النص والاجتهاد

النص والاجتهاد0%

النص والاجتهاد مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 629

النص والاجتهاد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
تصنيف: الصفحات: 629
المشاهدات: 158618
تحميل: 7225

توضيحات:

النص والاجتهاد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 629 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158618 / تحميل: 7225
الحجم الحجم الحجم
النص والاجتهاد

النص والاجتهاد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

..

____________________

=> سنن البيهقي ج ١ / ٤٢٥، دلائل الصدق ج ٣ / ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، جواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩٢، المحلى لابن حزم ج ٣ / ١٦٠، دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٥، البحار ج ٨٤ / ١٧٩، السيرة الحلبية ج ٢ / ١٠٥ ط ١٣٨٢ ه‍ باب الأذان، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٩٦.

٣ - سهل بن حنيف: سنن البيهقي ج ١ / ٤٢٥، دلائل الصدق ج ٣ / ١٠٠ عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي ص ٣٨، المحلى لابن حزم ج ٣ / ١٦٠، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٩١.

٤ - بلال مؤذن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٣ / ٢٧٦، دلائل الصدق ج ٣ / ٩٩، كنز العمال ج ٤ / ٢٦٦، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٩١.

٥ - الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : جواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩١، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ٥ / ٢٨٤.

٦ - أبى محذورة أحد مؤذني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البحر الزخار ج ٢ / ١٩١ و ١٩٢، وجواهر الأخبار والآثار هامش نفس الصفحة، ميزان الاعتدال ج ١ / ١٣٩، لسان الميزان ج ١ / ٢٦٨.

٧ - زيد بن أرقم: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ٥ / ٢٨٣.

٨ - الإمام الباقرعليه‌السلام : البحر الزخار وجواهر الأخبار والآثار ج ٢ / ١٩٢، دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٥، البحار ج ٨٤ / ١٥٦.

٩ - الإمام الصادقعليه‌السلام : دعائم الإسلام ج ١ / ١٤٢، البحار ج ٨٤ / ١٥٦. ولأجل المزيد من الاطلاع على هذا الموضوع: راجع: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ١ / ٢٣٣ - ٢٤١، الصحيح من سيرة النبي ج ٣ / ٨٨ وما بعدها. (*)

٢٦١

قلت: وهذا متواتر عن أئمة أهل البيت، فراجع حديثهم وفقههم لتكون على بصيرة من رأيهم وروايتهمعليهم‌السلام (٣٣٤) .

[ فصل ]

فصول الأذان عندنا ثمانية عشر، الله أكبر أربعا، أشهد أن لا اله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل، الله أكبر. لا اله إلا الله. كل منها مرتان. وفصول الإقامة سبعة عشر، هي فصول الأذان غير أنها مثنى مثنى إلا " لا اله إلا الله " فمرة واحدة، ويزاد فيها " بعد الحيعلات الثلاث قبل التكبير " قد قامت الصلاة، مرتين(٣٣٥) .

ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد بعد ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما يستحب إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية لله تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة. وقد أخطأ وشذ من حرم ذلك، وقال بأنه بدعة فان كل مؤذن في الإسلام

____________________

(٣٣٤) راجع: وسائل الشيعة للحر العاملي ك الصلاة باب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ح ٥ و ٦ و ٨ و ٩ و ١٢، جامع أحاديث الشيعة ج ٤ / ٦٦٥ و ٦٧٣ و ٦٧٤ و ٦٧٦ ٦٧٩ و ٦٨٠ و ٦٨٣ و ٦٨٤ و ٦٨٥، بحار الأنوار ج ٨٤ / ١٣٦ و ١٤٠ و ١٤١ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥٤ و ١٥٦ و ١٧١. وراجع أيضا الكافي للكليني، التهذيب والاستبصار للطوسي، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج ١ / ٢٩٠ ح ٨٩٧. وراجع من كتب الفقه: جواهر الكلام ج ٩ / ٨١ - ٩٢، الحدائق ج ٧ / ٣٩٨، تذكرة الفقهاء ج ١ / ١٠٤ ط قديم.

(٣٣٥) راجع المصادر المتقدمة تحت رقم (٣٣٤) (*).

٢٦٢

يقدم كلمة للأذان يوصلها به كقوله:( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ) (الآية)،(٣٣٦) أو نحوها ويلحق به كلمة يوصله بها كقوله: (الصلاة والسلام عليك يا رسول الله) أو نحوها. وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الأذان، وليس ببدعة ولا هو محرم قطعا لان المؤذنين كلهم لا يرونه من فصول الأذان، وإنما يأتون به عملا بأدلة عامة تشمله وكذلك الشهادة لعلي بعد الشهادتين في الأذان فإنما هي عمل بأدلة عامة تشملها.

على ان الكلام القليل من سائر كلام الآدميين لا يبطل به الأذان ولا الإقامة ولا هو حرام في أثنائها، فمن أين جاءت البدعة والحرام ؟ وما الغاية بشق عصا المسلمين في هذه الأيام ؟.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٤٤: -

[ المورد - (٢٥) -: الطلاق وما أحدثوا فيه بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ]

وذلك أن الطلاق الثلاث الذي لا تحل المطلقة بعده لمطلقها الا بالمحلل الشرعي المعروف، انما هو الطلاق الثالث، المسبوق برجعتين مسبوقتين بطلاقين، وذلك بأن يطلقها أولا ثم يرجعها، ثم يطلقها ثانيا ثم يرجعها، ثم يطلقها ثالثا وحينئذ لا تحل له حتى يأتي بالمحلل المعلوم.

هذا هو الطلاق الثالث الذي لا تحل المطلقة بعد لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره، وبه جاء التنزيل:( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) إلى أن قال عز من قائل:( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (الآية)(٣٣٧)

____________________

(٣٣٦) سورة الإسراء: ١١١. راجع: البحار ج ٨٤ / ١١١، الحدائق ج ٧ / ٤٠٣.

(٣٣٧) سورة البقرة: ٢٢٩ و ٢٣٠ (*).

٢٦٣

واليك ما قاله أئمة العربية في تفسيرها، واللفظ للزمخشري في كشافه جعله كشرح مزجي، قال: (الطَّلاَقُ) بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم (مَرَّتَانِ) أي التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والإرسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ولكن أراد التكرير كقوله:( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) أي كرة بعد كرة.

إلى أن قال: وقوله تعالى( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) تخيير لهم - بعد ان علمهم كيف يطلقون - بين أن يمسكوا النساء بحسن المعاشرة والقيام بواجبهن، وبين أن يسرحوهن السراح الجميل الذي لهن عليهم.

قال: وقيل معناه الطلاق الرجعي مرتان - مرة بعد مرة - لأنه لا رجعة بعد الثلاث. إلى أن قال:( فَإِن طَلَّقَهَا ) الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار في قوله تعالى:( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) واستوفى نصابه أو فان طلقها مرة ثالثة بعد المرتين( فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ ) أي بعد ذلك التطليق( حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) . الخ(٣٣٨) .

قلت: هذا هو معنى الآية وهو المتبادر منها إلى الأذهان وبه فسرها المفسرون كافة، ولا يمكن أن يكون قوله تعالى:( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ ) متناولا لقول القائل لزوجته (أنت طالق ثلاثا) الا أن يكون قبل ذلك قد تكرر منه طلاقها مرتين بعد كل مرة منهما رجعة كما لا يخفى.

لكن عمر رأى أيام خلافته تهافت الرجال على طلاق أزواجهم ثلاثا بإنشاء واحد فألزمهم بما ألزموا به أنفسهم عقوبة أو تأديبا، والسنن صريحة في نسبة ذلك إليه(٣٣٩) .

____________________

(٣٣٨) الكشاف للزمخشري ج، أحكام القرآن للجصاص ج ١ / ٤٤٧، الغدير ج ٦ / ١٨١.

(٣٣٩) الغدير للأميني ج ٦ / ١٧٨ - ١٧٩، صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق =>

٢٦٤

وحسبك منها ما عن طاووس من ان أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هنانك ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر واحدة ؟ فقال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم انتهى بلفظ مسلم في صحيحه(٣٤٠) .

وعن ابن عباس من عدة طرق كلها صحيحة، قال: كان الطلاق على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: أن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. انتهى بلفظ مسلم في صحيحه(٣٤١) .

وأخرجه الحاكم في مستدركه مصرحا بصحته على شرط الشيخين، وأورده الذهبي، في تلخيص المستدرك معترفا بصحته على شرطهما أيضا(٣) .

____________________

=> الثلاث، سنن أبى داود ج ١ / ٣٤٤، أحكام القرآن للجصاص، سنن النسائي، سنن البيهقي، الدر المنثور ج ١ / ٢٧٩، تيسير الوصول، عمدة القاري للعيني ج ٢٠ / ٢٣٣، كنز العمال.

(٣٤٠) في باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق ص ٥٧٥ من الجزء الأول من صحيحه وأخرجه البيهقي ص ٣٣٦ من الجزء السابع من سننه. وأبو داود في كتاب الطلاق من السنن فراجع منه الحديث الأخير من باب نسخ المراجعة بعد الثلاث تطليقات (منه قدس). صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث ج ٤ / ١٨٤ ط العامرة، سنن أبى داود ج ١ / ٥٧٤، الغدير ج ٦ / ١٧٩.

(٣٤١) في باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق من جزئه الأول (منه قدس). صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث ج ٤ / ١٨٤ ط العامرة، ارشاد الساري ج ٨ / ١٢٧، الدر المنثور ج ١ / ٢٧٩، الغدير ج ٦ / ١٧٨، مسند أحمد ج ١ / ٣١٤، سنن البيهقي ج ٧ / ٣٣٦، تفسير القرطبي ج ٣ / ١٣٠.

(٣) راجع من كل من المستدرك وتلخيصه كتاب الطلاق ص ١٩٦ من الجزء الثاني فان هذين الكتابين مطبوعان معا وصحائفهما متحدة (منه قدس) (*).

٢٦٥

وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في مسنده(١) .

ورواه غير واحد من أصحاب السنن واثبات السنن(٢) .

ونقله العلامة الشيخ رشيد رضا في ص ٢١٠ من المجلد الرابع من مجلته " المنار " عن كل من أبي داود والنسائي والحاكم والبيهقي ثم قال - ما هذا لفظه -: ومن قضاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بخلافه ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس(٣) قال: طلق ركانة زوجته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف طلقتها ؟. قال ثلاثا. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : في مجلس واحد ؟. قال نعم. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فانما تلك واحدة فأرجعها ان شئت. آه(٣٤٢) .

وأخرج النسائي من رواية مخرمة بن بكير عن أبيه عن محمود بن لبيد ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم !. حتى قام رجل، فقال يا رسول الله ألا نقتله ؟(٣٤٣) إلى آخر ما جاء من السنن الصحيحة صريحا

____________________

(١) راجع من المسند ص ٣١٤ من جزئه الأول (منه قدس).

(٢) كالبيهقي ص ٣٣٦ من الجزء السابع من سننه، والقرطبي في الجزء الثالث ص ١٣٠ من تفسيره جازما بصحته وغير هؤلاء من أمثالهم (منه قدس).

(٣) ذكره ابن إسحاق في ص ١٩١ من الجزء الثاني من سيرته (منه قدس).

(٣٤٢) بداية المجتهد ج ٢ / ٦١، الغدير ج ٦ / ١٨٢.

(٣٤٣) وقد نقله قاسم بك أمين المصري ص ١٧٢ من كتابه - تحرير المرأة - عن النسائي والقرطبي والزيلعى لكن بالإسناد إلى ابن عباس، وربما دل هذا الحديث على فساد الطلاق الثلاث بالمرة لكونه لعبا، وبذلك قال سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين، لكن الصواب أن اللعب انما هو في قول ثلاثا فيلغى، وأما قوله أنت طالق يؤثر أثره لأنه جد لا لعب فيه (منه قدس). سنن النسائي ج ٦ / ١٤٢، تيسير الوصول ج ٣ / ١٦٠، تفسير ابن كثير ج ١ / ٣٧٧، ارشاد الساري ج ٨ / ١٢٨، الدر المنثور ج ١ / ٢٨٣، الغدير ج ٦ / ١٨١ (*).

٢٦٦

في ذلك ولذا ترى علماء الإسلام وإثباتهم يرسلونه إرسال المسلمات.

وحسبك منهم الأستاذ الكبير خالد محمد خالد المصري المعاصر وقد قال في كتابه " الديمقراطية ": ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسنة عندما دعته المصلحة لذلك، فبينا يقسم القرآن للمؤلفة قلوبهم حظا من الزكاة ويؤديه الرسول وأبو بكر، يأتي عمر فيقول: لا نعطي على الإسلام شيئا، وبينا يجيز الرسول وأبو بكر بيع أمهات الأولاد يأتي عمر فيحرم بيعهن، وبينا الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحدا بحكم السنة والإجماع جاء عمر فترك السنة وحطم الإجماع. هذا كلامه بعين لفظه فراجعه في ص ١٥٠ من " ديمقراطيته ".

وقال الأستاذ الدكتور الدواليبي - حيث ذكر عمر وايقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة في كتابه أصول الفقه(١) ما هذا لفظه -: " ومما أحدثه عمررضي‌الله‌عنه تأييدا لقاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان، هو إيقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، مع أن المطلق في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وزمن خليفته أبي بكر وصدرا من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة كما ثبت ذلك في الخبر الصحيح عن ابن عباس، وقد قال عمر بن الخطاب: ان الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.

قال: وقال ابن القيم الجوزية في ذلك: ولكن أمير المؤمنين عمررضي‌الله‌عنه رأى أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم ايقاعه جملة واحدة فرأى من المصلحة عقوبتهم بامضائه عليهم فإذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق فرأى عمر أن هذه مصلحة لهم في زمانه.

ورأى ان ما كان عليه في عهد النبي وعهد الصديق وصدرا من خلافته كان الأليق بهم لأنهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا

____________________

(١) فراجع منه آخر ص ٢٤٦ والتي بعدها (منه قدس) (*).

٢٦٧

يتقون الله في الطلاق. إلى أن قال: فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان(١)

(قال): وعلم الصحابة حسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك فوافقوه على ما ألزم به(٢) وصرحوا لمن استفتاهم بذلك(٣)

(قال): غير ان ابن القيم نفسه جاء فأبدى ملاحظته بالنسبة لزمنه، رغبة في الرجوع بالحكم إلى ما كان عليه في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لان الزمن قد تغير أيضا، وأصبح إيقاع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة مدعاة لفتح باب التحليل الذي كان مسدودا على عهد الصحابة(٤) وقال: بأن العقوبة إذا تضمنت مفسدة أكثر من الفعل المعاقب عليه كان تركها أحب إلى الله ورسوله(٥) .

(قال): وقال ابن تيمية: ولو رأى عمررضي‌الله‌عنه عبث المسلمين في تحليل المبانة لمطلقها ثلاثا لعاد إلى ما كان عليه الأمر في عهد الرسول.

(قال): وان ما أبداه ابن تيمية من الملاحظات القيمة قد كان مدعاة لعودة المحاكم الشرعية في مصر الآن إلى ما كان عليه الحكم في عهد الرسول عملا بقاعدة تغير الأزمان(٣٤٤) .

____________________

(١) سبحانك اللهم إذا صح للمجتهدين تغيير أمثال هذه الفتوى بتغيير الزمان حتى في هذه الفترة الوجيزة الكائنة بين خلافة الخليفتين، فعلى أحكام الكتاب والسنة ونصوصهما السلام. وى. وى. ما أفظع هذا الخطر إذا بنى المجتهدون على مثل هذه القاعدة التي ما أنزل الله بها من سلطان (منه قدس).

(٢) هذا مما لا دليل عليه. بل الأدلة قائمة على خلافه (منه قدس).

(٣) قل هاتوا برهانكم (منه قدس).

(٤) لم يكن في الزمن تغير ولا تغير الزمن يوجب تغير الحكم الشرعي المنصوص عليه في الكتاب أو السنة وانما عمل ابن القيم به علما منه انه حكم الله تعالى (منه قدس)

(٥) سبحان الله ما هذا التلاعب (منه قدس).

(٣٤٤) بل عملا بنص الكتاب وصريح السنة (منه قدس)

ولأجل الاطلاع على الموضوع بصورة أوسع راجع: الغدير ج ٦ / ١٧٨ - ١٨٣.

٢٦٨

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٥٠: -

[ المورد - (٢٦) -: صلاة التراويح ]

وذلك ان صلاة التراويح ما جاء بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا كانت على عهده بل لم تكن على عهد أبي بكر ولا شرع الله الاجتماع لأداء نافلة من السنن غير صلاة الاستسقاء. وانما شرعه في الصلوات الواجبة كالفرائض الخمس اليومية، وصلاة الطواف، والعيدين والآيات وعلى الجنائز.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقيم ليالي رمضان بأداء سننها في غير جماعة، وكان يحض على قيامها، فكان الناس يقيمونها على نحو ما رأوهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقيمها.

وهكذا كان الأمر على عهد أبي بكر حتى مضى لسبيله سنة ثلاثة عشر للهجرة(١) وقام بالأمر بعده عمر بن الخطاب، فصام شهر رمضان من تلك السنة لا يغير من قيام الشهر شيئا، فلما كان شهر رمضان سنة أربع عشرة أتى المسجد ومعه بعض أصحابه، فرأى الناس يقيمون النوافل وهم ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد وقارئ ومسبح ومحرم بالتكبير ومحل بالتسليم في مظهر لم يرقه، ورأى من واجبه إصلاحه فسن لهم التراويح(٢) أوائل الليل من الشهر وجمع الناس عليها حكما مبرما، وكتب بذلك إلى البلدان ونصب للناس في المدينة

____________________

(١) وكان ذلك ليلة الأربعاء لثمان بقين من ج ٢ وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام (منه قدس).

(٢) التراويح هي النافلة جماعة في ليالي شهر رمضان، وانما سميت تراويح للاستراحة فيها بعد كل أربع ركعات.

ونحن الإمامية لا تفوتنا والحمد لله نؤديها كما كان يؤديها رسول الله كما وكيفا عملا بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلوا كما رأيتموني أصلى (منه قدس) (*).

٢٦٩

إمامين يصليان بهم التراويح إماما للرجال وإماما للنساء، وهذا كله أخبار متواترة(٣٤٥) .

وحسبك منها ما أخرجه الشيخان في صحيحهما(١) من أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قام رمضان - أي بأداء سننه - ايمانا واحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه، وانهصلى‌الله‌عليه‌وآله توفي والأمر كذلك - أي وأمر القيام في شهر رمضان لم يتغير عما كان عليه قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله - ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر آه(٣٤٦) .

وأخرج البخاري في كتاب التراويح أيضا من الصحيح عن عبد الرحمن ابن عبد القاري(٢) قال: خرجت مع عمر ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا

____________________

(٣٤٥) عمر يضع إماما لصلاة التراويح: الكامل في التاريخ ج ٣ / ٣١، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ / ٢٨١ وذكر ان ذلك كان سنة ١٤ للهجرة. وذكر النظام ان عمر هو الذي أبدع صلاة التراويح كما في: الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٧٨ ط ١٣٦٨ ه‍.

(١) فراجع من صحيح البخاري كتاب صلاة التراويح ص ٢٣٣ من جزئه الأول. وراجع من صحيح مسلم باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح من كتاب صلاة المسافرين وقصرها ص ٢٨٣ والتي بعدها من جزئه الأول (منه قدس).

(٣٤٦) في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة التراويح كانت فرادى: صحيح مسلم ك الصلاة باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح ج ٢ / ١٧٧ ط العامرة، صحيح البخاري ج ٢ / ٢٥١، الطرائف لابن طاوس ج ٢ / ٤٥٤ عن الجمع بين الصحيحين، موطأ مالك ج ١ / ١١٣.

(٢) عبد القاري بتنوين عبد وتشديد ياء القاري نسبة إلى قارة وهو ابن ديش بن ملحم ابن غالب المدنى. كان هذا عامل عمر على بيت المال وهو حليف بنى زهرة. =>

٢٧٠

الناس أوزاع متفرقون، إلى أن قال: فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب

(قال): ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعمت البدعة هذه.(٣٤٧) .

قال العلامة القسطلاني في أول الصفحة الرابعة من الجزء الخامس من ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري عند بلوغه إلى قول عمر في هذا الحديث: نعمت البدعة هذه، ما هذا لفظه: سماها بدعة لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يسن لهم، ولا كانت في زمن الصديقرضي‌الله‌عنه . ولا أول الليل، ولا هذا العدد. الخ.

وفي تحفة الباري وغيره من شرح البخاري مثله فراجع.

وقال العلامة أبو الوليد محمد بن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر في حوادث سنة ٢٣ من تاريخه - روضة المناظر -: هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز، وأول من جمع الناس من إمام يصلي بهم التراويح. الخ(٣٤٨) .

ولما ذكر السيوطي في كتابه - تاريخ الخلفاء - أوليات عمر نقلا عن العسكري(١) قال: هو أول من سمي أمير المؤمنين، وأول من سن قيام شهر

____________________

=> روى عن عمر وأبى طلحة، وأبى أيوب، وأبى هريرة. وروى عنه ابنه محمد، والزهري ويحيى بن جعدة بن هبيرة. مات سنة ثمانين. وله ثمان وسبعون سنة (منه قدس).

(٣٤٧) صحيح البخاري ك التراويح ج ٢ / ٢٥٢، موطأ مالك ج ١ / ١١٤، الطرائف لابن طاوس ص ٤٤٥ عن الجمع بين الصحيحين.

(٣٤٨) أول من جعل إماما للتراويح عمر: روضة الناظرين لابن الشحنة بهامش الكامل ط قديم، ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري.

(١) العسكري هو الحسن بن عبد الله بن سهيل بن سعيد بن يحيى يكنى أبا اللغوي له كتاب الأوائل فرغ من تأليفه يوم الأربعاء لعشر خلت من شعبان سنة ٣٩٥ (منه قدس) (*).

٢٧١

رمضان - بالتراويح - وأول من حرم المتعة، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات. الخ(٣٤٩) .

وقال محمد بن سعد - حيث ترجم عمر في الجزء الثالث من الطبقات -: وهو أول من سن قيام شهر رمضان - بالتراويح - وجمع الناس على ذلك، وكتب به إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للناس بالمدينة قارئين قارئا يصلي التراويح بالرجال، وقارئا يصلي بالنساء. الخ(٣٥٠) .

وقال ابن عبد البر في ترجمة عمر من الاستيعاب: وهو الذي نور شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه(٣٥١) .

كان هؤلاء عفا الله عنهم وعنا، رأوهرضي‌الله‌عنه قد استدرك (بتراويحه) على الله ورسوله حكمة كانا عنها غافلين. بل هم بالغفلة - عن حكمة الله في شرائعه ونظمه - أحرى، وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها انفراد مؤديها - جوف الليل في بيته - بربه عز وعلا يشكو إليه بثه وحزنه، ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتى يأتي على آخرها ملحا عليه، متوسلا بسعة رحمته إليه، راجيا لاجئا، راغبا، منيبا تائبا، معترفا لائذا عائذا، لا يجد ملجأ من الله تعالى الا إليه، ولا منجى منه الا به.

____________________

(٣٤٩) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص، الكامل في التاريخ ج ٣ / ٣١.

(٣٥٠) صلاة التراويح جماعة كانت سنة ١٤ ه‍: الطبقات لابن سعد ج ٣ / ٢٨١، تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٢ ط الحسينية، الكامل لابن الأثير ج ٣ / ٣١ ط دار الكتاب العربي، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٧٥.

(٣٥١) الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة ج ٢ / ٤٦٠ ط ١ (*).

٢٧٢

لهذا ترك الله السنن حرة من قيد الجماعة ليتزودوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقل منهم ما يستقل، ويستكثر من يستكثر، فانها خير موضوع، كما جاء في الأثر عن سيد البشر.

أما ربطها بالجماعة فيحد من هذا النفع، ويقلل من جدواه. أضف إلى هذا ان إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويمسك عليها حظها من تربية الناشئة على حبها والنشاط لها، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأمهات والأجداد والجدات، وتأثيره في شد الأبناء إليها شدا يرسخها في عقولهم وقلوبهم

وقد سأل عبد الله ابن مسعود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيما أفضل: الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد فلان أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلى في المسجد إلا ان تكون صلاة مكتوبة " رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للإمام زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري(٣٥٢) .

وعن زيد بن ثابت ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: " صلوا أيها الناس في بيوتكم فان أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة " رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه.(٣٥٣) .

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " اكرموا بيوتكم ببعض

____________________

(٣٥٢) يستحب صلاة النافلة في البيت: مسند أحمد ج، سنن ابن ماجة ج ١ / ٤٣٩ ح ١٣٧٨ صحيح ابن خزيمة ج، الترغيب والترهيب للمنذري ج ١ / ٢٧٩، مجمع الزوائد وصححه.

(٣٥٣) الترغيب والترهيب للمنذري ج ١ / ٣٨٠، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ / ١٩٠ (*).

٢٧٣

صلاتكم "(٣٥٤) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت " أخرجه البخاري ومسلم(٣٥٥) .

وعن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، وان الله جاعل في بيته من صلاته خيرا " رواه مسلم وغيره ورواه ابن خزيمة في صحيحه بالإسناد إلى أبي سعيد.(٣٥٦)

والسنن في هذا المعنى لا يسعها هذا الإملاء(٣٥٧) .

لكن الخليفةرضي‌الله‌عنه رجل تنظيم وحزم، وقد راقه من صلاة الجماعة ما يتجلى فيها من الشعائر بأجلى المظاهر إلى ما لا يحصى من فوائدها الاجتماعية التي أشبع القول علماؤنا الأعلام ممن عالجوا هذه الأمور بوعي المسلم الحكيم وأنت تعلم أن الشرع الإسلامي لم يهمل هذه الناحية، بل اختص الواجبات من الصلوات بها، وترك النوافل للنواحي الأخر من مصالح البشر( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٣٥٨) .

____________________

(٣٥٤) الترغيب والترهيب ج ١ / ٢٨٠، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ / ٢٢٧.

(٣٥٥) صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج ٢ / ١٨٨ ط العامرة، الفتح الكبير ج ٣ / ١٢٨، الترغيب والترهيب ج ١ / ٢٧٨.

(٣٥٦) صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج ٢ / ١٨٧ ط العامرة، صحيح ابن خزيمة، الفتح الكبير ج ١ / ١٤٢، الترغيب والترهيب ج ١ / ٢٧٨.

(٣٥٧) راجع: صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج ٢ / ١٨٧.

(٣٥٨) سورة الأحزاب: ٣٦ (*).

٢٧٤

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٥٦: -

[ المورد - (٢٧) -: صلاة الجنائز ]

وذلك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكبر على الجنائز خمسا، لكن الخليفة الثاني راقه أن يكون التكبير في الصلاة عليها أربعا فجمع الناس على الأربع، نص على ذلك جماعة من أعلام الأمة كالسيوطي (نقلا عن العسكري) حيث ذكر أوليات عمر من كتابه " تاريخ الخلفاء " وابن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر سنة ٢٣ من كتابه " روضة المناظر " المطبوع في هامش تاريخ ابن الأثير وغيرهما من أثبات المتتبعين(٣٥٩) .

وحسبك ما في كتاب الديمقراطية لمؤلفه الأستاذ خالد محمد خالد مما أوردناه آنفا في مبحث الطلاق الثلاث فراجع.

وقد أخرج الإمام أحمد من حديث زيد بن أرقم عن عبد الأعلى، قال: صليت خلف زيد ابن أرقم على جنازة فكبر خمسا، فقام إليه أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال: أنسيت ؟ قال: لا، ولكني صليت خلف أبي القاسم خليليصلى‌الله‌عليه‌وآله فكبر خمسا فلا أتركه أبدا انتهى(١) .

قلت: وصلى زيد بن أرقم على سعد بن جبير المعروف بسعد بن حبتة وهي أمه، وهو من الصحابة فكبر على جنازته خمسا، فيما رواه ابن حجر في ترجمة سعد من إصابته.

ورواه ابن قتيبة في أحوال أبي يوسف من معارفه،(٣٦٠) وكان سعد هذا جد أبي يوسف القاضي.

____________________

(٣٥٩) راجع: روضة الناظر لابن الشحنة بهامش الكامل ج ١ / ٢٠٣ ط قديم، الكامل في التاريخ ج ٣ / ٣١، الغدير ج ٦ / ٢٤٥

(١) راجعه في ص ٣٧٠ من الجزء الرابع من المسند (منه قدس).

(٣٦٠) الإصابة لابن حجر ج ٢ / ٢٢، المعارف لابن قتيبة ص، الطبقات لابن سعد. (*)

٢٧٥

وأخرج الإمام أحمد من حديث حذيفة من طريق يحيى بن عبد الله الجابر قال صليت خلف عيسى مولى لحذيفة بالمدائن على جنازة فكبر خمسا، ثم التفت إلينا فقال: ما وهمت ولا نسيت ولكن كبرت كما كبر مولاي وولي نعمتي حذيفة بن اليمان صلى على جنازة وكبر خمسا ثم التفت إلينا فقال: ما نسيت ولا وهمت ولكن كبرت كما كبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (الحديث)(٣٦١) .

[المورد - (٢٨)- اشتراط التوارث بين الإخوة والأخوات ان لا يكون للموروث منهم ولد]

قال الله تعالى:( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٣٦٢) الآية صريحة في اشتراط التوارث بين الإخوة والأخوات، أن لا يكون للموروث منهم ولد والبنت ولد لغة وعرفا(٣٦٣) .

____________________

(٣٦١) راجعه في أول ص ٤٠٦ من الجزء الخامس من المسند. ورواه الحافظ الذهبي في ترجمة يحيى بن عبد الله الجابر من ميزان الاعتدال عن جرير الضبى عن يحيى الجابر (منه قدس). عمدة القاري ج ٤ / ١٢٩، الغدير ج ٦ / ٢٤٥.

(٣٦٢) سورة النساء: ١٧٦.

(٣٦٣) ومعاجم اللغة كلها تشهد بذلك: وحسبك( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) وبشر بعض العرب ببنت فقال: والله ما هي بنعم الولد (منه قدس). مجمع البحرين ج ٣ / ١٦٥، معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الاصفهانى ص ٥٦٩.

٢٧٦

لكن عمر بن الخطاب حمل الولد في الآية على الذكر خاصة فواسى في الميراث بين بنت الميت وأخته لأبيه وأمه، فجعل لكل منهما النصف مما ترك، وتبعه في ذلك أهل المذاهب الأربعة(٣٦٤) .

أما أئمة العترة الطاهرة وأولياؤهم الإمامية فقد أجمعوا بأن لا حق للإخوة وسائر العصبة مطلقا مع وجود الولد ذكرا كان أم أنثى متعددا كان أم منفردا محتجين بهذه الآية، وبقوله تعالى( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ ) ولهم في سقوط العصبة مع وجود الولد ولو كان بنتا واحدة لهجة شديدة يعرفها من راجع نصوصهم في المواريث، ودونه كتاب وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة وسائر مسانيدهم(٣٦٥) .

وقد سئل ابن عباس عن رجل توفي وترك بنته وأخته لأبيه وأمه فقال: ليس لأخته شئ والبنت تأخذ النصف فرضا والباقي تأخذه ردا قال السائل :

____________________

(٣٦٤) العصبة: الفقه على المذاهب الخمسة ص ٥١٤ ط دار العلم للملايين، الفقه على المذاهب الأربعة. وكان الخليفة الثاني يجهل تفسير هذه الآية وحكم الكلالة وقد وردت على لسانه عدة روايات في ذلك. راجع: صحيح مسلم ك الفرائض باب ميراث الكلالة ج ٥ / ٦١، وراجع بقية الروايات في الغدير ج ٦ / ١٢٧ ومع هذا فقد حكم الخليفة عمر بأن الذكر في الطبقة اللاحقة يشارك الأنثى في الطبقة السابقة.

(٣٦٥) أهل البيت لا يقولون بالعصبة: وسائل الشيعة ك الفرائض والمواريث باب ١٧ من أبواب ميراث الأبوين ح ٣ و ٦ وباب ١٩ ح ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٦ وباب ١ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٧ و ٨ و ٩ و ١٢ وباب (٢) أن الأخ إذا انفرد فله المال ح ٢ و ٥ إلى غير ذلك من الأحاديث. (*)

٢٧٧

فان عمر قضى بغير ذلك. قال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله ؟. قال السائل: ما أدري وجه هذا ؟ حتى سألت ابن طاووس فذكرت له قول ابن عباس، فقال: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال الله عزوجل:( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) ، فقلتم أنتم: لها نصف ما ترك وان كان لها ولد(٣٦٦) .

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٢٥٩: -

[ المورد - (٢٩) -: عول الفرائض ]

اختلف المسلمون في جواز العول وعدمه، وحقيقة العول ان تنقص التركة عن ذوي السهام كأختين وزوج فان للاختين الثلثين وللزوج النصف، وقد التبس الأمر فيها على الخليفة الثاني فلم يدر أيهم قدم الله فيها ليقدمه، وأيهم أخر ليؤخره، فقضى بتوزيع النقص على الجميع بنسبة سهامهم، وهذا غاية ما يتحراه من العدل مع التباس الأمر عليه(٣٦٧) .

لكن أئمة أهل البيت وعلماؤهم عرفوا المقدم عند الله فقدموه، وعرفوا المؤخر فأخروه - وأهل البيت أدرى بالذي فيه -

____________________

(٣٦٦) أخرج هذا الحديث جماعة من حفظة السنن وهو موجود في كتاب الفرائض ص ٣٣٩ من الجزء الرابع من مستدرك الحاكم. وقد صرح ثمة بأنه صحيح على شرط الشيخين وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك حاكما بصحته على شرطهما أيضا فراجع (منه قدس). وراجع: الفقه على المذاهب الخمسة ص ٥١٤.

(٣٦٧) العول: الفقه على المذاهب الخمسة ص ٥١٩، جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام ج ٣٩ / ١٠٦ - ١٠٩ (*).

٢٧٨

قال: الإمام أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : كان أمير المؤمنين - عليعليه‌السلام - يقول: " ان الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول على ستة(١) لو يبصرون وجهها "(٣٦٨) .

وكان ابن عباس يقول: من شاء باهلته عند الحجر الأسود ان الله لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا، وقال أيضا: سبحان الله العظيم أترون ان الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا، هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث ؟. فقيل له يا أبا العباس فمن أول من أعال الفرائض ؟ فقال: لما التفت الفرائض عند عمر ودفع بعضها بعضا، قال: والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر، وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص قال ابن عباس: وأيم الله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله ما عالت الفريضة، فقيل له: أيها قدم الله وأيها أخر.، فقال: كل فريضة لم يهبطها الله إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي، فتلك التي أخر قال: فأما التي قدم فالزوج له النصف، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ ومثله

____________________

(١) كان الناس على عهدهعليه‌السلام يفرضون كل شئ ستة أجزء كل جزاء سدس كما يفرضون اليوم في عرفنا أربعة وعشرين قيراطا، وعليه فيكون مرادهعليه‌السلام انكم لو تبصرون وجوه السهام إذا تعارضت لم تتجاوز السهام عن الستة، وحيث أنكم لم تبصروا طرقها فقد تجاوزن عن الستة إذ أنكم تزيدون على الستة بقدر الناقص، مثلا إذا اجتمع أبوان وبنتان وزوج فللأبوين اثنان من الستة وللبنتين أربعة منها فتمت الستة فتزيدون على الستة واحدا ونصفا للزوج فتتجاوز السهام من الستة إلى سبعة ونصف. وهذا ممتنع ولا يجوز على الله تعالى أن يفرضه أبدا (منه قدس).

(٣٦٨) وسائل الشيعة ج ١٧ / ٤٢٣ ح ٩ و ١٤، الجواهر ج ٣٩ / ١٠٦ (*).

٢٧٩

الزوجة والأم قال: وأما التي أخر ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان، فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي (قال): فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بدئ بما قدم فأعطي حقه كاملا فان بقي شئ كان لما أخر. الحديث أورده شيخنا الشهيد الثاني في الروضة قال: وانما ذكرناه على طوله لاشتماله على أمور مهمة(٣٦٩) .

قلت: وأخرج الحاكم في كتاب الفرائض ص ٣٤٠ من الجزء الرابع من المستدرك عن ابن عباس أنه قال: أول من أعال الفرائض عمر وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقيل له: وأيها قدم الله، وأيها أخر، فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله عزوجل كالزوج والزوجة والأم وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها الا ما بقي فتلك التي أخر الله عزوجل كالأخوات والبنات فإذا اجتمع من قدم الله عزوجل ومن أخر بدئ بمن قدم فأعطى حقه كاملا، فان بقي شئ كان لمن أخر. (الحديث)(٣٧٠) .

وعلى هذا فإذا اجتمع الزوج والأم والبنات بدئ بالزوج والأم فأعطيا

____________________

(٣٦٩) أهل البيت لا يعترفون بالعول: راجع: الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج ٨ / ٨٨ - ٩٢، الكافي للكليني ج ٧ / ٧٩ - ٨٠ ح ٢، من لا يحضره الفقيه ج ٤ / ١٨٧، كنز العمال ج ١١ / ١٩ - ٢٠ ح ١٢١، وسائل الشيعة ج ١٧ / ٤٢٦ ب ٧ من أبواب موجبات الارث ح ٦، جواهر الكلام ج ٣٩ / ١٠٦، الطرائف لابن طاوس ج ٢ / ٤٦٩ عن أبى هلال العسكري.

(٣٧٠) قال الحاكم بعد إيراده: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، قلت: والذهبي لم يتعقبه إذ أورده في التلخيص إذعانا بصحته. ولنا حول العول في أجوبة موسى جار الله أبحاث دقيقة فليراجعها كل ولوع بتمحيص الحقيقة (منه قدس). وراجع: أحكام القرآن للجصاص ج ٢ / ١٠٩، السنن الكبرى ج ٦ / ٢٥٣، الغدير ج ٦ / ٢٧٠، أجوبة مسائل جار الله ص ٨٨ ط ٢ (*).

٢٨٠