النص والاجتهاد

النص والاجتهاد9%

النص والاجتهاد مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 629

النص والاجتهاد
  • البداية
  • السابق
  • 629 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165907 / تحميل: 7983
الحجم الحجم الحجم
النص والاجتهاد

النص والاجتهاد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

فأحرجها قائلة: إلى الله أشكو عقوق أبنائي(٦٦٥) .

[ عبدالله بن حكيم التميمي وطلحة ]

جاء عبدالله بن حكيم يناشد طلحة فيقول له(١) : يا أبا محمد أما هذا كتبك إلينا ؟. قال طلحة: بلى قال: كتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله، حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه ! فلعمري ما هذا رأيك، ان تريد إلا هذه الدنيا، فمهلا مهلا. ولم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة، فبايعته طائعا راضيا، ثم نكثت بيعتك، وجئت لتدخلنا في فتنتك ؟ فقال: ان عليا دعاني إلى بيعته بعدما بايعه الناس(٢) ، فعلمت إني لو لم أقبل ما عرضه علي لم يتم لي الأمر، ثم يغري بي من معه(٦٦٦) .

[ حكيم من بني جشم ينصح أهل البصرة ]

لما انتهت عائشة بمن معها إلى المربد - مكان من البصرة - قام الجشمي يخاطب أهل البصرة وقد اجتمعوا هناك فيقول(٣) : أنا فلان بن فلان الجشمي وقد أتاكم هؤلاء القوم، فان أتوكم خائفين، فانما أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير والوحش والسباع، وان كانوا أتوكم بدم عثمان فغيرنا ولي قتله، فأطيعوني أيها الناس وردوهم من حيث أقبلوا، فانكم ان لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس، والفتنة الصماء، فحصبه من أهل البصرة أشياع الجمل(٦٦٧) .

____________________

(٦٦٥) (١) كما في ص ٥٠٠ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس).

(٢) كذب هذا الناكث، إذ كان أول مبايع لعلى، نعوذ بالله من سوء الخاتمة (منه قدس).

(٦٦٦) الغدير ج ٩ / ٩٩.

(٣) كما في أواخر ص ٤٩٨ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس)

(٦٦٧) تاريخ الطبري ج٥ / ١٧٥ (*).

٤٦١

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٤١: -

[ خطاب عائشة في أهل البصرة ]

ثم أقبلت عائشة على جملها عسكر، فنادت بصوت مرتفع(١) : أيها الناس أقلوا الكلام واسكتوا، فسكت الناس لها فقالت: أيها الناس ان أمير المؤمنين عثمان كان قد غير وبدل، ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا، وانما نقموا عليه ضربه بالسوط، وتأميره الشبان، وحمايته موضع الغمامة فقتلوه محرما في حرمة الشهر وحرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل، ألا وان قريشا رمت غرضها بنبالها، وأدمت أفواهها بأيديها، وما نالت بقتلها اياه شيئا، ولا سلكت به سبيلا قاصدا، أما والله ليرونها بلايا عقيمة تنبه القائم، وتقيم الجالس، وليسلطن الله عليهم قوما لا يرحمونهم، يسومونهم سوء العذاب.

أيها الناس انه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه، ماصوه كما يماص الثوب الرحيض، ثم عدوا عليه فقتلوه بعد توبته، وخروجه من ذنبه، وبايعوا ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا وغصبا، أترونني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه، ولا أغضب لعثمان من سيوفكم ! ألا ان عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته، فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.

____________________

(١) كما في ص ٤٩٩ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس) (*).

٤٦٢

قال أهل السير والأخبار: فماج الناس واختلفوا. فمن قائل: القول ما قالت أم المؤمنين. ومن قائل يقول: ما هي وهذا الأمر انما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها. وارتفعت الأصوات، وكثر اللغط، حتى تضاربوا بالنعال وتراموا بالحصى، ثم تمايزوا فريقين، فريقا مع عثمان بن حنيف، وفريقا مع عائشة وأصحابها(٦٦٨) .

[ وقوف الفريقين للقتال ]

ثم أصبح الفريقان من غد، فصفا للحرب، وخرج عثمان بن حنيف(١) فناشد عائشة الله والإسلام، وأذكر طلحة والزبير بيعتهما عليا. فقالا: نطلب بدم عثمان فقال لهما: وما أنتما وذاك، أين بنوه ؟ أين بنو أعمامه الذين هم أحق به منكم ؟ كلا ولكنكما حسدتما عليا حيث اجتمع الناس عليه، وكنتما ترجوان هذا الأمر، وتعملان له، وهل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما ؟ ! فشتماه شتما قبيحا وذكرا أمه، فقال للزبير: لولا صفية ومكانها من رسول الله، فانها أدنتك إلى الظل، وان الأمر بيني وبينك يا ابن الصعبة يعني طلحة. ثم قال: اللهم اني قد أعذرت.

ثم حمل فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم تحاجزوا واصطلحوا على كيفية خاصة، فصلها المؤرخون، أرجأوا فيها الأمر إلى ما بعد وصول أمير المؤمنين إلى البصرة، وأعطى الفريقان على ما كتبوه

____________________

(٦٦٨) وقريب منه في: الكامل لابن الأثير ج ٣ / ١٠٩.

(١) كما في ص ٥٠٠ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس) (*).

٤٦٣

من الصلح عهد الله وميثاقه، وأشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد وذمة وميثاق، وختم الكتاب من الفريقين(٦٦٩) .

لكن عائشة وطلحة والزبير أجمعوا على مراسلة القبائل واستمالة العرب ووجوه الناس وأهل الرئاسة والشرف، من حيث لا يشعر الأمير ابن حنيف وأصحابه، فلما استوثق لأصحاب الجمل أمرهم، خرجوا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر، وقد لبسوا الدروع وظاهروا فوقها بالثياب، فانتهوا، إلى المسجد وقت صلاة الفجر وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه وأقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي، فأخره أصحاب طلحة والزبير وقدموا الزبير، فجاءت الشرطة وحرس بيت المال فأخرجوا الزبير وقدموا عثمان، ثم غلبهم أصحاب الزبير وقدموه، فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع، فصاح بهم أهل المسجد: ألا تتقون بالله يا أصحاب محمد ؟ وقد طلعت الشمس، فغلب الزبير وصلى بالناس.

فلما فرغ من صلاته صاح بأصحابه المسلحين: أن خذوا عثمان بن حنيف فلما أسر ضرب ضرب الموت ونتفت لحيته وشارباه وحاجباه وأشفار عينيه، وكل شعرة في رأسه ووجهه، وأخذوا الشرطة وحراس بيت المال وهم سبعون رجلا من المؤمنين من شيعة علي فانطلقوا بهم وبعثمان بن حنيف إلى عائشة فقالت لابان بن عثمان: اخرج إليه فاضرب عنقه فان الأنصار قتلوا أباك.

فنادى عثمان بن حنيف: يا عائشة ويا طلحة ويا زبير ان أخي سهلا خليفة علي على المدينة، وأقسم بالله ان لو قتلت ليضعن السيف في نبي أبيكم ورهطكم فلا يبقي ولا يذر. فكفوا عنه.

وأمرت عائشة الزبير أن يقتل الشرطة وحراس بيت المال وقالت له: قد بلغني الذي صنعوا بك، فذبحهم والله الزبير كما

____________________

(٦٦٩) راجع: الكامل ج ٣ / ١١٠، مروج الذهب ج ٢ / ٣٥٨ ط بيروت. (*)

٤٦٤

يذبح الغنم، ولي ذلك منهم ابنه عبدالله وهم سبعون رجلا، وبقيت منهم طائفة مستمسكين بيت المال قالوا: لا ندفعه إليكم حتى يقدم أمير المؤمنين. فسار إليهم الزبير في جيش ليلا فأوقع بهم وأخذ منهم خمسين أسيرا فقتلهم صبرا.

فكان هذا الغدر بعثمان بن حنيف، أول غدر كان في الإسلام، وكان قتل الشرطة وحراس بيت المال أول قوم ضربت أعناقهم من المسلمين صبرا، وكانوا مائة وعشرين رجلا، وقيل كانوا (كما في ٥٠١ من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي) أربعمأة رجل(٦٧٠) .

ثم طردوا عثمان بن حنيف فلحق بعلي، فلما رآه بكى وقال له: فارقتك شيخا وجئتك أمرد. فقال علي: انا لله وانا إليه راجعون. يقولها ثلاثا(٦٧١)

وقد منيعليه‌السلام في هذه المأساة بغصة لا تساغ، كان يشكو بثه فيها وحزنه إلى الله فيقول على المنبر: " اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فانهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ثم قالوا: ألا ان في الحق ان تأخذه، وفي الحق أن تتركه "(٦٧٢) (ثم ذكر أصحاب الجمل فقال): " فخرجوا يجرون حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما تجر الأمة عند شرائها متوجهين بها إلى البصرة، فحبسا نساءهما في بيوتهما، وأبرزا حبيس رسول الله لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة طائعا غير مكره فقدموا على عامل بها وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها، فقتلوا طائفة صبرا وطائفة غدرا. " الخطبة وهي في نهج البلاغة(٦٧٣) .

____________________

(٦٧٠) مروج الذهب ج ٢ / ٣٥٨.

(٦٧١) تاريخ الطبري ج ٥ / ١٨٦.

(٦٧٢) نهج البلاغة الخطبة - ٢١٧ -.

(٦٧٣) نهج البلاغة الخطبة - ١٧٢ - (*).

٤٦٥

[ موقف حكيم بن جبلة(١) ]

لما بلغ حكيم بن جبلة ما صنع القوم بعثمان بن حنيف وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم خرج في ثلثمائة من عبدالقيس وكان سيدهم. فخرج القوم إليه وحملوا عائشة على جمل، فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر، ويومها مع علي يوم الجمل الأكبر.

وتجالد الفريقان بالسيوف وأبلى حكيم وأصحابه بلاء حسنا، لكن شد رجل من الأزد من عسكر عائشة على حكيم فضرب رجل فقطعها، ووقع الأزدي عن فرسه، فجثا حكيم فأخذ رجله المقطوعة فضرب بها الأزدي فصرعه ثم دب إليه فقتله خنقا متكئا عليه حتى زهقت نفسه، فمر بحكيم إنسان وهو يجود بنفسه فقال له: من فعل بك هذا ؟ قال: وسادي فنظر فإذا الأزدي تحته.

وكان حكيم من أبطال العرب وشجعان المسلمين المستبصرين في شأن أهل البيت، وقد قتل معه ابنه الأشرف وإخوة له ثلاثة، وقتل معه أصحابه كلهم وهم ثلثمائة من عبدالقيس وكلهم من الاخيار، وربما كان بعض المقتولين يومئذ من بكر بن وائل. فلما صفت البصرة لعائشة وطلحة والزبير بعد قتل حكيم وأصحابه، وطردا ابن حنيف عنها.

اختلف طلحة والزبير في الصلاة، وأراد كل منهما أن يؤم بالناس، وخاف أن تكون صلاته خلف صاحبه تسليما له، ورضي بتقدمه ،

____________________

(١) فصله أهل السير والأخبار فراجعه في ص ٥٠١ من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس) (*).

٤٦٦

فأصلحت بينهما عائشة بأن جعلت الإمامة يوما لعبد الله بن الزبير، ويوما لمحمد ابن طلحة ولما دخلوا بيت المال في البصرة ورأوا ما فيه من الأموال. قرأ الزبير - وقد استفزه الفرح -:( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) فنحن أحق بها من أهل البصرة(٦٧٤) .

هذا مجمل ما كان في البصرة من الأحداث قبل وصول أمير المؤمنين إليها.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٤٦: -

[ وصول علي إلى البصرة والتقاء الجمعين ]

ثم جاء علي بعدها إلى البصرة بمن معه فنهدت إليه عائشة بمن معها تذوده عنها، وكانت رابطة الجأش، مشيعة القلب فكف يده عنها وعنهم باذلا وسعه في إصلاح ذا البين على ما يرضي الله تعالى ورسوله، وبلغ في ذلك كل مبلغ من قول أو فعل.

حتى روى ابن جرير الطبري(١) وغيره من اثبات أهل السير والأخبار: ان عليا دعا إليه الزبير يومئذ فذكره بكلمة قالها النبي له بمسمع منه وهي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " ليقاتلنك ابن عمتك هذا وهو لك ظالم "(٦٧٥) فانصرف عنه الزبير

____________________

(٦٧٤) اختلاف طلحة والزبير في الإمارة: مروج الذهب ج ٢ / ٣٥٧، تاريخ الطبري ج ٥ / ١٨٢.

(١) في خبر وقعة الجمل أواخر ص ٥١٩ من الجزء الثالث من تاريخ الأمم والملوك (منه قدس).

(٦٧٥) يوجد هذا الحديث بهذا اللفظ وقريب منه في كل من: المستدرك للحاكم ج ٣ / ٣٦٦ وصححه هو والذهبي، الأغاني لأبي الفرج ج ١٦ / ١٣١ و ١٣٢، العقد الفريد ج ٢ / ٢٧٩، مروج الذهب ج ٢ / ٣٦٣، الكامل لابن الأثير ج ٢ / ١٢٢، مطالب السئول ص ٤١، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٧٣، مجمع الزوائد ج ٧ / ٢٣٥، =>

٤٦٧

وقال: فاني لا أقاتلك ورجع إلى ابنه عبدالله فقال: مالي في هذا الحرب بصيرة، فقال له ابنه: انك قد خرجت على بحيرة ولكنك رأيت رايات ابن أبي طالب وعرفت ان تحتها الموت فجبنت. فأحفظه ولده حتى أرعد وغصب وقال ويحك إني قد حلفت له أن لا أقاتله، فقال ابنه: كفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس. فأعتقه وقام في الصف معهم(٦٧٦) .

وقال الطبري: وكان علي قال للزبير: أتطلب مني دم عثمان وأنت قتلته سلط الله على أشدنا عليه اليوم ما يكره(١) ، ودعا علي طلحة فقال: يا طلحة جئت بعرس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت، أما بايعتني ؟. قال: بايعتك وعلى عنقي اللج، وأصر طلحة على الحرب.

وحينئذ رجع علي إلى أصحابه فقال لهم (فيما حكاه الطبري وغيره): أيكم يعرض عليهم هذا المصحف(٢) وما فيه، فان قطعت يده أخذه بيده الأخرى فان قطعت أيضا أخذه بأسنانه. قال فتى شاب: أنا. فطاف علي على أصحابه يعرض ذلك عليهم، فلم يقبله إلا ذلك الشاب. فقال له علي: أعرض عليهم هذا

____________________

=> فتح الباري لابن حجر ج ١٣ / ٤٦، المواهب اللدنية للقسطلاني ج ٢ / ١٩٥، شرح المواهب للزرقاني ج ٣ / ٣١٨ وج ٧ / ٢١٧، الخصائص الكبرى للسيوطي ج ٢ / ١٣٧، السيرة الحلبية ج ٣ / ٣١٥، شرح الشفا للخفاجي ج ٣ / ١٦٥، الغدير للأميني ج ٣ / ١٩١ وج ٩ / ١٠١، تاريخ الطبري ج ٥ / ٢٠٠ و ٢٠٤، تذكرة الخواص ص ٧٠.

(٦٧٦) تاريخ الطبري ج ٥ / ٢٠٠، الكامل في التاريخ ج ٣ / ١٢٣، مروج الذهب ج ٢ / ٣٦٣، تذكرة الخواص ص ٧٠.

(١) راجع ص ٥٢٠ من الجزء الثالث من تاريخ الأمم والملوك، وقد استجاب الله دعاء على فسلط الله على الزبير عمرو بن جرموز فقتله في ذلك اليوم (منه قدس).

(٢) تنبغي الإشارة إلى ان ابن العاص أخذ حيلة المصاحف في صفين من هذه الواقعة وأساء استخدامها كما لا يخفى (منه قدس).

٤٦٨

وقل هو بيننا وبينكم من أوله إلى آخره، والله الله في دمائنا ودمائكم. فلما جاءهم الفتى حملوا عليه وفي يده المصحف فقطعوا يديه، فأخذه بأسنانه حتى قتل، وعندئذ قال علي لأصحابه: قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم.

ورثت أم الغلام المرسل بالمصحف بقولها فيما رواه الطبري(١) :

لاهم ان مسلما دعاهم

يتلو كتاب الله لا يخشاهم

وأمهم قائمة تراهم

يأتمرون الغي لا تناهم

قد خضبت من علق لحاهم(٦٧٧)

وبرزت ربه الجمل والهودج إلى المعركة، وقد عصفت في رأسها النخوة ونزت فيه سورة الانفة، فأدركتها حمية منكرة، وكانت أجرأ من ذي لبدة، قد جمعت ثيابها على أسد، تلهب حماسها في جيشها، فتدفعهم به إلى الموت دون جملها، وقد نظرت عن يسارها فقالت: من القوم عن يساري؟.

فأجابها صبرة بن شيمان (كما في الكامل لابن الأثير وغيره): نحن بنوك الأزد.

فقالت: يا آل غسان حافظوا اليوم على جلادكم الذي كنا نسمع به في قول القائل :

وجالد من غسان أهل حفاظها

وكعب وأوس جالدت وشبيب

فكان الأزد يأخذون بعر الجمل يشمونه ويقولون: بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك، وقالت لمن يمينها: من القوم عن يمينى ؟. قالوا: بكر بن وائل. قالت: لكم يقول القائل :

وجاءوا إلينا في الحديد كأنهم

من العزة القعساء بكر بن وائل

____________________

(١) راجع ص ٥٢٢ من الجزء الثالث من تاريخ الأمم والملوك (منه قدس).

(٦٧٧) تاريخ الطبري ج ٥ / ٢٠٤ و ٢٠٦، تذكرة الخواص ص ٧١، مروج الذهب ج ٢ / ٣٦١ (*).

٤٦٩

انما بازائكم عبدالقيس. وأقبلت على كتيبة بين يديها فقالت: من القوم ؟ قالوا: بنو ناجية. قالت: بخ بخ سيوف أبطحية قرشية، فجالدوا جلادا يتفادى منه، فكأنما أشعلت فيهم من الحماسة نارا تلظى. وتتابع حملة اللواء على خطام جملها مستميتين يقولون :

يا أمنا يا زوجة النبي

يا زوجة المبارك المهدي

نحن بنو ضبة لا نفر

حتى نرى جما جما تخر

يخر منها العلق المحمر

وما زالت تستفز حميتهم حتى عقر الجمل، بعد ان قتل على خطامه أربعون رجلا وكانت الهزيمة بأذن الله. ولو عناية أمير المؤمنين ساعتئذ في حفظها، ووقوفه بنفسه على صونها، لكان ما كان مما أعاذها الله منه في هذه الفتنة العمياء التي شقت عصا المسلمين إلى يوم الدين، وعلى أسسها كانت صفين والنهروان ومأساة كربلا وما بعدها. حتى نكبة فلسطين، في عصرنا هذا.

لكن أخا النبي وأبا سبطيه، وقف على الجمل بنفسه، حين أطفئت الفتنة بعقره، وما ان هوى بالهودج حتى آواه - وفيه عائشة - إلى وارف من ظله منيع، وجعل معها أخاها محمدا ليقوم بمهامها في نسوة من الصالحات، ومن على محاربيه وتفضل عليهم، وأطلق الأسرى من أعدائه الألداء، واختص عائشة من الكرامة بكل ما يناسب خلقه الكريم. وفضله العميم، وحكمته البالغة وهذا كله معلوم بحكم الضرورة من كتب السير والأخبار.

وتسمى هذه الوقعة وقعة الجمل الأكبر. وكانت يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين، وتفصيل الوقعتين في كتب السير والتواريخ فلتراجع.

٤٧٠

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٥٠: -

وقد كانت القتلى يوم الجمل

الأكبر ثلاثة عشر ألفا من أبناء عائشة فيهم طلحة والزبير بكل أسف، واستشهد يومئذ من أولياء علي اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - ألف أو دونه أو أكثر منه(٦٧٨) .

هذا وقد كانت أم المؤمنين من أعلم الناس بأن عليا أخو رسول الله ووليه ووارثه ووصيه(٦٧٩) وانه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله(٦٨٠) وانه

____________________

(٦٧٨) ولأجل المزيد من الاطلاع حول هذه الواقعة راجع: أحاديث أم المؤمنين عائشة ق ١ / ١٢١ - ٢٠٠، الجمل للشيخ المفيد ط الحيدرية، مروج الذهب ج ٢ / ٣٥٩ - ٣٦٠، أسد الغابة ج ٢ / ١١٤ و ١٧٨ وج ١ / ٣٨٥ وج ٤ / ٤٦ و ١٠٠ وج ٥ / ١٤٣ و ١٤٦ و ٢٨٦، الإصابة ج ١ / ٢٤٨ وج ٢ / ٣٩٥، تاريخ الطبري ج ٥ / ١٦٣، الكامل لابن الأثير ج ٣ / ١٠٥، تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ / ١٤٩.

(٦٧٩) كما تقدم تحت رقم (٥٥١ و ٥٥٢ و ٥٥٣ و ٥٥٤).

(٦٨٠) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ / ١٥٧ ح ٢١٩ و ٢٢٠ و ٢٢١ و ٢٢٢ و ٢٢٧ و ٢٣٢ و ٢٣٨ و ٢٤٠ و ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٢٤٤ و ٢٤٥ و ٢٤٦ و ٢٤٧ و ٢٤٨ و ٢٥٢ و ٢٥٣ و ٢٥٤ و ٢٥٥ و ٢٦٠ و ٢٦٢ و ٢٦٣ و ٢٦٤ و ٢٧٠ و ٢٧١ و ٢٧٣ و ٢٧٥ و ٢٧٦ و ٢٧٨ و ٢٧٩ و ٢٨٩ و ٢٩٠ ط ١، المستدرك للحاكم ج ٣ / ٣٨، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٤٥، فرائد السمطين ج ١ / ٢٥٣، مصنف ابن أبى شيبة ج ٦ / ١٥٤، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٢٣، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ / ٣٦، تاريخ بغداد ج ٨ / ٥، إحقاق الحق ج ٥ / ٤٠٠، أنساب الأشراف للبلاذري ج ٢ / ٩٣، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ١٨١ ح ٢١٧ و ٢٢١ ط ١، السنن الكبرى للبيهقي ج ٩ / ١٠٦، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٥٥ و ٥٦، ينابيع المودة للقندوزي ص ٤٨ ط اسلامبول، صحيح مسلم في باب مناقب علي بن أبي طالب ج ٧ / ١٢١ ط العامرة بمصر، حلية الأولياء ج ١ / ٦٢، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ / ١١٠ ط دار صادر، السيرة النبوية لابن هشام، البداية والنهاية ج ٤ / ١٨٦ وج ٧ / ٣٣٦، صحيح البخاري باب مناقب علي بن أبي طالب ج ٥ / ٢٣، الكامل في التاريخ ج ٢ / ١٤٩، أسد الغابة ج ٤ / ٢١، تذكرة الخواص ص ٢٥، التاريخ الكبير للبخاري ج ٤ / ٢٦٢، نزل الأبرار ص ٤٣. راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رق م (٤٧٤).

٤٧١

منه بمنزلة هارون من موسى إلا في النبوة(٦٨١) وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله "(٦٨٢) ، " رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار "(٦٨٣) .

____________________

(٦٨١) حديث المنزلة: من الأحاديث المتواترة ولأجل الاطلاع على مصادره راجع كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١١٧ تحت رقم (٤٧٥) ففيه الكفاية.

(٦٨٢) حديث المولاة: ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٢ / ١٣ ح ٥٠٨ و ٥١٣ و ٥١٤ و ٥٢٣ و ٥٤٤ و ٥٦٢ و ٥٦٩، كفاية الطالب ص ٦٣ ط الحيدرية وص ١٧ ط الغرى، كنز العمال ج ٦ / ٤٠٣ ط ١ وج ١٥ / ١١٥ ح ٣٣٢ و ٤٠٢ ط ٢، شواهد التنزيل للحسكاني ج ١ / ١٥٧ ح ٢١١ وص ١٩٢ ح ٢٥٠، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٠٥، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١٥١ ط السعيدية وص ١٣٧ ط العثمانية، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٩٦ ط الحيدرية وص ٢٦ و ٢٧ ط مصر، الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ١٦٣ ط بيروت وبهامش الفصل لابن حزم ج ١ / ٢٢٠، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ٢٠٩ و ٢٨٩ ط ١ وج ٢ / ٢٨٩ وج ٣ / ٢٠٨ بتحقيق أبو الفضل، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٣٢ ط الميمنية، أنساب الأشراف للبلاذري ج ٢ / ١١٢، نظم درر السمطين للزرندي ص ١١٢، المناقب للخوارزمي ص ٨٠ و ٩٤ و ١٣٠، ينابيع المودة للقندوزي ص ٢٨٩ ط اسلامبول وص ٢٩٧ ط الحيدرية، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ٦٩ ح ٣٦ و ٣٩ و ٤٠، نزل الأبرار للبدخشاني ص ٥١ - ٥٤، وراجع بقية مصادر الحديث في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١٨٢.

(٦٨٣) حديث: " الحق مع علي ". صحيح الترمذي ج ٥ / ٢٩٧ ح ٣٧٩٨، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٢٤، المناقب للخوارزمي ص ٥٦، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٣ / ١١٧ ح ١١٥٩ و ١١٦٠، غاية المرام ص ٥٣٩ (باب) ٤٥، شرح النهج لابن أبى الحديد ج ٢ / ٥٧٢ ط ١ وج ١٠ / ٢٧٠ بتحقيق أبو الفضل، منتخب كنز العمال بهامش =>

٤٧٢

وقد شهدت حجة الوداع مع رسول الله فرأته يوم الموقف يشيد بفضله آمرا أمته بالتمسك بثقليه تارة وبخصوص علي أخرى، منذرا بضلال من لم يأخذ بهما معا(٦٨٤) .

ويوم الغدير رأتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد رقى منبر الحدائج يعهد إلى علي عهده، ويوليه على الأمة بعده، بمسمع ومنظر من تلك الألوف المؤلفة قافلة من حجة الوداع، حيث تفترق بهم الطرق إلى بلادهم(٦٨٥) .

ورأته وقد نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين يقول لهم: " أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم " أخرجه كل من الإمامين أحمد في مسنده(١) والحاكم في صحيحه المستدرك، والطبراني في الكبير، ورواه الترمذي بسنده الصحيح إلى زيد بن أرقم، كما في ترجمة الزهراء من الإصابة(٦٨٦) .

____________________

=> مسند أحمد ج ٥ / ٦٢، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ / ١٣١، جامع الأصول لابن الأثير ج ٩ / ٤٢٠، إحقاق الحق للتستري ج ٥ / ٦٢٦، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ١٧٦ ح ١٣٨، الغدير ج ٣ / ١٧٩، دلائل الصدق ج ٢ / ٣٠٢، المعيار والموازنة للاسكافي المعتزلي ص ٣٥ و ١١٩، نزل الأبرار للبدخشانى ص ٥٦، راجع بقية المصادر في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١٧٠ ط بيروت.

(٦٨٤) تقدم حديث الثقلين مع مصادره تحت رقم (١٥) وسوف يأتي أيضا.

(٦٨٥) الغدير للأميني ج ١ / ٩، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ٧٣ ح ٣٩. ولأجل المزيد من الاطلاع على هذه الحادثة مع مصادرها راجع: سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١٧٣ تحت رقم (٦١٥ و ٦١٦ و ٦١٧ و ٦١٨ و ٦١٩ و ٦٢٠ و ٦٢١ و ٦٢٢) ففيها مئات المصادر لهذه الواقعة المباركة. وسوف يأتي بعض منها.

(١) راجع من المسند ص ٤٤٢ من جزئه الثاني بالإسناد إلى أبى هريرة (منه قدس).

(٦٨٦) صحيح الترمذي ج ٥ / ٣٦٠ ح ٣٩٦٢، سنن ابن ماجة ج ١ / ٥٢ ح ١٤٥، =>

٤٧٣

ورأتهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جللهم بكسائه يقول حينئذ: " أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم "(٦٨٧) إلى كثير من أمثال هذه النصوص الصحيحة التي لم يخف شئ منها على أم المؤمنين فانها عيبة الحديث حتى قيل عنها :

حفظت أربعين ألف حديث

ومن الذكر آية تنساها(٦٨٨)

وحسبها ما قد رواه أبوها أبو بكر إذ قال: رأيت رسول الله خيم

____________________

=> المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٤٩، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٦٤ ح ٩٠ ط ١، أسد الغابة ج ٣ / ١١ وج ٥ / ٥٢٣ ذخائر العقبى ص ٢٥، الصواعق المحرقة ص ١١٢ ط الميمنية وص ١٨٥ ط المحمدية، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٦ و ١٦٩، كفاية الطالب ص ٣٣٠ و ٣٣١ ط الحيدرية وص ١٨٨ و ١٨٩ ط الغرى، ينابيع المودة للقندوزي ص ٣٥ و ١٦٥ و ١٧٢ و ١٩٤ و ٢٣٠ و ٢٦١ و ٢٩٤ و ٣٠٩ و ٣٧٠ ط اسلامبول، شواهد التنزيل للحسكاني ج ٢ / ٢٧، المناقب للخوارزمي ص ٩١، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ٦١ و ٩٩، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ / ٣، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ / ٢٧١، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٢، إحقاق الحق ج ٩ / ١٦١ - ١٧٤، نزل الأبرار ص ٣٥ و ١٠٥، فرائد السمطين للحمويني ج ٢ / ٣٩، سمط النجوم ج ٢ / ٤٨٨. وقد تقدم مع مصادر أخرى تحت رقم (١٢٦).

(٦٨٧) نقل ابن حجر الهيثمي في تفسير الآية من آيات فضلهم التي وردت في الفصل الحادي عشر من صواعقه، وقد استفاض قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله حرب علي حربي وسلمه سلمى (منه قدس). الصواعق لابن حجر ص ١٤٢ و ١٨٥ ط المحمدية و ٨٥ و ١١٢ ط الميمنية، الإصابة ج ٤ / ٣٧٨، ينابيع المودة ص ٢٢٩ و ٢٩٤ و ٣٠٩ ط اسلامبول، نظم درر السمطين ص ٢٣٢ و ٢٣٩، مصابيح السنة للبغوي ج ٢ / ٢٨٠، مشكاة المصابيح ج ٣ / ٢٥٨، ذخائر العقبى ص ٢٣، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٤٩، وقد تقدم تحت رقم (١٢٨).

(٦٨٨) هذا البيت للشيخ كاظم الأزري راجع الأزرية ص. (*)

٤٧٤

خيمة(١) وهو متكئ على قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : " معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد. ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد "(٦٨٩) .

فهل يا ترى كانت أم المؤمنين في هذا الخروج وما إليه تريد الله ورسوله والدار الآخرة، وأنها من المحسنات ؟ تبتغي بذلك الأجر والثواب الذي وعد الله به نساء نبيه إذ يقول:( وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٦٩٠) .

أم كانت ترى أن بينها وبين الله هوادة، تبيح لها ما قد حرمه الله على العالمين ؟ فارتكبت بخروجها - على الإمام - ما أرتكبت آمنة من وعيده إذ يقول:( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ

____________________

(١) لعل هذه الخيمة هي الكساء الذي جللهم به حين أوحى إليه فيهم: "( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ". وقد فصلنا ذلك في الفصل الثاني من المطلب الأول من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء، فليراجعها من أراد الشفاء من كل داء (منه قدس).

(٦٨٩) تجد هذا الحديث منقولا عن أبى بكر الصديق في كتاب عبقرية محمد للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد بعين لفظه تحت عنوان - النبي والإمام والصحابة - فراجع (منه قدس).

وأيضا في: فرائد السمطين للحمويني ج ٢ / ٤٠ ح ٣٧٣، المناقب للخوارزمي ص ٢١١، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ٤، سمط النجوم ج ٢ / ٤٨٨ راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم (١٢٨).

(٦٩٠) سورة الأحزاب: ٢٩ (*).

٤٧٥

وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) (٦٩١) .

أم أنها يا ترى رأت خروجها ذلك الخروج، عبادة لله وقنوتا منها له ولرسوله وعملا صالحا ؟ فاستأثرت به عملا بقوله تعالى:( وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ) (٦٩٢) !

أم أنها أرادت أن تمثل التقوى والورع بخروجها دون صواحبها من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لتستأثر من بينهن بالعمل بقوله تعالى:( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) (٦٩٣) .

وهل رأت بيت ابن ضبة بيتها الذي أمرها الله أن تقرأ فيه ؟ ورأت قيادتها لتلك الجيوش سرداقا ضربه طلحة والزبير عليها يصونها عن تبرج الجاهلية الأولى ؟ ويفرغها للصلاة والزكاة وطاعة الله ورسوله ؟(٦٩٤) .

ورأت أنها تكون بذلك كله نصب أمر الله ونهيه إذ يقول عزوجل:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) (٦٩٥) .

وماذا تقول ؟ أو يقول أولياؤها ؟ في خطاب الله لها ولصاحبتها بقوله:( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا (١) وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ

____________________

(٦٩١) سورة الأحزاب: ٣٠.

(٦٩٢) سورة الأحزاب: ٣١.

(٦٩٣) سورة الأحزاب: ٣٢.

(٦٩٤) إشارة إلى البيت الذي استقرت فيه في البصرة. راجع: شرح ابن أبى الحديد.

(٦٩٥) سورة الأحزاب: ٣٣.

(١) ثبت بهذه الآية صدور الذنب منهما، ووجوب التوبة عليهما (منه قدس) (*).

٤٧٦

وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (١) * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) (٦٩٦) .

وحسبهما من الله تعالى حجة عليهما، مثله العظيم، الذي ضربه لهما في سورة التحريم، أعني قوله عز من قائل:( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٦٩٧) .

ولله قول من يقول من أبطال أهل البيت علما وعملا :

عائش ما نقول في قتالك

سلكت في مسالك المهالك

وحسبك ما أخرج البخاري

من الصحيح مومئا للدار(٢)

____________________

(١) هذه هي الغاية في الاستعداد لمكافحتهما في نصرته والدفاع عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحيث لو تظاهر عليه أهل الأرض في الطول والعرض، ما أعد لمكافحتهم أكثر من هذه القوة كما لا يخفى (منه قدس).

(٦٩٦) سورة التحريم: ٤ و ٥. راجع ما تقدم من مصادر تحت رقم (٦٢٠).

(٦٩٧) سورة التحريم: ٩ و ١٠. راجع: تفسير القرطبي ج ١٨ / ٢٠٢، فتح القدير للشوكاني ج ٥ / ٢٥٥.

(٢) يشير في هذا البيت إلى ما أخرجه البخاري في باب ما جاء في بيوت أزواج النبي من كتاب الجهاد والسير ص ١٢٥ من الجزء الثاني من صحيحه عن عبدالله قال: قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأشار إلى مسكن عائشة فقال: ههنا الفتنة ههنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان، ولفظه عند مسلم: خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بيت عائشة فقال رأس الكفر من ههنا حيث يطلع قرن الشيطان. فراجعه في كتاب الفتن واشراط الساعة ص ٥٠٣ من الجزء الثاني من صحيحه (منه قدس) (*).

٤٧٧

قد قيل تبت وعلي غمضا

فلم سجدت الشكر لما قبضا "(١)

ولم ركبت البغل في يوم الحسن

تؤججين نار هاتيك الفتن(٦٩٨)

____________________

(١) اشارة إلى ما كان من أم المؤمنين، حين بلغها نعى علىعليه‌السلام من أنها سجدت لله شكرا ثم رفعت رأسها قائلة :

فألقت عصاها واستقر بها النوى

كما قر عينا بالإياب المسافر

ثم سألت: من قتله ؟. فقيل لها: رجل من مراد. فقالت :

فان يك نائيا فلقد نعاه

غلام ليس في فيه التراب

فأنكرت عليها زينب بنت أم سلمة قائلة لها، العلى تقولين هذا يا عائش ؟ !. فأجابت عائش: أنى نسيت، فإذا نسيت فذكروني ! ! (منه قدس).

(٦٩٨) كان الإمام أبو محمد الحسن الزكي سيد شباب أهل الجنة، أنذر الهاشميين قبل وفاته بفتنة يخشاها من بني أمية إذا أراد الهاشميون دفنه عند جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعهد إلى أخيه سيد الشهداء أن يتدارك الشر إذا هبت عواصفه، بدفنه في البقيع عند جدته فاطمة بنت أسد، وأقسم عليه أن لا يريق في سبيله مل‌ء محجمة من دم. فلما قضى (بأبي وأمي) نحبه، أراد الهاشميون أن يجددوا به العهد بجده رسول الله، أو أنهم أرادوا أن يدفنوه عنده إذا أمنوا الفتنة، فقامت قيامة بني أمية، وأعدوا للحرب عدتها متجهزين بجهازها، وعلى رأسهم مروان بن الحكم وسعيد بن العاص، وكان مروان ينادى يا رب هيجاء هي خير من دعة، أيدفن أمير المؤمنين (عثمان) في أقصى المدينة، ويدفن الحسن مع رسول الله. وجاؤا بعائشة وهي على بغل، تذودهم عن بيتها قائلة: لا تدخلوه بيتي.

ففي ترجمة الحسن من كتاب (مقاتل الطالبيين) لأبي الفرج الاصفهانى المروانى عن على بن طاهر بن زيد يقول: لما أرادوا دفنه، أي الحسن، ركبت عائشة بغلا واستعونت بني أمية ومروان ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو قول القائل: يوما على بغل، ويوما على جمل. وذكر المسعودي ركوب عائشة البغلة الشهباء، ليومها الثاني من أهل البيت قال: فأتاها القاسم بن محمد بن أبى بكر فقال: يا عمة ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر أتريدين أن يقال: يوم البغلة الشهباء. أه‍. وفى ذلك يقول القائل: =>

٤٧٨

... ..

____________________

=>

تجملت تبغلت ولو عشت تفيلت

لك التسع من الثمن وفى الكل تصرفت

ولنا هنا أن نبحث عن الوجه في كون بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيتها تدخل فيه من تحب، وتنرود عنه من لا تحب ؟ شأن المالك يتصرف في ملكه المطلق كيف يشاء، فهل يا ترى ملكها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيته ببيع أو هبة أو نحوهما ؟ كلا. وما أظن ان أحدا قال ذلك أو توهمه.

نعم أسكنها في حجرة من حجرات داره، كما أسكن غيرها من نسائه في حجرات اخر، وكما يسكن كل رجل زوجته في بيته قياما بواجب المرأة على زوجها فان اسكانها من نفقاتها الواجبة لها عليه اجماعا وقولا واحدا. والمرأة انما تسكن في بيت زوجها. فيدها على مسكنها ليست من امارات الملك في شئ، لان المتصرف في مسكنها في الحقيقة، انما هو الرجل، حيث انه هو الذى أسكنها فيه وحيث انه كان يساكنها في نفس البيت، ولو في يومها وليلتها في أقل الفروض.

على انه لو سلمنا ان يد عائشة على حجرتها، امارة تملكها، فلم لم تكن يد الزهراء على فدك امارة على تملكها ؟ ! وشتان بين هاتين اليدين، فان يد البنت على شئ من أملاك أبيها تتصرف فيه على عهده بمنظر منه ومسمع، لمن امارات الملك بلا كلام، ولاسيما إذا كانت نازحة على بيت أبيها إلى بيت زوجها. بخلاف يد الزوجة على حجرة من حجرات دار زوجها، ونحن نحكم العرف البشرى في هذه الفرق بين هاتين اليدين.

ولعل الخليفة يومئذ وهو أبوها، ملكها بيت رسول الله بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بولايته العامة، وهذا ليس بالبعيد، لكنا كنا نأمل منه، أن يعامل بنت رسول الله فيما كان في يدها، معاملة بنته، ولو فعل لكان ذلك أقرب إلى اجتماع الكلمة، ولم شعث الأمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (منه قدس). هذه الأبيات. (*)

٤٧٩

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٥٩: -

[ الفصل الخامس ] [ تأول خالد بن الوليد ] [ المورد - (٨٦) -: ذلك ما فعله خالد بن الوليد يوم فتح مكة ]

وقد نهاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ عن القتل والقتال، كما نص عليه أهل السير والأخبار، ورواه أثبات المحدثين بأسانيدهم الصحيحة، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله له يومئذ وللزبير: " لا تقاتلا إلا من قاتلكما ".

ولكن خالدا قاتل مع ذلك وقتل نيفا وعشرين رجلا من قريش وأربعة نفر من هذيل فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة، فرأى امرأة مقتولة، فسأل حنظلة الكاتب: من قتلها ؟: قال: خالد بن الوليد. فأمره أن يدرك خالدا فينهاه أن يقتل امرأة أو وليدا، أو عسيفا - أي أجيرا -(٦٩٩) إلى آخر ما تجده من هذه القضية في " عبقرية عمر " للأستاذ العقاد ص ٢٦٦.

____________________

(٦٩٩) هذه الحادثة رواها ابن هشام في غزوة حنين في السيرة النبوية ج ١٤ ١٠٠ ولعلها قد تكررت من خالد. (*)

٤٨٠

[ المورد - (٨٧) - بطشته الجاهلية في بني جذيمة: ]

وقد أرسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم، داعيا لهم إلى الإسلام(١) ، ولم يبعثه مقاتلا، وكان بنو جذيمة قتلوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة. فلما جاءهم بمن معه قال لهم: ضعوا أسلحتكم فان الناس قد أسلموا. فوضعوا أسلحتهم، وأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم مقتلة عظيمة(٢) فلما انتهى الخبر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رفع يديه إلى السماء فقال - كما في باب بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كتاب المغازي من صحيح البخاري(٣) -: " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد. مرتين "(٧٠٠) .

ثم أرسل عليا - كما في تاريخي ابن جرير وابن الأثير وغيرهما - ومعه مال وأمره أن ينظر في أمرهم، فودى لهم الدماء والأموال حتى انه ليدي

____________________

(١) في ثلثمائة من المهاجرين والأنصار، وكان ذلك في شوال بعد فتح مكة وقبل وقعة حنين (منه قدس).

(٢) لم يقتصر خالد هنا على مخالفة النص الصريح في عهد النبي إليه في بني جذيمة، بل كان في بطشته هذه بهم خارجا على عدة قواعد للإسلام الأساسية، كهدر دماء الجاهلية، وككون الإسلام يجب ما قبله.

وكقوله عز من قائل في محكم فرقانه العظيم (وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ) وقد أسرف هذا الرجل في القتل على ان عمه كان مهدور الدم لا قيمة له، وعلى أنه لا ولاية له على عمه، ففعله هذا مع كونه مرسلا من قبل رسول الله، من أفحش المنكرات التي لا تنسى إلى يوم القيامة ولا تقل عن منكراته يوم البطاح (منه قدس).

(٣) ص ٤٨ من جزئه الثالث حيث أخرج البخاري حديث خالد مع بني جذيمة وقتله إياهم، وأخرجه أيضا الإمام أحمد من حديث عبدالله بن عمر في مسنده (منه قدس).

(٧٠٠) الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ / ١٥٣، الغدير للأميني ج ٧ / ١٦٨ و ١٦٩ (*).

٤٨١

ميلغة الكلب وبقى معه من المال فضلة فقال لهم: هل بقي لكم مال أو دم لم يؤد ؟ قالوا لا. قال: فاني أعطيكم هذه البقية احتياطا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ففعل ثم رجع فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أصبت وأحسنت - هذا ما نقله المؤرخون ومترجموا خالد - حتى قال ابن عبد البر بعد ان ان ذكر هذا الخبر عنه في ترجمته من الاستيعاب ما هذا لفظه: وخبره في ذلك من صحيح الأثر. آه.(٧٠١) .

وأورد هذه القضية من أساتذة أهل الفضل وحفظة الآثار عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية " عمر " فقال: بعث رسول الله خالدا إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام، ولم يبعثه للقتال، وأمره ألا يقاتل أحدا ان رأى مسجدا أو سمع أذانا. ثم وضع بنو جذيمة السلاح بعد جدال بينهم واستسلموا. فأمر بهم خالد فكتفوا، ثم عرضهم السيف فقتل منهم، وأفلت من القوم غلام يقال له السميدع حتى اقتحم على رسول الله وأخبره وشكاه إليه، فسأله رسول الله هل أنكر عليه أحد ما صنع. قال نعم رجل أصفر ربعة، ورجل أحمر طويل

وكان عمر حاضرا فقال: أنا والله يا رسول الله أعرفهما أما الأول: فهو ابني. وأما الثاني: فهو سالم مولى أبي حذيفة. وظهر بعد ذلك ان خالدا أمر كل من أسر أسيرا أن يضرب عنقه. فأطلق عبدالله بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة أسيرين كانا معهما. فرفع رسول الله يديه حين علم ذلك وقال: " اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد ". ثم دعا علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأمره أن يقصد إلى القوم ومعه ابل وورق، فودى لهم الدماء وعوضهم من الأموال(٧٠٢) .

____________________

(٧٠١) تاريخ الطبري ج ٣ / ١٢٢، الكامل لابن الأثير ج ٢ / ١٧٣، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ / ١٥٣، الغدير للأميني ج ٧ / ١٦٩، دلائل الصدق ج ٣ ق ١ ص ٣٣ و ٣٤.

(٧٠٢) راجع قضية بني جذيمة في كل من =>

٤٨٢

قلت ولم يقتلصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتلاهم أحدا، إذ كان القاتلون لهم من المسلمين، والمقتولون لم يقولوا: أسلمنا. وانما قالوا: صبأنا. وهي ليست صريحة في إسلام، ولا يقتل مسلم بكافر. وقد ارتكب خالد يوم البطاح من مالك بن نويرة وقومه ما قد أتينا على كثير منه في الفصل الأول من هذا الكتاب ص ٦١، فليراجع بامعان وتحرر(٧٠٣) ليعلم من المسؤول عن تلك الفظائع والفجائع، وكيف ذهبت أموال المسلمين ودماؤهم وأعراضهم سدى، وفيم تعطلت حدود الله وانتهكت حرماته.

وبم هدأت ثورة الثائرين على خالد، وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب وبم كان خالد في السقوط عن درجة الاعتبار لدى الخليفة الثاني بمثابة أوجبت عليه المبادرة إلى عزله فعزله فورا وبعث بعزله وبنعي أبي بكر إلى الشام مع بريد واحد، كما صرح به ابن الأثير وغيره(٧٠٤) .

____________________

=> الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ / ١٥٣، الإصابة ج ١ / ٣١٨ و ٢٢٧ وج ٢ / ٨١، السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ / ٥٣، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ / ١٤٧، تاريخ أبى الفداء ج ١ / ١٤٥، أسد الغابة ج ٣ / ١٠٢، الغدير ج ٧ / ١٦٨ - ١٦٩، صحيح البخاري ك المغازي باب بعث خالد إلى بني جذيمة، دلائل الصدق ج ٣ ق ١ ص ٣٤.

(٧٠٣) راجع في جرائم خالد بن الوليد: الغدير للأميني ج ٧ / ١٥٨ - ١٦٩، وما تقدم تحت رقم (١٧١) وما بعده.

(٧٠٤) الكامل لابن الأثير ج ٢ / ٢٩٣ (*).

٤٨٣

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٦٣: -

[ الفصل السادس ] [ في بعض ما كان من معاوية ] [ المورد - (٨٨) -: إلحاق معاوية لزياد بأبي سفيان ]

وذلك أنه انما ألحقه بأبيه أبي سفيان بدعوى أنه عاهر في الجاهلية سمية وهي على فراش عبيد فحملت بزياد، مستندا في ذلك إلى شهادة أبي مريم، المتجر بالخمر والقيادة - كما في المختصر لابن الشحنة -(٧٠٥)

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " الولد للفراش وللعاهر الحجر "(٧٠٦) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله من

____________________

(٧٠٥) الكامل لابن الأثير ج ٣ / ٢٢٠، الغدير للأميني ج ١٠ / ٢٢٣، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٥، العقد الفريد ج ٣ / ٢، تاريخ ابن عساكر ج ٥ / ٤٠٩. وراجع أيضا في استلحاق معاوية زيادا: دلائل الصدق ج ٣ ق ١ ص ٢١٧.

(٧٠٦) هذا الحديث مشهور بل متواتر فقد رواه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم عن أبى هريرة: صحيح البخاري ك الفرائض ج ٢ / ١٩٩، صحيح مسلم ك الرضاع ج ١ / ٤٧١، صحيح الترمذي ج ١ / ١٥٠ وج ٢ / ٣٤، سنن النسائي ج ٢ / ١١٠، سنن أبي داود ج ١ / ٣١٠، سنن البيهقي ج ٧ / ٤٠٢ و ٤١٢

٤٨٤

حديث(١) : ". ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".

وحسبنا قوله عز من قائل:( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ) (٧٠٧) .

وكان فعل معاوية هذا أول عمل جاهلي عمل به في الإسلام علانية، فأنكر عليه كافة الناس فلم يرعوا ولم يبال بذلك، وكان يغضب إذا لم يدع زياد إلى أبيه، فأنكر عليه بعض معاصر به فقال :

أتغضب أن يقال أبوك عف

وترضى أن يقال أبوك زان(٧٠٨)

[ المورد - (٨٩) - عهده بالخلافة إلى ابنه يزيد: ]

عهد بها إليه وانه للصبي الجاهل، يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، والقردة، ولا يعرف من الدين موطئ قدمه، مسرف في لهوه كل الإسراف، وأبوه يعرف ليله ونهاره، وإعلانه وإسراره(٧٠٩) ويعرف منزلة الحسينعليه‌السلام من الله

____________________

=> وعن عائشة: رواه الحفاظ إلا الترمذي كما في نصب الراية ج ٣ / ٢٣٦. وعن عمر وعثمان: في سنن البيهقي ج ٧ / ٤١٢. وراجع أيضا: مسند أحمد ج ١ / ١٠٤ وج ٢ / ٤٠٩ وج ٥ / ٣٢٦. الغدير للأميني ج ١٠ / ٢١٦، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٢ / ٥٢ ح ٥٥١، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٥.

(١) أخرجه البخاري في باب النجش من كتاب البيوع ص ١٢ من الجزء الثاني من صحيحه (منه قدس).

(٧٠٧) سورة الأحزاب: ٥.

(٧٠٨) يروى هذا البيت لزياد (يزيد) بن ربيعة بن مفرغ الحميري الشاعر الشهير وقيل لعبد الرحمن بن الحكم. راجع الغدير للأميني ج ١٠ / ٢٢٠ - ٢٢١.

(٧٠٩) مقتل الحسين للمقرم ص ١٢ و ١٣ - ١٦، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٦، نيل الاوطار ج ٧ / ١٤٧، روح المعاني للالوسي ج ٦ / ٧٣ تفسير آية =>

٤٨٥

ومكانته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومحله في نفوس المؤمنين(٧١٠) .

على أنه كان يومئذ في المهاجرين والأنصار - وبقية البدريين وأهل بيعة الرضوان -(٧١١) جم غفير، وعدة وافرة كلهم قارئ للقرآن، عالم بمواقع الأحكام، خبير بالسياسة، حقيق (على رأي الجمهور) بالخلافة والرآسة، فلم يراع سابقتهم في الإسلام ولا عناءهم في تأييد الدين، وأمر عليهم شريره المتهتك وسكيره المفضوح، فكان منه في طف كربلاء مع خامس أصحاب الكساء، وسيد شباب أهل الجنة ما أثكل النبيين وأبكى الصخر الأصم دما، ورمى المدينة الطيبة بمجرم بن عقبة، - بعهد إليه في ذلك من أبيه(٧١٢) -

____________________

=>( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ ) ، النجوم الزاهرة ج ١ / ١٦٣، الإمامة والسياسة ج ١ / ١٥٣ و ١٥٥ الغدير ج ٣ / ٢٦٠: تاريخ الطبري ج ١١ / ٣٥٨ ط قديم، شيخ المضيرة أبو هريرة ص ١٦٣.

(٧١٠) ويكفى في فضله ما تقدم من نزول آية التطهير والمودة وسورة هل أتى وآية المباهلة وحديث الثقلين وحديث السفينة وغيرها فيه وفى أبيه وأمه وأخيه راجع ما تقدم من مصادر تحت رقم (١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٧ و ١٠٨ و ١٠٩ و ١١٣ و ١٥ و ١٦ و ١٧).

(٧١١) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٦، الغدير ج ٣ / ٢٥٥.

(٧١٢) كما نص عليه الإمام ابن جرير الطبري في الصفحة الأخيرة من حوادث سنة ٦٣ من أوائل الجزء ٧ على تاريخه، وابن عبد ربه المالكي حيث ذكر وقعة الحرة في الجزء الثاني من عقده الفريد، ولم يبال يزيد ولا أبوه بقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أخاف المدينة أخافه الله عزوجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا أخرجه الإمام أحمد من حديث السائب بن خلاد بطريقين إليه في ص ٩٦ من الجزء ٤ من مسنده (منه قدس).

ضرب الكعبة الكعبة بالمنجيليق وحرقها: راجع: الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٦، مقتل الحسين للمقرم ص ١١، رسائل الجاحظ ص ٢٩٨، الرسالة الحادية عشر في بني أمية، سير أعلام النبلاء =>

٤٨٦

فكانت أمور تكاد السماوات يتفطرن منها، وحسبك أنهم أباحوا المدينة الطيبة ثلاثة أيام، حتى افتض فيها ألف عذراء(١) من بنات المهاجرين والأنصار، وقتل يومئذ من المهاجرين والأنصار وأبنائهم وسائر المسلمين عشرة آلاف وسبعمائة وثمانون رجلا، ولم يبق بعدها بدري(٢) وقتل من النساء والصبيان عدد كثير، وكان الجندي يأخذ برجل الرضيع فيجذبه من أمه ويضرب به الحائط حتى ينثر دماغه على الأرض وأمه تنظر إليه(٧١٣)

ثم أمروا بالبيعة ليزيد على أنهم حول وعبيد، ان شاء استرق وان شاء أعتق، فبايعوه على ذلك

____________________

=> للذهبي، وفاء الوفاء ج ١ / ١٢٧ وص ١٣٧. وأما الأحاديث في حرمة المدينة ولعنةصلى‌الله‌عليه‌وآله من أخاف أهل المدينة وغير ذلك فراجعها في: الغدير للأميني ج ١١ / ٣٤ - ٣٦، وفاء الوفاء ج ١ / ٤٣ - ٤٧.

(١) كما نص عليه السيوطي في تاريخ الخلفاء وعلمه جميع الناس حتى قال ابن الطقطقى في ص ١٠٧ من تاريخه المعروف بالفخري ما هذا نصه: فقيل أن الرجل من أهل المدينة بعد ذلك كان إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول لعلها افتضت في وقعة الحرة. أه‍ وقال الشبراوي في ص ٦٦ من كتابه (الإتحاف) وافتض فيها نحو ألف بكر وحمل فيها من النساء اللاتي لا أزواج لهن نحو من ألف امرأة.

(قلت) وقال ابن خلكان حيث ذكر وقعة الحرة في ترجمة يزيد بن القعقاع القارئ المدني من وفياته ما هذا لفظه: كان يزيد بن معاوية في مدة ولايته قد سير إلى المدينة جيشا مقدمه مسلم بن عقبة المرى فنهبها وأخرج أهلها إلى هذه الحرة فكانت الوقعة فيها، وجرى فيها ما يطول شرحه وهو مسطور في التواريخ، حتى قيل أن بعد وقعة الحرة ولدت أكثر من ألف بكر من أهل المدينة بسبب ما جرى فيها من الفجور (منه قدس).

(٢) نص على ذلك ابن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة وغير واحد من أهل الأخبار (منه قدس).

(٧١٣) راجع ص ٢٠٠ من كتاب الإمامة والسياسة للإمام ابن قتيبة الدينوري (منه قدس) =>

٤٨٧

وأموالهم مسلوبه، ورحالهم منهوبة، ودماؤهم مسفوكة، ونساؤهم مهتوكة، وبعث مجرم بن عقبة برؤس أهل المدينة إلى يزيد. فلما ألقيت بين يديه تمثل بقول القائل: ليت أشياخي ببدر شهدوا الأبيات(٧١٤) .

ثم توجه مجرم لقتال ابن الزبير (وهو إذ ذاك في مكة) وقد بويع بالخلافة فهلك المجرم في الطريق، وتأمر بعده الحصين بن نمير بعهد من يزيد، فأقبل بجيشه حتى نزل على مكة المكرمة ونصب عليها العرادات والمجانيق، وفرض

____________________

=> وقعة الحرة: قتل فيها من حملة القرآن سبعمائة نفس وقتل من وجوه قريش سبعمائة سوى من قتل من الأنصار. وممن قتل من الصحابة صبرا عبدالله بن حنظلة غسيل الملائكة وقتل معه ثمانية من بنيه وقتل أيضا معقل بن سنان الاشجعي وعبد الله بن زيد، والفضل بن العباس بن ربيعة، واسماعيل بن خالد، ويحيى بن نافع، وعبد الله بن عتبة، والمغيرة بن عبدالله، وعياض ابن حمير، ومحمد بن عمرو بن حزم، وعبد الله بن أبى عمرو، وعبيد الله وسليمان ابنا عاصم، ونجا الله أبا سعيد وجابرا وسهل بن سعد. راجع: الغدير ج ١٠ / ٣٥، أنساب الأشراف للبلاذري ج ٥ / ٤٢، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ / ٢٥٨، تاريخ ابن كثير ج ٢ / ٢٢١، الإصابة ج ٣ / ٤٧٣. وقال السمهودي: وقتل من سائر الناس أكثر من عشرة آلاف. وذكر جرائم أخرى في هذه الواقعة ج ١ / ١٢٥ - ١٣٧ ط ٣ بيروت.

(٧١٤) مقتل الحسين للمقرم ص ٤٦١، اللهوف في قتل الطفوف لابن طاووس ص ١٠٢، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٧، روح المعاني للالوسي ج ٦ / ٧٣ في تفسير آية:( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ ) ، الغدير للأميني ج ٣ / ٢٦٠، تاريخ الطبري ج ١١ / ٣٥٨ ط قديم. وذكر السمهودي بايعوا على انهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم بما شاء. وفاء الوفاء ج١ / ١٣١ (*)

٤٨٨

على أصحابه عشرة آلاف صخرة في يوم يرمونها بها، فحاصروهم بقية المحرم وصفر وشهري ربيع يغدون على القتال ويروحون حتى جاءهم موت طاغيتهم يزيد، وكانت المجانيق أصابت البيت الحرام فهدمته مع الحريق الذي أصابه(٧١٥) .

وفظائع يزيد من أول عمره إلى انتهاء أمره أكثر من أن تحويها الدفاتر، أو تحصيها الأقلام والمحابر، وقد شوهت وجه التاريخ، وسودت صحائف السير، وكان أبوه معاوية يرى كلابه وقروده، وصقوره وفهوده، ويطلع على خموره وفجوره، ويشاهد الفظائع من أموره، ويعاين لعبه مع الغواني ويعرف لؤمه وخبثه بكل المعاني.

ويعلم أنه ممن لا يؤتمن على نقير، ولا يولى أمر قطمير، فكيف رفعه والحال هذه إلى أوج الخلافة عن رسول الله ؟ ! وأحله عرش الملك وإمامة المسلمين ؟ ! وملكه رقاب الأمة ؟ ! فغشها بذلك(٧١٦)

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (فيما أخرجه البخاري من الورقة الأولى من كتاب الأحكام ص ١٥٥ من الجزء ٤ من صحيحه): " ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة "(١)

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (فيما أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي بكر في الصفحة السادسة من الجزء

____________________

(٧١٥) شهداء الفضيلة للأميني ص ١٩١، مقتل الحسين للمقرم ص ٨ و ١٢، الإمامة والسياسة لابن قتيبة، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٨، روح المعاني للآلوسي ج ٦ / ٧٣ تفسير آية،( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ ) رسائل الجاحظ ص ٢٩٨، الرسالة الحادي عشر في بني أمية.

(٧١٦) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٨، الغدير ج ٣ / ٢٦٠.

(١) وأخرجه مسلم في باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته ص ٦٧ من ج ١ من صحيحه (منه قدس) (*).

٤٨٩

الأول من مسنده): " من ولي من أمور المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم ".

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (فيما أخرجه البخاري في الورقة الانفة الذكر من صحيحه): " ما من عبد استرعاه الله رعيته فلم يحطها بنصيحة الا لم يجد رائحة الجنة ".

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٦٩: -

[ المورد - (٩٠) -: عيثه في اليمن ]

وذلك ان معاوية بعث بسر بن ارطاة إلى اليمن سنة أربعين ليعيث فيها، وكان الوالي عليها يومئذ من قبل أمير المؤمنين ابن عمه عبيد الله بن العباس وأهلها كانوا من أولياء أمير المؤمنين والمخلصين لله تعالى في ولايته. فسامهم بسر سوء العذاب ! يذبح أبناءهم ! ويستحيي نساءهم ! ! على سنة من فرعون، وعهد إليه بذلك من معاوية.

وحسبك ما أجمع أهل الأخبار على نقله، فراجع ما شئت من كتبهم مما يشتمل على أحداث تلك السنة، لتعلم فظاعة هذه الواقعة، من قبل الشيوخ الركع، وذبح الأطفال الرضع، ونهب الأموال، وسبي العيال(٧١٧) .

وما ينسى فلن ينسى ما فعله بنساء همدان (بإخلاصهن لله في ولاية آل محمد) إذ سباهن فأقامهن، (كما في ترجمة بسر من الاستيعاب) في السوق وكشف عن سوقهن ! ! فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها ! !

____________________

(٧١٧) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١٢٢، أنساب الأشراف للبلاذري ج ٢ / ٤٥٣ - ٤٥٧، تاريخ الطبري ج ٥ / ١٤٠، الكامل لابن الأثير ج ٣ / ٣٨٣، الغدير ج ١١ / ١٦ و ٢٠، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ / ٦٥ و ٦٦، وفاء الوفاء ج ١ / ٣١، البداية والنهاية ج ٧ / ٣١٩ - ٣٢٢، تاريخ ابن عساكر ج ٣ / ٢٢٢ و ٤٥٩ (*).

٤٩٠

قال ابن عبد البر في الاستيعاب: كن أول مسلمات سبين في الإسلام(٧١٨) .

وما أدري أهذه أفظع وأفجع وأوجع، أم فعله بطفلي عبيد الله بن العباس ؟ ! الوالي يومئذ على اليمن، فهرب من بسر واستخلف عبيد الله بن عبد المدان الحارثي وهو جد الطفلين لامهما، فقتله بسر فيمن قتلهم يومئذ من الألوف المؤلفة من خيار المسلمين، وقتل ابنه وبحث عن الطفلين حتى وجدهما عند رجل من كنانة في البادية، فلما أراد بسر قتلهما قال له الكناني (كما في تاريخ ابن الأثير): لم تقتلهما وهما طفلان لا ذنب لهما ؟ ! فان كنت قاتلهما فاقتلني قبلهما. فقتله ! ثم ذبحهما بين يدي أمهما ! ! (كما نص عليه ابن عبد البر في ترجمة بسر من الاستيعاب) فهامت أمهما على وجهها جنونا مما نالها، وكانت تأتي الموسم تنشدهما فتقول :

يا من أحس بابني الذين هما

كالدرتين تشظي عنهما الصدف

يا من أحس بابني الذين هما

مخ العظام فمخي اليوم مزدهف

يا من أحس بابني الذين هما

قلبي وسمعي فقلبي اليوم مختطف

من دل والهة حيرى مدلهة

على صبيين ذلا إذ غدا السلف

نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا

من افكهم ومن الاثم الذي اقترفوا

احني(١) على ودجي ابني مرهفة

مشحوذة وكذاك الاثم يقترف(٧١٩)

____________________

(٧١٨) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١٢٢.

(١) كذا في رواية ابن الأثير، لكن في رواية الاستيعاب وأبى الفداء، أنحى (منه قدس).

(٧١٩) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١٢٢، الغدير ج ١١ / ١٧، الأغاني ج ١٥ / ٤٤، تاريخ ابن عساكر ج ٢ / ٢٢٣، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ / ٦٥، النزاع والتخاصم ص ١٣، تهذيب التهذيب ج ١ / ٤٣٥ (*).

٤٩١

وقالت له امرأة من كنانة لما ذبحهما (كما في تاريخ ابن الأثير): يا هذا قتلت الرجال ! فعلام قتلت هذين ؟ ! والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية، والله يابن أبي ارطاة ان سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير، والشيخ الكبير ونزع الرحمة وعقوق الأرحام لسلطان سوء. (إلى آخر ما أوردناه من هذه الفظائع التي تربأ عنها البرابرة فلتراجع في الفصول المهمة)(٧٢٠) .

[ المورد - (٩١) -: قتله للصالحين من عباد الله ]

وحسبه ظلما وعدوانا أن قتل الحسن الزكي سيد أهل البيت في عصره، وإمامهم بعد أبيه صلوات الله وسلامه عليهما بسم دسه إليه فسقته إياه جعدة بنت الأشعث، والنصوص في ذلك متواترة عن أئمة العترة الطاهرة.

وقد اعترفت به جماعة من أهل الأخبار، قال أبو الحسن المدائني (كما في أوائل الجزء ١٦ من شرح النهج الحديدي الحميدي في ص ٤ من المجلد ٤ طبع مصر): كانت وفاة الحسن سنة ٤٩، وكان مريضا ٤٠ يوما وكان سنه ٤٧ سنة، دس إليه معاوية سما على يده جعدة بن الأشعث (قال) وقال لها: ان قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد.

فلما مات الحسنعليه‌السلام وفى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد، وقال: أخاف أن تصنعي بابني كما صنعت بابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . اه‍.

ونقل المدائني عن الحصين بن المنذر الرقاشي (كما في ص ٧٠ من المجلد ٤ من شرح النهج الحميدي طبع مصر أيضا) أنه كان يقول: والله ما وفى معاوية للحسن بشئ مما اعطاه، قتل حجرا وأصحابه وبايع لابنه يزيد

____________________

(٧٢٠) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١٢٣، تاريخ الطبري ج ٦ / ٧٧، كامل ابن الأثير ج ٣ / ١٦٢، وفاء الوفاء ج ١ / ٣١، الغدير ج ١١ / ٢٠ (*).

٤٩٢

وسم الحسن. اه‍.

وقال أبو الفرج الاصفهاني المرواني في كتابه مقاتل الطالبين ما هذا لفظه: وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شئ اثقل عليه من أمر الحسن بن علي، وسعد بن أبي وقاص، فدس إليهما سما فماتا منه.

وروى ابن عبد البر في ترجمة الحسن من استيعابه عن قتادة وأبي بكر بن حفص: ان بنت الأشعث سقت الحسن بن علي السم، (قال): وقالت طائفة كان ذلك منها بتسديس معاوية إليها(٧٢١) .

وقد علم الناس ما ارتكبه في مرج عذراء من الفظاعة بقتل أولئك الأخيار الأبرار صبرا وهم حجر بن عدي الكندي الصحابي وأصحابه، قتلهم إذ لم يلعنوا له علياعليه‌السلام ، وكانوا من( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (٧٢٢) .

وكان قتلهم سنة إحدى وخمسين للهجرة المباركة وأنكرها على معاوية جميع من كان في ذلك العهد من الصحابة والتابعين ومن كان بعدهم من أولي الألباب.

وقد فصلها كل من أرخ حوادث تلك السنة

____________________

(٧٢١) وفى ص ١٧ من المجلد الرابع من شرح النهج لابن أبى الحديد طبع مصر ما نلفت إليه المتتبعين. وما أولاهم بالوقوف عليه (منه قدس).

معاوية هو الذي قتل الإمام الحسنعليه‌السلام : راجع: تاريخ اليعقوبي ج ٢ / ١٩١، مروج الذهب للمسعودي ج ٢ / ٤٢٧، صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين ص ٣٦٤ - ٣٦٨، دلائل الصدق للمظفر ج ٣ ق ١ / ٢٣٣ الفصول المهمة لشرف الدين ص ١٢٠، مقاتل الطالبين لأبي الفرج الاصفهانى ص ٧٣ تحقيق أحمد صقر، الغدير ج ١١ / ٨ - ١٥، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٤٩، نزل الأبرار بالهامش ص ١٤٢ عن عدة مصادر.

(٧٢٢) سورة آل عمران: ١٩١ (*).

٤٩٣

من المتقدمين والمتأخرين، فراجع منها ما شئت(٧٢٣) .

وما أخالك تنسى قتله عمرو بن الحمق الخزاعي(٧٢٤) وكان بحيث أبلته

____________________

(٧٢٣) راجع: الغدير للأميني ج ١١ / ٥٣، تاريخ الطبري ج ٥ / ٢٧٧، كنز العمال ج ١٥ / ١٥٧ ح ٤٤٥ ط ٢، شيخ المضيرة أبو هريرة ص ١٨٤.

بل قتل معاوية بن أبى سفيان خلقا كثيرا من شيعة آل محمد: منهم :

١ - حجر بن عدى الكندي الصحابي الجليل وستة من أصحابه وهم :

٢ - شريك بن شداد الحضرمي.

٣ - وصيفى بن فسيل الشيباني.

٤ - وقبيصة بن ضبيعة العبسى.

٥ - ومحرز بن شهاب المنقرى.

٦ - وكدام بن حيان العنزي.

٧ - وعبد الرحمن بن حسان العنزي.

كلهم في مرج عذراء. وقد وفقنا الله في هذه السنة في شوال ١٤٠٣ ه‍ لزيارتهم والجمهورية الإسلامية مشغولة بتجديد ضريح لهم.

٨ - وقتل أيضا عمرو بن الحمق الخزاعي الصحابي العظيم وحمل رأسه وهو أول رأس حمل في الاسلام.

٩ - مسلم بن زيمر الحضرمي.

١٠ - عبدالله بن نجى الحضرمي.

١١ - مالك بن الحارث الأشتر النخعي.

١٢ - محمد بن أبى بكر قتل ووضع في جيفة حمار ثم احرق.

كل هؤلاء من أولياء الله ورسوله وعظماء الأمة. راجع: تاريخ الطبري ج ٥ / ٢٥٣ - ٢٨٠ و ٩٥ - ١٠٥، عيون الأخبار لابن قتيبة ج ١ / ١٤٧، الكامل لابن الأثير ج ٣ / ٣٥٢ - ٣٥٧ و ٤٨٢ - ٤٨٨، الغدير للأميني ج ١١ / ٣٧ - ٧٠، أحاديث أم المؤمنين عائشة للعسكري ج ١ / ٢٥٧ - ٢٦٠، الأغاني لأبي الفرج الاصفهانى ج ١٦ / ٢ - ١١.

(٧٢٤) راجع: الغدير ج ١١ / ٤١ (*).

٤٩٤

العبادة، ورأسه أول رأس حمل في الإسلام، قتله وهو من خيار أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا ذنب له غير حبه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، إذ ان عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.

ولم يقتصر معاوية على قتل أولياء الله، حتى قتل في ذلك اخص أوليائه به، وأشدهم ملازمة له، عبدالرحمن بن خالد بن الوليد حارب معه في صفين، وحالفه على عداوة أمير المؤمنين، ثم بعدها باعه بالتافه الزهيد، وقتله مخافة أن ترغب الناس به عن يزيد، وقصته مشهورة عند أهل الأخبار، مستفيضة بين أهل السير والآثار، فراجع ترجمة عبدالرحمن من الاستيعاب تجد التفصيل(٧٢٥) .

[ المورد - (٩٢) -: بوائق أعماله وعماله ]

ولو أردنا أن نتصدى الأحكام التي بدلها، والحدود التي عطلها، والبوائق التي ارتكبها، والفواقر التي احتقبها، والأحداث التي أحدثها في زمانه، والغاشمين الذين أشركهم في سلطانه، كابن شعبه، وابن العاص، وابن ارطاة، وابن جندب، ومروان، وابن السمط، وزياد، وابن مرجانة، والوليد وأمثالهم ممن فعلوا الأفاعيل، وقهروا الأمة بالأباطيل وساموا عباد الله سوء العذاب، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، لأفنينا المحابر، واستغرقنا الصحف والدفاتر، وهيهات أن نبلغ غايتنا المقصودة أو نظفر (فيما بذلناه من وسع) بضالتنا المنشودة(٧٢٦)

والحمد لله رب العالمين من المستبصرين آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضلال أعدائهم.

____________________

(٧٢٥) الفصول المهمة لشرف الدين ص ١٢١، شيخ المضيرة أبو هريرة ص ١٧٥.

(٧٢٦) راجع: الغدير ج ١١ / ١٦ - ٣٦، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١١ / ٤٣، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٥ - ١٢٩، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية لمحمد بن عقيل، تقوية الإيمان في الرد على بن أبى سفيان له أيضا، صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين، المراجعات لشرف الدين ص ٢٩٦ تحت رقم ٧٠٠ وما بعده، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ٢١٥ تحت رقم (٦٩٩) ط بيروت. (*).

٤٩٥

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٧٥: -

[ المورد - (٩٣) -: بغضه عليا وعدوانه إياه ]

ان بغضه لعلي، وعداوته إياه، لمن المسلمات البديهيات لكل من يعرفهما أو يسمع بهما من جميع أهل الأرض في الطول والعرض، على اختلافهم في الأديان، والألسنة والألوان، فحكمهما في ذلك حكم آدم والشيطان بلا ريب(٧٢٧) ، واليك في هذه العجالة طرفا من النصوص الصريحة في حكمي حبه وبغضه المتناقضين في دين الإسلام.

فعن سلمان الفارسي (وقد قيل له: ما أشد حبك لعلي) قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: " من أحب عليا فقد أحبني(١) ومن أبغض عليا فقد أبغضني "(٧٢٨) .

____________________

(٧٢٧) لأجل المزيد من ذلك راجع: كتاب المراجعات لشرف الدين ص ٢٩٦، الغدير للأميني ج ١٠ / ٢٥٧، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، تقوية الإيمان في الرد على بن أبى سفيان، العتب الجميل كلها لمحمد بن عقيل، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١١، شيخ المضيرة أبو هريرة ص ١٧٤، الفصول المهمة لشرف الدين ص ١١٥ - ١٢٩.

(١) أخرجه الحاكم في ص ١٣٠ من الجزء ٣ من المستدرك. ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك معترفا بصحته على شرطيهما (منه قدس).

(٧٢٨) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٩ / ١٧٢ بتحقيق أبو الفضل وج ٢ / ٤٣١ ط أفست بيروت، الرياض النضرة ج ٢ / ١٦٥ ط الخانجى وج ٢ / ٢١٨ ط ٢ دار =>

٤٩٦

وعن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي: " يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك " أخرجه الحاكم في ص ١٣٥ من الجزء ٣ من المستدرك ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه(٧٢٩) .

____________________

=> التأليف بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٣٠، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ١٠٩ ح ١٥١، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ / ١٣٦ ط الميمنية وج ٢ / ٤٧٩ ط مصطفى محمد، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٢٩ - ١٣٣، نور الأبصار للشبلنجي ص ٧٣ ط العثمانية وص ٧٢ ط السعيدية، إسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الأبصار ص ١٤١ - ١٤٢ ط العثمانية وص ١٥٦ ط السعيدية، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٧٤ ط الميمنية وص ١٢١ ط المحمدية، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ / ٣٧، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص ٢٨، أسد الغابة ج ٤ / ٤٨٣، الميزان للذهبي ج ٢ / ١٢٨ ط السعادة، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٢٠٥ و ٢٧٢ و ٢٨٢ و ٣٠٣ ط اسلامبول وص ٢٤٢ و ٣٢٥ و ٣٣٨ ط الحيدرية، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١٥٢ تحت رقم (٥٧٢) ط ب يروت، نزل الأبرار ص ٥٥.

(٧٢٩) نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص ١٠٢، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ١١١ ط الحيدرية وص ١٠٩ ط الغرى، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ٢ / ٢١١ ح ٧٠٥ و ٧٠٦، ذخائر العقبى ص ٩٢، المناقب للخوارزمي ص ٣٠ و ٦٦، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٣٢، ينابيع المودة للقندوزي ص ٩١ و ٢١٣ ط اسلامبول وص ١٠٤ و ٢٥٢ ط الحيدرية، نور الأبصار للشبلنجي ص ٧٤ ط العثمانية وص ٧٣ ط السعيدية، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٨٥ ط ٢ وج ٢ / ٢١٤ ط الخانجي، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٣٤، كنوز الحقائق للمناوي ص ٣٠٣ ط بولاق وص ١٢١ ط آخر، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ١٢٩ و ٣١٠ ح ٢٤٨، إحقاق الحق ج ٧ / ٢٧١، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١٥٤ تحت رقم (٥٧٥) ط بيروت، نزل الأبرار ص ٦٧، تاريخ بغداد ج ٩ / ٧١، أسد الغابة ج ٤ / ٢٣ (*).

٤٩٧

وعن أبي سعيد الخدري(١) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " والذي نفسي لا يبغضنا أهل البيت إلا أدخله الله النار "(٧٣٠) .

وعن أبي ذر قال: " ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم رسول الله والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب "(٧٣١) .

وعن ابن عباس قالرضي‌الله‌عنه : " نظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي فقال: يا علي أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله عزوجل، والويل لمن أبغضك بعدي "(٧٣٢) .

____________________

(١) فيما أخرجه الحاكم في ص ١٥٠ من الجزء ٣ من المستدرك ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأورده الذهبي في تلخيصه ولم يناقش في صحته (منه قدس).

(٧٣٠) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ١٣٨ ح ١٨١، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف للشبراوي ص ١١١، إسعاف الراغبين للصبان ص ١٠٤ ط العثمانية وص ١١٢ ط السعيدية، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٧٢ و ٢٣٧ ط المحمدية وص ١٠٤ و ١٤٣ ط الميمنية. وذكر تصحيحه للحديث في المورد الأول، ينابيع المودة للقندوزي ص ١٠٤ ط اسلامبول وص ٣٦٥ ط الحيدرية، نظم درر السمطين للزرندي ص ١٠٦، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٤، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج ٣ / ٣٣٣، إحقاق الحق للتستري ج ٩ / ٤٦١، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ٣٣ رقم (٦١)، نزل الأبرار ص ٣٥.

(٧٣١) أخرجه الحاكم في أول ص ١٢٩ من الجزء الثالث من المستدرك، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (منه قدس). الرياض النضرة ج ٢ / ٢١٥ ط ١، أسنى المطالب للجزري ص ٥٧، الغدير ج ٣ / ١٨٢، تاريخ بغداد ج ٢ / ٢٥٥، كنز العمال ج ٦ / ٣٩٤.

(٧٣٢) أخرجه الحاكم في ص ١٢٨ من الجزء ٣ من المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد اعترف الذهبي على تشدده بوثاقة رواته كلهم حيث =>

٤٩٨

وعن عمرو بن شاس الاسلمي - وكان من أهل الحديبية - " قال: خرجت مع علي إلى اليمن فجفاني في سفره ذلك، حتى وجدت في نفسي، فلما أقدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ رسول الله ذلك، فلما رآني أبد في عينيه (أي حدد إلي النظر) حتى إذا جلست قال: يا عمرو اما والله لقد آذيتني. فقلت أعوذ بالله أن أؤذيك يا رسول الله، قال: بلى، من آذى عليا فقد آذاني "(٧٣٣) .

____________________

=> أورد في تلخيصه (منه قدس). المناقب للخوارزمي ص ٢٣٤، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ١٠٣، نور الأبصار للشبلنجي ص ٧٤ ط العثمانية وص ٧٣ ط السعيدية، الميزان للذهبي ج ٢ / ٦١٣، ينابيع المودة للقندوزي ص ٩١ و ٢٤٨ و ٣١٤ ط اسلامبول وص ١٠٤ و ٢٩٥ ط الحيدرية، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ٩ / ١٧١ بتحقيق أبو الفضل وج ٢ / ٣٠ ط بيروت، الرياض النضرة ج ٢ / ٢١٩ و ٢٢٠، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ١٢٨، نزل الأبرار ص ٦٦. ولأجل المزيد من المصادر في ذلك راجع: كتاب المراجعات لشرف الدين مع تعليقتنا عليه تحت رقم (٤٩ و ٥٧٢ و ٥٧٧ و ٧٥١).

(٧٣٣) أخرجه الحاكم في ص ١٢٢ من الجزء الثالث من المستدرك ثم قال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. واعترف الذهبي بصحته إذ أورده في تلخيص المستدرك (منه قدس). مسند أحمد بن حنبل ج ٣ / ٤٨٣ ط ١، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ٢٩٨ ح ٢٣٦، ذخائر العقبى ص ٦٥، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ / ٣٨٩ ح ٤٩٦ - ٤٩٩، البداية والنهاية ج ٥ / ١٠٤ وج ٧ / ٣٤٦. ومثل هذا يوجد: عن بريدة الاسلمي وعن عمران بن حصين وعن وهب بن حمزة. ولأجل المزيد في ذلك راجع تعليقتنا على المراجعات تحت رقم (٥٢٠ و ٥٢٦ و ٥٣١)، نزل الأبرار ص ٥٤. وأما آخر الحديث من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " من آذى عليا فقد آذاني " فهو من الأحاديث المتواترة =>

٤٩٩

وعن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " يا علي من فارقني فقد فارق الله تعالى، ومن فارقك يا علي فقد فارقني "(٧٣٤) .

____________________

=> راجع: ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ / ٣٨٩ ح ٤٩٥ - ٥٠٢، شواهد التنزيل للحسكاني ج ٢ / ٩٨ ح ٧٧٧ و ٧٧٨، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٧٦ ط الحيدرية وص ١٤٤ ط الغرى، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٥٢ ح ٧٦، المناقب للخوارزمي ص ٩٣، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٢٩، نور الأبصار للشبلنجى ص ٧٣، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ / ٣٧، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٧٣ و ٧٤ ط الميمنية وص ١٢١ ط المحمدية، أنساب الأشراف للبلاذري ج ٢ / ١٤٦ و ١٤٧، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٧٣، الإصابة لابن حجر ج ٢ / ٥٤٣، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص ٤٤، ينابيع المودة للقندوزي ص ١٨١ و ١٨٧ و ٢٠٥ و ٢٧٢ و ٢٨٢ و ٣٠٣ ط اسلامبول وص ٢١٣ و ٢٢١ و ٢٤٣ و ٣٣٨ ط الحيدرية، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١٥٦ ط السعيدية وص ١٤١ ط العثمانية، كنوز الحقائق للمناوي ص ١٤٤ ط بولاق وص ١٢١ ط آخر، كنز العمال ج ١٥ / ١٢٥ ح ٣٦٠ ط ٢، الرياض النضرة ج ٢ / ٢١٨ ط ٢، الجامع الصغير للسيوطي ٢١ / ١٣٥، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٣٠، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج ٣ / ٣٣٢ ط البهية وج ٣ / ٣٦٩ ط محمد على صبيح، إحقاق الحق ج ٦ / ٣٨١، فرائد السمطين للحمويني ج ١ / ٢٩٨ ح ٢٣٦، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ١٥١ رقم (٥٧١).

(٧٣٤) أخرجه الحاكم في ج ٣ ص ١٢٤ من المستدرك، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (منه قدس). ذخائر العقبى ص ٦٦، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٣٥، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٢ / ٢٦٨ ح ٧٨٩، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٢٤١ ح ١٨٨، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٢٠ ط ٢، ينابيع المودة للقندوزي ص ٩١ و ١٨١ و ٢٠٥ ط اسلامبول وص ١٠٥ و ٢١٤ و ٢٤٣ ط الحيدرية، الميزان للذهبي ج ٢ / ١٨، إحقاق الحق ج ٦ / ٣٩٦، فرائد السمطين ج ١ / ٣٠٠ ح ٢٣٨، سبيل النجاة =>

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629