ما منا إلا مقتول أو مسموم

ما منا إلا مقتول أو مسموم0%

ما منا إلا مقتول أو مسموم مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 181

ما منا إلا مقتول أو مسموم

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: جعفر البياتي
تصنيف: الصفحات: 181
المشاهدات: 29779
تحميل: 6571

توضيحات:

ما منا إلا مقتول أو مسموم
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 181 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29779 / تحميل: 6571
الحجم الحجم الحجم
ما منا إلا مقتول أو مسموم

ما منا إلا مقتول أو مسموم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(9) دلائل الإمامة / 209، قال الطبري: وكان سبب وفاته أنّ أمّ الفضل بنت المأمون لمّا تسرّى ورزقه اللّه الولد من غيرها انحرفت عنه، وسمّته في عنب....

(10) الفصول المهمّة / 276، قال المالكي: ويُقال:إنّه مات مسموماً.

(11) عيون المعجزات - للشريف المرتضى (أعلى اللّه مقامه)، نقل عنه الشيخ المجلسي خبر مولد الجوادعليه‌السلام ، عن كليم بن عمران، أنّه قال: قلت للرضاعليه‌السلام : اُدعُ اللّه أن يرزقك ولداً. فقال: «إنّما اُرزق ولداً واحداً، وهو يرثني».

قال كليم: فلمّا وُلد أبو جعفر (الجواد)عليه‌السلام قال الرضاعليه‌السلام لأصحابه: «قد وُلد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، قُدّست اُمٌّ ولدتْه، قد خُلقت طاهرةً مطهّرة». ثمّ قال الرضاعليه‌السلام : «يُقتل غصباً فيبكي له وعليه أهل السماء، ويغضب اللّه تعالى على عدوّه وظالمه، فلا يلبث إلاّ يسيراً حتّى يعجّلَ اللّه به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد». وكانعليه‌السلام طول ليلته يناغيه في مهده. (بحار الأنوار 50 / 15 ح 19)

وفيه أيضاً في خبرٍ، هذا منه:... ثمّ إنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفرعليه‌السلام ، وأشار إلى ابنة المأمون زوجته بأنْ تسمّه... فأجابته إلى ذلك، وجعلتْ سمّاً في عنبٍ رازقيٍّ ووضعته بين يديه، فلمّا أكل منه ندمتْ وجعلت تبكي، فقال: «ما بكاؤكِ؟! واللّه

١٢١

ليضربنّكِ اللّه بعقرٍ لا ينجبر، وبلاءٍ لا ينستر».

فماتت بعلّةٍ في أغمض المواضع من جوارحها، صارت ناصوراً، فأنفقت جميع ما ملكته على تلك العلّة. وقُبضعليه‌السلام وله أربع وعشرون سنة وشهور. (بحار الأنوار 50 / 16ح26).

(12) إثبات الوصيّة / 183، قال: فلمّا وُلِد [الجوادعليه‌السلام ] قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام لأصحابه في تلك الليلة:«قد وُلِد لي شبيهُ موسى بن عمرانعليه‌السلام ... ثمّ قال: بأبي واُمّي شهيد يبكي عليه أهل السماء، يُقتَل غيظاً، ويغضب اللَّهُ (عزّ وجلّ) على قاتله فلا يلبث إلاّ يسيراً حتّى يُعجِّلَ اللَّه به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد».

(13) الإرشاد / 326، قال الشيخ المفيدرحمه‌الله :... قُبضعليه‌السلام ببغداد، وكان سبب وروده إليها إشخاص المعتصم له من المدينة، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرّم سنة خمس وعشرين ومئتين، وتُوفّي بها في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: إنّه مضى مسموماً.

ثمّ لم ينفِ المفيد ما أورده بعد (قيل)، وإنّما قال:ولم يثبت عندي بذلك خبر فأشهد به.

أمّا سبب عدم الثبوت فربّما كان عائداً إلى عدم توفّر الأخبار الكافية والقاطعة بشهادة مولانا الإمام الجواد (سلام اللّه عليه) عنده؛ ولذا قال (عندي)، ولم يقل (عندنا) أي العلماء، وهذا يعني عدمَ ردّه لقول مَنْ يذهب إلى شهادتهعليه‌السلام ، فإنّها على أقلّ

١٢٢

الفروض مُحتملة جائزة بالنسبة لهرحمه‌الله ، وإلاّ فأهل السير يقطعون بها على وجه الاطمئنان والثبوت.

(14) كشف الغمّة - للإربلّي 2 / 370، قال: وقيل: إنّهعليه‌السلام مضى مسموماً.

(15) روضة الواعظين - للفتّال النيسابوري / 243، قال:وقُبض ببغداد قتيلاً مسموماً في آخر ذي القعدة.

(16) الدرّ النظيم - للشيخ يوسف بن حاتم الشامي / 717 - 718.

(17) جنّات الخلود - للشيخ محمّد رضا إمامي خاتون آبادي / 35.

(18) مروج الذهب 3 / 460.

(19) مصباح الكفعمي / 523.

(20) التتمّة في تواريخ الأئمّةعليهم‌السلام / 134.

(21) شرح شافية أبي فراس / 436، وفيه: ومن الدماء التي لرسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند بني العبّاس سمُّ أبي جعفر الجواد.

ومنها ما لم نذكره مراعاةً للاختصار.

١٢٣

١٢٤

شهادة الإمام النقيّ عليّ الهاديعليه‌السلام

وهي وإنْ كانت غير متواترة لكنّها أيضاً مشهورة، وقد نصّ عليها عددٌ كبير مِن العلماء والمؤرّخين، منهم:

(1) المسعودي، قال: وقيل: إنّهعليه‌السلام مات مسموماً.

(2) ابن شهر آشوب، قال: في آخر مُلْك المعتمد استُشهدعليه‌السلام مسموماً.

(3) الطبري الإمامي، قال: وكانت سنوات إمامته بقيّة ملْك الواثق، ثمّ ملك المتوكّل، ثمّ المستعين أحمد، ثمّ المعتزّ... وفي آخر ملكه استُشهد وليّ اللّه، وقد كمل عمره أربعين سنة، وذلك يوم الإثنين الثالث من رجب سنة مئتين وخمسين من الهجرة مسموماً....

(4) الشيخ الصدوقرحمه‌الله ، قال ابن شهر آشوب:وقال ابن بابويه: وسمّه المعتمد.

وقد مرّ علينا رأي الشيخ الصدوق في (الاعتقادات / 110).

(5) الشيخاني، قال: واستُشهد عليّ العسكري في آخر ملْك

١٢٥

المعتزّ، بالسمّ. (الصراط السويّ / 407).

(6) ابن طاووس في (الإقبال / 97) أورد دعاءً يُقرأ في كلّ يوم من شهر رمضان، جاء فيه: اللّهمّ صَلّ على عليِّ بن محمّد إمام المسلمين، ووال مَنْ والاه، وعادِ مَنْ عاداه، وضاعفِ العذابَ على مَنْ شرِك في دمه.

(7) الطبرسي المفسّر، قال: ثمّ ملَك المعتزّ، وهو الزبير بن المتوكّل، ثماني سنين وستّة أشهر، وفي مُلكه استُشهد وليُّ اللّه عليّ بن محمّدعليهما‌السلام ، ودُفن في داره بـ (سرّ مَنْ رأى).

(8) ابن الصبّاغ المالكي، أكّد شهادتهعليه‌السلام في كتابه (الفصول المهمّة / 283)، قال:... ثمّ مَلَك المعتزّ، وهو الزبير بن المتوكّل، واستُشهد أبو الحسن [الهادي]؛ لأنّه كان يُقال:إنّه كان مسموماً، واللَّه أعلم.

(9) الزرندي، قال: وقيل: سمّه المستعين باللّه، واللّه أعلم.

(10) الكفعمي... كذلك ذهب إلى شهادتهعليه‌السلام ، وقد دوّن ذلك في جدولَي (المصباح).

(11) سبط ابن الجوزي، قال: وكانت وفاته في أيّام المعتزّ باللَّه، ودُفن بسُرّ منْ رأى، وقيل: إنّه مات مسموماً.

(12) الهاشمي في (شرح ميميّة أبي فراس الحمداني).

١٢٦

(13) الشيخ الحرّ العاملي في اُرجوزته.

(14) الفتوني في اُرجوزته أيضاً.

(15) المجلسي في (بحار الأنوار) ج 50.

(16) جنّات الخلود / 37.

(17) التّتمة في تواريخ الأئمّةعليهم‌السلام / 139.

(18) أسرار الإمامة / 85 - 86، قال: وفي آخر مُلك المعتزّ مات [الإمام الهاديعليه‌السلام ] شهيداً.

وهذا يغني أيّ محقّق منصف يريد الاهتداء إلى صحّة الرأي القائل بشهادة الإمام الهادي (سلام اللّه عليه).

١٢٧

١٢٨

شهادة الإمام الحسن العسكري (صلوات اللّه عليه)

وهي وإن حاول البعض طمسَها وإنكارها، لكنّ الأخبار العامّة أكّدتها وجعلتنا نطمئنّ إلى وقوعها على سبيل الجزم؛ لما ورد عن المعصوم (صلوات اللّه عليه): «ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم»، و «ما منّا إلاّ مسموم أو مقتول»، و«ما منّا إلاّ مقتول شهيد».

ومع هذا جاءت الأخبار الخاصّة مؤكِّدة أنّ الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام على وجه التعيين مقتول شهيد، وإن اختلف الرأي - أحياناً - في مَنْ كان هو القاتل.

ومِن هذه الأخبار ما جاء في:

(1) دلائل الإمامة / 223، قال الطبري: في أيّام المعتمد استُشهد وليُّ اللّه مسموماً.

(2) مناقب آل أبي طالب 4 / 457، قال ابن شهر آشوب:قُبض، ويُقال: استُشهِد، ودُفن مع أبيه بسرّ مَنْ رأى، وقد كمل من عمره تسع وعشرون سنة، ويُقال: ثمانٍ وعشرون سنة.

(3) المصباح / 523، في جدولَيهِ، قال الشيخ الكفعمي:سمّه المعتمد.

(4) مناقب آل أبي طالب 2 / 457.

(5) الأنوار النعمانيّة، أكد فيها السيّد نعمة اللّه الجزائريّ (قُدّس سرّه)

١٢٩

أمر شهادته (سلام اللّه عليه).

(6) الإقبال / 97، أورد ابن طاووس في نقله للدعاء:اللّهمّ صلّ على الحسن بن عليّ إمام المسلمين، ووال مَنْ والاه، وعاد مَنْ عاداه، وضاعفِ العذاب على مَنْ شرِك في دمه - وهو المعتمد، أو المعتضد برواية ابن بابويه -.

(7) الصراط السوي / 410، قال الشيخاني: وكانت وفاة أبي محمّد الحسن الخالص العسكري بـ (سُرّ مَنْ رأى) في يوم الجمعة، لثمانٍ خلون من شهر ربيع الأوّل مسموماً سنة ستين ومئتين من الهجرة النبويّة، ودُفن في البيت الذي دُفن فيه أبوه عليٌّ الهادي العسكريعليه‌السلام .

(8) الفصول المهمّة / 290، بعد ذكر شيءٍ من حياته الشريفة، قال ابن الصبّاغ المالكي: ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً، وكذلك أبوه وجدّه، وجميع الأئمّة الذين مِن قبلهم خرجوا كلّهم (تغمّدهم اللّه برحمته) مِن الدنيا على الشهادة، واستدلّوا على ذلك بما رُوي عن الصّادقعليه‌السلام أنّه قال: «ما منّا إلاّ مقتول أو شهيد».

هكذا أورد ابن الصبّاغ الخبر والرأيَ معاً ولم يردّهما وهو مالكيُّ المذهب؛ لأنّه يعلم أنّ ذلك أمرٌ مشهور ومؤيَّد بأكثر من دليل.

(9) التتمّة في تواريخ الأئمّةعليهم‌السلام / 144.

(10) جنّات الخلود / 39.

١٣٠

(11) شرح ميميّة أبي فراس للهاشمي.

(12) اُرجوزة الحرّ العاملي.

(13) اُرجوزة الفتوني قال: سمّه المعتمد.

(14) الاعتقادات / 110.

(15) إعلام الورى / 211، قال الشيخ الطبرسي (رضوان اللّه عليه): ذهب كثيرٌ من أصحابنا إلى أنّ الحسن العسكري مضى مسموماً، وكذلك أبوه وجدّه وجميع الأئمّة خرجوا من الدنيا بالشهادة، واستدلّوا في ذلك بما رُوي عن الصادقعليه‌السلام : «واللَّهِ، ما منّا إلاّ مقتولٌ شهيد».

(16) أسرار الإمامة / 86، قال عماد الدين الطبري: وبعد ما مضى خمسُ سنين من مُلك المعتمد بن جعفر مات [الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ] شهيداً.

أمّا السيّد المقرّمرحمه‌الله فقد قال بعد ما أورد أسماء جملةٍ من المصادر وشيئاً من نصوصها القائلة بشهادة جميع الأئمّةعليهم‌السلام : وإنّي لا أرى بعد هذه النصوص من العلماء الأعلام مَنْ يرتاب في شهادة الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام إلاّ قاصر النظر، كثير التشكيكات؛ لقلّة الوقوف على التاريخ والإلمام بالأحاديث(1) .

(الإمام زين العابدينعليه‌السلام / 405 - 406).

هذا رغم كثرة الأخبار العامّة والخاصّة في ذكر شهادتهمعليهم‌السلام ، مع أنّ حالَهم مع سلاطين الجور في زمانهم حاكية

____________________

(1) الإمام زين العابدينعليه‌السلام / 405 و 406.

١٣١

بوفاتهم غيلةً وغدراً على أيدي الطغاة والخونة.

فنحن نقرأ - مثلاً - في حياة الإمام الباقرعليه‌السلام أنّ شيخاً أيّده ونصح قومَه في مَدين أنْ يفتحوا أبوابهم في وجهه، يقول الخبر في نهايته: فبلغَ هشامَ بن عبد الملك خبرُ الشيخ، فبعث إليه فحمله، فلم يُدْرَ ما صَنَعَ به(1) .

(الكافي - للشيخ الكليني 1 / 393 ح 5، باب مولد أبي جعفر الباقرعليه‌السلام )

وفي حياة الإمام الصادقعليه‌السلام نقرأُ أنّ المنصور أوصى أنْ يُكتب إلى عامله على المدينة: إنْ كان قد أوصى (جعفر) إلى رجل بعينه فقدّمْه واضرب عنقه. فرجع الجواب إليه أنّه قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور... فقال: ليس إلى قتل هؤلاء سبيل(2) .

(الغيبة - للطوسي / 129، والكافي 1 / 310).

وفي حياة الإمام الجوادعليه‌السلام : سمّي (التقيّ) لأنّه اتّقى اللّه (عزّ وجلّ)، فوقاه اللّه شرّ المأمون لمّا دخل عليه بالليل سكران، فضربه بسيفه حتّى ظنّ أنّه قد قتله، فوقاه اللّه شرَّه(3) .

(معاني الأخبار - للصدوق / 65).

فالحال تحكي أنّ أئمّة الكفر والجور كانوا لا يتركون أئمّةَ الهدى والحقّ حتّى يقتلوهم.

هذا مع غزارة المصادر والآراء الناقلة لحقيقة ذلك، فإنّ شهادتهمعليهم‌السلام جرت على الصحّة والثبوت، لا الشكّ أو الظنّ أو الشبهة.

____________________

(1) الكافي - للشيخ الكلينيّ 1 / 393 ح 5 - باب مولد أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

(2) الغيبة - للطوسيّ / 129، والكافي 1 / 310.

(3) معاني الأخبار - للصدوق / 65.

١٣٢

وقد ذكرنا ما تيسّر لنا ذكْره، وما تيسّر الاطلاع عليه، ونحن لا نشكّ أنّ جملةً أخرى منها ذهبت إلى الرأي نفسه، وأوردت أخباراً أخرى تؤكّد شهادة جميع الأئمّة (سلام اللّه عليهم)، كتب في ذلك علماءُ الشيعة فضلاً عن أهل السنّة الذين أقرّوا بظُلامَة أهل البيت (صلواتُ اللّه تعالى عليهم)، مفصّلين في قصص شهادتهم.

ونحن تحاشينا التفصيل في ذكر أسباب وأحوال وفاتهمعليهم‌السلام مراعاة للاختصار، واكتفينا بالإشارات التي يمكن أنْ تكون دليلاً لمَنْ أحبّ البحث الدقيق في هذا الموضوع.

١٣٣

١٣٤

شهادة خاتَم الأوصياء الإمامِ المَهدي( أرواحنا فِداه )

عجّلَ اللّهُ تعالى فرَجَهُ الشَّريف

وإذا كان قد صحّ أنّ النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة الطاهرين من بعده (صلوات اللّه عليهم أجمعين)، وكذا الصدّيقة الكبرى (سلام ربّنا عليها) قد قضَوا كلّهم شهداء بما ثبت ذلك من الأخبار التي تطمئنّ لها القلوب المؤمنة، فإنّ أمر الإمام المهدي (أرواحنا فداه) بقي أمام تساؤل البعض - باعتباره (عجّل اللّه فرجه) ما زال حيّاً يُرزق - هل إنّه سيُستشهد بعد ظهوره أم لا؟

نقولها وباطمئنان: نعم، ومَنْ أَولى منه بهذه المكرمة؟ أمّا الدليل فهو عامّ؛ لأنّه (سلامُ اللّه عليه) مشمول بلا شكٍّ ولا ريب بالنصوص التي وردتْ عنهم (صلوات اللّه عليهم) أنّهم يقضون شهداء ما بين مقتول أو مسموم:

ـ«ما مِن نبيّ ولا وصيّ إلاّ شهيد». الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ـ«ما منّا إلاّ مسموم أو مقتول». الحسن المجتبىعليه‌السلام .

١٣٥

ـ«ما منّا إلاّ مقتول شهيد». الإمام الصادقعليه‌السلام .

ـ «واللّهِ، ما منّا إلاّ مقتول شهيد». الإمام الرضاعليه‌السلام .

وخاصّ؛ لِما ورد في شأن الاعتقاد بالغيبة والظهور والرجعة من أنّه هوعليه‌السلام يُقتل أيضاً كما سيتبيّن من الروايات فيما بعد.

ثمّ ماذا؟ نعم، فهذا ما أكّدتْه الروايات وأثبته العلماء:عن جابر بن يزيد الجعفي (رضوان اللّه تعالى عليه)، قال: سمعت أبا جعفر (الباقر)عليه‌السلام يقول: «واللّهِ، ليملكنّ رجلٌ منّا أهلَ البيت الأرضَ بعد موته ثلاثمئة سنةٍ ويزداد تسعاً».

قلت: فمتى ذلك؟

قال: «بعد موت القائم».

قلت: وكم يقوم القائم في عالمه حتّى يموت؟

قال: «تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى موته».

قلت: فيكون بعد موته هرج؟

قال: «نعم، خمسين سنة. قال: ثمّ يخرج المنصور(1) إلى الدنيا فيطلب دمه ودمَ أصحابه»(2) .

وسُئل الإمام أبو عبد اللّه الصادقعليه‌السلام عن الرجعة، أحقٌّ هي؟ قال: «نعم». فقيل له: مَنْ أوّل مَنْ يخرج؟ قال: «الحسين

____________________

(1) في الروايات أنّه الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وفي بعضها: المنتصر.

(2) تفسير العيّاشيّ 2 / 326.

١٣٦

يخرج على أثر القائمعليهما‌السلام ». قلت: ومعه الناس كلّهم؟ قال: «لا، بل كما ذكر اللّه تعالى في كتابه:( يَوْم َ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَا جاً ) (1) ، قوم بعد قوم».

وعنهعليه‌السلام : «ويقبل الحسينعليه‌السلام في أصحابه الذين قُتلوا معه، ومعه سبعون نبيّاً كما بُعثوا مع موسى بن عمران، فيدفع إليه القائمعليه‌السلام الخاتم، فيكون الحسينعليه‌السلام هو الذي يلي غُسلَه وكفنَه وحنوطه، ويُواريهِ في حفرته»(2) .

وعلى كلّ حال، فالدليل العامّ يكفي في إثبات شهادة المولى حجّة اللّه الأعظم، المهدي الموعود (أرواحنا لتراب مَقدمه الفداء). وهي حقيقة لا نشكّ فيها، ولكنّها تقع بعد إحياء الأرض، ونشر العدل، وحلول الأمان، بل وبعد فصول الانتقام من أعداء اللَّه.

قبل شهادتهعليه‌السلام

وهنا تكون رواية المفضّل بن عمر موضِّحةً كاشفة:... قال للإمام الصادقعليه‌السلام : يا سيدي، ثم يسير المهدي إلى أين؟ قالعليه‌السلام : «إلى مدينة جدّي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا وردَها كان له فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور

____________________

(1) سورة النبأ / 18.

(2) بحار الأنوار 53 / 103 ح 130، عن مختصر البصائر.

١٣٧

المؤمنين وخزيُ الكافرين»(1) .

وتستمرّ الرواية الشريفة لتحدّثنا حول الرجعة: «... ثمّ يخرج السيّد الأكبر محمّد رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أنصاره والمهاجرين، ومَنْ آمن به وصدّقه واستُشهد معه، ويحضر مكذّبوه والشّاكّون فيه والرادّون عليه، والقائلون فيه إنّه ساحر وكاهن، ومجنون وناطق عن الهوى، ومَنْ حاربه وقاتله حتّى يقتصّ منهم بالحقّ، ويُجازَون بأفعالهم منذ وقتِ ظهر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ظهور المهدي، مع إمامٍ إمام، ووقتٍ وقت، ويحقّ تأويل هذه الآية:( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) »(2) .

قال المفضّل: يا سيّدي، ومَنْ فرعونُ وهامان؟

قال: «أبو بكر وعمر».

قال المفضّل: يا سيّدي، ورسولُ اللّه وأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما وآلهما) يكونانِ معه؟

فقال: «لا بدّ أن يطئا الأرض، إي واللّه حتّى ما وراء القاف(3) ، إي واللّه ما في الظلمات وما في قعر البحار حتّى

____________________

(1) بحار الأنوار 53 / 12 - الباب 25 (ما يكون عند ظهورهعليه‌السلام برواية المفضَّل بن عمر).

(2) سورة القصص / 5 - 6.

(3) جبل قاف المحيط بالأرض، قالوا: واُصول الجبال كلّها من عِرْقه (معجم البلدان - لياقوت الحموي 4 / 298). وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : «وأمّا (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض، وخضرة السماء منه، وبه يُمسِك اللهُ الأرضَ أن تَميد بأهلها». (معاني الأخبار / 22 - 23).

١٣٨

لا يبقى موضع قدم إلاّ وطِئاهُ، وأقاما فيه الدين الواجب للّه (تعالى).

ثمّ لَكأنّي أنظر - يا مفضّل - إلينا معاشرَ الأئمّةِ بين يدَي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نشكو إليه ما نزل بنا من الأمّةِ بعدَه، وما نالَنا مِن التكذيب والردّ علينا، وسبّنا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لأمورهم من دون الأمّة بترحيلنا عن حرمه إلى دار مُلكهم، وقتلهم إيّانا بالسمّ والحبس، فيبكي رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول: يا بَنيّ، ما نزل بكم إلاّ ما نزل بجدّكم قبلكم(1) .

ثمّ تبتدئ فاطمةعليها‌السلام وتشكو ما نالها من أبي بكر وعمر، وأخذ فدك منها، ومشيِها إليه في مجمعٍ من المهاجرين والأنصار، وخطابها له في أمر فدك، وما ردّ عليها من قوله:إنّ الأنبياء لا تورّث. واحتجاجها بقول زكريّا ويحيىعليهما‌السلام ، وقصّة داود وسليمانعليهما‌السلام ، وقول عمر: هاتي صحيفتكِ التي ذكرتِ أنّ أباكِ كتبها لكِ.

وإخراجها الصحيفة، وأخذه إيّاها منها، ونشره لها على رؤوس الأشهاد من قريش والمهاجرين والأنصار وسائر العرب، وتفْله فيها،وتمزيقه إيّاها، وبكائها ورجوعها إلى قبر أبيها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله باكيةً حزينةً تمشي على الرمضاء قد أقلقتها، واستغاثتها باللّه وبأبيها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

وتقصّ عليه قصّة أبي بكر، وإنفاذهِ خالدَ بن الوليد وقنفذاً وعمر

____________________

(1) وهذه شهادة اُخرى على شهادة المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(2) بحار الأنوار 53 / 16 - 17.

١٣٩

ابن الخطّاب، وجَمْعه من الناس لإخراج أمير المؤمنينعليه‌السلام من بيتهِ إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة، واشتغال أميرِ المؤمنين (صلوات اللّه وسلامه عليه) بعد وفاة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بضمّ أزواجه وقبره وتعزيتهم، وجمعِ القرآن،وقضاءِ دينه، وإنجاز عداته، وقول عمر: اخرج يا عليّ إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلاّ قتلناك.

وجمعهم الحطب الجزل على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنينعليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسين وزينب واُمّ كلثوم وفضّة، وإضرامهم النار على الباب، وخروج فاطمةعليها‌السلام إليهم، وخطابها لهم من وراء الباب، وقولها: ويحَك يا عمر! ما هذه الجرأة على اللّه وعلى رسوله؛ تريد أنْ تقطع نسلَه من الدنيا وتُفنيه، وتطفئ نور اللّه واللَّه متمّ نوره!

وانتهاره لها، وقوله: كفّي يا فاطمة، فليس محمّدٌ حاضراً، ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند اللّه، وما عليٌّ إلاّ كأحدِ المسلمين، فاختاري إنْ شئتِ خروجَه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً. فقالت وهي باكية: اللّهمّ إليك نشكو فقْدَ نبيّك، ورسولك وصفيّك، وارتدادَ أُمّتهِ علينا، ومنعَهم إيّانا حقّنا الذي جعلتَه لنا في كتابك المُنزَل على نبيّك المرسَل. فقال عمر:دعي عنكِ يا فاطمةُ حماقات النساء، فلم يكن اللّه ليجمع لكم النبوّةَ والخلافة.

وأخذت النار في خشب الباب، وإدخال قنفذ يده (لعنه اللّه)

١٤٠