كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)0%

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: دار العلوم
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 330

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد حسن الشيرازي
الناشر: دار العلوم
تصنيف: الصفحات: 330
المشاهدات: 203404
تحميل: 6134

توضيحات:

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 330 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 203404 / تحميل: 6134
الحجم الحجم الحجم
كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: دار العلوم
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخليفته، فبهذا وقع الشرط بيني وبينه، وقد أسلمنا جميعاً.

فقال عليعليه‌السلام : «يا حسن، انطلق أنت وسلمان مع هذا الأعرابي إلى وادي فلان فنادِ: يا صالح يا صالح، فإذا أجابك فقل: إنّ أمير المؤمنين يقرأ عليك السّلام ويقول لك: هلمّ الثمانين الناقة التي ضمنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهذا الأعرابي».

قال سلمان: فمضينا إلى الوادي، فنادى الحسن فأجابه: لبيك يابن رسول الله، فأدّى إليه رسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

فقال: السمع والطاعة، فلم يلبث أن خرج إلينا زمام ناقة من الأرض، فأخذ الحسنعليه‌السلام الزمام فناوله الأعرابي وقال: «خذ». فجعلت النوق تخرج حتّى كملت الثمانون على الصفة.

مع شجرة الرمّان (1)

كنّا قعوداً ذات يوم عند أمير المؤمنينعليه‌السلام وهناك شجرة رمّان يابسة، إذ دخل عليه نفر من مبغضيه وعنده قوم من محبّيه فسلّموا فأمرهم بالجلوس.

فقال عليعليه‌السلام : «إنّي اُريكم اليوم آية تكون فيكم كمثل المائدة في بني إسرائيل، إذ يقول الله:( إِنّي مُنَزّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنّي اُعَذّبُهُ عَذَاباً لاَ اُعَذّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ ) (2) ».

ثمّ قال: «انظروا إلى الشجرة». وكانت يابسة - وإذا هي قد جرى الماء في عودها، ثمّ اخضرّت وأورقت، وعقدت وتدلّى حملها على رؤوسنا، ثم التفت إلينا،

____________________

(1) الخرائج والجرائح 1 / 219 - 220، ب2، ح64. روي عن أبي جعفر، عن آبائهعليه‌السلام أنّ الحسين بن عليعليه‌السلام قال:....

(2) سورة المائدة / 115.

٦١

فقال للقوم الذين هم محبّوه: «مدّوا أيديكم وتناولوا وكلوا».

فقلنا: بسم الله الرحمن الرحيم. وتناولنا وأكلنا رمّاناً لم نأكل قطّ شيئاً أعذب منه وأطيب.

ثمّ قال للنفر الذين هم مبغضوه: «مدوّا أيديكم وتناولوا». فمدّوا أيديهم فارتفعت، وكلّما مدّ رجل منهم يده إلى رمّانة ارتفعت، فلم يتناولوا شيئاً، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما بال إخواننا مدّوا أيديهم وتناولوا وأكلوا، ومددنا أيدينا فلم ننل؟!

فقالعليه‌السلام : «وكذلك الجنّة، لا ينالها إلاّ أولياؤنا ومحبّونا، ولا يبعد منها إلاّ أعداؤنا ومبغضونا».

الولاء الخالص (1)

رأى أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلاً من شيعته بعد عهد طويل وقد أثّر السنّ فيه، وكان يتجلّد في مشيته، فقالعليه‌السلام : «كبر سنّك يا رجل».

قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين.

فقالعليه‌السلام : «إنّك لتتجلّد».

قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين.

فقالعليه‌السلام : «أجد فيك بقيّة».

قال: هي لك يا أمير المؤمنين.

____________________

(1) أمالي الصدوق / 150، المجلس33، ح6، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام 1 / 302 - 303، ب28، ح61. حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا عليّ بن موسى، عن آبائه، عن الحسين بن عليعليه‌السلام ، قال:....

٦٢

أوّل مظلوم ومظلومة (1)

لمّا مرضت فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصّت إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحداً بمرضها، ففعل ذلك.

وكانعليه‌السلام يمرّضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس (رحمها الله) على استسرار بذلك كما وصّت به، فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يتولّى أمرها، ويدفنها ليلاً، ويعفي قبرها.

فتولّى ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام ودفنها، وعفا موضع قبرها، فلمّا نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه، وحوّل وجهه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: «السلام عليك يا رسول الله منّي، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك، وقرّة عينك وزائرتك، والبائنة في الثرى ببقعتك، والمختار لها الله سرعة اللحاق بك.

قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلّدي، إلاّ إنّ لي في التأسّي بسنّتك، والحزن الّذي حلّ بي بفراقك موضع التعزّي؛ فلقد وسدّتك في ملحودة قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمّضتك بيدي، وتولّيت أمرك بنفسي.

نعم، وفي كتاب الله أنعم القبول، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، واُخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله.

____________________

(1) أمالي المفيد / 172 - 173، المجلس33، ح7، وأمالي الشيخ الطوسي 1 / 107 - 108، الجزء4، ح20. المفيد قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن إدريس، عن عبد الجبّار، عن القاسم بن محمّد الرازي، عن عليّ بن محمّد الهرمزاني، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسينعليه‌السلام ، قال:....

٦٣

أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك الّتي أنت فيها مقيم، كمد مقيّح، وهمّ مهيّج، سرعان ما فرّق الله بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظاهر اُمّتك عليّ، وعلى هضمها حقّها فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج في صدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.

سلام عليك يا رسول الله سلام مودّع لا سئم ولا قال، فإن انصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتثبّت [التلبّث، خ ل] عنده معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة، فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً، وتهتضم حقّها قهراً، ويمنع إرثها جهراً، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذِكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته».

قتيل العبرة (1)

«أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى».

____________________

(1) كامل الزيارات / 108 - 109، ب36، ح6. حدّثني محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن ابن عيسى، عن محمّد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن الحسين الخزار، عن ابن خارجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: كنّا عنده فذكرنا الحسين [ ابن علي]عليه‌السلام ، وعلى قاتله لعنة الله، فبكى أبو عبد اللهعليه‌السلام وبكينا، قال: ثمّ رفع رأسه، فقال: «قال الحسينعليه‌السلام :...».

٦٤

المؤمن ومصاب الحسين عليه‌السلام (1)

«أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر».

ليلة عاشوراء (2)

قال علي بن الحسينعليه‌السلام : «كنت مع أبي [في] اللّيلة التي قُتل في صبيحتها، فقال لأصحابه: هذا اللّيل فاتّخذوه جملاً(3) ؛ فإنّ القوم إنّما يريدونني، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم، وأنتم في حلّ وسعة.

فقالوا: لا والله، لا يكون هذا أبداً.

قال: إنّكم تقتلون غداً كذلك، لا يفلت منكم رجل.

قالوا: الحمد لله الذي شرّفنا بالقتل معك.

ثمّ دعا، وقال لهم: ارفعوا رؤوسكم وانظروا، فجعلوا ينظرون إلى

____________________

(1) أمالي الصدوق / 118، المجلس28، ح7؛ وكامل الزيارات / 108، ب36، ح3. حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب، عن الحكم بن المسكين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: «قال أبو عبد الله الحسين بن عليعليه‌السلام :...».

(2) الخرائج والجرائح 2 / 847 - 848، ح62. سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، قال:....

(3) يُقال: اتّخذ اللّيل جملاّ: أي سرى اللّيل كلّه.

٦٥

مواضعهم ومنازلهم من الجنّة، وهو يقول لهم: هذا منزلك يا فلان، وهذا قصرك يا فلان، وهذه درجتك يافلان، فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه؛ ليصل إلى منزله من الجنّة».

إسلام الراهب (1)

لمّا جاؤوا برأس الحسينعليه‌السلام ونزلوا منزلاً يُقال له: (قنّسرين)، اطّلع راهب من صومعته إلى الرأس، فرأى نوراً ساطعاً يخرج من فيه ويصعد إلى السماء، فأتاهم بعشرة آلاف درهم، وأخذ الرأس وأدخله صومعته، فسمع صوتاً ولم ير شخصاً، قال: طوبى لك، وطوبى لمَنْ عرف حرمته.

فرفع الراهب رأسه وقال: يا ربّ، بحقّ عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلّم معي. فتكلّم الرأس وقال: «يا راهب، أيّ شيء تريد؟».

قال: مَنْ أنت؟

قال: «أنا ابن محمّد المصطفى، وأنا ابن عليّ المرتضى، وأنا ابن فاطمة الزهراء، أنا المقتول بكربلاء، أنا المظلوم، أنا العطشان». وسكت.

فوضع الراهب وجهه على وجهه، فقال: لا أرفع وجهي عن وجهك حتّى تقول: أنا شفيعك يوم القيامة.

فتكلّم الرأس وقال: «ارجع إلى دين جدّي محمّد».

فقال الراهب: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله. فقبل

____________________

(1) بحار الأنوار 45 / 303 - 304.

٦٦

له الشفاعة، فلمّا أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم، فلمّا بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة.

من علامات المحبّة (1)

عن سعد بن ظريف قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فجاء جميل الأزرق، فدخل عليه، قال: فذكروا بلايا الشيعة وما يصيبهم، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «إنّ اُناساً أتو علي بن الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن عباس، فذكروا لهما نحواً ممّا ذكرتم، قال: فأتيا الحسين بن عليعليه‌السلام ، فذكرا له ذلك، فقال الحسينعليه‌السلام : والله، البلاء والفقر والقتل أسرع إلى مَنْ أحبنا من ركض البراذين، ومن السيل إلى صمره».

قلت: وما الصمر؟

قال: «منتهاه، ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنّكم لستم منّا».

____________________

(1) المؤمن / 15 - 16، ب1، ح4:....

٦٧

خير المذاهب (1)

عن حبابة الوالبية، قال: دخلت عليها فقالت: مَنْ أنت؟ قلت: ابن أخيك ميثم. فقالت: أخي، والله لأحدّثنّك بحديث سمعته من مولاك الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ إنّي سمعته يقول: «والذي جعل أحمس خير بجيلة، وعبد القيس خير ربيعة، وهمدان خير اليمن، إنّكم لخير الفرق».

ثمّ قال: «ما على ملّة إبراهيم إلاّ نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها برآء».

هذا السعيد حقّاً (2)

بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات يوم جالس مع أصحابه يعبّئهم للحرب، إذ أتاه شيخ عليه شجبة السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟

____________________

(1) المحاسن / 147، ب16، ح55. أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه وابن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، عن عبد الرحمان بن سيابة، عن عمران بن ميثم....

(2) معاني الأخبار / 197 - 200، ح4؛ أمالي الصدوق / 321 - 323، المجلس63، ح4؛ أمالي الشيخ الطوسي 2 / 49، ب15، ح31. حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن الحسن بن القاسم قراءة، عن علي بن إبراهيم بن المعلّى، عن أبي عبد الله محمّد بن خالد، عن عبد الله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيهعليه‌السلام ، قال:....

٦٨

فقال هو ذا، فسلّم عليه. ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا اُحصي، وإنّي أظنّك ستغتال(1) فعلّمني ممّا علمك الله.

قال: «نعم يا شيخ، مَنْ اعتدل يوماه فهو مغبون، ومَنْ كانت الدنيا همّته اشتدت حسرته عند فراغها، ومَنْ كان غده شرّ يوميه فمحروم، ومَنْ لم يبال ما رزء(2) من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومَنْ لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومَنْ كان في نقص فالموت خير له.

يا شيخ، ارضَ للناس ما ترضى لنفسك، وآتِ إلى الناس ما تحبّ أن يؤتى إليك».

ثمّ أقبل على أصحابه فقال: «أيّها الناس، أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتّى، فبين صريع يتلوّى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجّى(3) ، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي».

فقال له زيد بن صوحان العبديّ: يا أمير المؤمنين، أيّ سلطان أغلب وأقوى؟

قال: «الهوى».

قال: فأيّ ذلّ أذل؟

قال: «الحرص على الدنيا».

قال: فأيّ فقر أشدّ؟

قال: «الكفر بعد الإيمان».

____________________

(1) غاله واغتاله: أخذه من حيث لا يدري وقتله.

(2) رزأه: أصابه ونقصه.

(3) سجى الميّت تسجية: مدّ عليه ثوباً يستره.

٦٩

قال: فأيّ دعوة أضلّ؟

قال: «الداعي بما لا يكون».

قال: فأيّ عمل أفضل؟

قال: «التقوى».

قال: فأيّ عمل أنجح؟

قال: «طلب ما عند الله».

قال: فأيّ صاحب شرّ؟

قال: «المزيّن لك معصية الله».

قال: فأيّ الخلق أشقى؟

قال: «مَنْ باع دينه بدنيا غيره».

قال: فأيّ الخلق أقوى؟

قال: «الحليم».

قال: فأيّ الخلق أشحّ؟

قال: «مَنْ أخذ المال من غير حلّه فجعله في غير حقّه».

قال: فأيّ الناس أكيس؟

قال: «مَنْ أبصر رشده من غيّه فمال إلى رشده».

قال: فمَنْ أحلم الناس؟

قال: «الذي لا يغضب».

قال: فأيّ الناس أثبت رأياً؟

قال: «مَنْ لم يغرّه الناس في نفسه، ولم تغرّه الدنيا بتشوفّها»(1) .

____________________

(1) التشوف: التزين.

٧٠

قال: فأيّ الناس أحمق؟

قال: «المغترّ بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلّب أحوالها».

قال: فأيّ الناس أشدّ حسرة؟

قال: «الذي حرم الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين».

قال: فأيّ الخلق أعمى؟

قال: «الذي عمل لغير الله، يطلب بعمله الثواب من عند الله (عزّ وجلّ) ».

قال: فأيّ القنوع أفضل؟

قال: «القانع بما أعطاه الله».

قال: فأيّ المصائب أشدّ؟

قال: «المصيبة بالدين».

قال: فأيّ الأعمال أحبّ إلى الله (عزّ وجلّ)؟

قال: «انتظار الفرج».

قال: فأيّ الناس خير عند الله (عزّ وجلّ)؟

قال: «أخوفهم لله، وأعملهم بالتقوى، وأزهدهم في الدنيا».

قال: فأيّ الكلام أفضل عند الله (عزّ وجلّ)؟

قال: «كثرة ذكره، والتضرّع إليه، والدعاء».

قال: فأيّ القول أصدق؟

قال: «شهادة أن لا إله إلاّ الله».

قال: فأيّ الأعمال أعظم عند الله (عزّ وجلّ)؟

قال: «التسليم والورع».

قال: فأيّ الناس أصدق؟

قال: «مَنْ صدق في المواطن».

٧١

ثمّ أقبلعليه‌السلام على الشيخ فقال: يا شيخ، إنّ الله (عزّ وجلّ) خلق خلقاً ضيّق الدنيا عليهم نظراً لهم، فزهّدهم فيها وفي حُطامها، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم إليها، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة، وبذلوا نفسهم ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة.

فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا أنّ الموت سبيل مَنْ مضى ومَنْ بقى؛ فتزوّدوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على الذلّ، وقدّموا الفضل، وأحبّوا في الله، وأبغضوا في الله (عزّ وجلّ)، اُولئك المصابيح في الدنيا، وأهل النعيم في الآخرة، والسّلام».

فقال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة، وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين؟ جهزّني بقوّة أتقوّى بها على عدوّك. فأعطاه أمير المؤمنينعليه‌السلام سلاحاً وحمله، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنينعليه‌السلام يضرب قُدماً قُدماً، وأمير المؤمنينعليه‌السلام يعجب ممّا يصنع، فلمّا اشتدّت الحرب أقدم فرسه حتّى قُتل (رحمة الله عليه).

وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام فوجده صريعاً، ووجد دابّته ووجد سيفه في ذراعه، فلمّا انقضت الحرب أتى أمير المؤمنينعليه‌السلام بدابّته وسلاحه، وصلّى عليه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: «هذا والله السعيد حقّاً، فترحمّوا على أخيكم».

٧٢

الشهداء والصدّيقون(1)

«ما من شيعتنا إلاّ صديق شهيد».

قلت: أنّى يكون ذلك وهم يموتون على فرشهم؟

فقال: «أما تتلو كتاب الله( الّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ اُولئِكَ هُمُ الصّدّيقُونَ وَالشّهَدَاءُ عِندَ رَبّهِمْ... ) (2) ؟». ثمّ قالعليه‌السلام : «لو لم تكن الشهادة إلاّ لمَنْ قُتل بالسيف لأقلّ الله الشهداء».

عيد الوصاية والإمامة (3)

اتفق في بعض سنين أمير المؤمنينعليه‌السلام الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه حمداً لم يسمع بمثله،

____________________

(1) دعوات الراوندي / 242، ح681؛ ومشكاة الأنوار / 92، قال زيد بن أرقم: قال الحسين بن عليعليه‌السلام :....

(2) سورة الحديد / 19.

(3) بحار الأنوار 97 / 112 - 118. عن السيد ابن طاووس في كتاب مصباح الزائر، قال: وممّا رويناه وحذفنا إسناده اختصاراً الفيّاض بن محمّد الطوسي، حدّث بطوس سنة تسع وخمسين ومئتين، وقد بلغ التسعين، أنّه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار، وقد قدّم إلى منازلهم الطعام والبرّ والصلات والكسوة حتّى الخواتيم والنعال، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته، وجدّدت له آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقديمه، فكان من قولهعليه‌السلام : «حدّثني الهادي أبي قال: حدّثني جدّي الصادقعليه‌السلام قال: حدّثني الباقرعليه‌السلام قال: حدّثني سيد العابدينعليه‌السلام قال: إنّ الحسينعليه‌السلام قال:....

٧٣

وأثنى عليه ما لم يتوجّه إليه غيره، فكان ممّا حفظ من ذلك: «الحمد لله الذي جعل الحمد [على عباده] من غير حاجة منه إلى حامديه، وطريقاً من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيّته وربانيّته وفردانيّته، وسبباً إلى المزيد من رحمته، ومحجّة للطالب من فضله، وكمّن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف له بأنّه المنعم على كلّ حمد باللفظ وإن عظم.

وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، شهادة نزعت عن أخلاص المطويّ، ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفيّ، إنّه الخالق البديء المصوّر، له الأسماء الحسنى، ليس كمثله شيء؛ إذ كان الشيء من مشيته، وكان لا يشبهه مكوّنه.

وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الأمم، على علم منه به، انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وائتمنه آمراً وناهياً عنه، أقامه في ساير عالمه في الأداء ومقامه؛ إذ كان لا يدركه الأبصار، ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثّله غوامض الظنن في الأسرار، لا إله إلاّ هو الملك الجبّار.

قرن الاعتراف بنبوّته بالاعتراف بلاهوتيته، واختصّه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريّته، فهلهل ذلك بخاصّته وخلّته؛ إذ لا يختصّ مَنْ يشوبه التغيير، ولا يخالل(1) مَنْ يلحقه التظنين، وأمر بالصلاة عليه مزيداً في تكرمته، وتطريقاً للداعي إلى إجابته، فصلّى الله عليه، وكرّم وشرّف وعظّم مزيداً لا يلحقه التنفيد، ولا ينقطع على التأبيد.

وإنّ الله تعالى اختصّ لنفسه بعد نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بريّته خاصّة، علاهم بتعليته، وسما بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحقّ إليه، والأدلاّء بالإرشاد عليه؛ لقرن قرن وزمن زمن.

أنشأهم في القدِم قبل كلّ مذروء ومبروءٍ، أنواراً أنطقها بتحميده، وألهمها

____________________

(1) يخالله: أي يصادقه ويتّخذه خليلاً.

٧٤

بشكره وتمجيده، وجعلها الحجج له على كلّ معترف له بملكة الربوبية، وسلطان العبوديّة، واستنطق بها الخرسان بأنواع اللّغات؛ بخوعاً له بأنّه فاطر الأرضين والسماوات، وأشهدهم خلقه، وولاّهم ما شاء من أمره. جعلهم تراجمة مشيّته، وألسن إرادته. عبيداً لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلاّ لمَنْ ارتضى وهم من خشيته مشفقون.

يحكمون بأحكامه، ويسنّون سنّته، ويعتمدون حدوده، ويؤدّون فروضه، ولم يدع الخلق في بهم صمّاء، ولا في عمى بكماء، بل جعل لهم عقولاً مازجت شواهدهم، وتفرّقت في هياكلهم. حقّقها في نفوسهم، واستعبد لها حواسّهم، فقرّت بها على أسماع ونواظر، وأفكار وخواطر ألزمهم بها حجّته، وأراهم بها محجّته، وأنطقهم عمّا تشهد به بألسنة ذربة بما قام فيها من قدرته وحكمته، وبيّن عندهم بها ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيى من حيّ عن بيّنة، وإنّ الله لسميع عليم. بصير شاهد خبير.

وإنّ الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين، لا يقوم أحدهما إلاّ بصاحبه؛ ليكمل أحدكم صنعه، ويقفكم على طريق رشده، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويشملكم صوله، ويسلك بكم منهاج قصده، ويوفّر عليكم هنيء رفده.

فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما كان قبله، وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله، وذكرى للمؤمنين، وتبيان خشية المتّقين. ووهب لأهل طاعته في الأيام قبله، وجعله لا يتمّ إلاّ بالايتمار لما أمر به، والانتهاء عمّا نهى عنه، والبخوع بطاعته فيما حثّ عليه وندب إليه. ولا يقبل توحيده إلاّ بالاعتراف لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنبوّته، ولا يقبل ديناً إلاّ بولاية مَنْ أمر بولايته، ولا ينتظم أسباب طاعته إلاّ بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته.

٧٥

وبقيت حثالة من الضلال لا يألون الناس خبالاً يقصدهم الله في ديارهم، ويمحو آثارهم، ويبيد معالمهم، ويعقّبهم عن قرب الحسرات، ويلحقهم بمَنْ بسط أكفّهم، ومدّ أعناقهم، ومكّنهم من دين الله حتّى بدّلوه، ومن حكمه حتّى غيروه، وسيأتي نصر الله على عدوّه لحينه، والله لطيف خبير، وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ، فتأمّلوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثّكم عليه، واقصدوا شرعه، واسلكوا نهجه، ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله.

إنّ هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج، ورُفعت الدرج، ووُضحت الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح من المقام الصراح، ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقائق الإيمان، ويوم دخر الشيطان، ويوم البرهان.

هذا يوم الفصل الذي كنتم [به تكذّبون]، هذا يوم الملأ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم الإرشاد ويوم محنة العباد، ويوم الدليل على الروّاد. هذا يوم إبداء خفايا الصدور ومضمرات الاُمور، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص، هذا يوم شيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون، هذا يوم الأمن والمأمون، هذا يوم إظهار المصون من المكنون، هذا يوم بلوى السرائر.

فلم يزلعليه‌السلام يقول: هذا يوم هذا يوم.

فراقبوا الله واتقوه، واسمعوا له وأطيعوه، واحذروا المكر ولا تخادعوه، وفتّشوا ضمائركم ولا تواربوه(1) ، وتقرّبوا إلى الله بتوحيده، وطاعة مَنْ أمركم أن تطيعوه، لا تمسكوا بعصم الكوافر، ولا يجنح بكم الغيّ فتضلّوا عن سبيل الله باتّباع أولئك الذين ضلّوا. قال الله عزّ من قائل في طائفة ذكرهم بالذمّ في

____________________

(1) واربه: خاتله وخادعه وداهاه.

٧٦

كتابه:( وَقَالُوا رَبّنَا إِنّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلّونَا السّبيلاَ * رَبّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيِنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) (1) ، وقال تعالى:( وَإِذْ يَتَحَاجّونَ فِي النّارِ فَيَقُولُ الضّعَفَاءُ لِلّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ ) (2) .

أفتدرون الاستكبار ما هو؟ هو ترك الطاعة لمَنْ اُمروا بطاعته، والترفّع على مَنْ نُدبوا إلى متابعته، والقرآن ينطق من هذا عن كثير، إن تدبّره متدبّر زجره ووعظه.

واعلموا أيّها المؤمنون، إنّ الله (عزّ وجلّ) قال:( إِنّ اللّهَ يُحِبّ الّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنّهُم بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) (3) . أتدرون ما سبيل الله؟ ومَنْ سبيله؟ ومَنْ صراط الله؟ ومَنْ طريقه؟ أنا صراط الله الذي مَنْ لم يسلكه بطاعة الله فيه هوى به إلى النار، وأنا سبيله الذي نصبني للاتّباع بعد نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنا قسيم النار(4) ، أنا حجّته على الفجّار، أنا نور الأنوار.

فانتبهوا من رقدة الغفلة، وبادروا بالعمل قبل حلول الأجل، وسابقوا إلى مغفرة من ربّكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة وظاهر العذاب، فتنادون فلا يسمع نداؤكم، وتضجّون فلا يحفل بضجيجكم، وقبل أن تستغيثوا فلا تُغاثوا. سارعوا إلى الطاعات قبل فوت الأوقات، فكأن قد جاءكم هادم اللذات، فلا مناص نجاء، ولا محيص تخليص.

عودوا - رحمكم الله - بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، والبرّ

____________________

(1) سورة الأحزاب / 67 - 68.

(2) سورة الصف / 4.

(3) سورة غافر / 47.

(4) أي: مقاسمه. أقول للنار: هذا لك، وهذا لي.

٧٧

بإخوانكم، والشكر لله (عزّ وجلّ) على ما منحكم، واجتمعوا يجمع الله شملكم، وتبارّوا يصل الله اُلفتكم، وتهانوا نعمة الله كما هنأكم الله بالثواب فيه على أضعاف الأعياد قبله وبعده إلاّ في مثله، والبرّ فيه يثمر المال ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهبوا لإخوانكم وعيالكم من فضله بالجهد من جودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشر فيما بينكم، والسرور في ملاقاتكم، والحمد لله على ما منحكم، وعودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم، وساووا بكم ضعفاءكم في مآكلكم وما تناله القدرة من استطاعتكم على حسب إمكانكم، فالدرهم فيه بمئتي ألف درهم، والمزيد من الله (عزّ وجلّ).

وصوم هذا اليوم ممّا ندب الله إليه، وجعل الجزاء العظيم كفالة عنه، حتّى لو تعبّد له عبد من العبيد في الشيبة من ابتداء الدنيا إلى انقضائها، صائماً نهارها، قائماً ليلها، إذا أخلص المخلص في صومه لقصرت إليه أيّام الدنيا عن كفايته، ومَنْ أسعف أخاه مبتدئاً، وبرّه راغباً فله كأجر مَنْ صام هذا اليوم وقام ليلته، ومَنْ فطّر مؤمناً في ليلته، فكأنما فطّر فئاماً وفئاماً بعدها عشرة.

فنهض ناهض فقال: يا أمير المؤمنين، ما الفئام؟

قال: مئة ألف نبي وصدّيق وشهيد، فكيف بمَنْ تكفّل عدداً من المؤمنين والمؤمنات فأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر. ومَنْ مات في يومه أو ليلته أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله، ومَنْ استدان إخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن بقّاه قضاه، وإن قبضه حمله عنه.

وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم، وتهانوا النعمة في هذا اليوم، وليبلّغ الحاضر الغائب، والشاهد البائن، وليعد الغنيّ على الفقير، والقويّ على الضعيف، أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك».

٧٨

ثمّ أخذ (صلوات الله عليه) في خطبة الجمعة، وجعل صلاته جمعة صلاة عيده، وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمّد الحسن بن عليعليه‌السلام بما أعدّ له من طعامه، وانصرف غنيّهم وفقيرهم برفده إلى عياله.

دأب المؤمن (1)

«إنّ المؤمن اتّخذ الله عصمته وقوله مرآته، فمرّة ينظر في نعت المؤمنين، وتارة ينظر في وصف المتجبّرين، فهو منه في لطائف، ومن نفسه في تعارف، ومن فطنته في يقين، ومن قدسه على تمكين».

أنا الحسين بن علي(2)

أنا الحسينُ بن علي بن أبي

طالب البدر بأرضِ العربِ

ألم تروا وتعلموا أنّ أبي

قاتلُ عمرٍو ومبيرُ مرحبِ

ولم يزل قبل كشوف الكربِ

مجلّياً ذلك عن وجهِ النبي

أليس من أعجب عجب العجبِ

أن يطلب الأبعدُ ميراثَ النبي

والله قد أوصى بحفظِ الأقربِ

____________________

(1) تحف العقول / 248، قالعليه‌السلام :....

(2) كشف الغمة 2 / 212، قالعليه‌السلام :....

٧٩

أبي عليعليه‌السلام (1)

أبي علي وجدّي خاتمُ الرسلِ

والمرتضون لدينِ اللهِ من قبلي

واللهُ يعلمُ والقرآنُ ينطقُه

إنّ الذي بيدَي مَن ليس يملك لي

ما يُرتجي بامرئٍ؟ قائل عذلاً

ولا يزيغ إلى قولٍ ولا عملِ

ولا يُرى خائفاً في سرّهِ وجلاً

ولا يحاذر من هفوٍ ولا زللِ

يا ويحَ نفسيَ ممّن ليس يرحمُها

أما لهُ في كتابِ اللهِ من مثلِ

أما لهُ في حديثِ الناسِ معتبرٌ

من العمالقةِ العاديةِ الاُولِ

يا أيّها الرجلُ المغبونُ شيمته

إنّي ورثتُ رسولَ اللهِ عن رُسلِ

أأنتَ أولى بهِ من آلهِ فبما

ترى اعتللت وما في الدينِ من عللِ

____________________

(1) كشف الغمة 2 / 213، قالعليه‌السلام :....

٨٠