النص والاجتهاد

النص والاجتهاد0%

النص والاجتهاد مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 629

النص والاجتهاد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
تصنيف: الصفحات: 629
المشاهدات: 158837
تحميل: 7237

توضيحات:

النص والاجتهاد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 629 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158837 / تحميل: 7237
الحجم الحجم الحجم
النص والاجتهاد

النص والاجتهاد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فما طلب الرحمن أجرا علي الهدى

بتبليغه إلا المودة في القربى(١١١)

وقال العلامة النبهاني في كتابه الشرف المؤبد.

آل طه يا آل خير نبي

جدكم خيرة وأنتم خيار

أذهب الله عنكم الرجس أهل ال

بيت قدما فأنتم الأطهار

لم يسل جدكم علي الدين أجرا

غير ود القربى ونعم الاجار(١١٢)

وأيضا فان الزهراء لبرة الأبرار الذين قال الله عزوجل عنهم( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ) الآيات(١) لي آخرها(١١٣) .

____________________

(١١١) الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٠١ ط الميمنية، إسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار ص ١١٧.

(١١٢) الشرف المؤبد للنبهاني

(١) أجمع أصحابنا الإمامية تبعا لائمتهم علي ان هذه الآيات انما نزلت في شأن علي وفاطمة والحسن والحسين بسبب صدقة منهم آثروا بها المسكين واليتيم والأسير علي أنفسهم في ثلاث ليال متوالية لم يذوقوا فيها الا الماء وصاموا أيامها الثلاثة وفاءا بنذرهم. والقضية هذه أرسلها الزمخشري في سورة الدهر من كشافه عن ابن عباس وأخرجها بالإسناد إليه كل من الإمام الواحدي في كتابه البسيط، والإمام أبى إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير، والإمام أبى المؤيد موفق بن أحمد في كتابه الفضائل، وأرسلها إرسال المسلمات في كتب المناقب جماعة من الثقات، وفى الفصل الرابع من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء تعليقات وتنبيهات ألفت إليها أولي البحث والتحقيق فلتراجع (منه قدس).

(١١٣) الآيات في سورة الدهر آية: ٥ - ٢٢. هذه الآيات نزلت في: علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام بمناسبة قصة النذر راجع ذلك في =>

١٠١

وبالجملة فان للزهراءعليها‌السلام من منازل القدس عند الله عزوجل ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين ما يوجب الثقة التامة في صحة ما تدعي، والطمأنينة الكاملة بكل ما تقول، لا نحتاج في إثبات دعواها لي شاهد، فان لسانها ليتجافى عن الباطل، وحاشا الله أن ينطق بغير الحق، فدعواها بمجردها تكشف عن

____________________

=> شواهد التنزيل للحسكاني ج ٢ / ٢٩٨ ح ١٠٤٢ و ١٠٤٦ و ١٠٤٧ و ١٠٤٨ و ١٠٥١ و ١٠٥٣ و ١٠٥٤ و ١٠٥٥ و ١٠٥٦ و ١٠٥٧ و ١٠٥٨ و ١٠٥٩ و ١٠٦١، المناقب للخوارزمي ص ١٨٨ - ١٩٤، كفاية الطالب ص ٣٤٥ - ٣٤٨ ط الحيدرية وص ٢٠١ ط الغرى، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص ٣١٢ - ٣١٧، نور الأبصار للشبلنجى ص ١٠٢ - ١٠٤ ط السعيدية وص ١٠١ - ١٠٢ ط العثمانية، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) ج ١٩ / ١٣٠ ط ٣، الكشاف للزمخشري ج ٤ / ١٩٧ ط مصطفى محمد وج ٤ / ٦٧٠ ط بيروت وج ٢ / ٥١١ ط آخر، روح المعاني للآلوسي ج ٢٩ / ١٥٧، تفسير الفخر الرازي ج ١٣ / ٢٤٣ ط البهية وج ٨ / ٣٩٢ ط الدار العامرة بمصر، تفسير أبى السعود بهامش تفسير الرازي ج ٨ / ٣٩٣ ط الدار العامرة، التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى ج ٤ / ١٦٧، فتح القدير للشوكاني ج ٥ / ٣٤٩ ط ٢ مصطفى محمد وج ٥ / ٣٣٨ ط ١ الحلبي، الدر المنثور ج ٦ / ٢٩٩ تفسير الخازن ج ٧ / ١٥٩، معالم التنزيل للبغوي بهامش تفسير الخازن ج ٧ / ١٥٩، تفسير البيضاوي ج ٥ / ١٦٥ ط بيروت وج ٤ / ٢٣٥ ط مصطفى محمد وج ٢ / ٥٧١ ط آخر، تفسير النسفي ج ٤ / ٣١٨، أسد الغابة ج ٥ / ٥٣٠، أسباب النزول للواحدي ص ٢٥١، ذخائر العقبى ص ٨٨ و ١٠٢، مطالب السئول لابن طلحة ج ١ / ٨٨، العقد الفريد ج ٥ / ٩٦ ط ٢ لجنة التأليف والنشر وج ٣ / ٤٥ ط آخر، الإصابة لابن حجر ج ٤ / ٣٨٧ ط السعادة وج ٤ / ٣٧٦ ط مصطفى محمد، اللآلي المصنوعة للسيوطي ج ١ / ٣٧٠، الغدير للأميني ج ٣ / ١٠٧ - ١١١، إحقاق الحق للتستري ج ٣ / ١٥٨ - ١٦٩ وج ٩ / ١١٠ - ١٢٣، ينابيع المودة للقندوزى ص ٩٣ و ٢١٢ ط اسلامبول وص ١٠٧ - ١٠٨ و ٢٥١ ط الحيدرية، نوادر الأصول للحكيم الترمذي ص ٦٤، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ٢١ وج ١٣ / ٢٧٦، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٧٤ و ٣٠٢ ط ٢، فضائل الخمسة ج ١ / ٢٥٤ (*).

١٠٢

صحة المدعى به كشفا تاما ليس فوقه كشف، وهذا مما لا يرتاب فيه أحد ممن عرفهاعليها‌السلام وأبو بكر من أعرف الناس بها وبصدق دعواها ولكن الأمر كما حكاه علي بن الفارقي وكان من أعلام بغداد. مدرسا في مدرستها الغربية، وهو أحد شيوخ ابن أبي الحديد المعتزلي، إذ سأله. فقال له: أكانت فاطمة صادقة - في دعواها النحلة - ؟. قال: نعم. قال له - ابن أبي الحديد -: فلم لم يدفع لها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته. قال: لو أعطاها اليوم فدكا بمجرد دعواها لجأت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه حينئذ الاعتذار بشئ، لأنه يكون قد سجل علي نفسه بأنها صادقة فيما تدعى كائنا ما كان من غير حاجة لي بينة ولا شهود "(١١٤) .

قلت: وبهذا استباح أبو بكر رد شهادة علي بن أبي طالب لفاطمة بالنحلة وإلا فان يهود خيبر على لؤمهم وأن عليا دمرهم لينزهونه عن شهادة الزور وبهذا أيضا لا بسواه استنوق الجمل فاعتبر ذات اليد المتصرفة مدعيه فطالبها بالبينة انما هي عليه، الأمر الذي علمنا أنه دبر بليل.

وما ينس فلا ينس قوله في مجابهة فاطمة لست أعلم صحة قولك مع أن قولها بمجرده من أوضح موازين الحكم لها بما ادعت. ولو تنازلنا عن هذا كله وسلمنا أنها كسائر المؤمنات الصالحات تحتاج في إثبات دعواها لي بينة، فقد شهد لها علي وحسبها اخو النبي ومن كان منه

____________________

(١١٤) شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢٨٤ (*).

١٠٣

بمنزلة هارون من موسى(١١٥) شاهد حق تشرق بشهادته أنوار اليقين وليس بعد اليقين غاية يطلبها الحاكم في المرافعات ولهذا جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهادة خزيمة بن ثابت كشهادة عدلين(١١٦) ، ولعمر الله أن عليا أولي بهذا من خزيمة وغيره وأحق بكل فضيلة من سائر ابدال المسلمين.

ولو تنازلنا فسلمنا أن شهادة علي كشهادة رجل واحد من عدول المؤمنين فهلا استحلف أبو بكر فاطمة الزهراء بدلا عن الشاهد الثاني، فان حلفت وإلا رد دعواها، ما رأيناه فعل ذلك ! وانما رد الدعوى ملغيا شهادة علي وأم أيمن(١١٧) وهكذا كما ترى مما لم يكن بالحسبان ! بينا كان علي عدل

____________________

(١١٥) كما سوف يأتي مع مصادره. (١١٦) شهادة خزيمة بشهادتين: راجع شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢٧٣، فدك للقزويني ص ٥٢، الإصابة ج ١ / ٤٢٥، الاستيعاب بذيل الإصابة ج ١ / ٤١٦، أسد الغابة ج ٢ / ١١٤، كنز العمال ج ١٣ / ٣٧٩ - ٣٨٠، مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ١٨٩ ط ١.

(١١٧) هي مولاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وحاضنته اسمها بركة بنت ثعلبة وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أم أيمن أمي بعد أمي. وكان إذا نظر إليها يقول: هذا بقية أهل بيتى. وقد أخبر عنها (كما في ترجمتها من الإصابة) إنها من أهل الجنة. وترجم لها ابن حجر في إصابته، وابن عبد البر في استيعابه وكل من ترجم للصحابة من أهل المعاجم فأثنوا عليها بامتيازها في الدين والعقل وحسن السيرة، وابنها أيمن استشهد بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة خيبر فاحتسبته عند الله صابرة تبتغى الأجر والمثوبة (منه قدس).

شهادة علي وفاطمة وأم أيمن لفاطمة الزهراء: شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢١٤ و ٢١٦ و ٢٢٥، فدك للقزويني ص ٤٥ السيرة الحلبية ج ٣ / ٣٩٠، معجم البلدان للحموي ج ٤ / ٢٣٩، وفاء الوفاء ج ٣ ٩٩٩ /و ١٠٠٠، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٤. كفاية شاهد ويمين: صحيح مسلم ك الاقضية ب - ٢ - ج ٣ / ١٣٣٧، كنز العمال ج ٣ / ٢٣ ح ١٧٧٨٦ (*).

١٠٤

القرآن في الميزان(١١٨) وكان مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان(١١٩) وهو في آية التباهل نفس المصطفى ليس غيره إياها(١٢٠) إذا هو في هذه المحاكمة ممن لا أثر لشهادتهم.

يالها مصيبة في الإسلام تلقيناها بقولنا إنا لله وإنا إليه راجعون.

____________________

(١١٨) اشارة لي الحديث المستفيض وقد أخرجه أصحاب الصحاح وغيرهم - حديث الثقلين - أعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي. ولا كلام في ان أمام العترة وسيدها انما هو عليعليه‌السلام (منه قدس). تقدمت مصادر حديث الثقلين تحت رقم - ١٥ - فراجع.

(١١٩) اشارة لي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حديث أم سلمة إذ قالت: سمعت رسول الله يقول: " علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض. أخرجه الحاكم في باب علي مع القرآن والقرآن مع علي ص ١٢٤ من الجزء الثالث من مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأورده الذهبي في تلخيصه مصرحا بصحته.

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض موته والحجرة غاصة بأصحابه: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بى وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم الا أنى مخلف فيكم كتاب ربى عزوجل وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان. " (الحديث) تجده في الفصل ٢ من الباب ٩ من الصواعق المحرقة ص ٧٥ فراجع (منه قدس).

حديث الثقلين وكون علي مع القرآن والقرآن معه: راجع: المعجم الصغير للطبراني ج ١ / ٥٥، المناقب للخوارزمي ص ١١٠، كفاية الطالب ص ٣٩٩ ط الحيدرية وص ٢٥٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٣٤، الصواعق المحرقة ص ١٢٢ و ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٤ و ٧٥ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٧٣، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١٥٧ ط السعيدية وص ١٤٣ ط العثمانية، نور الأبصار للشبلنجى ص ٧٣ ط السعدية، الغدير للأميني ج ٣ / ١٨٠، ينابيع المودة للقندوزي ص ٤٠ و ٩٠ و ١٨٥ و ٢٣٧ و ٢٨٣ و ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٤٤ و ١٠٣ و ٢١٩ و ٢٨١ و ٣٣٩ و ٣٤٢ ط الحيدرية. راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم (١١)

(١٢٠) البيت للشيخ كاظم الازري. ديوانه الازرية، لأجل المزيد من الاطلاع حول فدك يراجع: مقدمة مرآة العقول ج ١ / ١٥١ - ١٧٦.

١٠٥

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٨٧: -

[ المورد - (٩) - إيذاء الزهراء: ]

وذلك أنه بمجرده مخالف للنصوص الصريحة، بقطع النظر عما كان من أسبابه ومقتضياته(١) ، وحسبك منها ما أخرجه ابن أبي عاصم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة - بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لفاطمةعليها‌السلام : " ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك "(١٢١) .

قلت: وأخرجه الطبراني وغيره بإسناد حسن، - كما في أحوال الزهراء من الشرف المؤبد للعالم النبهاني البيروتي -

____________________

(١) فان المباح في أصل الشرع قد يكون مع استلزامه للحرام حراما وفروض ذلك في الإسلام كثيرة، وأقربها لما نحن فيه انه يباح لك أن تصاحب من شئت من اخوانك المؤمنين وتتزوج من أردت من غير محارمك فإذا استلزم فعلك هذا عقوق والديك حرم ذلك عليك هذا هو الحكم التكليفي في هذه المسألة ونحوها فتأمل لتفهم (منه قدس).

(١٢١) راجع: الإصابة ج ٤ / ٣٦٦، كنز العمال ج ١٢ / ١١١ وج ١٣ / ٦٤٦، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٥٤، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦٠، فرائد السمطين ج ٢ / ٤٦ ح ٣٧٨، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص ٣٥١ ح ٤٠١، أسد الغابة ج ٥ / ٣٢٢، تهذيب التهذيب ج ١٢ / ٤٤١، ذخائر العقبى ص ٣٩، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ٥٢، مجمع الزوائد ج ٩ / ٢٠٣، فضائل الخمسة ج ٣ / ١٥٥، الغدير ج ٣ / ١٨٠ (*).

١٠٦

وأخرج الشيخان البخاري ومسلم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة وغيرها - عن المسور قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول على المنبر: " فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها "(١٢٢) .

ونقل الشيخ يوسف النبهاني في أحوال الزهراء - من كتابه الشرف المؤبد - عن البخاري بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: " فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها - قال النبهاني -: وفي رواية فمن أغضبها أغضبني "(١٢٣) (قال) وفي الجامع الصغير: " فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها "(١٢٤) .

قلت: وقد قالت - بأبي وأمي - لأبي بكر وعمر(١) . نشدتكما الله تعالى ألم تسمعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: " رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من

____________________

(١٢٢) راجع: صحيح البخاري ك النكاح ب ذب الرجل عن ابنته ج ٧ / ٤٧ ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب ١٥ فضائل فاطمة ج ٤ / ١٩٠٢ ط ٢ بتحقيق محمد فؤاد، صحيح الترمذي ك المناقب ب - ٦١ - فضل فاطمة ج ٥ / ٦٩٨ ح ٣٨٦٧، الإصابة ج ٤ / ٣٦٦، حلية الأولياء ج ٢ / ٤٠، سنن ابن ماجة ك النكاح ب ٥٦ الغيرة ج ١ / ٦٤٤ ح ١٩٩٨، كنز العمال ج ١٢ / ١٠٧ و ١١٢.

(١٢٣) غضب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لغضب فاطمة: راجع: صحيح البخاري ك فضائل الصحابة ب مناقب قرابة رسول الله ج ٥ / ٢٦ وب مناقب فاطمة ج ٥ / ٣٦ ط مطابع الشعب، الجامع الصغير للمناوي ج ٢ / ١٢٢، الشرف المؤبد للنبهاني.

(١٢٤) الجامع الصغير للمناوي ج ٢ / ١٢٢، كنز العمال ج ١٢ / ١٠٨ و ١١١، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٥٨. (١) كما صرح به ابن قتيبة في أوائل كتابه الإمامة والسياسة وغير واحد من إثبات أهل السير والأخبار (منه قدس) (*).

١٠٧

سخطي فمن أحب ابنتي فاطمة فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن اسخط فاطمة فقد أسخطني. قالا: نعم سمعناه من رسول الله "(١٢٥) .

قلت: ان من أمعن في هذه الأحاديث فتدبرها ممن يقدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حق قدره رآها ترمى إلى عصمتها لدلالتها بالالتزام على امتناع وقوع كل من أذيتها وريبتها وسخطها ورضاها وانقباضها وانبساطها في غير محله، كما هو الشأن في أذية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وريبته ورضاه وسخطه وانقباضه وانبساطه وهذا هو كنه العصمة وحقيقتها كما لا يخفى.

وأخرج جماعة من أئمتهم كالإمام احمد من حديث أبي هريرة قال(١) : نظر النبي إلى علي والحسن والحسين وفاطمة، فقال " أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم "(١٢٦) .

____________________

(١٢٥) قول فاطمة لأبي بكر وعمر: " نشدتكما الله ألم تسمعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: رضى فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي فمن أحب ابنتي فاطمة فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني. قالوا: نعم سمعناه من رسول الله. قالت فأني أشهد الله وملائكته انكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي لاشكونكما إليه.. الخ. راجع: الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص ١٤، فدك في التاريخ ص ٩٢.

(١) كما في ص ٤٤٢ من الجزء الثاني من مسنده (منه قدس).

(١٢٦) راجع: مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص ٦٤، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٤٩، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، صحيح الترمذي ج ٥ / ٣٦٠ ط بيروت، سنن ابن ماجة ج ١ / ٥٢ ح ١٤٥، أسد الغابة ج ٣ / ١١ وج ٥ / ٥٢٣، ذخائر العقبى ص ٢٥، الصواعق المحرقة ص ١١٢ ط الميمنية وص ١٨٥ ط المحمدية، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٦ و ١٦٩، كفاية الطالب للكنجي ص ٣٣٠ و ٣٣١ ط الحيدرية وص =>

١٠٨

قلت وأخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير بالإسناد إلى أبي هريرة أيضا.

وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر عليا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام فقال: " أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم "(١٢٧) .

وعن أبي بكر قال: رأيت رسول الله خيم خيمة(١) وهو متكئ على

____________________

=> ١٨٨ و ١٨٩ ط الغرى، ينابيع المودة للقندوزي ص ٣٥ و ١٦٥ و ١٧٢ و ١٩٤ و ٢٣٠ و ٢٦١ و ٢٩٤ و ٣٠٩ و ٣٧٠ ط اسلامبول، شواهد التنزيل للحسكاني ج ٢ / ٢٧، المناقب للخوارزمي ص ٩١، مقتل الحسين للخوارزمي أيضا ج ١ / ٦١ و ٩٩، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ / ٣، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ / ٢٧١، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٢، إحقاق الحق ج ٩ / ١٦١ - ١٧٤، كنز العمال ج ١٣ / ٦٤٠ الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ضمن مجموعة " الحسين والسنة " ص ١٠ ح ٣. وسوف يأتي مع مصادر أخرى تحت رقم (٦٨٦).

(١٢٧) وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والضياء في مختارته والطبراني وابن شيبة عن زيد بن أرقم أيضا، ورواه أبو يعلى في السنة، والضياء في المختارة عن سعد ابن أبى وقاص ونقله جماعة من أعلام الفضل كالإمام علوي في ص ٧ من الجزء ٢ من قوله الفصل (منه قدس). وراجع: الصواعق المحرقة ص ١٤٢ و ١٨٥ ط المحمدية وص ٨٥ و ١١٢ ط الميمنية، الإصابة لابن حجر ج ٤ / ٣٧٨ ط السعادة، ينابيع المودة ص ٢٢٩ و ٢٩٤ و ٣٠٩ ط اسلامبول، نظم درر السمطين ص ٢٣٢ و ٢٣٩، مصابيح السنة للبغوي ج ٢ / ٢٨٠، مشكاة المصابيح للعمري ج ٣ / ٢٥٨، ذخائر العقبى ص ٢٣، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٤٩ ط ٢.

(١) لعل هذه الخيمة هي الكساء الذي جللهم به حين أوحى إليه فيهم:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وقد فصلنا ذلك في الفصل الثاني من المطلب الأول من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء فليراجعها من أراد الشفاء من كل داء (منه قدس) (*).

١٠٩

قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد "(١٢٨) .

رواه الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد المصري المعاصر بعين لفظه فليراجع في كتابه عبقرية محمد تحت عنوان النبي والإمام والصحابة.

وأخرج الإمام أحمد(١) عن عبد الرحمن الأزرق عن عليعليه‌السلام قال: دخل علي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا نائم على المنامة فاستسقى الحسن أو الحسين، قال: فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى شاة لنا بكئ(٢) فحلبها فدرت، فجاءه الحسن فنحاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت فاطمة: يا رسول الله كأنه أحبهما إليك. قال: لا ولكنه استسقى قبله، ثم قال: اني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة آه(١٢٩) .

____________________

(١٢٨) راجع: فرائد السمطين ج ٢ / ٤٠ ح ٣٧٣، المناقب للخوارزمي ص ٢١١ سمط النجوم ج ٢ / ٤٨٨، الرياض النضرة ج ٢ / ١٨٩ ط ١، الغدير للعلامة الأميني ج ٤ / ٣٢٣.

(١) في ص ١٠١ من الجزء الأول من مسنده (منه قدس).

(٢) أي قل لبنها وقيل انقطع وهذا الحديث أشار إليه صاحب لسان العرب في مادة بكا (منه قدس).

(١٢٩) كنز العمال ج ١٣ / ٦٤٢، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص ١١٧ ح ١٩١ و ١٩٢ وقريب منه ح ١٨٢، فرائد السمطين ج ٢ / ٢٨، مسند أحمد ج ١ / ١٠١ ط ١ وج ٢ / ١٢٨ ح ٧٩٢، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٧٧، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٩، أسد الغابة ج ٥ / ٢٦٩، مسند أبى داود الطيالسي ص ٢٩ رقم ١٩٠، ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساكر ص ١١١ ط ١، الإصابة ج ٤ / ١٥٧ في =>

١١٠

قلت: كان من حقهم على الأمة ولاسيما على أهل الحول والطول منها أن لا يفاجأوا (أبان رزيتهم الكارثة) بما فوجئوا به من الاستئثار بمكانتهم في الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والاستغناء عنهم حتى في المشورة مع شدة الوطأة عليهم في أمر البيعة والتنمر لهم في فيئهم وخمسهم وارثهم ونحلتهم وسوقهم مع سائر الرعايا بعصا واحدة والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر. وكان المستولون على الأمة يومئذ ومقوية سلطانهم ابرموا أمرهم على وجه لم يبقوا لأحد من الأمة أن يخالف الا أن تشق عصا المسلمين وبهذا آمنوا من مقاومة علي وأوليائه وتفصيل ذلك كله في كتاب المراجعات فلا يفوتن أهل البحث والتدقيق(١٣٠) .

وكان من مبادئ القائمين بالأمر إذ ذاك شدة الوطأة في تنفيذ الأحكام من غير فرق بين القريب والبعيد والشريف والدنئ وإيثار بيت المال بالوفر والثراء والمساواة بين أهل السوابق وغيرهم في الأحكام. وقد أعانهم على تنفيذ مبادئهم هذه بعدهم عن الطمع والاستكثار من حطام الدنيا وتقشفهم في الحياة واستغناؤهم بالغة لهم ولمن إليهم وبهذا أرضوا العامة فاستتب لهم الأمر.

وحين جد الجد في محاكمة الزهراء كانت بضعة النبي لديهم كسائر النساء لا ينزهن عن الافتراء(١) .

____________________

=> ترجمة أبى فاختة، وقد ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص ١٥٠، والشيخ الطوسي في أماليه ج ٢ / ٢٠٦.

(١٣٠) المراجعات ص ٣٣٧ المراجعة ٨٠ و ٨٢ وراجع سبيل النجاة في تتمة المراجعات ط بيروت.

(١) بل لم تعامل معاملتهن لان المرأة المسلمة التي لا تتنزه عن الافتراء إذا أقامت على دعواها شاهدا واحدا من عدول المسلمين يكتفي منها باليمين عوضا عن الشاهد الثاني ولا ترد دعواها إلا بعد نكولها عن اليمين أما الزهراء فقد شهد لها على، وكان عليهم أن يستحلفونها فان نكلت ردوا حينئذ دعواها لكنهم أسرعوا في رد الدعوى ولم يطلبوا منها اليمين. على إنهاعليها‌السلام كانت ذات اليد على فدك وذات التصرف فالبينة انما هي على المعارض لها المدعى عليها، عملا بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " الحديث. وهذا من النصوص التي عارضوها بالاجتهاد كما لا يخفى (منه قدس).

١١١

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٩٣: -

[ المورد - (١٠) -: يوم أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الشيخين أبا بكر وعمر كليهما بقتل ذي الثدية لأول مرة صدر منه الأمر بذلك فلم يقتلاه. ]

وذو الثدية هذا هو الخويصرة التميمي(١) حرقوص بن زهير ذو الثدية رأس المارقة، أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استئصال شأفة عيثه وفساده في الأرض فأمر بقتله، لكن رياء هذا المارق بتخشعه في صلاته غر الشيخين فكرها قتله وآثرا استحياءه !.

وحسبك في ذلك ما أخرجه جماعة من أهل السنن والمسانيد من الأئمة وحفظة الآثار، واللفظ لأبي يعلى في مسنده - كما في ترجمة ذي الثدية من إصابة ابن حجر - عن أنس، قال: كان في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل يعجبنا تعبده واجتهاده، وقد ذكرناه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باسمه فلم يعرفه، فوصفناه بصفته فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل علينا فقلنا: هو هذا. قال :

____________________

(١) ذكره ابن الأثير في أسد الغابة مستدركا على من لم يذكره في الصحابة، وأورد في ترجمته ما أخرجه البخاري من حديث أبى سعيد قال: بينا رسول الله يقسم ذات يوم قسما، فقال ذو الخويصرة رجل من بني تميم: يا رسول الله أعدل، فقال: ويلك من يعدل إذا لم أعدل وأخرجه مسلم أيضا (منه قدس) (*).

١١٢

انكم لتخبروني عن رجل ان في وجهه لسفعة من الشيطان. فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنشدك الله، هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني ؟ قال: اللهم نعم. ثم دخل يصلي فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من يقتل الرجل ؟ قال أبو بكر: أنا. فدخل عليه فوجده يصلي، فقال: سبحان الله: أقتل رجلا يصلي ؟ وقد نهى رسول الله عن قتل المصلين ؟ فخرج فقال رسول الله: ما فعلت ؟ قال كرهت أن أقتله وهو يصلي وقد نهيت عن قتل المصلين. قال رسول الله: من يقتل الرجل ؟ قال عمر: أنا فدخل فوجده واضعا جبهته، قال عمر: أبو بكر أفضل مني. فخرج فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : مهيم ؟ قال: وجدته واضعا جبهته لله فكرهت أن أقتله. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من يقتل الرجل ؟ فقال علي: أنا. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت ان أدركته. فدخل عليه فوجده قد خرج، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان. (الحديث).(١٣١) .

وأخرجه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي في كتابه الذي استخرجه من تفاسير يعقوب ابن سليمان، ويوسف القطان، والقاسم بن سلام، ومقاتل بن حياد، وعلي بن حرب، والسدي، ومجاهد، وقتادة، ووكيع، وابن جريح وغيرهم. وأرسله إرسال المسلمات جماعة من الاثبات كابن عبد ربه الأندلسي عند

____________________

(١٣١) أمر الرسول بقتل ذي الثدية: راجع: الإصابة لابن حجر ج ١ / ٤٨٤ ط السعادة، حلية الأولياء ج ٢ / ٣١٧ وج ٣ / ٢٢٧، تاريخ ابن كثير ج ٧ / ٢٩٨، الغدير ج ٧ / ٢١٦، الطرائف لابن طاووس ج ٢ / ٤٢٩ عن محمد بن مؤمن الشيرازي. ويوجد الحديث عن أبى سعيد الخدري كما في مسند أحمد ج ٣ / ١٥ ط ١ (*).

١١٣

انتهائه إلى القول في أصحاب الأهواء من أواخر الجزء الأول من عقده الفريد، وقد جاء في آخر ما أورده.

من هذا الحديث، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: هذا أول قرن يطلع في أمتي لو قتلتموه ما اختلف بعده اثنان، ان بني إسرائيل افترقت اثنتين وسبعين فرقة، وان هذه الأمة ستفترق ثلاثا وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة. (الحديث)(١٣٢) .

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٩٥: -

[ المورد - (١١) -: يوم أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كلا من الشيخين في المرة الثانية بقتل هذا المارق فكان حالهما في هذه المرة كما كانت في المرة الأولى. ]

وذلك أن فيما حدثني من أثق به في فضله وورعه وتتبعه أن أبا بكر مر بهذا المارق - بعد أن أمر بقتله فكره قتله - فوجده يصلي في بعض الأودية حيث لا يطلع عليه سوى الله تعالى، فراقه خشوعه وتضرعه، فحمد الله تعالى على عدم قتله، وأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شافعا به وذكر له ما رآه من صلاته ضارعا مبتهلا حيث لا يطلع عليه إلا الله عزوجل، فلم يسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شفاعته، بل أمره على الفور بقتله، فلما لم يقتله أمر عمر ثم عليا بذلك وشدد عليهم القول بوجوب قتله وقتل أصحابه، هذا ما حدثني به من أعرفه بالتقصي في البحث والتنقيب(١) يرسله لي إرسال المسلمات، وقد فاتني سؤاله عن

____________________

(١٣٢) العقد الفريد ج ٢ / ٤٠٣ - ٤٠٤ ط ٢ وج ١ / ١٦٧ ط آخر. والفرقة الناجية هم على وشيعته: راجع: إحقاق الحق للتستري ج ٧ / ١٨٤ نقله عن: الإلزام للصيمري مخطوط، السيف اليماني المسلول ص ١٦٩ وغيرها.

(١) هو شيخ المحدثين في عصره وصدوق حملة الآثار شيخنا ومولانا الاورع الميرزا حسين النوري صاحب المستدركات على الوسائل (منه قدس) (*).

١١٤

مصدر حديثه هذا. لكني - ولله الحمد - لم يفتني البحث عنه بنفسي حتى وجدته - والحمد لله - في مسند أحمد ابن حنبل من حديث أبي سعيد الخدري ص ١٥ من جزئه الثالث. قال: ان أبا بكر جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اذهب فاقتله.

قال: فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله، فرجع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال: فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر: اذهب فاقتله. فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر عليها، قال: فكره أن يقتله.

قال: فرجع فقال: يا رسول الله إني رأيته يصلي متخشعا، فكرهت أن أقتله.

قال: يا علي اذهب فاقتله.

قال: فذهب علي فلم يره فرجع علي فقال: يا رسول الله انه لم يره.

قال: فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان هذا وأصحابه يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البرية.

[ تنبيه ]

ان من أمعن في حديثي هذا المارق حديث أبى يعلى عن أنس الذي أوردناه في المورد (١٠) وحديث الإمام أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الذي أوردناه ألان في هذا المورد، علم ان لهذا المارق من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومين أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل منهما بقتله فلم يقتل، وذلك ان الحديث الأول - حديث أنس - صريح بأن النبي لم يكن مسبوقا بمعرفة هذا المارق وقد ذكروه ووصفوه له فلم يعرفه، ولذا لم يأمر به بشئ حتى رآه وعرفه بسفعة من

١١٥

الشيطان بين عينيه وبما هو عليه من العجب بنفسه. وحينئذ أمر بقتله، وكانت صلاة هذا المارق التي اعجبت الشيخين يومئذ في المسجد بعد صدور الأمر لهما بقتله.

أما حديث الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد فصريح بأن أبا بكر رأى هذا المارق يصلي في بعض الأودية لا في المسجد فأعجبه خشوعه لله تعالى حيث لا يراه سواه عزوجل فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك، فأمره فورا بقتله بدون أن يراه وهذا ليس إلا لأنه كان محكوما عليه من قبل ذلك بالقتل كما لا يخفى، فالحديثان في واقعتين متعددتين - بلا ريب - قوبل النص فيهما بالاجتهاد.

[ فصل(١) ]

الخوارج: هم الذين خرجوا عن الدين، بخروجهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد أنكروا عليه التحكيم الذي اضطروه إليه، وكانوا ثمانية آلاف أو أكثر، فاستدعاهم إليه ليذكرهم الله تعالى والدار الآخرة، وليبين لهم خطأهم فيما رأوه، ويزيل شبهتهم التي تشبثوا بها( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) فأبوا ان يأتوه، وكلفوه بأن يقر بالكفر على نفسه ثم يتوب إلى الله منه.

ولما لم يأتوه أرسل إليهم عبد الله بن العباس فلم يأل جهدا، ولم يدخر وسعا في الاحتجاج عليهم وتسفيه رأيهم بكل حجة بالغة، وبيان ناصع، والقوم مصرون على بغيهم وضلالهم كأن في آذانهم وقرا وعلى قلوبهم أكنة(١٣٣) .

____________________

(١) ترك " السيد "رحمه‌الله هذا الفصل كما جاء في الطبعة الأولى (النهج).

(١٣٣) سورة العنكبوت: ٤١ محاورة عبد الله بن عباس للخوارج توجد في: الرياض النضرة ج ٢ / ٢٤٠ ط ١، الخصائص للنسائي ص ٤٨ ط مصر. (*)

١١٦

وقد اجمعوا على تكفير كل من لا يرى رأيهم من المسلمين، وأباحوا دمه وماله وأهله، وثاروا على المسلمين يقتلون من مر بهم كائنا من كان، فكان ممن قتلوه عبد الله بن الخباب بن الأرت التميمي، وبقروا بطن زوجته وهي حامل متم(١٣٤) .

واستفحل شرهم، فأتاهم أمير المؤمنين ناصحا لله تعالى ولكتابه ولرسوله وللمسلمين عامة ولهم خاصة، فاعذر إلى الله تعالى فيما أوضحه لهم من الخطأ في خروجهم عليه وفيما احتج به عليهم مما يوجب رجوعهم إليه، وفيما انذرهم به إذا أصروا على البغي من سوء العاقبة في الدنيا بقتلهم، وفي الآخرة بمصيرهم إلى النار وبئس القرار.

ولكنهم أصروا على بغيهم لا يفيئون إلى شئ من أمر الله عزوجل على شاكلة من قوم نوح( جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ) وبذلك قتلهم أمير المؤمنين(١) ولم ينج منهم عشرة، ولم يقتل ممن كان معهعليه‌السلام عشرة وكان قد أخبرهم بذلك أثناء احتجاجه عليهم فلم يرعووا.

ثم انضم إلى هذا النفر اليسير - الذي لم يقتل من الخوارج - جماعة آخرون من أهل الضلال يرون رأيهم في التحكيم، والخروج على الولاة، فلما ولي عبد الله بن الزبير ظهر منهم جماعة في العراق مع نافع بن الأزرق ،

____________________

(١٣٤) مقتل ابن الخباب على أيدي الخوارج: راجع: أسد الغابة ج ٣ / ١٥٠، الإصابة ج ٢ / ٢٩٤.

(١) عملا بأوامر الكتاب والسنة: أما الكتاب فقوله عز من قائل:( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) وقوله عز سلطانه:( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ ) الآية وحسبك من أوامر السنة ما سأتلوه عليك في الأصل (منه قدس) (*).

١١٧

وظهر باليمامة جماعة منهم آخرون مع نجدة بن عامر الحروري، وزاد نجدة على مذهبهم ان من لم يخرج معهم لمحاربة المسلمين فهو كافر، وتوسعوا حتى أبطلوا رجم المحصن، وأوجبوا قطع يد السارق من الابط.

وفرضوا الصلاة على الحائض حال حيضها. إلى كثير من مبتدعاتهم التي ليس هذا محل ذكرها. وان منهم إلى الآن لبقية من شراذم الفساد، في أنحاء من البلاد، مر بهم في عمان(١) ابن بطوطة الرحالة في سياحته التي كانت في القرن الثامن للهجرة وذكرهم في الجزء الأول من رحلته(٢) .

فقال: " هم أباضية المذهب، ويصلون الجمعة ظهرا أربعا، فإذا فرغوا قرأ الإمام آيات من القرآن، ونثر كلاما شبه الخطبة يرضى فيه عن أبي بكر وعمر ويسكت عن عثمان وعلي، وإذا أرادوا ذكر علي كنوا عنه: بالرجل، ويرضون عن الشقي اللعين ابن ملجم ويقولون فيه العبد الصالح مع الفتنة قال: ونساؤهم يكثرون الفساد، ولا غيرة عندهم ولا إنكار لذلك.

(قال): وكنت يوما عند سلطانهم أبى محمد بن نبهان وهو من قبيلة الأزد فأتته امرأة صغيرة السن حسنة الصورة بادية الوجه فوقفت بين يديه وقالت له: يا أبا محمد طغى الشيطان في رأسي. فقال لها: اذهبي واطردي الشيطان فقالت له: لا أستطيع وأنا في جوارك. فقال اذهبي فافعلي ما شئت فذكر لي لما انصرفت عنه: أن هذه ومن فعل فعلها تكون في جوار السلطان وتذهب للفساد، ولا يقدر أبوها ولا ذوو قرابتها أن يغيروا عليها، وان قتلوها قتلوا بها لانها في جوار

____________________

(١) عمان سلطنة صغيرة واقعة في الجنوب الشرقي من بلاد العرب تمتد على ساحل بحر العرب والخليج الفارسي. سلطانها اليوم سعيد بن تيمور (منه قدس).

(٢) ص ١٧٢ والتي بعدها (منه قدس) (*).

١١٨

السلطان " انتهى كلامه بعين لفظه. قلت: صدق الله عزوجل وبلغ رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ قال: " لا يبغضك يا علي إلا ابن زنا أو ابن حيضة أو منافق "(١٣٥) .

[ قتل الخوارج ]

جاء في قتل الخوارج نصوص متضافرة، ولا سيما من طريق العترة الطاهرة(١٣٦) .

وحسبك من طريق غيرهم، قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث(١) وصفهم فيه فقال: " يقرأون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل عاد "(١٣٧) .

وفي حديث آخر(٢) قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل ثمود "(١٣٨) .

____________________

(١٣٥) سورة نوح: ٧. راجع: ينابيع المودة للقندوزي ص ٢٥٢، إحقاق الحق للتستري ج ٧ / ٢٢٢ نقله عن المناقب المرتضوية ص ٢٠٣، الغدير للأميني ج ٤ / ٣٢٢.

(١٣٦) البحار، كشف الغمة ج ١ / ٢٦٤.

(١) أخرجه مسلم عن أبى سعيد الخدري في باب ذكر الخوارج وصفاتهم ص ٣٩٣ من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس).

(١٣٧) صحيح مسلم ك الزكاة ب ٤٧ ذكر الخوارج وصفاتهم ج ٢ / ٧٤١.

(٢) أخرجه مسلم من طريقين عن أبى سعيد في ص ٣٩٤ من الجزء الأول من صحيحه في باب ذكر الخوارج أيضا (منه قدس).

(١٣٨) صحيح مسلم ك الزكاة ب ٤٧ ذكر الخوارج ج ٢ / ٧٤٢، كنز العمال ج ١١ / ٣٠٨ (*).

١١٩

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصفهم من حديث ثالث(١) : " إنهم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فان في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة "(١٣٩) إلى كثير من أمثال هذه الصحاح الواردة في التحريض على قتلهم، وحسبك في دلالتها على كفرهم، ان قتلهم كقتل عاد وثمود.

[ الخوارج شر الخلق والخليقة ]

الأخبار في ان الخوارج شر الخلق والخليقة متواترة من طريق العترة الطاهرة، وحسبك من طريق غيرهم ما أخرجه مسلم(٢) عن أبي ذر ورافع بن عمر الغفاريين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ قال: " أن بعدي من أمتي، أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم(٣) يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة " آه.(١٤٠) .

____________________

(١) أخرجه مسلم عن علىعليه‌السلام في باب التحريض على قتل الخوارج ص ٣٩٦ من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس).

(١٣٩) صحيح مسلم ب ٤٨ التحريض على قتل الخوارج ج ٢ / ٧٤٦، كنز العمال ج ١١ / ٢٠٤ و ٢٠٦.

(٢) في باب الخوارج شر الخلق والخليقة ص ٣٩٨ من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس).

(٣) أي لا تفهمه قلوبهم، ولا ينتفعون بما يتلونه منه، ولا لهم حظ سوى تقطيع حروفه في حلاقيمهم حين تلاوته، فقلوبهم غلف قد ران عليها ما يكسبون لا ينفذ إليها شئ من نور القرآن لا تقبل لهم تلاوة ولا يصعد لهم عمل (منه قدس).

(١٤٠) صحيح مسلم ك الزكاة ب ٤٩ الخوارج شر الخلق والخليقة ج ٢ / ٧٥٠، كنز العمال ج ١١ / ٢٠٥ و ٣٠٧. (*).

١٢٠