المصيبة الراتبة في مقتل سيد الشهداء 1429

المصيبة الراتبة في مقتل سيد الشهداء 14290%

المصيبة الراتبة في مقتل سيد الشهداء 1429 مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 61

المصيبة الراتبة في مقتل سيد الشهداء 1429

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الصفحات: 61
المشاهدات: 19414
تحميل: 5774


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 61 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19414 / تحميل: 5774
الحجم الحجم الحجم
المصيبة الراتبة في مقتل سيد الشهداء 1429

المصيبة الراتبة في مقتل سيد الشهداء 1429

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقالَ لهُ رجُلٌ من قومِهِ يُقالُ لهُ المهاجرُ بنُ أوْس: ما تريدُ يا ابنَ يزيد؟ أتريدُ أنْ تَحْمِل؟

فسكَتَ وأخذَتْهُ رَعْدة.

فقالَ لهُ صاحبُه: يا ابنَ يزيد، واللهِ، إنَّ أمْرَكَ لمَريبٌ، واللهِ، ما رأيتُ منكَ في موقِفٍ قطُّ مثلَ شيءٍ أراهُ الآن، ولو قِيلَ لي من أشجَعُ أهلِ الكوفةِ رجلاً ما عدَوْتُك، فما هذا الذي أرَى منك؟

قالَ الحرّ:

«إنّي - واللهِ - أخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنار، وَوَاللهِ لا أَختارُ على الجنَّةِ شيئاً ولو قطِّعْتُ وحرِّقْت».

ثُمَّ ضرَبَ فرسَهُ فلحقَ بالحسينِ عليه السلام وقالَ له:

«جَعَلنِيَ اللهُ فِداكَ يا ابنَ رسولِ الله، أنا صاحِبُكَ الذي حبَسْتُكَ عنِ الرجوعِ وسايَرْتُكَ في الطريق، وجعْجَعْتُ بكَ في هذا المكان. واللهِ الذي لا إلهَ إلاَّ هوَ، ما ظننْتُ أنَّ القومَ يَرُدُّونَ عليكَ ما عرَضْتَ عليهِمْ أبداً ولا يبلُغُونَ منكَ هذهِ المَنْزِلة. فقلْتُ في نفسي: لا أبالي أنْ أُطِيعَ القومَ في بعضِ أمرِهِمْ ولا يرَوْنَ أنّي خرَجْتُ من طاعتِهِم. وأمَّا هُمْ فسيَقْبَلُونَ منْ حسينٍ هذهِ الخِصالَ التي يَعْرِضُ عليهِم، وَوَاللهِ، لو ظنَنْتُ أنَّهُمْ لا يقبَلُونَها منكَ ما رَكِبْتُها منك، وإني قدْ جئتُكَ تائباً ممَّا كانَ منّي إلى ربّي،

٢١

ومُواسِياً لكَ بنفسي حتَّى أموتَ بينَ يديْك، أفترَى ذلكَ لي توبة؟».

قال عليه السلام:

«نعَمْ يَتُوبُ اللهُ عليكَ ويغَفِرُ لك. ما اسمُك؟».

قال:

«أنا الحرُّ بنُ يزيد».

قالَ عليه السلام:

«أنتَ الحرُّ كما سمَّتْكَ أمُّك، أنتَ الحرُّ إنْ شاءَ اللهُ في الدنيا والآخرة، انزِلْ».

قال:

«أنا لكَ فارِساً خيرٌ مِنّي راجلاً، أقاتِلُهُمْ على فرَسي ساعةً وإلى النُزولِ ما يَصِيرُ آخرُ أمري».

قالَ الحسينُ عليه السلام:

«فاصنَعْ - يرْحَمُكَ اللهُ - ما بدا لك».

فاستقدَمَ أمامَ أصحابِهِ ثُمَّ قال:

أيُّها القوم، ألا تقبَلُونَ منَ الحسينِ خَصْلةً منْ هذهِ الخِصالِ التي عرَضَ عليكُم فيُعافِيَكُمُ اللهُ منْ حرْبِهِ وقِتاله؟

قالوا: هذا الأميرُ عمرُ بنُ سعدٍ فكلِّمْه، فكلَّمَهُ بمثلِ ما كلَّمَهُ بهِ من قَبْلُ

٢٢

وبمثلِ ما كلَّمَ بهِ أصحابَه.

قالَ عُمَر: قد حرَصْتُ؛ لو وجَدْتُ إلى ذلكَ سبيلاً، فعَلْت.

فقال:

«يا أهلَ الكوفة، لأُمِّكُمُ الهَبَلُ والعِبرُ إذْ دعَوْتُموهُ حتَّى إذا أتاكُمْ أسْلَمتُمُوه، وزعَمْتُمْ أنَّكُمْ قاتلُوا أنفسِكُم دونَهُ ثُمَّ عَدَوْتُم عليهِ لِتَقْتلُوه. أمسكتُمْ بنفسِهِ، وأخذْتُمْ بكَظْمِهِ،

وأحطْتُمْ بهِ منْ كلِّ جانبٍ فمنَعْتُمُوهُ التوجُّهَ في بلادِ اللهِ العريضةِ حتَّى يأْمَنَ ويأمنَ أهَلُ بيتِهِ، وأصبحَ في أيديكُمْ كالأسيرِ لا يَمْلِكُ لنفسِهِ نَفْعاً ولا يَدْفَعُ عنْها ضَرَّاً،

وحَلأْتُموهُ ونساءَهُ وصِبْيَتَهُ وأصحابَهُ عنْ ماءِ الفراتِ الجاري(...)، وها هُم قد صَرَعَهُمُ العطَش، بِئْسَما خَلَّفْتُمْ مُحمَّداً في ذريَّتِه، لا أسْقاكُمُ اللهُ يومَ الظَمَأِ إنْ لم

تتُوبوا وتَنْزِعُوا عمَّا أنتُمْ عليهِ مِنْ يومِكُم هذا في ساعتِكُمْ هذِه».

فحمَلَتْ عليهِ رَجَّالةٌ لهُم ترميهِ بالنَّبْلِ، فأقبلَ حتَّى وقَفَ أمامَ الحسينِ عليه السلام.

٢٣

بداية الحرب

وتقدَّمَ عمرُ بنُ سعدٍ فرمَى نحوَ عسكَرِ الحسينِ عليه السلام بسهمٍ وقال: اشهَدُوا لي عندَ الأميرِ أنّي أوَّلُ مَنْ رمى. وأقْبلَتِ السِّهامُ مَن القومِ كأنَّها المطَر.

فقالَ عليه السلام لأصحابِه:

«قومُوا رحِمَكُمُ اللهُ إلى الموتِ الذي لا بدَّ منه، فإنَّ هذهِ السهامَ رُسُلُ القومِ إليكم».

فلَمَّا ارْتَمَوْا بالسهامِ خرَجَ يَسارٌ مولَى زيادِ بنِ أبي سفيان، وسالِمٌ مولى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زياد، فقالا: مَنْ يُبارِز؟ لِيخْرُجْ إلينا بعضُكُمْ!

فوثَبَ حبيبُ بنُ مُظاهِرٍ وبُريرُ بنُ خُضَيرٍ، فقالَ لهما الحسينُ عليه السلام:

«اجلسا...».

فقامَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَيرٍ الكلبيُّ، فقال:

«أبا عبدِ اللهْ! رَحِمَكَ الله، ائذَنْ لي فأَخْرُجَ إلَيْهِما».

فأذِنَ لهُ فشدَّ عليهِما وقتلَهما.

فأخذَتْ أمُّ وهبٍ امرأتُهُ عمُوداً ثُمَّ أقبلَتْ نحوَ زوجِها تقولُ له:

«فِدَاكَ أبي وأمي! قاتِلْ دونَ الطيِّبينَ ذريَّةِ مُحمَّد صلى الله عليه وآله وسلم ».

فأقبلَ إليها يردُّها نحوَ النساء، فأخذَتْ تُجَاذِبُ ثوبَهُ، وهي تقول:

«لن أدعَكَ دونَ أن أموتَ معَك».

٢٤

فناداها الحسينُ عليه السلام:

«جُزِيتُم منْ أهلِ بيتٍ خيراً، ارجِعِي رحِمَكِ اللهُ إلى النساء، فإنَّهُ ليسَ على النساءِ قتال».

الحملة الأولى

وكانتِ الحملةُ الأُولى على مُعَسكرِ الإمامِ الحسينِ عليه السلام، فحمَلَ عمرُو بنُ الحَجَّاجِ في مَيْمَنةِ جيشِ عُمَرَ بنِ سعدٍ من نَحْوِ الفُراتِ فاضطربُوا ساعة، وما ارتفعَتِ الغَبَرَةُ إلا ومُسلِمُ بنُ عوسجةَ الأسدِيُّ صريعٌ، فمشَى إليهِ الحسينُ عليه السلام فإذا بهِ رَمَقٌ، فقالَ له:

«رحِمَكَ اللهُ يا مُسلِم،( فمنهُمْ مَنْ قضَى نَحْبَهُ ومنْهُمْ مَنْ ينتظِرُ وما بدَّلُوا تبديلاً ) ».

ودَنا منهُ حبيبُ بنُ مظاهرٍ، فقال:

«عزَّ عليَّ مصرَعُكَ يا مُسلِم! أبشِرْ بالجنَّة!».

فقالَ لهُ مسلمٌ قولاً ضعيفاً:

«بشَّرَكَ اللهُ بخير».

فقالَ لهُ حبيب:

«لولا أنّي أعلَمُ أنّي في أثَرِكَ لاحِقٌ بكَ مَنْ ساعتي لأحببْتُ أنْ تُوصِيَني بكلِّ ما أهمَّك».

فقالَ لهُ مسلم:

«فإنّي أُوصِيكَ بهذا - وأشارَ إلى الحسينِ عليه السلام - فقاتِلْ دونَهُ حتَّى تموت».

٢٥

گربت يبن ظاهر منيتي

ما وصّيك بعيالي او بيتي

إنكان نيتك مثل نيتي

بالحسين واعياله وصيتي

فقالَ لهُ حبيب:

«لأُنعِمَنَّكَ عيناً».

ثُمَّ فاضَتْ روحُهُ الطاهرةُ، رِضوانُ اللهِ عليه.

وهجَمَ شمرُ بنُ ذي الجوشَنِ في أصحابِهِ، على خِيَمِ الحسينِ عليه السلام، فحمَلَ عليهِم زهيرُ بنُ القينِ رحمه الله في عشَرَةٍ منْ أصحابِ الحسينِ عليه السلام فكشَفَهُمْ عنِ الخِيَم، وقُتِلَ بعضُهُمْ وتفرَّقَ الباقون.

وخَرَجَ يزيدُ بنُ معْقِلٍ منْ جيشِ ابْنِ سعدٍ، فقال: يا بُريرَ بنَ خُضَير، كيفَ ترَى اللهَ صنَعَ بكْ؟

قال:

«صنَعَ اللهُ - واللهِ - بي خيراً وصنَعَ اللهُ بكَ شرّاً».

قالَ: كذَبْتَ وقبلَ اليومِ ما كنتَ كذّاباً.

فقالَ لهُ بُرَير:

«.. لِنَدْعُ اللهَ أنْ يلعنَ الكاذبَ وأنْ يقْتُلَ المُبْطِلَ، ثُمَّ اخرُجْ، فَلأُبارِزْك».

٢٦

قال: فخَرَجا، فرفَعا أيديَهُما إلى اللهِ يَدْعُوانِهِ أنْ يلعنَ الكاذبَ وأنْ يَقْتُلَ المُحِقُّ المُبطِلَ. ثُمَّ برَزَ كلُّ واحدٍ منْهُما لصاحبِهِ فاختلَفا ضرْبتَيْنِ: فضرَبَ يزيدُ بنُ مَعْقِلٍ بُريرَ بنَ خُضَيرٍ ضربةً خفيفةً لمْ تَضُرَّهُ شيئاً، وضرَبَهُ بُريرُ بنُ خُضَيرٍ ضربةٍ قدَّتِ المِغْفَرَ وبلَغَتِ الدِماغ، فخَرَّ كأنَّما هوَى من حالِقٍ، وسيفُ ابْنِ خُضَيرٍ لَثابتٌ في رأسه.

ثُمَّ تراجَعَ القومُ إلى الحسينِ عليه السلام، فحمَلَ شمرُ بنُ ذي الجوشَنِ - لعَنَهُ اللهُ - على أهلِ المَيْسَرةِ فَثَبتُوا لَهُ فطاعَنُوهُ، وأُحِيطُ بالحسينِ عليه السلام وأصحابِهِ من كلِّ جانِب، وكانَ أصحابُ الحسين عليه السلام أطوادَ بصيرةٍ وهدىً وثَباتٍ، يقتُلونَ كلَّ مَنْ يَبْرُزُ إليهِمْ.

فقالَ عمرُو بنُ الحجَّاجِ - وكانَ على الميمنة - ويلَكُمْ، يا حُمَقاء.

مهلاً! أتدْرُونَ مَنْ تُقاتِلون؟ إنَّما تقاتلُونَ فرسانَ المِصرِ، وأهلَ البصائرِ وقوماً مستمِيتينَ، لا يبرُزُ لهُم منكُم أحدٌ إلاَّ قتلُوهُ على قِلَّتِهِم، واللهِ، لو لم ترْمُوهُم إلاَّ بالحجارةِ لقتَلْتُمُوهُم.

فقالَ ابنُ سعدٍ: صدَقْت. الرَّأيُ ما رأيْت، فأرْسَلَ في العسكَرِ يعزُمُ عليهم أنْ لا يبارِزَ رجلٌ منْكُم، فلو خرجْتُم وُحْداناً لأَتَوْا عليكُمْ مُبارزَة.

فأخذَتِ الخيلُ تحمِلُ، وأصحابُ الحسينِ يَثْبُتُون، وإنَّما هُمُ اثنانِ وثلاثونَ

٢٧

فارساً، ولم يكونُوا يحمِلونَ على جانبٍ من هذا الجيشِ إلا كَشفُوه.

فبَعَثَ عمر بن سعد المجَفِّفةَ - وهيَ قوةٌ كانَتْ تحتمِي معَ خُيولِها بالدُروعِ - وخمسَمِئةٍ منَ الرُّماةِ، فأقبَلُوا حتى إذا دنَوْا من الحسين عليه السلام وأصحابِهِ رشقُوهُم بالنَّبْلِ، فلم يَلْبَثُوا أنْ عَقَرُوا خيولَهُم وصاروا رَجَّالةً كلُّهُم.

٢٨

صلاة الظهيرة

وبقيَ القِتالُ على أَشُدِّهِ حتَّى انتصفَ النهار، فكانَ إذا قُتِلَ الرجُلُ والرجلانِ من أصحابِ الحسينِ عليه السلام يَبِينُ ذلكَ فيهِمْ لِقلَّتِهِم، ولا يَبينُ القتْلُ في جيشِ عُمَرَ بْنِ سعدٍ معَ كَثْرةِ مَنْ يُقتَلُ منْهُم لِكَثْرَتِهِم.

وكان قد قُتلَ منْ أنصارِ الإمامِ عليه السلام أكثرُ منْ أربعين.

واقتربَ وقتُ زَوالِ الشمسِ، فقالَ أبو ثُمامةَ الصائدِيّ:

«يا أبا عبدِ الله! نفسِي لكَ الفِداء، إنّي أرَى هؤلاءِ قدِ اقتربوا منك، لا واللهِ، لا تُقْتَلُ حتَّى أُقتلَ دونَكَ إنْ شاءَ الله، وأُحِبُّ أنْ ألقَى ربِّيَ وقد صلَّيْتُ هذهِ الصلاةَ التي قد دَنا وقتُها».

فرفَعَ الحسينُ عليه السلام رأسَهَ ثم قال:

«ذَكرْتَ الصلاةَ، جعلَكَ اللهُ من المُصلِّينَ الذاكرين، نعَمْ هذا أوَّلُ وقتِها».

ثُمَّ قالَ عليه السلام:

«سَلُوهُم أنْ يَكُفُّوا عنَّا حتّى نصلّي».

ففعلوا.

فقالَ لهُمُ الحُصَينُ بنُ تميم: إنَّها لا تُقْبَل.

٢٩

فردَّ عليهِ حبيبُ بنُ مُظاهِر:

«زعمْتَ الصلاةَ منْ آلِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِمْ لا تُقْبَلُ، وتُقْبَلُ منكَ يا خَمَّار!».

فحمَلَ عليهِ الحصينُ بنُ تميمٍ فخرَجَ إليهِ حبيبُ بنُ مُظاهِرٍ فضرَبَ وجْهَ فرسِهِ بالسيفِ، فشَبَّ ووقَعَ عنه، وحمَلَهُ أصحابُهُ فاستنقذُوه.

وأخذَ حبيبٌ يقول:

أُقسِمُ لو كنّا لكم أعدادا

أو شَطْرَكُمْ ولَّيْتُمُ أكتادا

يا شرَّ قومٍ حسَبَاً وآداً

وجعَلَ يقولُ يومَئذٍ:

أنتُمْ أعدُّ عُدَّةً وأكثرُ

ونحنُ أوفَى منكُمُ وأصْبَرُ

ونحنُ أعلى حُجَّةً وأظهَرُ

حقاً وأتقَى منكُمُ وأعْذَرُ

وقاتلَ حبيب قتالاً شديداً حتّى استُشْهِدَ، فهدَّ ذلكَ الحسينَ عليه السلام، وقال:

«عندَ اللهِ أَحتسِبُ نفسي وحُماةَ أصحابي».

وكانَ حبيبٌ منْ خواصِّ أميرِ المؤمنِينَ عليه السلام، ومنَ السبعينَ الذين نصَرُوا الحسينَ عليه السلام ولَقُوا جبالَ الحديدِ واستقبَلُوا الرِماحَ بصُدورِهِمْ والسيوفَ بوُجوهِهِم، وهمْ يُعْرَضُ عليهِمُ الأمانُ والأموالُ فيأبَوْنَ ويقولُونَ:

٣٠

لا عُذْرَ لنا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إنْ قُتِلَ الحسينُ وفينا عَيْنٌ تَطْرِفُ حتَّى قُتلوا حولَه..

ولما قُتِلَ حبيبٌ أخَذَ الحرُّ يقاتِلُ راجلاً، فحمَلَ على القومِ معَ زهيرِ بنِ القَيْن، فكانَ إذا شَدَّ أحدُهُما فاستلْحَمَ شدَّ الآخرُ واستنقذَه، ففعَلا ذلكَ ساعة.

فبَيْنا الناسُ يتجاوَلُونَ ويقْتتِلُونَ والحُرُّ يَحْمِلُ على القومِ مُقْدِماً، فبرَزَ لهُ يزيدُ بنُ سُفيان، فما لَبِثَ الحرُّ أنْ قتلَهُ(..).

واستبسَلَ يضربُهُم بسيفِهِ وتكاثَرُوا عليهِ حتَّى استُشهِدَ رِضوانُ اللهِ عليه، فحمَلَهُ أصحابُهُ ووضعُوهُ بينْ يدَيْ الإمامِ الحسينِ عليه السلام وبهِ رَمَقٌ، فجعَلَ الحسينُ عليه السلام يمسَحُ وجهَهُ ويقول:

«أنتَ الحرُّ كما سمَّتْكَ أمُّك، وأنتَ الحرُّ في الدنيا وأنتَ الحرُّ في الآخرة».

وصلَّى الحسينُ عليه السلام بأصحابِهِ صلاةَ الظُّهر.

فوصَلَ إلى الحسينِ عليه السلام سهمٌ فتقدَّمَ سعيدُ بنُ عبدِ اللهِ الحنَفِيُّ ووقَاه بنفسِهِ ما زالَ ولا تخَطَّى حتَّى سقَطَ إلى الأرضِ وهُوَ يقول:

«أللَّهُمَّ العنْهُمْ لعنَ عادٍ وثمود، اللهمَ أَبْلِغْ نبيَّكَ عنّي السلامَ وأبْلِغْهُ ما

٣١

لَقِيتُ من ألَمِ الجِراحِ فإنّي أردْتُ ثوابَكَ في نَصْرِ ذريَّةِ نبيِّك».

ثُمَّ التفتَ إلى الحسينِ عليه السلام، فقالَ لهْ:

«أَوفَّيْتُ يا ابنَ رسولِ الله؟».

فقالَ الإمامُ عليه السلام:

«نعمْ، أنتَ أمامي في الجنَّة».

ثُمَّ قَضى نحبَهُ رِضوانُ اللهِ عليهِ، فوُجِدَ بهِ ثلاثَةَ عشَرَ سَهْماً سوَى ما بهِ منْ ضَرْبِ السيوفِ وطَعْنِ الرِماح.

٣٢

الحملة الثانية

ثمَّ قالَ عليه السلام لبقيَّةِ أصحابِه:

«يا كِرام، هذهِ الجنَّةُ فُتحَتْ أبوابُها واتَّصلَتْ أنهارُها وأينعَتْ ثِمارُها، وهذا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم والشهداءُ الذينَ قُتلِوا في سبيلِ اللهِ يتوقَّعُونَ قدومَكُم، ويتباشَرُونَ بكُمْ، فحامُوا عن دينِ اللهِ ودينِ نبيِّهِ، وذُبُّوا عن حُرَمِ رسولِ الله».

وجعلَ أصحابُ الحسينِ عليه السلام يسارِعونَ إلى القِتالِ بينَ يديهِ، وكانَ كلُّ مَنْ أرادَ القِتالَ يأتي إلى الحسينِ عليه السلام يودِّعُهُ، ويقول:

«السلامُ عليكَ يا ابنَ رسولِ الله».

فيجيبُهُ الحسينُ عليه السلام:

«وعليكَ السلامُ، ونحنُ خلفَك، ويقرأ:( فمنهُمْ منْ قضى نحبَهُ ومنهُمْ من ينتظِرُ وما بدَّلوا تبديلاً ) ».

واستأذنَ الصحابيُّ الجليلُ أَنَسُ بنُ الحارِثِ الكاهليُّ الإمامَ

٣٣

الحسينَ عليه السلام بالمبارَزةِ فأذِنَ لهُ، فنزَلَ إلى الميدانِ شادّاً وسَطَهُ بالعِمامةِ، رافعاً حاجبَيْهِ بالعِصَابةِ لِكِبَرِ سِنِّه، فلمّا رآهُ الحسينُ عليه السلام بهذهِ الهيئةِ، بكى، وقالَ له:

«شكَرَ اللهُ لكَ يا شيخ».

وكانَ هذا الصحابيُّ ممَّنْ سمعَ حديثَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، عن شهادةِ الحسينِ عليه السلام، والحثِّ على نصرتِه، وقد قاتَلَ رضوانُ اللهِ عليهِ قتالَ الأبطالِ حتَّى نالَ الفوزَ بالشهادة.

ثُمَّ تقدَّمَ زهيرُ بنُ القَيْنِ واستأذنَ بالقِتالِ، ووضَعَ يدَهُ على مَنْكِبِ الحسينِ عليه السلام وهوَ يقول:

أقدِمْ فُدِيتَ هادياً مَهْديَّاً

فاليومَ تَلْقَى جدَّكَ النبيّا

وحَسَناً والمرُتضَى عليَّا

وذا الجناحيْنِ الفتى الكَمِيّا

وأسَدَ اللهِ الشهيدَ الحيّا

ثُمَّ برَزَ وهوَ يرتجِزُ ويقول:

أنا زهيرٌ وأنا ابْنُ القَيْنِ

أَذُودُهُمْ بالسيفِ عنْ حسينِ

وانبرَى يقاتِلُ لم يُرَ مثلُهُ ولم يُسمَعْ بشِبْهِه، وكانَ يحمِلُ على القومُ وهوَ يقول:

إنَّ حسيناً أحدُ السبطَيْنِ

من عِترةِ البرِّ التقيِّ الزَّيْنِ

أضرِبُكُمْ ولا أرى من شَيْنِ

يا ليتَ نفسي قُسِمَتْ نصفَيْنِ

ثُمَّ برَزَ وقاتلَ قتالاً شديداً حتى استُشْهِد.

فقالَ الحسينُ عليه السلام: «لا يُبْعِدَنَّكَ اللهُ يا زهير، ولعَنَ اللهُ قاتلِيك!».

ثم برَزَ بُريرُ بنُ خضيرٍ الهَمَدانيُّ إلى الميدانِ وهوَ يقول:

«اقترِبوا منِّي يا قتَلَةَ المؤمنين، إِقترِبُوا منِّي يا قتلَةَ أولادِ البدْريّين، اقتربُوا منّي يا قتلَةَ أولادِ رسولِ ربِّ العالمينَ وذُرّيَّتِهِ الباقين».

فقاتلَ حتّى استُشْهِدَ رضوانُ اللهِ عليه.

واشتدَّ القتالُ والتحمَ وكثُرَ القتلُ والجراحُ في أصحابِ أبي عبدِ اللهِ الحسينِ عليه السلام.

وتقدَّمَ حنظلةُ بنُ أسعدَ الشَّبامِيُّ بينَ يدَي الحسينِ عليه السلام فنادى أهلَ الكوفة:

«يا قومُ، إنّي أخافُ عليكُمْ مثلَ يومِ الأحزاب. يا قومُ، إنّي أخافُ عليكُمْ يومَ التناد. يا قومُ، لا تقتلُوا حُسَيْناً فيُسْحِتَكُمُ اللهُ بعذابٍ وقد

٣٤

خابَ منِ افترَى».

ثمَّ تقدَّمَ فقاتلَ حتَّى قُتِلَ- رحمه الله-.

وتقدَّمَ بعدَهُ شَوْذَبٌ مولى شاكرٍ فقال:

«السلامُ عليكَ يا أبا عبدِ اللهِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، أستودِعُكَ اللهَ وأسترْعِيك».

ثمَّ قاتلَ حتى قُتِلَ- رحمه الله-.

ثُمَّ برَزَ إلى الميدانِ عابِسُ بنُ أبي شَبيبٍ الشاكريُّ، فسلَّمَ على الحسينِ عليه السلام وقال:

«يا أبا عبدِ الله، واللهِ، ما أمسَى على وَجْهِ الأرضِ قريبٌ ولا بعيدٌ أعزُّ عليَّ ولا أحبُّ إليَّ منك، ولو قدِرْتُ على أنْ أدفعَ عنكَ الضَّيْمَ أو القتلَ بشيءٍ أعزَّ علَيَّ منْ نفسي ودمِي لَفعَلْت. السلامُ عليكَ يا أبا عبدِ الله، أشهدُ أنّي على هَداكَ وهدى أبيك».

ثمَّ مضى بالسيفِ نحوَهُم، فقاتلَ حتّى استُشهِد.

بأبي من شَرُوا لقاءَ حسينٍ

بفراقِ النفوسِ والأرواحِ

وقفُوا يَدْرأونَ سُمْرَ العوالي

عنهُ والنَّبْلَ وَقْفَةَ الأشباحِ

فَوَقوْهُ بيضَ الظُّبا بالنحورِ الـ

ـبيضِ والنَّبْلَ بالوجوهِ الصبِّاحِ

أدركوا بالحسينِ أكبرَ عيدٍ

فغدَوْا في مِنى الطفوفِ أضاحي

٣٥

شهادة أهل البيت عليهم السلام

ولمَّا لم يبقَ مع الحسين عليه السلام إلا أهلَ بيتِه عَزَمُوا على الحربِ ومُلاقاةِ الحتوفِ وأقبلَ بعضُهم يُودِّعُ بَعضَاً:

هذا يشبك ابهذا أويحبه او هذا ابقلب هذا ايحط قلبه

او هذا دمعه الهذا يصبه او هذا يشم خد هذا او يصفر

مصرع عليّ الأكبر عليه السلام

وأوّلُ من تقدَّمَ عليٌّ الأكبرُ بنُ الحسينِ عليه السلام وكانَ مِنْ أصْبَحِ الناسِ وَجْهاً وأحسنِهِم خُلُقاً فاستأذنَ أباهُ في القِتالِ فأذِنَ لَه، ثُمَّ نظَرَ إليهِ نظْرةَ آيِسٍ منهُ وأرخى عليه السلام عينَيْهِ وبكَى، محترِقاً قلبُهُ، مُظْهِراً حزنَهُ إلى اللهِ تعالَى، (ورفَعَ سبَّابتَيْهِ نحوَ السماءِ وقال):

«اللهمَّ اشهَدْ على هؤلاءِ، فقَدْ برَزَ إليهِم أشْبَهُ الناسِ خَلْقاً وخُلُقاً ومَنْطِقاً برسولِكَ محمَّدِ صلى الله عليه وآله وسلم، وكنّا إذا اشتقْنا إلى رؤيةِ نبيِّكَ نظَرْنا إليه، اللهمَّ امنعْ عنهم بركاتِ الأرضِ، وفرِّقْهُمْ تفريقاً، ومزِّقْهُم تمزيقاً، واجعَلْهُم طرائقَ قِدَداً ولا تُرْضِ الولاةَ عنْهُم أبداً، فإنَّهُم دَعَوْنا لِيَنْصُرُونا فعَدَوْا علينا يُقاتِلُوننا».

وصاحَ عليه السلام بعُمرَ بنِ سعد:

«ما لكَ يا ابنَ سعد، قطَعَ اللهُ رحِمَكَ كما قطَعْتَ رَحِمي، ولم تحفَظْ قرابتي من رسولِ الله».

٣٦

ثمَّ رفَعَ الحسينُ عليه السلام صوتَهُ وتلا قولَهُ تعالى:

( إنَّ اللهَ اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ على العالمينَ ذُرَّيةً بعضُها منْ بعضٍ واللهُ سميعٌ عليم ) .

ثُمَّ حمَلَ عليُّ بنُ الحسينِ عليه السلام على القومِ، وهو يقول:

أنا عليُّ بْنُ الحسينِ بْنِ علي

نحنُ وبيتُ اللهِ أوْلى بالنبي

تاللهِ لا يحكُمُ فينا ابنُ الدَّعي

أطعنُكُمْ بالرُّمحِ حتى ينثني

أضرِبُكُمْ بالسيفِ أحمي عن أبي

ضرْبَ غُلامٍ هاشميٍّ علوي

فلَمْ يزَلْ يقاتلُ حتَّى ضجَّ الناسُ منْ كَثْرةِ مَنْ قتَلَ منهُم (...).

ثُمَّ رَجَعَ إلى أبيهِ وقدْ أصابتْهُ جراحاتٌ كثيرةٌ فقال:

«يا أبه! ألْعطشُ قد قتَلني وثِقْلُ الحديدِ أجْهَدَني، فهلْ إلى شُربةٍ ماء منْ سبيلٌ أتقوَّى بها على الأعداء؟».

فبكَى الحسينُ عليه السلام ودفَعَ إليهِ خاتَمَهُ وقال:

«خُذْ هذا الخاتَمَ في فيكَ وارجِعْ إلى قِتالِ عدوِّكَ، فإنّي أرجُو أنَّكَ لا تُمْسي حتَّى يَسْقِيَكَ جدُّكَ بكأسِهِ الأوفى شَرْبةً لا تظمأُ بعدَها أبداً».

يبويه شربة اميه الكبدي

اتقوى ورد للميدان وحدي

يبويه انفطر قلبي وحق جدي

العطش والشمس والميدان والحر

٣٧

فرجَعَ إلى موقِفِ النِّزالِ وقاتلَ أعظمَ القِتالِ، فاعترضَهُ مُرَّةُ بْنُ منقِذٍ فطَعَنهُ فصُرِعَ، واحتواهُ القومُ فأثخَنُوهُ طَعْنَا، فنادى بأعلى صوتِه:

«يا أبتاه! هذا جدِّي رسولُ اللهِ قد سقاني بكأسِهِ الأوفَى شَرْبةً لا أظمأُ بعدَها أبداً، وهوَ يقولُ لك: العَجَلَ! فإنَّ لكَ كأساً مَذْخورَة».

فصاحَ الحسينُ عليه السلام:

«وا ولداه...».

وأقبل عليه السلام إلى ولدِهِ، وكانَ في طريقِهِ يلهَجُ بذِكْرِهِ ويُكْثِرُ من قولِه:

«ولدي علِيّ.. ولدي عليّ».

حتَّى وصَلَ إليهِ، فأرخَى رِجلَيْهِ معاً منَ الرِّكابِ، ورمَى بنفسِهِ على جسَدِ ولدِهِ، وأخَذَ رأسَهُ فوضَعَهُ في حِجْرِهِ، وجعَلَ يمسَحُ الدَّمَ والترابَ عن وجهِه، وانكَبَّ عليهِ واضِعاً خدَّهُ على خدِّهِ، وجعَلَ يقول:

«قتَلَ اللهُ قوماً قتلُوكَ يا بُنَيّ! ما أجرأَهُم على اللهِ وعلى انتهاكِ حُرمةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ».

وانهملَتْ عيناهُ بالدموعِ ثُمَّ قال:

«على الدنيا بعدَكَ العفا».

٣٨

قعد عنده اوشافه امغمض العين

ابدمه سابح امترّب الخدين

متواصل ضرب والراس نصّين

حنه ظهره على ابنيّه او تحسر

يبويه گول منهو الضرب راسك

ينور العين من خمّد انفاسك

يعقلي من نهب درعك اوطاسك

يروحي اشلون أشوفنّك امطبّر

يبويه من عدل راسك ورجليك

او من غمّض عيونك واسبل ايديك

ينور العين كل سيف الوصل ليك

قطع قلبي او لعند احشاي سدّر

ثم طلَبَ الحسين عليه السلام من فتيانِهِ منْ بني هاشمٍ وقالَ لهُم:

«احْمِلُوا أخاكُم».

فحملُوهُ منْ مَصْرَعِهِ، وجاؤوا بهِ إلى الفُسطاطِ الذي يُقاتِلُونَ أمامَه.

٣٩

مقاتل آل عقيل عليهم السلام

ثُمَّ برَزَ أبناءُ عقيلِ بنِ أبي طالِبٍ، وأبناءُ مُسْلمٍ وأبناءُ جعفرِ بنِ عقيلٍ وجعَلُوا يقاتلونَ قتالاً شديداً والحسينُ عليه السلام يقولُ لهُم:

«صَبْراً على الموتِ يا بَنِي عمومتي، لا رأيتُم هواناً بعدَ هذا اليوم».

فجعلُوا يَسْتَبْسلِونَ في الدِّفاعِ عنِ ابنِ رسولِ اللهِ حتى استُشْهِدُوا رحِمَهُمُ الله.

وتقدَّمَ القاسمُ بنُ الإمامِ الحسنِ عليه السلام، يستأذُنِ عمَّهُ للقتال - وكأنَّ الإمامَ الحسَنَ عليه السلام أبى إلاَّ أنْ يكونَ حاضراً في كربلاءَ بخمسةٍ من أولادِهِ، وهوَ القائل: لا يومَ كيومِكَ يا أبا عبدِ الله - فخرَجَ القاسمُ وهُوَ يرتجُزِ ويقول:

إنْ تُنْكِروني فأنا فَرْعُ الحسَن

سِبْطِ النبيِّ المصطفى والمؤتمَن

هذا حسينٌ كالأسيرِ الـمُرْتهَن

بينَ أناسٍ لا سُقُوا صَوْبَ الـمُزُن

وفيما كانَ يجُولُ في المَيْدانِ ويصُولُ، انقطعَ شِسْعُ نعلِهِ، فانحنى ليُصْلِحَه.

قالَ من شهِدَ الواقعة: فقالَ لي عمرُو بنُ سعدٍ بنِ نفيلٍ الأزْدِيّ: واللهِ، لأَشُدَّنَّ عليهْ. فقْلُت لهُ: سبحانَ اللهِ، وما تُرِيدُ إلى ذلك؟ يكفيكَ قتلَهُ

٤٠