النص والاجتهاد

النص والاجتهاد9%

النص والاجتهاد مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 629

النص والاجتهاد
  • البداية
  • السابق
  • 629 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165836 / تحميل: 7981
الحجم الحجم الحجم
النص والاجتهاد

النص والاجتهاد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

بأبي أنت وأمي: أتأذن لي ان امكث أياما حتى يشفيك الله تعالى. فقال: اخرج وسر على بركة الله. فقال: يا رسول الله ان أنا خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة. فقال: سر على النصر والعافية. فقال: يا رسول الله إني أكره أن أسائل عنك الركبان. فقال: انفذ لما أمرتك به.

ثم أغمي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقام أسامة فتجهز للخروج، فلما أفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سأل عن أسامة والبعث، فأخبر انهم يتجهزون، فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة لعن الله من تخلف عنه، وكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه، والصحابة بين يديه.

حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار أسيد بن خضير وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: ادخل فان رسول الله يموت، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله، ورسول الله قد مات في تلك الساعة " انتهى بعين لفظه(٦٢) وقد نقله جماعة من المؤرخين، منهم العلامة المعتزلي في آخر ص ٢٠ والتي بعدها من المجلد الثاني من شرح نهج البلاغة، طبع مصر(٦٣)

____________________

(٦٢) شرح النهج لابن أبى الحديد ج ٦ / ٥٢.

(٦٣) المراجعات مراجعة - ٩٢ ٣٧٤ ط الثانية في بيروت مع سبيل النجاة في تتمة المراجعات. (*)

٦١

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٣: -

[ المورد - (٥) - سهم المؤلفة قلوبهم: ]

وذلك أن الله تعالى فرض في محكم كتابه العظيم للمؤلفة قلوبهم سهما في الزكاة إذ يقول عزوجل(١) :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي المؤلفة قلوبهم هذا السهم من الزكاة وهم أصناف، فمنهم أشراف من العرب كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ليسلموا فيرضخ لهم، ومنهم قوم اسلموا ونياتهم ضعيفة فيؤلف قلوبهم بإجزال العطاء، كأبي سفيان، وابنه معاوية، وعيينة بن حصن، والأقرع ابن حابس، وعباس بن مرداس ومنهم من يترقب - باعطاهم - اسلام نظرائهم من رجالات العرب، ولعل الصنف الأول كان يعطيهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من سدس الخمس الذي هو خالص ماله، وقد عد منهم من كان يؤلف قلبه بشئ من الزكاة على قتال الكفار(٦٤) هذه سيرته المستمرة مع المؤلفة قلوبهم منذ نزلت الآية الحكيمة عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى لحق بالرفيق الأعلى، ولم يعهد إلى احد من بعده بإسقاط هذا السهم إجماعا من الأمة المسلمة كافة وقولا واحدا.

لكن لما ولي أبو بكر جاء المؤلفة قلوبهم لاستيفاء سهمهم هذا جريا على عادتهم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكتب أبو بكر لهم بذلك، فذهبوا بكتابه إلى عمر ليأخذوا خطه عليه فمزقه وقال: لا حاجة لنا بكم فقد اعز الله الإسلام وأغنى عنكم، فان أسلمتم والا السيف بيننا وبينكم، فرجعوا إلى أبي بكر، فقالوا له: أنت الخليفة أم هو ؟. فقال: بل هو ان شاء الله تعالى وأمضى ما

____________________

(١) هي الآية ٦١ من سورة التوبة (منه قدس).

(٦٤) المؤلفة قلوبهم من قبل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : راجع: تفسير القرطبي ج ٨ / ١٧٩ - ١٨٠، فتح القدير للشوكاني ج ٢ / ٣٥٥، الدر المنثور للسيوطي ج ٣ / ٢٥١ (*).

٦٢

فعله عمر(٦٥) .

فاستقر الأمر لدى الخليفتين، ومن يرى رأيهما من منع المؤلفة قلوبهم من سهمهم هذا، وصرفه إلى من عداهم من الأصناف المذكورين في الآية. ولبعض فضلاء الأصوليين هنا كلام يجدر بنا نقله وتمحيصه لما في ذلك من الفوائد.

____________________

(٦٥) تجد هذه القضية بألفاظها في كتاب الجوهرة النيرة على مختصر القدورى في الفقه الحنفي ص ١٦٤ من جزئه الأول. وقد ذكرها غير واحد من اثباتهم في مناقب الخليفتين وخصائصهما.

وكم لعمر من قضايا تشبه قضيته هذه، فمنها ما ذكره المؤرخون إذ قالوا: جاء عيينة بن حصن والاقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا له: ان عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلا ولا منفعة قال رأيت أن تقطعناها لعل الله ينفع بها بعد اليوم فقال أبو بكر لمن حوله: ما تقولون ؟ فقالوا: لا بأس فكتب لهم كتابا بها، فانطلقا إلى عمر ليشهد لهم ما فيه، فأخذه منهم ثم تفل فيه فمحاه، فتذمرا وقالا له مقالة سيئة، ثم ذهبا إلى أبي بكر وهما يتذمران. فقالا: والله ما ندرى أأنت الخليفة أم عمر ؟ !. فقال: بل هو، وجاء عمر حتى وقف على أبي بكر وهو مغضب. فقال: أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين أهي لك خاصة أم بين المسلمين ؟ ؟ فقال: بل بين المسلمين. فقال: ما حملك على أن تخص بها هذين ؟ قال: استشرت الذين حولي. فقال: أو كل المسلمين وسعتهم مشورة ورضى ؟ فقال أبو بكر (رضي): فقد كنت قلت لك انك أقوى على هذا الأمر منى لكنك غلبتني. نقل هذه القضية ابن أبي الحديد في الجزء الثاني عشر من شرح النهج في ص ١٠٨ من المجلد الثالث. والعسقلاني في ترجمة عيينة من إصابته وغيرهما. وليتهما يوم السقيفة وسعا كل المسلمين مشورة، ويا حبذا لو تأنيا حتى يفرغ بنو هاشم من أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليحضروا الشورى، فانهم أولى الأمة بذلك (منه قدس).

عمر يمنع سهم المؤلفة: راجع: تفسير المنار ج ١٠ / ٤٩٦، الدر المنثور للسيوطي ج ٣ / ٢٥٢ (*).

٦٣

قال الأستاذ المعاصر الدواليبي(١) في كتابه - أصول الفقه(٢) -: " ولعل اجتهاد عمررضي‌الله‌عنه في قطع العطاء الذي جعله القرآن الكريم للمؤلفة قلوبهم كان في مقدمة الأحكام التي قال بها عمر تبعا لتغير المصلحة بتغير الأزمان رغم أن النص القرآني في ذلك الذي لا يزال ثابتا غير منسوخ إيثارا لرأيه الذي أدى إلى اجتهاده "

فتأمل فيما قال، ثم أمعن فيما يلي من كلامه.

قال: " والخبر في هذا ان الله سبحانه وتعالى فرض في أول الإسلام، وعندما كان المسلمون ضعافا، عطاءا يعطي لبعض من يخشى شرهم ويرجى خيرهم تألفا لقلوبهم، وذلك في جملة من عددهم القرآن لينفق عليهم من أموال بيت المال الخاص بالصدقات. فقال:( انَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) .

قال: وهكذا قد جعل القرآن الكريم المؤلفة قلوبهم في جملة مصارف الصدقات، وجعل لهم بعض المخصصات على نحو ما تفعله الدول اليوم في تخصيص بعض النفقات من ميزانياتها للدعاية السياسية(٣)

قال: " غير ان الإسلام لما اشتد ساعده، وتوطد سلطانه رأى عمررضي‌الله‌عنه حرمان المؤلفة قلوبهم من هذا العطاء المفروض لهم بنصوص القرآن ".

قلت: أعاد الأستاذ تصريحه بأن عمررضي‌الله‌عنه قطع العطاء الذي * (هامش) *

____________________

(١) هو العلامة الشيخ محمد معروف أستاذ علم أصول الفقه والحقوق الرومانية في كلية الحقوق بالجامعة السورية (منه قدس).

(٢) حيث ذكر الأمثلة على تغير الأحكام بتغير الأزمنة ص ٢٣٩ (منه قدس).

(٣) لعلهم اقتبسوا ذلك من آية المؤلفة قلوبهم، فترى بريطانيا واميركا وأمثالهما يطعمون ويكسون الفقراء والمساكين من رعايا الدول الضعيفة وينعشونهم بمشاريع إصلاحية من غير حاجة لهم إلى تلك الدول ورعاياها سوى الأخذ بالحكمة التي هي هدف القرآن في إعطاء المؤلفة قلوبهم (منه قدس) (*).

٦٤

جعله القرآن الكريم بنصه الصريح حقا مفروضا للمؤلفة قلوبهم، ايثارا لرأى رآه في ذلك، ثم اعتذر عن الخليفة.

فقال: " وليس معنى ذلك ان عمر قد أبطل أو عطل نصا قرآنيا، ولكنه نظر إلى علة النص لا إلى ظاهره، واعتبر إعطاء المؤلفة قلوبهم معللا بظروف زمنية أي موقتة وتلك هي تألفهم واتقاء شرهم عندما كان الإسلام ضعيفا، فلما قويت شوكة الإسلام وتغيرت الظروف الداعية للعطاء، كان من موجبات النص ومن العمل بعلته(١) ان يمنعوا من هذا العطاء ".

قلت: لا يخفى ان النص على إعطائهم مطلق، وإطلاقه جلي في الذكر الحكيم وهذا مما لا خلاف ولا شبهة فيه، وليس لنا ان نعتبره مقيدا - والحال هذه - أو معللا بشئ ما الا بسلطان من الله تعالى أو من رسوله، وليس ثمة من سلطان(٢) .

فمن أين لنا ان نعتبر إعطاءهم معللا بظروف زمنية موقتة، هي تألفهم حينما كان الإسلام ضعيفا دون غيره من الأزمنة ؟. على أنا لو أمنا من شر المؤلفة قلوبهم في عهد ما فان دخولهم في الإسلام

____________________

(١) لا علة هنا يدور الحكم مدارها وجودا وعدما، ليكون الاخذ بها من موجبات النص، فان تألف من جعل الله لهم هذا السهم في الصدقات ليس بعلة للحكم الشرعي، وانما هو من الحكم والمصالح التي لوحظت في اشتراعه والأصوليون يعلمون ان العلة في الحكم شى والحكمة التي هي المصلحة في اشتراعه شئ آخر.

ألا ترى ان المصلحة في وجوب العدة على المطلقات المدخول بهن انما هي حفظ أنساب الأجنة اللواتي قد يكن في أرحامهن ؟ !. ومع ذلك فعدة المدخول بها منهن مما لابد منه إجماعا حتى لو علم عدم حملها ! (منه قدس).

(٢) ونزول النص في أول الإسلام وعندما كان الإسلام ضعيفا ليس من تقييده في شئ كما لا يخفى (منه قدس) (*).

٦٥

بسبب إعطائهم لا ينقطع بذلك، بل ربما اشتد بقوة سلطان الإسلام، وكفى بهذا الأمل موجبا لتألفهم بالعطاء. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يؤلف بعطائه هذا أصنافا متعددة، صنفا ليسلموا ويسلم قومهم بإسلامهم، وصنفا كانوا قد اسلموا ولكن على ضعف الإيمان فيريد تثبيتهم بإعطائه، وصنفا يعطيهم لدفع شرهم فلو فرضنا أنا أمنا شر أهل الشر منهم، فليعط هذا الحق لمن يرجى إسلامه، أو إسلام قومه، ولمن يقوي إيمانه ويثبته الله عليه بسبب هذا العطاء، تأسيا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وأحب العباد إلى الله تعالى المتأسي بنبيه والمقتص أثره.

على ان قوة الإسلام تلك التي قهرت عدو المسلمين وأمنتهم من شره قد تغيرت إلى الضد مما كانت عليه. فاستحوذت عليهم الأجانب فاضطرتهم إلى تألفها ومصانعتها بالعطاء وغيره، كما هو المشاهد العيان في هذا الزمان وما قبله، وبهذا تبين ان إسقاط سهم المؤلفة قلوبهم يوم كان الإسلام قويا، انما كان عن اغترار بحالتهم الحاضرة في ذلك الوقت، لكن القرآن العظيم انما هو من لدن عليم حكيم(١) .

والآن نستأنف البحث عن النص المطلق وتقييده بالمصلحة التي تختلف باختلاف الأزمان، فيختلف الحكم الشرعي باختلافها. نبحث عن هذا الأصل من حيث شروطه.

فنقول: نحن الإمامية إجماعا وقولا واحدا لا نعتبر المصلحة في تخصيص عام ولا في تقييد مطلق الا إذا كان لها في الشريعة نص خاص يشهد لها بالاعتبار فإذا لم يكن لها في الشريعة أصل شاهد باعتبارها إيجابا أو سلبا كانت عندنا مما لا اثر له، فوجود المصالح المرسلة وعدمها عندنا على حد سواء(٦٦) .

____________________

(١) بنص آية المؤلفة قلوبهم فراجعها وامعن في هدفها الرفيع (منه قدس).

(٦٦) وتفصيل ذلك في محله من كتبنا في أصول الفقه المنتشرة ببركة المطابع (منه قدس) =>

٦٦

وهذا هو رأي الطائفتين الشافعية والحنفية(١) .

أما الحنابلة فإنهم وان اخذوا بالمصالح المرسلة التي لا يكون لها في الشريعة أصل يشهد لها، لكنهم مع ذلك لا يقفون بالمصالح موقف المعارضة من النصوص بل يؤخرون المصلحة المرسلة عن النصوص(٢) فهم إذن لا يقيدون بها نص المؤلفة قلوبهم، فليعطفوا فيه وفي أمثاله على الإمامية والشافعية والحنفية.

وكذلك المالكية في نص المؤلفة قلوبهم وأمثاله، لأنهم وان اخذوا بالمصالح المرسلة، ووقفوا بها موقف المعارضة المنصوص، لكنهم انما يعارضون بها أخبار الآحاد وأمثالها مما لا يكون قطعي الثبوت، ويعارضون بها أيضا بعض العمومات القرآنية التي لا تكون قطعية الدلالة على العموم، اما ما كان قطعي الثبوت وقطعي الدلالة كنص المؤلفة قلوبهم فلا يمكن عندهم ان تقف المصالح المرسلة معارضة لها أبدا(٣) لأنها قطعية الثبوت والدلالة معا.

وبالجملة فان أصول الفقه على هذه المذاهب كلها لا تبيح حمل حرمان المؤلفة قلوبهم على ما قد أفاده الأستاذ وقد فصلنا ذلك. ولولا إجماع الجمهور(٤) على ان الخليفتين رضي ‌الله ‌عنهما قد ألغيا

____________________

=> الشيعة الإمامية لا تعتمد على المصالح المرسلة: ولأجل الاطلاع على ذلك راجع: المعالم الجديدة للأصول للشهيد الصدر ص ٣٦ - ٤٠، كتاب الرسائل (فرائد الأصول) للشيخ الأنصاري، كفاية الأصول ج ٢، حقائق الأصول ج ٢، دروس في علم الأصول للشهيد الرابع الإمام الصدر الحلقة الثالثة ج ٢.

(١) نقله عنهم الفاضل الدواليبي ص ٢٠٤ من كتابه أصول الفقه (منه قدس).

(٢) فيما نقله عنهم الفاضل الدواليبي ص ٢٠٦ من كتابه أصول الفقه (منه قدس).

(٣) نقل ذلك عنهم الفاضل الدواليبي ص ٢٠٧ من كتابه أصول الفقه (منه قدس).

(٤) راجع من تفسير أبي السعود ما هو موجود في أول ص ١٥٠ من هامش الجزء الخامس من تفسير الرازي تجد دعوى الإجماع. وراجع ص ٥٠٢ من كتاب الفقه على =>

٦٧

- بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - سهم المؤلفة قلوبهم وأبطلا هذا الحق الواجب لهم بنص القرآن(٦٧) لكان من الوجاهة بمكان ان نقول: إنهما رضي ‌الله ‌عنهما لم يخالفا الآية وان لم يعطيا المؤلفة يومئذ لان الله عزوجل انما جعل الأصناف الثمانية في الآية مصارف الصدقات على سبيل حصر الصرف فيها خاصة دون غيرهما لا على سبيل توزيعها على الثمانية بأجمعها، وعلى هذا فمن وضع صدقاته كلها في صنف واحد من الثمانية تبرأ ذمته، كما تبرأ ذمة من وزعها على الثمانية وهذا مما اجمع عليه المسلمون وعليه عملهم في كل خلف منهم بعد رسول الله فأي بأس بما فعله عمر وأمضاه أبو بكر، لولا القول بأنهما قد ابطلا هذا الحق وألغياه رغم النص القرآني الذي لا يزال ثابتا غير منسوخ ؟ !.

وقبل ان نختم هذا البحث نرى لزاما علينا ان ننبه الأستاذ الدواليبي إلى تدارك ما نقله عن الإمامية(١) من الأخذ بالمصالح المرسلة وتقديمهم إياه على النصوص القطعية فان هذا مما لا صحة له ولم يقل به منهم احد، وسليمان الطوفي من الغلاة الذين ما زالت خصومنا تحملنا أوزارهم.

ورأي الإمامية في هذه المسألة ما قد ذكرناه آنفا وعليه إجماعهم، وتلك كتبهم في أصول الفقه (٦٨) منتشرة فليراجعها الأستاذ وليعتمد عليها فيما ينقله عن الإمامية بدلا من اعتماده في ذلك على كتاب ابن حنبل سامحه الله تعالى.

____________________

=> المذاهب الأربعة الذي أخرجته وزارة الأوقاف المصرية تحقيقا لرجاء الملك فؤاد الأول - تجد القول بأن المؤلفة قلوبهم منعوا من الزكاة في خلافة الصديق مرسلا ذلك إرسال المسلمات (منه قدس).

(٦٧) سهم المؤلفة: راجع: تفسير القرطبي ج ٨ / ١٨١، تفسير المنار ج ١٠ / ٤٩٦، الدر المنثور ج ٣ / ٢٥٢، الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ / ٦٢١، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٨٣ ط أبو الفضل.

(١) ص ٢٠٧ وفى أول ص ٢٠٩ من كتابه أصول الفقه (منه قدس).

(٦٨) تقدم تحت رقم - ٦٦ - فراجع. (*)

٦٨

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٤٣: -

[ المورد - (٦) - سهم ذي القربى: ]

المنصوص عليه بقوله عز من قائل:( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ (١) فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (٢) وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ (٣) وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٤) .

وقد اجمع أهل القبلة كافة على ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يختص بسهم من الخمس ويخص أقاربه بسهم آخر منه، وانه لم يعهد بتغيير ذلك إلى احد حتى دعاه الله إليه، واختاره الله إلى الرفيق الأعلى(٦٩) .

____________________

(١) الغنم والغنيمة والمغنم حقيقة عند العرب في كل ما يستفيده الإنسان ومعاجم اللغة صريحة في ذلك فلا وجه للتخصيص هنا بغنائم دار الحرب. وقوله من شئ بيان ما الموصولة في قوله أنما غنتم فيكون المعنى أن ما استفدتم من شئ ما كثر أو قل حتى الخيط فان لله خمسه (منه قدس).

(٢) وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن ابن عباس: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لوفد عبد القيس لما أمرهم بالإيمان بالله وحده -: أتدرون ما الإيمان بالله وحده - قالوا: الله ورسوله أعلم. قال شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس (منه قدس).

(٣) معنى هذا الشرط ان الخمس حق شرعي لأربابه المذكورين في الآية يجب صرفه إليهم فاقطعوا عنه أطماعكم وأدوه إليهم ان كنتم آمنتم بالله، وفيه من البعث على أداء الخمس والإنذار لتاركيه مالا يخفى (منه قدس).

(٤) هذه الآية هي الآية ٤١ من سورة الأنفال (منه قدس).

(٦٩) الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسهم ذي القربة: راجع: الكشاف للزمخشري ج ٢ / ١٥٨، فتح القدير للشوكاني ج ٢ / ٢٩٥، =>

٦٩

فلما ولي أبو بكررضي‌الله‌عنه تأول الآية فأسقط سهم النبي وسهم ذي القربى بموتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنع - كما في الكشاف(١) وغيره - بني هاشم من الخمس، وجعلهم كغيرهم من يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم(٧٠) .

وقد أرسلت فاطمةعليها‌السلام تسأله ميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة و " فدك " وما بقي من خمس " خيبر " فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا

____________________

=> تفسير القرطبي ج ٨ / ١٠، تفسير الطبري ج ١٠ / ٤ - ٥ و ٧، الدر المنثور للسيوطي ج ٣ / ١٨٥ - ١٨٦، تفسير المنار ج ١٠ / ١٥ و ١٦، سنن النسائي ك الفئ ب - ١ - ج ٧ / ١٢٠ و ١٢٢، تاريخ الطبري ج ٣ / ١٩، تفسير النيسأبوري بهامش تفسير الطبري ج ١٠، الأموال لأبي عبيد ص ٣٢٥ و ١٤، أحكام القرآن للجصاص ج ٣ / ٦٠، مقدمة مرآة العقول ج ١ / ١١٣، الأحكام السلطانية للماوردى ص ١٦٨ - ١٧١، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٨١ - ١٨٥، شرح صحيح مسلم للنووي ج ١٢ / ٨٢ باب حكم الفئ من كتاب الجهاد.

(١) قال حول بحثه عن آية الخمس، وعن أبن عباس انه - أي الخمس - على ستة أسهم لله ولرسوله سهمان، وسهم لأقاربه حتى قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة، وكذلك روى عن عمر ومن بعده من الخلفاء قال: وروى ان أبا بكر قد منع بني هاشم من الخمس. الخ (منه قدس).

(٧٠) منع سهم ذي القربى: راجع الكشاف ج ٢ / ١٥٩، تفسير القرطبي ج ٨ / ١٠، فتح القدير للشوكاني ج ٢ / ٢٩٥، تفسير الطبري ج ١٠ / ٦، الدر المنثور ج ٣ / ١٨٧، سنن النسائي ك الفئ ب - ١ - ج ٧ / ١٢١، شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢٣٠ و ٢٣١ وج ١٢ / ٨٣، مقدمة مرآة العقول ج ١ / ١٤٤ (*).

٧٠

ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها. (الحديث)(٧١) .

وفي صحيح مسلم عن يزيد بن هرمز. قال: كتب نجدة بن عامر الحروري الخارجي إلى ابن عباس قال ابن هرمز: فشهدت ابن عباس حين قرأ الكتاب وحين كتب جوابه وقال ابن عباس والله لولا ان أرده عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه، ولا نعمة عين. قال فكتب إليه: انك سألتني عن سهم ذي القربى الذين ذكرهم الله من هم ؟ وانا كنا نرى ان قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هم نحن فأبى ذلك علينا قومنا. الحديث(٧٢) .

____________________

(٧١) أخ رجه البخاري ومسلم في صحيحيهما بإسنادهما إلى عائشة. فراجع من صحيح البخاري أواخر باب غزوة خيبر ص ٣٦ من جزئه الثالث. وراجع من صحيح مسلم باب لا نورث ما تركناه فهو صدقة ص ٧٢ من جزئه الثاني.

وتجده أيضا في مواضع أخر من الصحيحين (منه قدس). وجد فاطمة على أبى بكر فلم تكلمه حتى ماتت وذلك بعد أن طالبته ب‍ (فدك) وما بقى من خمس (خيبر) وامتنع من دفعه إليها: راجع: صحيح البخاري ج ٥ / ١٧٧ ط دار مطابع الشعب وج ٣ / ٥٥ ط دار إحياء الكتب العربية مع حاشية السندي، صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب - ١٦ - ج ٣ / ١٣٨٠ ط بيروت بتحقيق محمد فؤاد، مشكل الاثار ج ١ / ٤٧ وقريبا منه أيضا رواه البخاري ك فضائل أصحاب النبي ب - ١٢ - ج ٥ / ٢٥ مطابع الشعب ورواه أيضا بمعنى آخر ك الفرائض ب - ٣ - ج ٤ / ١٦٤ ط دار إحياء الكتب العربية. ورواه في ك الخمس ب - ١ - ج ٢ / ١٨٦ ط دار احياء الكتب العربية، مسند أحمد ج ١ / ٦ و ٩ وج ٢ / ٣٥٣، سنن النسائي ك الفئ ب - ١ - ج ٧ / ١٢٠، شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢١٧، صحيح الترمذي كتاب السير باب - ٤٤ - ج ٤ / ١٥٧.

(٧٢) راجعه في باب النساء الغازيات يرضخ لهن وهو في آخر كتاب الجهاد والسير ص ١٠٥ من جزئه الثاني (منه قدس). صحيح مسلم ك الجهاد والسير ب - ٤٨ - ج ٣ / ١٤٤٤ وفى طبع العامرة ج ٥ / ١٩٨ =>

٧١

وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في أواخر ص ٢٩٤ من الجزء الأول من مسنده، ورواه كثير من أصحاب المسانيد بطرق كلها صحيحة، وهذا هو مذهب أهل البيت المتواتر عن أئمتهمعليهم‌السلام .

لكن الكثير من أئمة الجمهور أخذوا برأي الخليفتين رضي ‌الله‌ عنهم ا فلم يجعلوا لذي القربى نصيبا من الخمس خاصا بهم. فأما مالك بن أنس فقد جعله بأجمعه مفوضا إلى رأي الإمام يجعله حيث يشاء من مصالح المسلمين، لا حق فيه لذي قربى ولا ليتيم ولا لمسكين ولا لابن سبيل مطلقا(٧٣) .

وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد أسقطوا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سهمه وسهم ذي قرباه وقسموه بين مطلق اليتامى والمساكين وابن السبيل على السواء، لا فرق عندهم بين الهاشميين وغيرهم من المسلمين(٧٤) .

والشافعي جعله خمسة أسهم: سهما لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين كعدة الغزاة من الخيل والسلاح والكراع

____________________

=>، مسند أحمد ج ١ / ٢٤٨ و ٢٩٤ و ٣٢٠، سنن النسائي ك الفئ ب - ١ - ج ٧ / ١١٧، الدر المنثور ج ٣ / ١٨٦، فدك للقزويني ص ١٢٥، سنن الدرامي ج ٢ / ٢٢٥ ك السير، مشكل الاثار للطحاوي ج ٢ / ١٣٦ و ١٧٩، مسند الشافعي ص ١٨٣، حلية الأولياء لأبي نعيم ج ٣ / ٢٠٥، الأموال لأبي عبيد ص ٣٣٣. وقريب منه أحاديث أخرى راجعها في: مقدمة مرآة العقول ج ١ / ١١٢ و ١٥٤.

(٧٣) رأى مالك وأبى حنيفة في سهم ذي القربى: راجع: فتح القدير للشوكاني ج ٢ / ٢٩٥، تفسير القرطبي ج ٨ / ١١، تفسير المنار ج ١٠ / ١٦، الفقه على المذاهب الخمسة ص ١٨٨.

(٧٤) نفس المصادر السابقة. (*)

٧٢

ونحو ذلك، وسهما لذوي القربى من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفرق الثلاث: اليتامى والمساكين وابن السبيل مطلقا(٧٥) .

أما نحن - الإمامية - فنقسم(١) الخمس ستة أسهم: لله تعالى ولرسوله سهمان وهذان مع السهم الثالث - سهم ذي القربى - للإمام القائم مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل من آل محمد خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم، لان الله سبحانه حرم عليهم الصدقات، فعوضهم عنها الخمس(٧٦) وهذا ما رواه الطبري في تفسيره عن الإمامين علي بن الحسين زين العابدين وابنه محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام (٧٧) .

[ فائدة: ]

أجمع علماؤنا رضي ‌الله‌ عنهم على ان الخمس واجب في كل فائدة

____________________

(٧٥) نفس المصادر السابقة.

(١) رأينا في الخمس وغيره من فروع الدين وأصوله إنما هو تبع لرأى الأئمة الإثنى عشر من آل محمد (علي والأوصياء من بنيه) (منه قدس).

(٧٦) رأى الشيعة في الخمس: راجع وسائل الشيعة للحر العاملي ك الخمس ب - ١ - من أبواب قسمة الخمس ج ٦ / ٣٥٥ - ٣٦٢، جواهر الكلام ج ١٦ / ٨٤ - ١١٤، مستمسك العروة الوثقى ج ٩ / ٥٦٧ - ٥٩٦، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج ٢ / ٧٨ - ٨٦، العروة الوثقى ج ٢ / ٤٠٣ - ٤٠٧.

(٧٧) رأى الإمام الباقرعليه‌السلام في الخمس: راجع: تفسير الطبري ج ١٠ / ٧، فتح القدير ج ٢ / ٢٩٥، تفسير المنار ج ١٠ / ١٥، تفسير القرطبي ج ٨ / ١٠، مرآة العقول ج ١ / ١١٥ (*).

٧٣

تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات والحرف ومن الزرع والضرع والنخيل والأعناب ونحوها، وتجب في الكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما هو مذكور في فقهنا وحديثنا(٧٨) .

ويمكن أن يستدل عليه بهذه الآية واعلموا أنما غنمتم من شئ فان كلاا من الغنيمة والغنم والمغنم حقيقة في كل ما يستفيده الإنسان، ومعاجم اللغة صريحة في ذلك وتفصيل القول في هذا كله موكول إلى محله، وموضوع البحث هنا انما هو الاجتهاد في إسقاط سهم ذي القربى مع نص الآية بكل صراحة.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٥٥: -

[ المورد - ٧ -: توريث الأنبياء ]

المنصوص عليه بعموم قوله عز من قائل( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) (٧٩) .

وقوله تعالى( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) (٨٠) إلى آخر آيات المواريث، وكلها عامة تشمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن دونه من سائر البشر فهي على حد قوله عزوجل( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى

____________________

(٧٨) جو اهر الكلام في شرح شرايع الإسلام ج ١٦ / ٥ - ٨٣، المستمسك للسيد الحكيم ج ٩ / ٤٤٣ - ٥٦٦، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج ٢ / ٦٥ - ٧٨ مسالك للشهيد الثاني ج ١ / ٦٦، العروة الوثقى ج ٢ / ٣٦٦ - ٤٠٣.

(٧٩) سورة النساء: ٧.

(٨٠) سورة النساء: ١١ (*).

٧٤

الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ) (الآية)(٨١) .

وقوله سبحانه وتعالى:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (الآية)(٨٢) .

وقوله تبارك وتعالى:( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ) (الآية)(٨٣) ونحو ذلك من آيات الأحكام الشرعية يشترك فيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكل مكلف من البشر، لا فرق بينه وبينهم، غير ان الخطاب فيها متوجه إليه ليعمل به وليبلغه إلى من سواه، فهو من هذه الحيثية أولى في الالتزام بالحكم من غيره.

ومنها: قوله عز وعلا( وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) (٨٤) جعل الله عزوجل في هذه الآية الكريمة، الحق في الإرث لأولي قرابات الموروث، وكان التوارث قبل نزولها من حقوق الولاية في الدين، ثم لما أعز الله الإسلام وأهله نسخ بهذه الآية ما كان من ذي حق في الإرث قبلها، وجعل حق الإرث منحصرا بأولي الأرحام الأقرب منهم للموروث فالأقرب مطلقا، سواء أكان الموروث هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أم كان غيره، وسواء أكان الوارث من عصبة الموروث أم من أصحاب الفرائض، أم كان من غيرهما عملا بظاهر الآية الكريمة(١) .

ومنها: قوله تعالى فيما اقتص من خبر زكريا:( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا *

____________________

(٨١) سورة البقرة: ١٨٣.

(٨٢) سورة البقرة: ١٨٢.

(٨٣) سورة المائدة: ٣.

(٨٤) سورة الأنفال: ٧٥.

(١) ومن راجع صحاح السنن الواردة في تشريع المواريث وجدها بأسرها عامة تشمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وغيره على حد قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله - من حديث أخرجه الشيخان كلاهما في كتاب الفرائض من صحيحيهما -: " ومن ترك مالا فلورثته " (منه قدس) (*).

٧٥

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (٨٥) .

احتجت الزهراء والأئمة من بنيها بهذه الآية، على أن الأنبياء يورثون المال، وان الإرث المذكور فيها انما هو المال لا العلم ولا النبوة، وتبعهم في ذلك أوليائهم من أعلام الإمامية كافة. فقالوا: ان لفظ الميراث في اللغة(٨٦) والشريعة لا يطلق إلا على ما ينتقل من الموروث إلى الوارث كالأموال، ولا يستعمل في غير المال إلا على طريق المجاز والتوسع، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز بغير دلالة(٨٧) .

وأيضا فان زكرياعليه‌السلام قال في دعائه: (واجعله رب رضيا) أي اجعل يا رب ذلك الولي الذي يرثني مرضيا عندك. ممتثلا لأمرك، ومتى حملنا الإرث على النبوة لم يكن لذلك معنى وكان لغوا عبثا ألا ترى انه لا يحسن أن يقول أحد: اللهم ابعث لنا نبيا واجعله عاقلا مرضيا في أخلاقه لأنه إذا كان نبيا فقد دخل الرضا وما هو أعظم من الرضا في النبوة. ويقوي ما قلناه أن زكرياعليه‌السلام صرح بأنه يخاف بني عمه بعده بقوله :

____________________

(٨٥) سورة مريم: ٣ - ٦.

(٨٦) راجع تاج العروس مادة - ورث - ج ١ / ٦٥٢، الصحاح ج ١ / ٢٩٦ وغيرهما.

(٨٧) الإرث في الشريعة: راجع تفسير البيان للشيخ الطوسي ج ٨ / ٩٤ - ٩٥، تلخيص الشافي للطوسي أيضا ج ٣ / ١٣٢ - ١٣٦، مجمع البيان للطبرسي ج ٦ / ٥٠٣، شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢٤١ - ٢٤٤، تفسير الفخر الرازي ج ٢١ / ١٨٤، تفسير الطبري ج ١٦ / ٣٧ (*).

٧٦

( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي ) وإنما يطلب وارثا لأجل خوفه، ولا يليق خوفه منهم إلا بالمال دون النبوة والعلم، لأنهعليه‌السلام كان أعلم بالله تعالى من أن يخاف ان يبعث نبيا من هو ليس بأهل للنبوة، وان يورث علمه وحكمته من ليس لهما بأهل ولأنه انما بعث لإذاعة العلم ونشره في الناس، فكيف يخاف الأمر الذي هو الغرض في بعثته.

فان قيل: هذا يرجع عليكم في وراثة المال لان في ذلك إضافة البخل إليه.

فالجواب: معاذ الله أن يستوي الأمران، فان المال قد يرزقه المؤمن والكافر والصالح والطالح، ولا يمتنع أن يأسى على بني عمه إذ كانوا من أهل الفساد أن يظفروا بماله فيصرفوه فيما لا ينبغي، بل في ذلك غاية الحكمة، فان تقوية أهل الفساد، وإعانتهم على أفعالهم المذمومة محظورة في الدين والعقل فمن عد ذلك بخلا فهو غير منصف.

وقوله:( خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي ) يفهم منه أن خوفه انما كان من أخلاقهم وأفعالهم، والمراد خفت الموالي ان يرثوا بعدي أموالي فينفقوها في معاصيك فهب لي يا رب ولدا رضيا يرثها لينفقها فيما يرضيك.

وبالجملة لابد من حمل الإرث في هذه الآية على ارث المال دون النبوة وشبهها حملا للفظ يرثني من معناه الحقيقي المتبادر منه إلى الأذهان، إذ لا قرينة هنا على النبوة ونحوها، بل القرائن في نفس الآية متوفرة على إرادة المعنى الحقيقي دون المجاز.

وهذا رأي العترة الطاهرة في الآية(٨٨) . وهم أعدال الكتاب لا يفترقان أبدا.

____________________

(٨٨) راجع: الميزان في تفسير القرآن ج ١٤ / ٩ - ١٥ وص ٢٢ - ٢٥ (*).

٧٧

وقد علم الناس ما كان بين الزهراء سيدة نساء العالمين، وبين أبي بكر، إذ أرسلت إليه تسأله ميراثها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أبو بكر: ان رسول الله قال: " لا نورث ما تركناه صدقة "(١) " قالت عائشة ": فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منه شيئا، واستأثر لبيت المال بكل ما تركه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من بلغة العيش لا يبقي ولا يذر شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا - بوصية منها(٢) ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها. الحديث(٨٩) .

____________________

(١) هذا الحديث ردته الزهراء والأئمة من بنيها، وهو - بألفاظه هذه الثابتة في باب غزوة خيبر من صحيح البخاري - لا يصلح لان يكون حجة عليها. الا أن يكون لفظه صدقة مرفوعا على الاخبار به عن (ما) الموصولة في قوله ما تركنا، ولا سبيل إلى اثبات ذلك إذ لعل (ما) هذه في محل النصب على المفعولية لتركنا وتكون صدقة حالا من (ما)، فيكون المعنى ان ما نتركه في أيدينا من الصدقات لا حق لو ارثنا فيه (منه قدس).

(٢) كما اعترف به شارحا البخاري، القسطلاني في ارشاده، والأنصاري في تحفته، فراجع ص ١٥٧ من المجلد الثامن من كل من الشرحين إذ ينتهيان فيهما إلى هذا الحديث (منه قدس).

(٨٩) أخرجه أصحاب الصحاح بأسانيدهم إلى عائشة فراجع منها ص ٣٧ والتي بعدها من الجزء الثالث من صحيح البخاري أثناء غزوة خيبر، وص ٧٢ من الجزء الثاني من صحيح مسلم في باب قول النبي: لا نورث ما تركنا فهو صدقة من كتاب الجهاد والسير، وص ٦ من الجزء الأول من مسند أحمد (منه قدس).

وجد فاطمة على أبى بكر: تقدمت مصادر الحديث تحت رقم - ٧١ - وأيضا يوجد حديث مطالبتها بإرثها في صحيح الترمذي ك السير ب - ٤٤ - ج ٤ / ١٥٧ ح ١٦٠٨ و ١٦٠٩، مسند أحمد ج ١ / ٦ و ٩ وج ٢ / ٣٥٣، سنن النسائي ك الفئ ب - ١ - ج ٧ / ١٢٠، تاريخ اليعقوبي ج ٢ / ١٢٧، فدك للقزويني ص ٨٧، وفاء الوفاء ج ٢ / ٩٩٥، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٤ (*).

٧٨

ثم غضبت على اثارة(١) واستقلت غضبا(٢) فلاثت خمارها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها(٣) ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء.

وارتج المجلس، فأمهلتهم حتى إذا سكن نشيجهم، وهدأت فورتهم افتتحت الكلام " بحمد الله عزوجل "، ثم انحدرت في خطبتها(٩٠) .

تعظ القوم في أتم خطاب

حكت المصطفى به وحكاها(٩١)

فخشعت الأبصار، وبخعت النفوس، ولولا السياسة ضاربة يومئذ بجرانها لردت شوارد الاهواء، وقادت حرون الشهوات، ولكنها السياسة توغل في غاياتها لا تلوي على شئ، ومن وقف على خطبتها في ذلك اليوم(٥) عرف

____________________

(١) انما يقولون: غضب فلان على اثارة بالفتح إذا كان غضبه مسبوقا بغضب، كغضب الزهراء لارثها مسبوقا بغضبها لكشف بيتها، وذاك مسبوقا أيضا بما كان في السقيفة (منه قدس).

(٢) انما يقولون: استقل غضبا إذا أشخصه فرط الغضب، كما أشخص الزهراء من بيتها حتى دخلت على أبى بكر فخطبت محتجة بأشد لهجة (منه قدس).

(٣) أي خادماتها (منه قدس).

(٤) الملاءة الازار. والريطة ذات لفقين. ونيطت علقت (منه قدس).

(٩٠) من خطبة لسيدة النساء فاطمة الزهراء راجعها في: بلاغات النساء لابن أبى طيفور المتوفى ٢٨٠ ه‍ ص ١٢ - ١٩، أعلام النساء لعمر كحالة ج ٣ / ١٢٠٨، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢١١ - ٢١٣ و ٢٤٩ - ٢٥٣ ط مصر بتحقيق أبو الفضل، تلخيص الشافي للشيخ الطوسي ج ٣ / ١٣٩.

(٩١) هذا البيت للشيخ كاظم الأزري من قصيدته العصماء في أهل بيت النبوة.

(٥) السلف من بني علي وفاطمة يروى خطبتها في ذلك اليوم لمن بعده ومن بعده =>

٧٩

ما كان بينها وبين القوم(٩٢) .

____________________

=> رواها لمن بعده، حتى انتهت إلينا يدا عن يد، فنحن الفاطميين نرويها عن آبائنا، وآبائنا يروونها عن آبائهم، وهكذا كانت الحال في جميع الأجيال، إلى زمن الأئمة من أبناء على وفاطمة، ودونكموها في كتاب الاحتجاج للطبرسي، وفى بحار الأنوار، وقد أخرجها من اثبات الجمهور وأعلامهم أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة وفدك بطرق وأسانيد ينتهي بعضها إلى السيدة زينب بنت على وفاطمة، وبعضها إلى الإمام أبى جعفر محمد الباقر، وبعضها إلى عبدالله بن الحسن بن الحسن يرفعونها جميعا إلى الزهراء كما في ص ٧٨ من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي، وأخرجها أيضا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزبانى بالإسناد إلى عروة بن الزبير عن عائشة ترفعها إلى الزهراء كما في صفحة ٩٣ من المجلد الرابع من شرح النهج، وأخرجها المرزبانى أيضا كما في صفحة ٩٤ من المجلد المذكور بالإسناد إلى أبى الحسين زيد ابن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عن أبيه عن جده يبلغ فيها فاطمةعليها‌السلام ونقل ثمة عن زيد انه قال: رأيت مشايخ آل أبى طالب يروونها عن آبائهم ويعلمونها أولادهم (منه قدس).

(٩٢) ومما كان بينها وبينهم ان قالت لأبي بكر حين منعها ارثها: لان مت اليوم يا أبا بكر من يرثك ؟. قال: ولدى وأهلي. قالت: فلم أنت ورثت رسول الله دون ولده وأهله ؟ قال: ما فعلت يا بنت رسول الله. قالت: بلى انك عمدت إلى فدك وكانت صافية لرسول الله فأخذتها منا، وعمدت إلى ما أنزل الله من السماء فرفعته عنا. الحديث أخرجه أبو بكر ابن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة وفدك - كما في ص ٨٧ من المجلد الرابع من شرح النهج بسنده إلى مولى أم هاني.

وأخرج الجوهري في كتابه المذكور - كما في ص ٨٢ من المجلد الرابع من شرح النهج - بالإسناد إلى أبى سلمة: ان فاطمة لما طلبت ارثها قال لها أبو بكر: سمعت رسول الله يقول: ان النبي لا يورث، ولكن أعول على من كان النبي يعوله، وأنفق على من كان النبي ينفق عليه، فقالت: يا أبا بكر أيرثك بناتك ولا يرث رسول الله بناته ؟ فقال هو ذاك. وأخرج الإمام أحمد بالإسناد إلى أبى سلمة نحوه فراجع ص ١٠ من الجزء الأول من مسنده حيث أورد حديث أبى بكر =>

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بيعقوب » قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما الّذي نزل بيعقوب؟ قال: « كان يعقوب النّبيعليه‌السلام ، يذبح لعياله في كلّ يوم شاة، ويقسم لهم من الطّعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السّياحة، ورفض الدّنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخّى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصّالحين، ووقف لها وسأل ممـّا يسأل السّؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لمـّا هو عليه، (ولمـّا أغري)(١) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقيّة كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئاً ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتّى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخرّ من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلّا بعد هَوِىّ من اللّيل، فنهض لمـّا به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك اللّيلة ملكاً أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك ربّ العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النّعمة، فيعتري ببابك نبيّ من أنبيائي كريم عليّ، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئاً ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتّى غشي عليه فخرّ من قامته لاصقاً بالأرض عامّة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلّب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزّتي وجلالي لأبتلينّك ببليّة تكون لها حديثاً في الغابرين، فانتبه يعقوبعليه‌السلام مذعوراً، وفزغ إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتّى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم » ثمّ ذكر أبو جعفرعليه‌السلام قصّة يوسف بطولها.

____________________________

(١) في المصدر: وأنه أعترى ذات، والظاهر أنّه أصوب إذ أن عراه وأعتراه: غشيه طالباً معروفه (لسان العرب ج ١٥ ص ٤٤).

٢٠١

[ ٨٠٣٢ ] ١٠ - عماد الدّين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء ابراهيم بن الحسين البصري، عن أبي طالب محمّد بن الحسن، عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضّل أبي سلمة الأصفهاني، عن أبي علي راشد بن عليّ بن وائل القرشي، عن عبدالله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال فيما أوصاه إليه: « البركة في المال من إعطاء(١) الزكاة، ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين، وهم الأقربون(٢) يا كميل، زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين، وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدّق على المساكين، يا كميل، لا تردّن سائلاً ولو بشقّ تمرة، أو من شطر عنب، يا كميل، الصّدقة تنمى عند الله تعالى » الخبر.

ورواه الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(٣) ، ويوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

[ ٨٠٣٣ ] ١١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب: عن الجواهر للشّيخ الفاضل محمّد بن محاسن البادرائي، أنّه روى: أنّ عيسىعليه‌السلام قال: من ردّ السائل محروماً، لا تغشى الملائكة بيته سبعة أيّام.

____________________________

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٥.

(١) في المصدر: إيتاء.

(٢) وفيه: الأقربون لنا.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١١ - مجموع الغرائب:

٢٠٢

[ ٨٠٣٤ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « للسّائل حقّ وإن جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٥ ] ١٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّ سائلاً كان يسأل يوماً، فقالعليه‌السلام : « أتدرون ما يقول؟ » قالوا: لا، يا ابن رسول الله قالعليه‌السلام : « يقول: أنا رسولكم إن أعطيتموني شيئاً أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفّي صفر ».

[ ٨٠٣٦ ] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لو لا أنّ السّائلين(١) يكذبون، ما قدّس من ردّهم ».

[ ٨٠٣٧ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يقول: « اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين » فقالت له إحدى زوجاته: لم تقول هكذا؟ قال: « لأنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاماً، ثمّ قال: أنظري ألّا تزجري المسكين، وإن سأل شيئاً فلا تردّيه ولو بشقّ تمرة، واحبيه وقربيه إلى نفسك، حتّى يقرّبك الله تعالى إلى رحمته ».

[ ٨٠٣٨ ] ١٦ - وروي: أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عباده: استطعمتك فلم تطعمني، واستقيتك فلم تسقني، واستكسيتك فلم

____________________________

١٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧، وفي ج ٥ ص ٥٤٨، وأخرجه في البحار ج ٩٦ ص ١٧ ح ٢ عن جامع الأخبار ص ١٦٢.

١٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

١٤ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: السؤّال.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٦.

١٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢٨١.

٢٠٣

تكسني، فيقول العبد: إلهي أنّه كان، وكيف كان؟ فيقول تعالى: العبد الفلاني الجائع استطعمك فما أطعمته، والفلاني العاري استكساك فما كسوته، فلأمنعنك اليوم فضلي كما منعته.

[ ٨٠٣٩ ] ١٧ - أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن عدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها - لا يردّ سائلاً، ولا يبخل بنائل ».

[ ٨٠٤٠ ] ١٨ - البحار، عن الديلمي في أعلام الدين: عن أبي أمامة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الخضرعليه‌السلام : من سُئل بوجه الله عزّوجلّ فردّ سائله، وهو قادر على ذلك، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم، (إلّا)(١) عظم يتقعقع » الخبر.

[ ٨٠٤١ ] ١٩ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « ما سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً قطّ، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده، قال: يكون إن شاء الله ».

[ ٨٠٤٢ ] ٢٠ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه

____________________________

١٧ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

١٨ - البحار ج ١٣ ص ٣٢١ ح ٥٥ عن أعلام الدين ص ١١٢.

(١) في أعلام الدين: ولا.

١٩ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢١٢.

٢٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٠٤

فقير فدفعها إليه، فلمّا مضى فإذا بأعرابي على جمل، فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه »، قال: اشتر نسية، فاشتراه بمائة درهم، ثمّ أتاه إنسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهماً نقداً، فدفع إلى البايع مائة، وجاء بخمسين إلى داره، فسألته - أي فاطمةعليها‌السلام - عن ذلك، فقال: « أتجّرت مع الله، فأعطيته واحداً فأعطاني مكانه عشرة ».

[ ٨٠٤٣ ] ٢١ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نهر سائلاً، نهرته الملائكة يوم القيامة ».

٢١ -( باب جواز ردّ السّائل، بعد إعطاء ثلاثة)

[ ٨٠٤٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه، فسأله فأعطاه، ثمّ جاء آخر فسأله فأعطاه ثمّ جاء الثّالث(١) فأعطاه ثمّ جاء الرّابع فقال له: « يرزقنا الله وإيّاك » ثمّ قال لأصحابه: « لو أنّ رجلاً عنده مائة ألف، ثمّ أراد ان يضعها موضعها لوجد ».

[ ٨٠٤٥ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثمّ ناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده

____________________________

٢١ - لب اللباب: مخطوط.

الباب - ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٦.

(١) في المصدر زيادة: فسأله.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٦٩ ح ٥٩.

٢٠٥

فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقال: « رزقنا الله وإيّاك »(١) .

٢٢ -( باب عدم جواز الرّجوع في الصّدقة، وحكم صدقة الغلام)

[ ٨٠٤٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا تصدّق الرّجل بصدقة، لم يحلّ له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها، بعد أن تصدّق بها، إلّا بالميراث، فإنّها(١) إن دارت له بالميراث حلّت له ».

[ ٨٠٤٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن كتاب الفنون، قال: نام رجل من الحاجّ في المدينة فتوهّم أنّ هميانه سرق، فخرج فرأى جعفر الصّادقعليه‌السلام ، مصلّيا ولم، يعرفه فتعلّق به وقال له: أنت أخذت همياني، قال: « ما كان فيه؟ » قال: ألف دينار، قال: فحمله إلى داره، ووزن له ألف دينار، وعاد إلى منزله ووجد هميانه، فرجع(١) إلى جعفرعليه‌السلام معتذراً بالمال فأبى قبوله، وقالعليه‌السلام : « شئ خرج من يدي لا يعود إليّ » (إلى أن)(٢)

____________________________

(١) ورد في هامش الطبعة الحجرية، منه (قدّه) ما نصّه: « هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥ ح ٧ بإسناده عن عجلان كما في الأصل، وفيه أنهم كانوا أربعة أعطى ثلاثة منهم وردّ الرابع فالظاهر أنّه سقط في نسخة العياشي جملة أخرى، والله العالم ».

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

(١) في الطبعة الحجرية « فانهما » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر: فعاد.

(٢) ليس في المصدر.

٢٠٦

قال: فسأل(٣) الرّجل، فقيل: هذا جعفر الصّادقعليه‌السلام ، قال: لا جرم هذا فعال مثله.

[ ٨٠٤٨ ] ٣ - السيّد عليّ بن طاووس في مهج الدّعوات: نقلاً من كتاب عتيق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة، عن محمّد بن العبّاس العاصمي، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبيه، عن محمّد بن الرّبيع الحاجب، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - في حديث طويل - أنّه قال: « إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا » الخبر.

٢٣ -( باب استحباب التماس الدّعاء من السّائل، واستحباب دعاء السّائل لمن أعطاه)

[ ٨٠٤٩ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنّه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٨٠٥٠ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن القاسم، عن بريد العجلي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: جعلت فداك، قد كان الحال حسنة، وإنّ الأشياء اليوم متغيّرة، فقال: « إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثمّ ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاماً، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك » قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها، حتّى بعت

____________________________

(٣) وفيه: فسأل عنه.

٣ - مهج الدعوات ص ١٩٦.

الباب - ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٨.

٢ - الاختصاص ص ٢٤.

٢٠٧

وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاماً، ودعوت أصحابي عشرة، فلمّا أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتّى مالت إليّ(١) الدّنيا.

٢٤ -( باب استحباب المساعدة على إيصال الصّدقة والمعروف إلى المستحقّ)

[ ٨٠٥١ ] ١ - الصّدوق في الخصال: عن حمزة بن محمّد العلوي(١) ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن جعفر الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن الصّادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شفع شفاعة حسنة أو أمر بمعروف، فإن الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٣ ] ٣ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: قال: روي أنّ الصّدقة لتجري على سبعين رجلاً، تكون أجر آخرهم كأوّلهم.

____________________________

(١) في المصدر عليّ.

الباب - ٢٤

١ - الخصال ص ١٣٤ ح ١٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي النسخة الحجرية « حمزة بن الحسن العلوي » راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٧٨ و ٢٨١، ومجمع الرجال ج ٧ ص ٢٣٦.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٢٠٨

[ ٨٠٥٤ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الخازن الأمين الذي يؤدّي ما ائتمن به، طيبة به نفسه فإنّه أحد المتصدّقين ».

[ ٨٠٥٥ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة المرأة من بيت زوجها، غير مسرفة ولا مضرّة، مع علم عدم كراهيّة، لها أجر وله مثلها، لها بما أنفقت، وله بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك ».

٢٥ -( باب مواساة المؤمن في المال)

[ ٨٠٥٦ ] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أشدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف النّاس من نفسك، حتّى لا ترضى لهم إلّا ما ترضى به لها منهم، ومواساة الأخ في الله(١) ، وذكر الله على كلّ حال ».

[ ٨٠٥٧ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: ما أشدّ ما عمل العباد؟ قال: « إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كلّ حال » الخبر.

[ ٨٠٥٨ ] ٣ - الصّدوق في مصادقة الإخوان: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب - ٢٥.

١ - الغايات ص ٧٣.

(١) في المصدر: المال.

٢ - الغايات ص ٧٤.

٣ - مصادقة الإخوان ص ٣٦ ح ٢.

٢٠٩

فيهم (وإلّا فاغرب ثمّ اغرب)(١) ، قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصّلاة(٢) ، والمواساة للإخوان وإن كان الشّئ قليلاً ».

[ ٨٠٥٩ ] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « المواساة أفضل الأعمال، وقال(١) : أحسن الإحسان مواساة الإخوان ».

[ ٨٠٦٠ ] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه »، فقلت: ما أعرف ذلك فينا، قال: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلا شئ إذاً »، قلت: فالهلكة إذاً؟ قال: « إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».

[ ٨٠٦١ ] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيّد الأعمال ثلاث: إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله، وذكرك الله تعالى في كلّ حال ».

[ ٨٠٦٢ ] ٧ - أصل من أصول القدماء: قال: دخل رجل إلى جعفر بن

____________________________

(١) في المصدر: وإلّا فأعزب ثمّ أعزب.

(٢) في المصدر: الصلوات في مواقيتهن.

٤ - درر الحكم ودرر الكلم ص ٤٧ ح ١٣٥٩.

(١) نفس المصدر ص ١٨٤ ح ١٩٧.

٥ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٣.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٧ - أصل من أصول القدماء.

٢١٠

محمّدعليهما‌السلام ، وقال: يابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظّلم ومواساة الإخوان في السّعة » الخبر.

[ ٨٠٦٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه أوصى لبعض(١) شيعته فقال: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا، اصدقوا في قولكم، وبرّوا في أيمانكم لأوليائكم واعدائكم، وتواسوا بأموالكم، وتحابّوا بقلوبكم » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في أبواب العشرة من كتاب الحجّ.

٢٦ -( باب استحباب الإيثار على النّفس ولو بالقليل، لغير صاحب العيال)

[ ٨٠٦٤ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن سماعة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألناه عن الرّجل لا يكون عنده إلّا قوت يومه، ومنهم من عنده قوت شهر، ومنهم من عنده قوت سنة، أيعطف من عنده قوت يوم على من ليس عنده شئ؟ ومن عنده قوت شهر على من دونه؟ والسّنة(١) على نحو ذلك؟ وذلك كلّه الكفاف الذي لا يلام عليه، فقالعليه‌السلام : « هما أمران، أفضلهم(٢) فيه أحرصكم على الرّغبة فيه والأثرة على نفسه، إنّ الله عزّوجلّ

____________________________

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٤.

(١) في المصدر: بعض، والظاهر هو الصحيح.

الباب - ٢٦

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: ومن عنده قوت سنة على من دونه.

(٢) وفيه: أفضلكم.

٢١١

يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٣) وإلّا لا يلام عليه، اليد العليا خير اليد السّفلى، ويبدأ بمن يعول ».

[ ٨٠٦٥ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « قد فرض الله التّحمل على الأبرار في كتاب الله »، قيل: وما التّحمل؟ قال: « إذا كان وجهك آثر من(١) وجهه التمست له، وقال في قول الله عزّوجلّ:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) وقال: لا تستأثر عليه بما هو أحوج إليه منك ».

[ ٨٠٦٦ ] ٣ - سبط الشّيخ الطّبرسي في مشكاة الأنوار: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه سئل: ما أدنى حقّ المؤمن على أخيه؟ قال: « أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه ».

[ ٨٠٦٧ ] ٤ - وعن أنس [ قال ](١) : أنّه أهدي لرجل من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأس شاة مشوي فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا حقّاً، فبعث [ به ](٢) إليه، فلم يزل يبعث به واحد بعد واحد، حتّى تداولوا بها سبعة أبيات، حتّى رجعت إلى الأوّل، فنزل( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٢ - المؤمن ص ٤٤ ج ١٠٤.

(١) في الطبعة الحجرية « عن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٢.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه ليستقيم المعنى.

٢١٢

نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) وفي رواية: فتداولته تسعة أنفس، ثمّ عاد إلى الأوّل.

[ ٨٠٦٨ ] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السّلام لجميع العالم ».

[ ٨٠٦٩ ] ٦ - زيد الزرّاد في أصله: قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : نخشى أن لا نكون مؤمنين، قال: « ولم ذاك؟ » فقلت: وذلك أنّا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده آثر من درهمه وديناره، ونجد الدّينار والدّرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « كلّا، إنّكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتّى يخرج قائمنا، فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين، ولو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون، إذاً لرفعنا الله إليه، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السّماء، [ بل ](١) والذي نفسي بيده، إنّ في الأرض في أطرافها مؤمنين، ما قدر الدّنيا كلّها عندهم يعدل جناح بعوضة - إلى أن قالعليه‌السلام - هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر، كذلك وصفهم الله فقال:( وَيُؤْثِرُونَ ) (٢) الآية - إلى أن

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٣١.

٦ - أصل زيد الزرّاد ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٢١٣

قال - حليتهم طول السكوت بكتمان السّر، والصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصوم: والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر » الخبر.

[ ٨٠٧٠ ] ٧ - وفيه: قال زيد: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان، وفي ذلك محبّة من الرّحمان، ومرغمة من الشّيطان، وتزحزح عن النّيران ».

[ ٨٠٧١ ] ٨ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر رحمه الله، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « جهد من مقل إلى فقير (في سرّ)(١) ».

كتاب الغايات(٢) لجعفر بن أحمد القمي: مثله.

[ ٨٠٧٢ ] ٩ - وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: قلت: ما أفضل الصّدقة؟ قال: « جهد المقلّ، أما سمعت الله يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ويرى هيهنا فضلاً ».

[ ٨٠٧٣ ] ١٠ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: قال: روى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللّفظ له، عن أبي هريرة: أنّه جاء

____________________________

٧ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « محتال ».

(٢) الغايات ص ٦٨.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٠ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٤.

٢١٤

رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لهذا الرّجل اللّيلة؟ » فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنا يا رسول الله » فأتى فاطمةعليها‌السلام وسألها: « ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصّبية، لكنّا نؤثر ضيفنا به، فقالعليه‌السلام : يا بنت محمّد نوّمي الصّبية، واطفئي المصباح، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل أتت فاطمةعليها‌السلام بسراج، فوجدت الجفنة مملوّة من فضل الله، فلمّا أصبح صلى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا سلّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته، نظر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى بكاءً شديداً وقال: « يا أمير المؤمنين، لقد عجب الرّب من فعلكم البارحة، إقرأ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) » أي مجاعة الخبر.

[ ٨٠٧٤ ] ١١ - وعن محمّد بن العتمة(١) ، عن أبيه، عن عمّه، قال: رأيت في المدينة رجلاً على ظهره قربة وفي يده صحفة، يقول: « اللّهم وليّ المؤمنين(٢) وجار المؤمنين، اقبل قرباني اللّيلة، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فإنّك تعلم إنّي منعت نفسي [ مع شدّة ](٣) سغبي، أطلب القربة إليك غنماً، اللّهم فلا تخلق وجهي ولا تردّ دعوتي » فأتيته حتّى عرفته فإذا هو عليّ بن أبي طالب

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٤١ ص ٢٩.

(١) في المصدر: الصمة.

(٢) في المصدر زيادة: وإله المؤمنين.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢١٥

عليه‌السلام ، فأتى رجلاً فأطعمه.

[ ٨٠٧٥ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة صلة العشاء، فقام رجل من بين الصّف، فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير، وأسألكم في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاطعموني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الحبيب لا تذكر الغربة، فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: مسجد ظهراني قوم لا يصلّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الرّوم بين الكفّار لا يعرفون الله، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذي يكفي مؤونة هذا الرّجل؟ فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى، فقام أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخذ بيد السائل، وأتى به إلى حجرة فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضّيف، فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا ابن العمّ، لم يكن في البيت إلّا قليل من البرّ، صنعت منه طعاماً، والأطفال محتاجون إليه، وأنت صائم، والطّعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضريه، فذهبت وأتت بالطّعام ووضعته، فنظر إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطّعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السّراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيّدة النّساءعليها‌السلام : تعلّلي في إيقاده، حتّى يحسن الضّيف أكله ثمّ إثتيني به، وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحرّك فمه المبارك، يري الضّيف أنّه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضّيف من

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٨٩.

٢١٦

أكله وشبع، وأتت خير النّساءعليها‌السلام بالسّراج ووضعته، وكان الطّعام بحاله، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لضيفه: لم ما أكلت الطّعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطّعام وشبعت، ولكنّ الله تعالى بارك فيه، ثمّ أكل من الطّعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسيّدة النّساء، والحسنانعليهم‌السلام ، وأعطوا منه جيرانهم، وذلك ممـّا بارك الله تعالى فيه، فلمّا أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، كيف كنت مع الضّيف؟ فقال: بحمد الله - يا رسول الله - بخير، فقال: إنّ الله تعالى تعجّب ممـّا فعلت البارحة، من إطفاء السّراج والامتناع من الأكل للضّيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) (١) الآية ».

[ ٨٠٧٦ ] ١٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه رأى يوماً جماعة فقال: « من أنتم؟ » قالوا: نحن قوم متوكّلون، فقال: « ما بلغ بكم توكّلكم؟ » قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقالعليه‌السلام : « هكذا يفعل الكلاب عندنا »، فقالوا: كيف نفعل يا أمير المؤمنين؟ فقال: « كما نفعله، إذا فقدنا شكرنا، وإذا وجدنا آثرنا ».

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٩٠.

٢١٧

٢٧ -( باب استحباب تقبيل الإنسان يده بعد الصّدقة، وتقبيل ما تصدّق به، وشمّه بعد القبض، وتقبيل يد السّائل)

[ ٨٠٧٧ ] ١ - الشّيخ في مجالسه: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الصّدقة تطفئ غضب الرّب، قال: وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست أقبل يد السّائل، إنّما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي، قبل أن تقع في يد السّائل ».

٢٨ -( باب استحباب القرض للصّدقة، وصدقة من عليه قرض، واستحباب الزّيادة في قضاء الدين)

[ ٨٠٧٨ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثمّ أنّ المرأة قالت لزوجها: أما

____________________________

الباب - ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥.

الباب - ٢٨

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٢١٨

آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرّجل مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أنّه دخل ذات يوم عند اللّيل، فقال له ابن له: جئت بشئ؟ فإنّي لم أذق شيئاً اليوم، ثمّ قال: والولد فتنة، فغدا الرّجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقال: سيكون ذلك، فقال: حتّى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرّجل: إنّما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إيّاه ».

[ ٨٠٧٩ ] ٢ - إبن شهر آشوب في المناقب: قال: روت الخاصّة والعامّة، عن الخدري: أنّ عليّاًعليه‌السلام أصبح ساغباً، فسأل فاطمةعليها‌السلام طعاماً، فقالت: « ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرت به على نفسي وعلى الحسن والحسين » - إلى أن قال - فخرج واستقرض من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ديناراً، فخرج يشتري به شيئاً، فاستقبله المقداد قائلاً: ما شاء الله، فناوله عليّعليه‌السلام الدينار، ثمّ دخل المسجد فوضع رأسه ونام الخبر.

وهذا الخبر، رواه جماعة من أصحابنا، بألفاظ مختلفة، أجمعها وأطولها ما رواه الشّيخ أبوالفتوح الرّازي(١) في تفسيره، وقد أخرجناه في كتابا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٦٣.

٢١٩

٢٩ -( باب تحريم السّؤال من غير احتياج)

[ ٨٠٨٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن الحسين بن إبراهيم، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزّعفراني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يا محمّد، لو يعلم السّائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة، ما ردّ أحد أحداً - قال: ثمّ قال لي - يا محمّد، أنّه من سأل وهو بظهر(١) غنى، لقي الله مخموشاً وجهه ».

[ ٨٠٨١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في الخرائج: روى أنّ رجلاً جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين، فقال: « عليك بالسّوق » فلمّا كان من الغد، دخل فقال: يا رسول الله، أتيت السّوق أمس فلم أصب شيئاً، فبتّ بغير عشاء، قال: « فعليك بالسّوق » فأتى بعد ذلك أيضاً، فقال: « عليك بالسّوق » فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرّجل وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما أصبت شيئاً، قال: « بل أصبت من عير آل فلان شيئاً » قال: لا، قال: « بلى، ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار » قال: نعم، قال: « فما حملك على أن تكذب؟ » قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم، أتعلم ما يعمل النّاس؟ وأن أزداد خيراً إلى

____________________________

الباب - ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: يظهر غنى.

٢ - الخرائج والجرايح ص ٨٠ باختلاف يسير.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629