اُسلوب اجتناب المعاصي
* و من جملة مواعظهعليهالسلام
:
رُوِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّعليهماالسلام
جَاءَهُ رَجُلٌ وَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ عَاصٍ، وَلاَ أَصْبِرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، فَعِظْنِي بِمَوْعِظَةٍ.
فَقَالَعليهالسلام
: «افْعَلْ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ. فَأَوَّلُ ذَلِكَ: لاَ تَأْكُلْ رِزْقَ اللَهِ، وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ. وَالثَّانِي: اخْرُجْ مِنْ وِلاَيَةِ اللَهِ، وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ. وَالثَّالِثُ: اطْلُبْ مَوْضِعاً لاَ يَرَاكَ اللَهُ، وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ. وَالرَّابِعُ: إذَا جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَكَ فَادْفَعْهُ عَنْ نَفْسِكَ، وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ. وَالْخَامِسُ: إِذَا أَدْخَلَكَ مَالِكٌ فِي النَّارِ فَلاَ تَدْخُلْ فِي النَّارِ، وَأَذْنِبْ مَا شِئْتَ»
.
مواعظ سيّد الشهداءعليهالسلام
* وورد عن الإمام الصادقعليهالسلام
أنّه قال: «حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِعليهماالسلام
أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَتَبَ إلى أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّعليهماالسلام
: يَا سَيِّدِي، أَخْبِرْنِي بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. فَكَتَبَ (صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَيْهِ): بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ مَنْ طَلَبَ رِضَا اللَهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ اللَهُ أُمُورَ النَّاسِ، وَمَنْ طَلَبَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَهِ، وَكَلَهُ اللَهُ إلى النَّاسِ. وَالسَّلاَمُ»
.
* ورُوي عن كتاب «أعلام الدين»: قَالَعليهالسلام
: «دِرَاسَةُ الْعِلْمِ لِقَاحُ الْمَعْرِفَةِ، وَطُولُ التَّجَارِبِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ، وَالشَّرَفُ التَّقْوَى، والْقُنُوعُ رَاحَةُ الاْبْدَانِ. وَمَنْ أَحَبَّكَ نَهَاكَ، وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَغْرَاكَ»
.
* ومن مواعظهعليهالسلام
: وَقَالَعليهالسلام
: «إيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ؛ فَإنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يُسِيءُ وَلاَ يَعْتَذِرُ، وَالْمُنَافِقُ كُلَّ يَوْمٍ يُسِيءُ وَيَعْتَذِرُ»
.
* ومن مواعظهعليهالسلام
: وَقَالَ لاِبْنِهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِعليهماالسلام
: «أَيْ بُنَيَّ، إيَّاكَ وَظُلْمَ مَنْ لاَ يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إلاَّ اللَهَ (جَلَّ وَعَزَّ)»
خطبتهعليهالسلام
بمنى، وتنوير الأذهان في زمن معاوية
* وفي كتاب سليم بن قيس: لمّا مات الحسن بن عليّعليهماالسلام
(استشهد الإمام الحسن المجتبىعليهالسلام
بالسمّ في سنة (49) هجريّة على يد زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس، بإيعاز من معاوية
) لم تزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدّان (على الشيعة)، فلم يبقَ وليّ للّه إلاّ خائفاً على دمه، (وفي رواية أُخرى: إلاّ خائفاً على دمه أنّه مقتول)، وإلاّ طريداً، وإلاّ شريداً، ولم يبق عدوّ للّه إلاّ مظهراً حجّته، غير مستتر ببدعته وضلالته.
فلمّا كان قبل موت معاوية بسنة
حجّ الحسينُ بنُ عليّ (صلوات الله عليه)، وعبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن جعفر معه، فجمع الحسينُعليهالسلام
بني هاشم؛ رجالهم ونساءهم ومواليهم، ومن الأنصار ممّن يعرفه الحسينعليهالسلام
وأهل بيته، ثمّ أرسل رسلاً: «لا تَدَعوا أحداً ممّن حجّ العام من أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآله
، المعروفين بالصلاح والنسك إلاّ اجمعهم
لي».
فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمئة رجل، وهم في سرادقه، عامّتهم من التابعين، ونحو من مئتي رجل من أصحاب النبيّصلىاللهعليهوآله
. فَقَامَ فِيهِمْ خَطِيباً، فَحَمِدَ اللَهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ
قَدْ فَعَلَ بِنَا وَبِشِيعَتِنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَعَلِمْتُمْ وَشَهِدْتُمْ، وَإنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ شَيْءٍ؛ فَإِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِي، وَإِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبُونِي.
وَأَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ اللَهِ عَلَيْكُمْ، وَحَقِّ رَسُولِ اللَهِصلىاللهعليهوآله
وَقَرَابَتِي مِنْ نَبِيِّكُمْ لَمَّا سَيَّرْتُمْ مَقَامِي هَذَا، وَوَصَفْتُمْ مَقَالَتِي، وَدَعَوْتُمْ أَجْمَعِينَ فِي أَمْصَارِكُمْ مِنْ قَبَائِلِكُمْ مَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ (وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بَعْدَ قَوْلِهِ: فَكَذِّبُونِي: اسْمَعُوا مَقَالَتِي وَاكْتُبُوا قَوْلِي، ثُمَّ ارْجِعُوا إلى أَمْصَارِكُمْ وَقَبَائِلِكُمْ؛ فَمَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ)، وَوَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ إلى مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنَا؛ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ يَدْرُسَ هَذَا الاْمْرُ، وَيَذْهَبَ الْحَقُّ وَيُغْلَبَ،(
وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
)
».
وَمَا تَرَكَ شَيْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَهُ فِيهِمْ مِنَ الْقُرآنِ إلاَّ تَلاَهُ وَفَسَّرَهُ، وَلاَ شَيْئاً مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللَهِصلىاللهعليهوآله
فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ وَأُمِّهِ، وَفِي نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِعليهمالسلام
إلاَّ رَوَاهُ. وَكُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ أَصْحَابُهُ: اللَهُمَّ نَعَمْ، وَقَدْ سَمِعْنَا وَشَهِدْنَا. وَيَقُولُ التَّابِعِيُّ: اللَهُمَّ قَدْ حَدَّثَنِي بِهِ مَنْ أُصَدِّقُهُ وَأَئْتَمِنُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ.
مناشدتهعليهالسلام
للأصحاب والتابعين
فَقَالَ: «أَنْشُدُكُمُ اللَهَ إلاَّ حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ وَبِدِينِهِ».
قَالَ سُلَيْمٌ: فَكَانَ فِيمَا نَاشَدَهُمُ الْحُسَيْنُعليهالسلام
وَذَكَّرَهُمْ أَنْ قَالَ: «أَنْشُدُكُمُ اللَهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ أَخَا رَسُولِ اللَهِصلىاللهعليهوآله
حِينَ آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَآخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ أَخِي وَأَنَا أَخُوكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟».
قَالُوا: اللَهُمَّ نَعَمْ.
قَالَ: «أَنْشُدُكُمُ اللَهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَهِصلىاللهعليهوآله
نَصَبَهُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ فَنَادَى لَهُ بِالْوِلاَيَةِ، وَقَالَ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ؟».
قَالُوا: اللَهُمَّ نَعَمْ.
قَالَ: «أَنْشُدُكُمُ اللَهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَهِصلىاللهعليهوآله
قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: إنِّي تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ؛ كِتَابَ اللَهِ وَأَهْلَ بَيْتِي، فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا؟».
قَالُوا: اللَهُمَّ نَعَمْ.
وبعد نقل فِقْرات كثيرة من هذه المناشدة، قال: ثُمَّ نَاشَدَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوهُ يَقُولُ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُ عَلِيّاً فَقَدْ كَذَبَ، لَيْسَ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُ عَلِيّاً. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَهِ، وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ؛ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَهَ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَهَ؟».
فَقَالُوا: اللَهُمَّ نَعَمْ، قَدْ سَمِعْنَا. وَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلَكَ
.
خطبتهعليهالسلام
عند خروجه من مكّة
* خطبتهعليهالسلام
في مكّة المكرّمة حين عزم على الخروج إلى كربلاء: وَرُوِيَ أَنَّهُعليهالسلام
لَمَّا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ إلى الْعِرَاقِ قَامَ خَطِيباً، فَقَال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا شَاءَ اللَهُ، وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ، وَصَلَّى اللَهُ عَلَى رَسُولِهِ. خُطَّ الْمَوْتُ عَلَى وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلاَدَةِ على جِيدِ الْفَتَاةِ. وَمَا أَوْلَهَنِي إلى أَسْلاَفِي اشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إلى يُوسُفَ. وَخُيِّرَ لِي مَصْرَعٌ أَنَا لاَقِيهِ؛ كَأَنِّي بَأَوْصَالِي تَتَقَطَّعُهَا عُسْلاَنُ الْفَلَوَاتِ بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَكَرْبَلاَءَ؛ فَيَمْلاَنَ مِنِّي أَكْرَاشاً جُوفاً، وَأَجْرِبَةً سُغْباً.
لاَ مَحِيصَ عَنْ يَوْمٍ خُطَّ بِالْقَلَمِ. رِضَا اللَهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ؛ نَصْبِرُ على بَلاَئِهِ وَيُوَفِّينَا أُجُورَ الصَّابِرِينَ. لَنْ تَشُذَّ عَنْ رَسُولِ اللَهِصلىاللهعليهوآله
لُحْمَتُهُ، وَهِيَ مَجْمُوعَةٌ لَهُ فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ؛ تَقِرُّ بِهِمْ عَيْنُهُ، وَيُنْجَزُ لَهُمْ وَعْدُهُ. مَنْ كَانَ فِينَا بَاذِلاً مُهْجَتَهُ، وَمُوَطِّناً على لِقَاءِ اللَهِ نَفْسَهُ، فَلْيَرْحَلْ مَعَنَا؛ فَإنَّنِي رَاحِلٌ مُصْبِحاً إنْ شَاءَ اللَهُ تَعَالَى»
.
أشعارهعليهالسلام
في جواب الفرزدق ومحادثته معه
* وقد التقاهعليهالسلام
وهو متوجّه إلى الكوفة الفرزدقُ بن غالب (الشاعر المعروف في ذلك العصر)، وقال له: يابنَ رسولِ الله، كيفَ تَركَنُ إلى أهل الكوفةِ وهم الذين قَتلوا ابنَ عَمِّك مسلمَ بنَ عقيل وشيعته؟
فترحّمَ (الحسينُ) على مُسلمٍ وقال: «صار إلى رَوْحِ اللَهِ ورِضوانِهِ. أما إنَّهُ قَضَى مَا عَلَيهِ وبَقِي مَا عَلَيْنَا».
وأنشده:
وَإنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً
|
|
فَدَارُ ثَوَابِ اللَهِ أَعْلى وَأَنْبَلُ
|
وَإنْ تَكُنِ الاْبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ
|
|
فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّيْفِ فِي اللَهِ أَفْضَلُ
|
وَإنْ تَكُنِ الاْرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّر
|
|
فَقِلَّةُ حِرْصِ الْمَرْءِ فِي الْكَسْبِ أَجْمَلُ
|
وَإنْ تَكُنِ الأمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَ
|
|
فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْمَرْءُ يَبْخَلُ
|
وقال الكثير من أصحاب المقاتل؛ مثل المحدّث القمّي في «نفسالمهموم»، والشيخ سليمان القندوزي في «ينابيع المودّة»
: إنّهعليهالسلام
كان يرتجز يوم عاشوراء ويقاتل بسيفه، ويتمثّل في رجزه بهذه الأشعار.
* يقول عليّ بن عيسى الإربِلي: قَالَ الْفَرَزْدَقُ: لَقِيَنِي الْحُسَيْنُعليهالسلام
فِي مُنْصَرَفِي مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: «مَا وَرَاكَ يَا أَبَا فِرَاسٍ؟».
قُلْتُ: أَصْدُقُكَ؟
قَالَعليهالسلام
: «الصِّدْقَ أُرِيدُ».
قُلْتُ: أَمَّا الْقُلُوبُ فَمَعَكَ؛ وَأَمَّا السُّيُوفُ فَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ؛ وَالنَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَهِ.
قَالَ: «مَا أَرَاكَ إلاَّ صَدَقْتَ؛ النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَالدِّينُ لَغْوٌ على أَلْسِنَتِهِمْ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ بِهِ مَعَايِشُهُمْ، فَإذَا مُحِّصُوا بِالْبَلاَءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ»
.
خطبة الإمامعليهالسلام
عند ممانعة الحرّ إيّاه
* وحين اعترض الحرُّ بن يزيد الرياحيّ الإمامَعليهالسلام
ومنعه بشدّة من التوجّه إلى الكوفة أو الرجوع إلى المدينة، فقامعليهالسلام
في «ذي حَسَم» - وفق رواية الطبريّ في تأريخه عن عَقَبة بن أبي العيزار -، فَحَمِدَ اللَهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، إنَّهُ قَدْ نَزَلَ مِنَ الأمْرِ مَا قَدْ تَرَوْنَ، وَإنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتَمَرَّتْ حَذَّاءَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإنَاءِ، وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ.
أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يُعْمَلُ بِهِ، وَأَنَّ الْبَاطِلَ لاَ يُتَنَاهَي عَنْهُ؟! لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَهِ مُحِقّاً؛ فَإنِّي لاَ أَرَى المَوتَ إلاَّ سَعَادَةً، وَلاَ الْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إلاَّ بَرَماً»
.
وزاد في كتاب «تحف العقول» هذه الجملة بعد ذكره لهذه الجملات من الخطبة: قالعليهالسلام
: «إنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ على أَلْسِنَتِهِمْ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ، فَإذَا مُحِّصُوا بِالْبَلاَءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ»
.
فقام آنذاك زُهَيْر بن القَيْن، ونافِع بن هِلال، وبُرَيْر بن خُضير، كلاً بدوره، فتكلّموا وأظهروا موالاتهم ومساندتهم للإمامعليهالسلام
.
* وأقبل الحرّ بن يزيد يُساير الإمامعليهالسلام
ولا يُفارقه، وهو يقول له: يَا حسين، إنّي أُذكِّركَ اللهَ في نفسكَ؛ فإنّي أشهَد لَئن قاتلتَ لَتُقْتَلَنَّ.