كلامهعليهالسلام
في جواب تهديد الحرّ
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُعليهالسلام
: «أَفَبِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِي؟! وَهَلْ يَعْدُو بِكُمُ الْخَطْبُ إنْ تَقْتُلُونِي
؟! وَسَأَقُولُ كَمَا قَالَ أَخُو الأوْسِ لاِبْنِ عَمِّهِ وَهُوَ يُرِيدُ نُصْرَةَ رَسُولِ اللَهِصلىاللهعليهوآله
، فَخَوَّفَهُ ابْنُ عَمِّهِ وَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَإنَّكَ مَقْتُولٌ.
فَقَالَ:
سَأَمْضِي وَمَا بِالْمَوْتِ عَارٌ على الْفَتَى
|
|
إذَا مَا نَوى حَقّاً وَجَاهَدَ مُسْلِمَا
|
وَوَاسَى الرِّجَالَ الصَّالِحِينَ بِنَفْسِهِ
|
|
و فَارَقَ مَثْبُوراً وَخَالَفَ مُجْرِمَا
|
فَإنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَ إنْ مِتُّ لَمْ أُلَمْ
|
|
كَفَى بِكَ ذُلاً أَنْ تَعِيشَ وَ تُرْغَمَا»
|
كلام سيّد الشهداءعليهالسلام
في استعداده للشهادة
* وربّما كانت تلك الكلمات القيّمة كالدرر التي أوردها العلاّمة المعاصر توفيق أبو علم في كتابه الموسوم بـ «أهل البيت»، كانت إجابة سيّد الشهداءعليهالسلام
في هذا المكان للحرّ بن يزيد الرياحيّ، حيث يقول: «لَيْسَ شَأْنِي شَأْنَ مَنْ يَخَافُ الْمَوْتَ. مَا أَهْوَنَ الْمَوْتَ على سَبِيلِ نَيْلِ الْعِزِّ وَإحْيَاءِ الْحَقِّ! لَيْسَ الْمَوْتُ فِي سَبِيلِ الْعِزِّ إلاَّ حَيَاةً خَالِدَةً، وَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ مَعَ الذُّلِّ إلاَّ الْمَوْتَ الَّذِي لاَ حَيَاةَ مَعَهُ.
أَفَبِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِي؟! هَيْهَاتَ! طَاشَ سَهْمُكَ، وَخَابَ ظَنُّكَ، لَسْتُ أَخَافُ الْمَوْتَ؛ إنَّ نَفْسِي لأكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَهِمَّتِي لأعْلَى مِنْ أَنْ أَحْمِلَ الضَّيْمَ خَوْفاً مِنَ الْمَوتِ. وَهَلْ تَقْدِرُونَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قَتْلِي؟! مَرْحَباً بِالْقَتْلِ فِي سَبيلِ اللَهِ، وَلَكِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ على هَدْمِ مَجْدِي وَمَحْوِ عِزَّتِي وَشَرَفِي؛ فَإذاً لاَ أُبَالِي مِنَ الْقَتْلِ»
.
* وسيّد الشهداء هو القائل: «مَوْتٌ فِي عِزٍّ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي ذُلٍّ»
.
* وهو الذي كان يرتجز في الحرب حين يحمل على جيش الأعداء فيقول:
الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ
|
|
وَالْعَارُ أَوْلَى مِنْ دُخُولِ النَّارِ
|
خطبتهعليهالسلام
في أصحابه وأصحاب الحرّ
* ونُقل عن الطبري أنّ أبا مخنف روى عن عَقَبَة بن أبي العيزار أنّ الحسينعليهالسلام
خطب أصحابه وأصحاب الحرّ في «البَيْضَة»، فَحَمِدَ اللَهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّرَسُولَ اللَهِصلىاللهعليهوآله
قَالَ: مَنْ رَأَى سُلْطَاناً جَائِراً، مُسْتَحِلاً لِحُرَمِ اللَهِ، نَاكِثاً لِعَهْدِ اللَهِ، مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَهِصلىاللهعليهوآله
، يَعْمَلُ فِي عِبَادِ اللَهِ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ، فَلَمْ يُعَيِّرْ [يُغَيِّرْ] عَلَيْهِ بِفِعْلٍ وَلاَقَوْلٍ، كَانَ حَقّاً على اللَهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَدْخَلَهُ.
أَلاَ وَإنَّ هَؤُلاَءِ
قَدْ لَزِمُوا طَاعَةَ الشَّيْطَانِ، وَتَرَكُوا طَاعَةَ الرَّحْمَنِ، وَأَظْهَرُوا الْفَسَادَ، وَعَطَّلُوا الْحُدُودَ، وَاسْتَأْثَرُوا بِالْفَيْءِ، وَأَحَلُّوا حَرَامَ اللَهِ، وَحَرَّمُوا حَلاَلَهُ؛ وَأَنَا أَحَقُّ مِنْ غَيْرٍ
[مَنْ غَيَّرَ، مَنْ عَيَّرَ].
وَقَدْ أَتَتْنِي كُتُبُكُمْ، وَقَدِمَتْ عَلَيَّ رُسُلُكُمْ بِبَيْعَتِكُمْ أَنَّكُمْ لاَ تُسَلِّمُونِي وَلاَ تَخْذُلُونِي؛ فَإنْ تَمَمْتُمْ على بَيْعَتِكُمْ تُصِيبُوا رُشْدَكُمْ؛ فَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَهِصلىاللهعليهوآله
، نَفْسِي مَعَ أَنْفُسِكُمْ، وَأَهْلِي مَعَ أَهْلِيكُمْ
؛ فَلَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ
.
وإنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَنَقَضْتُمْ عَهْدَكُمْ، وَخَلَعْتُمْ بَيْعَتِي مِنْ أَعْنَاقِكُمْ، فَلَعَمْرِي مَا هِيَ لَكُمْ بِنُكْرٍ؛ لَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا بِأَبِي وَأَخِي وَابْنِ عَمِّي مُسْلِمٍ. وَالْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِكُمْ، فَحَظَّكُمْ أَخْطَأْتُمْ، وَنَصِيبَكُمْ ضَيَّعْتُمْ، وَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَسَيُغْنِي اللَهُ عَنْكُمْ. وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ»
.
* وحين نزل سيّد الشهداءعليهالسلام
كربلاء دعا بدواة وبياض، وكتب نظير هذه الخطبة التي ذُكرت إلى أشراف الكوفة ممّن يُظَنّ أنّه على رأيه
، ثمّ طوى الكتاب وختمه بخاتمه الشريف ودفعه إلى قَيْس بن مُسْهر الصَّيداويّ، وأمره أن يسير إلى الكوفة.
خطبة الإمامعليهالسلام
ليلة عاشوراء في أصحابه
* جمع سيّد الشهداءعليهالسلام
أصحابه عند قرب المساء ليوم تاسوعاء. قال عليُّ بن الحسين زين العابدينعليهماالسلام
: «فدنوتُ منه لأسمع ما يقول لهم، وكنتُ إذ ذاك مريضاً، فسمعتُ أبي يقول لأصحابه: أُثْنِي على اللَهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ، وَأَحْمَدُهُ عَلَى السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ. اللَهُمَّ إنِّي أَحْمَدُكَ على أَنْ أَكْرَمْتَنَا بِالنُّبُوَّةِ، وَعَلَّمْتَنَا الْقُرْآنَ، وَفَقَّهْتَنَا فِي الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإنِّي لاَ أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوفَى وَلاَ خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي، وَلاَ أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَلاَ أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَجَزَاكُمُ اللَهُ عَنِّي خَيْرَ الْجَزَاءِ. أَلاَ وَإنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِيعاً فِي حِلٍّ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي ذِمَامٌ. هَذَا اللَيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلاً»
فنهض إخوته وأبناؤه، وأبناء إخوته وأبناء عبد الله بن جعفر، ومسلم بن عوسجة، وزهير بن القين وجماعة آخرون من الأصحاب، فتكلّم كلٌّ منهم معتذراً كلاماً معناه: لا بقينا بعدك، لا أبقانا الله بعدك، لن يكون ذلك منّا أبداً، لوددنا لو كان لدينا عدّة أرواح لنفديك بها جميعاً.
دعاؤهعليهالسلام
صبيحة يوم عاشوراء
* ويُروى عن سيّد الساجدين وزين العابدينعليهالسلام
أنّه قال: «لَمَّا صَبَّحَتِ الْخَيْلُ الْحُسَيْنَعليهالسلام
، رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ، وَأَنْتَ رَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ، وَأَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ.
كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ، وَيَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ، وَيَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إلَيْكَ؛ رَغْبَةً مِنِّي إلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ؛ فَفَرَّجْتَهُ عَنِّي، وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَهُ؛ فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ، وَمُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ»
.