موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٢

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 408

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 408
المشاهدات: 17129
تحميل: 7133


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 408 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17129 / تحميل: 7133
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

شعراء كثيرون بعد حسّان بن ثابت؛ حيث استلهموا في شعرهم وقصائدهم إمامة عليّ وولايته من هذه الواقعة وما صدر فيها.

من جهته، استند العلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني في موسوعته الضخمة (الغدير) على مثل هذا الشعر من بين ما استند إليه، قاصداً تحليل محتواه ودراسة مراميه الدالّة على الولاية والإمامة (1) .

7 - إنكار الولاية ونزول العذاب:

صدور موبوءة بالحسد، موغرة بالحقد والضغينة؛ لا لشيء إلاّ لأنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) أعلن اسم عليّ ونصَّبه للولاية وإمامة الأُمّة من بعده.

راح هؤلاء يُرجِفون، ويبثّون السفاهات، لكن ندّ مِن بينهم رجل كان أكثرهم وقاحة، وأجرأهم على الحقّ، نظر بعين الشكّ إلى ما قام به النبيّ من نصب عليّ للإمامة، فأسرع إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) تسبقه أحقاده، فسأله بجلف وفجاجة، عن الذي جاء به، وفيما إذا كان منه أم من الله، فردّ عليه نبيّ الله ثلاث مرّات مشفوعة بقَسَم: أنّ ما جاء به هو من عند الله، وهو أمر السماء لابدّ له فيه. لكنّ الرجل مضى بنفس متبلّدة داجية، وروح منهوكة مهزومة تُحيط بها ظلمة حالكة من كلّ صوب، وهو يسأل الله بتبرّم وسخط أن يُسقِط عليه حجارة من السماء أو يأتيه بعذاب أليم إن كان ما يقوله حقّاً.

لم يكد يبتعد عن النبيّ خطوات، حتى نزل به العذاب؛ إذ رماه الله بحجر قتله من فوره، بعد أن وقع على هامته، وأنزل الله سبحانه: ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ

____________________

(1) راجع: أبيات حسّان بن ثابت، والقسم التاسع/عليّ عن لسان الشعراء.

٨١

وَاقِعٍ ) (1) .

المهمّ في هذه الواقعة ما فهمه سائل العذاب، فهذا الرجل فهِم من قول النبيّ: (مَن كنت مولاه فعليّ مولاه) دلالته على الإمامة والرئاسة والقيادة؛ بدليل قوله في سياق ردّه على النبيّ (صلَّى الله عليه وآله): (ثمّ لم ترضَ حتى نصَّبت هذا الغلام، فقلت: (مَن كنت مولاه فعليّ مولاه)!)؛ إذ من الجليّ أنّ حبّ عليّ وإظهار مودّته لو كانا هما المقصودين في كلام النبيّ، لما استدعى الأمر كلّ هذا الحِنق والغضب من الرجل، ولما استتبع عصيانه وطغيانه (2) .

8 - اعتراف الصحابة:

لم يكن ثمّةَ من الصحابة في ذلك العصر مَن فهِم من الكلام النبوي غير دلالته على مفهوم الإمامة والقيادة. حتى مرضى القلوب أظهروا الذي أظهروه لضعف اعتقادهم، وإلاّ لم يشكّ منهم أحد قطُّ في مدلول الكلام النبوي ومعناه.

منذ ذلك المشهد وبعده - حيث استمرّ الأمر بعد ذلك سنوات أيضاً - كان هناك على الدوام من يُطلق على الإمام عليّ عنوان المولى، ويُخاطبه ويسلّم عليه به.

وعندما كان الإمام عليّ (عليه السلام) يستوضح هؤلاء ويسألهم عن هذا الاستعمال، كانوا يُجيبوه: (سمعنا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) يوم غدير خُمّ يقول: (مَن كنت مولاه، فإنّ هذا مولاه)) (3) .

وقد أكّد عمر بن الخطّاب نفسه على هذه النقطة مرّات، كما فعل ذلك عدد

____________________

(1) المعارج: 1.

(2) لقد اكتنفت الواقعة روايات ونصوص كثيرة، راجع: سؤال عذاب واقع.

(3) مسند ابن حنبل: 9/143/23622.

٨٢

آخر من الصحابة أيضاً.

والسؤال: هل أراد هؤلاء بمناداتهم عليّاً بالمولى، استناداً إلى الواقعة وإلى مدلول حديث الغدير، هل أرادوا بذلك (الحبيب) و(النصير)؟ إنّ الجنوح إلى مثل هذا الفهم لا تبرّره إلاّ اللا أُباليَّة كما ينمُّ عن عدم الانصياع إلى أبسط الحقائق اللغويّة والبيانيّة وأوضحها.

9 - مناشدة الإمام:

عندما رأى الإمام عليّ (عليه السلام) أنّ الجهاز السياسي الحاكم راح ينتهز الفرصة في تجاهل الواقعة وكتمانها، بادر إلى أُسلوب فاعل لمواجهة ذلك.

لم يلجأ الإمام إلى مواجهة الوضع الجديد على أساس صدامي مباشر، ولم يَر من المناسب أن يلتحم في معركة حامية تُثير الفتنة والاضطراب؛ لأسباب كان يقدّرها، ومرّت إليها الإشارة في موضعها، بيد أنّه لم يكفّ يده قطُّ عن إظهار الحقّ، والإجهار بالحقيقة وبما كان قد حصل يوم الغدير مستفيداً من أيّة فرصة تؤاتيه لإعلان ذلك، فإذا ما واجه أحدهم الإمام بسؤال كان يُجيبه بصراحة، وإذا ما كان بين الناس ورأى الأجواء مؤاتية بادر هو للحديث عن واقعة الغدير طالباً ممّن كان حضر الواقعة من الحاضرين أن يشهدوا بما أبصروا ورأوا.

كما كان يحصل أحياناً أن يُقسم الإمام على أشخاص لاذوا بالصمت خوفاً أو طمعاً، ويحثّهم على إظهار الحقّ والصدع به، حتى لا تضيع الحقيقة وتندثر في مطاوي النسيان.

إنّ الوقائع من هذا القبيل كثيرة، وقد اشتهرت في تصانيف المحدّثين والمؤرّخين بـ (المناشدة)، وقد حصلت بوفرة سواء في عهد عزلة الإمام أو في عصر خلافته، لكي لا يضيع الحقّ على الجيل الجديد، ولا تلتبس عليه الحقيقة، ويصير ضحيّة التجهيل والتضليل.

٨٣

من ذلك ما ذكروه، من أنّ الإمام حضر في مجتمع الناس بالرحبة في الكوفة واستنشدهم بحديث الغدير، حيث قالوا: نشد عليّ (عليه السلام) الناس في الرحبة من سمع النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) يقول يوم غدير خُمّ ما قال، إلاّ قام. فقام بضعة عشر رجلاً من الصحابة (1) .

لقد دأب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على تأكيد هذه الحقيقة دائماً وفي كلّ مكان، حيث راح يحثّ مَن حضر الواقعة على الإدلاء بشهادته، كي لا يضيع حقّ (الحقّ) ولا يلفّه النسيان.

على هذا؛ كانت شهادة هؤلاء القوم مهمّة بالنسبة إلى الإمام، وعندما اختار بعضهم - ممّن لم يُرتقب منه ذلك أبداً - الكتمان والامتناع عن إبداء الشهادة، دعا عليهم الإمام بألم وتوجّع (2) .

أفيكون كلّ هذا الحثّ والإصرار، والحرص والتحرّق على إضاءة المشهد وإبقاء الواقعة حيّة لا تُنسى، لمحض أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال في جملة: (أحبّوا عليّاً وانصروه)؟! ثمّ هل لنا أن نتصوّر أنّ الجهاز الحاكم فرض السكوت على تلك الجموع الكثيرة التي حضرت الواقعة، بحيث كان الإمام عندما ينشدهم لم تنهض منهم إلاّ قلّة ضئيلة فيما تلوذ الأكثريّة بالصمت خوفاً أو طمعاً، إنّما كان من أجل أن يحولوا بين القلوب والنفوس وبين جملة أوصى بها النبيّ بحبّ عليّ؟!

كلام المعصومين في تفسير الحديث:

ذكرنا مراراً أنّ الذين حضروا مشهد الغدير فهموا من قول النبيّ: (مَن كنت مولاه فعليّ مولاه) دلالته على الولاية والإمامة والرئاسة.

على هذا الأساس؛

____________________

(1) راجع: مناشدات عليّ.

(2) راجع: الدعاء على الكاتمين.

٨٤

انطلقوا لتحيّة الإمام بالإمارة وتهنئته بالولاية، على المسار ذاته تحرّك الأُدباء والشعراء، فضمّنوا شعرهم وقصائدهم هذه الحقيقة التي فهموها وتركوها وثيقة للتاريخ، كما يشذّ عن ذلك الفهم حتى أُولئك الضُّلاّل الذي تعثّرت بهم بصيرتهم فاختاروا الضلالة على الهدى.

ما نودّ التأكيد عليه في خاتمة هذه القرائن، أنّ الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) أعلنوا هذه الحقيقة في تفسير الحديث مرّات ومرّات.

أجل، لم يصدر عن أُولئك الكرام، وهُم هُم في البلاغة والعلم، وهم (أهل البيت)، و(أدرى بما في البيت)، لم يصدر عنهم في مواضع متعدّدة قطُّ سوى هذا التفسير.

ونختم بنصّ من هذه النصوص الوضيئة التي تتضوّع مسكاً - وختامه مسك - حيث سأل أبو إسحاق الإمام عليّ بن الحسين، بقوله: ما معنى قول النبيّ: (مَن كنت مولاه فعليّ مولاه)؟

قال: (أخبرهم أنّه الإمام بعده).

إنّ أمثال هذه النصوص التفسيريّة كثير في ميراث أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، ولا جدال أنّ تفسيرهم مقدّم على كلّ تفسير (1) .

بعد الغدير:

قفل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) عائداً إلى المدينة، بعد أن انتهى من الحجّ وأبلغ ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

لم يعترض على البلاغ النبوي علناً وبشكل صريح إلاّ شخص

____________________

(1) لمزيد الاطّلاع على تفسير كلمة (المولى)، راجع: مجلّة تراثنا/العدد 21، البحث المهمّ المعنْون: الغدير وحديث العترة الطاهرة.

٨٥

واحد، أمّا البقيّة فقد انطوت على الصمت ولم تجهر بخبيئة نفسها.

تفرّق الناس في البوادي والصحاري قاصدين ديارهم، ودخل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) المدينة مع أصحابه.

مُحاولة لتثبيت محتوى (الغدير):

راح رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) يُمضي أيّامه الأخيرة في المدينة، وموجات السرور تطفح بالبشر على وجهه الأقدس، وهو يشعر بالرضى وقد انتهى من أداء آخر المسؤوليّات، وبلّغ آخر كلمات السماء وأخطرها.

بيد أنّه كان يعرف - بعلمه الذي يستمدّه من وراء الملكوت - ما يجري في داخل المجتمع، وله دراية بجميع المؤامرات والمكائد والعداوات، التي توشك أن تنطلق في المستقبل القريب قويّة ضارية؛ لذلك - كلّه - راح يستفيد من الفرصة المتبقّية لكي يُحكم ما كان قد بلّغه ويرسّخه أكثر فأكثر.

لقد سجّل الجهد النبوي على هذا الصعيد مبادرتين عظيمتين على الأقلّ، نُشير إليهما في الفصل الآتي.

٨٦

(16)

الجهود الأخيرة

1 - كتابة الوصيّة:

رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ممدّد على فراش المرض وقد ثقل عليه المرض، الحمَّى تلهب جسده المطهّر، وكلّ شيء يومئ إلى أنّ ساعة الرحيل قد أزِفت، وأنّ النبيّ يوشك أن يُفارق هذه الدنيا بعد سنوات من الجهد الحثيث المثابر.

ما يشغل النبيّ في هذه اللحظات الحرجة ويقضّ عليه مضجعه هو مستقبل الأُمّة، والغد الذي ستؤول إليه رسالته الفتيّة، وهذه الشجرة الطيّبة التي لا تزال بحاجة إلى الرعاية والحماية، وإلى عناية من نوع خاصّ.

في هذه اللحظات الثقيلة بوطأة الفراق الذي أوشك، وإذا بصوت يصدع من الحجرة النبويّة، ورسول الله (صلَّى الله عليه وآله) يقول: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً) (1) .

انفجر المشهد عن لغط تحوّل بالتدريج إلى صياح وخصام في محضر النبيّ الأقدس، ثمّ ندَّت عن أحد الحاضرين كلمة قارصة موجعة، بعيدة كلّ البُعد عن مقام النبيّ وشأنه العظيم.

لقد بلغ من احتدام الموقف أنّ النساء صحن من وراء الستر إشفاقاً على النبيّ، وهنّ يحثّنّ الرجال أن يُقرّبوا إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ما طلبه،

____________________

(1) صحيح البخاري: 3/1111/2888.

٨٧

فما كان من صاحب ذلك الصوت إلاّ أن عاد يطعن بهنّ (1) .

عندها أحجم النبيّ عن الحاضرين، ونادى بهم: (قوموا عنّي)! (2) .

لم تُكتب هذه الوصية النبويّة، لكنَّ محتواها كان واضحاً لكثيرين - ولا يزال - وهم يعرفون تماماً لماذا أحجم النبيّ عن إملائها.

لا ريب أنّ محتوى الوصيّة هو تأكيد آخر على ما تمّ إبلاغه في الغدير، من الولاية وتحديد مستقبل الأُمّة ومصيرها، تشهد على ذلك النقاط التالية:

1 - إنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) تحدّث عن (التمسّك) بالثقلين مرّات ومرّات، وعدَّ ذلك عصمة للأُمّة من مهاوي الردى والضلال.

وفى حديثه عن هذه الوصيّة صرّح بالخصلة ذاتها، وهو يقول: (كتاباً لن تضلّوا).

2 - ينبغي أن ندرس ونتأمّل طبيعة الشيء الذي إذا كتبه الرسول يُثير كلّ هذا الصخب والتوجّس وردود الأفعال، حتى ليستمرئ بعض الحاضرين توجيه تلك المقالة المهينة إلى رسول الله، هل كان ثمَّ شيء خليق بإثارة هذا الجوّ العنيف المنفعل غير قضيّة (القيادة)، حتى بلغ من ضوضاء القوم أن أمر النبيّ بإخراجهم وإبعادهم عنه، بكلمات ملؤها الألم!

3 - كان ابن عبّاس يتحدّث عن تلك الرزيّة (رزيّة الخميس) على الدوام، ويُعيد ذكراها بتوجّع وألم، حتى كانت دموعه تسيل على خدّيه في بعض

____________________

(1) راجع: الطبقات الكبرى: 2/243.

(2) صحيح البخاري: 3/1111/2888 وج 1/54/114، راجع: غاية جهد النبيّ في تعيين الولي/طلب الصحيفة والدواة.

٨٨

المرّات، وقد قال: إنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أوصى بثلاث بعد الذي قالوا، قال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أُجيزهم...).

ثمّ ذكر ابن أبي نجيح الذي روى الخبر عن سعيد بن جبير، ما نصّه: وسكت سعيد عن الثالثة، فلا أدرى أسكت عنها عمداً؟! وقال مرّة: أو نسيها؟ وقال سفيان مرّة: وإمّا أن يكون تركها أو نسيها! (1) .

أنسي سعيد؟! أم اعتصم بالصمت وهو يبصر سيف الحجّاج بن يوسف يبرق فوق الرؤوس؟! وهل اختارت ذاكرة التاريخ إلاّ أن تدفع الأمر إلى مطاوي العدم والنسيان لتفتك بـ (الحقيقة) وتأدها لمصلحة الجهاز الحاكم، وتذبحها على دكّة (المصلحة)!

يكتب العلاّمة السيد عبد الحسين شرف الدين: (ليست الثالثة إلاّ الأمر الذي أراد النبيّ أن يكتبه حفظاً لهم من الضلال، لكنَّ السياسة اضطرّت المحدّثين إلى نسيانه، كما نبّه إليه مفتي الحنفيّة في (صور) الحاج داود الددا (2) .

هكذا يتّضح أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) عندما منع من الكتابة، عاد ليؤكّد الأمر شفويّاً في إطار وصايا أُخرى، ولكن!

4 - اعتراف عمر بن الخطّاب: لقد صرّح عمر بهذه الحقيقة، وعدّ ما قام به - من منع النبيّ والحؤول بينه وبين أن يكتب - تداركاً لمصلحة الأُمّة! يقول: (و لقد أراد [ (صلَّى الله عليه وآله) ] في مرضه أن يصرّح باسمه، فمنعتُ من ذلك إشفاقاً وحيطة على

____________________

(1) مسند ابن حنبل: 1/477/1935.

(2) المراجعات: 455.

٨٩

الإسلام. لا وربِّ هذه البنيّة، لا تجتمع عليه قريش أبداً، ولو وليها لانتقضت عليه العرب مِن أقطارها، فعلم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنِّي علمت ما في نفسه فأمسك!) (1) .

2 - إنفاذ جيش أُسامة:

اختار رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) - وهو في أيّامه الأخيرة وقد استولى عليه المرض - اختار أُسامة بن زيد؛ ذلك الفتى البالغ عمره 17 سنة، لقيادة جيش كبير يضمّ في صفوفه أعيان الصحابة.

يقول ابن سعد في هذا السياق:

(فلمّا كان يوم الأربعاء بُدئ برسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فحُمّ وصُدّع، فلمّا أصبح يوم الخميس عقد لأُسامة لواءً بيده... فلم يبقَ أحدٌ من وجوه المهاجرين الأوّلين والأنصار إلاّ انتُدب في تلك الغزوة، فيهم: أبو بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وسعد بن أبي وقّاص، وسعيد بن زيد، وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش) (2) .

النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) يأمر بإنفاذ هذا الجيش ويقول مؤكّداً: (جهِّزوا جيش أُسامة، لعن الله من تخلّف عنه) (3) ، ويأمر جيش المسلمين بترك المدينة فوراً مع عدم وجود خطر عسكري فعليٍّ يُهدّد المدينة!

لا ريب أنّ النبيّ كان يقصد من وراء ذلك أن ينقِّي أجواء المدينة من المتربّصين الذين يتحيّنون الفرصة بعد رحيل النبيّ للانقضاض على الخلافة،

____________________

(1) شرح نهج البلاغة: 12/21؛ كشف اليقين: 463/562، كشف الغمّة: 2/46.

(2) الطبقات الكبرى: 2/190.

(3) الملل والنحل: 1/23.

٩٠

ومن جهة أُخرى، يريد (صلَّى الله عليه وآله) تمهيد الطريق لوصول الحقّ إلى صاحبه الشرعي، وهو ما ورد صريحاً في كلام الإمام على (عليه السلام) (1) .

____________________

(1) راجع: غاية جهد النبيّ في تعيين الولي/إنفاذ جيش أُسامة.

٩١

الفصل الأول

أحاديث الوصاية

1/1

لكلّ نبيٍّ وصيّ

320 - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ لكلّ نبيّ وصيّاً ووارثاً، وإنّ عليّاً وصيِّي ووارثي) (1) .

321 - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ الله عزّ وجلّ اختار من كلّ أمّة نبيّاً، واختار لكلّ نبيّ وصيّاً، فأنا نبيّ هذه الأُمّة، وعليّ وصيِّي في عترتي وأهل بيتي وأمَّتي من بعدي) (2) .

322 - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ أوّل وصيّ كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم، وما من نبيّ

____________________

(1) تاريخ دمشق: 42/392/9005 و9006، الفردوس: 3/336/5009، ذخائر العقبى: 131، المناقب للخوارزمي: 85/74، كفاية الطالب: 260 كلّها عن بريدة، المناقب لابن المغازلي: 201/238؛ الطرائف: 23/19 كلاهما عن عبد الله بن بريدة، المناقب لابن شهر آشوب: 2/188 عن بريدة، كشف الغمّة: 1/114 عن أبي بريدة.

(2) المناقب للخوارزمي: 147/171، فرائد السمطين: 1/272/211؛ الطرائف: 25/22 كلّها عن أُمِّ سلمة.

٩٢

مضى إلاّ وله وصيّ، وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبيّ وعشرين ألف نبيّ، منهم خمسة أُولو العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد (عليهم السلام)، وإنّ عليّ بن أبي طالب كان هبة الله لمحمّد، وورث علم الأوصياء، وعلم مَن كان قبله، أما إنّ محمّداً ورث علم مَن كان قبله من الأنبياء والمرسلين) (1) .

323 - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ لله تعالى مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين (2) ألف نبيّ، أنا سيّدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله عزّ وجلّ، ولكلّ نبيّ وصيٌّ أوصى إليه بأمر الله تعالى ذكره، وإنّ وصيِّي عليّ بن أبي طالب لَسيّدهم وأفضلهم وأكرمهم على الله عزّ وجلّ) (3) .

324 - إثبات الوصيّة - في خبر دعوة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) بنى هاشم -: روى أنّه دعاهم ثانية فأطعمهم وسقاهم جميعاً لبناً من عسٍّ (4) واحد، حتى تصدّروا، ثمّ قال لهم: (يا بني عبد المطّلب، أطيعوني تكونوا ملوك الأرض وحكّامها، إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبيّاً قطّ إلاّ جعل له وصيّاً وأخاً ووزيراً، فأيُّكم يكون أخي ووصيِّي ومؤازري وقاضي دَيني؟).

____________________

(1) الكافي: 1/224/2 عن عبد الرحمن بن كثير، بصائر الدرجات: 121/1 عن عبد الرحمن بن بكير الهجري كلاهما عن الإمام الباقر (عليه السلام) وفيه (أربعة وعشرين) بدل (عشرين) وص 294/10، الاختصاص: 279 كلاهما عن عبد الله بن بكير الهجري عن الإمام الباقر (عليه السلام) وفيهما من (إنّ عليّ بن أبي طالب...) وراجع تفسير فرات: 183/235.

(2) في المصدر: (وعشرون) ، وهو تصحيف.

(3) مَن لا يحضره الفقيه: 4/180/5407، الخصال: 641/19 عن زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) وح 18، الأمالي للصدوق: 307/352 كلاهما عن دارم بن قبيصة عن الإمام الرضا عن آبائه (عليهم السلام) والثلاثة الأخيرة عن الإمام علي (عليه السلام) عنه (صلَّى الله عليه وآله)، المناقب لابن شهر آشوب: 3/47 كلّها نحوه.

(4) العُسّ - بالضمّ والتشديد -: القدح الكبير (مجمع البحرين: 2/1215).

٩٣

فأبوا قبول ذلك، وقالوا: ومَن يُطيق ما تُطيقه أنت؟!

فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو أصغرهم سنّاً، فقال له: (أنا يا رسول الله).

فقال له: (أنت - لعمري - تقبل ما قلت وتُجيب دعوتي).

ولذلك كان وصيَّه وأخاه ووارثَه دونهم (1) .

325 - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (يا علي، أنت خليفتي على أمَّتي في حياتي وبعد موتي، وأنت منِّي كشيث من آدم، وكسام من نوح، وكإسماعيل من إبراهيم، وكيوشع من موسى، وكشمعون من عيسى، يا علي، أنت وصيِّي ووارثي) (2) .

326 - الإمام الصادق (عليه السلام): (كان وصيُّ آدم (عليه السلام) شيث بن آدم هبة الله، وكان وصيُّ نوح سام، وكان وصيُّ إبراهيم إسماعيل، وكان وصيُّ موسى يوشع بن نون، وكان وصيُّ داود سليمان، وكان وصيُّ عيسى شمعون، وكان وصيُّ محمّد (صلَّى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو خير الأوصياء) (3) .

ولمزيد الاطّلاع على أسماء الأوصياء من لدُن آدم (عليه السلام) حتى خاتم الأنبياء (صلَّى الله عليه وآله)

راجع:

الكافي: 8/113/92، مَن لا يحضره الفقيه: 4/174/5402،

الأمالي للصدوق: 486/661، كمال الدين: 211/1، الإمامة والتبصرة: 153/1،

الأمالي للطوسي: 442/991، قصص الأنبياء: 371/448، مشارق أنوار اليقين: 58،

بشارة المصطفى: 82، كفاية الأثر: 147، المناقب لابن شهر آشوب: 1/251،

المسترشد: 574/245 وكتاب (إثبات الوصيّة).

____________________

(1) إثبات الوصيّة: 127 وراجع دعائم الإسلام: 1/15 وروضة الواعظين: 63 وكنز الفوائد: 2/177 وتاريخ دمشق: 42/49.

(2) بشارة المصطفى: 58، الأمالي للصدوق: 450/609 كلاهما عن عبد الله بن عبّاس، بحار الأنوار: 38/103/26.

(3) الفضائل لابن شاذان: 84 عن مقاتل بن سليمان وراجع المسترشد: 283/94.

٩٤

1/2

وصيُّ آدم

327 - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ آدم (عليه السلام) سأل الله عزّ وجلّ أن يجعل له وصيّاً صالحاً، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: إنِّي أكرمت الأنبياء بالنبوّة، ثمّ اخترت من خلقي خلقاً، وجعلت خيارهم الأوصياء.

فأوحى الله تعالي ذكره إليه: يا آدم، أوص إلى شيث. فأوصى آدم (عليه السلام) إلى شيث وهو هبة الله بن آدم) (1) .

328 - الإمام الباقر (عليه السلام): (لمّا دنا أجل آدم أوحى الله إليه: أن يا آدم، إنِّي متوفّيك ورافع روحك إليَّ يوم كذا وكذا، فأوصِ إلى خير ولدك وهو هبتي الذي وهبته لك، فأوصِ إليه، وسلّم إليه ما علّمناك من الأسماء والاسم الأعظم، فاجعل ذلك في تابوت، فإنِّي أحبّ أن لا يخلو أرضي من عالم يعلم علمي ويقضي بحُكمي، أجعله حجَّتي على خَلقي).

قال: (فجمع آدم إليه جميع ولده من الرجال والنساء، فقال لهم: يا ولدي، إنّ الله أوحى إليّ أنّه رافع إليه روحي، وأمرني أن أُوصي إلى خير ولدي وأنّه هبة الله؛ فإنّ الله اختاره لي ولكم من بعدي، اسمعوا له وأطيعوا أمره، فإنّه وصيِّي وخليفتي عليكم.

فقالوا جميعاً: نسمع له ونُطيع أمره ولا نُخالفه.

قال: فأمر بالتابوت فعُمل، ثمّ جعل فيه علمه والأسماء والوصيّة، ثمّ دفعه إلى

____________________

(1) مَن لا يحضره الفقيه: 4/175/5402، كمال الدين: 212/1، الأمالي للطوسي: 442/991، الأمالي للصدوق: 487/661، بشارة المصطفى: 82، الإمامة والتبصرة: 153/1، قصص الأنبياء: 371/448 كلّها عن مقاتل بن سليمان عن الإمام الصادق (عليه السلام).

٩٥

هبة الله، وتقدّم إليه في ذلك، وقال له:... إذا حضرت وفاتك وأحسست بذلك من نفسك فالتمس خير ولدك وألزمَهم لك صُحبة وأفضلهم عندك قبل ذلك، فأوصِ إليه بمثل ما أوصيت به إليك، ولا تدعنَّ الأرض بغير عالم منّا أهل البيت.

يا بنيَّ، إنّ الله تبارك وتعالي أهبطني إلى الأرض وجعلني خليفته فيها، حجّة له على خلقه، فقد أوصيت إليك بأمر الله، وجعلتك حجّة لله على خلقه في أرضه بعدي، فلا تخرج من الدنيا حتى تدع لله حجّة ووصيّاً، وتسلّم إليه التابوت وما فيه كما سلّمته إليك، وأعلمه أنّه سيكون من ذرِّيتي رجل اسمه نوح، يكون في نبوّته الطوفان والغرق، فمَن ركب في فُلكه نجا ومَن تخلّف عن فُلكه غرق.

وأوصِ وصيّك أن يحفظ بالتابوت وبما فيه، فإذا حضرت وفاته أن يوصي إلى خير ولده وألزَمَهم له وأفضلهم عنده، وسلّم إليه التابوت وما فيه، وليضع كلّ وصيٍّ وصيّته في التابوت، وليوصِ بذلك بعضهم إلى بعض، فمَن أدرك نبوّة نوح فليركب معه، وليحمل التابوت وجميع ما فيه في فلكه ولا يتخلّف عنه أحد) (1) .

329 - عنه (عليه السلام): (كان آدم (عليه السلام) وصّى هبةَ الله أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة فيكون يوم عيدهم، فيتعاهدون نوحاً وزمانه الذي يخرج فيه، وكذلك جاء في وصيّة كلّ نبيّ، حتى بعث الله محمّداً (صلَّى الله عليه وآله)، وإنّما عرفوا نوحاً بالعلم الذي عندهم، وهو قول الله عزّ وجلّ: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ... ) (2)) (3) .

330 - الإمام الصادق (عليه السلام): (أوحى الله إلى آدم أن ادفع الوصيّة، واسم الله الأعظم،

____________________

(1) تفسير العيّاشي: 1/306/77 عن حبيب السجستاني، بحار الأنوار: 23/60/2.

(2) الأعراف: 59، هود: 25، العنكبوت: 14، المؤمنون: 23.

(3) الكافي: 8/115/92، كمال الدين: 215/2، تفسير العيّاشي: 1/311/78 وليس فيه (وإنّما...)، وكلّها عن أبي حمزة الثمالي.

٩٦

وما أظهرتك عليه من علم النبوّة، وما علّمتك من الأسماء إلى شيث بن آدم) (1) .

331 - الكامل في التاريخ: لمّا حضرت آدم الوفاة عهد إلى شيث، وعلّمه ساعات الليل والنهار، وعبادة الخلوة في كلّ ساعة منها، وأعلمه بالطوفان، وصارت الرياسة بعد آدم إليه (2) .

332 - تاريخ الطبري: ذُكِرَ أنّ آدم (عليه السلام) مرِض قبل موته أحد عشر يوماً، وأوصى إلى ابنه شيث (عليه السلام) وكتب وصيّته، ثمّ دفع كتاب وصيّته إلى شيث، وأمره أن يُخفيه من قابيل وولده؛ لأنّ قابيل قد كان قتل هابيل حسداً منه حين خصّه آدم بالعلم، فاستخفى شيث وولْده بما عندهم من العلم، ولم يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون به (3) .

1/3

وصيّ نوح

333 - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (لقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه سام) (4) .

334 - الإمام الباقر (عليه السلام): (لمّا حضرت نوح الوفاة أوصى إلى ابنه سام، وسلّم التابوت وجميع ما فيه والوصيّة) (5) .

____________________

(1) تفسير العيّاشي: 1/312/83 عن سليمان بن خالد وراجع الكافي: 8/114/92.

(2) الكامل في التاريخ: 1/58، تاريخ الطبري: 1/152، البداية والنهاية: 1/98 كلاهما نحوه.

(3) تاريخ الطبري: 1/158، الكامل في التاريخ: 1/60.

(4) معاني الأخبار: 372/1 عن ابن عبّاس، بحار الأنوار: 38/129/81.

(5) تفسير العيّاشي: 1/309/77 عن حبيب السجستاني.

٩٧

335 - الإمام الصادق (عليه السلام): (عاش نوح (عليه السلام) بعد الطوفان خمسمائة سنة، ثمّ أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا نوح، إنّه قد انقضت نبوّتك، واستكملت أيّامك، فانظر إلى الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة التي معك، فادفعها إلى ابنك سام، فإنِّي لا أترك الأرض إلاّ وفيها عالم تُعرف به طاعتي، ويُعرف به هداي، ويكون نجاة فيما بين مقبض النبيّ ومبعث النبيّ الآخر، ولم أكن أترك الناس بغير حجّة لي، وداعٍ لي، وهاد إلى سبيلي، وعارف بأمري، فإنِّي قد قضيت أن أجعل لكلّ قوم هادياً أهدي به السعداء، ويكون حجّة لي على الأشقياء).

قال: (فدفع نوح (عليه السلام) الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة إلى سام، وأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به).

قال: (وبشَّرهم نوح (عليه السلام) بهود (عليه السلام)، وأمرهم باتّباعه، وأمرهم أن يفتحوا الوصيّة في كلّ عام، وينظروا فيها ويكون عيداً لهم) (1) .

1/4

وصيّ موسى

336 - الإمام الباقر (عليه السلام): (كان وصيّ موسى يوشع بن نون (عليه السلام)، وهو فتاه الذي ذكره الله عزّ وجلّ في كتابه (2)) (3) .

____________________

(1) الكافي: 8/285/430، كمال الدين: 134/3 نحوه وكلاهما عن عبد الحميد بن أبي الديلم، وراجع ص 215/2 والكافي: 8/115/92.

(2) كما في سورة الكهف، الآية 60: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ... ) ، والآية 62: ( فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا... ) .

(3) الكافي: 8/117/92، كمال الدين: 217/2، تفسير العيّاشي: 2/330/42 كلّها عن أبي حمزة الثمالي.

٩٨

337 - الإمام الصادق (عليه السلام): (أوصى موسى (عليه السلام) إلى يوشع بن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ولم يوصِ إلى ولده ولا إلى ولد موسى، إنّ الله تعالى له الخيرة، يختار مَن يشاء ممّن يشاء) (1) .

338 - عنه (عليه السلام) - في خبر وفاة موسى (عليه السلام) -: (دعا يوشعَ بن نون فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره، وبأن يوصي بعده إلى مَن يقوم بالأمر) (2) .

339 - تاريخ اليعقوبي: إنّ موسى (عليه السلام) قال لهم [لبنى إسرائيل]: (قد بلّغتكم وصايا الله وعرّفتكم أمره فاتّبعوا ذلك، واعملوا به، فقد أتت لي مائة وعشرون سنة وقد حانت وفاتي، وهذا يوشع بن نون القيّم فيكم بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا أمره؛ فإنّه يقضى بينكم بالحقّ، وملعون مَن خالفه وعصاه) (3) .

340 - تاريخ اليعقوبي: وكان موسى لمّا حضرته وفاته أمره الله عزّ وجلّ أن يُدخل يوشع بن نون - وكان يوشع بن نون من شعب يوسف بن يعقوب - إلى قبّة الزمان، فيقدّس عليه، ويضع يده على جسده لتتحوّل فيه بركته، ويوصيه أن يقوم بعده في بني إسرائيل، ففعل موسى ذلك، فلمّا مات موسى قام يوشع بعده في بني إسرائيل... (4) .

____________________

(1) الكافي: 1/293/3، بصائر الدرجات: 469/4 كلاهما عن عبد الحميد بن أبي الديلم.

(2) كمال الدين: 153/17 عن محمّد بن عمارة، الأمالي للصدوق: 303/343 عن عمارة، قصص الأنبياء: 175/204 عن هشام بن سالم.

(3) تاريخ اليعقوبي: 1/45.

(4) تاريخ اليعقوبي: 1/46. وجاء في الكتاب المقدّس ص 333: (كلّم موسى الربَّ قائلاً: ليوكِّل الربّ إله أرواح كلّ بشر رجلاً على الجماعة، يخرج أمامهم ويدخل أمامهم ويُخرجهم ويُدخلهم؛ لئلاّ تبقى جماعة الربّ كغنم لا راعي لها. فقال الربّ لموسى: خُذ لك يشوع بن نون؛ فإنّه رجل فيه روح، وَضَع يدك عليه، وأوقفه أمام العازار الكاهن والجماعة كلّها، وأوصه بحضرتهم، واجعل عليه من مهابتك؛ لكي تسمع له جماعة بني إسرائيل كلّها، يقف أمام العازار الكاهن، فيطلب له قضاء الأُوريم أمام الربّ، فبأمره يخرجون وبأمره يدخلون، هو وجميع بني إسرائيل معه وكلّ الجماعة. وفعل موسى كما أمره الربّ، فأخذ يشوع وأوقفه أمام العازار الكاهن وكلّ الجماعة، ووضع عليه يديه وأوصاه كما قال الربّ على لسان موسى). وفي قاموس الكتاب المقدّس ص 1068: (يشوع: اسم عبري معناه (يهوه خلاص) اسمه في الأصل هوشع، يهوشوع، ثمّ دعاه موسى يشوع، وهو خليفة موسى، وابن نون من سبط افرايم، ولد في مصر. وكان أوّلاً خادماً لموسى. =

٩٩

1/5

وصيّ عيسى

341 - رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): (أوصى عيسى بن مريم إلى شمعون بن حمون الصفا) (1) .

342 - عنه (صلَّى الله عليه وآله): (لقد رفع عيسى بن مريم إلى السماء، وقد عاهد قومه على الوفاء

____________________

= ذكر أوّلاً عند معركة رفيديم؛ لأنّ موسى كان وقتئذ قد عيّنه لقيادة بني إسرائيل، وكان عمره آنئذ (44) سنة، وبعد ذلك تعيّن جاسوساً لسبطه، وقد قدّم هو وكالب رفيقه تقريراً صحيحاً عن البلاد التي تحسّسوها. ثمّ أقامه موسى أمام العازار الكاهن وكلّ الشعب وعيّنه خليفة له. ودعا المشترع العظيم يشوع قُبيل وفاته وسلّمه العمل الذي كان عليه أن يقوم به وفقاً لإرادة الله. وبعد موت موسى مباشرةً أخذ يشوع في الاستعداد السريع لعبور الأُردن. ومنح الشعب ثلاثة أيّام لإعداد الزاد).

(1) مَن لا يحضره الفقيه: 4/176/5402، كمال الدين: 213/1، الإمامة والتبصرة: 155/1، الأمالي للطوسي: 443/991 وفيه (خمون) بدل (حمون)، بشارة المصطفى: 83 وفيه (حمور) وكلّها عن مقاتل بن سليمان عن الإمام الصادق (عليه السلام)، كفاية الأثر: 149 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الإمام علي (عليه السلام) عنه (صلَّى الله عليه وآله).

١٠٠