن باللُغَتين الفارسيّة والعربيّة على قدر ما تسمح به الإمكانات، ثمّ جمعنا النصوص المتشابهة حيال الموضوع الواحد، وسعَينا بعدئذ إلى انتخاب أكثر هذه النصوص وثاقة، وفرْز ما هو أقدمها وأكثرها شمولاً.

لقد حرصنا على أنْ تأتي النصوص المنتخبة من أوثق الكتب الحديثيّة والتاريخيّة وأهمّها. لكن ينبغي أنْ نسجّل أنّ وثاقة النصوص والنقول في

٤٦

البحث التاريخي تختلف اختلافاً بيّناً عمّا هي عليه في النصوص والنقول الفقهيّة، فمِن الواضح أنّ ذلك التمحيص الذي ينصبّ على سند الرواية الفقهيّة، لا يجرى بنفسه على البحوث التاريخيّة.

فما يستدعيه البحث التاريخي أكثر، هو طبيعة النصّ (الوثيقة) ومدى ثباته وسلامته، وهذه غاية يبلغها الباحث باستخدام قرائن متعدّدة.

في رؤيتنا أنّ النصّ أو النقل الموثّق - فقهيّاً كان أم تاريخيّاً - هو الذي يكون موثوقاً يبعث على الاطمئنان، حتى لو لم يحظَ بسند ثابت وصحيح. نسجّل ذلك رغم انتباهنا لأهميّة السند الصحيح والموثّق في إيجاد الاطمئنان.

وينبغي أنْ نُضيف أيضاً إلى أنّ الوثوق السنَدي في النصوص التي تستند إلي المصادر الحديثيّة والتاريخيّة للفريقين (الشيعة والسنّة)، لا يمكن أنْ يكون مِلاكاً كاملاً وتامّاً؛ إذ من الواضح أنّ لكلّ فريق رؤيته الخاصّة في تعيين (الثقة) و(غير الثقة)، كما له مساره الخاصّ ونهْجه الذي يميّزه في الأصول الرجاليّة.

الكلمة الأخيرة على هذا الصعيد تتّجه إلى طبيعة المِلاك الذي انتخبناه، ففي عمليّة جمع النصوص وفرزها عمدنا بالإضافة إلى ما بذلناه من جهد في توثيق المصدر والاهتمام بالسند، إلى مسألة نقد النصّ؛ كي يكون هو الملاك الأهمّ في عملنا. وفي هذا الاتّجاه سعينا إلى بلوغ ضرب من الاطمئنان، من خلال تأييد مضمون النصّ بالقرائن النقليّة والعقليّة، كي يتحوّل ذلك إلى أساس نطمئنّ إليه في ثبات النصّ.

٤٧

على هذا لم نلجأ إلى الأحاديث المنكرة، حتى لو كان لها أسانيد صحيحة. وإذا ما اضطرّتنا مواضع خاصّة لذِكر نصّ غير معتبر؛ فإنّنا نعطف ذلك بإيضاح ملابسات الموضوع.

4 - التحليل والتصنيف

يلتقي الباحثون على صفحات هذه الموسوعة، والمتشوّفون إلى سيرة عليّ (عليه السلام) ومعارفه مع سبعة آلاف نصّ تاريخي وحديثي تدور كلّها حول الإمام.

لقد سعى هذا المشروع إلى أنْ يقدّم عِبر الأقسام والفصول مجموعة من التحليلات والنظريّات التي تتناسب مع المادّة، وأنْ يخرج من خلال تقويم النصوص بإلماعات مهمّة في مضمار التاريخ والحديث.

إنّ القارئ سيواجه على هذا الصعيد نقولاً مكثّفة تصحب فقه الحديث، نأمل أنْ تأتي نافعة مفيدة.

5 - رعاية متطلّبات العصْر وفاعليّة المحتوى

ليست (موسوعة الإمام عليّ) كتاباً تاريخيّاً محضاً يُعنى بالنصوص والوثائق التاريخيّة، التي ترتبط بحياة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما لم نكن نهدف أنْ نقدّم ترجمة صِرفة نزيد بها رقماً جديداً على التراجم الكثيرة الموجودة، بل أمعنّا النظر إلى الواقع المُعاش، وركّزنا على المتطلّبات المعاصرة ونحن ننتخب العناوين ونملأ النصوص التي جاءت تحتها.

٤٨

وحرصنا على أنْ تأتي هذه (الموسوعة) مجموعة متكاملة موحية، تهَب الدروس، وتبثّ العِبَر من حولها، وتلامس حاجات العالم الإسلامي، وتؤثّر في عقول الباحثين، وتُعين الشباب، وتمنح أُولئك الذين يرغبون أنْ تكون لهم في سيرة عليّ (عليه السلام) أُسوة في واقع الحياة، تمنحهم المثال المنشود.

كما أردنا لـ (الموسوعة) من خلال سيرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنْ تفتح أمام البصر الإنساني مغالق الطريق، وأن تُعين في تذليل العُقَد الفكريّة والعقيديّة والسياسيّة.

على أنّ أكثر أقسام هذا المشروع نفعاً وتأثيراً هي تلك التي أضاءت النهج العلَوي، وأسفرت عن مرتكزاته في مختلف مجالات إدارة الاجتماع السياسي، وتسيير الحُكم والتعامل مع المجتمع. فهذه الأقسام هي في صميم حاجة قادة البلدان الإسلاميّة، بالأخصّ العاملين في نطاق نظام الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران.

فهذه الأقسام جسّدت على منصّة الواقع الحياةَ السياسيّة والاجتماعيّة للإمام، وأومأت ببَنان لا تخطِّئه عين إلى الواقع الحقيقي لكفاءة ذلك السياسي الواقعي، الذي ليس له مأرب من تنفيذ السياسة غير الحقّ.

فـ (الموسوعة) إذاً ليست صفحات في بطون الكتُب، بل هي من الحاضر في الجوهر، ومن الواقع اليومي في الصميم. من هذه الزاوية هي

٤٩

خليقة بالقراءة والتفكير والتأمّل، وجديرة بالعمل.

6 - الإبداع في التدوين والتنظيم

لقد صُمّمت مطالب (الموسوعة) وموضوعاتها في إطار هيكليّة هندسيّة خاصّة، بحيث يكون بمقدور الباحث أنْ يكون في صميم السياق العام للكتاب بمجرّد إلقاء نظرة عابرة، وبشيء من التأمّل يعثر على ما يريد.

فقد اختيرت العناوين بحيث تُسفِر عن محتوى الأقسام والفصول، وتستوعب جميع النصوص الموجودة. بَيد أنّ الأهمّ من ذلك أنّها حرصت على أنْ تجيء تلك العناوين حول السيرة العلَويّة البنّاءة، وهي تعبّر عن مثالٍ يُحتذى، وتعكس أسوة يمكن الاقتداء بها.

بهذا جاءت العناوين واقعيّة وليست انتزاعيّة محضة، كما لم تأتِ مغلقة مبهمة.

7 - إيضاحات الهوامش ومزايا أخرى

لكي يستغني الباحث الذي يراود هذه (الموسوعة) عن العودة إلى المصادر الأخرى في المسائل الفرعيّة، وحتّى يشقّ طريقه إلى مبتغاه بيُسر؛ جاءت إيضاحات الهوامش تضمّ ترجمة للأشخاص، وتعريفاً بالأماكن وبياناً للنقاط الغامضة التي تكتنف النصوص، مع شرح موجز للمفردات الصعبة. وقد تمّ تعزيز ذلك كلّه بخرائط مؤدّية تعكس الأمكنة والمواقع التاريخيّة بدقّة، عكَف على تصميمها متخصّصون.

٥٠

8 - أدب التكريم

عند نقل النصوص، إذا ما كانت تلك النصوص مسندة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) يُذكَر الاسم مع النقل، وعند ذِكر النبي يُشفع بصيغة (صلّى الله عليه وآله)، في حين يشفع ذِكر كلّ واحد من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) بصيغة (عليهم السلام) تكريماً لهذه الأسماء المقدّسة والذوات المعصومة، حتى لو لم تحوِ النصوص في مصادرها الأصليّة هذا التكريم.

أمّا إذا كانت النصوص عن غير النبي (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، فعندئذٍ نكتفي بذِكر المصدر فقط في بدْء النصّ.

9 - أخلاقيّة الكتابة

حرصت (الموسوعة) على أنْ تلتزم في كتاباتها الأدب العلمي بدقّة، وتراعي أُصول البحث في مداها الأقصى.

إنّ من يتأمّل تاريخ الإسلام بعُمق، ويرمي ببصره تلقاء مصنّفات مختلف علماء النِحَل في دائرة الثقافة الإسلاميّة، يلمس كم احتوى ميراث أولئك - قدماء ومحدّثين - من ظُلمٍ للتشيّع، وأيَّ حَيفٍ أصاب قمّته العلياء الشاهقة!.

كما يدرك الصدود الذي أحاط إمام المجاهدين، وما نزل بصَحْبه الأبرار الذين أخلصوا له الولاء، سَواء عن طريق كتمان الحقائق، أمْ من خلال قلب وقائع التاريخ.

هذه أُمور جليّة لم تخفَ على أحد، يعرفها جميع باحثي التاريخ

٥١

الإسلامي، كما نعرفها نحن أيضاً، وقد تبدّت أمامنا بأبعاد مهولة عند كتابة (الموسوعة).

بَيد أنّ ذلك كلّه لم يجرّنا إلى موقف مماثل عند تدوين (الموسوعة) لا بدءاً، وتأسيساً، ولا بصيغة الردّ بالمِثل. فها هي ذي التحليلات والإيضاحات ووجْهات النظر والمداخل نقيّة لم يشبْها لَوث، وها هو ذا القلم عفّ ولم يهبط قطّ إلى الشتيمة ولُغة التجريح والكلام النابي وكَيْل التُهَم والمطاعن.

وفي الحقيقة جعلنا المشروع يفي بجميع أجزائه في ظلال (الأدب العلَوي)، هذا الأدب الذي يأخذ مثاله الرفيع ممّا علّمه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) صاحبَيه حِجْر بن عَدِي وعمرو بن الحمق. فهذان الحواريّان يتوقّدان عزماً، ويفيضان رسوخاً، وهما مملوءان حماساً وغيرة، فأنّى لهما أنْ يصبرا على أباطيل العدوّ وزُخرفه، وما صار يستجيشه من ضوضاء هائجة؟.

لقد راحا يُدَمدِمان بألسنتهما ضدَّ العدوّ، فما كان من أمير المؤمنين (عليه السلام) إلاّ أنْ علّمهما أدَب المواجهة، فقال لهما بعد أنْ ذكّرهما بأنّهم على الحقّ وأنْ عدوّهم على الباطل:

(كرهتُ لكم أنْ تكونوا لعّانين، تشتمون وتتبرّؤون، ولكن لو وصَفتم مساوئ أعمالِهم فقلتم: مِن سيرتهم كذا وكذا، ومِن عملهم كذا وكذا، كان

٥٢

أصوَب في القول، وأبلغ في العُذر) (1) .

واضح إذن أنّ ذِكر شخص وفِعاله وتحليل سلوكه، أو تسليط أضواء كاشفة على ما يلفّ فِعال بعض مَن تنكَّب عن الحقّ والصواب، وما صدر عنه من سلوك شائن - لا يمكن أنْ يُعدّ إساءة نابية، بل هو من الوعي التاريخي والدفاع عن الحقّ بالصميم. ومن ثَمّ إذا ما احتوت (الموسوعة) شيئاً من هذا، فهو تعبير عن واقع لا أنّه ينمّ عن إساءة جارحة.

ومع ذاك سعَينا أنْ ننظر إلى المسائل برؤية الأُسلوب التحليلي والبحث العلمي، وليس من خلال العناد والتعصّب الأعمى المقيت. ومِن ثَمّ لم يتمّ التوهين بمقدّسات أيّ نِحلة، ولم نطعن بشخصٍ قطّ.

على هذا نأمل أنْ تجيء (الموسوعة) خطوة على طريق التقريب بين المذاهب، وأنْ يكون شخوص (الأدَب العلَوي)، وتبلوره فيها سبباً لانتفاع الجميع، ويهيّئ الأجواء لوحدة كلمة المؤمنين.

شُكر وتقدير

حيث شارف هذا المدخل على نهايته، ولمّا يُمسِك القلم بعدُ نبتهل - مرّة أُخرى - إلى الله سبحانه ضارعِين بقلوب مفعمة، بالشكر والثناء على ما أنعم به من تيسير كريم وفضلٍ جسيم، وما امتنّ به من توفيق عظيم

____________________

(1) وقعة صفّين: 103.

٥٣

لهذه الخدمة العَلَويّة الجليلة.

كما نوجّه شكرنا وثناءنا إلى كلّ جهدٍ كريم شارك في هذا المشروع في إطار مختلف المجاميع، وكان له سهم في التأليف والتحقيق والتخريج، وفي الطباعة والتصحيح والتدقيق، ونخصّ بالذِكر الباحثَين الكريمَين الجليلين السيّد محمّد كاظم الطباطبائى والسيّد محمود الطباطبائى نژاد ، اللذَين بذَلا جهوداً مخلصة مشكورة في تدوين هذه المجموعة، وكانا معنا رفيقَي درب في هذه الرحلة الممتدّة من عام 1413 هـ. كما نشكر الأستاذ الفاضل الشيخ محمّد علي مهدوي راد الذي أعاننا على تهيئة البيانات والتحليلات.

وأتقدّم بشكري الخالص وثنائي الجزيل أيضاً إلى مسؤول قسم تدوين الموسوعة في مركز دراسات دار الحديث المحقّق العزيز الشيخ عبد الهادي المسعودي، الذي بذل جهداً محموداً في تنظيم الصيغة الأخيرة وإعداد العمل وإنجازه في الموعد المقرّر.

إلهي..

اجعلنا في حزب عليّ (عليه السلام) الذي هو حزب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، واكتبنا في المفلحين الفائزين.

واجعلنا في صفّ جنودك المحبّين لك الوالهين بك، وفي عِداد حُماة دينك، المنافحين عن نقاء الفكر الإسلامي، وصُن ألسنتنا وأقلامنا من الزلَل، وأقِلْها من العثرات والباطل، واجعل ما نكتب ونقول خدمةً لغايات

٥٤

الحُكم العلَويّ، وأرضاً صلبة توطئ إلى الحكومة العالميّة لوليّ الله الأعظم الإمام المهدي (عليه السلام).

وآخِر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين.

محمد محمّدي الرَّيشَهري

ربيع الثاني 1421 هـ

٥٥

٥٦

القسم الأوّل

أُسرة الإمام عليّ

وفيه فصول:

الفصل الأوّل: الولادة

الفصل الثاني: النشأة

الفصل الثالث: الزواج

الفصل الرابع: الأولاد

٥٧

٥٨

الفصل الأوّل

الولادة

1 / 1

النَسَب

إنّ أُرومة الناس دليلٌ على شخصيّتهم وفكرهم وثقافتهم. فأُولوا النزاهة والصلاح والعقل والحكمة ينحدرون - في الغالب - من أُسَر كريمة طيّبة مهذّبة، وذووا السوء والقبح والشرّ غالباً هم ممّن نشأ في أحضان غير سليمة، وانحدر من أُصول لئيمة. ويتجلّى القسم الأوّل في الأنبياء - الذين هم عِلْية وجوه التاريخ، وقِمم الشرف والكرامة والعزّة - ومَنْ تفرّع من دوحاتهم، ورسخت جذوره في بيوتاتهم الرفيعة.

وكانت لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) جذور ضاربة في سلالة طاهرة كريمة، هي سلالة إبراهيم (عليه السلام)، فهو كرسول الله (صلّى الله عليه وآله) في ذلك، وإبراهيم (عليه السلام) هو بطل التوحيد، الراغب إلى الله، المُغرم بحبّه، وهو الواضع سنّة الحجّ، رمز العبودية ومقارعة الشِرك. وهكذا فالحديث عن جُدود النبي (صلّى الله عليه وآله) حديث عن جدود

٥٩

عليّ (عليه السلام)، والكلام عن سلالته (صلّى الله عليه وآله) هو بعينه الكلام عن سلالة أخيه ووصيّه (عليه السلام)، قال (صلّى الله عليه وآله) في أسلافه:

(إنّ الله اصطفى من وِلد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من وِلد إسماعيل بني كِنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) (1) .

وهكذا فبنو هاشم هم صفوةٌ اختيرت من بين صفوة الأُسَر، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعليّ (عليه السلام) هما صفوة هذه الصفوة، قال الإمام (عليه السلام) واصفاً سلالة النبيّ (صلّى الله عليه وآله):

(أُسرَتُه خير الأُسَر، وشجَرته خير الشجَر؛ نَبَتت في حرَم، وبَسَقت في كَرَم، لها فروعٌ طِوال، وثمَرٌ لا يُنال) (2) .

وهذا الثناء - بحقّ - هو ثناء على سلالته (عليه السلام) أيضاً، حيث قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):

(أنا وعليّ من شجرة واحدة) (3) .

وقال: (لحمُه لحمي، ودمُه دمي) (4) .

وعلى هذا يكون بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبيت عليّ هو بيت النبوّة، وأُرومتهما أُرومة النور والكرامة، وهما المصطَفَيان من نَسل إبراهيم وبني هاشم، مع خصائص ومزايا سامقة: كالطهارة، والفصاحة، والسماحة، والشجاعة، والذكاء، والحياء، والعفّة، والحِلم، والصبر وأمثالها (5) . ناهيك عن منزلتهما المرموقة

____________________

(1) سنن الترمذي: 5 / 583 / 3605، كفاية الطالب: 410.

(2) نهج البلاغة: الخطبة 94 والخطبة 161 نحوه وراجع الخطبة 96.

(3) و (4) راجع: القسم التاسع / عليّ عن لسان النبي / الخِلْقة / أنا وعليّ من نور واحد.

(5) راجع: كتاب (أهل البيت في الكتاب والسنّة) / جوامع خصائصهم.

٦٠