النص والاجتهاد

النص والاجتهاد9%

النص والاجتهاد مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 629

النص والاجتهاد
  • البداية
  • السابق
  • 629 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165842 / تحميل: 7981
الحجم الحجم الحجم
النص والاجتهاد

النص والاجتهاد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

إن كان حسناً ، ولا يوحشك إلاّ هو إن كان قبيحاً .

واعلم أنّك إن تنصر الله ينصرك ويثبّت أقدامك ، فإنّ الله تعالى ضمن إعزاز مَن يعزّه ، ونصر مَن ينصره ، وقال سبحانه :( إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم ) (١) .

وقال سبحانه :( ولينصرنّ الله مَن ينصره ) (٢) .

وقال : كيف أنتم إذا ظهر فيكم البدع حتّى يربوا فيها الصغير ، ويهرم الكبير ، ويسلم عليها الأعاجم ، فإذا ظهرت البدع قيل سنّة ، وإذا عمل بالسنّة قيل بدعة ، قيل : ومتى يكون ذلك ؟ قال : إذا ابتعتم الدنيا بعمل الآخرة .

وقال ابن عباس : لا يأتي على الناس زمان إلاّ أماتوا فيه سنّة ، وأحيوا فيه بدعة حتّى تموت السنن ، وتحيى البدع ، وبعد فو الله ما أهلك الناس وأزالهم عن المحجّة قديماً وحديثاً إلاّ علماء السوء ، قعدوا على طريق الآخرة فمنعوا الناس سلوكها والوصول إليها ، وشكّكوهم فيها .

مثال ذلك مثل رجل كان عطشاناً فرأى جرّة مملوءة فيها ماء ، فأراد أن يشرب منها فقال له الرجل : لا تدخل يدك فيها فإنّ فيها أفعى يلسعك وقد ملأها سمّاً ، فامتنع الرجل من ذلك ، ثم إنّ المخبر بذلك أخذ يدخل يده فيها ، فقال العطشان : لو كان فيها سّماً لما أدخل يده .

وكذلك حال الناس مع علماء السوء ، زهّدوا الناس في الدنيا ورغبوا هم فيها ، ومنعوا الناس من الدخول إلى الولاة والتعظيم لهم ودخلوا هم إليهم ، وعظّموهم ومدحوهم ، وحسّنوا إليهم أفعالهم ، ووعدوهم بالسلامة ، لا بل قالوا لهم : قد رأينا لكم المنامات بعظيم المنازل والقبول ، ففتنوهم وغرّوهم ، ونسوا قول

____________

(١) محمد : ٧ .

(٢) الحج : ٤٠ .

١٤١

الله تعالى :( إنّ الأبرار لفي نعيم * وإنّ الفجّار لفي جحيم ) (١) .

وقوله تعالى :( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) (٢) .

وقوله تعالى :( يوم يعضّ الظالم على يديه ) (٣) .

وقوله تعالى :( يوم لا يغني مولىً عن مولىً شيئاً ) (٤) .

وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :الجنّة محرّمة على جسد غذّي بالحرام (٥) .

وقول أمير المؤمنينعليه‌السلام :ليس من شيعتي مَن أكل مال امرء حرام (٦) .

وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :لا يشمّ ريح الجنّة جسد نبت على الحرام .

وقالعليه‌السلام :إنّ أحدكم ليرفع يده إلى السماء فيقول : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، وملبسه حرام ، فأيّ دعاء يُستجاب له ؟! وأيّ عمل يُقبل منه ؟! وهو ينفق من غير حلٍّ ، إن حجّ حجّ بحرام ، وإن تزوّج تزوّج بحرام ، وإن صام أفطر على حرام ، فيا ويحه ، أما علم أنّ الله تعالى طيّب لا يقبل إلاّ الطيّب ، وقد قال في كتابه : ( إنّما يتقبّل الله من المتقين ) (٧) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ليكون عليكم أُمراء سوء ، فمَن صدّقهم في قولهم ، وأعانهم على ظلمهم ، وغشى أبوابهم ، فليس منّي ولست منه ، ولن يرد عليّ الحوض .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحذيفة :كيف أنت يا حذيفة إذا كانت أُمراء إن

____________

(١) الإنفطار : ١٣ ـ ١٤ .

(٢) غافر : ١٨ .

(٣) الفرقان : ٢٧ .

(٤) الدخان : ٤١ .

(٥) كنز العمال ٤ : ١٤ ح٩٢٦١ .

(٦) البحار ١٠٤ : ٢٩٦ ح١٧; عن مجموعة ورام .

(٧) المائدة : ٢٧ .

١٤٢

أطعتموهم أكفروكم ، وإن عصيتموهم قتلوكم ؟! ، فقال حذيفة : كيف أصنع يا رسول الله ؟ قال :جاهدهم إن قويت ، واهرب عنهم إن ضعفت .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :صنفان من أُمّتي إذا صلحا صلح الناس ، وإذا فسدا فسد الناس : الأُمراء والعلماء (١) .

وقال الله تعالى :( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار ) (٢) .

وقال :( ولا تطغوا فيحلّ عليكم غضبي ) (٣) ، والله ما فسدت أمور الناس إلاّ بفساد هذين الصنفين ، وخصوصاً الجائر في قضائه ، والقابل الرشا في الحكم .

ولقد أحسن أبو نواس في قوله :

إذا خان الأمير وكاتباه

وقاضي الأمر داهن في القضاءِ

فويل ثمّ ويلٌ ثمّ ويل

لقاضي الأرض من قاضي السماءِ

وجاء في تفسير قوله تعالى :( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ . ) (٤) الآية ، نزلت فيمن يخالط السلاطين والظلمة .

وقالعليه‌السلام :الإسلام علانية باللسان ، والإيمان سرّ بالقلب ، والتقوى عمل بالجوارح ، كيف تكون مسلماً ولا تسلم الناس منك ؟ وكيف تكون مؤمناً ولا تأمنك الناس ؟ وكيف تكون تقيّاً والناس يتّقون من شرّك وأذاك ؟ .

وقال :إنّ مَن ادعى حبّنا وهو لا يعمل [عملنا ولا يقول] (٥) بقولنا ، فليس منّا ولا نحن منه ، أما سمعوا قول الله تعالى يقول مخبراً عن نبيّه : ( قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله ) (٦) .

____________

(١) الخصال : ٣٦ ح١٢ باب الاثنين ، عنه البحار ٢ : ٤٩ ح١٠ .

(٢) هود : ١١٣ .

(٣) طه : ٨١ .

(٤) المجادلة : ٢٢ .

(٥) أثبتناه من ( ب ) .

(٦) آل عمران : ٣١ .

١٤٣

ولمّا بايع أصحابه أخذ عليهم العهد والميثاق بالسمع لله تعالى وله بالطاعة في العسر واليسر ، وعلى أن يقولوا الحق أينما كانوا ، وأن لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وقال : إنّ الله تعالى ليحصي على العبد كل شيء حتّى أنينه في مرضه ، والشاهد على ذلك قوله تعالى :

( ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد ) (١) .

وقوله تعالى :( إنّ عليكم لحافظين * كراماً كاتبين * يعلمون ما تفعلون ) (٢) .

وقوله تعالى :( إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) (٣) .

____________

(١) ق : ١٨ .

(٢) الانفطار : ١٠ ـ ١٢ .

(٣) البقرة : ٢٨٤ .

١٤٤

الباب الثامن عشر : في عقاب الزّنا والربا

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ لأهل النار صرخة من نتن فروج الزناة ، فإيّاكم والزنا فإنّ فيه ست خصال ، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة فأمّا التي في الدنيا : فإنّه يذهب ببهاء الوجه ، ويورث الفقر ، وينقص العمر ، وأمّا التي في الآخرة : يوجب سخط الله ، وسوء الحساب ، وعظم العذاب ، إنّ الزناة يأتون يوم القيامة تشتعل فروجهم ناراً ، يعرفون بنتن فروجهم (١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ الله مستخلفكم في الدنيا فانظروا كيف تعملون ، فاتقوا الزنا والربا والرياء (٢) .

قيل : قالت المعتزلة يوماً في مجلس الرضاعليه‌السلام :إنّ أعظم الكبائر القتل ، لقوله تعالى : ( ومَن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها . ) (٣) .

____________

(١) الكافي ٥ : ٥٤١ ح٣ ، مَن لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٧٣ ح٤٩٦٠ باختلاف ، وفي معالم الزلفى : ٣٣٧ .

(٢) الرياء ، لم يرد في ( ب ) و ( ج ) .

(٣) النساء : ٩٣ .

١٤٥

قال الرضاعليه‌السلام :أعظم من القتل عندي إثماً ، وأقبح منه بلاءً الزنا وأدوم ؛ لأنّ القاتل لم يفسد بضرب المقتول غيره ، ولا بعده فساد ، والزاني قد أفسد النسل إلى يوم القيامة ، وأحلّ المحارم فلم يبق في المجلس فقيه إلاّ قبّل يده وأقرّ بما قال .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إذا كانت خمس منكم رميتم بخمس : إذا أكلتم الربا رميتم بالخسف ، وإذا ظهر فيكم الزنا أُخذتم بالموت ، وإذا جارت الحكّام ماتت البهائم ، وإذا ظلم أهل الملّة ذهبت الدولة ، وإذا تركتم السنّة ظهرت البدعة .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ما نقض قوم عهدهم إلاّ سلّط عليهم عدوّهم ، وما جار قوم إلاّ كثر القتل بينهم ، وما منع قوم الزكاة إلاّ حبس القطر عنهم ، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلاّ نشأ فيهم الموت ، وما بخس قوم المكيال والميزان إلاّ أُخذوا بالسنين .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إذا عملت أُمّتي خمس عشرة خصلة حلّ بهم البلاء : إذا كان الفيء دولاً ، والأمانة مغنماً ، والصدقة مغرماً ، وأطاع الرجل امرأته ، وعصى أُمّه ، وبرّ صديقه ، وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد وأُكرم الرجل مخافة شرّه ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، ولبسوا الحرير ، واتخذوا القينات والمعازف (١) ، وشربوا الخمور ، وكثر الزنا ، فارتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء ، وخسفاً ومسخاً ، وظهور العدو عليكم ثم لا تنصرون (٢) .

____________

(١) في ( ج ) : المغنّيات .

(٢) عنه الوسائل ١٢ : ٢٣١ ح٣١ .

١٤٦

الباب التاسع عشر : [ وصايا وحكم بليغة ]

وصيّة لقمان لابنه بعلوم وحكمة ، قال : يا بني ! لا يكن الديك أكيس منك وأكثر محافظة على الصلوات ، ألا تراه عند كلّ صلاة يؤذّن لها ، وبالأسحار يعلن بصوته وأنت نائم .

وقال : يا بني ! مَن لا يملك لسانه يندم ، ومَن يكثر المراء يشتم ، ومَن يدخل مداخل السوء يُتّهم ، ومَن يُصاحب صاحب السوء لا يسلم ، ومَن يجالس العلماء يغنم ، يا بني ! لا تؤخّر التوبة فإنّ الموت يأتي بغتة ، يا بني ! اجعل غناك في قلبك ، وإذا افتقرت فلا تحدّث الناس بفقرك فتهون عليهم ، ولكن اسأل الله من فضله .

يا بني ! كذب مَن يقول : الشرّ يقطع بالشرّ ، ألا ترى إنّ النار لا تطفئ بالنار ولكن بالماء ، وكذلك الشرّ لا يطفئ إلاّ بالخير ، يا بني ! لا تشمت بالمصائب ، ولا تعيّر المبتلي ، ولا تمنع المعروف فإنّه ذخيرة لك في الدنيا والآخرة .

يا بني ! ثلاثة تجب مداراتهم : المريض والسلطان والمرأة ، وكن قنعاً تعش غنيّاً ، وكن متّقياً تكن عزيزاً ، يا بني ! إنّك من حين سقطت من بطن أُمّك استدبرت

١٤٧

الدنيا واستقبلت الآخرة ، وأنت كل يوم إلى ما استقبلت أقرب منك ممّا استدبرت ، فتزوّد لدار أنت مستقبلها ، وعليك بالتقوى فإنّه أربح التجارات ، وإذا أحدثت ذنباً فأتبعه بالاستغفار والندم والعزم على ترك العود لمثله .

واجعل الموت نصب عينيك ، والوقوف بين يدي خالقك ، وتمثّل شهادة جوارحك عليك بعملك ، والملائكة الموكّلين بك تستحي(١) منهم ومن ربّك الذي هو مشاهدك ، وعليك بالموعظة فاعمل بها ، فإنّها عند العاقل أحلى من العسل الشهد ، وهي في السفيه أشقّ من صعود الدرجة على الشيخ الكبير ، ولا تسمع الملاهي فإنّها تنسك الآخرة ، ولكن احضر الجنائز ، و زُر المقابر ، وتذكّر الموت وما بعده من الأهوال فتأخذ حذرك .

يا بني استعذ بالله من شرار النساء ، وكن من خيارهنّ على حذر ، يا بني لا تفرح بظلم أحد بل احزن على ظلم من ظلمته ، يا بني الظلم ظلمات ويوم القيامة حسرات ، وإذا دعتك القدرة إلى ظلم من هو دونك فاذكر قدرة الله عليك .

يا بني تعلّم من العلماء ما جهلت ، وعلّم الناس ممّا علمت تذكر بذلك في الملكوت ، يا بني أغنى الناس مَن قنع بما في يديه ، وأفقرهم مَن مد عينيه إلى ما في أيدي الناس ، وعليك يا بني باليأس ممّا في أيدي الناس ، والوثوق بوعد الله ، واسع فيما فرض عليك ، ودع السعي فيما ضمن لك ، وتوكّل على الله في كل أُمورك يكفيك ، وإذا صلّيت فصلّ صلاة مودّع تظنّ أن لا تبقى بعدها أبداً .

وإيّاك وما يُعتذر منه فإنّه لا يُعتذر من خير ، وأحبب للناس ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكرهه لنفسك ، ولا تقل ما لا تعلم ، واجهد أن يكون اليوم خيراً لك من أمس ، وغداً خيراً لك من اليوم ، فإنّه مَن استوى يوماه فهو مغبون ، ومَن كان يومه شرّاً من أمسه فهو ملعون ، وارض بما قسّم الله لك فإنّه سبحانه يقول : أعظم عبادي

____________

(١) في ( ب ) : لم لا تستحي منهم .

١٤٨

ذنباً مَن لم يرض بقضائي ، ولم يشكر نعمائي ، ولم يصبر على بلائي .

وأوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذ بن جبل ، فقال له : أوصيك باتقاء الله ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وخفض الجناح ، والوفاء بالعهد ، وترك الخيانة ، وحسن الجوار ، وصلة الأرحام ، ورحمة اليتيم ، ولين الكلام ، وبذل السلام وحسن العمل ، وقصر الأمل ، وتوكيد الإيمان ، والتفقّه في الدين ، وتدبّر القرآن ، وذكر الآخرة ، والجزع من الحساب ، وكثرة ذكر الموت ، ولا تسب مسلماً ، ولا تطع آثماً ، ولا تقطع رحماً ، ولا ترض بقبيح تكن كفاعله ، واذكر الله عند كل شجر ومدر وبالأسحار وعلى كل حال يذكرك ، فإنّ الله تعالى ذاكر مَن ذكره ، وشاكر مَن شكره ، وجدّد لكل ذنب توبة ، السرّ بالسرّ والعلانية بالعلانية .

واعلم أنّ أصدق الحديث كتاب الله(١) ، وأوثق العرى التقوى ، وأشرف الذكر ذكر الله تعالى ، وأحسن القصص القرآن ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وأحسن الهدى هدى الأنبياء ، وأشرف الموت الشهادة ، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى ، وخير العلم ما نفع ، وشرّ العمى عمى القلب ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى .

وشرّ المعذرة عند الموت ، وشرّ الندامة يوم القيامة ، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله تعالى في السر والعلانية ، وخير ما أُلقي في القلب اليقين ، وأنّ جماع الإثم الكذب والارتياب ، والنساء حبائل الشيطان ، والشباب شعبة من الجنون ، وشرّ الكسب كسب الربا ، وشرّ المأثم أكل مال اليتيم .

السعيد مَن وُعظ بغيره ، وليس لجسم نبت على الحرام إلاّ النار ، ومَن تغذّى بالحرام فالنار أولى به ، ولا يستجاب له دعاء ، والصلاة نور ، والصدقة حرز ،

____________

(١) في ( ب ) : كلام الله .

١٤٩

والصوم جُنّة حصينة ، والسكينة مغنم وتركها مغرم ، وعلى العاقل أن يكون له ساعة يناجي فيها ربّه ، وساعة يتفكّر فيها في صنع الله ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتخلّى فيها لحاجته من حلال .

وعلى العاقل أن لا يكون ضاعناً(١) إلاّ في ثلاث(٢) : تزوّد لمعاد ، ومرمّة لمعاش ، لذّة في غير محرّم ، وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه .

وفي توراة موسىعليه‌السلام : عجبت لمَن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمَن أيقن بالحساب كيف يذنب ، ولمَن أيقن بالقدر كيف يحزن ، ولمَن أيقن بالنار كيف يضحك ، ولمَن رأى تقلّب الدنيا بأهلها كيف يطمئنّ إليها ، ولمَن أيقن بالجزاء كيف لا يعمل ، لا عقل كالدين ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق .

وقال أبو ذر : أوصاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ بسبع خصال ](٣) : حب المساكين والدنو منهم ، وهجران الأغنياء ، وأن أصل رحمي ، وأن لا أتكلّم بغير الحق ، ولا أخاف في الله لومة لائم ، وأن أنظر إلى مَن هو دوني ولا أنظر إلى مَن هو فوقي ، وأن أكثر من قول : ( سبحان الله والحمد الله ولا اله إلاّ الله والله اكبر ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ) فهنّ الباقيات الصالحات .

وقال بعضهم : مَن سلك الجدد أمن العثار ، والصبر مطيّة السلامة ، والجزع مطيّة الندامة ، ومرارة الحلم أعذب من مرارة(٤) الانتقام ، وثمرة الحقد الندامة ، ومَن صبر على ما يكره أدرك ما يحب ، والصبر على المصيبة مصيبة للشامت بها ، والجزع عليها مصيبة ثانية لفوات الثواب وهي أعظم المصائب .

____________

(١) ضعن : سار (القاموس) .

(٢) في ( ج ) : أن يكون ساعياً في ثلاث .

(٣) أثبتناه من ( ب ) و ( ج ) .

(٤) في ( ج ) : حلاوة .

١٥٠

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :خير الرزق ما يكفي ، وخير الذكر ما يخفى ، وإنّي أوصيكم بتقوى الله ، وبحسن النظر لأنفسكم ، وقلّة الغفلة عن معادكم ، وابتياع ما يبقى بما يفنى .

واعلموا أنّها أيّام معدودة ، وأرزاق مقسومة ، وآجال معلومة ، والآخرة أبد لا أمد له ، وأجل لا منتهى له ، ونعيم لا زوال له ، فاعرفوا ما تريدون وما يُراد بكم ، واتركوا من الدنيا ما يشغلكم عن الآخرة ، واحذروا حسرة المفرطين ، وندامة المغترّين ، واستدركوا فيما بقي ما فات ، وتأهّبوا للرحيل من دار البوار إلى دار القرار ، واحذروا الموت أن يفجأكم على غرّة ويعجلكم عن التأهّب والاستعداد ، إنّ الله تعالى قال : ( فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ) (١) .

فربّ ذي عقل شغله هواه عمّا خُلق له حتّى صار كمن لا عقل له ، ولا تعذروا أنفسكم في خطائها ، ولا تجادلوا بالباطل فيما يوافق هواكم ، واجعلوا همّكم نصر الحق من جهتكم أو من جهة مَن يجادلكم ، فإنّ الله تعالى يقول :( يا أيّها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ) (٢) . فلا تكونوا أنصاراً لهواكم والشيطان .

واعلموا أنّه ما هدم الدين مثل إمام ضلالة وضلّ وأضلّ ، وجدالِ منافق بالباطل ، والدنيا قطعت رقاب طالبيها والراغبين إليها ، واعلموا أنّ القبر روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النار ، فمهّدوه بالعمل الصالح ، فمثل أحدكم يعمل الخير كمثل الرجل ينفذ كلامه يمهّد له ، قال الله تعالى : ( فلأنفسهم يمهدون ) (٣) .

وإذا رأيتم الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على المعصية ، فاعلموا أنّ ذلك استدراج له ، قال الله تعالى : ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) (٤) .

____________

(١) يس : ٥٠ .

(٢) الصف : ١٤ .

(٣) الروم : ٤٤ .

(٤) الأعراف : ١٨٢ .

١٥١

وسئل ابن عباس عن صفة الذين صدقوا الله المخافة ، فقال : هم قوم قلوبهم من الخوف قرحة ، وأعينهم باكية ، ودموعهم على خدودهم جارية ، يقولون : كيف نفرح والموت من ورائنا ، والقبر موردنا ، والقيامة موعدنا ، وعلى الله عرضنا ، وشهودنا جوارحنا ، والصراط على جهنّم طريقنا ، وعلى الله حسابنا .

فسبحان الله وتعالى ، فإنّا نعوذ به من ألسن واصفة ، وأعمال مخالفة مع قلوب عارفة ، فإنّ العمل ثمرة العلم ، والخشية والخوف ثمرة العمل ، والرجاء ثمرة اليقين ، ومَن اشتاق إلى الجنّة اجتهد في أسباب الوصول إليها ، ومَن حذر النار تباعد ممّا يدني إليها ، ومَن أحبّ لقاء الله استعدّ للقائه .

وروي أنّ الله تعالى يقول في بعض كتبه :يا ابن آدم أنا حيٌّ لا أموت ، أطعني فيما أمرتك أجعلك حيّاً لا تموت ، يا ابن آدم أنا أقول للشيء كن فيكون ، أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء كن فيكون (١) .

ولذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز :( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلاً من غفور رحيم ) (٢) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ثلاث مهلكات وثلاث منجيات ، فأمّا المهلكات : فشحٌّ مطاع ، وهوىً متّبع ، وإعجاب المرء بنفسه ، وأمّا المنجيات : فخشية الله في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، والعدل في الرضا والغضب (٣) .

وقال الحسنعليه‌السلام :لقد أصحبت (٤) أقواماً كأنّهم كانوا ينظرون إلى الجنّة ونعيمها ، والنار وجحيمها ، يحسبهم الجاهل مرضى وما بهم من مرض ، أو قد خولطوا وإنّما خالطهم أمر عظيم ، خوف الله ومهابته في قلوبهم .

____________

(١) عنه مستدرك الوسائل ١١ : ٢٥٨ ح١٢٩٢٨ .

(٢) فصلت : ٣١ـ٣٢ .

(٣) الخصال : ٨٤ ح١١ باب٣ ، عنه البحار ٧٠ : ٦ ح٢ .

(٤) في ( ألف ) و ( ج ) : أصبحت .

١٥٢

كانوا يقولون ليس لنا في الدنيا من حاجة ، ليس لها خُلقنا ولا بالسعي لها أُمرنا ، أنفقوا أموالهم ، وبذلوا دماءهم ، اشتروا بذلك رضى خالقهم ، علموا أنّ الله اشترى منهم أموالهم وأنفسهم بالجنّة فباعوه ، ربحت تجارتهم ، وعظمت سعادتهم ، أفلحوا وأنجحوا ، فاقتفوا آثارهم رحمكم الله ، واقتدوا بهم فإنّ الله تعالى وصف لنبيّه صفة آبائه إبراهيم وإسماعيل وذرّيتهما ، وقال : ( فبهداهم اقتده ) (١) .

واعلموا عباد الله أنّكم مأخوذون بالإقتداء بهم والإتباع لهم ، فجدّوا واجتهدوا واحذروا أن تكونوا أعواناً للظالم ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مَن مشى (٢) مع ظالم ليعينه على ظلمه فقد خرج من ربقة الإسلام ، ومَن حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد حادّ الله ورسوله ، ومَن أعان ظالماً ليبطل حقّاً لمسلم فقد برئ من ذمّة الإسلام ومن ذمّة الله ومن ذمّة رسوله .

ومَن دعا لظالم بالبقاء فقد أحبّ أن يعصى الله ، ومَن ظُلم بحضرته مؤمن أو اغتيب وكان قادراً على نصره ولم ينصره فقد باء بغضب من الله ورسوله ، ومَن نصره فقد استوجب الجنّة من الله تعالى .

وإنّ الله أوحى إلى داودعليه‌السلام :قل لفلان الجبّار : إنّي لم أبعثك لتجمع الدنيا على الدنيا ، ولكن لترد عنّي دعوة المظلوم وتنصره ، فإنّي آليت على نفسي أن أنصره وأنتصر له ممّن ظُلم بحضرته ولم ينصره (٣) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :مَن آذى مؤمناً ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه : آيساً من رحمة الله ، وكان كمَن هدم الكعبة والبيت المقدس ، وقتل عشرة آلاف من الملائكة .

____________

(١) الأنعام : ٩٠ .

(٢) في ( ج ) : مضى .

(٣) عنه البحار ١٤ : ٤٠ ح٢٤ .

١٥٣

وقال رفاعة بن أعين : قال لي الصادقعليه‌السلام :ألا أخبرك بأشد الناس عذاباً يوم القيامة ؟ قلت : بلى يا مولاي ، قال : أشد الناس عذاباً يوم القيامة مَن أعان على مؤمن بشطر كلمة ، ثم قال : ألا أخبرك بأشد من ذلك ؟ فقلت : بلى يا سيّدي ، فقال : مَن أعاب على شيء من قوله أو فعله .

ثم قال :اُدن منّي أزدك أحرفاً أُخر ، ما آمن بالله ولا برسوله ولا بولايتنا أهل البيت من أتاه المؤمن في حاجة لم يضحك في وجهه ، فإن كان عنده قضاها له ، وإن لم تكن عنده تكلّفها له حتّى يقضيها له ، فإن لم يكن كذلك فلا ولاية بيننا وبينه ولو علم الناس ما للمؤمن عند الله لخضعت له الرقاب ، وإنّ الله تعالى اشتق للمؤمن اسماً من أسمائه ، فالله تعالى هو المؤمن سبحانه وسمّى عبده مؤمناً تشريفاً له وتكريماً ، وأنّه يوم القيامة يؤمن على الله تعالى فيجيز إيمانه (١) .

وقال الله تعالى :ليأذن بحرب منّي مَن آذى مؤمناً وأخافه .

وكان عيسىعليه‌السلام يقول :يا معشر الحواريين تحبّبوا إلى الله ببغض أهل المعاصي ، وتقرّبوا إلى الله بالبعد عنهم ، والتمسوا رضاه في غضبهم ، وإذا جلستم فجالسوا مَن يزيد في عملكم منطقه ، ويذكركم الله رؤيته ، ويرغبكم في الآخرة عمله (٢) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأبي ذر :ألزم قلبك الفكر ، ولسانك الذكر ، وجسدك العبادة ، وعينيك البكاء من خشية الله ، ولا تهتم برزق غد ، والزم المساجد فإنّ عمّارها هم أهل الله ، وخاصّته قرّاء كتابه والعاملون به .

وقالعليه‌السلام :المروءة ست ، ثلاث في السفر وثلاث في الحضر : فالذي في الحضر تلاوة القرآن ، وعمارة المساجد ، واتخاذ الإخوان في الله ، وأمّا الذي في

____________

(١) البحار ٧٥ : ١٧٦ ح١٢ باختلاف .

(٢) مجموعة ورام ٢ : ٢٣٥ ، عنه البحار ١٤ : ٢٣٠ ح٦٥ باختصار .

١٥٤

السفر : بذل الزاد ، وحسن الخلق ، والمعاشرة بالمعروف (١) .

وكان الحسنعليه‌السلام يقول :يا ابن آدم مَن مثلك وقد خلّى ربّك بينه وبينك ، متى شئت أن تدخل عليه توضّأت وقمت بين يديه ، ولم يجعل بينك وبينه حجّاباً ولا بوّاباً ، تشكو إليه همومك وفاقتك ، وتطلب منه حوائجك ، وتستعينه على أمورك ، وكان يقول :أهل المسجد زوّار الله ، وحق على المزور التحفة لزائره .

وروي : إنّ المتنخّم في المسجد يجد بها خزياً في وجهه يوم القيامة .

وكان الناس في المساجد ثلاثة أصناف : صنف في الصلاة ، وصنف في تلاوة القرآن ، وصنف في تعليم العلوم ، فأصبحوا صنف في البيع والشراء ، وصنف في غيبة الناس ، وصنف في الخصومات وأقوال الباطل .

وقالعليه‌السلام :ليعلم الذي يتنخّم في القبلة أنّه يُبعث وهي في وجهه .

وقال : يقول الله تعالى :المصلّي يناجيني ، والمنفق يقرضني [ في الغنى ] (٢) ، والصائم يتقرّب إليّ .

وقال :إنّ الرجلين يكونان في صلاة واحدة وبينهما مثل ما بين السماء والأرض من فضل الثواب .

____________

(١) الخصال : ٣٢٤ ح١١ باب ٦ ، عنه البحار ٧٦ : ٣١١ ح٢ .

(٢) أثبتناه من ( ج ) .

١٥٥

الباب العشرون : في قراءة القرآن المجيد

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إن هذه القلوب لتصدئ كما يصدئ الحديد ، وأنّ جلاءها قراءة القرآن (١) .

وقال ابن عباس : قارئ القرآن التابع له لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة .

وقال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس غافلون ، وببكائه إذا الناس ضاحكون ، وبورعه إذا الناس يطمعون ، وبخشوعه إذا الناس يمزحون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وبصمته إذا الناس يخوضون .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :القرآن على خمسة أوجه ، حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال ، فاعملوا بالحلال ، واجتنبوا الحرام ، واتبعوا المحكم ، وآمنوا بالمتشابه ، واعتبروا بالأمثال ، وما آمن بالقرآن مَن استحلّ محارمه ، وشرّ الناس

____________

(١) كنز العمّال ١ : ٥٤٥ ح٢٤٤١ .

١٥٦

مَن يقرأ القرآن ولا يرعوي عن شيء به .

وقال جعفر بن محمدعليهما‌السلام في قوله تعالى :( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته ) (١) قال : يرتلون آياته ، ويتفقّهون فيه ، ويعملون بأحكامه ، ويرجون وعده ، ويخافون وعيده ، ويعتبرون بقصصه ، ويأتمرون بأوامره ، ويتناهون عن نواهيه .

ما هو والله حفظ آياته ، ودرس حروفه ، وتلاوة سوره ، ودرس أعشاره وأخماسه ، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده ، وانّما هو تدبّر آياته ، والعمل بأحكامه ، قال الله تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ) (٢) .

واعلموا رحمكم الله أنّ سبيل الله سبيل واحدة وجماعها الهدى ، ومصير العامل بها الجنّة والمخالف لها النار ، وإنّما الإيمان ليس بالتمنّي ولكن ما ثبت بالقلب ، وعملت به الجوارح ، وصدّقته الأعمال الصالحة ، واليوم فقد ظهر الجفاء ، وقلّ الوفاء ، وتركت السنّة ، وظهرت البدعة ، وتواخا الناس على الفجور ، وذهب منهم الحياء ، وزالت المعرفة ، وبقيت الجهالة ، ما ترى إلاّ مترفاً صاحب دنيا ، لها يرضى ولها يغضب وعليها يقاتل ، ذهب الصالحون وبقيت تفالة كتفالة الشعير وحثالة التمر .

وقال الحسنعليه‌السلام :ما بقي في الدنيا بقيّة غير هذا القرآن ، فاتخذوه إماماً يدلّكم على هداكم ، وإنّ أحق الناس بالقرآن مَن عمل به وإن لم يحفظه ، وأبعدهم منه مَن لم يعمل به وإن كان يقرأه .

وقال :مَن قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ .

وقال :إنّ هذا القرآن يجيء يوم القيامة قائداً وسائقاً ، يقود قوماً إلى الجنّة ، أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه وآمنوا بمتشابهه ، ويسوق قوماً إلى النار ، ضيّعوا

____________

(١) البقرة : ١٢١ .

(٢) ص : ٢٩ .

١٥٧

حدوده وأحكامه واستحلّوا محارمه .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :رتلوا القرآن ولا تنثروه نثراً ، ولا تهذوه هذّ الشعر (١) ، قفوا عند عجائبه وحرّكوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .

وخطبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :لا خير في العيش إلاّ لعالم ناطق أو مستمع واع ، أيّها الناس إنّكم في زمن هدنة وإنّ السير بكم سريع ، وقد رأيتم الليل والنهار كيف يبليان كل جديد ، ويقرّبان كل بعيد ، ويأتيان بكل موعود .

فقال له المقداد : يا نبي الله وما الهدنة ؟ فقال :دار بلاء وانقطاع ، فإذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن ، فإنّه شافع مشفّع وشاهد مصدّق ، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومَن جعله خلفه قاده (٢) إلى النار ، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ، ظاهره حكم وباطنه علم ، لا تحصى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ، هو حبل الله المتين وصراطه المستقيم ، مَن قال به صدق ، ومَن حكم به عدل ، ومَن عمل به فاز ، فإنّ المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيّب وريحها طيّب ، وإنّ الكافر كالحنظلة طعمها مرّ ورائحتها كريهة (٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ألا أدلّكم على أكسل الناس وأبخل الناس وأسرق الناس وأجفى الناس وأعجز الناس ؟ فقالوا : بلى يا رسول الله .

فقال :أكسل الناس عبد صحيح فارغ لا يذكر الله بشفة ولا لسان ، وأبخل الناس رجل اجتاز على مسلم فلم يسلّم عليه ، وأمّا أسرق الناس فرجل يسرق من صلاته ، تلفّ كما يلفّ الثوب الخلق فيضرب به وجهه (٤) ، وأجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ ، وأعجز الناس مَن عجز عن الدعاء (٥) .

____________

(١) تهدروه هدر الشعر ، (خل) .

(٢) في ( ج ) : ساقه .

(٣) أورده المصنف في أعلام الدين : ٣٣٣ ، عنه البحار ٧٧ : ١٧٧ .

(٤) في ( ب ) : وجه صاحبها .

(٥) راجع البحار ٨٤ : ٢٥٧ ح٥٥ ، عن عدة الداعي .

١٥٨

الباب الحادي والعشرون: يتضمّن خطبة بليغة على سورة

قال : أيّها الناس تدبّروا القرآن المجيد ، فقد دلّكم على الأمر الرشيد ، وسلّموا لله أمره فإنّه فعّال لما يُريد ، واحذروا يوم الوعيد ، واعملوا بطاعته فهذا شأن العبيد ، واحذروا غضبه فكم قصم من جبّار عنيد ،( ق والقرآن المجيد ) (١) .

أين مَن بنى وشاد وطول ، وتأمّر على الناس وساد في الأوّل ، وظنّ جهالة منه وجرأة أنّه لا يتحوّل ، عاد الزمان عليه سالباً ما خُوّل ، فسقوا إذ فسقوا كأساً على هلاكهم عوّل ،( أفعيينا بالخلق الأوّل بل هم في لبس من خلق جديد ) .

فيا مَن أنذره يومه وأمسه ، وحادثه بالعبر قمره وشمسه ، واستلب منه ولده وأخوه وعرسه ، وهو يسعى في الخطايا مستتر(٢) وقد دنا حبسه ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) .

أما علمت أنّك مسؤول عن الزمان ، مشهود عليك يوم تنطق عليك

____________

(١) الآيات الواردة في هذا الباب كلّها من سورة ( ق ) .

(٢) في ( ج ) : مشمّراً .

١٥٩

الأركان ، محفوظ عليك ما عملت في زمان الإمكان ،( إذ يتلقّى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد ) .

وكأنّك بالموت وقد اختطفك اختطاف البرق ، ولم تقدر على دفعه بملك الغرب والشرق ، وندمت على تفريطك بعد اتساع الخرق ، وتأسفت على ترك الأولى والأخرى أحق ،( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) .

ثم ترحّلت من القصور إلى القبور ، وبقيت وحيداً على ممرّ الدهور كالأسير المحصور ،( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ) ، فحينئذ أعاد الأجسام من صنعها ، وألّف أشتاتها بقدرته ، وجمعها وناداها بنفخة الصور فأسمعها ،( وجآءت كل نفس معها سائق وشهيد ) .

فهرب منك الأخ وتنسى أخاك ، ويعرض عنك الصديق ويرفضك ولاءك(١) ، ويتجافاك صاحبك ويجحد الآءك ، وتلقى من الأهوال كلّما أعجزك وساءك ، وتنسى أولادك وتنسى نساءك ،( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) .

وتجري دموع الأسف وابلاً ورذاذاً ، وتسقط الأكباد من الحسرات أفلاذاً ، ولهب لهيب النار إلى الكفّار فجعلهم جذاذاً ، ولا يجد العاصي من النار لنفسه ملجأً ولا معاذاً ،( وقال قرينه هذا ما لديّ عتيد ) .

يوم تقوم الزبانية إلى الكفّار ، ويبادر مَن يسوقهم سوقاً عنيفاً والدموع تتحادر ، وتثب النار [ إلى الكفار ](٢) كوثوب الليث إذا استاخر(٣) ، فيذلّ زفيرها كل مَن عزّ وفاخر ،( الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد ) .

____________

(١) في ( ج ) : يرفض ولاءك .

(٢) أثبتناه من ( ج ) .

(٣) في ( ج ) : شاخر .

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

..

____________________

=> سنن البيهقي ج ١ / ٤٢٥، دلائل الصدق ج ٣ / ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، جواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩٢، المحلى لابن حزم ج ٣ / ١٦٠، دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٥، البحار ج ٨٤ / ١٧٩، السيرة الحلبية ج ٢ / ١٠٥ ط ١٣٨٢ ه‍ باب الأذان، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٩٦.

٣ - سهل بن حنيف: سنن البيهقي ج ١ / ٤٢٥، دلائل الصدق ج ٣ / ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، المحلى لابن حزم ج ٣ / ١٦٠، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٩١.

٤ - بلال مؤذن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٣ / ٢٧٦، دلائل الصدق ج ٣ / ٩٩، كنز العمال ج ٤ / ٢٦٦، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٩١.

٥ - الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : جواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩١، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ٥ / ٢٨٤.

٦ - أبى محذورة أحد مؤذني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البحر الزخار ج ٢ / ١٩١ و ١٩٢، وجواهر الأخبار والآثار هامش نفس الصفحة، ميزان الاعتدال ج ١ / ١٣٩، لسان الميزان ج ١ / ٢٦٨.

٧ - زيد بن أرقم: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ٥ / ٢٨٣.

٨ - الإمام الباقرعليه‌السلام : البحر الزخار وجواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩٢، دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٥، البحار ج ٨٤ / ١٥٦.

٩ - الإمام الصادقعليه‌السلام : دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٢، البحار ج ٨٤ / ١٥٦. ولأجل المزيد من الاطلاع على هذا الموضوع: راجع: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ١ / ٢٣٣ - ٢٤١، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٨٨ وما بعدها. (*)

٢٦١

قلت: وهذا متواتر عن أئمة أهل البيت، فراجع حديثهم وفقههم لتكون على بصيرة من رأيهم وروايتهمعليهم‌السلام (٣٣٤) .

[ فصل ]

فصول الأذان عندنا ثمانية عشر، الله أكبر أربعا، أشهد أن لا اله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل، الله أكبر. لا اله إلا الله. كل منها مرتان. وفصول الإقامة سبعة عشر، هي فصول الأذان غير أنها مثنى مثنى إلا " لا اله إلا الله " فمرة واحدة، ويزاد فيها " بعد الحيعلات الثلاث قبل التكبير " قد قامت الصلاة، مرتين(٣٣٥) .

ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد بعد ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما يستحب إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية لله تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة. وقد أخطأ وشذ من حرم ذلك، وقال بأنه بدعة فان كل مؤذن في الإسلام

____________________

(٣٣٤) راجع: وسائل الشيعة للحر العاملي ك الصلاة باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ح ٥ و ٦ و ٨ و ٩ و ١٢، جامع أحاديث الشيعة ج ٤ / ٦٦٥ و ٦٧٣ و ٦٧٤ و ٦٧٦ ٦٧٩ و ٦٨٠ و ٦٨٣ و ٦٨٤ و ٦٨٥، بحار الأنوار ج ٨٤ / ١٣٦ و ١٤٠ و ١٤١ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥٤ و ١٥٦ و ١٧١. وراجع أيضا الكافي للكليني، التهذيب والاستبصار للطوسي، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج ١ / ٢٩٠ ح ٨٩٧. وراجع من كتب الفقه: جواهر الكلام ج ٩ / ٨١ - ٩٢، الحدائق ج ٧ / ٣٩٨، تذكرة الفقهاء ج ١ / ١٠٤ ط قديم.

(٣٣٥) راجع المصادر المتقدمة تحت رقم (٣٣٤) (*).

٢٦٢

يقدم كلمة للأذان يوصلها به كقوله:( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ) (الآية)،(٣٣٦) أو نحوها ويلحق به كلمة يوصله بها كقوله: (الصلاة والسلام عليك يا رسول الله) أو نحوها. وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الأذان، وليس ببدعة ولا هو محرم قطعا لان المؤذنين كلهم لا يرونه من فصول الأذان، وإنما يأتون به عملا بأدلة عامة تشمله وكذلك الشهادة لعلي بعد الشهادتين في الأذان فإنما هي عمل بأدلة عامة تشملها.

على ان الكلام القليل من سائر كلام الآدميين لا يبطل به الأذان ولا الإقامة ولا هو حرام في أثنائها، فمن أين جاءت البدعة والحرام ؟ وما الغاية بشق عصا المسلمين في هذه الأيام ؟.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٤٤: -

[ المورد - (٢٥) -: الطلاق وما أحدثوا فيه بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ]

وذلك أن الطلاق الثلاث الذي لا تحل المطلقة بعده لمطلقها الا بالمحلل الشرعي المعروف، انما هو الطلاق الثالث، المسبوق برجعتين مسبوقتين بطلاقين، وذلك بأن يطلقها أولا ثم يرجعها، ثم يطلقها ثانيا ثم يرجعها، ثم يطلقها ثالثا وحينئذ لا تحل له حتى يأتي بالمحلل المعلوم.

هذا هو الطلاق الثالث الذي لا تحل المطلقة بعد لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره، وبه جاء التنزيل:( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) إلى أن قال عز من قائل:( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (الآية)(٣٣٧)

____________________

(٣٣٦) سورة الإسراء: ١١١. راجع: البحار ج ٨٤ / ١١١، الحدائق ج ٧ / ٤٠٣.

(٣٣٧) سورة البقرة: ٢٢٩ و ٢٣٠ (*).

٢٦٣

واليك ما قاله أئمة العربية في تفسيرها، واللفظ للزمخشري في كشافه جعله كشرح مزجي، قال: (الطَّلاَقُ) بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم (مَرَّتَانِ) أي التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والإرسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ولكن أراد التكرير كقوله:( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) أي كرة بعد كرة.

إلى أن قال: وقوله تعالى( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) تخيير لهم - بعد ان علمهم كيف يطلقون - بين أن يمسكوا النساء بحسن المعاشرة والقيام بواجبهن، وبين أن يسرحوهن السراح الجميل الذي لهن عليهم.

قال: وقيل معناه الطلاق الرجعي مرتان - مرة بعد مرة - لأنه لا رجعة بعد الثلاث. إلى أن قال:( فَإِن طَلَّقَهَا ) الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار في قوله تعالى:( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) واستوفى نصابه أو فان طلقها مرة ثالثة بعد المرتين( فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ ) أي بعد ذلك التطليق( حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) . الخ(٣٣٨) .

قلت: هذا هو معنى الآية وهو المتبادر منها إلى الأذهان وبه فسرها المفسرون كافة، ولا يمكن أن يكون قوله تعالى:( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ ) متناولا لقول القائل لزوجته (أنت طالق ثلاثا) الا أن يكون قبل ذلك قد تكرر منه طلاقها مرتين بعد كل مرة منهما رجعة كما لا يخفى.

لكن عمر رأى أيام خلافته تهافت الرجال على طلاق أزواجهم ثلاثا بإنشاء واحد فألزمهم بما ألزموا به أنفسهم عقوبة أو تأديبا، والسنن صريحة في نسبة ذلك إليه(٣٣٩) .

____________________

(٣٣٨) الكشاف للزمخشري ج، أحكام القرآن للجصاص ج ١ / ٤٤٧، الغدير ج ٦ / ١٨١.

(٣٣٩) الغدير للأميني ج ٦ / ١٧٨ - ١٧٩، صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق =>

٢٦٤

وحسبك منها ما عن طاووس من ان أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هنانك ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر واحدة ؟ فقال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم انتهى بلفظ مسلم في صحيحه(٣٤٠) .

وعن ابن عباس من عدة طرق كلها صحيحة، قال: كان الطلاق على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: أن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. انتهى بلفظ مسلم في صحيحه(٣٤١) .

وأخرجه الحاكم في مستدركه مصرحا بصحته على شرط الشيخين، وأورده الذهبي، في تلخيص المستدرك معترفا بصحته على شرطهما أيضا(٣) .

____________________

=> الثلاث، سنن أبى داود ج ١ / ٣٤٤، أحكام القرآن للجصاص، سنن النسائي، سنن البيهقي، الدر المنثور ج ١ / ٢٧٩، تيسير الوصول، عمدة القاري للعيني ج ٢٠ / ٢٣٣، كنز العمال.

(٣٤٠) في باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق ص ٥٧٥ من الجزء الأول من صحيحه وأخرجه البيهقي ص ٣٣٦ من الجزء السابع من سننه. وأبو داود في كتاب الطلاق من السنن فراجع منه الحديث الأخير من باب نسخ المراجعة بعد الثلاث تطليقات (منه قدس). صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث ج ٤ / ١٨٤ ط العامرة، سنن أبى داود ج ١ / ٥٧٤، الغدير ج ٦ / ١٧٩.

(٣٤١) في باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق من جزئه الأول (منه قدس). صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث ج ٤ / ١٨٤ ط العامرة، ارشاد الساري ج ٨ / ١٢٧، الدر المنثور ج ١ / ٢٧٩، الغدير ج ٦ / ١٧٨، مسند أحمد ج ١ / ٣١٤، سنن البيهقي ج ٧ / ٣٣٦، تفسير القرطبي ج ٣ / ١٣٠.

(٣) راجع من كل من المستدرك وتلخيصه كتاب الطلاق ص ١٩٦ من الجزء الثاني فان هذين الكتابين مطبوعان معا وصحائفهما متحدة (منه قدس) (*).

٢٦٥

وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في مسنده(١) .

ورواه غير واحد من أصحاب السنن واثبات السنن(٢) .

ونقله العلامة الشيخ رشيد رضا في ص ٢١٠ من المجلد الرابع من مجلته " المنار " عن كل من أبي داود والنسائي والحاكم والبيهقي ثم قال - ما هذا لفظه -: ومن قضاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بخلافه ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس(٣) قال: طلق ركانة زوجته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف طلقتها ؟. قال ثلاثا. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : في مجلس واحد ؟. قال نعم. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فانما تلك واحدة فأرجعها ان شئت. آه(٣٤٢) .

وأخرج النسائي من رواية مخرمة بن بكير عن أبيه عن محمود بن لبيد ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم !. حتى قام رجل، فقال يا رسول الله ألا نقتله ؟(٣٤٣) إلى آخر ما جاء من السنن الصحيحة صريحا

____________________

(١) راجع من المسند ص ٣١٤ من جزئه الأول (منه قدس).

(٢) كالبيهقي ص ٣٣٦ من الجزء السابع من سننه، والقرطبي في الجزء الثالث ص ١٣٠ من تفسيره جازما بصحته وغير هؤلاء من أمثالهم (منه قدس).

(٣) ذكره ابن إسحاق في ص ١٩١ من الجزء الثاني من سيرته (منه قدس).

(٣٤٢) بداية المجتهد ج ٢ / ٦١، الغدير ج ٦ / ١٨٢.

(٣٤٣) وقد نقله قاسم بك أمين المصري ص ١٧٢ من كتابه - تحرير المرأة - عن النسائي والقرطبي والزيلعى لكن بالإسناد إلى ابن عباس، وربما دل هذا الحديث على فساد الطلاق الثلاث بالمرة لكونه لعبا، وبذلك قال سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين، لكن الصواب أن اللعب انما هو في قول ثلاثا فيلغى، وأما قوله أنت طالق يؤثر أثره لأنه جد لا لعب فيه (منه قدس). سنن النسائي ج ٦ / ١٤٢، تيسير الوصول ج ٣ / ١٦٠، تفسير ابن كثير ج ١ / ٣٧٧، ارشاد الساري ج ٨ / ١٢٨، الدر المنثور ج ١ / ٢٨٣، الغدير ج ٦ / ١٨١ (*).

٢٦٦

في ذلك ولذا ترى علماء الإسلام وإثباتهم يرسلونه إرسال المسلمات.

وحسبك منهم الأستاذ الكبير خالد محمد خالد المصري المعاصر وقد قال في كتابه " الديمقراطية ": ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسنة عندما دعته المصلحة لذلك، فبينا يقسم القرآن للمؤلفة قلوبهم حظا من الزكاة ويؤديه الرسول وأبو بكر، يأتي عمر فيقول: لا نعطي على الإسلام شيئا، وبينا يجيز الرسول وأبو بكر بيع أمهات الأولاد يأتي عمر فيحرم بيعهن، وبينا الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحدا بحكم السنة والإجماع جاء عمر فترك السنة وحطم الإجماع. هذا كلامه بعين لفظه فراجعه في ص ١٥٠ من " ديمقراطيته ".

وقال الأستاذ الدكتور الدواليبي - حيث ذكر عمر وايقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة في كتابه أصول الفقه(١) ما هذا لفظه -: " ومما أحدثه عمررضي‌الله‌عنه تأييدا لقاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان، هو إيقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، مع أن المطلق في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وزمن خليفته أبي بكر وصدرا من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة كما ثبت ذلك في الخبر الصحيح عن ابن عباس، وقد قال عمر بن الخطاب: ان الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.

قال: وقال ابن القيم الجوزية في ذلك: ولكن أمير المؤمنين عمررضي‌الله‌عنه رأى أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم ايقاعه جملة واحدة فرأى من المصلحة عقوبتهم بامضائه عليهم فإذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق فرأى عمر أن هذه مصلحة لهم في زمانه.

ورأى ان ما كان عليه في عهد النبي وعهد الصديق وصدرا من خلافته كان الأليق بهم لأنهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا

____________________

(١) فراجع منه آخر ص ٢٤٦ والتي بعدها (منه قدس) (*).

٢٦٧

يتقون الله في الطلاق. إلى أن قال: فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان(١)

(قال): وعلم الصحابة حسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك فوافقوه على ما ألزم به(٢) وصرحوا لمن استفتاهم بذلك(٣)

(قال): غير ان ابن القيم نفسه جاء فأبدى ملاحظته بالنسبة لزمنه، رغبة في الرجوع بالحكم إلى ما كان عليه في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لان الزمن قد تغير أيضا، وأصبح إيقاع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة مدعاة لفتح باب التحليل الذي كان مسدودا على عهد الصحابة(٤) وقال: بأن العقوبة إذا تضمنت مفسدة أكثر من الفعل المعاقب عليه كان تركها أحب إلى الله ورسوله(٥) .

(قال): وقال ابن تيمية: ولو رأى عمررضي‌الله‌عنه عبث المسلمين في تحليل المبانة لمطلقها ثلاثا لعاد إلى ما كان عليه الأمر في عهد الرسول.

(قال): وان ما أبداه ابن تيمية من الملاحظات القيمة قد كان مدعاة لعودة المحاكم الشرعية في مصر الآن إلى ما كان عليه الحكم في عهد الرسول عملا بقاعدة تغير الأزمان(٣٤٤) .

____________________

(١) سبحانك اللهم إذا صح للمجتهدين تغيير أمثال هذه الفتوى بتغيير الزمان حتى في هذه الفترة الوجيزة الكائنة بين خلافة الخليفتين، فعلى أحكام الكتاب والسنة ونصوصهما السلام. وى. وى. ما أفظع هذا الخطر إذا بنى المجتهدون على مثل هذه القاعدة التي ما أنزل الله بها من سلطان (منه قدس).

(٢) هذا مما لا دليل عليه. بل الأدلة قائمة على خلافه (منه قدس).

(٣) قل هاتوا برهانكم (منه قدس).

(٤) لم يكن في الزمن تغير ولا تغير الزمن يوجب تغير الحكم الشرعي المنصوص عليه في الكتاب أو السنة وانما عمل ابن القيم به علما منه انه حكم الله تعالى (منه قدس)

(٥) سبحان الله ما هذا التلاعب (منه قدس).

(٣٤٤) بل عملا بنص الكتاب وصريح السنة (منه قدس)

ولأجل الاطلاع على الموضوع بصورة أوسع راجع: الغدير ج ٦ / ١٧٨ - ١٨٣.

٢٦٨

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٥٠: -

[ المورد - (٢٦) -: صلاة التراويح ]

وذلك ان صلاة التراويح ما جاء بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا كانت على عهده بل لم تكن على عهد أبي بكر ولا شرع الله الاجتماع لأداء نافلة من السنن غير صلاة الاستسقاء. وانما شرعه في الصلوات الواجبة كالفرائض الخمس اليومية، وصلاة الطواف، والعيدين والآيات وعلى الجنائز.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقيم ليالي رمضان بأداء سننها في غير جماعة، وكان يحض على قيامها، فكان الناس يقيمونها على نحو ما رأوهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقيمها.

وهكذا كان الأمر على عهد أبي بكر حتى مضى لسبيله سنة ثلاثة عشر للهجرة(١) وقام بالأمر بعده عمر بن الخطاب، فصام شهر رمضان من تلك السنة لا يغير من قيام الشهر شيئا، فلما كان شهر رمضان سنة أربع عشرة أتى المسجد ومعه بعض أصحابه، فرأى الناس يقيمون النوافل وهم ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد وقارئ ومسبح ومحرم بالتكبير ومحل بالتسليم في مظهر لم يرقه، ورأى من واجبه إصلاحه فسن لهم التراويح(٢) أوائل الليل من الشهر وجمع الناس عليها حكما مبرما، وكتب بذلك إلى البلدان ونصب للناس في المدينة

____________________

(١) وكان ذلك ليلة الأربعاء لثمان بقين من ج ٢ وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام (منه قدس).

(٢) التراويح هي النافلة جماعة في ليالي شهر رمضان، وانما سميت تراويح للاستراحة فيها بعد كل أربع ركعات.

ونحن الإمامية لا تفوتنا والحمد لله نؤديها كما كان يؤديها رسول الله كما وكيفا عملا بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلوا كما رأيتموني أصلى (منه قدس) (*).

٢٦٩

إمامين يصليان بهم التراويح إماما للرجال وإماما للنساء، وهذا كله أخبار متواترة(٣٤٥) .

وحسبك منها ما أخرجه الشيخان في صحيحهما(١) من أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قام رمضان - أي بأداء سننه - ايمانا واحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه، وانهصلى‌الله‌عليه‌وآله توفي والأمر كذلك - أي وأمر القيام في شهر رمضان لم يتغير عما كان عليه قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله - ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر آه(٣٤٦) .

وأخرج البخاري في كتاب التراويح أيضا من الصحيح عن عبد الرحمن ابن عبد القاري(٢) قال: خرجت مع عمر ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا

____________________

(٣٤٥) عمر يضع إماما لصلاة التراويح: الكامل في التاريخ ج ٣ / ٣١، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ / ٢٨١ وذكر ان ذلك كان سنة ١٤ للهجرة. وذكر النظام ان عمر هو الذي أبدع صلاة التراويح كما في: الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٧٨ ط ١٣٦٨ ه‍.

(١) فراجع من صحيح البخاري كتاب صلاة التراويح ص ٢٣٣ من جزئه الأول. وراجع من صحيح مسلم باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح من كتاب صلاة المسافرين وقصرها ص ٢٨٣ والتي بعدها من جزئه الأول (منه قدس).

(٣٤٦) في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة التراويح كانت فرادى: صحيح مسلم ك الصلاة باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح ج ٢ / ١٧٧ ط العامرة، صحيح البخاري ج ٢ / ٢٥١، الطرائف لابن طاوس ج ٢ / ٤٥٤ عن الجمع بين الصحيحين، موطأ مالك ج ١ / ١١٣.

(٢) عبد القاري بتنوين عبد وتشديد ياء القاري نسبة إلى قارة وهو ابن ديش بن ملحم ابن غالب المدنى. كان هذا عامل عمر على بيت المال وهو حليف بنى زهرة. =>

٢٧٠

الناس أوزاع متفرقون، إلى أن قال: فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب

(قال): ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعمت البدعة هذه.(٣٤٧) .

قال العلامة القسطلاني في أول الصفحة الرابعة من الجزء الخامس من ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري عند بلوغه إلى قول عمر في هذا الحديث: نعمت البدعة هذه، ما هذا لفظه: سماها بدعة لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يسن لهم، ولا كانت في زمن الصديقرضي‌الله‌عنه . ولا أول الليل، ولا هذا العدد. الخ.

وفي تحفة الباري وغيره من شرح البخاري مثله فراجع.

وقال العلامة أبو الوليد محمد بن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر في حوادث سنة ٢٣ من تاريخه - روضة المناظر -: هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز، وأول من جمع الناس من إمام يصلي بهم التراويح. الخ(٣٤٨) .

ولما ذكر السيوطي في كتابه - تاريخ الخلفاء - أوليات عمر نقلا عن العسكري(١) قال: هو أول من سمي أمير المؤمنين، وأول من سن قيام شهر

____________________

=> روى عن عمر وأبى طلحة، وأبى أيوب، وأبى هريرة. وروى عنه ابنه محمد، والزهري ويحيى بن جعدة بن هبيرة. مات سنة ثمانين. وله ثمان وسبعون سنة (منه قدس).

(٣٤٧) صحيح البخاري ك التراويح ج ٢ / ٢٥٢، موطأ مالك ج ١ / ١١٤، الطرائف لابن طاوس ص ٤٤٥ عن الجمع بين الصحيحين.

(٣٤٨) أول من جعل إماما للتراويح عمر: روضة الناظرين لابن الشحنة بهامش الكامل ط قديم، ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري.

(١) العسكري هو الحسن بن عبد الله بن سهيل بن سعيد بن يحيى يكنى أبا اللغوي له كتاب الأوائل فرغ من تأليفه يوم الأربعاء لعشر خلت من شعبان سنة ٣٩٥ (منه قدس) (*).

٢٧١

رمضان - بالتراويح - وأول من حرم المتعة، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات. الخ(٣٤٩) .

وقال محمد بن سعد - حيث ترجم عمر في الجزء الثالث من الطبقات -: وهو أول من سن قيام شهر رمضان - بالتراويح - وجمع الناس على ذلك، وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للناس بالمدينة قارئين قارئا يصلي التراويح بالرجال، وقارئا يصلي بالنساء. الخ(٣٥٠) .

وقال ابن عبد البر في ترجمة عمر من الاستيعاب: وهو الذي نور شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه(٣٥١) .

كان هؤلاء عفا الله عنهم وعنا، رأوهرضي‌الله‌عنه قد استدرك (بتراويحه) على الله ورسوله حكمة كانا عنها غافلين. بل هم بالغفلة - عن حكمة الله في شرائعه ونظمه - أحرى، وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها انفراد مؤديها - جوف الليل في بيته - بربه عز وعلا يشكو إليه بثه وحزنه، ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتى يأتي على آخرها ملحا عليه، متوسلا بسعة رحمته إليه، راجيا لاجئا، راغبا، منيبا تائبا، معترفا لائذا عائذا، لا يجد ملجأ من الله تعالى الا إليه، ولا منجى منه الا به.

____________________

(٣٤٩) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص، الكامل في التاريخ ج ٣ / ٣١.

(٣٥٠) صلاة التراويح جماعة كانت سنة ١٤ ه‍: الطبقات لابن سعد ج ٣ / ٢٨١، تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٢ ط الحسينية، الكامل لابن الأثير ج ٣ / ٣١ ط دار الكتاب العربي، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٧٥.

(٣٥١) الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة ج ٢ / ٤٦٠ ط ١ (*).

٢٧٢

لهذا ترك الله السنن حرة من قيد الجماعة ليتزودوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقل منهم ما يستقل، ويستكثر من يستكثر، فانها خير موضوع، كما جاء في الأثر عن سيد البشر.

أما ربطها بالجماعة فيحد من هذا النفع، ويقلل من جدواه. أضف إلى هذا ان إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويمسك عليها حظها من تربية الناشئة على حبها والنشاط لها، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأمهات والأجداد والجدات، وتأثيره في شد الأبناء إليها شدا يرسخها في عقولهم وقلوبهم

وقد سأل عبد الله ابن مسعود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيما أفضل: الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد فلان أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلى في المسجد إلا ان تكون صلاة مكتوبة " رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للإمام زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري(٣٥٢) .

وعن زيد بن ثابت ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: " صلوا أيها الناس في بيوتكم فان أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة " رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه.(٣٥٣) .

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " اكرموا بيوتكم ببعض

____________________

(٣٥٢) يستحب صلاة النافلة في البيت: مسند أحمد ج، سنن ابن ماجة ج ١ / ٤٣٩ ح ١٣٧٨ صحيح ابن خزيمة ج، الترغيب والترهيب للمنذري ج ١ / ٢٧٩، مجمع الزوائد وصححه.

(٣٥٣) الترغيب والترهيب للمنذري ج ١ / ٣٨٠، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ / ١٩٠ (*).

٢٧٣

صلاتكم "(٣٥٤) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت " أخرجه البخاري ومسلم(٣٥٥) .

وعن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، وان الله جاعل في بيته من صلاته خيرا " رواه مسلم وغيره ورواه ابن خزيمة في صحيحه بالإسناد إلى أبي سعيد.(٣٥٦)

والسنن في هذا المعنى لا يسعها هذا الإملاء(٣٥٧) .

لكن الخليفةرضي‌الله‌عنه رجل تنظيم وحزم، وقد راقه من صلاة الجماعة ما يتجلى فيها من الشعائر بأجلى المظاهر إلى ما لا يحصى من فوائدها الاجتماعية التي أشبع القول علماؤنا الأعلام ممن عالجوا هذه الأمور بوعي المسلم الحكيم وأنت تعلم أن الشرع الإسلامي لم يهمل هذه الناحية، بل اختص الواجبات من الصلوات بها، وترك النوافل للنواحي الأخر من مصالح البشر( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٣٥٨) .

____________________

(٣٥٤) الترغيب والترهيب ج ١ / ٢٨٠، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ / ٢٢٧.

(٣٥٥) صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج ٢ / ١٨٨ ط العامرة، الفتح الكبير ج ٣ / ١٢٨، الترغيب والترهيب ج ١ / ٢٧٨.

(٣٥٦) صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج ٢ / ١٨٧ ط العامرة، صحيح ابن خزيمة، الفتح الكبير ج ١ / ١٤٢، الترغيب والترهيب ج ١ / ٢٧٨.

(٣٥٧) راجع: صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج ٢ / ١٨٧.

(٣٥٨) سورة الأحزاب: ٣٦ (*).

٢٧٤

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٥٦: -

[ المورد - (٢٧) -: صلاة الجنائز ]

وذلك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكبر على الجنائز خمسا، لكن الخليفة الثاني راقه أن يكون التكبير في الصلاة عليها أربعا فجمع الناس على الأربع، نص على ذلك جماعة من أعلام الأمة كالسيوطي (نقلا عن العسكري) حيث ذكر أوليات عمر من كتابه " تاريخ الخلفاء " وابن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر سنة ٢٣ من كتابه " روضة المناظر " المطبوع في هامش تاريخ ابن الأثير وغيرهما من أثبات المتتبعين(٣٥٩) .

وحسبك ما في كتاب الديمقراطية لمؤلفه الأستاذ خالد محمد خالد مما أوردناه آنفا في مبحث الطلاق الثلاث فراجع.

وقد أخرج الإمام أحمد من حديث زيد بن أرقم عن عبد الأعلى، قال: صليت خلف زيد ابن أرقم على جنازة فكبر خمسا، فقام إليه أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال: أنسيت ؟ قال: لا، ولكني صليت خلف أبي القاسم خليليصلى‌الله‌عليه‌وآله فكبر خمسا فلا أتركه أبدا انتهى(١) .

قلت: وصلى زيد بن أرقم على سعد بن جبير المعروف بسعد بن حبتة وهي أمه، وهو من الصحابة فكبر على جنازته خمسا، فيما رواه ابن حجر في ترجمة سعد من إصابته.

ورواه ابن قتيبة في أحوال أبي يوسف من معارفه،(٣٦٠) وكان سعد هذا جد أبي يوسف القاضي.

____________________

(٣٥٩) راجع: روضة الناظر لابن الشحنة بهامش الكامل ج ١ / ٢٠٣ ط قديم، الكامل في التاريخ ج ٣ / ٣١، الغدير ج ٦ / ٢٤٥

(١) راجعه في ص ٣٧٠ من الجزء الرابع من المسند (منه قدس).

(٣٦٠) الإصابة لابن حجر ج ٢ / ٢٢، المعارف لابن قتيبة ص، الطبقات لابن سعد. (*)

٢٧٥

وأخرج الإمام أحمد من حديث حذيفة من طريق يحيى بن عبد الله الجابر قال صليت خلف عيسى مولى لحذيفة بالمدائن على جنازة فكبر خمسا، ثم التفت إلينا فقال: ما وهمت ولا نسيت ولكن كبرت كما كبر مولاي وولي نعمتي حذيفة بن اليمان صلى على جنازة وكبر خمسا ثم التفت إلينا فقال: ما نسيت ولا وهمت ولكن كبرت كما كبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (الحديث)(٣٦١) .

[المورد - (٢٨)- اشتراط التوارث بين الإخوة والأخوات ان لا يكون للموروث منهم ولد]

قال الله تعالى:( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٣٦٢) الآية صريحة في اشتراط التوارث بين الإخوة والأخوات، أن لا يكون للموروث منهم ولد والبنت ولد لغة وعرفا(٣٦٣) .

____________________

(٣٦١) راجعه في أول ص ٤٠٦ من الجزء الخامس من المسند. ورواه الحافظ الذهبي في ترجمة يحيى بن عبد الله الجابر من ميزان الاعتدال عن جرير الضبى عن يحيى الجابر (منه قدس). عمدة القاري ج ٤ / ١٢٩، الغدير ج ٦ / ٢٤٥.

(٣٦٢) سورة النساء: ١٧٦.

(٣٦٣) ومعاجم اللغة كلها تشهد بذلك: وحسبك( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) وبشر بعض العرب ببنت فقال: والله ما هي بنعم الولد (منه قدس). مجمع البحرين ج ٣ / ١٦٥، معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الاصفهانى ص ٥٦٩.

٢٧٦

لكن عمر بن الخطاب حمل الولد في الآية على الذكر خاصة فواسى في الميراث بين بنت الميت وأخته لأبيه وأمه، فجعل لكل منهما النصف مما ترك، وتبعه في ذلك أهل المذاهب الأربعة(٣٦٤) .

أما أئمة العترة الطاهرة وأولياؤهم الإمامية فقد أجمعوا بأن لا حق للإخوة وسائر العصبة مطلقا مع وجود الولد ذكرا كان أم أنثى متعددا كان أم منفردا محتجين بهذه الآية، وبقوله تعالى( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ ) ولهم في سقوط العصبة مع وجود الولد ولو كان بنتا واحدة لهجة شديدة يعرفها من راجع نصوصهم في المواريث، ودونه كتاب وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة وسائر مسانيدهم(٣٦٥) .

وقد سئل ابن عباس عن رجل توفي وترك بنته وأخته لأبيه وأمه فقال: ليس لأخته شئ والبنت تأخذ النصف فرضا والباقي تأخذه ردا قال السائل :

____________________

(٣٦٤) العصبة: الفقه على المذاهب الخمسة ص ٥١٤ ط دار العلم للملايين، الفقه على المذاهب الأربعة. وكان الخليفة الثاني يجهل تفسير هذه الآية وحكم الكلالة وقد وردت على لسانه عدة روايات في ذلك. راجع: صحيح مسلم ك الفرائض باب ميراث الكلالة ج ٥ / ٦١، وراجع بقية الروايات في الغدير ج ٦ / ١٢٧ ومع هذا فقد حكم الخليفة عمر بأن الذكر في الطبقة اللاحقة يشارك الأنثى في الطبقة السابقة.

(٣٦٥) أهل البيت لا يقولون بالعصبة: وسائل الشيعة ك الفرائض والمواريث باب ١٧ من أبواب ميراث الأبوين ح ٣ و ٦ وباب ١٩ ح ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٦ وباب ١ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٧ و ٨ و ٩ و ١٢ وباب (٢) أن الأخ إذا انفرد فله المال ح ٢ و ٥ إلى غير ذلك من الأحاديث. (*)

٢٧٧

فان عمر قضى بغير ذلك. قال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله ؟. قال السائل: ما أدري وجه هذا ؟ حتى سألت ابن طاووس فذكرت له قول ابن عباس، فقال: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال الله عزوجل:( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) ، فقلتم أنتم: لها نصف ما ترك وان كان لها ولد(٣٦٦) .

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٥٩: -

[ المورد - (٢٩) -: عول الفرائض ]

اختلف المسلمون في جواز العول وعدمه، وحقيقة العول ان تنقص التركة عن ذوي السهام كأختين وزوج فان للاختين الثلثين وللزوج النصف، وقد التبس الأمر فيها على الخليفة الثاني فلم يدر أيهم قدم الله فيها ليقدمه، وأيهم أخر ليؤخره، فقضى بتوزيع النقص على الجميع بنسبة سهامهم، وهذا غاية ما يتحراه من العدل مع التباس الأمر عليه(٣٦٧) .

لكن أئمة أهل البيت وعلماؤهم عرفوا المقدم عند الله فقدموه، وعرفوا المؤخر فأخروه - وأهل البيت أدرى بالذي فيه -

____________________

(٣٦٦) أخرج هذا الحديث جماعة من حفظة السنن وهو موجود في كتاب الفرائض ص ٣٣٩ من الجزء الرابع من مستدرك الحاكم. وقد صرح ثمة بأنه صحيح على شرط الشيخين وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك حاكما بصحته على شرطهما أيضا فراجع (منه قدس). وراجع: الفقه على المذاهب الخمسة ص ٥١٤.

(٣٦٧) العول: الفقه على المذاهب الخمسة ص ٥١٩، جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام ج ٣٩ / ١٠٦ - ١٠٩ (*).

٢٧٨

قال: الإمام أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : كان أمير المؤمنين - عليعليه‌السلام - يقول: " ان الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول على ستة(١) لو يبصرون وجهها "(٣٦٨) .

وكان ابن عباس يقول: من شاء باهلته عند الحجر الأسود ان الله لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا، وقال أيضا: سبحان الله العظيم أترون ان الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا، هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث ؟. فقيل له يا أبا العباس فمن أول من أعال الفرائض ؟ فقال: لما التفت الفرائض عند عمر ودفع بعضها بعضا، قال: والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر، وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص قال ابن عباس: وأيم الله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله ما عالت الفريضة، فقيل له: أيها قدم الله وأيها أخر.، فقال: كل فريضة لم يهبطها الله إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي، فتلك التي أخر قال: فأما التي قدم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ ومثله

____________________

(١) كان الناس على عهدهعليه‌السلام يفرضون كل شئ ستة أجزء كل جزاء سدس كما يفرضون اليوم في عرفنا أربعة وعشرين قيراطا، وعليه فيكون مرادهعليه‌السلام انكم لو تبصرون وجوه السهام إذا تعارضت لم تتجاوز السهام عن الستة، وحيث أنكم لم تبصروا طرقها فقد تجاوزن عن الستة إذ أنكم تزيدون على الستة بقدر الناقص، مثلا إذا اجتمع أبوان وبنتان وزوج فللأبوين اثنان من الستة وللبنتين أربعة منها فتمت الستة فتزيدون على الستة واحدا ونصفا للزوج فتتجاوز السهام من الستة إلى سبعة ونصف. وهذا ممتنع ولا يجوز على الله تعالى أن يفرضه أبدا (منه قدس).

(٣٦٨) وسائل الشيعة ج ١٧ / ٤٢٣ ح ٩ و ١٤، الجواهر ج ٣٩ / ١٠٦ (*).

٢٧٩

الزوجة والأم قال: وأما التي أخر ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان، فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي (قال): فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بدئ بما قدم فأعطي حقه كاملا فان بقي شئ كان لما أخر. الحديث أورده شيخنا الشهيد الثاني في الروضة قال: وانما ذكرناه على طوله لاشتماله على أمور مهمة(٣٦٩) .

قلت: وأخرج الحاكم في كتاب الفرائض ص ٣٤٠ من الجزء الرابع من المستدرك عن ابن عباس أنه قال: أول من أعال الفرائض عمر وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقيل له: وأيها قدم الله، وأيها أخر، فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله عزوجل كالزوج والزوجة والأم وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها الا ما بقي فتلك التي أخر الله عزوجل كالأخوات والبنات فإذا اجتمع من قدم الله عزوجل ومن أخر بدئ بمن قدم فأعطى حقه كاملا، فان بقي شئ كان لمن أخر. (الحديث)(٣٧٠) .

وعلى هذا فإذا اجتمع الزوج والأم والبنات بدئ بالزوج والأم فأعطيا

____________________

(٣٦٩) أهل البيت لا يعترفون بالعول: راجع: الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج ٨ / ٨٨ - ٩٢، الكافي للكليني ج ٧ / ٧٩ - ٨٠ ح ٢، من لا يحضره الفقيه ج ٤ / ١٨٧، كنز العمال ج ١١ / ١٩ - ٢٠ ح ١٢١، وسائل الشيعة ج ١٧ / ٤٢٦ ب ٧ من أبواب موجبات الارث ح ٦، جواهر الكلام ج ٣٩ / ١٠٦، الطرائف لابن طاوس ج ٢ / ٤٦٩ عن أبى هلال العسكري.

(٣٧٠) قال الحاكم بعد إيراده: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، قلت: والذهبي لم يتعقبه إذ أورده في التلخيص إذعانا بصحته. ولنا حول العول في أجوبة موسى جار الله أبحاث دقيقة فليراجعها كل ولوع بتمحيص الحقيقة (منه قدس). وراجع: أحكام القرآن للجصاص ج ٢ / ١٠٩، السنن الكبرى ج ٦ / ٢٥٣، الغدير ج ٦ / ٢٧٠، أجوبة مسائل جار الله ص ٨٨ ط ٢ (*).

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629