النص والاجتهاد

النص والاجتهاد9%

النص والاجتهاد مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 629

النص والاجتهاد
  • البداية
  • السابق
  • 629 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165802 / تحميل: 7981
الحجم الحجم الحجم
النص والاجتهاد

النص والاجتهاد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ١: -

النص والاجتهاد

تأليف الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي قدس الله سره

تحقيق وتعليق أبو مجتبى

بسم الله الرحمن الرحيم(١)

[ خطبة الكتاب ]

الحمد لله الذي اختص عبده ورسوله محمدا بما اختصه به من الكرامة والمنزلة والزلفى لديه، فعلمه علم ما كان وعلم ما بقي، وآتاه من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين، و " الله أعلم حيث يجعل رسالته " فختم به النبوة والوحي ونسخ بشريعته السمحة ما كان قبلها من شرائعه المقدسة المتعلقة بأفعال المكلفين(٢) فحلال محمد هو الحلال إلى يوم القيامة، وكذلك حرامه وسائر أحكامه(٣) ، سواء أكانت تكليفية أم وضعية. وهذا مما أجمع عليه

____________________

(١) بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد والأئمة من آله شهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء وعلى الصالحين من ذريتهم ومواليهم في كل خلف ورحمة الله وبركاته (منه قدس).

(٢) دون ما كان منها متعلقا بأصول الدين كالتوحيد والعدل والنبوة والبعث والجنة والنار والثواب والعقاب، فان هذه وأمثالها مما جاء به آدم وسائر من بعده من الأنبياء حتى خاتمهمصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم أجمعين (منه قدس).

(٣) مضمون الحديث القائل: حلال محمد حلال إلى يوم القيامة. وسائل الشيعة ج ١٨ / ١٢٤ ح ٤٧ (*).

٢١

كافة، كإجماعهم على نبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينبس(١) منهم واحد بكلمة من خلاف فيه، ولا رتم بها أبدا. وقد علموا - ولله الحمد - ان الشرائع الإسلامية قد وسعت الدنيا والآخرة بنظمها وقوانينها وحكمتها في جميع أحكامها وقسطها في موازينها، وانها المدنية الحكيمة الرحيمة الصالحة لأهل الأرض في كل مكان وزمان، على اختلافهم في أجناسهم وأنواعهم وألوانهم ولغاتهم.

لم يبق شارع الإسلام " وهو علام الغيوب جل وعلا " غاية الا أوضح سبيلها وأقام لأولي الألباب دليلها، وحاشاه تعالت آلاؤه أن يوكل الناس إلى آرائهم، أو يذرهم يسرحون في دينه على غلوائهم، بل ربطهم - على لسان عبده وخاتم رسالته - بحبليه، وعصمهم بثقليه، وبشرهم بالهدى ما ان أخذوا بهديهما، وأنذرهم الضلال ان لم يتمسكوا بهما، واخبرهم انهما لن يفترقا ولن تخلو الأرض منهما حتى يردا عليه الحوض(٢) ، فهما معا مفزع الأمة ومرجعها بعد نبيها، فالمنتهج نهجهما لاحق به، والمتخلف عنهما أو عن أحدهما مفارق لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

____________________

(١) أي ما تكلم، وكذا ما نبس ولا رتم (منه قدس).

(٢) أشارة إلى حديث الثقلين الآتي مع مصادره تحت رقم - ١٥ -.

(٣) مشيرا إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن وعترته: " فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم " راجع الحديث في: الصواعق المحرقة ص ١٤٨ و ٢٢٦ ط المحمدية وص ٨٩ و ١٣٦ ط الميمنية، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٣ ط بيروت، كنز العمال ج ١ ص ١٦٨ ح ٩٥٨ ط ٢، الدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٦٠ ط مصر، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤١ و ٣٥٥ ط الحيدرية وص ٣٧ و ٢٩٦ ط اسلامبول، الغدير للأميني ج ١ ص ٣٤ وج ٣ ص ٨٠ ط بيروت.

٢٢

مثلهم في هذه الأمة كباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قومه(٤) ، فليس لأحد - وان عظم شأنه - أن يتبع غير سبيلهم،( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ) (٥)

وليس لأحد أن يحمل من المأثور عن الله تعالى آية أو عن رسوله سنة الا على ظاهرهما المتبادر منهما إلى الأذهان، وليس له أن يحيد عن الظاهر المتبادر فضلا عن المنصوص عليه بصراحة، الا بسلطان مبين، فان كان هناك سلطان يخرج به الظاهر عن ظاهره عمل بمقتضاه، والا فقد ضل وابتدع.

هذا ما عليه الأمة المسلمة - امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله - بجميع مذاهبها، فان من دينهم التعبد بظواهر الكتاب والسنة، فضلا عن نصوصها الصريحة.

جروا في الأخذ بهما، والعمل على مقتضاهما مجرى أهل العرف من أهل اللغات كلها، فان أهل اللغات بأسرهم انما يحملون ألفاظهم المطلقة على ما يسبق منها إلى أذهانهم من المعاني، لا يتأولون منها - عند انطلاقها - شيئا، ولا يحملونها على ما تقتضيه أغراضهم ومصالحهم، شخصية كانت أم عامة.

نعم رأيت - بكل أسف - بعض ساسة السلف وكبرائهم يؤثرون اجتهادهم في ابتغاء المصالح على التعبد بظواهر الكتاب والسنة ونصوصهما

____________________

(٤) مشيرا إلى حديث السفينة الآتي تحت رقم (١٧) فراجع.

(٥) أخرج ابن مردويه في تفسير الآية: ان المراد بمشاققة الرسول هنا انما هي المشاققة في شأن علي وان الهدى في قوله بعد ما تبين له الهدى انما هو شأنهعليه‌السلام وأخرج العياشي في تفسيره نحوه، والصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة، في ان سبيل المؤمنين انما هو سبيلهمعليهم‌السلام (منه قدس). تفسير على بن إبراهيم القمي ج ١ ص ١٥٢ ط النجف، البرهان في تفسير القرآن ج ٢ ص ٤١٥ ط طهران. (*)

٢٣

الصريحة يتأولونها بكل جرأة ويحملون الناس على معارضتهما طوعا وكرها بكل قوة وهذا أمر ليس له قبلة ولا دبرة(١) فانا لله وإنا إليه راجعون.

وقد قال الله تعالى:( ... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢) )

وقال عز سلطانه:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (٣) )

( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (٤) )

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (٥) )

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (٦) )

( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٧) .

فنطقهصلى‌الله‌عليه‌وآله كالقرآن الحكيم( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٨)

فليس لمن يؤمن بهذه الآيات أو يصدق بنبوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحيد عن نصوصه قيد شعرة فما دونها، وما كان القوم كحائدين، وانما كانوا كمجتهدين متأولين( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) فانا لله وإنا إليه راجعون.

____________________

(١) أي لا يعرف له وجه (منه قدس).

(٢) الحشر آية ٧.

(٣) الأحزاب آية ٣٦.

(٤) النساء آية ٦٥.

(٥) التكوير آية ١٩.

(٦) الحاقة آية ٤٠.

(٧) النجم آية ٣.

(٨) فصلت آية ٤٢ (*).

٢٤

واليك في كتابنا هذا (النص والاجتهاد) من موارد تأولهم للنصوص واجتهادهم في إيثار المصلحة عليها ما تسعه العجالة وضعف الشيخوخة، وبلابل المحن والإحن ونوائب الزمن، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.

فخذها إليك مائة مورد في فصول سبعة لتسمعن بها ولك بعد ذلك رأيك، والله الهادي إلى الحق والصواب، واليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٦: -

[ الفصل الأول ] [ تأول أبى بكر واتباعه ] [ المورد (١) يوم السقيفة ]

إذ بسط أبو بكر يده ليبايع بالخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فبايعه من بايعه طوعا، وبايعه - بعد ذلك - آخرون كرها(٦) مع علمهم جميعا بعهد رسول

____________________

(٦) وقد تخلف عن بيعة أبى بكر جماعة منهم: ١ - على بن أبى طالبعليه‌السلام . ٢ - العباس بن عبد المطلب ٣ - الفضل بن العباس ٤ - عتبة بن أبى لهب ٥ - سلمان الفارسي ٦ - أبو ذر الغفاري ٧ - عمار بن ياسر ٨ - المقداد ٩ - البراء بن عازب ١٠ - أبى بن كعب ١١ - سعد بن أبى وقاص ١٢ - طلحة بن عبيد الله ١٣ - الزبير بن العوام ١٤ - خزيمة بن ثابت ١٥ - فروة بن عمرو الأنصاري ١٦ - خالد بن سعيد بن العاص الأموي ١٧ - سعد بن عبادة الأنصاري لم يبايع حتى مات في خلافة عمر. وجماعة من بني هاشم راجع: العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٤ ص ٢٥٩ ط ٢ بمصر وج ٢ ص ٢٥١ ط آخر و =>

٢٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بها إلى أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب، وقد رأوه وسمعوه ينص عليه مستمرا في تكرار هذا النص من مبدأ أمره - في نبوته - إلى منتهى عمره الشريف. ويورده بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.

ومن أراد التفصيل فعليه بكتابنا (المراجعات) (٧) إذ استقصينا البحث ثمة عن تلك النصوص، وعن كل ما هو حولها مما يقوله الفريقان في هذا الموضوع، تبادلنا ذلك مع شيخنا شيخ الإسلام ومربي العلماء الأعلام الشيخ سليم البشري المالكي شيخ الجامع الأزهر يومئذرحمه‌الله تعالى، أيام كنا في خدمته(١) وكان إذ ذاك شيخ الأزهر، فعني بي عنايته بحملة العلم عنه، وجرت بيننا وبينه حول الخلافة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونصوصها مناظرات

____________________

=> ج ٣ ص ٦٤ ط آخر أيضا، عبد الله بن سبأ للعسكري ج ١ ص ١٠٥ ط ٣ بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ ص ١٣١ - ١٣٤ ط ١ بمصر، الغدير للأميني ج ٥ ص ٣٧٠ - ٣٧١ وج ٧ ص ٧٦ و ٧٧ ط بيروت، مروج الذهب للمسعودي ج ٢ ص ٣٠١ ط دار الأندلس بيروت، أسد الغابة لابن الأثير ج ٣ ص ٢٢٢ ط مصر، تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٨ ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٢ ص ٣٢٥ و ٣٣١ ط دار صادر، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٠٣ و ١٠٥ ط الغرى، سمط النجوم العوالي للعاصمى المكى ج ٢ ص ٢٤٤ ط السلفية، السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥٦ ط البهية بمصر.

استعمال القوة والإكراه في البيعة لأبي بكر. راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ ص ٢١٩ وج ٦ ص ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وج ١ ص ٧٤ وج ٢ ص ٤ - ١٩ ط ١، وغيرها.

(٧) وكتابنا (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) المطبوع ملحقا بالمراجعات ط بغداد والطبعة الثانية في بيروت ١٤٠٢ ه‍.

(١) وذلك سنة ١٣٢٩ والتي بعدها بعد رجوعنا من الجامعة العلمية في النجف الأشرف (منه قدس) (*).

٢٦

ومراجعات خطية، بذلنا الوسع فيها ايغالا في البحث والتمحيص، وإمعانا فيما يوجبه الإنصاف والاعتراف بالحق، فكانت تلك المراجعات بيمن نقيبة الشيخ سفرا من انفع أسفار الحق، يتجلى فيها الهدى بأجلى مظاهره والحمد لله على التوفيق(١) .

وها هي تلك، منتشرة في طول البلاد وعرضها، تدعو إلى المناظرة بصدر شرحه الله للبحث، وقلب واع لما يقوله الفريقان، ورأي جميع ولب رصين، فلا تفوتنكم أيها الباحثون. نعم لي رجاء أنيطه بكم فلا تخيبوه.

أمعنوا في أهداف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومراميه من أقواله وأفعاله. التي هي محل البحث بيننا وبين الجمهور، ولا تغلبنكم العاطفة على إفهامكم وعقولكم، كالذين عاملوها معاملة المجمل أو المتشابه من القول، لا يأبهون بشئ من صحتها، ولا من صراحتها، والله تعالى يقول:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ) (٨) فأين تذهبون، أيها المسلمون( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٩) .

ما رأيت كنصوص الخلافة صريحة متواترة صودرت من أكثر الأمة، والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر. على ان حياة النبي بعد النبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص منذ يوم الإنذار في دار أبي طالب(١٠) فما بعده من الأيام حتى سجيصلى‌الله‌عليه‌وآله على فراش الموت

____________________

(١) وقد بلغت مائة واثنتي عشرة مراجعة (منه قدس).

(٨) سورة التكوير آية: ١٩ - ٢٢.

(٩) سورة الحاقة آية: ٣ - ٥.

(١٠) إذا دعا عشيرته الأقربين لينذرهم، وكان آخر كلامه معهم ان أخذ بيد على =>

٢٧

..

____________________

=> فقال: ان هذا أخي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فلتراجع المراجعة ٢٠ والتي بعدها من المراجعات (منه قدس).

حديث الدار يوم الإنذار وفيه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلىعليه‌السلام : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ".

راجع: تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣١٩ - ٣٢١ ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الأثير الشافعي ج ٢ ص ٦٢ و ٦٣ ط دار صادر في بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٣ ص ٢١٠ و ٢٤٤ وصححه ط مصر بتحقيق أبو الفضل، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج ١ ص ٣١١ ط البهية بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ و ٤٢ ط الميمنية بمصر، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ٣٧١ ح ٥١٤ و ٥٨٠ ط ١ بيروت، كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٢ ط ١ وج ١٥ ص ١١٥ ح ٣٣٤ ط ٢، ترجمة الإمام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٨٥ ح ١٣٩ و ١٤٠ و ١٤١ ط ١ بيروت، حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص ١٠٤ الطبعة الأولى سنة ١٣٥٤ ه‍

وفى الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " وان يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم " ! وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الأولى والطبعات الأخرى، جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد - ٢٧٥١ - بتاريخ ١٢ ذي القعدة ١٣٥٠ ه‍ ص ٥ وص ٦ من ملحق عدد: - ٢٧٨٥ - ذكر الحديث بتمامه، تفسير الخازن ج ٣ ص ٣٧١ و ٣٩٠ ط مصر، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج ٢ ص ١١٨ ط ٣، تفسير الطبري ج ١٩ ص ١٢١ ط ٢ ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث فحذف قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم " وذكر بدله " ان هذا أخي وكذا وكذا ! ! " فيا للعجب لهذه الأعمال التي تنطوي على الحقد الدفين والحسد المشين مع انه ذكر الحديث تاما في تاريخه ج ٢ ص ٢١٩ كما تقدم. وبلفظ آخر: وفيه نزل قوله تعالى: "( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) " الشعراء: ٢١٤ يوجد في =>

٢٨

والحجرة غاصة بأصحابه فقال: " أيها الناس يوشك أن اقبض قبضا سريعا فينطلق بي. وقد قدمت إليكم الا أني مخلف فيكم كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ". ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: " هذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض "(١١) . وكفى بنصوص

____________________

=> شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ٣٧٢ ح ٥١٤ وج ٢ ص ٤٢٠ ح ٥٨٠ ط ١ بيروت، مسند أحمد ج ١ ص ١١١ ط الميمنية بمصر، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٠٤ - ٢٠٦ ط الحيدرية وص ٨٩ ط الغرى، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفي ص ٣٨ ط الحيدرية وص ٤٤ ط النجف، كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٦ ط ١ وج ١٥ ص ١١٣ و ١١٥ ط ٢، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ و ٤٢ و ٤٣ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ١٠٥ ط اسلامبول وص ١٢٢ ط الحيدرية، تاريخ أبى الفداء ج ١ ص ١١٩ ط القسطنطنية، الدر المنثور للسيوطي ج ٥ ص ٩٧ ط مصر، تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٣٥١ ط مصر. وبلفظ ثالث يوجد في: خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٨٦ ط الحيدرية وص ٣٠ ط بيروت، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٨٣ ط النجف، مجمع الزوائد ج ٨ ص ٣٠٢ وج ٩ ص ١١٣ ط القدسي. ولاجل المزيد من المصادر راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) تحت رقم - ٧١١ - ط بيروت .

(١١) يوجد في: الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٥ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٣٤٢ ط الحيدرية.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " علي مع القرآن والقرآن مع على لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " يوجد في: المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ١٢٤ وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ج ٣ ص ١٢٤ وصححه أيضا، المناقب للخوارزمي الحنفي =>

٢٩

الثقلين حكما بين الفريقين(١٢) ، وخصائص علي كل نص جلي:( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) (١٣) .

استأثروا بالأمر يوم السقيفة، متأولين نصوص لا يلوون على شئ، وقد قضوا أمرهم بينهم بدون أن يؤذنوا به أحدا من بني هاشم وأوليائهم(١٤) وهم أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، حتى كأنهمعليهم‌السلام لم يكونوا ثقل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأعدال كتاب الله عزوجل(١٥) .

____________________

=> ص ١١٠ ط الحيدرية وص ١٠٧ ط تبريز، المعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ٥٥ ط دار النصر بالقاهرة، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٩٩ ط الحيدرية وص ٢٥٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣٤ ط القدسي، الصواعق المحرقة ص ١٢٢ و ١٢٤ ط المحمدية وص ٧٤ و ٧٥ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٧٣ ط السعادة، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص ١٥٧ ط السعيدية وص ١٤٣ ط العثمانية، الغدير للأميني ج ٣ ص ١٨٠ ط بيروت، نور الأبصار للشبلنجى ص ٧٣ ط السعيدية، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤٠ و ٩٠ و ١٨٥ و ٢٣٧ و ٢٨٣ و ٢٨٥ ط اسلامبول وص ٤٤ و ١٠٣ و ٢١٩ و ٢٨١ و ٣٣٩ و ٣٤٢ ط الحيدرية وج ١ ص ٣٨ و ٨٨ وج ٢ ص ١٠ و ٦١ و ١٠٨ و ١١٠ ط العرفان بصيدا، فيض القدير للشوكاني ج ٤ ص ٣٥٨، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ ص ٥٦ ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ ص ٢٤٢ ط مصر، غاية المرام ص ٥٤٠ (باب) ٤٥ ط ايران، أسنى المطالب للحوت ص ٢٠١ ح ٨٩٨.

(١٢) سوف تأتى مصادره تحت رقم (١٥)

(١٣) سورة ق: ٣٧.

(١٤) لم يحضر أحد من بني هاشم السقيفة بل كانوا متخلفين راجع المصادر تحت رقم (٦)

(١٥) إشارة إلى النصوص الصريحة في السنن الصحيحة، التي أنزلت العترة من منزلة الكتاب فجعلتهما القدوة لأولى الألباب، وقد أخرجها مسلم في صحيحه، وأخرجها =>

٣٠

.

____________________

=> الترمذي والنسائي والإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير، والحاكم في مستدركه والذهبي في تلخيص المستدرك، وابن أبى شيبة وأبو يعلى في سننهما، وابن سعد في الطبقات، وغير واحد من أصحاب السنن بطرق متعددة وأسانيد كثيرة، والتفصيل في المراجعة ٨ من مراجعاتنا (منه قدس).

أقول: إشارة إلى مضمون الحديث المتواتر وهو حديث الثقلين قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " يا أيها الناس إني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ". راجع الحديث في: صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٢٨ ط بيروت وج ١٣ ص ١٩٩ ط الصاوى وج ٢ ص ٣٠٨ ط بولاق بمصر، تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١١٣ دار إحياء الكتب العربية بمصر، مصابيح السنة للبغوي ص ٢٠٦ ط القاهرة وج ٢ ص ٢٧٩ ط محمد على صبيح، جامع الأصول لابن الأثير ج ١ ص ١٨٧ ط مصر، مشكاة المصابيح ج ٣ ص ٢٥٨ ط دمشق، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٤ ط الحلبي، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٥٠٣ وج ٣ ص ٣٨٥ ط دار الكتب العربية، الشرف المؤبد للنبهاني أيضا ص ١٨ ط مصر، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٢٣٢ ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٣٣ و ٤٥ و ٤٤٥ ط الحيدرية وص ٣٠ و ٤١ و ٣٧٠ ط اسلامبول

وبلفظ ثان قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى، أحدهما أعظم من الأخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ". راجع الحديث في: صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٢٩ ط دار الفكر بيروت وج ١٣ ص ٢٠٠ ط الصاوى وج ٢ ص ٣٠٨ ط بولاق بمصر، نظم درر السمطين للزرندى ص ٢٣١ ط النجف، الدر المنثور للسيوطي ج ٦ ص ٧ و ٣٠٦ ط مصر، ذخائر العقبى ص ١٦ ط القدسي، الصواعق المحرقة ص ٨٩ ط الميمنية وص ١٤٧ و ٢٢٦ ط المحمدية، أسد الغابة لابن الأثير ج ٢ ص ١٢ =>

٣١

وأمان الأمة من الاختلاف(١٦)

____________________

=> ط مصر، المعجم الصغير للطبراني ج ١ ص ١٣٥ ط دار النصر بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٣٣ و ٤٠ و ٢٢٦ و ٣٥٥ ط الحيدرية وص ٣٠ و ٣٦ و ١٩١ و ٢٩٦ ط اسلامبول، تفسير ابن كثير ج ٤ ص ١١٣ ط مصر، عبقات الأنوار ج ١ من حديث الثقلين ص ٢٥ ط اصفهان، كنز العمال ج ١ ص ٤٤ ح ٨٧٤ ط ١ وج ١ ص ١٥٤ ط ٢، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٤٥١ ط مصر، تفسير الخازن ج ١ ص ٤ ط مصر، مصابيح السنة للبغوي ج ٢ ص ٢٧٩ ط محمد على صبيح وص ٢٠٦ ط الخيرية، جامع الأصول لابن الأثير ج ١ ص ١٨٧ ط مصر، مشكاة المصابيح للعمري ج ٣ ص ٢٥٨ ط دمشق.

وفى لفظ ثالث عن زيد بن ثابت قال: " قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ". راجع: الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٦. مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ١٨٢ و ١٨٩ ط ١، فرائد السمطين للحموينى ج ٢ / ١٤٤ عن زيد بن ثابت قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ".

وعن أبى سعيد الخدري أيضا: " إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ". الفضائل لأحمد بن حنبل ص ٢٠ ح ٣٥ ترجمة الحسين وح ٣٦. ويوجد هذا الحديث بألفاظ أخرى متعددة ومصادر كثيرة جدا ولأجل المزيد من الاطلاع راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - ٣٠ و ٣١ و ٣٢ و ٣٣ و ٣٤ و ٣٥ و ٣٦ ط في بغداد وبيروت مع المراجعات).

(١٦) إشارة إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتهم =>

٣٢

وسفينة نجاتها من الضلال(١٧) . وباب حطتها(١٨) .

____________________

=> قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس. أخرجه الحاكم في ص ١٤٩ من الجزء ٣ من المستدرك، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (منه قدس). والصواعق المحرقة لابن حجر ص ٩١ و ١٤٠ ط الميمنية وص ١٥٠ و ٢٣٤ ط المحمدية وصححه، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٤ ط الحلبي بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٩٣ ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص ٢٩٨ ط اسلامبول وص ٣٥٧ ط الحيدرية، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦١. ولأجل المزيد من المصادر راجع كتاب (سبيل النجاة في تتمة المراجعات طبع ملحقا بالمراجعات في بغداد وبيروت تحت رقم - ٤١ -).

(١٧) إشا رة إلى ما أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبى ذر ص ١٥١ من الجزء ٣ من المستدرك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق " (منه قدس). وراجع أيضا: تلخيص المستدرك للذهبي، نظم درر السمطين للزرندى الحنفي ص ٢٣٥ ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى ص ٣٠ و ٣٧٠ ط الحيدرية وص ٢٧ و ٣٠٨ ط اسلامبول، الصواعق المحرقة ص ١٨٤ و ٢٣٤ ط المحمدية وص ١١١ و ١٤٠ ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص، إسعاف الراغبين للصبان ص ١٠٩ ط السعيدية و ١٠٢ ط العثمانية، جواهر البحار ج ١ / ٣٦١، الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٥.

(١٨) إشارة إلى ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبى سعيد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة بني إسرائيل من دخله غفر له (منه قدس). راجع: كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٧٨ ط الحيدرية وص ٢٣٤ ط الغرى، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٨، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ ص ٢٢ ط دار =>

٣٣

وكأنهم لم يكونوا من الأمة بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس(١٩) بل كأنهم انما كانوا ممن عناهم الشاعر في المثل السائر.

____________________

=> النصر بمصر، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٣ ط الحلبي، ينابيع المودة ص ٢٨ و ٢٩٨ ط اسلامبول وص ٣٠ و ٣٥٨ ط الحيدرية، رشفة الصادى لأبي بكر الحضرمي ص ٧٩ ط مصر، الصواعق المحرقة ص ٩١ ط الميمنية وص ١٥٠ ط المحمدية وهذا الحديث من الأحاديث المتواترة وان شئت المزيد فراجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - ٣٩ و ٤٠) ففيهما عشرات المصادر.

وفى لفظ آخر يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ". يوجد في: حلية الأولياء ج ٤ ص ٣٠٦ ط السعادة بمصر، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى الشافعي ص ١٣٢ ح ١٧٣ و ١٧٦ ط ١ بطهران، ذخائر العقبى ص ٢٠ ط القدسي، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٨، إحياء الميت ص ١١٣، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ / ١٣٢ ط الميمنية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٢ ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج ٣ / ١٢٣ ط مصر، ينابيع المودة ص ١٨٧ و ١٩٣ ط اسلامبول وص ٢٢١ و ٢٢٨ ط الحيدرية، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ١٠٤ ط مطبعة الزهراء. وغيرها من المصادر.

(١٩) نقل الإمام الصبان في كتابه - إسعاف الراغبين - والشيخ يوسف النبهاني في - الشرف المؤبد - وغير واحد من الثقات بالإسناد إلى أبى ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، ولا يهتدى الرأس الا بالعينين، ومن أراد تفصيل هذه الأحاديث وما يجرى مجراها فعليه بمراجعاتنا، ولا سيما المراجعة ٦ وما بعدها حتى المراجعة ١٣ (منه قدس). راجع: إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١١٠ ط السعيدية وص ١٠٢ ط العثمانية، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى ص ٨ ط الحيدرية، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٧٢ ط بيروت، الشرف المؤبد للنبهاني. (*)

٣٤

ويقضي الأمر حين تغيب تيم * ولا يستأذنون وهم شهود(٢٠)

أجل قضي الأمر في السقيفة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقى بين عترته الطاهرة وأوليائهم ثلاثة أيام، وهم حوله يتقطعون حسرات، ويتصعدون زفرات قد أخذهم من الحزن ما تنفطر به المرائر، ومن الهم والغم ما يذيب لفائف القلوب، ومن الرعب والوجل ما تميد به الجبال ومن الهول والفرق ما أطار عيونهم، وضيق الأرض برحبها عليهم.

وأولئك في معزل عن المسجى ثلاثا - بأبي وأمي - يرهفون لسلطانه عزائمهم ويشحذون لملكه آراءهم، لم يهتموا في شئ من أمره، حتى قضوا أمرهم مستأثرين به. وما ان فاءوا إلى مواراته حتى فاجأوا أولياءه وأحباءه بأخذ البيعة منهم، أو التحريق عليهم(٢١) كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته السائرة :

____________________

(٢٠) هذا البيت.

(٢١) تهديدهم عليا بالتحريق ثابت بالتواتر القطعي، وحسبك ما أخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب (السقيفة) كما في ص ١٣٠ وفى ص ١٣٤ من المجلد الأول من شرح النهج الحميدى. وأخرجه ابن جرير الطبري في موضعين في أحداث السنة الحادية عشرة من تاريخ الأمم والملوك. وذكره ابن قتيبة في أوائل كتابه - الإمامة والسياسة -. وابن عبد ربه المالكي في حديث السقيفة في الجزء الثاني من العقد الفريد.

والمسعودي في مروج الذهب نقلا عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن أخيه عبدالله، إذ هم بالتحريق على بني هاشم حين تخلفوا عن بيعته. وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه (روضة المناظر). وأبو الفداء حيث أتى على ذكر أخبار أبى بكر في تاريخه الموسوم بالمختصر في أخبار البشر. ورواه الشهرستاني عن النظام عند ذكره للفرقة النظامية من كتاب - الملل والنحل - ونقله العلامة الحلي في (نهج الصدق) عن كتاب (المحاسن وأنفاس الجواهر) وغرر ابن خنزابة. وأفرد أبو مخنف لبيعة السقيفة كتابا فيه التفصيل (منه قدس) =>

٣٥

وقولة لعلي قالها عمر

أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرقت دارك لا أبقى عليك بها

ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص بقائلها

أمام فارس عدنان وحاميها(٢٢)

فلو فرض ان لا نص بالخلافة على أحد من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب، أو أخلاق، أو جهاد، أو علم، أو عمل، أو إيمان، أو إخلاص ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل، بل كانوا كسائر الصحابة، فهل كان من مانع شرعي أو عقلي أو عرفي، يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ؟ ولو بأن يوكل حفظ الأمن إلى القيادة العسكرية مؤقتا حتى يستتب أمر الخلافة ؟

أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين ؟ وهم وديعة النبي لديهم، وبقيته فيهم، وقد قال الله تعالى:( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢٣) أليس على حق هذا الرسول - الذي يعز عليه عنت الأمة، ويحرص على

____________________

=> تهديد عمر عليا وفاطمة بالإحراق: راجع: الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ / ١٢ ط مصر، العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج ٤ / ٢٥٩ و ٦٠ ط ٢ بمصر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ١٣٤ وج ٢ / ١٩ ط ١ بمصر وج ٢ / ٥٦ وج ٦ / ٤٨ ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج ١ / ١٥٧ ط دار الفكر، تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٠٢ ط دار المعارف بمصر، الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٥٧ ط بيروت، تاريخ أبى الفداء ج ١ / ١٥٦، أعلام النساء ج ٣ / ١٢٠٧، تاريخ ابن شحنة بهامش الكامل ج ٧ / ١٦٤، بحار الأنوار ج ٢٨ / ٣٢٨ و ٣٣٩ ط الجديد، الغدير للأميني ج ٧ / ٧٧ ط بيروت، عبدالله بن سبأ ج ١ / ١٠٨ ط بيروت.

(٢٢) ديوان حافظ إبراهيم

(٢٣) سورة التوبة: ١٢٨ (*).

٣٦

سعادتها، وهو الرؤوف بها الرحيم لها - ان لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به، - والجرح لما يندمل، والنبي لما يقبر - ؟ ! وحسبها يومئذ فقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قارعة تفترش بها القلق، وتتوسد الأرق، وتساور الهموم، وتسامر النجوم، وتتجرع الغصص، وتعالج البرحاء، فالتريث الذي قلناه كان أولى بتعزيتها، وأدنى إلى حفظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها، وأجمع لكلمة الأمة، واقرب إلى استعمال الحكمة، ولكن القوم صمموا على صرف الخلافة عن آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله مهما كلفهم الأمر، فخافوا من التريث أن يفضي بهم إلى خلاف ما صمموا عليه، فان آل محمد إذا حضروا المشورة ظهرت حجتهم وعلت كلمتهم، فبادر القوم بعقد البيعة، واغتنموا اشتغال الهاشميين برزيتهم، وانتهزوا انصرافهم بكلهم إلى واجباتهم بتجهيز جنازتهم المفداة.

وأعان أولئك على ما دبروه دهشة المسلمين وذعرهم، وتزلزل أقدامهم، واجتماع أكثر الأنصار في السقيفة يرشحون سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، لكن ابن عمه بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي وأسيد بن الحضير سيد الأوس، كانا ينافسانه في السيادة فحسداه على هذا الترشيح وخافا أن يتم له الأمر، فأضمرا له الحسيكة مجمعين على صرف الأمر عنه بكل ما لديهما من وسيلة، وصافقهما على ذلك عويم بن ساعدة الأوسي، ومعن بن عدي حليف الأنصار، وقد كان هذان على اتفاق سري مع أبي بكر وعمر وحزبهما، فكانا من أولياء أبي بكر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانا مع ذلك ذوي بغض وشحناء لسعد بن أبي عبادة، فانطلق عويم إلى أبي بكر وعمر مسرعا فشحذ عزمهما لمعارضة سعد، وأسرع بهما إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، ولحقهم آخرون من حزبهم من المهاجرين.

٣٧

فاحتدم الجدال بين المهاجرين والأنصار، واشتدت الخصومة حتى ارتفعت أصواتهم بها وكادت الفتنة أن تقع، فقام أبو بكر بكلام أثنى فيه على الأنصار، واعترف لهم بالجميل خاطبا ودهم بلين ورقة

واحتج عليهم: بأن المهاجرين شجرة رسول الله وبيضته التي تفقأت عنه، ورشحهم للوزارة إذا تمت للمهاجرين الإمرة، ثم أخذ بضبعي عمر وأبي عبيدة فأمر المجتمعين بمبايعة أيهما شاؤا، وما ان فعل ذلك حتى تسابق إلى بيعته عمر وبشير، وما ان بايعاه حتى تبارى إلى بيعته أسيد بن الحضير، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولي أبي حذيفة، وخالد بن الوليد(٢٤) واشتد هؤلاء على حمل الناس على البيعة بكل طريق، وكان أشدهم في ذلك عمر، ثم أسيد وخالد وقنفذ(١) بن عمير بن جدعان التميمي(٢٥) وما بويع أبو بكر حتى أقبلت به الفئة التي بايعته تزفه إلى مسجد

____________________

(٢٤) ولأجل المزيد من المصادر راجع: كتاب عبدالله بن سبأ للعسكري ج ١ / ٨٢ - ١٣٢.

(١) كان هؤلاء مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمةعليها‌السلام وحسبك ما هو منقول عنهم في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج. وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري - كما في ص ١٣٠ من المجلد الأول من شرح النهج - قال: لما بويع أبو بكر كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي وهو في بيت فاطمة فخرج عمر حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله ما من أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك، ومنك بعد أبيك وايم الله ما هذا بما نعى ان اجتمع هؤلاء النفر عندك ان آمر بتحريق البيت عليهم. (الحديث) (منه قدس).

(٢٥) استعمال القوة والإكراه في البيعة لأبي بكر: راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ٢١٩ وج ٦ / ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج ١ / ٧٤ وج ٢ / ٤ - ١٩ ط ١ بمصر .(*)

٣٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زفاف العروس(٢٦) والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمة لقي بين أولئك المولهين والمولهات من الطيبين والطيبات، فما وسع أمير المؤمنينعليه‌السلام حينئذ الا التمثيل بقول القائل ؟

وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا * ويطغون لما غال زيدا غوائل(٢٧)

وكانعليه‌السلام على علم من تصميم القوم على صرف الأمر عنه، وانه لو نازعهم فيه لنازعوه، ولو قاتلهم عليه لقاتلوه، وان ذلك يوجب التغرير في الدين والخطر بالأمة، فاختار الكف احتياطا على الإسلام، وإيثارا للصالح العام، وتقديما للأهم على المهم، عهد معهود من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . صبر أمير المؤمنين على تنفيذه وفي العين قذى، وفي الحلق شجى(١) .

نعم قعد في بيته ساخطا مما فعلوه، حتى أخرجوه كرها(٢٨) احتفاظا بحقه المعهود به إليه

____________________

(٢٦) نص على زفافه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في ص ٨ من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس). وج ٦ / ١٩ ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

(٢٧) نقل تمثله بهذا البيت أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب - السقيفة - كما في ص ٥ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس). شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٦ / ١٤ بتحقيق أبو الفضل.

(١) وتفصيل هذه الأمور كلها في رسالتنا - فلسفة الميثاق والولاية - وحسبك المراجعة ٨٢ و ٨٤ من كتابنا - المراجعات - فان فيهما من التفصيل ما يثلج الغليل. وكذلك التنبيه المعقود في الفصل الثامن من - فصولنا المهمة - فراجع (منه قدس).

(٢٨) أخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة - كما في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى - عن الشعبى حديثا قال فيه: فانطلق عمر وخالد بن الوليد إلى بيت فاطمة فدخل عمر ووقف خالد على الباب، فقال عمر للزبير: ما هذا =>

٣٩

واحتجاجه على من استبد به(٢٩) وما أبلغ حجته إذ قال مخاطبا لأبي بكر :

فأن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي وأقرب

____________________

=> السيف ؟ قال: أعددته لأبايع عليا. قال وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف وضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخرجوا الزبير إلى خالد ومن معه، وكان معه جمع كثير أرسلهم أبو بكر ردءا لعمر وخالد، ثم قال عمر لعلى: قم فبايع. فتلكأ وأحتبس، فأخذ بيده فقال: قم، فأبى فحملوه ودفعوه إلى خالد كما دفعوا الزبير وساقهما عمر ومن معه من الرجال سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، فلما رأت فاطمة ما صنع عمر صرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله، (الحديث)، ومن استقصى ما كان منهم يومئذ تجلت له الحقيقة في قول أبى بكر عند موته: وددت إني لم أكشف عن بيت فاطمة ولو أغلق على حرب.

وأخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة أيضا من حديث أبى لهيعة عن أبى الأسود: ان عمر وأصحابه اقتحموا الدار وفاطمة تصيح وتناشدهم الله، وأخرجوا عليا والزبير يسوقهما عمر سوقا، وأخرج أبو بكر الجوهري: ان عمر جاء إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم، فخرج إليه الزبير مصلتا بالسيف، فاجتمعوا عليه حتى ندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيبهم يسوقهم سوقا عنيفا. (الحديث)، فراجعه في ص ١٩ من المجلد الثاني من شرح النهج، وكل ما ذكرناه هنا تجده هناك (منه قدس).

أخراج الإمام أمير المؤمنين (ع) كرها لأجل البيعة: راجع: العقد الفريد ج ٤ / ٣٣٥ ط لجنة التأليف والنشر في مصر وج ٢ / ٢٨٥ ط آخر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٣ / ٤١٥ ط أفست بيروت وج ٦ / ١١ و ٤٨ ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

(٢٩) مطالبة الإمام (ع) بحقه واحتجاجه عليهم =>

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

فيه الناس: ولم يهاجر حتى مات في مكة(١) والله يعلم بواطنه(٣٠٧) . على أن لرسول الله كلمة قالها لثلاثة: أبي محذورة، وأبي هريرة، وسمرة بن جندب، حيث أنذرهم بقوله آخركم موتا في النار(٣٠٨) .

وهذا أسلوب حكيم من أساليبهصلى‌الله‌عليه‌وآله في إقصاء المنافقين عن التصرف في شؤون الإسلام والمسلمين، فانهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان عالما بسوء بواطن هؤلاء الثلاثة أراد أن يشرب في قلوب أمته الريب فيهم، والنفرة منهم، إشفاقا عليها ان تركن إلى واحد منهم في شئ مما يناط بعدول المؤمنين وثقاتهم، فنص بالنار على واحد منهم وهو آخرهم موتا، لكنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أجمل القول فيه على وجه جعله دائرا بين الثلاثة على السواء، ثم لم يتبع هذا الإجمال بشئ من البيان وتمضي الأيام والليالي على ذلك، ويلحقصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرفيق الأعلى ولا بيان، فيضطر أولى الألباب من أمته إلى إقصائهم جميعا عن كل أمر يناط بالعدول والثقات من الحقوق المدنية في دين الإسلام، لاقتضاء العلم الإجمالي ذلك بحكم القاعدة العقلية في الشبهات المحصورة، فلولا أنهم في وجوب الإقصاء على السواء لاستحال عليه - وهو سيد الحكماء - عدم البيان في مثل هذا المقام.

فان قلت: لعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين هذا الإجمال بقرينة خفيت علينا بتطاول المدة.

____________________

(١) كل ما نقلناه هنا عن أبى محذورة موجود في ترجمته من الاستيعاب بهامش الإصابة وغيرها وهو مما لا خلاف فيه (منه قدس).

(٣٠٧) الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٤ / ١٧٩ ط ١.

(٣٠٨) كما في ترجمة سمرة من الاستيعاب والإصابة وغيرهما (منه قدس). الإصابة ج ٢ / ٧٩، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة ج ٢ / ٧٨ (*).

٢٤١

قلنا: لو كان ثمة قرينة ما كان كلا من هؤلاء الثلاثة في الوجل من هذا الإنذار على السواء(١) . على انه لا فرق في هذه المشكلة بين عدم البيان واختفائه بعد صدوره لاتحاد النتيجة فيهما بالنسبة الينا، إذ لا مندوحة لنا عن العمل بما يوجبه العلم الإجمالي من تنجيز التكليف في الشبهة المحصورة على كلا الفرضين.

فان قلت: انما كان المنصوص عليه بالنار منهم مجملا قبل موت الأول والثاني ولسبقهما إلى الموت تبين وتعين أنه انما هو الباقي بعدهما بعينه دون سابقيه وحينئذ لا إجمال ولا إشكال.

قلنا. أولا: أن الأنبياءعليهم‌السلام كما يمتنع عليهم ترك البيان مع الحاجة إليه يستحيل عليهم تأخيره عن وقت الحاجة، ووقت الحاجة هنا متصل بصدور هذا الإنذار لو كان لواحد من الثلاثة شئ من الاعتبار، لأنهم منذ أسلموا كانوا محل ابتلاء المسلمين في الحقوق المدنية شرعا كالإمامة في الصلاة جماعة، وقبول الشهادة في المرافعات الشرعية ونحوها، وكالإفتاء و القضاء، مع استجماعهم لشروطهما، ونحو ذلك مما يشترط فيه العدالة والورع فلولا وجوب إقصائهم عنها ما أخرصلى‌الله‌عليه‌وآله البيان اتكالا على صروف الزمان، وحاشا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقصي أحدا عن حقه طرفة عين، ومعاذ الله أن يخزي من لا يستحق الخزي ثم يبقيه على خزيه حتى يموت مخزيا إذ لا نعرف براءته - بناء على هذا الفرض الفاسد - إلا بتقدم موته.

وثانيا: أنا (شهد الله) بذلنا الطاقة بحثا وتنقيبا فلم يكن بالوسع ان نعلم أيهم المتأخر موتا، لان الأقوال في تاريخ وفياتهم بين متناقض متساقط(٢) وبين

____________________

(١) كما يعلمه متتبعوا شؤونهم حول هذا الوعيد (منه قدس).

(٢) أما تناقضها فلان بعضها نص بموت سمرة سنة ثمان وخمسين وموت أبى هريرة =>

٢٤٢

مجمل متشابه لا يركن إليه كما يعلمه المتتبعون(٣٠٩) .

وثالثا: لم يكن من خلق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو العزيز عليه عنت المؤمنين الحريص عليهم الرؤوف بهم الرحيم لهم - أن يجابه بهذا القول من يحترمه وما كان (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(٣١٠) ليفاجئ به غير مستحقه، ولو أن في واحد من هؤلاء الثلاثة خيرا ما أشركه في هذه المفاجئة القاسية، والمجابهة الغليظة، لكن اضطره الوحي إلى ذلك نصحا لله تعالى وللأمة( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) (٣١١) .

[ تنبيه ]

ان من عرف رأي اخواننا - من أهل المذاهب الأربعة - في بدء الأذان والإقامة واشتراعها لا يعجب من استسلامهم للزيادة فيهما أو للنقيصة منهما، فانهم - هدانا الله وإياهم - لا يرون أن الأذان والإقامة مما شرعه الله تعالى بوحيه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا مما ابتدأ به النبي صادعا به عن الله عزوجل كسائر النظم والأحكام، وانما كان طيف رآه بعض الصحابة في المنام كما صرحوا به

____________________

=> سنة تسع وخمسين وهذا منقوض بالقول بأن موت أبى هريرة كان سنة سبع وخمسين وهكذا بقية الأقوال في موت الثلاثة. وأما المجمل المتشابه منها فكالقول بموت الثلاثة كلهم في سنة تسع وخمسين، من غير بيان الساعة واليوم والشهر الذي وقع فيه الموت (منه قدس).

(٣٠٩) راجع: شيخ المضير أبو هريرة ط ٣، أبو هريرة لشرف الدين.

(٣١٠) مضمون الآية الكريمة "( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) " القلم: ٤.

(٣١١) لهذا الكلام بقية فلتراجع في خاتمة كتابنا (أبو هريرة) (منه قدس). سورة النجم آية: ٣ وراجع: كتاب " أبو هريرة " لشرف الدين. (*)

٢٤٣

ونقلوا الإجماع عليه ورووا فيه أحاديث صححوها وادعوا تواترها(٣١٢) .

واليك منها ما هو من أصحها عندهم، فعن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، قال: اهتم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له: أنصب راية فإذا رأوها أذن بعضهم فلم يعجبه ذلك فذكروا له القبع - يعني الشبور شبور اليهود - فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود، فذكروا له الناقوس، فقال هو من أمر النصارى - وكأنه كرهه أولا ثم أمر به فعمل من خشب - فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأري الأذان في منامه.

قال: فغدا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره فقال له: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما، ثم خبر به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له: ما منعك ان تخبرني ؟ فقال سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت ! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله، قال: فأذن بلال. (الحديث)(٣١٣)

____________________

(٣١٢) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم ص ٨١، عن سنن أبى داود ج ١ / ٣٣٥ - ٣٣٨، المصنف لعبد الرزاق ج ١ / ٤٥٥ - ٤٦٥، السيرة الحلبية ج ٢ / ٩٣ - ٩٧، تاريخ الخميس ج ١ / ٣٥٩، الموطأ ج ١ وشرحه للزرقاني ج ١ / ١٢٠ - ١٢٥، صحيح الترمذي ج ١ / ٣٥٨ - ٣٦١، مسند أحمد ج ٤ / ٤٢، سنن ابن ماجة ج ١ / ١٢٤، سنن البيهقي ج ١ / ٣٩٠، سيرة ابن هشام ج ٢ / ١٥٤ و ١٥٥ و ١٢٥، نصب الراية ج ١ / ٢٥٩ - ٢٦١، فتح الباري ج ٢ / ٦٣ - ٦٦، الطبقات لابن سعد ج ١ قسم ٢ ص ٨، البداية والنهاية ج ٣ / ٢٣٢ - ٢٣٣ المواهب اللدنية ج ١ / ٧١، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٣ / ٢٧٣ و ٢٧٥، تبيين الحقائق للزيلعي ج ١ / ٩٠، الروض الانف ج ٢ / ٢٨٥ - ٢٨٦، حياة الصحابة ج ٣ / ١٣١، كنز العمال ج ٤ / ٢٦٣، سنن الدارقطني ج ١ / ٢٤١ و ٢٤٢ و ٢٤٥ وغير ذلك من مصادر.

(٣١٣) أخرجه أبو داود في باب بدء الأذان من الجزء الأول من سننه، ورواه غير =>

٢٤٤

وعن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري عن أبيه عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمعهم للصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت له: أتبيع هذا الناقوس ؟ قال: وما تصنع به ؟ فقلت: ندعوا به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت: بلى. فقال: تقول الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، أشهد أن لا اله إلا الله، أشهد أن لا اله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله اكبر، الله اكبر، لا اله الله(١) .

قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا اله إلا الله أشهد أن لا اله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، لا اله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بما رأيت، فقال: انها لرؤيا حق ان شاء الله تعالى، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به أندى صوتا منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول

____________________

=> واحد من أصحاب السنن والمسانيد وأرسله أهل السير والأخبار منهم إرسال المسلمات فراجع (منه قدس). راجع: سنن أبى داود ج ١ / ١٩٤ ط السعادة، كنز العمال.

(١) هذا الأذان كان - بزعم المحدثين به عن عبد الله بن زيد - أول أذان في الإسلام وهو كما تراه ليس فيه (الصلاة خير من النوم) مع كونه انما كان لصلاة الفجر فمن أين جاء هذا الفصل يا مسلمون ؟ ! (منه قدس) (*).

٢٤٥

الله لقد رأيت مثل ما رأى. (الحديث)(٣١٤) .

واختصره الإمام مالك في ما جاء في النداء للصلاة من موطأه، فحدث عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يتخذ خشبتين(١) . يضرب بهما ليجمع الناس للصلاة فأري عبد الله بن زيد الأنصاري من بني الحارث بن الخزرج خشبتين في النوم، فقال: ان هاتين الخشبتين لنحو مما يريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجمع به الناس للصلاة، فقيل له: ألا تؤذنون للصلاة ؟ وأسمعه الأذان، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين استيقظ فذكر له ذلك فأمر رسول الله بالأذان: انتهى ما في الموطأ مختصرا مرسلا(٣١٥) .

وقال الإمام ابن عبد البر: روى قصة عبد الله بن زيد هذه في بدء الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، ومعان متقاربة، والاسانيد في ذلك متواترة

____________________

(٣١٤) أخرجه أبو داود السجستاني في باب كيف الأذان من سننه، والترمذي في صحيحه وقال: حسن صحيح، ورواه كل من ابن حيان وابن خزيمة وصححاه وابن ماجة في باب بدء الأذان من سننه وغير واحد من أصحاب السنن والأخبار (منه قدس). راجع: سنن أبى داود ج ١ / ١٩٥ ط السعادة، صحيح الترمذي، سنن ابن ماجة ج ١ / ٢٣٢ ح ٧٠٦، الطبقات لابن سعد ج ١ / ٢٤٦ ونقله العلامة في تذكرة الفقهاء ج ١ / ١٠٤ ط قديم.

(١) قال الزرقاني في تعليقه على هذا الحديث من شرحه للموطأ: هما الناقوس وهى خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها فيخرج منهما صوت (قال) كما في الفتح وغيره. قلت: وللزرقاني هنا (حول حديث عبد الله بن زيد في الأذان والإقامة) كلام ألفت إليه الباحثين فليراجعوه في ص ١٢٠ إلى منتهى ص ١٢٥ من الجزء الأول من شرح الموطأ (منه قدس).

(٣١٥) والتفصيل في شرح الزرقاني فليراجع (منه قدس). راجع: موطأ مالك ص ٥٥ ح ١٤٤ وفى طبع محمد فؤاد عبدا لباقي ج ١ / ٦٧ (*).

٢٤٦

وهي من وجوه حسان(٣١٦) . هذا كلامه بلفظه(١) .

قلت. في ثبوت هذه الأحاديث نظر من وجوه: (أحدها) ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن ليؤآمر الناس في اشتراع الشرائع الإلهية، وانما كان يتبع فيها الوحي( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) (٢) .

والأنبياء كلهم صلوات الله وسلامه عليهم لا يؤآمرون أممهم فيما يشترعون( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (٣)

وحسبنا قوله عزوجل لعبده وخاتم رسله:( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (٤)

( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) (٥) .

( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) (٦) .

وقد حظر، عز سلطانه، عليه العجل ولو بحركة اللسان فقال جل وعلا:( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) (٧) .

و أثنى جل ثناؤه على قول رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال وهو أصدق القائلين:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ

____________________

(٣١٦) الطبقات لابن سعد ج ١ / ٢٤٦ وغيره.

(١) نقله الزرقاني عنه فيما تقدمت الإشارة إليه من شرح الموطأ (منه قدس).

(٢) الآية - ٣ و ٤ و ٥ - من سورة النجم.

(٣) الآية - ٢٦ و ٢٧ - من سورة الأنبياء.

(٤) في آخر سورة الأعراف آية: ٤٠٢.

(٥) الآية - ١٥ - من سورة يونس.

(٦) الآية - ٩ - من سورة الأحقاف.

(٧) الآية - ١٦ - ١٩ - من سورة القيامة. (*)

٢٤٧

تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ) (١) ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ) (٢) .

(ثانيهما) ان الشورى المذكورة في هذه الأحاديث لمما يحكم العقل مستقلا بعدم اعتبارها في تشريع الشرائع الإلهية فالعقل بمجرده يحيل وقوعها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهل رأي الناس فيها الا تقول محض على الله تعالى ؟( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) (٣)

نعم كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألف أصحابه بمشورتهم في أمور الدنيا، كلقاء العدو ومكائد الحرب ونحوها عملا بقوله تعالى:( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ) (٤) .

وفي مثل ذلك يجوز عليه أن يتألفهم بمشاورتهم فيها مع استغنائه بالوحي عن آرائهم، لكن شرائع الدين لا يجوز فيها عليه الا اتباع الوحي المبين.

(ثالثها) ان هذه الأحاديث تضمنت من حيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مالا يجوز على مثله من المتصلين بالله عزوجل، حتى مثلته وقد ضاق في أمره ذرعا فاحتاج إلى مشورة الناس، وأنه كره الناقوس أولا، ثم أمر به بعد تلك الكراهة، وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن أمر به عدل عنه إلى ما اقتضته رؤيا عبد الله بن زيد، وان عدوله عن الناقوس كان قبل حضور وقت العمل به.

وهذا من البداء المستحيل على الله تعالى وعلى موضع رسالته، ومختلف ملائكته، ومهبط وحيه وتنزيله، وسيد

____________________

(١) الآية - ٤٠ - ٤٣ - من سورة الحاقة.

(٢) الآية - ١٩ - ٢٢ - من سورة التكوير.

(٣) الآية ٤٤ إلى ٤٧ من سورة الحاقة.

(٤) من الآية ١٥٩ من سورة آل عمران. (*)

٢٤٨

أنبيائه وخاتم رسله. على أن رؤيا غير الأنبياء لا يبتني عليها شئ من الأشياء بإجماع الأمة(٣١٧) .

(رابعها) ان في أحاديثهم هذه من التعارض ما يوجب سقوطها، وحسبك منها الحديثان اللذان أوردناهما آنفا - حديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، وحديث محمد ابن عبد الله بن زيد عن أبيه -(٣١٨) فأمعن فيما يتعلق منهما برؤيا عمر تجد التعارض بينا بأجلى مظاهره.

وأيضا فان هذين الحديثين المشار اليهما يقصران الرؤيا على ابن زيد وابن الخطاب، لكن حديث الرؤيا للطبراني في الأوسط(٣١٩) صريح في صدورها من أبي بكر أيضا، وهناك من أحاديثهم ما هو صريح بأن تلك الرؤيا كانت من أربعة عشر رجلا من الصحابة، كما في شرح التنبيه للجبيلي، وروي ان الرائين تلك الليلة كانوا سبعة عشر من الأنصار، وعمر وحده من المهاجرين وفي رواية أن بلالا ممن رأى الأذان أيضا وثمة متناقضات في هذا الموضوع أورد الحلبي منها ما يورث العجب العجاب، وحاول الجمع بينها فحبط عمله(٣٢٠) .

____________________

(٣١٧) تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ج ١ / ١٠٤ و ١٠٥ ط قديم، فتح الباري ج ٢ / ٦٢.

(٣١٨) قد تقدم الحديثان تحت رقم (٣٠٤ و ٣٠٥) فراجع وراجع أيضا: الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٨١.

(٣١٩) المعجم الأوسط للطبراني مخطوط، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٨١.

(٣٢٠) فلتراجع في باب بدء الأذان ومشروعيته من الجزء الثاني من سيرته الحلبية، فان هناك ما يوجب العجب والاستغراب (منه قدس). السيرة الحلبية ج ٢ / ٢٩٦ وما بعدها، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٨٢ (*).

٢٤٩

إذ قال يجمع شملا غير مجتمع

منها ويجبر كسرا غير منجبر

(خامسها) أن الشيخين - البخاري ومسلما - قد أهملا هذه الرؤية بالمرة فلم يخرجاها في صحيحيهما أصلا، لا عن ابن زيد، ولا عن ابن الخطاب، ولا عن غيرهما، وما ذاك الا لعدم ثبوتها عندهما. نعم أخرجا في باب بدء الأذان من صحيحيهما عن ابن عمر، قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك. فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل بوق اليهود. فقال عمر: ألا تبعثون رجلا ينادي للصلاة ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا بلال قم فناد الصلاة. فنادى بالصلاة .آه(٣٢١)

هذا كل ما في صحيحي البخاري ومسلم مما يتعلق ببدء الأذان ومشروعيته وقد اتفق الشيخان على إخراجه كما اتفقا على إهمال ما عداه مما يتعلق بهذا الموضوع، وكفى به معارضا لما رووه من أحاديث الرؤيا كلها، لان مقتضى هذا الحديث ان بدء الأذان انما كان برأي عمر لا برؤياه، ولا برؤيا عبد الله بن زيد ولا غيرهما، ومقتضى تلك ان بدأه وبدء الإقامة إنما كان بالرؤيا التي سبق فيها عبد الله بن زيد، عمر بن الخطاب: ولذلك يدعى عندهم برائي الأذان وربما قالوا صاحب الأذان.

وأيضا فان حديث الشيخين هذا صريح في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انما أمر بلالا - بالنداء للصلاة - في مجلس التشاور، وعمر حاضر عند صدور الأمر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتلك الأحاديث أحاديث الرؤيا كلها - صريحة بأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله انما أمر بلالا بالنداء عند الفجر إذ قص ابن زيد عليه رؤياه، وذلك

____________________

(٣٢١) صحيح مسلم ك الصلاة باب بدء الأذان ج ٢ / ٢ ط العامرة. (*)

٢٥٠

بعد الشورى بليلة في اقل ما يتصور ولم يكن عمر حينئذ حاضرا وانما سمع الأذان وهو في بيته فخرج آنذاك يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى. بجدك قل لي هل يمكن الجمع بين هذا وتلك ؟ كلا.

وشرف الإنصاف، وعلو الحق. وعزة ربنا عز سلطانه. على أن الحاكم قد أهمل أحاديث رؤيا الأذان والإقامة، فلم يرو في مستدركه منها شيئا أصلا، كما أهملها الشيخان فلم يرويا في الصحيحين شيئا منها بالمرة، هذا مما يلمسك سقوطها عن درجة الصحة عندهما، وذلك لان الحاكم قد اخذ على نفسه ان يستدرك عليهما كل ما لم يخرجاه في صحيحيهما من السنن الصحاح من شرطهما، وقد قام في مستدركه بما أخذه على نفسه أتم قيام، وحيث - أنه مع ذلك كله - لم يخرج من أحاديث الرؤيا في المستدرك شيئا، علمنا انه لم يثبت منها على شرط الشيخين شئ لا في صحيحيهما ولا في غير الصحيحين كما لا يخفى.

وللحاكم هنا كلمة تفيد جزمه ببطلان أحاديث الرؤيا وأنها كأضاليل ألا وهي قوله: وانما ترك الشيخان حديث عبد الله بن زيد في الأذان والرؤيا لتقدم موت عبد الله. قلت: هذا لفظه بعينه(١) .

ويؤيد ذلك أن ابتداء الأذان عند الجمهور انما كان بعد وقعة احد.

وقد اخرج أبو نعيم في ترجمة عمر بن عبد العزيز من كتاب حلية الأولياء بسند صحيح(٢) عن عبد الله العميري، قال: دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن ثعلبة

____________________

(١) فراجعه في باب رد الصدقة ميراثا، من كتاب الفرائض ص ٣٤٨ من جزئه الرابع (منه قدس).

(٢) صرح بصحته ابن حجر العسقلاني إذ نقله عن الحلية في ترجمة عبد الله بن زيد الأنصاري في اصابته فراجع (منه قدس).

٢٥١

على عمر بن عبد العزيز فقالت له: أنا ابنة عبد الله ابن زيد شهد أبي بدرا وقتل بأحد، فقال سلي ما شئت فأعطاها(٣٢٢) . قلت: لو كان عبد الله بن زيد كما يقولون أنه رأى الأذان لذكرت ابنته ذلك عنه كما نقلت حضوره بدرا وشهادته في احد كما لا يخفى.

(سادسها) ان الله عزوجل حظر على الذين آمنوا ان يتقدموا بين يدي الله ورسوله وأن يرفعوا أصواتهم فوق صوته وأن يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وأنذرهم بحبوط أعمالهم الصالحة إذا ارتكبوا شيئا من ذلك فقال عز من قائل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) (٣٢٣) (الآيات).

وكان سبب نزولها أن قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ركب من بني تميم يسألونه أن يؤمر عليهم رجلا منهم، فقال أبو بكر - فيما أخرجه البخاري في تفسير الحجرات من الجزء الثالث من صحيحه ص ١٢٧ يا رسول الله أمر عليهم القعقاع بن معبد متقدما بقوله هذا ومبادرا برأيه، فقال عمر على الفور من قول صاحبه: بل أمر الافرع بن حابس اخا بني مجاشع يا رسول الله فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، وتماريا جدالا وخصومة، وارتفعت أصواتها في ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآيات الحكيمة بسبب تسرعهما في الرأي، وتقدمهما فيه بين يدي رسول الله ورفع أصواتهما فوق صوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣٢٤) .

____________________

(٣٢٢) حلية الأولياء ج، الإصابة لابن حجر ج ٢ / ٣١٢ ط ١.

(٣٢٣) سورة الحجرات آية: ١ - ٢.

(٣٢٤) صحيح البخاري، تفسير القرطبي ج ١٦ / ٣٠٠. (*)

٢٥٢

خاطب المؤمنين كافة بهذه الآيات لتكون قانونهم المتبع وجوبا في آدابهم وأخلاقهم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذه الآيات كلها كما تراها قد منعت كل مؤمن ومؤمنة عن كل افتئات على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكل اقدام على أمر بين يديه، فان معنى قوله تعالى:( لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ان لا تفتئتوا عندهما برأي ما حتى يقضي الله على لسان نبيه ما شاء، وكأن المقترحين المتقدمين بين يديه كانا قد جعلا لانفسهما وزنا ومقدارا ومدخلا في الشؤون العامة، فنبه الله المؤمنين على خطأهما فيما رأياه، وأوقفهما على حدهما الذي يجب أن يقفا عليه.

وقوله تعالى:( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) نهى عن القول المشعر بأن لهم مدخلا في الأمور، أو وزنا عند الله ورسوله، لان من رفع صوته فوق صوت غيره فقد جعل لنفسه اعتبارا خاصا، وصلاحية خاصة، وهذا مما لا يجوز ولا يحسن من أحد عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومن أمعن في قوله تعالى:( وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، وقوله عز من قائل:( أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) علم الحقيقة بكنهها.

ومن علم ان الله ما أقر أبا بكر الصديق وعمر الفاروق على تقدمهما بين يدي الله ورسوله لا يقران الناس على تشاورهم في اشتراع شرائعه، ونظمه وأحكامه، بطريق أحق لو كان قومنا يعلمون.

(سابعها) أن الأذان والإقامة من معدن الفرائض اليومية نفسه، فمنشئها هو منشئ الفرائض نفسه، بحكم كل نسابة للألفاظ والمعاني، خبير بأساليب العظماء وأهدافهم، وانهما لمن أعظم شعائر الله عزوجل، امتازت بهما الملة الإسلامية على سائر الملل والأديان، إذ جاءت آخرا ففاقت مفاخرا فليمعن معي الممعنون من أولي الألباب بما في فصولهما من بلاغة القول وفصاحته ،

٢٥٣

وفخامة المعاني وسموها، وشرف الأهداف، وإعلان الحق بكل صراحة - الله أكبر، أشهد أن لا اله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله - مع الدعوة إليه بكل ترغيب فيه، وكل ثناء عليه. حي على الصلاة حي على الفلاح، حي على خير العمل، لا تأخذ الداعي لومة لائم ولا سطوة مخالف غاشم.

تلك دعوة حية - كما قال عنها بعض الإعلام - كأنما تجد الإصغاء والتلبية من عالم الحياة بأسرها، وكأنما يبدأ الإنسان في الصلاة من ساعة مسراها إلى سمعه، ويتصل بعالم الغيب من ساعة إصغائه إليها.

دعوة تلتقي فيها الأرض والسماء، ويمتزج فيها خشوع المخلوق بعظمة الخالق، وتعيد الحقيقة الأبدية إلى الخواطر البشرية في كل موعد من مواعيد الصلاة، كأنها نبأ جديد. الله أكبر الله أكبر - لا اله إلا الله لا اله إلا الله -.

تلك هي دعوة الأذان التي يدعو بها المسلمون إلى الصلاة، وتلك هي الدعوة الحية التي تنطق بالحقيقة الخالدة ولا تومي إليها، وتلك هي الحقيقة البسيطة غاية البساطة، العجيبة غاية العجب، لأنها أغنى الحقائق عن التكرار في الأبد إلا بيد، وأحوج الحقائق إلى التكرار بين شواغل الدنيا وعوارض الفناء.

المسلم في صلاة منذ يسمعها تدعوه للصلاة، لأنه يذكر بها عظمة الله، وهي لب لباب الصلوات. وتنفرج عنها هدأة الليل فكأنها ظاهرة من ظواهر الطبيعية الحية تلبيها الأسماع والأرواح وينصت لها الطير والشجر، ويخف لها الماء والهواء، وتبرز الدنيا كلها بروز التأمين والاستجابة منذ تسمع هتفة الداعي الذي يهتف

٢٥٤

بها. إلى آخر كلامه(١) .

وبالجملة فان الأذان والإقامة لمما لا يأتي به البشر ولو اجتمعوا له، فنعوذ بالله من مخ الحقائق الناصعة ولاسيما إذا كانت من شرائع الله السائغة، وآياته البالغة.

(ثامنها) ان سنهم في بدء الأذان والإقامة كلها يناقض المأثور الثابت عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، ولا وزن عندنا لما خالف الثابت عنهم من رأي أو رواية مطلقا.

ففي باب الأذان والإقامة من كتاب وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة بالسند الصحيح عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادقعليه‌السلام ، قال: لما هبط جبرائيل على رسول الله بالأذان أذن جبرئيل وأقام، وعندها أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا ان يدعو له بلالا فدعاه فعلمه رسول الله الأذان وأمره به، وهذا ما رواه كل من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني، والصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي، وشيخ الإمامية محمد بن الحسن الطوسي، وناهيك بهؤلاء صدقا وورعا(٣٢٥)

وروى شيخنا الشهيد السعيد محمد بن مكي في كتابه (الذكرى) ان الصادق - الإمام جعفر بن محمد الباقر - ذم قوما زعموا ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد الأنصاري، فقال: ينزل الوحي به على نبيكم فتزعمون

____________________

(١) فراجعه في ص ١٣٦ إلى ص ١٤٢ من كتاب - داعى السماء - لكاتب الشرق الأستاذ العقاد (منه قدس).

(٣٢٥) الأذان بوحي من الله: ونص الرواية هي: عن أبى عبد اللهعليه‌السلام قال: لما هبط جبرئيلعليه‌السلام بالأذان على رسول الله كان رأسه في حجر علىعليه‌السلام فأذن جبرئيل وأقام، فلما انتبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يا على سمعت ؟ قال: نعم. قال: حفظت ؟ قال: نعم، قال: ادع لي بلالا نعلمه فدعا علىعليه‌السلام بلالا فعلمه " =>

٢٥٥

انه أخذه عن عبد الله بن زيد !(٣٢٦) .

وعن أبي العلاء - كما في السيرة الحلبية - قال: قلت لمحمد بن الحنفية انا لنتحدث أن بدء الأذان كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه، قال: ففزع ذلك محمد بن الحنفية فزعا شديدا.

وقال عمدتم إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم دينكم فزعتم انه كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه تحتمل الصدق والكذب وقد تكون أضغاث أحلام، قال: فقلت له هذا الحديث قد استفاض في الناس، قال: هذا والله هو الباطل. إلى آخر كلامه(٣٢٧) .

وعن سفيان بن الليل، قال: لما كان من الحسن بن علي ما كان قدمت عليه المدينة قال: فتذاكروا عنده الأذان، فقال بعضنا انما كان بدء الأذان، برؤيا عبد الله بن زيد فقال له الحسن بن علي: ان شأن الأذان أعظم من ذلك، أذن جبرائيل في السماء مثنى مثنى وعلمه رسول الله، وأقام مرة مرة فعلمه رسول الله. (الحديث)(١) .

وعن هارون بن سعد عن الشهيد زيد بن الإمام علي بن الحسين عن آبائه

____________________

=> راجع: وسائل الشيعة للحر العاملي ك الصلاة باب ١ من أبواب الأذان والإقامة. الكافي لثقة الإسلام الكليني المتوفى ٣٢٨ أو ٣٢٩ ه‍ ج ٣ / ٣٠٢، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق المتوفى ٣٨١ ه‍ ج ١ / ٢٨٢ ح ٨٦٥، التهذيب للشيخ الطوسي المتوفى ٤٦٠ ه‍ ج ٢ / ٢٧٧ ح ٢٦٤٠، جامع أحاديث الشيعة ج ٤ / ٦٢٢.

(٣٢٦) الذكرى للشهيد الأول ص ١٦، جامع أحاديث الشيعة ج ٤ / ٦٢٣، البحار ج ١٨ / ٣٥٤، علل الشرايع ص ١١٢، الكافي ج ٣ /، الجواهر ج ٩ ص ٨.

(٣٢٧) السيرة الحلبية ج ٢ / ٣٠٠ ط مصطفى الحلبي وفى طبع آخر ج ٢ / ٩٦.

(١) أخرجه الحاكم في كتاب معرفة الصحابة من المستدرك ص ١٧١ من جزئه الثالث (منه قدس) (*).

٢٥٦

عن علي: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علم الأذان ليلة أسري به وفرضت عليه الصلاة(٣٢٨) .

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٣٨: -

[ المورد - (٢٤) -: إسقاط " حي على خير العمل " من الأذان الإقامة ]

وذلك ان هذا الفصل كان على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جزءا من الأذان ومن الإقامة(٣٢٩) لكن أولي الأمر على عهد الخليفة الثاني كانوا يحرصون على

____________________

(٣٢٨) أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار، وابن مردويه فيما نقله المتقى الهندي ص ٢٧٧ من الجزء السادس من كنز العمال وهو الحديث ٣٩٧ من أحاديث الكنز (منه قدس).

من يقول ان الأذان كان بالوحي: الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٨٤ نقله عن كل من الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وابن عمر والإمام الباقر وعايشة. راجع: منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٣ / ٢٧٣، السيرة الحلبية ج ١ / ٣٧٣ وج ٢ / ٩٣ و ٩٥، مجمع الزوائد ج ١ / ٣٢٩، نصب الراية ج ١ / ٢٦٢ و ٢٦٠، والمواهب اللدنية ج ١ / ٧١، فتح الباري ج ٢ / ٦٣، الروض الانف ج ٢ / ٢٨٥ و ٢٨٦ البداية والنهاية ج ٣ / ٢٣٣.

(٣٢٩) " حي على خير العمل " كان في الأذان على عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : وبه قالت الإمامية بل عندهم اجماعي كما عن السيد المرتضى في الانتصار ص ٣٩ الجواهر ج ٩ ص ٨١ وغيرهما، بل اعترف به غيرهم: راجع: سنن البيهقي ج ١ / ٥٢٤ - ٥٢٥، السيرة الحلبية ج ٢ / ١٠٥ ط ١٣٨٢ ه‍ سعد السعود ص ١٠٠، مقاتل الطالبيين ص ٢٩٧، جامع أحاديث الشيعة ج ٤ / ٦٨٥ - ٦٨٦، البحار ج ٨٤ / ١٠٧، جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار ج ٢ / ٢٩١ و ١٩٢، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ٥ / ٢٨٣، ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ / ١٣٩، لسان الميزان ج ١ / ٢٦٨، نيل الاوطار للشوكاني ج ٢ / ٣٢، دعائم الإسلام ج ١ / ٤٥، البحار ج ٨٤ / ١٧٩، الروض النضير ج ١ / ٥٤٢ و ج ٢ / ٤٢، منتخب =>

٢٥٧

أن تفهم العامة ان خير العمل انما هو الجهاد في سبيل الله ليندفعوا إليه، وتعكف هممهم عليه، ورأوا أن النداء على الصلاة بخير العمل مقدمة لفرائضها الخمس ينافي ذلك(٣٣٠) .

بل أوجسوا خيفة من بقاء هذا الفصل في الأذان والإقامة ان يكون سببا في تنشيط العامة عن الجهاد، إذ لو عرف الناس ان الصلاة خير من العمل مع ما فيها من الدعة والسلامة لاقتصروا في ابتغاء الثواب عليها وأعرضوا عن خطر الجهاد المفضول بالنسبة إليها.

وكانت همم أولي الأمر يومئذ منصرفة إلى نشر الدعوة الإسلامية، وفتح المشارق والمغارب. وفتح الممالك لا يكون الا بتشويق الجند إلى التورط في سبيله بالمهالك بحيث يشربون في قلوبهم الجهاد، حتى يعتقدون انه خير عمل يرجونه يوم المعاد.

____________________

=> كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٣ / ٢٧٦، كنز العمال ج ٤ / ٢٦٦، دلائل الصدق ج ٣ / ٩٩ و ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، سيرة المصطفى للسيد هاشم معروف ص ٢٧٤.

(٣٣٠) السبب في حذف " حي على خير العمل " من الأذان ؟ عن عكرمة قال: قلت لابن عباس أخبرني لأي شئ حذف من الأذان " حي على خير العمل " قال: أراد عمر أن لا يتكل الناس على الصلاة ويدعوا الجهاد فلذلك حذفها من الأذان. راجع: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ١ / ٢٣٨ عن الإيضاح ص ٢٠١ - ٢٠٢، دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٤، البحار ج ٨٤ / ١٥٦ و ١٤٠، علل الشرائع ج ٢ / ٥٦، دلائل الصدق ج ٣ / ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، الروض النضير ج ٢ / ٤٢ سيرة المصطفى للسيد هاشم معروف ص ٢٧٤، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج ٣ / ٩٧ (*).

٢٥٨

ترجح في نظرهم إسقاط هذا الفصل تقديما لتلك المصلحة على التعبد بما جاء به الشرع الأقدس.

فقال الخليفة الثاني وهو على المنبر - فيما نص عليه القوشجي(١) في أواخر مبحث الإمامة من شرح التجريد، وهو من أئمة المتكلمين على مذهب الأشاعرة -: " ثلاث كن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل "(٣٣١) .

وتبعه في إسقاطها عامة من تأخر عنه من المسلمين، حاشا أهل البيت ومن

____________________

(١) القوشجى هو علاء الدين على بن محمد ذكره طاش كبرى زاده في كتابه (الشقائق النعمانية) وغير واحد من أصحاب المعاجم فذكروا انه قرأ على علماء سمرقند وأخذ العلوم الرياضية عن المولى الفاضل القاضي زاده الرومي وعلى الأمير الغ بنك، ثم ذهب إلى بلاد كرمان فقرأ على علمائها، ثم عاد إلى سمرقند، ثم أتى القسطنطينية على عهد السلطان محمد خان فأكرمه وأعطاه مدرسة أيا صوفيا ورتب له في كل يوم مائتي درهم، وعين لكل من أولاده وأتباعه منصبا. وله من التصانيف شرح التجريد المشهور بالشرح الجديد في علم الكلام، والرسالة المحمدية في علم الحساب نسبها إلى السلطان محمد خان، والرسالة الفتحية في علم الهيئة سماها بذلك لفتح السلطان محمد خان عراق العجم، وله حاشية على أوائل شرح الكشاف للتفتازانى وقد جمع عشرين متنا في عشرين علما سماه محبوب الحمائل. كان بعض تلامذته يحمله ولا يفارقه.

أما شرحه للتجريد - تجريد الخواجة نصير الدين الطوسي أعلى الله مقامه - فمن أحسن الشروح علما وهو منتشر بطبعه، وتوفى القوشجى في القسطنطينية سنة ٨٧٩ ودفن بجوار أبى أيوب الأنصاري رضي‌ الله‌ عنه ما (منه قدس).

(٣٣١) واعتذر بعد أن أرسله عنه إرسال المسلمات بأنه قد اجتهد في ذلك (منه قدس). راجع: شرح التجريد للقوشجى ط إيران ص ٤٨٤ مبحث الإمامة، كنز العرفان للسيورى ج ٢ / ١٥٨ عن الطبري في المستنير، الغدير ج ٦ / ٢١٣، جواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩٢ عن التفتازانى في حاشيته على شرح العضدي، الصراط المستقيم للبياضي ج. (*)

٢٥٩

يرى رأيهم " حي على خير العمل " من شعارهم، كما هو بديهي من مذهبهم، حتى ان شهيد فخ - الحسين بن علي بن الحسن بن أمير المؤمنينعليهم‌السلام - لما ظهر بالمدينة أيام الهادي من ملوك العباسيين، أمر المؤذن أن ينادي بها ففعل. نص على ذلك أبو الفرج الأصبهاني حيث ذكر صاحب فخ ومقتله في كتابه مقاتل الطالبين(٣٣٢) .

وذكر العلامة الحلبي في باب بدء الأذان ومشروعيته ص ١١٠ على الجزء الثاني من سيرته ان ابن عمر (رض) والإمام زين العابدين علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان يقولان في الأذان - بعد حي على الفلاح - حي على خير العمل. آه(٣٣٣) .

____________________

(٣٣٢) وكل من ذكر شهيد فخ - وثورته المبرورة على الظلم والظالمين - نص على ذلك (منه قدس). الذي أمر هو عبد الله بن الحسن وليس الحسين بن على راجع: مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصبهاني ص ٤٤٦ وفى طبع الحيدرية ص ٢٩٧، دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ١ / ٢٣٧ - ٢٣٨.

(٣٣٣) السيرة الحلبية ج ٢ / ٣٠٥ ط مصطفى الحلبي.

القائلون بحي على خير العمل في الأذان من الصحابة والتابعين :

١ - عبد الله بن عمر: سنن البيهقي ج ١ / ٤٢٤ و ٤٢٥، دلائل الصدق ج ٣ / ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، مصنف عبد الرزاق ج ١ / ٤٦٤ و ٤٦٠، جامع ابن أبى شيبة ج ١ / ١٤٥، الروض النضير ج ١ / ١٩٢، دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ١ / ٢٣٤، المحلى لابن حزم ج ٣ / ١٦٠، جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة بحر الزخار للصعيدى ج ٢ / ١٩٢، السيرة الحلبية ط ١٣٨٢ ه‍ ج ٢ / ١٠٥، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج ٣ / ٨٩.

٢ - على بن الحسين (ع) =>

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629