الخصائص العباسية

الخصائص العباسية0%

الخصائص العباسية مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 378

الخصائص العباسية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد إبراهيم الكلباسي النجفي
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الصفحات: 378
المشاهدات: 296571
تحميل: 10624

توضيحات:

الخصائص العباسية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 378 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296571 / تحميل: 10624
الحجم الحجم الحجم
الخصائص العباسية

الخصائص العباسية

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

طريقة أهل البيتعليهم‌السلام - خيراً إلاّ ازداد حبّاً للنساء)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً: ((العبد كلّما ازداد في النساء حبّاً ازداد في الإيمان فضلاً)).

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((مَنْ زوّج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((مَنْ شرب الخمر بعدما حرّمه الله ليس بأهل لأن يُزوّج إذا خطب)).

وعن الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال: ((إيّاك أن تُزوّج شارب الخمر، فإن زوّجته فكأنما قدت إلى الزنا)).

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ((لا تتزوّجوا المرأة المستعلنة بالزنا، ولا تزوّجوا الرجل المستعلن بالزنا إلاّ أن تعرفوا منهم التوبة)).

وعن الحسين بن بشار قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام : إنّ لي ذا قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء. قال: ((لا تزوّجه إن كان سيّئ الخلق)).

وعن الحسين بن بشار أيضاً قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام في رجل خطب إليّ، فكتبعليه‌السلام : ((مَنْ خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائناً مَنْ كان فزوّجوهإِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) )(1) .

وكتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر في أمر بناته: أنّه لا يجد أحداً مثله. فكتب إليه أبو جعفرعليه‌السلام : ((فهمت ما ذكرت من أمر بناتك، وأنك لا تجد أحداً مثلك فلا تنظر في ذلك يرحمك الله؛ فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا جاءكم مَنْ ترضون خلقه فزوّجوهإِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ )).

وروي أنّه جاء رجل إلى الإمام الحسنعليه‌السلام يستشيره في تزويج ابنته، فقالعليه‌السلام : ((زوّجها من رجل تقي؛ فإنّه إن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها)).

____________________

(1) سورة الأنفال / 73.

٤١

المؤمن كفؤ المؤمن

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((إنما أنا رجل مثلكم أتزوّج فيكم وأزوّجكم، إلاّ فاطمة فإنّ تزويجها نزل من السماء)).

وروي أنّه نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أولاد علي وجعفر، فقال: ((بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا)).

وقال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : ((المؤمنون بعضهم أكفّاء بعض)).

وقالعليه‌السلام أيضاً: ((الكفؤ أن يكون عفيفاً وعنده يسار)).

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أنكحت زيد بن حارثة زينب بنت جحش، وأنكحت المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب؛ ليعلموا أنّ أشرف الشرف الإسلام)).

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ((إذا تزوّج الرجل المرأة لمالِها أو جمالها لم يرزق ذلك، فإن تزوّجها لدينها رزقه الله (عزّ وجلّ) مالها وجمالها)).

وقال علي بن الحسينعليه‌السلام : ((مَنْ تزوّج لله (عزّ وجلّ) ولصلة الرحم توّجه الله تاج الملك)).

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: ((قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتّى يجمع الله بينهما)).

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ((قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلاً لعلّ الله أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ الله)).

وعن أبي الحسنعليه‌السلام قال: ((جاء رجل إلى أبي جعفرعليه‌السلام فقالعليه‌السلام له: هل لك من زوجة؟ قال: لا. فقال أبو جعفرعليه‌السلام : لا أحبّ أنّ لي الدنيا وما فيها وأن

٤٢

أبيت ليلة وليس لي زوجة. ثمّ قال: إنّ ركعتين يصلّيهما متزوّج أفضل من رجل عَزِبٍ يقوم ليله ويصوم نهاره)).

وعن الإمام الرضاعليه‌السلام : ((إنّ امرأة سألت أبا جعفر الباقرعليه‌السلام فقالت: إنّي متبتّلة. فقال لها: وما التبتّل عندك؟ قالت: لا اُريد التزويج أبداً. قال: ولِمَ؟ قالت: التمس في ذلك الفضل. فقال: انصرفي، فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمةعليها‌السلام أحقّ به منك، أنّه ليس أحد يسبقها إلى الفضل)).

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ((مَنْ زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها، وتشدّ من عضده ويستريح إليها، زوّجه الله من الحور العين)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((ما بُني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله من التزويج)).

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((مَنْ سرّه أن يلقى الله طاهراً مطهّراً، فليلقه بزوجة صالحة)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((تزوّجوا النساء فإنهنّ يأتين بالمال)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((مَنْ كان له ما يتزوّج به فلم يتزوّج فليس منّا)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((التمسوا الرزق بالنكاح)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أراذل موتاكم العزاب)).

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ((أكثروا الخير بالنساء)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ((تزوّجوا ولا تطلّقوا؛ فإنّ الطلاق يهتزّ منه العرش)).

الزوجان الكفؤان

عن كتاب الوافي عن أبي حمزة الثمالي ما مضمونه قال: كنت عند الإمام الباقرعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل فرحّب به الإمامعليه‌السلام ، وأقبل عليه يتفقّد عن حاله، فقال له الرجل: يابن رسول الله، لقد خطبت من فلان - وهو أحد مواليكم - ابنته

٤٣

فردّني، وأعرض عنّي واستحقرني؛ نظراً لذمامتي وغربتي، فدخلني من ذلك ما ضقت به ذرعاً حتّى أنّي تمنّيت موتي على إثره.

فقالعليه‌السلام له: ((لا بأس عليك، أنت رسولي إلى منجح بن رماح لتقول له: إنّ محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يقول لك: زوّجني ابنتك ولا تردّني)).

فقام ذلك الرجل مسرعاً وتوجّه إلى بيت منجح بن رماح ليبلغه رسالة الإمام الباقرعليه‌السلام في أمر زواجه.

فقال أبو حمزة: عندها التفت الإمام الباقرعليه‌السلام إلينا وقال: ((جاء رجل من اليمامة واسمه جويبر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد الإسلام، فأسلم وحسن إسلامه، وكان رجلاً قصيراً ذميماً محتاجاً عارياً، وكان من قباح السودان، فتكفّله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقام برعايته وهو ملازم للمسجد، حتّى إذا كثر عدد المسلمين الملازمين للمسجد نزل الوحي بإخراجهم عن المسجد، وبسدّ الأبواب المفتوحة على المسجد إلاّ باب بيت علي وفاطمةعليهما‌السلام .

ففعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما أمره الوحي بسدّ الأبواب وإخراج مَنْ كان يلازم المسجد وينام فيه، وبنى لهم خارج المسجد صفّة يلجؤون إليها. وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم بنفسه برعايتهم وكفالتهم، ويتفقّد أحوالهم كلّ صباح ومساء، والمسلمون يقتدون بهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعطف عليهم.

وذات مرّة التفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جويبر وقال له: ألا تحبّ أن تتزوّج امرأة تحصن بها فرجك، وتكون عوناً لك على دنياك وآخرتك؟

فقال جويبر بلهفة مشوبة بيأس: بأبي أنت واُمّي يا رسول الله! ومَنْ ترغب فيّ؟! فوالله ما لي من حسب ولا نسب، ولا مال ولا جمال، فأي امرأة ترغب في الزواج منّي؟

٤٤

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله بعطف وحزم: يا جويبر، إنّ الله قد وضع بالإسلام مَنْ كان في الجاهلية شريفاً، ورفع بالإسلام مَنْ كان في الجاهلية وضيعاً، وأباد نخوة الجاهلية وغرورها، وأزال بالإسلام التفاخر بالآباء والعشائر، قال الله تعالى:إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ .

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فإنّ الناس اليوم كلّهم، أبيضهم وأسودهم، قرشيهم ونبطيّهم، عربيّهم وعجميهم، من آدم، وإنّ آدم خلقه الله (عزّ وجلّ) من طين، وإنّ أحبّ الناس إلى الله (عزّ وجلّ) يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم، وإنّي يا جويبر لم أعرف أحداً من المسلمين يكون أفضل منك إلاّ مَنْ كان هو أكثر منك تقوىً وطاعة لله تعالى)).

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد؛ فإنّه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم، وقل له: إنّي رسول من رسول الله إليك لأُبلغك قوله إليك بتزويجي ابنتك الدلفاء.

فأقبل جويبر مسرعاً، واستأذن من زياد في الدخول عليه - وكان عنده جماعة من قومه - فدخل وقال بعد السّلام والتحية: إنّي رسولٌ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليك في حاجة، فهل أبوح لك بها علانية أم أسرّ بها إليك خُفية؟

فقال زياد: بل قلها علانية؛ فإنّها شرف لي وفخر.

فقال جويبر: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي أن أقول لك: زوّجني ابنتك الدلفاء.

وهنا فوجئ زياد من وقع الرسالة ومضمونها؛ وذلك لأنّها كانت على خلاف عاداتهم في الجاهلية، فالتفت إليه وقال له متلكّئاً ومتعجباً: أحقّاً أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثك إليّ بهذه الرسالة؟!

فقال جويبر بلا تردّد ولا تأمّل: نعم، فإنّي لا أكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال زياد: إنّا لا نزوّج بناتنا إلاّ من الأكفاء من بين الأنصار، فارجع حتّى

٤٥

أتشرّف عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعتذر منه على ذلك.

فرجع جويبر وهو يقول: والله ليس هذا حكم القرآن، ولا سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فسمعت كلامه الدلفاء وهي في مخدعها، فأرسلت إلى أبيها تدعوه، فلمّا جاء قالت له: يا أبه، ما خبر جويبر؟ فقصّ عليها أبوها قصّته وما كان من جوابه له، فقالت له: والله، ما كان جويبر ليكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرسل إليه مَنْ يردّه إلينا.

فأرسل زياد إلى جويبر مَنْ يردّه، فلمّا جاء قال له: مرحباً بك، اطمئن حتّى أعود إليك.

ثمّ أتى زياد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له بعد التحية والسّلام: بأبي أنت واُمّي يا رسول الله! لقد جاءني جويبر برسالة لم أطمئن بها منه، فاستمهلته حتّى أتشرّف بخدمتكم وأقول: بأنّا لا نزوّج إلاّ الأكفاء من بين الأنصار.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا زياد، إنّ جويبر مؤمن، والمؤمن كفؤ المؤمن، والمسلم كفؤ المسلم، فزوّجه يا زياد ولا ترغب عنه.

فرجع زياد وقصّ على ابنته الدلفاء ما سمعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ جويبر، ورسالته في الزواج منها، عندها التفتت الدلفاء إلى أبيها وقالت له: يا أبه، إيّاك وأن تخالف أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتنقلب كافراً.

فلمّا رأى زياد موقف ابنته المشرّف من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج من عندها وأخذ بيد جويبر وأدخله على مَنْ كان عنده من قومه، وزوّجه ابنته على دين الله وسنّة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضمن له المهر، ثمّ هيّأ له جهاز العرس وأثاثه،

٤٦

ووهب لجويبر بيتاً مؤثّثاً وملابس فاخرة، وزفّوا العروس إلى بيته.

فلمّا وقع نظر جويبر على ما أنعم الله عليه من زوجة وبيت وأثاث اعتزلها يعبد الله إلى الصباح ثلاث ليال سوياً، ولم يمسسها، فاطّلعت النسوة باعتزاله فأخبرن أبوها، فشكاه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال جويبر: أردت أن أشكر الله تعالى على ما أنعم به عليّ، غير أنّي سأرضيها وأرضيهم الليلة إنشاء الله تعالى. وهكذا فعل، ثمّ استشهد جويبر في إحدى حروب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )).

من حقِّ الزوجين

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)).

وفي تفسير أبو الفتوح نقلاً عن ميمونة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ((خيار الرجال من اُمّتي خيارهم لنسائهم، وخير النساء من اُمّتي خيرهنّ لأزواجهن)).

وروي أنّه جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: إنّ لي زوجة؛ إذا دخلت تلقّتني، وإذا خرجت شيّعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمّك؟ إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً.

فقال رسول الله (ص): ((بشّرها بالجنة، وقل لها: إنك عاملة من عمّال الله، ولك في كلّ يوم أجر سبعين شهيداً)).

وعن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، فلتدخل من أي أبواب الجنّة شاءت)).

٤٧

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أيّما امرأة أعانت زوجها على الحج والجهاد، أو طلب العلم أعطاها الله من الثواب ما يعطى امرأة أيوبعليه‌السلام )).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أيّما امرأة أدخلت على زوجها أمر النفقة، وكلّفته ما لا يطيق، لا يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً، إلاّ أن تتوب وترجع، وتطلب منه طاقته)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((لو أنّ جميع ما في الأرض من ذهب وفضة حملته المرأة إلى بيت زوجها، ثمّ ضربت على رأس زوجها يوماً من الأيام تقول: مَنْ أنت؟ إنّما المال لي، حبط عملها ولو كانت من أعبد الناس، إلاّ أن تتوب وترجع وتعتذر إلى زوجها)).

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ((سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة حُشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون في الدرك الأسفل من النار، إلاّ أن تتوب وترجع)).

وقال سلمان: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ((أيّما امرأة منّت على زوجها بمالها فتقول: إنّما تأكل أنت من مالي. لو أنّها تصدّقت بذلك المال في سبيل الله لا يقبل الله منها إلاّ أن يرضى عنها زوجها)).

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ((مَنْ تزوّج امرأة ولم ينوِ أن يوفيها صداقها فهو عند الله زان)).

تعاليم اُسريّة

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((مَنْ صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر ما أعطى أيوبعليه‌السلام على بلائه، ومَنْ صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسيا بنت مزاحم)).

٤٨

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً، ولا حسنة من عملها حتّى ترضيه، وإن صامت نهارها وقامت ليلها، وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله. فكانت أوّل مَنْ يرد النار، وكذلك الرجل إذا كان لها ظالماً)).

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أيّما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم يقبل منها حسنة، وتلقى الله وهو عليها غضبان)).

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ((حقّ الرجل على المرأة إنارة السراج، وإصلاح الطعام، وأن تستقبله عند باب بيتها فترحّب به، وأن تقدّم إليه الطشت والمنديل، وأن توضّئه، وأن لا تمنعه نفسها إلاّ من علّة)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((لو أنّ المرأة وضعت إحدى ثدييها طبيخة، والاُخرى مشويّة ما أدّت حقّ زوجها، ولو أنّها عصت مع ذلك زوجها طرفة عين اُلقيت في الدرك الأسفل من النار، إلاّ أن تتوب وترجع)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((لا تؤدّي المرأة حقّ الله (عزّ وجلّ) حتّى تؤدّي حقّ زوجها)).

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام : ((أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ لم يقبل منها صلاة حتّى يرضى عنها)).

وقالعليه‌السلام أيضاً: ((أيّما امرأة قالت لزوجها ما رأيت منك خيراً قط فقد حبط عملها)).

وقال الإمام أبو جعفرعليه‌السلام : ((مَنْ احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة أعتق الله رقبته من النار، وأوجب له الجنّة، وكتب له مئتي ألف حسنة، ومحي عنه مئتي ألف سيّئة، ورفع له مئتي ألف درجة، وكتب الله له بكل شعرة على بدنه عبادة سنة)).

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((ما من عبد يكسب ثمّ ينفق على عياله إلاّ أعطاه

٤٩

الله بكل درهم ينفقه على عياله سبعمئة ضعف)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((خير الرجال من اُمّتي الذين لا يتطاولون على أهلهم، ويحنون عليهم ولا يظلمونهم، ثمّ قرأ:الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ).

حقوق زوجية متقابلة

لقد عدّ بعض علماء الأخلاق في بعض كتبهم التي كتبوها في حقوق الزوجين أنّ للزوج على زوجته سبعة عشر حقّاً، وللزوجة على زوجها ثلاثين حقّاً، وذلك استناداً إلى الروايات الواردة عن المعصومينعليهم‌السلام في بيان اجتماعيات الإسلام، والحقوق الاجتماعية المتقابلة، بما فيها حقّ الزوجين، فلقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((عيال الرجل اُسراؤه، وأحبّ العباد إلى الله (عزّ وجلّ) أحسنهم صنيعاً إلى اُسرائه)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((المرأة لعبة، فمَن اتّخذها فليصنها)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها)).

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((قول الرجل للمرأة إنّي أحبّك لا يذهب من قلبها أبداً)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((ألا وإنّ الله ورسوله بريئان ممّنْ أضرّ بامرأة حتّى تختلع منه)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((إنّي لأتعجّب ممّنْ يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((لا يخدم العيال إلاّ صديق، أو شهيد، أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة)).

٥٠

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((جلوس المرء عند عياله أحبّ إلى الله من اعتكافٍ في مسجدي هذا)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((إنّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى فم امرأته)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((مَنْ دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله، كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((يا علي، خدمة العيال كفّارة للكبائر، وتطفئ غضب الرب، ومهور الحور العين، وتزيد في الحسنات والدرجات)).

أجر النساء أكثر

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله - كما في تفسير أبي الفتوح الرازي ـ: ((فإذا حملت المرأة كان لها في كلّ يوم وليلة أجر ألف شهيد قد قُتل في سبيل الله والحقّ، صابراً محتسباً، وفضّلها الله في الجنّة على الحور العين فضلاً كبيراً كفضلي على أدناكم.

وخير نساء اُمّتي مَنْ ابتغت رضا زوجها، واستجابت له إلى ما أراد منها ما لم يكن فيه معصية إلى الله تبارك وتعالى.

وخير رجال اُمّتي مَنْ رفق بزوجته ولطف بها، وعاش معها بعطف وحنان كما تعطف الاُمّ على ولدها وتحنّ إليه؛ فإنّ لكلّ رجل منهم بذلك أجر مئة شهيد قد قُتل في سبيل الله والحقّ، صابراً محتسباً)).

فقال عمر بن الخطاب: كيف يكون يا رسول الله للرجل أجر مئة شهيد، وللمرأة أجر ألف شهيد؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((إنّ أجر النساء أكثر من أجر الرجال، وثوابهنّ عند الله أكبر وأتمّ، وإنّ الله تبارك وتعالى ليرفع برضا المرأة عن زوجها وبدعائها له درجات

٥١

الرجل في الجنّة)).

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أما علمت أنّه لم يكن هناك بعد الشرك بالله ذنب أعظم وبالاً على الإنسان من عصيان المرأة زوجها ومخالفتها له؟)).

ثمّ قال: ((اتقوا الله في الضعيفين: المرأة واليتيم؛ فإنكم مسؤولون عنهما، وإنّ الله (عزّ وجلّ) سائلكم عنهما يوم القيامة، فمَنْ أحسن إليهما نال من الله الرحمة والرضوان، ومَنْ أساء إليهما استوجب سخط الله تعالى.

ألا وإنّ حقّ الرجل على المرأة مثل حقّي عليكم، ومَنْ ضيّع حقّي كان كمَن ضيّع حقّ الله، ومَنْ ضيّع حقّ الله فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)).

المرأة إذا تزيّنت وتعطّرت

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام له: ((والمرأة إذا خرجت من باب دارها متزيّنة متعطّرة، والزوج بذلك راضٍ، بُني لزوجها بكلِّ قدم بيت في النار)).

وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه نهى أن تتزيّن المرأة لغير زوجها، فإن فعلت كان حقّاً على الله أن يحرقها بالنار.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أي امرأة تطيّبت وخرجت من بيتها فهي تُلعن حتّى ترجع إلى بيتها متى ما رجعت)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((اشتدّ غضب الله على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها، أو غير ذي محرم منها؛ فإنّها إن فعلت ذلك أحبط الله (عزّ وجلّ) كلّ عمل عملته)).

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام في كلام له: ((وأيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها لم يقبل منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها)).

٥٢

الزوجة نعمة من الله تعالى

عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أنّه قال: ((أمّا حقّ الزوجة فأن تعلم أنّ الله جعلها لك سكناً واُنساً، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقّك عليها أوجب فإنّ عليك أن ترحمها)).

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال: ((رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته)).

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ((مَنْ حَسُنَ برّه بأهله زاد الله في عمره)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ((ملعونة ملعونة امرأة تؤذي زوجها وتغمّه، وسعيدة سعيدة امرأة تكرم زوجها ولا تؤذيه، وتطيعه في جميع أحواله)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ((سألت اُمُّ سلمى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن فضل النساء في خدمة أزواجهن، فقال: أيّما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلاّ نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذّبه)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ((أيّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام إلاّ أغلق الله عنها سبعة أبواب النار، وفتح لها ثمانية أبواب الجنّة تدخل من أيّها شاءت)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ((ما من امرأة تسقي زوجها شربة ماء إلاّ كان خيراً لها من عبادة سنة)).

وعنهعليه‌السلام أيضاً قال: ((لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي: الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها)).

وعن الإمام الكاظمعليه‌السلام : ((جهاد المرأة حسن التبعّل)).

وعن الحسن بن الجهم قال: رأيت أبا الحسن الكاظمعليه‌السلام اختضب،

٥٣

فقلت: جُعلت فداك! اختضبت؟ فقال: ((نعم، إنّ التهيئة ممّا يزيد في عفّة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهنّ التهيئة)). ثمّ قال: ((أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟)). قلتُ: لا. قال: ((هو ذاك)).

من آداب الزواج

للزواج في الإسلام آداب كثيرة وسنن جمّة، وقد جاءت في روايات المعصومينعليهم‌السلام لتضمين نجاح هذا الجانب المهم من الحياة الإنسانية، المتكفّل للسعادة الفردية والاجتماعية بنجاحه واستمراره، ولتحصين هذا الأمر العظيم من الفشل والانهيار المتضمّن شقاء الفرد والمجتمع بفشله وانهياره، وقد جمعت تلك الآداب والسنن في كتاب طبع عام (1348) اُشير إلى بعضها:

عن الراوندي في نوادره، عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: ((مَنْ أراد منكم التزويج فليصلِّ ركعتين بفاتحة الكتاب ويس، فإذا فرغ من الصلاة فليحمد الله تعالى وليثنِ عليه، وليقل: اللهمّ ارزقني زوجةً صالحةً، ولوداً ودوداً شكوراً، قنوعاً غيوراً؛ إن أحسنتُ شكرت، وإن أسأتُ غفرت، وإن ذكرتُ الله تعالى أعانت، وإن نسيتُ ذكّرت، وإن خرجتُ من عندها حفظت، وإن دخلتُ عليها سرتني، وإن أمرتُها أطاعتني، وإن أقسمتُ عليها أبرّت قسمي، وإن غضبتُ عليها أرضتني.

يا ذا الجلال والإكرام هَب لي ذلك، فإنّما أسألكه ولا أجد إلاّ ما مننت وأعطيت)).

ثمّ قالعليه‌السلام : ((مَنْ فعل ذلك أعطاه الله ما سأل)).

وروي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه سأل أبا بصير قائلاً: ((إذا تزوّج أحدكم كيف يصنع؟)).

فقال: ما أدري.

قال: ((إذا همّ بذلك فليصلِّ ركعتين، وليحمد الله (عزّ وجلّ)، وليقل: اللهمّ إنّي اُريد أن أتزوّج، اللهمّ فقدّر لي من النساء أحسنهنّ خَلقاً وخُلقاً،

٥٤

وأعفهنّ فرجاً، وأحفظهنّ لي في نفسها ومالي، وأوسعهنّ رزقاً، وأعظمهنّ بركة، واقض لي منها ولداً طيّباً تجعله لي خَلَفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي)).

وروي عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: ((يا علي، إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفّها حين تجلس، واغسل رجليها، وصبّ الماء من باب دارك إلى أقصى دارك؛ فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين ألف لون من الفقر، وأدخل فيها سبعين ألف لون من الغنى، وسبعين لوناً من البركة، وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس حتّى تنال بركتها كلّ زاوية في بيتك، وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها ما دامت في تلك الدار.

وامنع العروس في اُسبوعها من الألبان والخلّ، والكزبرة والتفاح الحامض، من هذه الأربعة...)). إلى آخر الرواية الشريفة ومضامينها المنيفة، وإنها جديرة بالمطالعة والتطبيق، فلتراجع في مظانّها.

الزفاف وآدابه

عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ((زفّوا عرائسكم ليلاً، واطعموا ضحىً)).

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه أوصى علياًعليه‌السلام بقوله: ((يا علي، لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس، أو خُرس، أو إعذار، أو وكار، أو ركاز)).

فالعرس: التزويج، والخُرس: النفاس بالولد، والإعذار: الختان، والوكار: في شراء الدار، والركاز: الرجل يقدم من مكّة.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال لبعض أصحابه: ((إذا أُدخلت عليك أهلك فخذ بناصيتها، واستقبل بها القبلة وقل: اللهمّ على كتابك تزوّجتها، وبأمانتك

٥٥

أخذتها، وبكلماتك استحللت فرجها؛ فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً سوياً، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً)).

ومن كتاب النجاة المروي عن الأئمّةعليهم‌السلام : ((إذا قرب الزفاف يستحب أن تأمرها أن تصلّي ركعتين استحباباً، وأن تكون على وضوء إذا أُدخلت عليك، وتصلّي أنت أيضاً مثل ذلك، وتحمد الله وتصلّي على النبي وآله، وتقول: اللهمّ ارزقني أُلفها وودّها ورضاها بي، وارضني بها، واجمع بيننا بأحسن اجتماع، وأيسر ائتلاف، فإنك تحبّ الحلال وتكره الحرام)).

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: ((فقل إذا أردت المباشرة: اللهمّ ارزقني ولداً واجعله تقيّاً زكيّاً، ليس في خلقه زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى الخير. وتسمّي الله (عزّ وجلّ) عند الجماع)).

وهناك للمباشرة - من حيث الوقت والمكان والحالات النفسية - أثر كبير في سعادة الجنين وشقائه، وبركة النسل وشؤمه، وقد دلّتنا الأحاديث الشريفة عليها؛ وقايةً من حزازتها، وتجنّباً عن مكارهها؛ فقد ورد مثلاً: أنّ النطفة لو انعقدت في الشمس على أثر المباشرة تحت أشعّتها عاش ذلك الإنسان ما عاش فقيراً معدوماً، وأنه لو باشر زوجته الحامل بلا وضوء أصبح ذلك الطفل بخيلاً أعمى القلب.

وهكذا فإنّه يجدر بالإنسان مطالعتها وتطبيقها في حياته الزوجية حتّى يسعد بحياة زوجية سعيدة، ويحظى بنسل طيّب، وخلف صالح يخلّف للإنسان الذكر الحسن، ويعقّب له الثناء الجميل، كما سعد الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في زواجه، وحظى بأولاد صالحين، مثل أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام .

٥٦

الخصّيصة الثالثة

الاُسرة المباركة

امتاز أبو الفضل العبّاسعليه‌السلام على غيره بانتمائه إلى أسرة كريمة وبيت مبارك، فلقد تولّد في أسرة رفيعة وترعرع في بيت منيع، حتّى أنّه باعتراف التاريخ قد فاقت أسرته كلّ أسرة طهارةً وشرفاً، وعلا بيته كلّ بيت مجداً وعزّاً.

كيف لا وهو من الاُسرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء؟ ومن البيت الذي وصفه الله تعالى بقوله:( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) ؟

نعم، لقد كان أبو الفضل العبّاسعليه‌السلام من أسرة كريمة وبيت شامخ، يتكوّن أعضاؤه الأوّلون ممّا يقرب من أربعين إلى خمسين عضواً، كلّهم صالح مبارك، وطيّب حميد.

لقد كان يضمّ هذا البيت بين جوانحه أشرف أهل الأرض بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكرم خلق الله على الله (عزّ وجلّ) بعد النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نَفْسَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بنصّ القرآن الكريم، وأخاه وابن عمّه وصهره، أعني الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ويضمّ أيضاً ريحانتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيّدي شباب أهل الجنّة الإمامين الهمامين الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فهل يا ترى هناك اُسرة أطيب وأطهر من هذه الاُسرة، وبيت أكرم من هذا البيت المنيف؟

____________________

(1) سورة النّور / 36 - 37.

٥٧

لقد كان سيّد هذه الاُسرة المباركة وقمّة هذا البيت الكريم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ما دام كان حيّاً، حيث كان هو الأب العطوف، والوالد الحنون لكلّ الاُسرة.

وكانت إلى جنبه أوّلاً وقبل كلّ أحد السيّدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، التي سرعان ما قضت نحبها على أيدي المبتزّين لنحلتها وبُلغة ابنيها فدكاً، ومضت شهيدة مظلومة في الدفاع عن حقّ بعلها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد ارتحال أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك بعد أن أسقطوها جنينها الذي سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محسناً.

ثمّ كان سيّد هذه الاُسرة بعد الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام هو سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأكبر الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام ، ثمّ من بعده الإمام الحسينعليه‌السلام ، وكان قاعدة هذه الاُسرة المباركة وبقية أعضاء هذا البيت الكريم يتجسّد في العبّاس بن عليعليه‌السلام وأشقّائه وإخوته الميامين، ويتمثّل في السيّدة زينب بنت عليعليها‌السلام وأخواتها وشقيقاتها الطاهرات.

أولاد أمير المؤمنين عليه‌السلام

نعم، لقد ذكر المؤرّخون لأمير المؤمنينعليه‌السلام من الأولاد - ومن نساء متعدّدات - ما يتراوح عددهم بين سبعة وعشرين وستة وثلاثين ولداً بين ذكر واُنثى، لمع من بينهم من البنين بعد الإمامين الهمامين سبطي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الإمام الحسن المجتبى والإمام الحسين الشهيدعليهما‌السلام ، اسم قمر العشيرة، وبطل العلقمي، أبو الفضل العبّاسعليه‌السلام ؛ لِما كان يحمله من أهليّة وكفاءة، ونبل وكرم.

ومن البنات عقيلة بني هاشم التي ورثت اُمّها الزهراءعليها‌السلام عصمةً وطهارةً، ونبلاً وشرافة، وبطولة وشهامة، وفصاحة

٥٨

وبلاغة، ومصائب وآلاماً، أعني السيّدة زينب الكبرىعليها‌السلام التي نزل جبرائيل حين ولادتهاعليها‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عند الله تعالى باسمها (زينب)، وبخبر ما يجري عليها من سبي وأسر، ومن رزايا ومصائب، والتي كانت من صغر سنّها تسكن إلى أخيها الإمام الحسينعليه‌السلام وتطمئن إليه، ولا تفارقه ولا تنفصل عنه، إنّما كانت معه دائماً وأبداً، وحتّى شاركته في نهضته الإصلاحية، وشاطرته بنفسها وأولادها.

كما وقد ذكر المؤرّخون لأبي الفضل العبّاسعليه‌السلام ما لا يقلّ عن ولد واحد، ولا يزداد عن ستة أولاد ذكور، استشهد بعضهم معه في كربلاء وبقي بعضهم، وكان عقبه من الباقين منهم.

فضل الأولاد في الإسلام

ولا يخفى أنّ الإسلام قد حبّذ على التوالد والتناسل، ودعا إلى كثرة الأولاد والأحفاد، وحثّ الناس وحرّضهم عليه، حتّى قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جملة ما قال: ((الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنّة)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((نِعم الولد البنات المخدّرات)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((خير أولادكم البنات)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((إنّ الله على الإناث أرأف منه على الذكور)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((البنات حسنات والبنون نعمة، فالحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((نِعم الولد البنات المخدّرات، مَنْ كانت عنده واحدة جعلها الله ستراً له من النار، ومَنْ كانت عنده اثنتان أدخله الله بهما الجنّة، وإن كنّ ثلاثاً أو

٥٩

مثلهنّ من الأخوات وضع الله عنه الجهاد والصدقة)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((من سعادة الرجل الولد الصالح)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((من سعادة الرجل أن يكون له ولد يستعين بهم)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أكثروا الولد اُكاثر بكم الاُمم غداً)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((اطلبوا الولد فإنّ الله (عزّ وجلّ) يرزقهم)).

وقد قال الإمام الصادقعليه‌السلام : ((أولاد المسلمين موسومون عند الله شافع مشفع، فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كانت لهم الحسنات، وإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيّئات)).

وقالعليه‌السلام : ((إنّ الله (عزّ وجلّ) ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده)).

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام : ((إنّ الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيراً لم يمته حتّى يريه الخلف)).

وروي: مَنْ مات بلا خلف فكأن لم يكن في الناس، ومَنْ مات وله خلف فكأن لم يمت.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((قبّلوا أولادكم - وفي نسخة اُخرى: أكثروا من قبلة أولادكم - فإنّ لكم بكلّ قبلة درجة في الجنّة، وما بين كلّ درجة خمسمئة عام)).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق)).

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام : ((برّ الرجل بولده برّه بوالديه)).

وقالعليه‌السلام أيضاً: ((دع ابنك يلعب سبع سنين، وأدّبه سبعاً، والزمه نفسك سبع سنين، فإن فلح وإلاّ فلا خير فيه)).

وقالعليه‌السلام أيضاً: ((أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم)).

٦٠