موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٢

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ14%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 408

  • البداية
  • السابق
  • 408 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18421 / تحميل: 8103
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

نحن الذين رأت قريش فعلنا

يوم القَلِيب (١) أُولئك الكفّار

كنّا شعار نبيّنا ودثاره

يفديه منّا الروح والأبصار

إنّ الوصيّ إمامنا ووليّنا

برح الخفاء وباحت الأسرار

وقال عمر بن حارثة الأنصاري، وكان مع محمّد بن الحنفيّة يوم الجمل، وقد لامه أبوه (عليه السلام) لما أمره بالحملة فتقاعس (٢) :

أبا حسن أنت فصل الأُمورْ

يبين بك الحلُّ والمحرمُ

جمعت الرجال على راية بها

ابنُك يوم الوغى مُقحَمُ

ولم ينكص المرء من خيفة

ولكن توالت له أسهمُ

فقال رويداً ولا تعجلوا

فإنِّي إذا رشقوا مُقدِمُ

فأعجلته والفتى مجمعٌ

بما يكره الوجِل المُحجم (٣)

سميّ النبيّ وشبه الوصيّ

ورايته لونها العندم (٤)

وقال رجل من الأزد يوم الجمل:

هذا عليّ وهو الوصيّ

آخاه يوم النجوة النبيُّ

وقال هذا بعدي الوليّ

وعاهُ واعٍ ونسى الشقيُّ

وخرج يوم الجمل غلام من بني ضبّة شابّ مُعلِم (٥) من عسكر عائشة، وهو يقول:

____________________

(١) في الحديث: (أنّه (صلَّى الله عليه وآله) وقف على قَليب بدر) القَليب: البئر لم تُطوَ (لسان العرب: ١/٦٨٩).

(٢) قعس: تأخّر ورجع إلى خلف (لسان العرب: ٦/١٧٧).

(٣) أحجم عن الأمر: كَفّ أو نكص هيبة (لسان العرب: ١٢/١١٦).

(٤) العَندم: شجر أحمر، وقال بعضهم: دم الغزال (لسان العرب: ١٢/٤٣٠).

(٥) رجل مُعلِم: إذا عُلم مكانه في الحرب بعلامة أعلمَها (لسان العرب: ١٢/٤١٩).

١٢١

نحن بني ضبّة أعداء عليّ

ذاك الذي يُعرف قدماً بالوصي

وفارس الخيل على عهد النبيّ

ما أنا عن فضل عليّ بالعمي

لكنَّني أنعى ابن عفّان التقيّ

إنّ الوليّ طالبٌ ثأر الوليّ

وقال سعيد بن قيس الهمداني يوم الجمل - وكان في عسكر عليّ (عليه السلام) -:

أيّة حرب أُضرمت نيرانها

وكُسرت يوم الوغى مُرّانُها (١)

قل للوصيِّ أقبلت قحطانها

فادعُ بها تكفيكها همدانُها

همُ بنوها وهمُ إخوانها

وقال زياد بن لبيد الأنصاري يوم الجمل - وكان من أصحاب عليّ (عليه السلام) -:

كيف ترى الأنصار في يوم الكَلَب

إنّا أُناس لا نُبالي مَن عَطِب

ولا نُبالي في الوصيّ مَن غَضب

وإنّما الأنصار جِدّ لا لعب

هذا عليّ وابن عبد المطّلب

ننصره اليوم على مَن قد كذَب

مَن يكسب البغي فبئسما اكتَسب

وقال حجر بن عديّ الكندي في ذلك اليوم أيضاً:

يا ربّنا سلّم لنا عليّا

سلّم لنا المبارك المضيّا

المؤمن الموحّد التقيّا

لا خطل الرأي ولا غويّا

بل هادياً موفّقاً مهديّا

واحفظه ربّي واحفظ النبيّا

فيه فقد كان له وليّا

ثمّ ارتضاه بعده وصيّا

وقال خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين - وكان بدريّاً - في يوم الجمل أيضاً:

____________________

(١) الـمُرّان: الرماح الصُّلبة اللَّدنة، واحدتها مُرّانة (لسان العرب: ١٣/٤٠٣).

١٢٢

ليس بين الأنصار في جَحْمة (١) الحر

بِ وبين العداة إلاّ الطعانُ

وقراع الكُماة بالقُضُب البيـ

ضِ إذا ما تحطّم الـمُرّانُ

فادعها تستجب فليس من الخز

رج والأوس يا علي جبانُ

يا وصيّ النبيّ قد أجلتِ الحر

بُ الأعادي وسارت الأظعان (٢)

واستقامت لك الأُمور سوى الشـ

ـام وفي الشام يظهر الإذعان

حسبهم ما رأوا وحسبك منّا

هكذا نحن حيث كنّا وكانوا

وقال خزيمة أيضاً في يوم الجمل:

أعائشَ خلّي عن عليّ وعيبِهِ

بما ليس فيه إنّما أنت والده

وصيّ رسول الله من دون أهلهِ

وأنتِ على ما كان من ذاك شاهده

وحسبكِ منه بعض ما تعلمينهُ

ويكفيك لو لم تعلمي غير واحده

إذا قيل ماذا عبت منه رميتهِ

بخذل ابن عفّان وما تلك آبِده (٣)

وليس سماء الله قاطرة دماً

لذاك وما الأرض الفضاء بمائده (٤)

وقال ابن بديل بن ورقاء الخزاعي يوم الجمل أيضاً:

يا قوم للخطّة العظمى التي حدثت

حرب الوصيّ وما للحرب من آسي

الفاصل الحكم بالتقوى إذا ضربت

تلك القبائل أخماساً لأسداس

وقال عمرو بن أُحيحة يوم الجمل، في خطبة الحسن بن علي (عليهما السلام) بعد خطبة

____________________

(١) جاحِم الحرب: وهو ضِيقُها وشدّتها (لسان العرب: ١٢/٨٥).

(٢) الظعينة: الهودج تكون فيه المرأة. وأصل الظعينة: الراحلة التي يُرحل ويُظعن عليها؛ أي يُسار (لسان العرب: ١٣/٢٧١).

(٣) جاء بآبِدة: أي بأمر عظيم يُنفر منه ويُستوحش (النهاية: ١/١٣).

(٤) ماد: تحرّك بشدّة ومنه قوله تعالي: ( ... أَن تَمِيدَ بِكُمْ... ) (النحل:١٥) أي تضطرب بكم، وتدور بكم، وتحرّككم حركةً شديدة (تاج العروس: ٥/٢٦٤).

١٢٣

عبد الله بن الزبير:

حسَنَ الخير يا شبيه أبيهِ

قمتَ فينا مقام خير خطيبِ

قمت بالخطبة التي صدع اللـ

ـهُ بها عن أبيك أهل العيوبِ

وكشفت القناع فاتّضح الأمـ

رُ وأصلحتَ فاسدات القلوبِ

لست كابن الزبير لجلجَ في القو

لِ وطاطا عنان فَسْل (١) مريب

وأبى الله أن يقوم بما قا

مَ به ابن الوصيّ وابن النجيب

إنّ شخصاً بين النبيّ لك الخيـ

ـرُ وبين الوصيّ غير مشوب

وقال زَحْر بن قيس الجعفي يوم الجمل أيضاً:

أضربكم حتى تقرّوا لعليّ

خير قريش كلّها بعد النبيّ

مَن زانه الله وسمّاه الوصيّ

إنّ الوليّ حافظٌ ظهر الوليّ

كما الغويّ تابع أمر الغويّ

ذكر هذه الأشعار والأراجيز بأجمعها أبو مِخنف لوط بن يحيى في كتاب وقعة الجمل.

وأبو مخنف من المحدّثين، وممّن يرى صحّة الإمامة بالاختيار، وليس من الشيعة، ولا معدوداً من رجالها.

وممّا رويناه من أشعار صفّين التي تتضمّن تسميته (عليه السلام) بالوصيّ، ما ذكره نصر بن مزاحم بن يسار المِنقري في كتاب صفّين، وهو من رجال الحديث.

قال نصر بن مزاحم: قال زَحْر بن قيس الجعفي:

فصلّى الإله على أحمد

رسول المليك تمام النَّعمْ

رسول المليك ومِن بعدهُ

خليفتنا القائم المدَّعَم

____________________

(١) الفَسْل: الرذل النذل الذي لا مروّة له (لسان العرب: ١١/٥١٩).

١٢٤

عليّاً عنيت وصيّ النبيّ

نُجالد (١) عنه غواة الأُمم (٢)

قال نصر: ومن الشعر المنسوب إلى الأشعث بن قيس:

أتانا الرسول رسول الإمامِ

فسُرّ بمقدَمِه المسلمونا

رسول الوصيّ وصيّ النبيّ

له السبق والفضل في المؤمنينا (٣)

ومن الشعر المنسوب إلى الأشعث أيضاً:

أتانا الرسول رسول الوصيّ

عليّ المهذّب من هاشمِ

وزير النبيّ وذو صهرهِ

وخير البريّة والعالَم (٤)

قال نصر بن مزاحم: من شعر أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفّين:

يا عجباً لقد سمعت منكرا

كِذْباً على الله يُشيب الشَّعَرا

ما كان يرضى أحمد لو أُخبرا

أن يقرنوا وصيّه والأبترا

شاني الرسول واللعين الأخزرا

(٥) إنِّي إذا الموت دنا وحضرا

شمّرت ثوبي ودعوت قنبرا

قدِّم لوائي لا تؤخّر حَذَرا

لا يدفع الحذار ما قد قُدّرا

لو أنّ عندي يا بن حرب جعفرا

أو حمزة القرم (٦) الهمام الأزهرا

رأت قريش نجم ليل ظهُرا (٧)

____________________

(١) جالدناهم بالسيوف: ضاربناهم (لسان العرب: ٣/١٢٥).

(٢) الفصول المختارة: ٢٧٠، وقعة صفّين: ١٨ نحوه وكلاهما عن جرير البجلي.

(٣) وقعة صفّين: ٢٣ وفيه (له الفضل والسبق...).

(٤) وقعة صفّين: ٢٤ وفيه (في العالم) بدل (والعالم) وزاد:

رسول الوصيّ وصيّ النبيّ

وخير البريّة من قائم

  (٥) تخازر الرجل: إذا ضيّق جفنه ليُحدّد النظر، كقولك: تعامى وتجاهل (لسان العرب: ٤/٢٣٦).

(٦) القرم من الرجال: السيّد المعظّم (لسان العرب: ١٢/٤٧٣).

(٧) وقعة صفّين: ٤٣ نحوه.

١٢٥

وقال جرير بن عبد الله البجلي: كتبتُ بهذا الشعر إلى شرحبيل بن السمط الكندي، رئيس اليمانية من أصحاب معاوية:

نصحتك يا بن السمط لا تتبع الهوى

فما لك في الدنيامن الدين من بدلْ

ولا تك كالمـُجرىإلى شرّ غاية

فقدخرق السربال (١) واستَنوق الجمل (٢)

مقال ابن هند في عليّ عضيهةٌ (٣)

ولَلّهُ في صدرابن أبي طالب أجل

وما كان إلاّ لازماً قعر بيتهِ

إلى أن أتى عثمان في بيته الأجل

وصيّ رسول الله من دون أهلهِ

وفارسه الحامي به يُضرب المثل (٤)

وقال النعمان بن عجلان الأنصاري:

كيف التفرّق والوصيّ إمامنا

لا كيف إلاّ حيرة وتخاذلا

لا تغبنُنّ عقولكم لا خير في

مَن لم يكن عند البلابل عاقلا

وذروا معاوية الغويّ وتابِعوا

دين الوصيّ لتحمدوه آجلا (٥)

وقال عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي:

ألا أبلغ معاوية بن حرب

فما لك لا تهَشّ (٦) إلى الضراب

فإن تسلم وتبق الدهر يوماً

نَزُرْكَ بجحفل (٧) عدد التراب

____________________

(١) يقال للرجل المتمزّق الثياب: مُنخرق السربال (لسان العرب: ١٠/٧٣).

(٢) في المثل: استنوق الجمل: صار كالناقة في ذُلّها (لسان العرب: ١٠/٣٦٢).

(٣) العَضْه: القالة القبيحة؛ وهى الإفك والبهتان والنميمة (لسان العرب: ١٣/٥١٥).

(٤) وقعة صفّين: ٤٩ نحوه.

(٥) وقعة صفّين: ٣٦٥ وفيه (النضر بن عجلان الأنصاري).

(٦) يقال: هشّ يهَشّ: إذا فرح به واستبشر، وارتاحَ له وخفّ (النهاية: ٥/٢٦٤).

(٧) الجحفل: الجيش الكثير.

١٢٦

يقودهم الوصيّ إليك حتى

يردّك عن ضلال وارتياب (١)

وقال المغيرة بن الحارث بن عبد المطّلب:

يا عصبة الموت صبراً لا يهولكمُ

جيش ابن حرب فإنّ الحقّ قد ظهرا

وأيقِنوا أنّ مَن أضحى يُخالفكم

أضحى شقيّاً وأمسى نفسه خسرا

فيكم وصيّ رسول الله قائدكم

وصهره وكتاب الله قد نُشرا (٢)

وقال عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب:

وصيّ رسول الله مَن دُون أهله

وفارسهُ إن قيل هل مِن مُنازِل (٣)

فَدونَكهُ إن كنت تبغي مهاجراً

أشمّ كنَصْل السيف عَيْرَ حَلاحِلِ (٤)

والأشعار التي تتضمّن هذه اللفظة [ الوصيّ ] كثيرة جدّاً، ولكنّا ذكرنا منها هاهنا بعض ما قيل في هذين الحزبين، فأمّا ما عداهما، فإنّه يجلّ عن الحصر، ويعظم عن الإحصاء والعدّ، ولولا خوف الملالة والإضجار لذكرنا من ذلك ما يملأ أوراقاً كثيرة (٥) .

١/٧

وجوب طاعة الأوصياء

٤٠٣ - الإمام عليّ (عليه السلام): (قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) -: قد أخبرني الله تعالى أنّه قد استجاب

____________________

(١) وقعة صفّين: ٣٨٢ نحوه.

(٢) وقعة صفّين: ٣٨٥ نحوه.

(٣) وقعة صفّين: ٤١٦ وفيه (الفضل بن عبّاس).

(٤) عَيْرُ القوم: سيّدهم. والحَلاحِل: جمع حُلاحِل؛ وهو السيّد في عشيرته، الشجاع الركين (لسان العرب: ٤/٦٢١ وج ١١/١٧٤).

(٥) شرح نهج البلاغة: ١/١٤٣ - ١٥٠.

١٢٧

لي فيك ولشركائك الذين يكونون بعدك. قلت: يا رسول الله، ومَن شركائي؟

قال: الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وبطاعتي. قلت: مَن هم يا رسول الله؟

قال: الذين قال الله تعالى فيهم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ... ) (١) .

قلت: يا نبيّ الله، مَن هم؟ قال: هم الأوصياء بعدي) (٢) .

٤٠٤ - تفسير العيّاشي عن جابر الجعفي: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية: ( ... أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ... ) .

قال: (الأوصياء) (٣) .

٤٠٥ - الإمام الصادق (عليه السلام): (أُشرِكَ بين الأوصياء والرسل في الطاعة) (٤) .

٤٠٦ - الكافي عن الحسين بن أبي العلاء: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ قال: (نعم، هم الذين قال الله عزّ وجلّ: ( ... أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ... ) ، وهم الذين قال الله عزّ وجلّ: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ) (٥) (٦) .

راجع: أحاديث الخلافة.

القسم التاسع/عليّ عن لسان النبيّ/المكانة السياسيّة والاجتماعيّة/وصيّي.

القسم الأوّل/الولادة/الألقاب/الوصيّ.

____________________

(١) النساء: ٥٩.

(٢) الاعتقادات: ١٢١، الغيبة للنعماني: ٨١/١٠، تفسير العيّاشي: ١/٢٥٣/١٧٧ كلاهما نحوه، وكلّها عن سليم بن قيس.

(٣) تفسير العيّاشي: ١/٢٤٩/١٦٨ وص ٢٥٣/١٧٦ عن عمرو بن سعيد عن أبي الحسن (عليه السلام).

(٤) الكافي: ١/١٨٦/٥ عن أبي الحسن العطّار.

(٥) المائدة: ٥٥.

(٦) الكافي: ١/١٨٩/١٦ وص ١٨٧/٧، الاختصاص: ٢٧٧.

١٢٨

١٢٩

الفصل الثاني

  احاديث الوراثة

٢/١

الوارث

٤٠٧ - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) - لعليّ (عليه السلام) -: (أنت وارثي) (١).

٤٠٨ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (لكلّ نبيّ وصيّ ووارث، وإنّ وصيّي ووارثي عليّ بن أبي طالب) (٢) .

____________________

(١) الأمالي للصدوق: ٤٤٧/٥٩٨ عن ابن عبّاس، الأمالي للمفيد: ١٧٤/٤، الأمالي للطوسي: ١٩٤/٣٢٩ وفيهما (أنت الوارث منَّي)، وكلاهما عن عمرو بن ميمون، عن الإمام الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلَّى الله عليه وآله)، المناقب لابن شهر آشوب: ٢/١٨٨، عن جابر بن يزيد، عن الإمام الصادق (عليه السلام) عنه (صلَّى الله عليه وآله)، فضائل الصحابة لابن حنبل: ٢/٦٣٩/١٠٨٥ عن زيد بن أبي أوفى وفيه (أنت أخي ووارثي).

(٢) المناقب لابن المغازلي: ٢٠١/٢٣٨ عن عبد الله بن بريدة، تاريخ دمشق: ٤٢/٣٩٢/٩٠٠٥ و٩٠٠٦، الفردوس: ٣/٣٣٦/٥٠٠٩، المناقب للخوارزمي: ٨٥/٧٤، الرياض النضرة: ٣/١٣٨؛ المناقب لابن شهر آشوب: ٣/٦٦ كلّها عن بريدة.

١٣٠

٤٠٩ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (يا عليّ، أنت وصيّي، وخليفتي، ووزيري، ووارثي، وأبو ولْدي...، أمرك أمري...، ونهيك نهيي) (١) .

٤١٠ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (هذا عليّ أخي، ووصيّي، ووزيري، ووارثي، وخليفتي) (٢) .

٤١١ - الأمالي للطوسي عن أنس: اتّكأ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) على عليّ (عليه السلام)، فقال: (يا عليّ، أما ترضى أن تكون أخي، وأكون أخاك، وتكون وليّي، ووصيّي، ووارثي؟!) (٣) .

٤١٢ - إرشاد القلوب عن حذيفة: أمر [ (صلَّى الله عليه وآله) ] خادمة لأُمِّ سلمة، فقال: (اجمعي لي هؤلاء) - يعني نساءه -. فجمعتهنّ له في منزل أُمّ سلمة، فقال لهنّ: (اسمعن ما أقول لكُنَّ) - وأشار بيده إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) - فقال لهنّ: (هذا أخي، ووصيّي، ووارثي، والقائم فيكُنّ وفي الأُمّة من بعدي، فأطِعنَهُ فيما يأمرُكنّ به، ولا تَعصِينَه؛ فتَهلِكنَ لمعصيته) (٤) .

____________________

(١) الأمالي للصدوق: ٤١١/٥٣٣، بشارة المصطفى: ٥٥ كلاهما عن أبي سعيد عقيصا عن الإمام الحسين عن أبيه (عليهما السلام)؛ ينابيع المودّة: ١/١٦٧/٥ عن عليّ بن الحسن عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلَّى الله عليه وآله)، البداية والنهاية: ٧/٢٢٤ وفيه (أنت أخي ووارثي وخليفتي، وخير مَن آمر بعدي).

(٢) الأمالي للصدوق: ٥٦٤/٧٦٣، بشارة المصطفى: ١٠٩ كلاهما عن سلمان الفارسي، الاحتجاج: ١/٣٤٣/٥٦، الغيبة للنعماني: ٧٠/٨، التحصين لابن طاووس: ٦٣٣/٢٥، كتاب سليم بن قيس: ٢/٦٤٥/١١ وص ٧٥٩/٢٥؛ فرائد السمطين: ١/٣١٥/٢٥٠ والستّة الأخيرة عن سليم بن قيس عن الإمام عليّ (عليه السلام) عنه (صلَّى الله عليه وآله).

(٣) الأمالي للطوسي: ٣٣٢/٦٦٦، بشارة المصطفى: ٢٤٣.

(٤) إرشاد القلوب: ٣٣٧.

١٣١

٤١٣ - الإمام عليّ (عليه السلام) - في حياة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) -: (والله، إنّي لأخوه، ووليّه، وابن عمّه، ووارثه، ومَن أحقّ به منّي؟!) (١)

٤١٤ - عنه (عليه السلام): (أنا عبد الله، وأخو رسوله، لا يقولها أحد قبلي ولا بعدي إلاّ كذب، ورثتُ نبيّ الرحمة، ونكحتُ سيّدة نساء هذه الأُمّة، وأنا خاتم الوصيّين) (٢) .

٤١٥ - عنه (عليه السلام): (إنّ الله تبارك وتعالى خصَّني بما خصّ به أولياءه وأهل طاعته، وجعلني وارث محمّد (صلَّى الله عليه وآله)، فمَن ساءه ساءه، ومَن سرّه سرّه!) (٣) .

٤١٦ - خصائص أمير المؤمنين عن أبي إسحاق: سأل عبد الرحمن بن خالد قثمَ بن العبّاس: من أين ورث عليّ رسولَ الله (صلَّى الله عليه وآله)؟ قال: إنّه كان أوّلنا به لحوقاً، وأشدّنا به لزوقاً (٤) .

____________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل: ٢/٦٥٢/١١١٠، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ١٣٠/٦٥، المعجم الكبير: ١/١٠٧/١٧٦، فرائد السمطين: ١/٢٢٥/١٧٥، الرياض النضرة: ٣/٢٠٦؛ الأمالي للطوسي: ٥٠٢/١٠٩٩، الاحتجاج: ١/٤٦٦/١١٠، العمدة: ٤٤٤/٩٢٧، شرح الأخبار: ١/١٢٣/٥٢، تفسير فرات: ٩٦/٨٠ نحوه، المناقب للكوفي: ١/٣٣٩/٢٦٥ وص ٣٥٨/٢٨٧ كلّها عن ابن عبّاس.

(٢) شرح نهج البلاغة: ٢/٢٨٧؛ الإرشاد: ١/٣٥٣، الخرائج والجرائح: ١/٢٠٩/٥١ كلّها عن حكيم بن جبير، المناقب لابن شهر آشوب: ٢/٣٤٢ عن أبي يحيى، كشف الغمّة: ١/٢٨٤ وفي الأربعة الأخيرة (أنا سيّد الوصيّين وآخر أوصياء النبيّين)، المناقب للكوفي: ١/٣٢٧/٢٥٠ عن أبي البختري وص ٣٩٢/٣١٤ وص ٣٩٥/٣١٨ كلاهما عن الأصبغ بن نباتة، وكلّها نحوه وفي الثلاثة الأخيرة (خير) بدل (خاتم) .

(٣) الخصال: ٥٧٩/١ عن مكحول.

(٤) خصائص أمير المؤمنين للنسائي: ٢٠٦/١٠٨، المستدرك على الصحيحين: ٣/١٣٦/٤٦٣٣، المعجم الكبير: ١٩/٤٠/٨٥ و٨٦، تاريخ دمشق: ٤٢/٣٩٣، كنز العمّال: ١٣/١٤٣/٣٦٤٤٧ نقلاً عن ابن أبي شيبة؛ الطرائف: ٢٨٤، شرح الأخبار: ٢/١٨٢/٥٢٤ وج ١/٢١٢/١٨٥، المناقب لابن شهر آشوب: ٢/١٨٨ كلّها نحوه. وقال الحاكم في ذيل الحديث ٤٦٣٤: يقول إسماعيل بن إسحاق القاضي حول هذا الحديث: إنّما يرث الوارث بالنسب أو بالولاء، ولا خلاف بين أهل العلم أنّ ابن العمّ لا يرث مع العمّ، فقد ظهر بهذا الإجماع أنّ عليّاً ورث العلم من النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) دونهم.

١٣٢

٢/٢

وارث علم النبيّ

٤١٧ - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (القرآن إمامٌ هادٍ، وله قائد يهدي به ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو عليّ بن أبي طالب، وهو وليّ الأمر بعدي، ووارث علمي وحكمتي، وسرّي وعلانيَّتي، وما ورثه النبيّون قبلي، وأنا وارث ومورّث، فلا تُكذِبنّكم أنفسُكم) (١) .

٤١٨ - كفاية الأثر عن عمّار: لمّا حضرَت رسولَ الله (صلَّى الله عليه وآله) الوفاةُ، دعا بعليٍّ (عليه السلام)، فسارّه طويلاً، ثمّ قال: (يا عليّ، أنت وصيّي، ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي) (٢) .

٤١٩ - الإمام عليّ (عليه السلام): (والله، إنّي لأخوه [ (صلَّى الله عليه وآله) ] ووليّه، وابن عمّه، ووارث علمه، فمَن أحقّ به منّى!) (٣) .

٤٢٠ - عنه (عليه السلام): (سَلْوني عن أسرار الغيوب؛ فإنِّي وارث علوم الأنبياء

____________________

(١) خصائص الأئمّة (عليهم السلام): ٧٥ عن أبي موسى الضرير البجلي، عن أبي الحسن (عليه السلام).

(٢) كفاية الأثر: ١٢٤.

(٣) المستدرك على الصحيحين: ٣/١٣٦/٤٦٣٥ عن ابن عبّاس وراجع الفضائل لابن شاذان: ٣ وإرشاد القلوب: ٣٦٦.

١٣٣

والمرسلين) (١) .

٤٢١ - فضائل الصحابة، عن زيد بن أبي أوفى: دخلت على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) مسجدَه، فذكر قصّة مؤاخاة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بين أصحابه، فقال عليّ - يعني للنبيّ (صلَّى الله عليه وآله) -: (لقد ذهبت روحي وانقطعت ظهري حين رأيتُك فعلتَ بأصحابك ما فعلتَ غيري، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العُتبى والكرامة؟!).

فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (والذي بعثني بالحقّ، ما أخّرتُك إلاّ لنفسي؛ فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، وأنت أخي، ووارثي).

قال: (وما أرثُ منك يا رسول الله؟).

قال: (ما وُرِثَ الأنبياءُ قبلي).

قال: (وما وُرِثَ الأنبياءُ قبلَك؟).

قال: (كتاب الله، وسنّة نبيّهم، وأنت معي في قصر في الجنّة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي، ورفيقي).

  ثمّ تلا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): ( (... إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) (٢) ، المتحابّون في الله ينظر بعضهم إلي بعض) (٣) .

٤٢٢ - الإمام الباقر (عليه السلام): (ورث عليّ (عليه السلام) علمَ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وورثت فاطمةُ تركتَه) (٤) .

٤٢٣ - الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ عليّاً ورث علمَ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وفاطمةُ أحرزت

____________________

(١) ينابيع المودّة: ١/٢١٣/١٧.

(٢) الحجر: ٤٧.

(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل: ٢/٦٣٨/١٠٨٥ وص ٦٦٧/١١٣٧، تاريخ دمشق: ٤٢/٥٣/٨٣٨٧، المناقب للخوارزمي: ١٥٢/١٧٨، المعجم الكبير: ٥/٢٢١/٥١٤٦، تذكرة الخواصّ: ٢٣ عن عبد الله بن أبي أوفى، وكلاهما نحوه، كنز العمّال: ٩/١٦٧/١٧٠٢٥٥٥٤/٢٥٥٥٥؛ المناقب للكوفي: ١/٣١٦/٢٣٦، عن عبد الله بن أبي أوفى نحوه، وراجع الرياض النضرة: ٣/١٣٨.

(٤) بصائر الدرجات: ٢٩٤/٦، المناقب لابن شهر آشوب: ٣/٦٦ كلاهما عن زرارة.

١٣٤

الميراث) (١) .

راجع: القسم الثاني/المؤزارة على الدعوة.

القسم الحادي عشر/التعلّم في مدرسة النبيّ، والمنزلة العلميّة.

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٢٩٤/٧ عن حمّاد بن عيسى.

١٣٥

الفصل الثالث

  أحاديث الخلافة

٣/١

ألا تستخلف؟

٤٢٤ - المعجم الكبير عن عبد الله بن مسعود: استتبعني رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ليلة الجنّ،، فانطلقت معه حتى بلغنا على مكّة، فخطّ عليَّ خطّة وقال: (لا تبرَح). ثمّ انصاع (١)في أجبال، فرأيت الرجال يتحدّرون عليه من رؤوس الجبال، حتى حالوا بيني وبينه، فاخترطتُ السيف وقلت: لأضربنّ حتى استنقذ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ثمّ ذكرتُ قوله: (لا تبرح حتى آتيك) - قال: - فلم أزَل كذلك حتى أمَّنا الفجر، فجاء النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) وأنا قائم، فقال: (ما زلتَ على حالك؟!). قلتُ: لو لبثتَ شهراً ما برحتُ حتى تأتيني.

ثمّ أخبرتهُ بما أردتُ أن أصنع، فقال: (لو خرجتَ ما التقيتُ أنا ولا

____________________

(١) انصاع القوم: ذهبوا سِراعاً (لسان العرب: ٨/٢١٤).

١٣٦

أنتَ إلى يوم القيامة!).

ثمّ شبّك أصابعه في أصابعي، فقال: (إنِّي وُعِدتُ أن يؤمن بي الجنّ والإنس؛ فأمّا الإنس فقد آمنت بي، وأمّا الجنّ فقد رأيتَ - قال: - وما أظنُّ أجلي إلاّ قد اقترب).

قلت: يا رسول الله، ألا تستخلف أبا بكر؟ فأعرض عنّي، فرأيتُ أنّه لم يوافقه. قلت: يا رسول الله، ألا تستخلف عمر؟ فأعرض عنّي، فرأيتُ أنّه لم يوافقه. قلت: يا رسول الله، ألا تستخلف عليّاً؟ قال: (ذاك - والذي لا إله غيره - لو بايعتُموه وأطعتُموه أدخلتُكم الجنّةَ أكتعين ) (١) (٢) .

٤٢٥ - المعجم الكبير، عن عبد الله بن مسعود: كنت مع النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) ليلة وفد الجنّ، فتنفّس، فقلت: ما لك يا رسول الله؟! قال: (نُعيت لي نفسي يا بن مسعود). قلت: استخلف. قال: (من؟). قلت: أبو بكر - قال: - فسكت. ثمّ مضى ساعة، ثمّ تنفّس، فقلت: ما شأنك - بأبي أنت وأمِّي - يا رسول الله؟! قال: (نُعيت لي نفسي يا بن مسعود). قلت: فاستخلف. قال: (من؟). قلت: عمر، فسكت. ثمّ مضى ساعة، ثمّ تنفّس، فقلت: ما شأنك؟ قال: (نُعيت لي نفسي يا بن مسعود). قلت: فاستخلف. قال: (مَن؟). قلت: عليّ بن أبي طالب. قال: (أما - والذي نفسي بيده - لئن أطاعوه ليدخلنّ الجنّة أجمعين أكتعين) (٣) .

____________________

(١) أكتعين: تأكيد أجمعين (النهاية: ٤/١٤٩).

(٢) المعجم الكبير: ١٠/٦٧/٩٩٦٩.

(٣) المعجم الكبير: ١٠/٦٨/٩٩٧٠، المصنّف لعبد الرزّاق: ١١/٣١٧/٢٠٦٤٦، تاريخ دمشق: ٤٢/٤٢١، فرائد السمطين: ١/٢٧٣/٢١٢، البداية والنهاية: ٧/٣٦١؛ الأمالي للمفيد: ٣٥/٢، الأمالي للطوسي: ٣٠٧/٦١٧، بشارة المصطفى: ٢٠٣، مائة منقبة: ٥٢/١٠، شرح الأخبار: ٢/٢٧٩/٥٨٩ والخمسة الأخيرة نحوه، المناقب لابن شهر آشوب: ٣/٦٣ وراجع الفضائل لابن شاذان: ٨٠.

١٣٧

٤٢٦ - السنّة، عن عبد الله بن مسعود: إنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) قال ليلة الجنّ: (نُعيت لي - والله - نفسي). فقلت: يقوم بالناس أبو بكر الصدّيق. فسكت. فقلت: يقوم بالناس عمر. فسكت. فقلت: يقوم بالناس عليّ. فقال: (لا يفعلون، ولو فعلوا دخلوا الجنّة أجمعين) (١) .

٣/٢

استخلاف الإمام بأمر الله

٤٢٧ - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (يا عليّ، أنت وصيّي، أوصيتُ إليك بأمر ربّي، وأنت خليفتي، استخلفتك بأمر ربّي) (٢) .

٤٢٨ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (يا فاطمة... إنّ الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة، فاختارني من خلقه، فجعلني نبيّاً. ثمّ اطّلع إلى الأرض اطّلاعة ثانية، فاختار منها زوجك، وأوحى لي أن أُزوِّجك إيّاه، وأتّخذه وليّاً ووزيراً، وأن أجعله خليفتي في أمَّتي؛ فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلُك خير الأوصياء) (٣) .

٤٢٩ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (لما أُسري بي إلى السماء، ثمّ من السماء إلى السماء إلى سدرة

____________________

(١) السنّة لابن أبي عاصم: ٥٤٩/١١٨٣، المناقب للخوارزمي: ١١٤/١٢٤، فرائد السمطين: ١/٢٦٧/٢٠٩ كلاهما نحوه.

(٢) مَن لا يحضره الفقيه: ٤/١٧٩/٥٤٠٥ عن ابن عبّاس.

(٣) كمال الدين: ٢٦٣/١٠، كتاب سليم بن قيس: ٢/٥٦٥/١، إرشاد القلوب: ٤١٩ كلّها عن سلمان الفارسي، وراجع كفاية الأثر: ١٠.

١٣٨

المنتهى، وقفتُ بين يدي ربّي عزّ وجلّ، فقال لي: يا محمّد. قلت: لبّيك وسعديك. قال: قد بَلَوت خلقي، فأيّهم رأيتَ أطوع لك؟ قال: قلت: ربّي، عليّاً. قال: صدقتَ يا محمّد. فهل اتّخذتَ لنفسك خليفة يؤدّي عنك، يعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟ قال: قلت: يا ربّ، اختَر لي، فإنّ خيرتك خيرتي. قال: اخترتُ لك عليّاً، فاتّخذه خليفةً ووصيّاً) (١) .

٤٣٠ - الإمام عليّ (عليه السلام): (إنّ الله تبارك اسمه... شدّ بي أزرَ (٢) رسوله، وأكرمني بنصره، وشرَّفني بعلمه، وحباني بأحكامه، واختصَّني بوصيّته، واصطفاني بخلافته في أمَّته، فقال (صلَّى الله عليه وآله) - وقد حشده المهاجرون والأنصار وانغصّت بهم المحافل -: أيّها الناس، إنّ عليّاً منّي كهارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.

فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول؛ إذ عرفوني أنّي لست بأخيه لأبيه وأمَّه، كما كان هارون أخاً موسى لأبيه وأمَّه، ولا كنت نبيّاً فأقتضي (٣) نبوّة، ولكن كان ذلك منه استخلافاً لي، كما استخلف موسى هارون (عليهما السلام) حيث يقول: ( ... اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (٤) ) (٥) .

٤٣١ - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (كنت أنا وعليّ نوراً بين يدي الله عزّ وجلّ، يسبّح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلمّا خلق الله آدم ركّب ذلك النور في

____________________

(١) المناقب للخوارزمي: ٣٠٣/٢٩٩، فرائد السمطين: ١/٢٦٨/٢١٠؛ الأمالي للطوسي: ٣٤٣/٧٠٥ كلّها عن غالب الجهني عن الإمام الباقر عن آبائه (عليهم السلام)، إرشاد القلوب: ٢٣٧، المناقب للكوفي: ١/٤١٠/٣٢٦ عن سلام الجعفي، عن محمّد بن عليّ نحوه.

(٢) آزَره: أعانه، وقوله تعالى: ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) (طه:٣١): أي قوِّ به ظهري (مجمع البحرين: ١/٤٢).

(٣) فأقتضي: على صيغة المتكلّم، أو الغائب؛ أي فاقتضى كلام النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) نبوّة (مرآة العقول: ٢٥/٦٠).

(٤) الأعراف: ١٤٢.

(٥) الكافي: ٨/٢٦/٤ عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام). راجع: أحاديث المنزلة.

١٣٩

صُلبه، فلم يزَل في شيء واحد حتى افترقنا في صُلب عبد المطّلب، ففيَّ النبوّة، وفي عليّ الخلافة) (١) .

٤٣٢ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (خُلقت أنا وعليّ من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام، فلمّا خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صُلبه، فلم يزَل في شيء واحد حتى افترقنا في صُلب عبد المطّلب، ففيَّ النبوّة، وفي عليّ الخلافة) (٢) .

٤٣٣ - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ عليّ بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي، وحجّة الله وحجَّتي) (٣) .

٤٣٤ - الإمام الجواد (عليه السلام): (إنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) عقد عليهم لعليّ بالخلافة في عشرة مواطن. ثمّ أنزل الله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ... ) (٤) ، التي عُقدت عليكم لأمير المؤمنين (عليه السلام)) (٥) .

٣/٣

خليفة النبيّ بعده

٤٣٥ - تاريخ دمشق عن ابن عبّاس: ستكون فتنة، فمَن أدركها منكم فعليه

____________________

(١) المناقب لابن المغازلي: ٨٨/١٣٠؛ العمدة: ٨٩/١٠٧ كلاهما عن سلمان، بحار الأنوار: ٣٨/١٤٧/١١٤.

(٢) الفردوس: ٢/١٩١/٢٩٥٢ عن سلمان.

(٣) الأمالي للصدوق: ٢٧١/٢٩٩، بشارة المصطفى: ٣١، كنز الفوائد: ٢/١٣ كلّها عن محمّد بن الفرات عن الإمام الباقر عن آبائه (عليهم السلام)، مائة منقبة: ٥٨/١٤.

(٤) المائدة: ١.

(٥) تفسير القمّي: ١/١٦٠، تأويل الآيات الظاهرة: ١/١٤٤/١ كلاهما عن ابن أبي عمير، بحار الأنوار: ٣٦/٩٢/٢٠ عن ابن عمر.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

شاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ » ».

ورواه البرقيُّ، عن أبيه، عن النَّضر بن سُوَيد، عن القاسم بن سليمان، عن جرَّاح المدائنيّ قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام - وذكر مثله -.

١٢ - وجدت في بعض الكُتُبِ: محمّد بن سِنان، عن المفضّل(١) « قال: قال: مَن قرء « إنّا أنْزَلْناه » عند قبر مؤمن سبع مرّات بعث الله إليه مَلَكاً يعبدالله عند قبره، ويكتب [له و] لِلميّت ثواب ما يعمل ذلك المَلَكَ، فإذا بعثه الله من قبره لم يمرَّ على هَول إلاّ صرفه الله عنه بذلك المَلَك [الموَكّل] حتّى يدخله الله به الجنّة، وتقرء بعد «الحمد » «إنّا أنْزَلْناه » سَبعاً، و «المعَوَّذَتَين »، و «قُلْ هُوَ الله أحَد » و «آية الكُرْسيّ » ثلاثاً ثلاثاً »(٢) .

١٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَةَ، عن النَّضر بن سُويد، عن عاصِم بن حَميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا مرَّ بقبور قوم من المؤمنين قال: «السَّلام عَلَيْكُمْ مِنْ دِيارِ قَومٍ مُؤمِنينَ، وَإنّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ » ».

١٤ - و [أبي]، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن أورَمَة، عن عليِّ بن الحكم، عن ابن عجلان « قال: قام أبو جعفرعليه‌السلام على قبر رجلٍ فقال: «اللّهُمَّ صِلْ وَحْدَتَهُ، وَآنِس وَحْشَتَهُ، وَأسْكِنْ إلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ ما يسْتَغْني بِهِ عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِواكَ » ».

١٥ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد أبي عبدالله البرقيِّ، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن عليِّ بن أبي حمزة « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام كيف نسلّم على أهل القبور؟ قال: نَعَم؛ تقول: «السَّلامُ

__________________

١ - في بعض النّسخ: « الفضيل » مكان « المفضّل ».

٢ - في بعض النّسخ: « ويقرء مع « إنّا أنزلناه » سورة الحمد والمعوّذتين و « قل هو الله أحد » و « آية الكرسيّ » ثلاث مرّات كلّ سورة، و « إنّا أنزلناه » سبع مرّات ».

٣٤١

عَلى أهْل الدِّيارِ مِنَ المؤمِنينَ وَالمؤمِناتِ، وَالمْسلِمينَ وَالمسْلِماتِ، أنْتُمْ لَنا فَرَطٌ وَإنّا بِكُمْ إنْ شاءَ اللهُ لاحِقُونَ » ».

١٦ - حدّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وغيرهما، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن هارونَ بن الجَهْم، عن المفضّل بن صالِح، عن سعد بن طَريف، عن الأصْبَغ بن نُباتة « قال: مرَّ عليُّ أمير المؤمنينعليه‌السلام على القبور فأخذ في الجادّة، ثمَّ قال عن يمينه:

«السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أهْلَ القُبُورِ مِنْ أهْلِ الْقُصُورِ، أنْتُمْ لَنا فَرَطٌ وَنحنُ لَكُمْ تَبَعٌ، وَإنّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ »؛ ثمَّ التفت عن يساره فقال: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أهْلُ الْقُبُورِ » - إلى آخره - ».

١٧ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد - عمّن ذكره - عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه، عن سَعدانَ بنِ مسلم، عن عليِّ بن أبي حمزةَ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يخرج أحدكم إلى القبور فيسلّم ويقول:

«السَّلامُ عَلى أهْل الْقُبُورِ، السَّلامُ عَلى مَنْ كانَ فيها مِنَ المؤمِنينَ وَالمسْلِمينَ، أنْتُم لَنا فَرَطٌ ونحنُ لَكُم تَبَعٌ وَإنّا بِكُمْ لاحِقُونَ، وَإنّا للهِ وَإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ، يا أهْلَ الْقُبُورِ بَعْدَ سُكنى الْقُصُورِ، يا أهْلَ الْقُبُورِ بَعْدَ النِّعْمَةِ والسُّرُورِ، صِرْتُمْ إلى الْقُبُورِ، يا أهْلَ الْقُبُورِ كَيْفَ وَجَدْتُمْ طَعْمَ المَوْتِ؟! ». ثمَّ يقول: «وَيْلٌ لِمَنْ صارَ إلىَ النّارِ »، ثمَّ يُهْرَق دَمعتُه وينصرف ».

١٨ - وعنه بإسناده، عن البرقيِّ قال: حدَّثنا بعض أصحابنا، عن عبّاس بن عامر القَصبانيِّ، عن يقطين قال: أخبرنا رَبيع بن محمّد المسليُّ(١) « قال: كان أبو عبداللهعليه‌السلام إذا دَخل الجَبّانة(٢) تقول: «السَّلامُ عَلى أهْلِ الجنَّةِ ».

__________________

١ - مُسْلِيّة قبيلة من مَذْحج، ومحلّة لهم بالكوفة. ( اللّباب )

٢ - الجَبَانة - بالفتح ثمَّ التّشديد -؛ والجبّان في الأصل الصّحراء، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسمّيها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. ( المعجم )

٣٤٢

الباب السّادس والمائة

( فضل زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام بقمّ)

١ - حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن سعد بن سعد، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة فاطمة بنت موسىعليه‌السلام ، قال: مَن زارها فلَه الجنَّة ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وأخي والجماعة، عن أحمدَ بن إدريسَ؛ وغيره، عن العَمْركي بن عليٍّ البُوفكيّ - عمّن ذكره - عن ابن الرِّضاعليهما‌السلام « قال: مَن زار قبر عَمَّتي بقمّ فله الجنَّة ».

الباب السّابع والمائة

( فضل زيارة قبر عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ بالرَّيِّ)

١ - حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن محمّد بن يحيى العطّار - عن بعض أهل الرَّيّ - « قال: دخلت على أبي الحسن العَسكريّعليه‌السلام فقال: أين كنت؟ فقلت: زُرتُ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فقال: أما إنّك لو زُرْت قبر عبدالعظيم عندكم لكُنتَ كمن زار الحسينعليه‌السلام »(١)

* * * * *

__________________

١ - ورواه الصّاحب ابن عبّاد في ترجمة عبدالعظيم في رسالته المعمولة فيها الموجودة عندنا، وفيه إيعاز إلى خصوصيّة الرّجل ( الرّاويّ ) واختصاصه به، فكأنّه كان ممّن لا يزور عبدالعظيم مع قربه منه، وكان يزهد ويرغب عنه، ولا يعرف مكانته وفضله. ( الأمينيّ رحمه الله ) أقول: ذلك على فرض صحّة قول الرَّاويّ المجهول. وإلاّ لا يقاس بالحسين عليه السلام وزيارته أحدٌ حتّى الأئمّة المعصومين عليهم السلام، ولاُستاذنا الغفّاريّ - أيّده الله - في هذا الخبر بيانٌ راجع ثواب الأعمال المترجم ص ١١٤ طبع مكتبة الصَّدوق.

٣٤٣

الباب الثّامن والمائة

( نَوادر الزِّيارات)

١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: إنَّ عندكم - أو قال: في قُرْبكم - لفضيلة ما اُوتي أحدٌ مثلها، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها، وإنَّ لها لأهلاً خاصّة قد سمّوا لها، واُعطوها بلا حول منهم ولا قوّة إلاّ ما كان من صنع اللهِ لهم وسعادة حَباهم [الله] بها ورحمة ورأفة وتقدّم.

قلت: جُعِلت فِداك وما هذا الّذي وصفتَ لنا ولم تُسمّه؟ قال: زيارة جدَّي الحسين [بن عليٍّ]عليهما‌السلام فإنّه غريب بأرض غُرْبَة، يبكيه من زارَه، ويحزنُ له من لم يَزُرْه، ويحرق له مَن لم يشهده ويرحمه مَن نظر إلى قبر ابنه عندَ رِجله في أرض فَلاة، لا حميم قربه ولا قريب، ثمَّ منع الحقّ وتوازَرَ عليه أهل الرِّدَّة حتّى قتلوه وضَيّعوه وعرضوه للسّباع، ومَنعوه شُربَ ماءِ الفُرات الَّذي يشربه الكِلاب، وضيّعوا حَقَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّته به وبأهل بيته، فأمسى مَجفُوّاً في حفرته، صَريعاً بين قرابته، وشيعته بين أطباق التّراب، قد أوحش قربه في الوحدة والبُعد عن جدِّه، والمنزل الَّذي لا يأتيه إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان وعرَّفه حقّنا.

فقلت له: جُعِلتُ فِداك قد كنتُ آتيه حتّى بليتُ بالسّلطان وفي حفظ أموالهم وأنا عندهم مشهورٌ فتركت للتّقية إتيانه وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير،

____________

١ - كذا في النّسخ، ولا يخفى ما في السّند، وهو إمّا أن يكون « البصريّ » مصحّف « الأنصاري »، أو الواسطة سقطت من النّسخ، والثّاني أظهر بالمقام، لأنّه أقلّ ما يكون بينه وبين الصّادق عليه السلام واسطة. وعليّ بن محمّد بن سليمان يروي عن أبي جعفر الثّاني والعسكريّ عليهما السلام.

٣٤٤

فقال: هل تدري ما فضل من أتاه وماله عندنا من جَزيل الخير؟ فقلت: لا، فقال: أمّا الفضل فيباهيه ملائكةُ السّماء، وأمّا ما له عندنا فالتّرحم عليه كلِّ صباح ومساء.

ولقد حدَّثني أبي أنّه لم يَخلُ مكانه منذ قُتِل مِن مُصلٍّ يصلّي عليه من الملائكة، أو مِن الجِنّ، أو مِن الإنس، أو مِن الوَحش، وما مِن شيءٍ إلاّ وهو يغبط زائره ويتمسّح به ويرجو في النَّظر إليه الخير لنظره إلى قبره [عليه‌السلام ]، ثمّ قال: بلغني أنَّ قوماً يأتونه مِن نواحي الكوفة و[اُ] ناساً من غيرهم ونِساء يَنْدُبْنَه، وذلك في النّصف من شعبان، فمن بين قارىء يقرء، وقاصٍّ يقصّ، ونادبٍ يندب، وقائل يقول المراثي.

فقلت: نَعَم جُعِلتُ فِداك قد شَهدتُ بعض ما تصف، فقال: الحمدُ للهِ الّذي جعل في النّاس مَن يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا، وجعل عَدؤنا من يطعن عليهم مِن قرابتنا وغيرهم يَهْذؤنهم(١) ويقبّحون ما يصنعون ».

٢ - وبهذا الإسناد، عن عبدالله الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير الأرجاني(٢) « قال: صَحبت أبا عبداللهعليه‌السلام في طريق مكّة من المدينة فنزلنا منزلاً يقال له: عُسْفان(٣) ثمّ مررنا بجبل أسود عن يسار الطّريق موحشٍ، فقلت له: يا ابن رَسول الله ما أوحش هذا الجبل! ما رأيت في الطّريق مثل هذا، فقال لي: يا ابن بُكَير أتدري أيّ جبل هذا؟ قلت: لا، قال: هذا جبل يقال له: « الكمد » وهو على

__________________

١ - هذأه يَهْذَأه، هذأ العدوّ: أهلكهم، وفلاناً بلسانه، آذاه واسمعهم ما يكره. وفي بعض النّسخ: « يهدرونهم » على بناء يضرب ويكرم، أي يبطلون دمهم.

٢ - في بعض النّسخ: « عبدالله بن بكر »، وفي كتب الرّجال: عبدالله بن بكر الأرّجاني مرتفع القول، ضعيف ( قاله العلاّمة )، وكذا عبدالله بن بكير الأرجانيّ، وبكلى العنوانين موجودٌ، وأمّا المراد بـ « بكير » ولو قلنا بصحّته هو غير بكير بن أعين الشِّيْبانيّ.

٣ - عسفان - بالضّمّ ثمّ السّكون -: قرية على مرحلتين من مكّة على طريق المدينة، وقرية جامعة على ستّة وثلاثين ميلاً من مكّة. ( معجم البلدان )

٣٤٥

وادٍ من أودية جهنّم، وفيه قَتَلَة أبي؛ الحسينعليه‌السلام ، استودعهم، فيه تجري من تحتهم مياه جَهنّم من الغِسلين والصَّديد والحَميم وما يخرج من جبّ الجوّي (١) وما يخرج من الفَلق من آثام (٢) وما يخرج من الخَبال (٣) وما يخرج من جَهنّم ومايخرج من لَظى (٤) ومن الحُطَمَة، وما يخرج من سَقَر وما يخرج من الحميم، وما يخرج من الهاوية، وما يخرج من السّعير، وما مَرَرت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلاّ رأيتهما يستغيثان إلي وإني لأنظر إلى قَتَلَة أبي، وأقول لهما (٥) : إنّما هؤلاء فعلوا ما أسّستما لم ترحمونا إذ ولّيتم وقتلتمونا وحرمتمونا ووثبتم على قتلنا (٦) واستبددتم بالأمر دوننا، فلا رَحِمَ الله مَن يرحمكما، ذوقا وبال ما قدّمتما، وما الله بظلاّم للعبيد، وأشدّهما تضرُّعاً واستكانة الثّاني، فربّما وقفت عليهما ليتسلّى عنّي بعض ما في قلبي، وربّما طويت الجبل الّذي هما فيه وهو جبل الكمد، قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك فإذا طويت الجبل فما تسمع؟ قال: أسمع أصواتهما يناديان: عرّج علينا نكلّمك فإنّا نتوب، وأسمع من الجبل صارخاً يصرخ بي: أجبهما وقل لهما: اخسؤوا فيها ولا تكلّمون! قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك ومن معهم؟ قال: كلّ فرعون عَتا على الله وحكى الله عنه فِعاله، وكلُّ من علّم العباد الكفر، فقلت: مَن هُم؟ قال: نحو « بولس » الّذي علّم اليهود أنَّ يد الله مغلولَة، ونحو

__________________

١ - أي المتغيّر المنتن. وفي بعض النّسخ: « جبّ الحوى »،

وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: لعلّه تصحيف « جبّ الحزن » لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: « تعوّذوا بالله من جبّ الحزن » وهو اسم جبّ في جهنّم.

٢ - وفي رواية شيخنا المفيد رحمه الله: « وما يخرج من آثام » وهو جزاء الإثم وعقوبته، كما في قوله تعالى: «ومن يفعل ذلك يلق أثماً ». والمراد ما يخرج من المجرمين في عقوبتهم من القيح والدَّم. ( العلاّمة الأمينيّ - ره - )

٣ - هي سديد أهل النّار. وفي البحار: « وما يخرج من طينة الخبال ».

٤ - لَظى اسمٌ من أسماء النّار، ولاينصرف للعلمية والتأنيث. ( النهاية ).

٥ - قيل: المراد بهما قابيل وعاقر ناقة صالح.

٦ - في بعض النّسخ: « على حقّنا ».

٣٤٦

« نسطور » الَّذي علّم النّصارى أنَّ عيسى المسيح ابن الله، وقال لهم: هم ثلاثة، ونحو فرعون موسى الَّذي قال: أنا رَبُّكم الأعلى، ونحو نمرود الَّذي قال: قهرتُ أهل الأرض وقتلتُ مَن في السَّماء، وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة ومحسن، وقاتل الحسن والحسين، فأمّا معاوية وعَمرو (١) فما يطمعان في الخلاص، ومعهم كلُّ من نصب لنا العّداوة، وأعان علينا بلسانه ويده وماله، قلت له: جعلت فداك فأنت تسمع ذا كلّه لا تفزع؟ قال: يا ابن بُكير إنَّ قلوبنا غير قلوب النّاس، إنّا مطيعون مصفّون مصطفون، نرى ما لا يرى النّاس، ونسمع ما لا يسمع النّاس، وأنّ الملائكة تنزل علينا في رِحالنا، وتتقلّب في فُرُشنا، وتشهد طعامنا، وتحضر موتانا، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، وتصلّي معنا، وتدعو لنا وتلقى علينا أجنحتها، وتتقلّب على أجنحتها صبياننا، وتمنع الدَّوابِّ أن تصل إلينا، وتأتينا ممّا في الأرضين مِن كلِّ نباتٍ في زَمانه، وتسقينا مِن ماء كلِّ أرض نجد ذلك في آنيتِنا، وما مِن يوم ولا ساعةٍ ولا وقت صَلاةٍ إلاّ وهي تتهيّأ لها (٢) ، وما مِن لَيلة تأتي علينا إلاّ وأخبار كلّ أرض عِندنا، وما يحدث فيها وأخبار الجنّ وأخبار أهل الهَوى من الملائكة، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلاّ أتانا خبره، وكيف سيرته في الَّذين قبله، وما مِن أرضٍ مِن سِتَّة أرضين إلى السّابِعة إلاّ ونحن نؤتى بخبرهم، فقلت: جُعلتُ فداك فأين منتهى هذا الجبل؟ قال: إلى الأرض السّابعة(٣) ، وفيها جهنّم على وادٍ من أوديته، عليه حفظة أكثر من نجوم السّماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثّرى، قد وُكِّل كل ملك منهم بشيء وهو مقيم عليه لا يفارقه، قلت: جُعِلْتُ فِداك إليكم جميعاً يلقون الأخبار؟ قال: لا إنّما يلقى ذلك إلى صاحب الأمر، إنّا لنحمل ما لا يقدر العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه فمن

__________________

١ - هو ابن العاص كما في رواية المفيد أو غيره في كتابه « الاختصاص ».

٢ - في رواية غير المؤلّف: « وهي تمنّيها لها ».

٣ - في بعض النّسخ: « السّادسة ».

٣٤٧

لم يقبل حكومتنا جَبَرتْه الملائكة على قولنا وأمرتِ الَّذين يحفظون ناحيته أن يَقْسِروه (١) على قَولنا، وإن كان من الجنّ من أهل الخلاف والكفر أوثَقْتَه وعذّبته حتّى يصير إلى ما حكمنا به، قلت: جُعلتُ فِداك فهل يرى الإمام ما بين المشرق والمغرب؟ فقال: يا ابن بُكَير فكيف يكون حُجّة الله على ما بين قطريها وهو لا يَراهم ولا يحكم فيهم؟! وكيف يكون حجّةً على قوم غيّب لا يقدر عليهم ولا يقدرون عليه؟ وكيف يكون مؤدّياً عن الله وشاهداً على الخلق وهو لا يراهم؟ وكيف يكون حجّةً عليهم وهو محجوب عنهم؟ وقد جعل (٢) بينهم وبينه أن يقوم بأمر رَبّه فيهم، والله يقول: «وَما أرْسَلْناكَ إلاّ كافَّةً لِلنّاسِ (٣) » يعني به مَن على الأرض والحجَّة مِن بعد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم مقام النَّبيِّ مِن بعده وهو الدَّليل على ما تشاجَرَتْ فيه الاُمّة، والأخذ بحقوق النّاس، والقيام بأمر الله، والمنصف لبعضهم مِن بعضٍ، فإذا لم يكن معهم مَن ينفذ قوله وهو يقول: «سَنُريِهمْ آياتِنَا في الآفاق وَفي أنْفُسِهِمْ (٤) »، فأيُّ آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق وقال: «ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إلاّ هي أكْبر مِنْ اُخْتِها (٥) »، فأيُّ آية أكبر منّا، والله إنَّ بني هاشم وقريشاً لتعرف ما أعطانا الله ولكنَّ الحسد أهلكهم كما أهلك إبليس، وإنّهم ليأتوننا إذا اضطرّوا وخافوا على أنفسهم فيسألونا فنوضح لهم فيقولون: نشهد أنّكم أهل العلم، ثمَّ يخرجون فيقولون: ما رأينا أضلَّ ممَّنِ اتَّبع هؤلاء ويقبل مقالتهم!

قلت: جُعِلتُ فِداك أخبرني عن الحسينعليه‌السلام لو نُبشَ(٦) كانو يجدون في

__________________

١ - قَسَره على الأمر: قهره وأكرهه عليه.

٢ - في لفظ غير المؤلّف: « قد حيل ».

٣ - سبأ: ٢٨.

٤ - فصّلت: ٥٣، وقال الاُستاذ الغفّاريّ - أيّده الله -: المراد بـ « الآيات » على ما يظهر مِن سياق الكلام الآيات التخويفيّة، يعني القحط والغلاء والنّكبات والأمراض، وضمير « هم » يرجع إلى الكفّار والمشركين، والله يعلم.

٥ - الزّخرف: ٤٨.

٦ - تقدّم هذه الفقرة من قوله: « قلت: جعلت فداك » إلى آخر الخبر في ص ١١٠ تحت رقم ٧.

٣٤٨

قبره شيئاً؟ قال: يا ابن بكير ما أعظم مسائلك! الحسينعليه‌السلام مع أبيه واُمّه وأخيه الحسن في منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يحبون كما يحبى، ويرزقون كما يرزق، فلو نبش في أيّامه (١) لَوُجِد؛ وأمّا اليوم فهو حَيٌّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسْكره وَينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله وأنّه لعلى يمين العرش متعلّق ( كذا ) يقول: يا رَبّ أنجزْ لي ما وَعدتَني، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره وهو أعرف بهم وبأسماء آبائهم وبدرجاتهم وبمنزلتهم عند الله من أحدكم بولده وما في رَحله وأنّه ليرى مَن يبكيه فيستغفر له رحمةً له، ويسأل أباه الاستغفار له ويقول: لو تعلم أيّها الباكي ما أعدَّ لك لفرحتَ أكثر ممّا جزعتَ، فليستغفر له كلُّ مَن سمع بُكاءَه مِن الملائكة في السَّماء وفي الحائر، وينقلب وما عليه مِن ذنبٍ ».

٣ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن عدَّة من أصحابه، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: ما مِن نَبيٍّ ولا وصيّ نبيِّ يبقى في الأرض بأكثر مِن ثلاثة أيّام ثمَّ ترفع روحُه وعَظْمُه ولَحمُه إلى السّماء، وإنّما تؤتى مواضع آثارهم ويبلّغونهم مِن بعيدٍ السَّلامَ ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب »(٣) .

__________________

١ - بيّنها الحديث الآتي بعد هذا الحديث.

٢ - في بعض النّسخ: « زياد بن جلاّل » وفي بعضها: « أبي الجلال »، وكلاهما تصحيف. وما في المتن - بالحاء المهملة - معنون في رجال الشّيخ تارةً من أصحاب الباقر واُخرى من أصحاب الصّادق عليه السلام، وهو ثقة.

٣ - قال استاذنا الغفّاريّ - أيّده الله -: هنا شبهة مشهورة، وهي أنّ نوح عليه السلام نقل عظام آدم عليه السلام من الماء، أو سرنديب إلى الغري، وكذا موسى عليه السلام نقل عِظام يوسف عليه السلام من مصر إلى بيت المقدِس، ورأس الحسين عليه السلام نقل من كربلاء إلى الشّام ومن الشّام إلى النّجف أو كربلاء، وأنّ بعض أهل الكتاب كان يأخذ عظم نبيٍّ من الأنبياء: بيده ويستسقى وكان بإذن الله ينزل المطر حتّى أخذ منه ذلك العظم فما نزل بعد ذلك باستسقائه، وقد نطقت الأحاديث بتلك الوقايع. ووجّه بإمكان العود بعد تلك الأيّام، ولا يخفى ما فيه ومنافاته لتتمّة الخبر.

واحتمل الفيض قدس سره في الوافي بأن يكون المراد باللّحم والعظم المرفوعين المثاليّين

٣٤٩

وحدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن يعقوبَ، عن محمّد بن يحيى؛ وغيره، عن أحمدَ بنِ محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن زياد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - مثله(١) .

٤ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن محمّد بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع - عن بعض أصحابه - رَفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: نكون بمكّة أو بالمدينة أو بالحائر أو المواضع الّتي يُرجى فيها الفضل فربّما يخرج الرَّجل يتوضّأ فيجيء الآخر فيصير مكانه، قال: مَن سبق إلى موضع فهو أحقّ به يومه وليلته ».

٥ - حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن مَنيع، عن صَفوانَ بن يحيى، عن صَفوانَ بن مِهرانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: أهون ما يكسب زائر الحسينعليه‌السلام في كلِّ حسنة ألف ألف حسنةٍ، والسّيّئة واحدة، وأين الواحدة من ألف ألف؟! ثمَّ قال: يا صَفوانُ أبشر فإنَّ ‏لله ملائكةٌ معها قضبان من نور فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسينعليه‌السلام سيّئة، قالت الملائكة للحفظة: كفّي، فتكفّ، فإذا عمل حسنة قالت لها: اكتبي اُولئك الَّذين يبدُّل الله سيّئاتهم حسنات ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن

__________________

منها أعني البرزختين، وذلك لعدم تعلّقهم بهذه الأجساد العنصرية فكأنّهم وَهم بعدُ في جلابيب من أبدانهم قد نفضوها وتجرّدوا عنها فضلاً عمّا بعد وفاتهم، والدّليل على ذلك من الحديث قولهم عليهم السلام: « إنّ الله خلق أرواح شيعتنا ممّا خلق منه أبداننا »، فأبدانهم عليهم السلام ليست إلاّ تلك الأجساد اللّطيفة المثالية، وأمّا العنصريّة فكأنّها أبدان الأبدان - ثمّ أيّد قوله بما تقدّم من إخراج نوح عظام آدم عليهما السلام، وكذا خبر موسى وإخراجه عظام يوسف عليهما السلام، وقال: - فلو لا أنّ الأجسام العنصرية منهم تبقى في الأرض لما كان لاستخراج العظام ونقلها من موضع إلى آخر بعد سنين مديدة معنى، وإنّما يبلّغونهم من بعيد السّلام لأنّهم في الأرض وهم عليهم السلام في السّماء - إلخ. وقيل: لعلّ صدور أمثال هذا الخبر لنوع مصلحة توريةً لقطع أطماع الخوارج وبني أميّة وأضرابهم بالنّبش، والله يعلم.

١ - الخبر مذكور في الكافي والتّهذيب والفقيه وبصائر الدّرجات بتفاوت يسير في اللّفظ.

٣٥٠

عيسى، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن أبي الحسن الحَذّاء « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنّ إلى جانبكم مقبرة يقال لها: « براثا »(١) يحشر منها عشرون ومائة ألف شهيدٍ كشهداء بدر ».

٧ - وروى عن محمّد بن مَروان قال: حدَّثنا محمّد بن الفضل(٢) « قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: مَن زارَ قبر الحسينعليه‌السلام في شهر رَمضان ومات في الطّريق لم يعرض ولم يحاسب، ويقال له: ادخل الجنّة آمناً ».

٨ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن - رحمهما الله - جميعاً، عن الحسين بن سعيد قال: حدّثنا عليُّ بن السّحت الخّزّاز قال: حدَّثنا حفص المزنيُّ، عن عُمَر بن بياض، عن أبان بن تَغلب « قال: قال لي جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : يا أبان متى عهدك بقبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: لا والله يا ابن رسول الله؛ ما لي به عهد منذ حين، فقال: سبحان اللهِ العظيم وأنت مِن رُؤساء الشِّيعة تترك زيارة الحسينعليه‌السلام ، لا تزوره؟!! مَن زارَ الحسينعليه‌السلام كتب الله له بكلِّ خُطْوةٍ حسنةً، ومحى عنه بكلِّ خطوة سيّئة، وغفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر، يا أبان لقد قُتل الحسينعليه‌السلام فهبط على قبره سبعون ألف ملكٍ شُعْث غُبر يبكون عليه وينوحون عليه إلى يوم القيامة ».

٩ - حدَّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن المعلّى بن محمّد البَصريّ، عن عليِّ بن أسباط، عن الحسن بن الجَهْم « قال: قلت لأبي الحسن الرِّضاعليه‌السلام : أيّهما أفضل: رَجلٌ يأتي مكّة ولا يأتي المدينة، أو رجل يأتي النَّبيِّ ولا يأتي مكّة(٣) ؟ قال: فقال لي: أيُّ شيء تقولون أنتم؟ فقلت: نحن نقول في الحسينعليه‌السلام ، فكيف في النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! قال: أما لئن قلت ذلك لقد شهد أبو عبداللهعليه‌السلام عيداً بالمدينة فانصرف فدخل على النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلّم عليه، ثمَّ قال لمن حضره: أما لقد فضّلنا

__________________

١ - كذا، و « براثا » من أشرف المساجد في جبّانة تقع بين بغداد والكاظمين.

٢ - كذا في بعض النّسخ، وفي بعضها: « عبيد بن عقيل »، وفي البحار: « محمّد بن الفضيل »، وفي المنقول عن الشّيخ: « عبيد بن الفضل ».

٣ - في البحار: « ولا يبلغ مكّة ».

٣٥١

أهل البلدان كلّهم مكّة فمن دونها لسلامنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع - عن بعض أصحابه - يرفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: نكون بمكّة أو بالمدينة أو بالحائر أو المواضع الّتي يرجى فيها الفضل، فربّما يخرج الرَّجل ليتوضّأ فيجيء آخر فيصير مكانه، قال: مَن سبق إلى موضع فهو أحقُّ به يومه وليلته ».

١١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ(١) ، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لمّا اُسرِي بالنَّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السّماء قيل له: إنّ الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صَبرُك، قال: أسلم لأمرك يا رَبِّ ولا قوَّة لي على الصَّبر إلاّ بك فما هُنَّ؟ قيل له: أوَّلهنَّ الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة، قال: قبلت يا رَبِّ ورضيت وسلَّمت ومنك التَّوفيق والصَّبر، وأمّا الثّانية فالتّكذيب والخوف الشَّديد وبذلُكَ مُهْجَتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك، والصَّبر على ما يصيبك منهم مِن الأذى ومِن أهل النِّفاق، والألم في الحرب والجراح، قال: قبلتُ يا رَبِّ ورضيت ومنك التَّوفيق والصَّبر، وأما الثالثة فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك عليٌّ فيلقى مِن أمَّتك الشَّتم والتَّعنيف والتَّوبيخ والحِرمان والجحد والظُّلم وآخر ذلك القتل، فقال: يا ربِّ قبلتُ ورَضيتُ ومنك التَّوفيق والصَّبر، وأمّا ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقُّها غَصباً الَّذي تجعله لها وتُضرَب وهي حامل ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ثمَّ يمسّها هوان وذلٌّ، ثمَّ لا تجد مانعاً وتطرح ما في بطنها من الضَّرب وتموت من ذلك الضَّرب، قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، قَبلتُ يا ربِّ وسلّمت ومنك التَّوفيق والصَّبر، ويكون لها مِن أخيك ابنان

__________________

١ - هو بصريّ، قال النّجاشيّ والعلاّمة: هو ضعيف، غال، ليس بشيء.

٣٥٢

يقتل أحدهما غَدْراً ويُسلب ويطعن، تفعل به ذلك اُمَّتك، قلت: يا رَبِّ قبلتُ وسلّمتُ إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ومنك التّوفيق للصّبر.

وأمّا ابنها الآخر فتدعوه اُمَّتك للجِهاد ثمَّ يقتلونه صَبراً، ويقتلون وُلده ومَن معه مِن أهل بيته، ثمَّ يسلُبون حَرمه، فيستعين بي وقد مضى القضاء منّي فيه بالشَّهادة له ولمن معه، ويكون قتله حُجّةً على من بين قطريها، فيبكيه أهل السّماوات وأهل الأرضين جَزَعاً عليه، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته، ثمَّ أخرج مِن صلبه ذكراً به أنصرك وأنَّ شبحه عندي تحت العرش(١) يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط، يسير معه الرُّعب، يقتل حتّى يشكّ فيه، قلت: إنّا لله!

فقيل: ارفع رأسك، فنظرت إلى رَجلٍ أحسن النّاس صورةً وأطيبهم ريحاً، والنّور يسطع مِن بين عَينيه ومِن فوقه ومِن تحته، فدعوته فأقبل إليَّ وعليه ثياب النُّور وسيما كلِّ خير حتى قَبَّل بين عَيني، ونظرت إلى الملائكة قد حفّوا به، لا يحصيهم إلاّ الله عزَّوجَلَّ، فقلت: يارَبِّ لمن يغضب هذا ولمن أعددت هؤلاء؟ وقد وعدتَني النَّصر فيهم فأنا انتظره منك؟ وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتَني ممّا يلقون مِن بعدي ولئن شئتَ لأعطيتني النًّصر فيهم على مَن بغى عليهم، وقد سلَّمتُ وقبلتُ ورضيت ومنك التّوفيق والرِّضا والعون على الصَّبر، فقيل لي: أمّا أخوك فجزاؤه عندي جنّة المأوى نُزُلاً بصبره، أفلح حجّته على الخلائق يوم البعث، واُولّيه حَوضَك يسقي منه أولياءَكم ويمنع منه أعداءَكم، وأجعل جهنَّم عليه بَرداً وسلاماً، يدخلها فيُخرج مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة مِن المودَّة، وأجعل منزلتكم في درجةٍ واحدةٍ في الجنّة، وأمّا ابنك المخذول المقتول، وابنك المعذور المقتول صبراً، فإنّهما ممّا اُزيّن بهما عرشي، ولهما من الكَرامة سِوى ذلك ممّا لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء فعليّ فتوكّل، ولكلِّ مَن أتى قبرَه مِن الخلق من الكرامة لأنَّ زوَّاره زوَّارك و

__________________

١ - وفي بعض النّسخ: « ثمّ أخرج من صلبه ذكراً انتصر له به وأنَّ شبحه عندي تحت العرش ».

٣٥٣

زوَّارك زوَّاري، وعليَّ كَرامة زوَّاري (١) وأنا اُعطيه ما سأل وأُجزيه جزاءً يغبطه مَن نظر إلى عظمتي إيّاه، وما أعددت له مِن كرامتي.

وأمّا ابنتك فإنّي أوقفها عند عرشي فيقال لها: إنَّ الله قد حكمكِ في خلقه فمن ظلمكِ وظلم وُلدكِ فاحكمي فيه بما أحببتِ فإنّي اُجيز حكومتِك فيهم، فتشهد العرصة فإذا وقف مَن ظَلَمها أمرتُ به إلى النّار، فيقول الظّالم: واحسرتا! على ما فرَّطْتُ في جنب الله، ويتمنّى الكَرَّة(٢) ، ويعضّ الظّالم على يديه ويقول: يا ليتني اتّخذت مع الرَّسول سَبِيلاً، يا ويلتي ليتني لَم أتّخِذ فلاناً خليلاً، وقال: حتّى إذا جاءَنا قال: يا ليت بَيني وبَيْنَك بُعْدَ المَشرِقين فَبِئس القَرين، ولَنْ يَنفَعَكم اليَومَ إذ ظلَمْتُم أنّكم في العذاب مُشتَرِكون، فيقول الظّالم: أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يَختلِفون، أو الحكم لغيرك، فيقال لهم: ألا لعنة الله على الظّالمين الّذين يَصُدُّون عن سبيل الله ويَبغُونها عِوَجاً وهم بالآخرة كافِرون، وأوَّل من يحكم فيه - حسن بن عليٍّعليه‌السلام في قاتله، ثمَّ في فتفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط مِن نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مَغربها، ولو وضعت على جبال الدُّنيا لذابت حتّى تصير رماداً فيضربان بها، ثمَّ يجثو أمير المؤمنينعليه‌السلام بين يدي الله للخصومة مع فلان في جبّ فيطبق عليهم، لا يراهم أحد ولا يرون أحداً فيقول الّذين كانوا في ولايتهم: ربّنا أرنا اللَّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس، نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين، قال الله عزّوجَلَّ: «وَلَن يَنْفَعَكُمُ اليْومَ إذْ ظَلَمْتُمْ أنَّكم في الْعَذابِ مُشْتركُون (٣) » فعند ذلك ينادون بالوَيل والثُّبُور(٤) ، ويأتيان الحوض فيسألان عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ومعهم حفظة فيقولان: اعف عنّا واسقنا وتخلّصنا، فيقال لهم: فلمّا راؤه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا، وقيل: هذا الَّذي كنتم به تدّعون بإمرة المؤمنين، ارجعوا ظماء مظمئين إلى النّار فما شرابكم إلاّ الحميم

__________________

١ - في بعض النّسخ: « زائري ».

٢ - أي الرّجوع.

٣ - الزّخرف: ٣٩.

٤ - الثُّبُور: الهلاك والفساد.

٣٥٤

والغسلين وما تنفعكم شفاعة الشّافعين ».

١٢ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن العبّاس بن معروف، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن جدِّه « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جُعِلتُ فِداك أيّما أفضل: الحجّ أو الصّدقة؟ قال: هذه مسألة فيها مسألتان، قال: كم المال؟ يكون ما يحمل صاحبَه إلى الحجّ؟ قال: قلت: لا، قال: إذا كان مالاً يحمل إلى الحجّ فالصَّدقة لا تعدل الحجّ، الحجّ أفضل، وإن كانت لا يكون إلاّ القليل فالصَّدقة، قلت: فالجهاد؟ قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض في وقت الجِهاد، وقال: ولا جِهاد إلاّ مع الإمام، قلت: فالزِّيارة؟ قال: زيارة النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وزيارة الأوصياء وزيارة حمزة، وبالعِراق زيارة الحسينعليه‌السلام ، قلت: فما لمن زار الحسينعليه‌السلام ؟ قال: يخوض في الرَّحمة، ويستوجب الرِّضا، ويصرف عنه السّوء، ويدرّ عليه الرّزق، وتشيّعه الملائكة، ويلبس نوراً تعرفه به الحفظة، فلا يمرُّ بأحدٍ من الحفظة إلاّ دعا له ».

١٣ - وروى أحمد بن جعفر البلديُّ، عن محمّد بن يزيدَ البكريّ، عن منصور بن نصر المدائني، عن عبدالرَّحمن بن مسلم « قال: دخلت على الكاظمعليه‌السلام فقلت له: أيّما أفضل: زيارة الحسين بن عليٍّ أو أمير المؤمنينعليهما‌السلام ؟ أو الفلان وفلان، وسمّيت الأئمّة واحداً واحداً؟ فقال لي: يا عبدالرَّحمن مَن زار أوَّلنا فقد زارَ آخرنا ومَن زارَ آخرنا فقد زارَ أوَّلنا، ومَن تولّى أوَّلنا فقد تولّى آخرنا، ومَن تولّى آخرنا فقد تولّنا أوَّلنا، ومن قضى حاجةً لأحدٍ من أوليائنا فكأنما قضاها لأجمعنا، يا عبدالرَّحمن أحبّنا وأحبَّ مَن يُحبّنا وأحبَّ فينا، واحبب لنا وتولّنا وتولَّ مَن يتولاّنا، وأبغض مَن يبغضنا، ألا وإنَّ الرَّادّ علينا كالرَّادّ على رسول الله جدِّنا، ومَن رَدَّ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد رَدّ على اللهِ، ألا يا عبدالرَّحمن ومَن أبغضنا فقد أبغض محمّداً ومَن أبغض محمّداً فقد أبغض الله، ومن أبغض الله عزَّوجلَّ كان حقّاً على الله أن يصليه النار وماله مِن نصير ».

١٤ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد، عن محمّد بن الحسن

٣٥٥

الصَّفّار، عن العبّاس بن معروف، عن عبدالله بن عبدالرّحمن الأصمّ، عن الحسين (١) ، عن الحلبيّ « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام لما قتل الحسينعليه‌السلام سمع أهلنا قائلاً بالمدينة يقول: اليوم نزل البلاء على هذه الاُمّه فلا ترون فرحاً حتّى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم ويقتل عدوَّكم، وينال بالوتر أوتاراً، ففزعوا منه وقالوا: إنَّ لهذا القول لحادثاً قد حدث ما لا نعرفه(٢) ، فأتاهم خبر قتل الحسينعليه‌السلام بعد ذلك فحسبوا ذلك، فإذا هي تلك اللَّيلة الَّتي تكلّم فيها المتكلّم، فقلت له: جعلت فداك إلى متى أنتم ونحن في هذا القتل والخوف والشِّدَّة؟ فقال: حتّى مات سبعون فرخاً أخوأب (٣) ويدخل وقت السَّبعين، فإذا دخل وقت السّبعين أقبلت الآيات (٤) تترى كأنّها نظام، فمن أدرك ذلك الوقت قرَّت عينه.

إنّ الحسينعليه‌السلام لمّا قتل أتاهم آتٍ وهم في المُعَسْكر فصرخ فزَبَر، فقال لهم: وكيف لا أصرخ ورَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائم ينظر إلى الأرض مرَّة، وإلى حزبكم مرَّة، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلك فيهم، فقال بعضهم لبعض: هذا إنسان مجنون.

فقال التّوَّابون: تاللهِ ما صَنَعنا لأنفسِنا، قتلنا لابن سُمّيّة سيّدَ شبابِ أهل الجنّة، فخرجوا على عبيدالله بن زياد، فكان مِن أمرهم ما كان.

قال: فقلت له: جعلت فداك مَن هذا الصّارخ؟ قال: ما نراه إلاّ جبرئيل، أما إنّه لو أذن له فيهم لصاحَ بهم صَيحةً يخطف به أرواحهم مِن أبدانهم إلى النّار، ولكن أمهل ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ أليمٌ، قلت: جُعلتُ فِداك ما تقول فيمن يترك زِيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال: إنّه قد عقّ رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقّنا واستخفّ بأمرٍ هو له، ومَن زارَه كان الله له مِن وراءِ حوائجه، وكَفاه ما أهمّه

__________________

١ - الظّاهر كونه ابن سعيد الأهوازيّ.

٢ - في البحار: « قد حدث ما لا نعرفه ».

٣ - في بعض النّسخ: « حتى يأتي سبعون فرجاً أجواب » وفي بعضها: « حتى مات سبعين فرحاً أخوأب ».

٤ - في بعض النّسخ: « أقبلت الرّايات ».

٣٥٦

مِن أمر دنياه، وإنّه ليجلب الرِّزق على العبد ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه ذنبٌ ولا خطيئة إلاّ وقد محيتْ مِن صحيفته، فإن هلك في سفره نزلتِ الملائكة فغسّلنه، وفتح له بابٌ إلى الجنَّة حتّى يدخل عليه روحها حتى ينشر، إن سلّم فتح الباب الّذي ينزل منه رِزقه فيجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم، وذخر له ذلك، فإذا حشر قيل له: بكلِّ درهم عشرة آلاف درهمٍ، وإنَّ الله تبارك وتعالى قد ذخرها لك عنده ».

الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

____________

* - الحمد لله تعالى على ما منّ به عليَّ ووفَّقني لتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه وتذييله، حمد معترفٍ بلطفه وإحسانه وإنعامه - جلَّ جلاله -، حيث يستر لي اُهبته وأتاح لي فرصته، ووفّقني لإتمامه وإبرازه على هذا النّمط الرّائق والشّكل الفائق، مضبوطة الألفاظ، مفسّرة الغرائب، مترجمة الرّواة، مبلجة الأنوار، دانية القطوف، وكلّ ذلك بمعاضدة الاُستاذ علي أكبر الغفّاري - أبقاه الله تعالى -، وعملت كلَّ ذلك بإرشاده ومشاورته وتأييده، ونسأل الله عزّوجلّ أن يوفّقنا لتحقيق أمثال هذا الأثر، وهو وليّ التّوفيق، والصَّلاة على محمَّدٍ وأهل بيته الطّاهرين، آمين ربّ العالمين.

بهراد الجعفريّ

١٣٧٥ هـ ش

٣٥٧

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408