دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار0%

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 186

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد علي الحسيني البقاعي
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 186
المشاهدات: 40836
تحميل: 8220

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40836 / تحميل: 8220
الحجم الحجم الحجم
دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

گام ابن الفحل يحدي

أو تهلهل بالخيم ليله

شد اعلى الحرب مغضب

اوعين احسين تربيله

گام ايجول بالملعب

اوبيده ايهز المذهب

الحربي ايصيح من يگرب؟

طلعله (بكر بن غانم)

اوشد اعليه علي الأكبر)

لاچن وجه أبوه احسين

لونه انخطف وتغير

طلعت صارخه ليله

تگوم اوعالوجه تعثر

تگله انصاب المدلّل

اشوفن لونك اتبدّل

يگلها اعلى ابنك اموجّل

طلعله امن العرب فارس

تشهد دوم بفعاله

يليله الخيمتچ ردي

وادعيله ابدمع مسكوب

طبت لعد خيمتها

اوعلى ابنيها گلبها ايلوب

يا مَنْ سدّرت (يوسف)

من سجنه لعد يعگوب

يا معبود ردّ ابني

منّه لا تخيبني

يلاهي تعلم ابحزني

ما عندي ولد غيره

واريد ادلّل ابجاله

استجاب الله دعه ليله

اوجندل بكر بن غانم

جاب الراس بيمينه

اوعوّد للخيم باسم

تلگّه احسين مدلوله

اودمعه امن الفرح ساجم

يشمه اوليه يتفكّر

يگله والگلب مستر

لمـّك روح يالأكبر

١٤١

عليك اموجله يبني

اومنها العين همّاله

أريدن جايزه ايگله

منك (شربة اُمّيّه)

آه آه! يعزّ والله عليك يا أبا عبد الله هذا الطلب ولا تستطيع أن تجيبه عليه

بعد ما شوف بعيوني

يبويه لحگ اعليه

يگله امنين اجيب الماي

وتلهّف على ابنيه

حچيك مرد دلالي

يلكبر واشدهت بالي

رد للحرب يالغالي

اوجدّك لا بد ايروّيك

من العذب وازلاله(1)

(أبو ذيّه)

يبويه اشلون [بيّه] وصل ورداك

وصل ليه وسدر لك قطع ورداك

من الكوثر ينور العين ورداك

ونسه الدنيه غدت ظلمه عليه

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.

قال تعالى في كتابه العزيز:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (2) .

____________________

(1) منهل الشرع 1 / 155.

(2) سورة البقرة / 186.

١٤٢

قبل أن نشرع في تفسير الآية الكريمة لا بدّ من مقدّمة، وهي أنّ المصدر الأساسي الذي نستخرج منه الحكم الشرعي هو القرآن والسنة؛ فالقرآن المصدر الأوّل الذي يبيّن لنا الأحكام الشرعيّة وإن كان بشكل إجمالي.

وأما الأحاديث فتبيّن لنا الأحكام بشكل تفصيلي كما قال الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (1) ، أو قال تعالى:( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (2) ، أو قال:( أَقِيمُوا الصَّلاَةَ ) (3) ، أو قال تعالى:( ادْعُوا ) .

فهذه الأوامر الموجودة في الآيات من وجوب الصيام والحج، والصلاة والدعاء لا تفيد إلاّ الوجوب بشكل إجمالي، فكيف نصوم؟ وإلى متى؟ وعن ماذا نمتنع؟ فالتفصيل موكّل إلى روايات آل البيت (عليهم السّلام)؛ فهم يُبيّنون التكاليف بشكل مفصّل؛ فهم مع القرآن كما جاء في وصية رسول الله (صلّى الله عليه وآله):« إنّي تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (4) .

فيجب العمل والأخذ من القرآن وأهل البيت (عليهم السّلام) معاً.

وفي هذه الآية يقول الله تعالى:( إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ) شرط السؤال، فلا يمكن أن يقول الإنسان: الله أعلم بحالي من دون دعاء، فالله يحبّ أن يسمع صوت عبده وإلحاحه في المسألة، ولعلّ الإجابة في بعض الأحيان تكون مشروطة بالسؤال، والسؤال هو الدعاء، لكن للدعاء شروط

____________________

(1) سورة البقرة / 183.

(2) سورة آل عمران / 97.

(3) سورة البقرة / 43.

(4) وسائل الشيعة 27 / 34، بحار الأنوار 23 / 106.

١٤٣

كما بيّنها أهل البيت (عليهم السّلام). والآن ما هو الدعاء؟

الدعاء

هو طلب من الداني إلى العالي، فهو طلب الإنسان من ربّه.

أما أهمية الدعاء

فليس كما يظنّ أنّ الدعاء هو للحوائج فقط، بل للدعاء أهمية كبيرة نذكر منها:

الدعاء عبادة

كما جاء في الحديث:« الدعاء مخّ العبادة » (1) ، وجاء في كتاب الله:( ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (2) ، فدخول النار لا يكون إلاّ لتارك العبادة، أي العاصي.

الدعاء سلاح المؤمن

كما ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله):« الدعاء سلاح المؤمن » (3) .

السلاح هو الوسيلة الّتي يستخدمها الإنسان للمواجهة مع الأعداء، فدعاء المؤمن خصوصاً المظلوم عند الله مستجاب كما جاء في كتاب الله تعالى:( إنّي مَغْلُوبٌ

____________________

(1) وسائل الشيعة 7 / 28، عدة الداعي / 40، إرشاد القلوب 1 / 148.

(2) سورة غافر / 60.

(3) الكافي 2 / 468، وسائل الشيعة 7 / 39، الجعفريات / 222.

١٤٤

فانْتَصِر ) (1) .

وجاء في الحديث:« إيّاكم ودعوة المظلوم؛ فإنّها تُرفع فوق السحاب حتّى ينظر الله عزّ وجلّ إليها فيقول: ارفعوها حتّى أستجيب له. وإيّاكم ودعوة الوالد؛ فإنّها أحدُّ من السيف » (2) .

الدعاء يربي النفوس

كما جاء في الصحيفة السجّادية عن الإمام زين العابدين (عليه السّلام) في دعاء يوم الإثنين:« اللّهمّ إنّي استغفرك لكلّ نذر نذرته، وكلّ وعد وعدته، وكلّ عهد عاهدته ثمّ لم أفِ به. وأسألك في حمل مظلوم العباد عنّا، فأيّما عبد من عبيدك، أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمته إيّاه في نفسه، أو في عرضه، أو في ماله، أو في أهله وولده، أو غيبة اغتبته بها... » (3) ، إلى آخر الدعاء.

فنأخذ الدروس من هذه الأدعية على أن لا نظلم ولا نغتاب، وأن لا نعهد وننكس العهد كما فعلوا بالإمام الحسين (عليه السّلام)، فمن خلال هذه الأدعية نربّي النفوس على أن لا نفعل هذه الأعمال.

الدعاء والفوائد العلميّة

كما في دعاء زين العابدين (عليه السّلام) في التسبيحات حيث عرفنا أنّه يوجد للظلمة والنور وزن مثقال، حيث قال:« سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور! سبحانك تعلم وزن الفيء والهواء! سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرّة! سبحانك قدوس قدوس قدوس! سبحانك عجباً لمـَنْ عرفك كيف

____________________

(1) سورة القمر / 10.

(2) الكافي 2 / 509، وسائل الشيعة 7 / 128.

(3) بحار الأنوار 87 / 176، البلد الأمين / 116، مصباح الكفعمي / 113.

١٤٥

لا يخافك؟! سبحانك اللّهمّ وبحمدك! سبحان الله العلي العظيم! » (1) .

فقبل أن يعرف العالم (انشتاين) أنّ هناك وزناً للظلمة والنور جاءت الأدعية لتفيدنا بذلك قبل مئات السنين.

الدعاء يعطينا العقائد

كما في الدعاء:« لا إله إلاّ الله إلهاً واحداً » (2) . فهذا التوحيد،« ولا أخشى إلاّ عدله » (3) . فهذا العدل« وأشهد أنّ محمداً (صلّى الله عليه وآله) عبدك ورسولك » (4) . فهذا في النبوّة، وأمّا الإمامة ففي دعاء الندبة قال:« مَنْ كنت مولاه فهذا علي مولاه » (5) . فنستفيد من الدعاء وحدانية الله وعدله، والنبوّة والإمامة.

أما شروط الدعاء

توجّه الدّاعي إلى ربّ العالمين، وحسن الظنّ به، والأمل في استجابة الدعاء، وقضاء الحوائج.

الصلاة على محمّد وآل محمّد

البدء بالبسملة ثمّ الصلاة على محمّد وآل محمّد والختم بها، جاء في الحديث:« إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على محمّد وآل محمّد، يقول: افعل

____________________

(1) بحار الأنوار 83 / 226.

(2) بحار الأنوار 83 / 43.

(3) بحار الأنوار 87 / 164.

(4) التهذيب 3 / 143.

(5) الكافي 1 / 420.

١٤٦

فيّ كذا وكذا؛ فإنّ العبد إذا قال: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى أهل بيته استجاب له، فإذا قال: افعل بي كذا وكذا كان أجود من أن يردّ بعضاً ويستجيب بعضاً » (1) .

الإقبال بالقلب وتيقّن الإجابة

كما جاء عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام):« فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ تيقّن الإجابة » (2) .

التوسّل بأقرب وأفضل خلق الله

كما جاء في الكتاب العزيز:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) (3) . وفي آية اُخرى:( للهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) (4) .

يقول الإمام الصادق (عليه السّلام):« نحن والله الوسيلة، نحن والله الأسماء الحسنى الذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا، قال: فادعوه بها » (5) .

فمَنْ أقرب إلى الله من أهل البيت (عليهم السّلام)؟ فينبغي التوسّل بهم إلى الله في كلّ حاجة في السرّاء والضرّاء خصوصاً في الصراع مع الأعداء. جاء في إحدى الزيارات:« فاز مَنْ تمسّك بكم، وأمن مَنْ لجأ إليكم » (6) .

فالدعاء مع مثل هذا التوسّل يكون السلاح الأقوى

____________________

(1) مستدرك الوسائل 5 / 225.

(2) الكافي 2 / 472، الوسائل 7 / 53.

(3) سورة المائدة / 35.

(4) سورة الأعراف / 180.

(5) بحار الأنوار91 / 6 الباب 28.

(6) التهذيب 6 / 97.

١٤٧

على الأعداء كما حصل لليلى(1) اُمّ علي الأكبر.

ذكر أرباب المقاتل أنّه لمـّا قُتل أصحاب الحسين (عليه السّلام) ولم يبقَ معه إلاّ أهل بيته، تقدّم إليه ولده علي الأكبر(2) فاستأذنه للبراز، وكان علي الأكبر من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً، فنظر إليه الحسين (عليه السّلام) وأرخى عينيه بالدموع وأطرق برأسه إلى الأرض؛ لئلاّ يراه العدو ويشمت به، فقال له الحسين:« ولدي علي، إليّ أودّعك وتودّعني، أشمّك وتشمّني » .

فتعانقا حتّى غُشي عليهما، فلمـّا أفاق الحسين (عليه السّلام) رفع رأسه مشيراً بسبابته إلى السماء وقال:« اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إلى هذا الغلام. اللّهمّ امنعهم بركات الأرض، وفرّقهم تفريقاً، ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترضِ الولاة عنهم أبداً؛ فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يُقاتلوننا » .

ثم صاح بعمر بن سعد:« ما لك! قطع الله رحمك كما قطعت رحمي،

____________________

(1) ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، زوجة الإمام الحسين (عليه السّلام)، والدة علي الأكبر، قد اختلف في وجودها في كربلاء.

(2) علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، كُنيته أبو الحسن، اُمّه ليلى بنت أبي مرّة الثقفي.

ولد في المدينة في 11 شعبان سنة 33 هـ، استشهد يوم العاشر من محرّم سنة 61 هـ، ودفن عند رجلي أبيه (عليه السّلام) بكربلاء، وكان أشبه الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) خلقاً وخُلقاً ومنطقاً. لقّب بالأكبر تمييزاً له عن أخيه علي بن الحسين السجّاد (عليه السّلام) الذي وصفه المؤرّخون بعلي الأصغر.

استشهد علي الأكبر (عليه السّلام) على يد مرّة بن منقذ العبدي؛ حيث اعترضه وطعنه بالرمح فصرعه، والتفّ عليه الناس فقطّعوه بأسيافهم. ورد سلام عليه في الزيارة:« السلام على أوّل قتيل من نسل خير سليل... » أعيان الشيعة 8 / 206، اللهوف / 49، الإقبال / 48، مقاتل الطالبين / 115، مثير الأحزان / 68.

١٤٨

ولا بارك الله لك في أمرك، وسلّط الله عليك مَنْ يذبحك على فراشك » (1) .

فكأنّما علم علي الأكبر الرخصة من أبيه، فحمل على القوم وهو يرتجز ويقول:

(حدي)

أنا علي بن الحسين بن علي

نحن وبيت الله أولى بالنبي

أضربكم بالسيفِ أحمي عن أبي

ضربَ غلامٍ هاشمي علوي

وجعل يُقاتل القوم مقاتلة الأبطال حتّى قتل على عطشه مئة وعشرين فارساً، هذا والحسين (عليه السّلام) واقف على باب الخيمة وليلى تنظر في وجهه تراه يتلألأ نوراً وسروراً بشجاعة ولده علي، حتّى برز إليه بكر بن غانم فتغيّر لون وجه الحسين (عليه السّلام)، فقالت له ليلى: سيدي، أرى لون وجهك قد تغيّر، هل اُصيب ولدي بشيء؟

فقال لها:« لا يا ليلى، ولكن برز إليه مَنْ أخاف منه عليه. يا ليلى، ادعي لولدك؛ فإنّ دعاء الوالدة بحقّ ولدها مُستجاب » .

دخلت ليلى إلى الخيمة، نشرت شعرها، رفعت يديها إلى السماء وقالت: إلهي، بغربة أبي عبد الله، إلهي بعطش أبي عبد الله، يا راد يوسف إلى يعقوب اردد إليّ ولدي علياً.

____________________

(1) بحار الأنوار 45 / 42، اللهوف / 49، مثير الأحزان / 68 - 69.

١٤٩

(نعي مجاريد)

طبّت الخيمتها الغريبه

تبچي أو على ابنيها امريبه

والگلب ناره ايشب لهيبه

أو فرّعت والدمعه سكيبه

وتوسّلت لله ابحبيبه

أو بالحسين وشما بيه مصيبه

يا راد يوسف من مغيبه

اليعگوب ومسكّت نحيبه

أريدن علي سالم تجيبه

فاستجاب الله دعاء ليلى، ونصر علياً على بكر بن غانم فقتله وضرب رأسه وجاء به يحمله إلى أبيه وهو ينادي: العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة ماء من سبيل أتقوّى بها على الأعداء؟

قال له الحسين (عليه السّلام):« ولدي علي، هذا لساني خذه ضعه في فمك علّك تجد فيه شيئاً من الماء » .

وضع الحسين (عليه السّلام) لسانه في فم ولده علي، فصاح: والدي، لسانك والله أجفّ من لساني.

(نصاري)

يبويه شربة اميه الچبدي

اتگوه ورد للميدان وحدي

يبويه فطر چبدي وحگ جدّي

العطش والشمس والميدان والحر

(نعي مجاريد)

يگله سهله يبويه طلبتك هاي

لكن يعگلي اوماي عيناي

امنين أجيبن شربة الماي

والعطش مثلك يبس احشاي

١٥٠

« بُني علي، اصبر قليلاً يسقيك جدّك المصطفى بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً. بُني علي، ادخل على اُمّك أدركها قبل أن تموت؛ فإنّها مُغمى عليها في الخيمة » .

فأسرع علي الأكبر نحو اُمّه، فلمـّا وصل إليها نزل عندها، أخذ رأسها ووضعه في حجره، ونضحها بدموع عينيه، فتساقطت قطرات من دموعه على خد اُمّه، فأفاقت قائلة: ولدي علي! قال: بلى يا أمّاه فداك ولدك! فقالت: مرحباً بك يا نور عيني، يا ثمرة فؤادي.

ولدي علي، اُريد منك أن تتقدّم أمامي وتتخطّى في هذه الخيمة لأتنوّر من النظر إلى قوامك الشبيه بقوام جدّك المصطفى. فقام بين يديها يتخطّى في تلك الخيمة وهي تنظر إليه.

(نصاري)

گام اگبالها ينگل اجدامه

وهي اتعاين لعد نصّت الگامه

يبعد أهلي تگله بالسلامه

عسن دايم يروحي أولبة احشاي

فرجع علي الأكبر وجعل يُقاتل الأعداء حتّى قتل تمام المئتين.

قال حميد بن مسلم: كنت واقفاً وبجنبي مرّة بن منقذ التميمي(1) ، وعلي بن الحسين يشدّ على القوم يمنة ويسرة فيهزمهم، فقال مرّة: عليّ آثام العرب إن مرّ

____________________

(1) مرّة بن منقذ التميمي بن النعمان العبدي، اشترك في حرب الجمل مع الإمام علي (عليه السّلام) وكانت معه راية أهل الكوفة، خرج مع جيش عمر بن سعد لقتال الإمام (عليه السّلام)، وقام بطعن علي الأكبر فصرعه. طلبه المختار بعد خروجه في الكوفة سنة 66 هـ، فأرسل إليه جماعة مع عبد الله بن كامل فخرج إليهم وقاتلهم، واجتمع عليه أصحاب ابن كامل فقتلوه.

ورد لعنه في الزيارة:« حكم الله لك على قاتلك مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي لعنه الله وأخزاه ». الإقبال / 49، مثير الأحزان / 69، تاريخ الطبري 3 / 48 و 331، مقتل الحسين - لأبي مخنف / 164.

١٥١

بي هذا الغلام ولم أثكل به أباه.

ومرّ بنا علي الأكبر وهو يطرد كتيبة أمامه، فطعنه برمحه فانقلب على قربوس سرج فرسه واعتنق الفرس، فحمله الفرس إلى مخيّم الأعداء، ومن كثرة الدماء الّتي سالت على عيني الفرس أضاع الطريق فحمل علياً الأكبر إلى معسكر الأعداء، فاحتوشوه وقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً(2) .

ولمـّا بلغت روحه التراقي نادى: أبه عليك منّي السلام، هذا جدّي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً(3) .

قالت سكينة: لمـّا سمع أبي صوت علي أخذ تارة يقوم واُخرى يجلس وهو يقول:« وا ولداه! » . ثمّ انحدر إليه الحسين (عليه السّلام) ومعه أهل بيته حتّى وقف عليه، رآه مقطّعاً بالسيوف إرباً إرباً، فقال:« قتل الله قوماً قتلوك يا بني! ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول! » .

ثمّ استهلت عيناه بالدمع وقال:« ولدي علي، على الدنيا بعد العفا! أمّا أنت فقد استرحت من همّ الدنيا وغمّها وبقي أبوك لهمّها وكربها » .

(دكسن)

يبويه من عدل راسك ورجليك

أو من غمّض اعيونك واسبل ايديك

ينور العين كل سيف الوصل ليك

گطع گلبي أو لعند احشاي سدّر

____________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 115، الفتوح: 5 / 130، الكامل في التاريخ 4 / 74.

(2) اللهوف / 49، مقاتل الطالبيِّين / 116.

١٥٢

يبويه من سمع يمك ونينك

وعند الموت من غمّضت عينك

للعشرين ما وصلن اسنينك

أو حاتفني عليك الدهر الگشر

عندها خرجت من الخيمة امرأة وهي تنادي: وا حبيباه! وابن أخاه! فسألوا عنها فقيل لهم: هي عمّته زينب(1) ، جاءت إلى علي الأكبر تقلّبه يميناً ويساراً.

شاهد منه الحسين (عليه السّلام) شيئاً عجيباً يلفت النظر؛ رآه بين التبسم والبكاء، فسأله عن ذلك قائلاً:« بُني، أراك بين حالتين؛ بين فرح وحزن، فما هو الباعث يا نور عيني يا ولدي؟! » .

فقال له: يا أبتاه، أمّا تبسّمي فإنّي إذا نظرت إلى هذه الجهة أرى جدّي رسول الله وبيده الكأس الذي وعدتني به؛ وأمّا بكائي فإنّي إذا نظرت إلى هذه الجهة أرى جدّتي الزهراء جالسة إلى جنبي تنظر إلى جراحاتي ثمّ تنظر في وجهك، فكلّما رأت دموعك جارية لطمت وجهها. ثمّ شهق شهقة عميقة وخرجت روحه الطاهرة.

(دكسن)

يبويه اشلون ما تبچي الزچيه

وگطع يبني الدهر وصلك عليه

يبويه جدّك وجدتك هيه

اعتنوا لي يعزّوني على فگدك

____________________

(1) بحار الأنوار 45 / 43 - 44 مع اختلاف يسير، تاريخ الطبري 7 / 358، الكامل في التاريخ 3 / 293، اللهوف / 39، مقاتل الطالبيِّين / 115.

١٥٣

(أبو ذيّه)

شافه والنبل شابچ علي راح

هوه فوگه أو صفج راح على راح

صاح ابصوت يا زينب علي راح

يخويه اظلمـّت الدنيه عليه

(تخميس)

أفاطم لو خلتِ الحسين مجدّلاً

وقد ماتَ عطشاناً بشطِّ فراتِ

إذن للطمتِ الخدَّ فاطمُ عنده

وأجريتِ دمعَ العينِ في الوجناتِ

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم. إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا آل بيت محمّد أيّ منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين.

نسألك اللّهمّ وندعوك باسمك العظيم الأعظم، الأعزّ الأجل الأكرم، يا محمود بحقّ محمّد، يا عالي بحقّ علي، يا فاطر السماوات والأرض بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن، يا قديم لإحسان بحقّ الحسين (عليه السّلام) عجّل فرج وليك الحجّة المنتظر المهدي (عجّل الله فرجه)، وأنجز له ما وعدته، واجعلنا من جنده وأنصاره والمستشهدين بين يديه.

الإخوة الحاضرون تقبّل اللّهمّ عملهم

١٥٤

بأحسن القبول، اقضِ حوائجهم بحقّ محمّد وآل محمّد، اجعل قلوبهم وديارهم عامرة بذكر محمّد وآل محمّد، ارزقهم شفاعة محمّد وآل محمّد، اغفر لهم بحقّ محمّد وآل محمّد، واحشرهم مع محمّد وآل محمّد.

أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

الفاتحة لاستجابة الدعاء قبلها الصلاة على محمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله).

١٥٥

١٥٦

المجلس التاسع

1 - القصيدة: شهد الطغاة بعمّه.

2 - الموضوع: القاسم بن الحسن (عليه السّلام).

3 - الترجمة: رملة.

القاسم.

عمر بن سعد الأزدي.

4 - المصيبة: شهادة القاسم.

١٥٧

١٥٨

عظّم الله أجوركم يا بقيّة الله، يا صاحب العصر والزمان، بمصابكم بجدّكم أبي عبد الله الحسين وآل بيته وأصحابه.

صلّى الله عليك يا سيدي ومولاي يا رسول الله، صلّى الله عليك وعلى آلك المظلومين، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

صلّى الله عليك يا سيدي ومولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا صريع الدمعة الساكبة، ويا عبرة كلّ مؤمن ومؤمنة، روحي وأرواح شيعتك لك الفدا يا شهيد كربلا، ويا قتيل العدا، ومسلوب العمامة والردا. ما خاب مَنْ تمسّك بكم، وأمن مَنْ لجأ إليكم، يا ليتنا كنّا معكم سادتي فنفوز والله فوزاً عظيماً.

شهدَ الطغاةَ بعمّهِ قد أحدقوا

مثل النواهسِ(1) كلّهم لقطاءُ (2)

وسيوفَهم مشهورةً من حوله

وعلى السيوفِ نذالةٌ وعداءُ

فتحرّكت روحُ الإباءِ كأنّها

في جانحيهِ عواصفٌ هوجاءُ (3)

واستلَّ سيفاً صارماً بيمينهِ

فيهِ لأوجاعِ الرؤوسِ دواءُ

____________________

(1) النهس: هو العض على الشيء وأخذه بمقدّم الأسنان.

(2) لقطاء: المنبوذون والمتروكون.

(3) الهوجاء: الّتي تقلع البيوت من شدّتها.

١٥٩

وبسيفهِ فلقَ الرؤوسَ فلم يجد

إلاّ الفراغَ وكلّها جوفاءُ

فتكاثروا والخوفُ هزّ قلوبَهم

وأتتهُ منهم ضربةٌ نكراءُ

صرخَ الفتى متألّماً مستنجداً

عمّاه قد ذبحتني الأعداءُ

هبَّ الحسينُ إلى الغلامِ كأنّهُ

بركانُ نارٍ عجَّ فيهِ فضاءُ

فبرى ذراعَ المعتدي في ضربةٍ

هي والجحيمُ على الخبيثِ سواءُ

ثمّ انحنى فوقَ الفتى ودموعُهُ

تجري وقد ذابت بهِ الأحشاءُ

ناداه يابنَ أخي وفلذةَ مُهجتي

لكَ نورُ عيني والفؤادُ فداءُ

ويعزُّ يابنَ أخي عليّ بأنْ أرى

فيكَ المصابَ ولا يُجابُ نداءُ

بُعداً لمـَنْ جاروا عليكَ وخصمُهم

يومَ القيامةِ اُمّكَ الزهراءُ

(أبو ذيّة)

گلب احسين على القاسم محنه

يعمّي ابموتتك زادت محنه

شاله احسين وبدمّه محنه

آه شلون حال أمه الزچيه

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العي العظيم.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ( وَلاَ تَقُولُوا لمـَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ ) (1) .

____________________

(1) سورة البقرة / 154.

١٦٠