كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)17%

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: دار العلوم
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 330

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 330 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 221465 / تحميل: 7106
الحجم الحجم الحجم
كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: دار العلوم
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

كلمةالإمامالحسينعليه‌السلام

١

٢

كلمة الإمام الحسينعليه‌السلام

السيد حسن الشيرازي (قدّس سرّه)

دار العلوم

بيروت - لبنان

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

٤

مقدمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد كلّه لله، والشكر له دائماً وأبداً، والصلاة والسلام على سيّد البشر، ورسول الإنسانية محمّد وعلى آله الأطهار الأبرار، واللعنة على أعدائهم الأشرار، من عهد آدمعليه‌السلام وإلى اليوم الذي تُكشف فيه الأسرار.

وبعد، السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى إخوة الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى كلّ مَنْ سار مسيرة الحسين، وانتهج نهجه، صادقاً في فعله، موقناً بربّه، ولا يشرك بربّه أحداً.

واللعنة الدائمة على كلّ مَنْ شارك، أو شايع، أو بايع، أو رضي بقتل الإمام الحسينعليه‌السلام من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدين.

٥

(١)

الكلمة

كلمة الإمام الحسينعليه‌السلام كشخصيتهعليه‌السلام متميّزة وفريدة، وشخصية الإمام الحسين هي امتداد لشخصية أبيه وجدّهعليهم‌السلام .

وكلماته امتداد لتلك الكلمات النورانية التي كانت تخرج من بين ثنايا الحبيب المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأمير عليعليه‌السلام أمير المؤمنين، وسلطان البلاغة والفصاحة والبيان.

وعندما ينطق الإمام الحسينعليه‌السلام تخال أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ينثر دُرراً وحكماً، وتحسب أنّ الأميرعليه‌السلام يبهر ببلاغته وفصاحته كلّما تقع الكلمات على سمعك.

ولا غرو في ذلك؛ فالإمام الحسينعليه‌السلام هو من تلك الشجرة المباركة الطيّبة، وشعاع من تلك الأنوار اللامعة في دنيا الإنسانية، فصار بكلّ ما فيه شخصاً وقوّةً، ونهجاً وقيمة إنسانية عظمى، وفضيلة من فضائل الدين الإسلامي الحنيف الذي يباهى به الدنيا، ولا أحد يستطيع أن يعترض.

فالكلمة ترجمان الضمير، ورسالة العقل، وخفقة القلب، وحركة اللسان. والإمام الحسينعليه‌السلام هو ضمير هذه الاُمّة الخالد، ووجدانها الحي، ويقظتها وثورتها التي لا تهادن الطغاة والجبّارين، بل وترفض حياة الذلّ والهوان، وتعمل بنهجه من أجل حياة كلّها كرامة وعزّة وإباء.

فأصبح الإمام الحسينعليه‌السلام كلمة من الكلمات المهمّة التي ترسّخت في أذهان هذه الاُمّة؛ ولذلك صارت كلماته شعارات لها في كلّ المجالات سلماً وحرباً، ثقافة وعبادة.

وفي هذا العصر العصيب على هذه الاُمّة المرحومة، لو عملت بكلمة واحدة من كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام لما تسلّط عليها أحد من هؤلاء الأعداء؛ سواء

٦

في الداخل من حكّام ظالمين وتابعين لدوائر الاستكبار العالمي، أو في الخارج من أنواع المستعمرين وأشكالهم المعروفة وغير المعروفة، وهمّهم جميعاً سلخنا عن هويتنا الإسلاميّة، وإذاقتنا شتى أنواع الذلّ والهوان.

وشعار الإمام الحسينعليه‌السلام يقول: «هيهات منّا الذلّة؛ يأبى الله لنا ذلك، ورسوله والمؤمنون». فلو عملت الاُمّة بهذه الكلمة فقط لصار كلّ مَنْ ذكرنا في خبر كان.

والإمام الحسينعليه‌السلام هو منبثق من النور الأول انبثاق النور من النور، وعقله هو العقل الكامل في بني البشر؛ لأنّه الإمام المعصوم المسدّد من الله تعالى في جميع أفعاله وأقواله وتقريراته دون شك؛ فالعقل هو نور إلهي بذاته، وهو يكشف للإنسان مجاهل الطريق، ويرشده إلى الصحيح من السقيم، والحقّ من الباطل.

ألم يكن الإمام الحسينعليه‌السلام بشخصه وثورته واستشهاده كالعقل الذي أوضح الحقّ من الباطل، والظلمة من النور، والهدى من العمى لكلّ مَنْ يريد الحقّ لوجه الحقّ تعالى من هذه الاُمّة؟

فكان الإمام الحسينعليه‌السلام العقل الهادي من الضلال، وكلماته النورانية بقيت رسالة خالدة للأجيال المتعاقبة؛ لتثير العقول وتفتحها إلى النور، ولا تتركها غارقة في بحر الظلمات والديجور، وهذه بحدّ ذاتها رسالة السماء إلى الأرض.

والإمام الحسينعليه‌السلام هو القلب الكبير الذي استوعب هموم ومآسي الاُمّة الإسلاميّة من أقصاها إلى أقصاها، وحاول إصلاح أحوالها، وعندما استصعب عليه فداها، وفدى رسالتها الإسلاميّة بكلّ ما يملك من أبناء وأخوة، وأهل وأقرباء، وأحباب وأصحاب، وبالتالي قدّم نفسه الشريفة إلى سيوفها القاطعة ورماحها النافذة، ولكن ليبقى جرح الإمام الحسينعليه‌السلام في كلّ القلوب المؤمنة نافذ ونازف، أي ليتحوّل الإمام الحسينعليه‌السلام إلى قلب نابض بالحياة، يضخ الدم النقي الصافي في عروق الإسلام الحنيف، وشرايين الاُمّة التي قطعت شرايينه (روحي وأرواح العالمين له الفداء).

٧

وما صرخاته المدوّية، أو نداءاته الثورية، أو استغاثته الحزينة إلاّ لإيقاظ القلوب وتجلوها من الرين الذي يتراكم عليها عبر الأيام والآثام.

فكلمات الإمام الحسينعليه‌السلام ونداءاته: «أما من مغيث يغيثنا؟» و «أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟» و «أما من ناصر؟ أما من معين؟»، وغيرها هي كشرارة كهربائية تجبر القلوب على الخفقان، والعيون على الجريان بدموع حارّة وسخيّة على ذاك المصاب الإدّ الذي اُصيب به الإمام أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام على تراب الطفّ.

فـ (كلمة الإمام الحسينعليه‌السلام ) هي ضرورة حضارية لهذه الاُمّة، وخاصّة في هذه الظروف المختلفة التي جعلت من الاُمّة أذلّ أمم الأرض قاطبة - والعياذ بالله - رغم كثرتها، واتّساع رقعتها، وغناها في ثرواتها، إلاّ إنّها غثاء كغثاء السيل، لا أحد يحسب لها حساباً، ولا يرعى لها إلاً ولا ذمّة.

نعم، نقرأ في التقارير والكتب المترجمة عن حساباتهم الحذر إذا فاقت، أو استيقظت هذه الاُمّة، ويعملون كلّ ما بوسعهم للحيلولة دون ذلك؛ لأنّها جبّارة بكلّ ما تعني هذه الكلمة، ومرعبة لهم في يقظتها.

وسرّ يقظتها وشفاء سقمها هو في كتابها المنزل، ودستورها الخالد، القرآن الكريم، وبشقيه (الصامت والناطق)، ولا يمكن للأمّة أن تستيقظ من سكرتها، أو تشفى من نعاسها إلاّ بعودتها إلى حظيرة القدس الإلهية.

هذه هي كلمة الإمام الحسينعليه‌السلام باختصار شديد، وهي وبهذا الشكل مجموعة في هذا الكتاب القيّم الذي يشكّل جزءاً من الموسوعة الشيرازية (الكلمة) لسماحة السيّد الشهيد حسن الشيرازيرحمه‌الله ، شهيد الكلمة والمبدأ.

وبكلمة نقول: إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام هو كلمة ربّانية، وكلماته إصلاحية ومسؤولة ونورانية.

٨

(٢)

جامع الكلمة

جامع هذه الكلمة (كلمة الإمام الحسينعليه‌السلام ) وبقية الكلمات، هو سماحة السيّد الشهيد حسن الشيرازيرحمه‌الله . ذاك الشهيد السعيد الذي قضى نحبه على تراب لبنان فداءاً لأهل البيتعليهم‌السلام والقرآن، وهو بالحقيقة والواقع كان من تلك السلسلة الحمراء المباركة من الدماء الزكية، التي مازالت تحافظ على رسالات السماء إلى الأرض من الخالق إلى الخلق.

واعتباراً من الشهيد الأول للحقّ (ابن آدم) الذي قتله أخوه الغوي، وإلى حمزة، جعفر، وفاطمة، وعلي، والحسنعليهم‌السلام ، إلى أن يصل الركب إلى كربلاء، فكان العطاء أكثر، والدماء أغزر، والبلاء أشدّ وأعظم وأوسع؛ حيث قضى سيّد الشهداء، وسيّد شباب أهل الجنّة، الإمام الحسينعليه‌السلام على تراب كربلاء شهيداً وشاهداً.

ومنذ ذلك العصر - ٦١ هـ - وإلى اليوم تمثّل كربلاء (ثورة الحقّ)، و (نداء الضمير، وتطلّع الإنسانية إلى النور، وشوكة في العيون، وشجى في الحلوق)، ولكلّ من هؤلاء أهله.

فهي بالنسبة للمؤمنين والمصلحين (ثورة الحقّ) بما تمثّله من قيم ومبادئ إسلامية رائعة، وبما يمثّله الإمام الحسينعليه‌السلام من إمام وقدوة ولهذه الاُمّة.

وهي (نداء الضمير الإنساني) بما تحمله للإنسان من مبادئ وقيم عالية، والتي جعلت المصلحين والقادة في العالم أجمع يقفون بخشوع وخضوع أمام عظمة مبادئ وأخلاق الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ فأصبح جامعة ومعهداً عالمياً للدراسات

٩

الأخلاقية، والقيم الثورية، والمبادئ النضالية، وقبلة الأحرار في الدنيا.

ومن هذا المنطلق أصبحت كربلاء (شوكة في العيون) الخبيثة أو الشوهاء التي تتطلّع إلى الاُمّة على أنّها بقرة حلوب لا تريد منها إلاّ لبنها، وربّما لحومها ولحوم أبنائها لتقتات عليه. فكربلاء كانت دائماً الشوكة التي تؤرّق تلك العيون ولا تجعلها تنام هانئة.

وكذلك هي (شجى في الحلوق) للطغاة والجبابرة الذين أرادوا أن يأكلوا أموال وحقوق الاُمّة، فكانت تمنعهم من ذلك برجالاتها وثوراتها المتلاحقة، فكم هوجمت، وكم اُحرقت، وكم قُطعت وتُهدمت حتّى أنّ حاكماً من حكّام بني العباس حرثها وزرعها، ودار عليها الماء من الفرات، فحار الماء حول قبر الإمام الحسينعليه‌السلام ولم تضرّ به، ومن ذلكم الوقت سُمّي بـ (الحائر الحسيني). فأرادوا كيداً فجعلناهم المكيدون، وخسر هنالك المبطلون.

ومن تلك الرحاب الثائرة الطاهرة، والجنّات المقدّسة، من كربلاء الإمام الحسينعليه‌السلام خرج الشهيد السعيد السيّد حسن الشيرازي (قدّس سرّه)، وفيها درج ونما، وفي مدارسها وحوزاتها تعلّم وتهذّب، فبان نبوغه وعبقريته منذ نعومة أظفاره وطفولته، إلاّ إنّ ولادة السيّد حسن كانت في جنبات جدّه أمير المؤمنينعليه‌السلام في النجف الأشرف، وهاجر مع أسرته العملاقة في مطلع حياته إلى كربلاء المقدّسة حيث العناء والتعب.

فكبر السيّد الشهيد في كربلاء في الجسم والعلم، وكبر معه الأمل والحلم، فراح يحارب الظلم والظالمين بالكلمة والموقف؛ شعراً، ونثراً، وخطاباً.

فحارب الاستعمار بكلّ أنواعه وأشكاله، وحارب الحكّام الظالمين، والفساد في البلاد الإسلاميّة عامّة، وفي العراق خاصّة؛ فسجنه حكّام العراق، وأجروا عليه عشرات الأنواع من العذاب، بحيث

١٠

إنّ والدته لم تعرفه حين ذهبت لكي تراه في السجن، ووقعت مغشياً عليها حين قال لها: أنا ولدك حسن.

ورغم ذلك لم يستطيعوا شراء قلمه وضميره، وحتّى ضمان سكوته على ظلمهم ومخازيهم، فتركهم وهاجر هجرة الرساليين إلى أرض لبنان المقاوم، وراح ينشط ويعمل في كلّ اتّجاه؛ لأجل إعلاء كلمة الله، ورفع راية أهل البيتعليهم‌السلام في كلّ مكان حلّ فيه، فكان نموذجاً للمؤمن الحقّ، وللشيعي الذي تفتخر به وبأمثاله الطائفة.

وحديث الشهيد عن الشهيد أمر رائع؛ لأنّ الكلمات تكون صادقة وخارجة من القلب المتلهّف إلى الشهادة، وتحسّ بالشوق المفعم الذي ينطوي عليه المتحدّث عن الشهادة ومعناها، أو الشهيد ومغزاه، وأعظم الشهداء هم شهداء الحقّ والفضيلة الإلهية.

وليت سماحة السيّد الشهيد حسن الشيرازيرحمه‌الله قدم لنا بكلمته هذه (كلمة الإمام الحسينعليه‌السلام )؛ لأنّها ولا شك ستكون آية في الجمال والكمال، وهو كان يعمل لذلك، إلاّ إنّهم أبوا له ذلك، فعليهم ما على الظالمين من الإثم والعذاب، وله ما للشهداء من الرحمة والرضوان، والخلود والجنان.

١١

(٣)

صاحب الكلمة

فرع أصيل من فروع الشجرة المحمديّة المباركة، الثابتة الأصل، والضاربة الجذور حتّى عمق الزمن الرسالي إلى أن تصل إلى أبي الأنبياء، وبطل التوحيد خليل الرحمن إبراهيمعليه‌السلام ، هذا في تفسير أهل البيتعليهم‌السلام للشجرة المباركة في القرآن الكريم (وفي أبياتهم نزل الكتاب )، وأهل البيت أدرى بالذي فيه.

والإمام الحسينعليه‌السلام نور وضّاء مشعّ من الأنوار الإلهية التي وصفها الباري تعالى في سورة النور، وضربهم مثلاً لنوره الأبدي والأزل، من شعاعه النوراني تتابع الأئمّة الكرام فكانوا (نوراً على نور)، أي إماماً بعد إمام؛ لتقوم الأرض بوجوده الشريف، وتستمر الحياة الدنيا ببركات أهل البيتعليهم‌السلام ، فـ «لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها»(١) كما في الحديث.

والإمام الحسينعليه‌السلام هو الصنو العزيز والأخ الحبيب للإمام الحسن الزكيعليه‌السلام ، فهما من أصل واحد، وتربيا برعاية كريمة لجدّهما الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتحت عينيه الشريفتين، حيث كان يرعاهما ويراقبهما بكلّ اهتمام وإعظام، ويلاعبهما بكلّ عطف وحنان، وكأنّه يقرأ في أعينهما المستقبل المشرق للرسالة، والمفجع للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيضحك لحظة ويبكي لحظات، وفي بعض الأحيان تلاحظ أمّهما الزهراءعليها‌السلام ذلك من أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتسأله: «لماذا تبكي يا أبي؟».

____________________

(١) راجع بحار الأنوار ٢٣ / ٥، ب١، ح١٠، وص٢٤، ب١، ح٣٠، و٥١ / ١١٢، ب٢، ح٨.

١٢

فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لما سيحلّ بأبنائك يا بُنيّتي من قتل وظلم وتشريد».

وتسألهعليها‌السلام متعجّبة: «ممّن يكون ذلك وأنت جدّهما؟».

فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله تفجعاً: «تقتلهم هذه الاُمّة، وتشرّدهم وتلاحقهم تحت كلّ شجر ومدر».

فتبكيعليها‌السلام وتقول ناحبة: «فإلى الله المشتكى، وعليه المعوّل في الشدّة والرخاء، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب سينقلبون».

فالإمام الحسينعليه‌السلام هو خامس أصحاب الكساء، وأوّل داخل إلى حضن جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله بحديث الكساء المشهور، وهو خامس خمسة أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً بآية سورة الأحزاب:( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) .

وهناك آيات كثيرة وردت في شأن الإمام الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام يمكن معرفتها بالرجوع إلى التفاسير؛ فهوعليه‌السلام نفر كريم من الجماعة التي اختارهم الله ورسول الإنسانيةصلى‌الله‌عليه‌وآله من أجل مباهلة نصارى نجران، وهو مازال طفلاً صغيراً، وعندما رأى كبير النصارى - وكان واعياً على ما يبدو - ونظر في وجوه هؤلاء الكرام ارتعدت فرائصه، وسأل مَنْ حوله من الأعراب، هل هم خاصّته وحامّته؟

فقيل له: نعم، هذه ابنته وبعلها وابناهما.

فقال لمَنْ حوله من النصارى: لا تباهلوهم؛ فإنّي أرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله، وإن باهلتموهم سيفنى دين المسيح عن وجه الأرض.

وهذه لفتات فقط، إلاّ إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام بحر لا ينضب من الفضائل.

____________________

(١) سورة الأحزاب / ٣٣.

١٣

الولادة المباركة

هناك في عمق الزمن السحيق، وفي أعالي بحره المتلاطم الأمواج والأيام، حيث كانت تتعانق السماء مع الأرض، وتتطلّع الملائكة إلى صفحات الوجود وكأنّها تترقّب بزوغ نجم جديد ينير الكون، ويزيده بهجة وجمالاً.

هناك في مدينة الرسالة الإسلاميّة الفتيّة، وحيث كانت تلك المدينة شعلة من نور تحاول إضاءة حالك الليل الذي يعمّ جزيرة العرب والعالم أجمع، وبدت كأنّها خليّة نحل نشطة لا تكلّ ولا تملّ، تدأب في جني الرحيق، وتنقله بأمانة لصنع العسل (وفي العسل شفاء للناس)، وفي الرسالة حياة لبني البشر، وشفاء لهم كلّهم.

وكان النجم اللامع والنور الساطع الذي ينشر نوره على الربوع، ويغزر فيضه كالينبوع، فلا تكاد تسمع في المدينة المنوّرة حديثاً إلاّ بما قاله الرسول الأعظم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أو ما فعله، أو أمر بفعله، أو نهى عنه، حتّى اليهود والنصارى والأعراب لا حديث لهم إلاّ الرسالة الجديدة والرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله يقود ويوجّه، ويعلّم ويهدي، ويصنع ويبني مجتمع المدينة المنوّرة؛ لتكون نواة الدولة الإسلاميّة المرتقبة، وعاصمة الرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الأولى، فتطلع إليها العيون، وتهفو لها القلوب والأرواح الطاهرة.

وفي السنة الثالثة أو الرابعة للهجرة المباركة بينما كان القائد العظيم في محفل من أصحابه والأعراب، يتلو ويفسّر ويوضّح بعض آيات القرآن الكريم، وفي الثالث من شهره، شهر شعبان الذي كان يدأب في صيامه وقيامه، وحيث كان صائماً؛ لأنّ لشهر شعبان خصوصية عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبينما هو كذلك يأتي إليه بشير يبشّره بمولود جديد له من ابنته الوحيدة والغالية، زهراء الدنيا والآخرةعليها‌السلام .

١٤

فنظرصلى‌الله‌عليه‌وآله في العمق الزماني والمكاني، وكأن عينيه الوضاءتين تقرءان حوادث التاريخ، وتنظران إلى عمق المستقبل، أو إنّه كان ينصت إلى الروح الأمين جبرائيلعليه‌السلام وهو يبلّغه حوادث عظيمة ستقع على هذا المولود الاستثنائي.

واغرورقت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالدمع، وارتسمت على شفاهه ابتسامة مشوبة بحزن عميق، عميق جدّاً، فذهل الجميع من هذا الذي رأوه من قائدهم، فمنهم مَنْ استبشر، ومنهم مَنْ فهم شطراً من المسألة فاغتم.

وربّما تفكّر الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في وقت الولادة؛ لأنّ الزهراءعليها‌السلام في الشهر السادس من الحمل فقط. نعم، وهكذا ولد يحيى الهديّة الكريمة لنبي الله زكريّاعليه‌السلام ، وبروايات أن هكذا ولد عيسى المسيحعليه‌السلام بستة أشهر، إلاّ إنّ الأرجح كان حملة تسع ساعات فقط.

فهل يمكن الله يعيش وليداً ابن ستة أشهر فقط؟ نعم، بأمر الله وقدرته.

هكذا ولد الإمام الحسينعليه‌السلام لستة أشهر فقط، وبعد حوالي السنة من ولادة صنوه الأكبر الإمام الحسن السبطعليه‌السلام .

وذهب الجدّ العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى داره الفضلى ن والذي كان يسكنها الأمير علي وسيّدة نساء العالمين فاطمةعليهما‌السلام فرأى الجمع المبارك بما فيهم الأمير ينتظره، ويتطلّع إلى مقدمه الشريف.

وما إن وصل حتّى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اعطوني ولدي». فأعطوه ذاك الوليد المبارك، فتناوله (باسم الله)، فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وأعاذه من الشيطان الرجيم، والتفت إلى الأميرعليه‌السلام قائلاً: «ما أسميته يا أبا الحسن؟».

فقال الأميرعليه‌السلام : «ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله، فسمّه».

١٥

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما كنت لأسبق ربّي بذلك».

وإذا بالروح الأمين جبرائيلعليه‌السلام قد هبط بجمع من الملائكة مهنّئين مباركين للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيته الكرام بهذا المولود المبارك، وقال مخاطباً الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : السلام يُقرئك السلام ويقول لك: سمِّ هذا المولود باسم ولد هارون الثاني.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «وما اسم ولد أخي هارون يا جبرائيل؟».

فقالعليه‌السلام : شبير.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ لساني عربي مبين يا جبرائيل».

فقالعليه‌السلام : سمّه إذاً الحسين.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نعم، إنّ هذا ولدي اسمه الحسين، رضيت بما رضي لي ربّي».

وتباشر القوم بالحسينعليه‌السلام وتباركوا، وراح الملائكة يصعدون وينزلون إلى ذاك البيت الطاهر، وإذا بالملاك (فطرس) الذي غضب عليه الرحمن في قصّة مفصّلة، فكسر جناحه ورمى به في مكان ما من ملكه العظيم، وعندما رأى فطرس أفواج الملائكة بهذه الكثافة والحركة الدائبة صعوداً ونزولاً سأل جبرائيلعليه‌السلام قائلاً: ما بالكم يا جبرائيل، هل حدث حدث بأهل الأرض، أم قامت القيامة؟

فقال له: يا فطرس، بل ولد مولود إلى النبي الخاتم محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ننزل لكي نبارك له ولده.

فقال: فطرس، خذني معك؛ لعل الله سبحانه ببركة هذا المولود أن يغفر لي، وبشفاعة جدّه ينقذني من هذا الذي أنا فيه.

فأخذه معه إلى الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وحكى له قصّته، وسبب

١٦

كسر جناحه، فأشار إليه لكي يتمسّح بمهد الإمام الحسينعليه‌السلام ، ففعل فطرس ما أشار به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فشفي ببركة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وعاد إليه جناحه فطار فرحاً مسروراً مع ملائكة الرحمن، وكان يفتخر ويقول: مَنْ مثلي وأنا عتيق الحسينعليه‌السلام .

وكانت هذه أوّل فضيلة للإمام الحسينعليه‌السلام ، وشارك فيها عيسى المسيحعليه‌السلام حيث إنّه كان يشفي المرضى بمجرد التمسّح بمهده المبارك أو يده الشريفة، وهكذا كان الإمام الحسينعليه‌السلام إلاّ إنّه شفى وشفع لملاك مهيض الجناح، وليس لبشري مريض الجسد.

فاجتمع للإمام الحسينعليه‌السلام من الفضل والفضائل ما لم يجتمع لأحد من العالمين أبداً.

فأبوه: أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

واُمّه: سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراءعليها‌السلام .

وأخوه: الإمام الحسن السبط الزكيعليه‌السلام .

وجدّه لأمّه: الرسول المصطفى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولأبيه: عبد مناف أبو طالب شيخ الأباطحعليه‌السلام .

وجدّته لأمّه: أمّ المؤمنين الأولى السيدة العظيمة خديجة بنت خويلدعليها‌السلام .

ولأبيه: السيّدة العظيمة فاطمة بنت أسدعليها‌السلام .

أمّا ولده فعلي الأكبر الشهيد الأول من الهاشميين، وعلي الأصغرعليه‌السلام ، والإمام زين العابدين وسيّد الساجدين، الأصل الذي تتّصل فيه الإمامة الإلهية، وتنتقل في عقبه الوصية للرسالة الخاتمة حتّى الإمام الحجّة المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف).

فمَنْ كالحسينعليه‌السلام ؟

١٧

فالإمام الحسن وجبرائيل ناغياه، والرسول المصطفى وفاطمة الزهراء غذّياه، وأمير المؤمنين علّمه وربّاه، وربّ العالمين طهّره وزكّاه.

الإمام والعصر والخلفاء

عاش الإمام الحسينعليه‌السلام سبعاً وخمسين سنة، قضاها في طاعة الله وعبادته (لم يعص لله طرفة عين)؛ لأنّه الإمام المعصوم، والمفترض الطاعة بعد أخيه الإمام الحسن الزكيعليه‌السلام ، وطاعة جدّه العظيم المصطفى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبيه المرتضى الإمام عليعليه‌السلام .

وعاصر الإمام الحسينعليه‌السلام مختلف أنواع الحكّام في الدولة الإسلاميّة وخلفائها، من أعظم وأعدل خلق الله وأطيبهم، إلى أظلم وأخبث الناس أبداً.

وما بين ذلك عاصر مختلف التيّارات التي عصفت في الدولة الإسلاميّة، وتقاذفتها يميناً وشمالاً. من (فلتة) إلى (تعيين) ومن (شورى محددة) إلى فتن متلاحقة حتّى انتهت إلى ملك عضوض، وراح يعضّ وينهش في جسد الاُمّة، وأجساد الأفراد فيها على أيدي أمويّة خبيثة ليس لها من الدين شيء، لا اسم ولا رسم حتّى.

فعاش الإمام الحسينعليه‌السلام ستة سنوات في ظلال وارفة لجدّه المصطفى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خير خلق الله، وأعدل البشر قاطبة، وهو القائد الأعلى، والحاكم العام للدولة الإسلاميّة التي كانت عاصمتها المدينة المنوّرة ن وهي في أوج عهدها، وأعظم تألّق لنجمها، وأكبر انتشار لنورها؛ وذلك بسبب الوجود المبارك للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

والإمام الحسينعليه‌السلام في تلك الفترة الحساسة من عمره الشريف (السنوات الأولى) أحاطته الرعاية من كلّ جانب، حتّى بان فضله وتألّق نجمه في سماء المدينة المنوّرة.

فرعاية الله تحفظه، وملائكة من أعظم ملائكة الرحمن ترعاه، كيفما توجهعليه‌السلام وأينما تحرّك.

١٨

وتعزّزها رعاية ومحبّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى إنّه في اللحظات الأولى لولادته المباركة ألقمه لسانه الشريف يمتص منه لبناً سائغاً، وعسلاً مصفّى يغتذي به، فنبت لحم الإمام الحسينعليه‌السلام ونما جسده واشتدّ عظمه من الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا من معاني قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «حسينٌ منّي وأنا من حسين، أحبّ الله مَنْ أحبّ حسيناً»( ١ ) . وفلسفة هذا الحديث عميقة، ومعانيه واسعة، وليس هنا مجال البحث المعمّق فيه.

فأوّل حاكم عاصره الإمام الحسينعليه‌السلام لدولة الإسلام الحنيف، هو الحاكم الأوّل والأعدل في دنيا الإنسانية كلّها جدّه المعظم الذي كان مؤسس وموجّه وقائد تلك الدولة الفتيّة في ربوع المدينة المنوّرة.

وعاش في بدايات عمره الشريف ألم فراق الأمّ الحنونة، والجدّ العطوف، وذلك خلال أشهر قليلة، وما أعظمها من مصيبة على قلب ذاك الفتى النوراني الذي فتح عينيه في صباح ذاك اليوم ليرى المدينة كلّها تضجّ وتعجّ، والناس بين باك وصارخ ومعول، ويدخل إلى جدّه الذي اعتاد على الاصطباح بوجهه الشريف وقبلاته الحارة يراه مسجّى ولا حراك فيه، واُمّه وأبوه والهاشميون بأشدّ البكاء والنحيب على فراق الحبيب المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ ليعيش بعدها بليلة واحدة ويوم واحد في دولة جديدة وحاكم جديد، وذلك بعد الانقلاب الذي أحدثوه على أبيه أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وما يزال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على فراشه لم يدفن بعد.

وحُمل مع أخيه الزكيعليهما‌السلام من قبل أبيه وأمّهعليهما‌السلام ، وداروا على المهاجرين والأنصار في محاولة لإحقاق الحقّ، وتصحيح العمل الذي اقترفوه بإبعاد أهل البيت الكرامعليهم‌السلام عن قيادة الاُمّة الإسلاميّة، وتولّى غيرهم

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٣ / ٢٧٠، ب١٢، ح٣٥.

١٩

الاُمور وهم أحقّ أهل الأرض بذلك المقام الذي خصّصه الله ورسوله لهم، وليس لأحد غيرهم أبداً.

ويرى الهجوم الكاسح الذي قادوه على دارهم، ويسمع التهديدات بإحراق المنزل وهم فيه، ومحاججة اُمّه الطيّبة للقوم، ويشاهد بأمّ عينيه عملية الاقتحام الغبية والعنيفة للمنزل، والتي أدّت بحياة أمّه الزهراءعليها‌السلام ، وجنينها الذي أسماه جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بـ (المحسن)، وكيف اُخذ أبوه المرتضى حامي الحمى مُكرهاً إلى المسجد الجامع؛ لكي يبايع.

ولذلك نرى الإمام الحسينعليه‌السلام ، وفي تلك السنّ المبكّرة، وعندما رأى الحاكم على منبر جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ركض إليه، وحاول إنزاله عنه على مرأى ومسمع كلّ مَنْ حضر المسجد، قائلاً: «انزل، هذا مكان جدّي وأبيعليهما‌السلام ».

وهكذا فقد الإمام الحسينعليه‌السلام اُمّه في ريعان شبابها، وقمّة عطائها، وهو أحوج ما يكون لها، وما في الوجود مَنْ يعوّض عن الزهراءعليها‌السلام في كلّ شيء على الإطلاق، إلاّ إنّ أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ناب عن الزهراءعليها‌السلام ، وعن أبي الزهراءصلى‌الله‌عليه‌وآله في تربية الحسنينعليهما‌السلام تربية إلهية خالصة.

وبعد انقضاء حكومة أبي بكر وعمر وعثمان جاء المسلمون إلى أمير المؤمنين عليعليه‌السلام يبايعونه بالخلافة بعد أن كان جليس الدار طيلة (٢٥) سنة، فلمّا حكم الإمام عليعليه‌السلام بالعدل، وعلى أساس كتاب الله وسنة رسوله الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، راح البعض يتطلّب القطائع والبلاد للحكم والأموال، وعندما رفض الإمام طلباتهم أعلنوا عليه الحرب؛ فنكث طلحة والزبير، وحاربهم في معركة الجمل الشهيرة، وقسط معاوية وأعلن خروجه ومناجزته لإمامه، وحاربه في صفين، وانتهت

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أسأله عن رجل حج ولا يدري ولا يعرف هذا الأمر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الإسلام أم قد قضى قال قد قضى فريضة الله والحج أحب إلي وعن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الأمر أيقضى عنه حجة الإسلام أو عليه أن يحج من قابل قال الحج أحب إلي.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهزيار قال كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفرعليه‌السلام أني حججت وأنا مخالف وكنت صرورة فدخلت متمتعا «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » قال فكتب إليه أعد حجك.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد أيجزئه ذلك من حجة الإسلام قال نعم.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يخرج في تجارة إلى مكة ـ أو يكون له إبل فيكريها حجته ناقصة أم تامة قال لا بل حجته تامة.

الحديث الرابع : حسن. ويدل على الإجزاء واستحباب الإعادة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أعد حجك » حمله الشيخ وسائر الأصحاب على الاستحباب ، ويمكن حمله على أنه لما كان عند كونه مخالفا غير معتقد للتمتع وأوقعه فلذا أمره بالإعادة فيكون موافقا لقول من قال : لو أخل بركن عنده تجب عليه الإعادة.

الحديث السادس : حسن. وحمل على الاستطاعة في البلد وظاهر الخبر أعم من ذلك كما قواه بعض المتأخرين.

الحديث السابع : صحيح.

١٦١

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن شهاب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له أيجزئ عن العبد حجة الإسلام قال نعم قلت فأم ولد أحجها مولاها أيجزئ عنها قال لا قلت أله أجر في حجتها قال نعم قال وسألته عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الإسلام إذا احتلم وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن الفضيل قال سألت أبا جعفر الثانيعليه‌السلام ـ عن الصبي متى يحرم به قال إذا اثغر.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في رجل خرج حاجا حجة الإسلام فمات في

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « نعم » لا خلاف في أن المملوك إذا أدرك الوقوف بالمشعر معتقا فقد أدرك الحج.

وقال بعض المحققين : ينبغي القطع بعدم اعتبار الاستطاعة هنا مطلقا لا طلاق النص. واعتبر الشهيد في الدروس تقدم الاستطاعة وبقائها مع حكمه بإحالة ملك العبد وهو عجيب.

الحديث التاسع : مجهول.

وقوله عليه‌السلام : « إذا اثغر » قال الفيروزآبادي « اثغر الغلام » ألقى ثغرة ونبت ثغرة ضد كأثغر ولعله محمول على تأكد الاستحباب أو على إحرامهم بأنفسهم دون أن يحرم عنهم.

الحديث العاشر : صحيح. ولا ريب في وجوب القضاء لو مات قبل الإحرام ودخول الحرم ، وقد استقر الحج في ذمته بأن يكون قد وجب قبل تلك السنة

١٦٢

الطريق فقال إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الإسلام وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الإسلام.

١١ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق قال إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الإسلام وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الإسلام فإن فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين قلت أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقته وما معه قال يكون جميع ما معه وما ترك للورثة إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه أو يكون أوصى بوصية فينفذ ذلك لمن أوصى له ويجعل ذلك من ثلثه.

وتأخر ، وقد قطع المتأخرون بسقوط القضاء إذا لم يكن الحج مستقرا في ذمته بأن كان خروجه في عام الاستطاعة ، وأطلق المفيد في المقنعة ، والشيخ في جملة من كتبه وجوب القضاء إذا مات قبل دخول الحرم ، ولعلهما نظرا إلى إطلاق الأمر بالقضاء في بعض الروايات.

وأجيب عنها : بالحمل على من استقر الحج في ذمته.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل أن يحرم » ذهب علماؤنا على أنه إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه ، واختلفوا فيما إذا كان بعد الإحرام. وقبل دخول الحرم ، والأشهر عدم الإجزاء ، وذهب الشيخ في الخلاف ، وابن إدريس إلى الاجتزاء ، واستدل لهما بمفهوم قولهعليه‌السلام « قبل أن يحرم »(١) لكنه معارض بمنطوق قولهعليه‌السلام « وإن كان مات دون الحرم »(٢) .

__________________

(١) الوسائل. ج ٨ ص ٤٧ ح ٢.

(٢) الوسائل ، ج ٨ ص ٤٧ ح ١ بدون لفظ « كان » فراجع.

١٦٣

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن رفاعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام أيجزئه ذلك عن حجة الإسلام قال نعم قلت وإن حج عن غيره ولم يكن له مال وقد نذر أن يحج

الحديث الثاني عشر : حسن. وهو يشتمل على حكمين.

الأول : أنه ينعقد نذر الحج ماشيا وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال العلامة في القواعد : لو نذر الحج ماشيا وقلنا المشي أفضل. انعقد الوصف وإلا فلا.

وقال ولده في الإيضاح : إذا نذر الحج ماشيا انعقد أصل النذر إجماعا. وهل يلزم القيد مع القدرة فيه قولان مبنيان على أن المشي أفضل من الركوب أو الركوب أفضل ، ولا يخفى أنه يمكن أن يناقش في دلالة الرواية على اللزوم إذ ليس فيها إلا أنه يجزى إذا أتى به عن حجة الإسلام وهو لا يدل على لزوم الوفاء بالنذر ، بل يمكن أن يكون التداخل مبنيا على عدم انعقاد النذر فليتأمل.

الثاني : أن من نذر الحج يجزيه حج النذر عن حجة الإسلام. وفيه ثلاث صور.

الأولى : أن ينذر حجة الإسلام والأصح انعقاده.

الثانية : أن ينذر حجا غير حجة الإسلام ، ولا ريب في عدم التداخل حينئذ.

الثالثة : أن يطلق النذر بأن لا يقصد حجة الإسلام ولا غيرها ، وقد اختلف فيه فذهب الأكثر إلى أن حكمها كالثانية.

وقال الشيخ في النهاية : إن نوى حج النذر أجزأ عن حجة الإسلام ، وإن نوى حجة الإسلام لم تجز عن المنذورة ، ومرجع هذا القول إلى التداخل مطلقا ، وإنما لم يكن الحج المنوي به حج الإسلام خاصة مجزيا عن الحج المنذور لأن الحج إنما ينصرف إلى النذر بالقصد بخلاف حج الإسلام فإنه يكفي فيه الإتيان بالحج ، وهذه الرواية تدل على مذهب الشيخ وأجاب العلامة عنها بالحمل على

١٦٤

ماشيا أيجزئ ذلك عنه قال نعم.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن عامر بن عميرة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام بلغني عنك أنك قلت لو أن رجلا مات ولم يحج حجة الإسلام فحج عنه بعض أهله أجزأ ذلك عنه فقال نعم أشهد بها عن أبي أنه حدثني أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه رجل فقال يا رسول الله إن أبي مات ولم يحج فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حج عنه فإن ذلك يجزئ عنه.

١٤ ـ عنه ، عن صفوان ، عن حكم بن حكيم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنسان هلك ولم يحج ولم يوص بالحج فأحج عنه بعض أهله رجلا أو امرأة هل يجزئ ذلك ويكون قضاء عنه ويكون الحج لمن حج ويؤجر من أحج عنه فقال إن كان

ما إذا تعلق النذر بحج الإسلام وهو بعيد.

قال سيد المحققين : وبالجملة فالقول بالاجتزاء بحج الإسلام وبحج النيابة لا يخلو من قوة وإن كان التعدد أحوط ، ولو عمم الناذر النذر بأن نذر الإتيان بأي حج اتفق قوي القول بالاجتزاء بحج الإسلام وبحج النيابة أيضا انتهى كلامهرحمه‌الله ولا يخفى متانته.

لكن يمكن أنه يقال : إن المفروض في الرواية تعلق النذر بالمشي إلى بيت الله لا بالحج ماشيا والحج لم يتعلق النذر به فلا مانع من انصرافه إلى حج الإسلام أو حج النيابة والله يعلم.

الحديث الثالث عشر : مجهول. ويدل على أن كل من حج عن الميت تبرأ ذمته كما هو مذهب الأصحاب ، وإطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق في الميت بين أن يخلف ما يحج به عنه وغيره ، ولا في المتبرع بين كونه وليا أو غيره وهذا الحكم مقطوع به في كلامهم.

بل قال في التذكرة : إنه لا يعلم فيه خلافا.

الحديث الرابع عشر : حسن.

١٦٥

الحاج غير صرورة أجزأ عنهما جميعا وأجر الذي أحجه.

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن رفاعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يموت ولم يحج حجة الإسلام ولم يوص بها أيقضى عنه قال نعم.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن رفاعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل والمرأة يموتان ولم يحجا أيقضى عنهما حجة الإسلام قال نعم.

١٧ ـ محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن رجل مات وله ابن لم يدر أحج أبوه أم لا قال يحج عنه فإن كان أبوه قد حج كتب لأبيه نافلة وللابن فريضة وإن كان أبوه لم يحج كتب لأبيه فريضة وللابن نافلة.

قوله عليه‌السلام : « غير صرورة » أي لم يكن الحج واجبا عليه ، ومعنى الإجزاء عنه أنه يجزى عنه حتى يستطيع كما مر.

وقال الفيروزآبادي :أجره يأجره ويأجره جزاه كأجره وأجر في أولاده أي ماتوا فصانوا أجره.

الحديث الخامس عشر : صحيح. ومضمونه مجمع عليه بين الأصحاب.

الحديث السادس عشر : موثق كالصحيح.

الحديث السابع عشر : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « فإن كان أبوه قد حج » لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به وليس للولد مال غيره فلو كان الأب قد حج يكون الابن مستطيعا بهذا المال ولو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن يحج بهذا المال ويردد النية بين والده ونفسه فإن لم يكن أبوه حج كان لأبيه مكان الفريضة وإلا فللابن فلا ينافي هذا وجوب الحج على الابن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراءة.

١٦٦

١٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الإسلام أيضا إذا استطاع إلى ذلك سبيلا ولو أن غلاما حج عشر حجج ثم احتلم كانت عليه فريضة الإسلام ولو أن مملوكا حج عشر حجج ثم أعتق كانت عليه فريضة الإسلام إذا استطاع إليه سبيلا.

(باب)

(من لم يحج بين خمس سنين)

١ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من مضت له خمس سنين فلم يفد إلى ربه وهو موسر إنه لمحروم.

٢ ـ علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن عبد الله بن سنان ، عن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن لله مناديا ينادي أي عبد أحسن الله إليه وأوسع عليه في رزقه فلم يفد إليه في كل خمسة أعوام مرة ليطلب نوافله إن ذلك لمحروم.

الحديث الثامن عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لو أن عبدا حج عشر حجج » أي مندوبا بدون الاستطاعة وليس المراد بالعبد المملوك كما سيأتي.

باب من لم يحج بين خمس سنين

الحديث الأول : موثق. ويدل على تأكد استحباب الحج في كل خمس سنين.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « نوافله » أي زوائد رحمة الله وعطاياه.

١٦٧

(باب)

(الرجل يستدين ويحج)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أبي طالب ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يحج بدين وقد حج حجة الإسلام قال نعم إن الله سيقضي عنه إن شاء الله.

٢ ـ أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال قلت له هل يستقرض الرجل ويحج إذا كان خلف ظهره ما يؤدى عنه إذا حدث به حدث قال نعم.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الملك بن عتبة قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل عليه دين يستقرض ويحج قال إن كان له وجه في مال فلا بأس.

٤ ـ أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي همام قال قلت للرضاعليه‌السلام الرجل يكون عليه الدين ويحضره الشيء أيقضي دينه أو يحج قال يقضي ببعض ويحج ببعض قلت فإنه لا يكون إلا بقدر نفقة الحج فقال يقضي سنة ويحج سنة فقلت أعطي المال من ناحية السلطان قال لا بأس عليكم.

باب الرجل يستدين ويحج

الحديث الأول : صحيح ولعله محمول على ما إذا كان له وجه لأداء الدين لما سيأتي.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

١٦٨

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب ، عن غير واحد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يكون علي الدين فيقع في يدي الدراهم فإن وزعتها بينهم لم يبق شيء أفأحج بها أو أوزعها بين الغرام فقال تحج بها وادع الله أن يقضي عنك دينك.

٦ ـ أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن جعفر بن بشير ، عن موسى بن بكر الواسطي قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يستقرض ويحج فقال إن كان خلف ظهره مال إن حدث به حدث أدي عنه فلا بأس.

(باب)

(الفضل في نفقة الحج)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لو أن أحدكم إذا ربح الربح أخذ منه الشيء فعزله فقال هذا للحج وإذا ربح أخذ منه وقال هذا للحج جاء إبان الحج وقد اجتمعت له نفقة عزم الله فخرج ولكن أحدكم يربح الربح فينفقه فإذا جاء إبان الحج أراد أن يخرج ذلك من رأس ماله فيشق عليه.

الحديث الخامس : مرسل كالحسن. وقال في النهاية :الغرام» جمع الغريم كالغرماء وهم أصحاب الدين وهو جمع غريب انتهى(١) .

ولعله محمول على عدم مطالبة الغرماء.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

باب القصد في نفقة الحج

أقول : القصد رعاية الوسط بين الإسراف والتقتير.

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « إبان الحج » هو بالكسر والتشديد وقته وقوله « عزم الله »

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٤ ص ٣٦٦.

١٦٩

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن شيخ رفع الحديث إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال له يا فلان أقلل النفقة في الحج تنشط للحج ولا تكثر النفقة في الحج فتمل الحج.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن ربعي بن عبد الله قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كان علي صلوات الله عليه لينقطع ركابه في طريق مكة فيشده بخوصة ليهون الحج على نفسه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الهدية من نفقة الحج.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال هدية الحج من الحج.

إما برفع الجلالة أي عزم الله له ووفقه للحج ، أو بالنصب أي قصد الله والتوجه إلى بيته.

الحديث الثاني : مرفوع. ويدل على استحباب إقلال النفقة في الحج ، ويمكن حمله على ما إذا كان مقلا كما هو ظاهر الخبر أو على القصد وعدم الإكثار بقرينة المقابلة.

الحديث الثالث : موثق. كالصحيح. والخوص ورق النخل ، والواحدة خوصة

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « هدية الحج » لعل المعنى أن ما يهدي إلى أهله وإخوانه بعد الرجوع من الحج له ثواب نفقة الحج ، أو أنه ينبغي أن يحسب أولا عند نفقة الحج الهدية أيضا أو لا يزيد في شراء الهدية على ما معه من النفقة ولعل الكليني حمله على هذا المعنى والأول أظهر.

الحديث الخامس : مجهول.

١٧٠

(باب)

(أنه يستحب للرجل أن يكون متهيئا للحج في كل وقت)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن زعلان ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن حماد بن طلحة ، عن عيسى بن أبي منصور قال قال لي جعفر بن محمدعليهما‌السلام يا عيسى إني أحب أن يراك الله عز وجل فيما بين الحج إلى الحج وأنت تتهيأ للحج.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن عثمان ومحمد بن أبي حمزة وغيرهما ، عن إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من اتخذ محملا للحج كان كمن ربط فرسا في سبيل الله عز وجل.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن حمزة بن يعلى ، عن بعض الكوفيين ، عن أحمد بن عائذ ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من رجع من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره.

(باب)

(الرجل يسلم فيحج قبل أن يختتن)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إبراهيم بن ميمون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يسلم فيريد أن يحج وقد حضر الحج أيحج أو

باب أنه يستحب للرجل أن يكون متهيئا للحج في كل وقت

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : حسن أو موثق.

الحديث الثالث : مرسل.

باب الرجل يسلم فيحج من قبل أن يختتن

الحديث الأول : مجهول.

١٧١

يختتن قال لا يحج حتى يختتن.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة فأما الرجل فلا يطوف إلا وهو مختتن.

(باب)

(المرأة يمنعها زوجها من حجة الإسلام)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن امرأة لها زوج أبى أن يأذن لها أن تحج ولم تحج حجة الإسلام فغاب زوجها عنها وقد نهاها أن تحج قال لا طاعة له عليها في حجة الإسلام فلتحج إن شاءت.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة تخرج مع غير ولي قال لا بأس فإن كان لها زوج أو ابن أخ قادرين على أن يخرجا معها وليس لها سعة فلا ينبغي لها أن تقعد ولا ينبغي

قوله عليه‌السلام : « حتى يختتن » اشتراط الاختتان في الرجل مقطوع به في كلام الأصحاب ، ونقل عن ابن إدريس : أنه توقف في هذا الحكم.

وقيل : يسقط مع التعذر ، وربما احتمل اشتراطه مطلقا.

الحديث الثاني : حسن.

باب المرأة يمنعها زوجها من حجة الإسلام

الحديث الأول : ضعيف على المشهور وعليه الأصحاب.

الحديث الثاني : حسن. وقال سيد المحققين بعد هذه الرواية : وأما مقتضى هذه الروايات الاكتفاء في المرأة بوجود الرفقة المأمونة وهي التي يغلب ظنها بالسلامة معها فلو انتفى الظن المذكور بأن خافت على النفس أو البضع أو العرض

١٧٢

لهم أن يمنعوها.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن امرأة لها زوج وهي صرورة لا يأذن لها في الحج قال تحج وإن لم يأذن لها.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تريد الحج ليس معها محرم هل يصلح لها الحج فقال نعم إذا كانت مأمونة.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن معاوية قال سألت أبا عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن المرأة الحرة تحج إلى مكة بغير ولي فقال لا بأس تخرج مع قوم ثقات.

ولم يندفع ذلك إلا بالمحرم اعتبر وجوده قطعا لما بالتكليف بالحج مع الخوف من فوات شيء من ذلك من الحرج والضرر.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « إذا كانت مأمونة » ظاهره أن هذا الشرط لعدم جواز منع أهاليها من حجها فإنهم إذا لم يعتمدوا عليها في ترك ارتكاب المحرمات وما يصير سببا لذهاب عرضهم يجوز لهم أن يمنعوها إذا لم يمكنهم بعث أمين معها ، ويحتمل أن يكون المراد مأمونة عند نفسها أي آمنة من ذهاب عرضها فيوافق الأخبار الآخرة.

الحديث الخامس : حسن.

١٧٣

(باب)

(القول عند الخروج من بيته وفضل الصدقة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر يقول اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي إلا أعطاه الله ما سأل.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحارث بن محمد الأحول ، عن بريد بن معاوية العجلي قال كان أبو جعفرعليه‌السلام إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثم قال اللهم إني أستودعك الغداة نفسي ومالي وأهلي وولدي الشاهد منا والغائب اللهم احفظنا واحفظ علينا اللهم اجعلنا في جوارك اللهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك.

باب القول عند الخروج من بيته وفضل الصدقة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « وأمانتي » قال في النهاية : فيه « استودع الله دينك وأمانتك » أي أهلك ومن تخلفه بعدك منهم وما(١) الذي تودعه وتستحفظه أمينك ووكيلك انتهى(٢) .

ويحتمل أن يكون المراد ما ائتمنه الناس عليها من ودائعهم وبضائعهم وأشباهها عنده ، وقيل أي ديني الذي ائتمنتني عليها.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « علينا » كان « على » تعليلية أي احفظ لنا ما يهمنا أمره.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في النهاية : ومالك الذي.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٧١.

١٧٤

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أيكره السفر في شيء من الأيام المكروهة الأربعاء وغيره فقال افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية الكرسي إذا بدا لك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام تصدق واخرج أي يوم شئت.

(باب)

(القول إذا خرج الرجل من بيته)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن القاسم قال حدثنا صباح الحذاء قال سمعت موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول لو كان الرجل منكم إذا أراد السفر قام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ثم قال اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن لحفظه الله وحفظ ما معه وسلمه وسلم ما معه وبلغه وبلغ ما معه قال ثم قال يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه قلت بلى جعلت فداك.

الحديث الثالث : حسن. ويدل على أن الصدقة وقراءة آية الكرسي تدفعان نحوسة الأيام والساعات المنحوسة.

الحديث الرابع : صحيح.

باب القول إذا خرج الرجل من بيته

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أما ترى » (١) أي إنما ذكرت ما معه ودعوت له لذلك.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي « اما رأيت ».

١٧٥

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا خرجت من بيتك تريد الحج والعمرة إن شاء الله فادع دعاء الفرج وهو ـ لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » ثم قل اللهم كن لي جارا من كل جبار عنيد ومن كل شيطان مريد ثم قل بسم الله دخلت وبسم الله خرجت وفي سبيل الله اللهم إني أقدم بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله وما شاء الله في سفري هذا ذكرته أو نسيته اللهم أنت المستعان على الأمور كلها وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم هون علينا سفرنا واطو لنا الأرض

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « كن لي جارا » أي مجيرا وحافظا و « الباء » في بسم الله للاستعانة أي أخرج مستعينا بأسماء الله تعالى لا بغيرها أو به تعالى بأن يكون ذكر الاسم للتفخيم.

قوله عليه‌السلام : « إني أقدم » أي أقدم الآن وأذكر ما شاء الله وبسم الله قبل أن أنساهما عند فعل أو أذكرهما وأتركهما لعجلتي في أمر ، والحاصل أنه لما كان قول هذين القولين مطلوبا عند كل فعل فأنا أقولهما في أول سفري تداركا لما عسى أن إنسي أو أترك.

قوله عليه‌السلام : « ما شاء الله » قال البيضاوي : أي الأمر ما شاء الله أو ما شاء الله كائن ، على أن « ما » موصولة أو « أي شيء » شاء الله كائن على أنها شرطية والجواب محذوف.

قوله عليه‌السلام : « واطو لنا » لعله كناية عن تسهيل السير في السفر ويحتمل الحقيقة أيضا.

١٧٦

وسيرنا فيها بطاعتك وطاعة رسولك اللهم أصلح لنا ظهرنا وبارك لنا فيما رزقتنا «وَقِنا عَذابَ النَّارِ » اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد اللهم أنت عضدي وناصري بك أحل وبك أسير اللهم إني أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني اللهم اقطع عني بعده ومشقته واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني عبدك

وقال في المغرب :« الظهر » خلاف البطن ويستعار للدابة أو الراحلة.

وقال الفيروزآبادي :« الوعثاء » المشقة ووعث الطريق كسمع وكرم تعسر سلوكه.

وقال« الكأب والكأبة والكآبة » الغم وسوء الحال وانكسار من حزن.

وقال في النهاية : فيه « أعوذ بك من كابة المنقلب » الكآبة : تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن ، والمعنى أن يرجع من سفره بأمر يحزنه إما أصابه في سفره وإما قدم عليه مثل أن يعود غير مقضي(١) المرام أو أصابت ماله آفة أو يقدم على أهله فيجدهم مرضى أو قد فقد بعضهم انتهى(٢) .

وقال الفيروزآبادي :« المنظر والمنظرة » ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك انتهى.

وهذه الفقرة كالمؤكدة لسابقتها. أي أعوذ بك من أن أرى بعد عودي في أهلي أو مالي أو ولدي ما يسوؤني.

قوله عليه‌السلام : « هذه (٣) حملانك » أي هذه الدواب أنت رزقتنيها وحملتني عليها ووفقتني ركوبها.

قال في النهاية « الحملان » مصدر حمل يحمل حملانا(٤) .

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في النهاية : مقضى الحاجة. أو.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٤ ص ١٣٧.

(٣) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي « وهذا حملانك ».

(٤) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٤٤٣.

١٧٧

وهذا حملانك والوجه وجهك والسفر إليك وقد اطلعت على ما لم يطلع عليه أحد فاجعل سفري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي وكن عونا لي عليه واكفني وعثه ومشقته ولقني من القول والعمل رضاك فإنما أنا عبدك وبك ولك فإذا جعلت رجلك في الركاب فقل «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » بسم الله والله أكبر فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل ـ الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله سبحان الله «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الأمر اللهم بلغنا بلاغا يبلغ إلى خير بلاغا يبلغ إلى مغفرتك ورضوانك اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا حافظ غيرك.

وقال في المنتقى : « الحملان » مصدر ثان لحمل يحمل يقال : حمله يحمله حملانا ذكر ذلك جماعة من أهل اللغة.

وفي القاموس : ما يحمل عليه من الدواب في الهيئة خاصة.

والظاهر هنا إرادة المصدر فيكون في معنى قوله بعد ذلك أنت الحامل على الظهر ولا يخفى أن ما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « وجهك » أي جهة أمرت بالتوجه إليها.

قوله عليه‌السلام : « وبك ولك » أي أستعين في جميع أموري بك واجعل أعمالي كلها خالصة لك.

قوله عليه‌السلام : « واستوى » الواو بمعنى أو.

قوله عليه‌السلام : « مقرنين » أي مطيقين.

قوله عليه‌السلام : « أنت الحامل » أي أنت تحملنا على الدابة وبتوفيقك وتيسيرك تركب عليها ، أو أنت الحافظ والحامل حال كوننا على الدابة فاعتمادنا في الحفظ عليك لا عليها.

قوله عليه‌السلام : « لا طيرا لا طيرك » أي لا تأثير للطيرة إلا طيرتك أي ما قدرت لكل

١٧٨

(باب الوصية)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبي يقول ما يعبأ من يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال خلق يخالق به من صحبه أو حلم يملك به من غضبه أو ورع يحجزه عن محارم الله.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما يعبأ من يسلك هذا

أحد فأطلق عليه الطيرة على المشاكلة ، أو لا شر يعتد به إلا شر ينشأ منك أي عذابك على سياق الفقرة اللاحقة ، أو ما ينبغي أن يحرز عنه هو ما نهيت عنه ما يتطير به الناس.

وقال الجوهري : الطير اسم من التطير ، ومنه قولهم لا طير إلا طير الله كما يقال لا أمر إلا أمر الله.

باب الوصية

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ما يعبأ من يؤم » في الفقيه ما يعبأ بمن يؤم وهو أظهر فيكون على بناء المفعول. قال الجوهري : ما عبأت بفلان عبأ أي ما باليت به ، وعلى ما في نسخ الكتاب لعله أيضا على بناء المفعول على الحذف والإيصال ، أو على بناء الفاعل على الاستفهام الإنكاري أي شيء يصلح ويهيئ لنفسه.

قال الجوهري : « عبأت الطيب » هيئاته وصنعته وخلطته ، وعبأت المتاع هيئاته وكذا الكلام في الخبر الثاني« والمخالقة » المعاشرة« والحجر » المنع : والفعل كينصر.

الحديث الثاني : صحيح.

١٧٩

الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال ورع يحجزه عن معاصي الله وحلم يملك به غضبه وحسن الصحبة لمن صحبه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام وطن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك وكف لسانك واكظم غيظك وأقل لغوك وتفرش عفوك وتسخو نفسك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن حفص ، عن أبي الربيع الشامي قال كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام والبيت غاص بأهله فقال ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه ومخالقة من خالقه.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الرفيق ثم السفر وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « لا تصحبن في سفرك من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك ».

الحديث الثالث : حسن. وقال في المنتقى : قال الجوهري :فرشت الشيء أفرشه بسطته ، ويقال : « فرشه » إذا أوسعه إياه ، وكلا المعنيين صالح لأن يراد من قوله تفرش عفوك إلا أن المعنى الثاني يحتاج إلى تقدير.

الحديث الرابع : مجهول. وفي القاموس :منزل غاص بالقوم ممتلئ بهم.

وفي المغرب :« الممالحة » المؤاكلة ومنها قولهم بينهما حرمة الملح والممالحة وهي المراضعة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « من لا يرى » قال الوالد العلامة أي أصحب من يعتقد أنك أفضل منه كما تعتقد أنه أفضل منك ، وهذا من صفات المؤمنين.

أقول : ويحتمل أن يكون الفضل بمعنى التفضل والإحسان وما ذكره (ره) أظهر.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330