الخصائص العباسية

الخصائص العباسية0%

الخصائص العباسية مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 378

الخصائص العباسية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد إبراهيم الكلباسي النجفي
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الصفحات: 378
المشاهدات: 296708
تحميل: 10624

توضيحات:

الخصائص العباسية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 378 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296708 / تحميل: 10624
الحجم الحجم الحجم
الخصائص العباسية

الخصائص العباسية

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الدين واُصوله، وأحكام الإسلام وفروعه، ومحاسن الأخلاق ومكارمه، حتّى إذا استشهد السّبط الأكبر الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام على يدي معاوية بالسمّ غدراً صار ملازماً لأخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبقي معه ما دام الإمامعليه‌السلام في المدينة المنورة؛ يتلقّى من علومه ويتروّى من جميل أخلاقه وآدابه، حتّى إذا خرج الإمام الحسينعليه‌السلام إلى العراق خرج معه أبو الفضل العبّاسعليه‌السلام ولازم ركابه حتّى قُتل بين يديه شهيداً صابراً محتسباً.

نسخة طبق الأصل

لقد امتازت نشأة أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام عن غيره من أولاد الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بأنّه اختصّ من ينهم بصحبة والده وأخويه السّبطين، بل وابن أخيه الإمام زين العادينعليه‌السلام أيضاً، وملازمته لهم والتلمذة عندهم، والتروّي من معين علمهم، وزاكي أخلاقهم، ولذلك جاء نسخة طبق الأصل من حيث الفضائل والمكارم والعلم والمعارف، حتّى قال الشاعر في حقّه وهو يصف مناقبه وفضائله:

وفي العبّاسِ من كرمِ السجايا

كثيرٌ ليس يحصرُ في مقالِ

وفاءٌ، نجدةٌ، زهدٌ، وعلمٌ

وإيثارٌ، وصدقٌ في المقالِ

عـفافٌ ظاهرٌ، حلمٌ وجودٌ

وبـأسٌ صادقٌ عندَ النزالِ

٨١

الخصّيصة الثامنة

في كُنى العبّاسعليه‌السلام

الكنية من حيث اللغة هو: الاسم المصدّر بالأب مثل: أبو الحسن، والاُمّ مثل: اُمّ أيمن. وقيل المصدّر بالابن أيضاً مثل: ابن الرضا، والمصدّر بالابنة أيضاً مثل: ابنة فاطمة.

وقيل: إنّه يشترط في الكنية أن يكون مشعراً بالمدح والذم، كما أنّهم جعلوا حكمة الكنية هو التعظيم والتحقير، فقالوا: إنّ هناك مَنْ لا يدعونه باسمه بل بكنيته تبجيلاً وتكريماً، كما إنّ هناك مَنْ يدعونه بكنيته توهيناً وتحقيراً.

وعلى كلّ حال، فقد اشتهر العبّاس بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام بكنى متعدّدة، وكلّها تحكي الثناء والتعظيم، وتفصح عن المدح والتبجيل للعبّاسعليه‌السلام ، غير أنّ الأشهر من بين الجميع هو: أبو الفضل. ويتلوه شهرة: أبو فاضل، ثمّ أبو القاسم، ثمّ ابن البدوية، ثمّ أبو القربة، وأبو الشارة، وأبو رأس الحار، وأبو فرجة.

كناهعليه‌السلام مشعرة بالتعظيم

لقد سبق في تعريف الكنية ومعناها اللغوي: بأنّها الاسم المصدّر بالأب والأم والابن والابنة، مضافاً إلى شروطها الاُخرى: من إشعار المدح والذم،

٨٢

وحكمة التعظيم والتحقير؛ فإنّ هذا التعريف يوقفنا على أنّ الاسم المصدّر بواحد من الأب والأم، والابن والابنة يعدّ كنية حتّى وإن لم يكن لصاحب ذلك الاسم المصدّر بالأب والأم ابن - مثلاً - يدعى بذلك الاسم، ولم يكن لصاحب ذلك الاسم المصدّر بالابن أو الابنة أب - مثلاً - يدعى بذلك الاسم.

أبو الفضل، وأبو فاضل

وعليه فيكون أبو الفضل وكذا أبو فاضل وهكذا غيره من كنى العبّاسعليه‌السلام مشعراً بالمدح والثناء، وحاكياً عن التعظيم والتبجيل، وليس مستلزماً لأن يكون له ابن يدعى بـ (الفضل) وبـ (فاضل) - مثلاً - حتّى وإن قيل بأنّهعليه‌السلام كان له ابن يدعى بـ (الفضل) بن العبّاسعليه‌السلام .

وكيف كان فإنّ كنى العبّاسعليه‌السلام كلّها مشعرة بالمدح والثناء عليه، كما إنّ الحكمة من وضعها له هي تعظيمه وتبجيلهعليه‌السلام بها؛ ولذلك نرى الشاعر يقول في حقّهعليه‌السلام :

أبا الفضلَ يا مَنْ أسسَ الفضلَ والإبا

أبـى الـفضلُ إلاّ أن تـكونَ لهُ أبا

وقال آخر:

فأنتَ أخو السبطينِ في يومِ مفخرٍ

وفي يومِ بذلِ الماءِ أنتَ أبو الفضلِ

وأمّا (أبو فاضل) فإنّ العرب قد تعارفوا على أن يُكنّوا كلّ مَنْ كان اسمه (عبّاس) بكنية معروفة لديهم هي (أبو فاضل)، سواء كان لديه ابن بذلك الاسم أم لا.

٨٣

أبو القاسـم

وأمّا (أبو القاسم) فهو كنية سيّد المرسلين، وخاتم النبيِّين محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد كُنّي العبّاسعليه‌السلام بها تشريفاً له وحفاوة به؛ وذلك كما ورد في زيارة الأربعين المنقولة عن جابر بن عبد الله الأنصاري، حيث إنّه وقف على قبر أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام وقال: السّلام عليك يا أبا القاسم، السّلام عليك يا عبّاس بن علي...، وإن قيل: بأنّه كان للعبّاسعليه‌السلام ابن يدعى باسم القاسم بن العبّاسعليه‌السلام .

ابن البدوية

وأمّا (ابن البدوية) بفتح الباء والدال، أو سكون الدال وكسر الواو فهو إشارة إلى فروسيّة العبّاسعليه‌السلام وشجاعته التي ورثها عن طريق اُمّه اُمّ البنينعليها‌السلام ، التي كانت تنحدر من قبيلة بدوية معروفة بالشجاعة والفروسيّة.

كما إنّ فيها إشارة إلى حسن الطباع وكرم الأعراق، وطيب الأخلاق والآداب التي كانت تتحلّى بها اُمّ البنين، والتي ورّثتها لابنها العبّاسعليه‌السلام ؛ وذلك نظراً لانتمائها إلى البادية التي تشبع روح ساكنيها بالصفاء والوفاء، وتروي نفوسهم بالعزّة والإباء، وتقوّي عقولهم بالرحابة والطلاقة.

أبو القربـة

وأمّا (أبو القربة) بكسر القاف وسكون الراء فهو ممّا جاء من ألقابهعليه‌السلام في كتاب مسار الزائرين لابن إدريس، ومقاتل الطالبيِّين لأبي الفرج، والأنوار النعمانيّة، وتاريخ الخميس وهو كناية عن تصدّيهعليه‌السلام لمهمّة السقاية، يعني

٨٤

سقاية الماء التي لها عند الله أجراً كبيراً وثواباً جزيلاً.

فقد كان العبّاسعليه‌السلام المسؤول عن سقاية الماء إلى موكب الإمام الحسينعليه‌السلام عند خروجه من المدينة المنورة إلى مكة المكرّمة ومنها إلى العراق، وبالخصوص في كربلاء، وخاصة بعد تحريم الماء من قِبَل يزيد بن معاوية على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنعه عنهم.

كما إنّ فيها إشارة إلى مواساتهعليه‌السلام أخاه الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء، حيث ورد المشرعة وملأ القربة ماءً، ولكنه لم يذُق من الماء ولا قطرة مع شدّة عطشه وكبير ظمأه؛ وذلك احتراماً لأخيه الإمام الحسينعليه‌السلام وأطفال أخيه وبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العطاشى.

كما إنّ فيها إشارة أيضاً إلى طريقة شهادتهعليه‌السلام وكيفية قتله؛ حيث إنّه حفاظاً على القربة ومائها، وإيصالها سالمة مع الماء إلى حرم الإمام الحسينعليه‌السلام وأطفاله عكف كلّ همّه على بلوغ هذه الأُمنية، ممّا ترك لأجلها المبارزة مع الأعداء ومجابهتهم في ساحة الحرب، حتّى طمع الأعداء في قتله وتجرّؤوا على الكمين له في طريقه، وكذلك فعلوا؛ حيث كمنوا له في طريقه من وراء النخيل وقطعوا أوّلاً يديه، ثمّ استهدفوا القربة وأراقوا ماءها، ثمّ أردوه قتيلاً.

أبو الشـارة

وأمّا (أبو الشارة) من شوَّر بالرجل فتشوّر، أي إذا خجّله فخجل، فهو كناية عن كونهعليه‌السلام صاحب الكرامات المعروفة التي تحصل عندهعليه‌السلام من مراجعة المتخاصمين الذين انسدّت عليهما طرق المصالحة والاعتراف بالحقّ، وأعيتهما كثرة المرافعة وتداول المنازعة وتبادل الاتهامات فيما بينها؛ حيث يلجؤون إلى

٨٥

روضتهعليه‌السلام ويطلبون منه فضح المتّهم منهما؛ فإنّه بمجرد ما يحلف المتّهم كذباً بالعباسعليه‌السلام ليثبت بزعمه براءته، يشوّر العبّاسعليه‌السلام به فيفضحه، ويخجّله بتلجلج لسانه، وتغيّر لونه، وتربّد وجهه.

وكثيراً ما [ يحدث ] برفعه من الأرض وضربه بقسرٍ عليها، وكبسه بها، ممّا يؤدّي إلى موته أحياناً كثيرة؛ فإنّه لكثرة وقوع هذه الكرامات في روضته المباركة عُرف عند العامّة بهذه الكنية المباركة (أبو الشارة) التي ترتجف من صداها فرائص الأشرار، وترتعب من ذكراها قلوبهم القاسية، حتّى قال فيه الشاعر:

وشاراته كالشّمسِ في الأفقِ شوهدت

لـها من بناتِ المجدِ أومت إشاراتِ

أبو رأس الحار

وأمّا (أبو رأس الحار) فهو كناية عن سرعة غضبهعليه‌السلام في الله تعالى، وخاصّة بالنسبة إلى المظلومين الذين يستجيرون به، ويلجؤون إلى روضته المباركة، ويطلبون منهعليه‌السلام أن ينتقم لهم من ظالميهم، وأن يريهم فيهم ثأرهم ومآربهم؛ فإنّهعليه‌السلام لا يخيّب أمل مَنْ استجار به وطلب منه ذلك، وإنّما يأخذ له بحقّه من ظالمه سريعاً عاجلاً.

وكم على ذلك من شواهد وعلامات، وفي ذلك من قصص عجيبة وقضايا غريبة امتلأت بذكرها الكتب المعنيّة بذكر هذه الكرامات الظاهرة من ضريحه الأنور، في مشهده المقدّس، وتحت قبّته المباركة، وفي روضته المنوّرة.

أبو فُرجه

وأمّا (أبو فُرجه) بضم الفاء وسكون الراء وفتح الجيم، فهو إشارة إلى

٨٦

تفريجهعليه‌السلام همّ مَنْ شكا إليه همّه، وتنفيسه كرب مَنْ بثّ إليه كربته، وكشف غمّ مَنْ أباحه ما أغمّه، وإغاثته للمستغيثين به، وإجارته للمستجيرين بضريحه واللائذين بقبره الشريف، وإجابته الملهوفين الذين يلجؤون إلى روضته المباركة ويلتمسون من جنابه الوساطة إلى الله تعالى في الفرج عنهم، والكشف عمّا بهم؛ فإنّهعليه‌السلام سريعاً ما يشفع لهم، ويتوسّط في اُمورهم فيفرّج الله تعالى عنهم، ويكشف ما بهم من كرب وضرّ، وذلك كما قال الشاعر:

كـم فرّجَ اللهُ عنّا كربَ معضلةٍ

كـرامةً منهُ للعبّاسِ شبلِ علي

ورحـمةُ اللهِ خـصّتْنا بفضلِهمُ

عندَ الصعابِ عمّتْ فيهِ كلّ ولي

٨٧

الخصّيصة التاسعة

في ألقاب العبّاسعليه‌السلام

اللّقب على ما عرّفوه هو: ما يسمّى به الإنسان بعد اسمه العَلَم من لفظٍ يدلّ على المدح والذم، وحيث إنّ أبا الفضل العبّاس بن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان حاوياً على جميع الخصال الحميدة، وجامعاً لكلّ الصفات الحسنة والخلال الخيّرة، كان كلّ ما لقّب به دالاً على المدح والثناء، والتعظيم والتبجيل.

ولم يكن لهعليه‌السلام هنالك قطّ لقب فيه دلالة على الذم والجفاء، والخفّة والشقاء؛ وذلك لأنّهعليه‌السلام لم يكن له ثغرة في حياته، ولا منقصة في صفاته وخلاله حتّى يستطيع أحد من أعدائه ومناوئيه - مثلاً - نبزه بذلك اللّقب، وانتقاصه بتلك الثغرة والفجوة، كيف وهو ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأخو الإمامين الهمامين ريحانتي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيّدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسينعليها‌السلام ؟!

وهو بالإضافة إلى نسبه الشريف ربيب أهل بيت الوحي والنبوّة، وأديب مَنْ تأدّبوا على يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، علماً بأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هو أديب الله تعالى، فقد ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله المشهور: ((أدّبني ربّي فأحسن تأديبي)).

وعليه فقد ظهر من ذلك كلّه أنّ أبا الفضل العبّاسعليه‌السلام هو مَنْ ورث الفضائل والمكارم من معدنه، وتخلّق بالآداب والمحاسن من معينه ونميره؛ ولذلك صار مجمعاً للجمال والكمال، وأصبح منبعاً يفيض بالجود والنوال، حتى

٨٨

قال فيه الشعراء قصائد المدح والثناء، ونظموا فيه قوافي الخير والإطراء، وممّا جاء منظوماً في حقّهعليه‌السلام ما قاله الشاعر:

هو البحرُ من أيِّ النواحي أتيتهُ

فلجّتهُ المعروفُ والجودُ ساحلُه

وقال آخر:

هـو العبّاسُ ليثُ بني نزارِ

ومَنْ قد كانَ للاّجي عصاما

هزبرٌ أغلبُ اتّخذ اشتباكَ الـ

ـرمـاحِ بحومةِ الهيجا أجاما

فـمـدتْ فوقهُ العقبانُ ظِلاً

لـيقرّيها جـسومهمُ طعاما

أبيٌّ عندَ مسِ الضيمِ يمضي

بعزمٍ يقطعُ العضبَ الحساما

العبّاس عليه‌السلام مجمع الجمال والكمال

نعم، إنّ أبا الفضل العبّاسعليه‌السلام قد حوى من المكارم والمحاسن، ومن الأخلاق والآداب ما لا يمكن قصرها في مجال، ولا حصرها في مقال؛ ولذلك جاءت ألقابه الدالّة على بعض من تلك المكارم والمحاسن، والمشيرة إلى نماذج من تلك الآداب والفضائل، عديدة وكثيرة، ورفيعة ومنيعة، نذكرها أوّلاً سرداً بحسب ترتيب اشتهارها لدى الناس، ثمّ نشرح ما تيسّر لنا منها إن شاء الله تعالى فيما يأتي، وهي كالتالي:

باب الحسينعليه‌السلام .

باب الحوائج.

السقّاء.

ساقي عطاشى كربلاء.

قمر بني هاشم.

٨٩

قمر العشيرة.

حامل اللواء.

بطل العلقمي.

كبش الكتيبة.

حامي الظعينة.

سبع القنطرة.

الضيغم.

العبد الصالح.

العابد.

الطيار.

الشهيد.

الصدّيق.

الفادي.

المؤثر.

المواسي.

الحامي والمحامي.

ظهر الولاية.

قائد الجيش.

المستجار.

الوافي.

الساعي.

المستعجل.

المصفّي، وغير ذلك.

٩٠

الخصّيصة العاشرة

في أنّهعليه‌السلام باب الحسين عليه‌السلام

أبا الفضلِ أنتَ البابُ للسبطِ مثلما

أبـوكَ عـليٌّ كـان باباً لأحمدا

وقد كتب على مصراعي الباب الفضّي في الأيوان الذهبي من روضة أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام المباركة أبيات من قصيدة الخطيب الشهير الأُستاذ الشيخ محمّد علي اليعقوبي، منها الأبيات التالية:

هو بابُ الحسينِ ما خابَ يوماً

وافـدٌ جـاءَ لائذاً في حماهُ

إنّـهُ بـابُ حطّةٍ ليسَ يخشى

كلَّ هولٍ مستمسكٌ في عراهُ

قـفْ بـهِ داعياً وفيهِ توسّل

فـبـهِ المرءُ يستجابُ دعاهُ

أنت الباب للسبط

في البيت الأوّل من مطلع هذه [ القصيدة ] يشير الشاعر الموالي إلى أنّ أبا الفضل العبّاسعليه‌السلام قد احتذى حذو أبيه الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في إيمانه وأخلاقه، حيث كان من شدّة إيمان الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وكرم أخلاقه أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعدّه لكلّ عظيمة، ويدعوه عند كلّ نازلة وملمّة.

وكان هوعليه‌السلام قد وقف نفسه على خدمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحمايته والذبّ عنه، حتّى اشتهر عنه قولهعليه‌السلام : ((أنا عبدٌ من عبيد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله )). وحتّى قال فيه تعالى وهو يصف موقفه

٩١

ليلة المبيت حين نام على فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله موقياً له بنفسه:( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (1) . وغيرها من المواقف الاُخرى حتّى قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمَنْ أراد المدينة فليأت الباب)).

فكانعليه‌السلام باباً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومصاحباً له في حلّه وترحاله، وحضره وسفره، وسلمه وحربه، وواقياً له بنفسه وروحه، وماله وولده، وقد عرف بذلك حتّى أنّه صار مَنْ يريد الزلفى عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتقرّب بالإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إليه.

ومَنْ يريد الحظوة لدى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوسّط الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لديه، ومَنْ أراد أن يقضي الله حاجته جعله بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوسيلة إلى الله تعالى في قضاء حوائجه.

وكذلك كان ولده أبو الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام باباً لأخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ حيث كان من شدّة إيمان العبّاسعليه‌السلام ونُبل أخلاقه أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان يعدّه لكلّ عظيمة، ويدعوه عند كلّ نازلة وملمّة.

وكان هوعليه‌السلام قد وقف نفسه لخدمة أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ، وحمايته والدفع عنه حتّى اشتهر قوله في مخاطبته له: سيّدي ومولاي.

ولم يعرف عنه أنّه خاطبه يوماً وذات مرّة بقوله: يا أخي، إلاّ في يومٍ واحد وذات مرّة واحدة فقط وهي في يوم عاشوراء؛ وذلك حين هوى من على ظهر جواده إلى الأرض، وهي ساعة حرجة يحنّ فيها الإنسان إلى أقرب ذويه وأخصّ خاصّته، ولحظة يتلهّف الإنسان فيها إلى أن يتصفّح وجوه كلّ أقربائه وجميع حامته؛ وذلك لأنّه يريد أن يلقي فيها بنظراته الأخيرة على وجوههم، ويتصفّح ولآخر مرّة للوداع مُحيّاهم، ويحبّ أن يرى في النهاية رأسه في حجرهم، وجسمه بين جموعهم وحضورهم.

في هذه الساعة بالذات، وفي تلك اللحظة الحسّاسة نفسها سمح أبو الفضل لنفسه أن ينادي أخاه بقوله: يا أخاه! أدرك أخاك.

____________________

(1) سورة البقرة / 207.

٩٢

موقف الإمام الحسين عليه‌السلام من أخيه

وهنا كان الموقف الرشيد من الإمام الحسينعليه‌السلام حيث لم يصل صوت أخيه المواسي إلى مسامعه الكريمة إلاّ ولبّى نداء أخيه، وأسرع إليه كالصقر المنقضّ، ونزل عنده وجعل رأسه في حجره، وأخذ يمسح الدم والتراب من على عينيه، ويناشده عمّا يشتكي منه ويؤلمه، ويناجيه بتوجّع وتألّم مشاركاً له آلامه، ومشاطراً إيّاه همومه وغمومه.

ففتح على إثر ذلك أبو الفضل العبّاسعليه‌السلام عينه في وجه أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ، وألقى بنظرته الأخيرة عليه، وودّع أخاه وإمامه ببسمة ارتسمت على شفتيه تحكي كلّ معاني الإخلاص والمحبّة، وتفصح عن آيات الولاء والأخوّة.

فما كان من الإمام الحسينعليه‌السلام إلاّ أن ردّ على أخيه الوفي جواب سلامه وتحيّاته، ولكن لا بنبرات صوته وجهير كلامه وإنّما بزفراته وعبراته، وأنينه وحنينه، وقطرات دموعه وحرارة آهاته، ممّا ألهب بها مُحيّا أخيه وأبرد به فؤاده وصدره، حتّى إذا أحسّ بها العبّاسعليه‌السلام لفظ أنفاسه الأخيرة في حجر إمامه العظيم، وأحضان سيّده الكريم قرير العين ثلج الفؤاد.

الأهداف من ترك العبّاس عليه‌السلام في مكانه

وكان من دأب الإمام الحسينعليه‌السلام وهو دأب كلّ قائد رؤوف وإمام عطوف أن يحمل جثث أنصاره، وأجساد قتلاه الذين استشهدوا في المعركة معه إلى فسطاط أعدّه للشهداء قرب معسكره ومخيّمه، فكان يضع بعضهم مع بعض، وهو يقول كما عن غيبة النعماني: ((قَتْلة مثل قتلة النبيِّين وآل النبيِّين)).

٩٣

لكن لمّا وقف الإمام الحسينعليه‌السلام هذه المرّة على جسد أخيه الوفي أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام ورآه بتلك الحالة بكى حوله ساعة، وانصرف ولم يحمله إلى الفسطاط، بل ترك جسد أخيه الشهيد في مكانه، وغادر جثّته موذّرةً ومقطّعة في محلّ شهادته ومصرعه؛ وذلك إمّا نزولاً إلى رغبته وتلبية لطلبهعليه‌السلام ؛ حيث إنّه - على ما روي - طلب من أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام مُقسماً عليه بجدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتركه مكانه ما دام به رمق، وأن لا يحمله إلى فسطاط الشهداء؛ لأنّه قد وعد سكينة بالماء وهو يستحي منها.

ولأنّه أشفق على أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام فأراد أن يعفيه من عناء حمله ومشقّة نقله إلى الفسطاط؛ ولأنّه أراد بذلك الحفاظ على عواطف النساء والأطفال، وأراد أن يخفي عنهم خبر شهادته المفزعة لهم ولو إلى لحظات، وأن يحجب جسمه الموذّر المفجع لهم عن أنظارهم ولو بضع ساعات.

ولأنّ الأعداء كانوا قد قطعوا جسمه الشريف إرباً إرباً بحيث لم يمكن حمله - حسب الظاهر - إلى الخيام ولا نقله إلى الفسطاط؛ ولأنّ الإمام الحسينعليه‌السلام ترك أخاه العبّاسعليه‌السلام في مكانه ولم يحمله إلى الفسطاط إشارة منه إلى أنّ أخاه يستحق التعظيم والتبجيل باتّخاذ مرقد منفرد له، ونصب شبّاك مجلّل على قبره، ورفع بنيان شامخ حول ضريحه، وتشييد روضة مباركة أطراف مرقده؛ وذلك تقديراً منه لوفائه، وشكراً منه على مواقفه الرشيدة تجاه إمامه.

وليكون بعد شهادته - كما كان أيام حياته - باباً للإمام الحسينعليه‌السلام ؛ فيقصده الزائرون، ويؤمّه الموالون والمحبّون، ويحجّ إليه أرباب المسائل والحوائج وأصحاب الضرّ والفاقة، والفقر والمسكنة أوّلاً، ويشفّعونه عند أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ويوسّطونه في حوائجهم إليه، ثمّ يقصدون روضة الإمام

٩٤

الحسينعليه‌السلام للزيارة والاستشفاع به إلى الله تعالى في قضاء حوائجهم وبلوغ أمانيهم وآمالهم ثانياً.

مرقد منفرد وحرم خاص

ولعلّ الأمر الأخير كان هو الهدف من وراء ترك الإمام الحسينعليه‌السلام أخاه العبّاسعليه‌السلام في مكانه، وعدم حمله إلى الفسطاط، كما عليه المحقّقون من كبار العلماء والفقهاء.

ويؤيّده أنّه لمّا جاء الإمام زين العابدينعليه‌السلام في اليوم الثالث من شهادة أبيه الإمام الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء، وذلك بطريق المعجزة، وأراد دفن الشهداء السّعداء ومواراة أجسادهم الطاهرة، التفت إلى بني أسد بعد أن وارى بنفسه جسد أبيه الطاهر، ووارى بمعاونة بني أسد أجساد الشهداء الأبرار وقال: ((انظروا هل بقي من أحد؟)).

قالوا: نعم، بقي بطل مطروح حول المسنّاة وهو موذّر ومقطّع إرباً إرباً، وإنّا كلّما حملنا جانباً منه سقط الآخر!

فقالعليه‌السلام : ((امضوا بنا إليه)).

فمضوا جميعاً إليه، فلمّا رآه انكبّ عليه يلثم نحره الشريف، وهو يقول: ((على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك منّي السّلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته)). ثمّ شقّ له ضريحاً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الإمام الحسينعليه‌السلام ، وقال لبني أسد: ((إنّ معي مَنْ يعينني)).

وعليه فإنّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام مع إمكانه ولو بطريق المعجزة،

٩٥

وتعاون مع بني أسد أن ينقل الجسد الطاهر إلى الحائر الشريف، لكنهعليه‌السلام مع ذلك لم ينقل جسد عمّه أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام عن مكانه، ولم يحمله إلى بقعة أبيه الإمام الحسينعليه‌السلام ولا إلى روضة الشهداء من أهل بيته وأصحابه، وإنّما حفر له حيث مرقده الآن مرقداً، وشقّ له ضريحاً وواراه فيه؛ ليكون قبره الشريف ومرقده المنيف محطّاً ومزاراً، وملاذاً ومعاذاً، وباباً للذين يفدون لزيارة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبوّاباً للذين يقصدونه بحوائجهم وآمالهم.

وهكذا كان، فإنّ الوافدين والزائرين وكذلك هيئات المعزّين والمسلّين، ومواكب العزاء كموكب السلاسل والتّطبير، واللطم والتشبيه وغيرهم من الآمّين إلى كربلاء المقدّسة من ذلك الزمان وحتّى يومنا هذا يقصدون أوّلاً مشهد أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام ويأمّون روضته المباركة، ويوسّطونه لحوائجهم عند أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ثمّ بعد ذلك يقصدون مشهد الإمام الحسينعليه‌السلام ، ويتشرّفون بزيارته ويتبرّكون بحرمه وروضته ثانياً وأخيراً.

اقتداء العبّاس عليه‌السلام بأبيه

نعم، إنّ أبا الفضل العبّاسعليه‌السلام اقتدى بأبيه في الكرم والجود، فصار باباً لأخيه وسيّده الإمام الحسينعليه‌السلام ، كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام باباً لأخيه وابن عمّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

بل إنّ العبّاسعليه‌السلام أصبح بمؤهّلاته الخلقية وكفاءاته الإنسانية العالية باباً لولاية الأئمّة من أهل البيتعليهم‌السلام ، بحيث لا يمكن لأحد أن يرد إلى مدينة حبّهم وحصن ولايتهم إلاّ عن باب محبّة أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام وولايته؛ وذلك كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام باباً لنبوّة ابن عمّه رسول

٩٦

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته، بحيث لا يمكن لأحد أن يدخل مدينة علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحصن معارفه، ويكون من الموقنين بنبوّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن المؤمنين برسالته إلاّ من باب ولاية الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقبول ولايته وخلافتهعليه‌السلام ؛ وذلك حسب ما اشتهر من قولهعليه‌السلام : ((علي باب علمي، ومبيّن لاُمّتي ما أرسلت به من بعدي)). وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ((علي وعاء علمي ووصيّي، وبابي الذي اُوتى منه)).

الباب المعنوي لا السياسي

ومن هنا علم أنّ المراد من معنى كون العبّاسعليه‌السلام باباً لأخيه وسيّده الإمام الحسينعليه‌السلام ، كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام باباً لأخيه وابن عمّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو أنّه باب معنوي وروحي إلى مدينة المعنويات، والمعارف والروحانيات والفضائل، وإلى حصن الإيمان والتقوى والقرب إلى الله تعالى، وإلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإلى أوليائهعليهم‌السلام .

وليس هو بالمعنى اللغوي المتعارف في الأوساط السياسية التي كلّ عليها الدهر وشرب من الأمس الغابر إلى اليوم الحاضر؛ حيث قد تعارف أن يكون للملك والرئيس بوّاب وحاجب يمنع الناس من الوصول إليه والالتقاء به، فقد كان هذا من شأن الجاهلية الأولى، وعاد أيضاً على ما كان عليه في الجاهلية الثانية. وبين الجاهليتين جاء الرسول الحبيبصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإسلام الحكيم والكتاب المنير، وحارب كلّ الطواغيت وعاداتهم، وتوعّدهم بالعقاب ونار الجحيم.

وقد كان من عادة حكّام الجاهلية التي حاربها الإسلام بشدّة التقوقع على النفس، والانهماك في لذّاتها وشهواتها، والانفصال عن الناس وعن حوائجهم ومشاكلهم باتّخاذ البوّابين والحَجَبة، ثمّ تطوّروا في ذلك فاتّخذوا لأنفسهم رؤساء الديوان الملكي، والقصر الجمهوري، وما أشبه ذلك

٩٧

من الأسماء الجديدة والعناوين الكاذبة والخداعة التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يقرّها إلاّ الشيطان والأهواء، ممّا هي بعيدة غاية البعد عن ساحة أهل البيتعليهم‌السلام ، وعن مثل أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام .

فأبو الفضل العبّاسعليه‌السلام إذن هو الباب المعنوي للإمام الحسينعليه‌السلام ، والبوّاب الروحي إلى مدينة المعارف والفضائل، والمكارم والأخلاق المتجسّدة في الإمام الحسينعليه‌السلام .

٩٨

الخصّيصة الحادية عشرة

في أنّهعليه‌السلام باب الحوائج

بـابَ الـحوائجِ ما دعتهُ مروعةٌ

فـي حـاجةٍ إلاّ ويقضي حاجَها

بأبي أبا الفضلِ الذي من فضلهِ الـ

سـامي تـعلّمتِ الورى منهاجَها

زجّ الـثّرى من عزمهِ فوق السما

حـتّـى عـلت في تربةٍ أبراجَها

قُـطـعتْ يـداهُ وطالما من كفّه

ديـمُ الـسماحةِ أمطرت ثجّاجَها

وقال آخر:

أبـا الفضلِ إنّي جئتكَ اليوم سائلاً

لـتيسيرِ ما أرجو فأنتَ أخو الشبلِ

فـلا غـرو إنْ أسعفتَ مثلي بائساً

لأنّك للحاجاتِ تُدعى: (أبو الفضلِ)

الأبواب والوسائل إلى الله

إنّ كلّ المعصومين الأربعة عشرعليهم‌السلام وهم: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وابنته الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، والأئمة الاثنا عشر من أهل البيتعليهم‌السلام ، وكذلك بعض خاصّتهم وذويهم هم أبواب الحوائج إلى الله تعالى، والوسائل إلى رضوانه وجنّته.

وهم الأسماء الحسنى التي أمر الله تعالى أن ندعوه بها، ونتوجّه عبرها إليه؛ حيث قال سبحانه:( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) . وقال سبحانه:( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) .

٩٩

لكن هناك من بينهم مَنْ عُرف واشتهر بكونه باب الحوائج أكثر من البقية، علماً بأن اُولئك الذين اشتهروا بكونهم أبواب الحوائج هم أربعة أشخاص: واحد منهم من الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام والثلاثة الباقون من ذويهم وخاصّتهم.

أوّل أبواب الحوائج

أمّا باب الحوائج من الأئمّةعليهم‌السلام فهو الإمام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فإنّه عُرف لدى المسلمين باب الحوائج، واشتهر به؛ وذلك لكثرة ما ظهر منهعليه‌السلام ومن مرقده الشريف من كرامات ومعجزات، ومن كفاية المهمّات والحاجات، حتّى اعترف بذلك كبار علماء العامّة وأئمتهم، ناهيك عن عامة الشيعة وخاصّتهم.

فقد قال إمام الشافعيّة محمّد بن إدريس الشافعي على ما في تاريخ بغداد: مرقد الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ترياق القلوب، وشفاء الأمراض الروحية والقلبية.

وقال شيخ الحنابلة الحسن بن إبراهيم أبو علي الخلاّل كما في تاريخ بغداد أيضاً: كلّما عرضت لي حاجة ملحّة وأردت إمضاءها وإنجاحها زرت مقابر قريش، وذهبت إلى حائط شونيزية، ووقفت على قبر باب الحوائج موسى بن جعفرعليه‌السلام وتوسّلت به إلى الله تعالى في قضاء حاجتي ومرحومة عبرتي.

هذا بعض اعترافات علماء العامّة، ناهيك عن علماء الخاصة فإنّ كتبهم مليئة بذلك.

١٠٠