عقيلة بني هاشم

عقيلة بني هاشم0%

عقيلة بني هاشم مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 78

  • البداية
  • السابق
  • 78 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 25148 / تحميل: 7434
الحجم الحجم الحجم
عقيلة بني هاشم

عقيلة بني هاشم

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
العربية

وأمّا اُمّ كلثوم بنت زينب فهي التي خطبها معاوية لولده يزيد كما ذكر ذلك ابن شهر آشوب (1) ، وذلك لما طلب معاوية بن أبي سفيان من مروان بن الحكم - وكان والياً على المدينة من قبله - أن يخطب اُمّ كلثوم بنت زينب، فقال أبوها عبد الله بن جعفر؛ إنّ أمرها ليس إليّ، إنّما هو إلى سيدنا الحسين عليه‌السلام ، وهو خالها.

فأخبر الحسين عليه‌السلام بذلك، فقال: (( استخير الله تعالى. اللهمَّ وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد )) .

فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسين عليه‌السلام ، وقال: إن أمير المؤمنين - يعني معاوية - أمرني بذلك، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيِّين، مع قضاء دينه.

واعلم أنّ من يغبطكم بيزيد [أكثر ممّن يغبطه بكم. والعجب كيف يستمهر يزيد] (*) وهو كفؤ من لا كفؤ له، وبوجهه يستسقى الغمام! فرد خيراً يا أبا عبد الله.

فقال الحسين عليه‌السلام : (( الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا على خلقه... إلى آخر كلامه عليه‌السلام ، ثمّ قال: يا مروان، قد قلت فسمعنا؛ أمّا قولك: مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو اثنتا عشرة أوقية، يكون أربعمئة وثمانين درهماً.

____________________

(1) انظر المناقب لابن شهر آشوب 2 / 171، الطبعة الاُولى.

(*) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وقد جئنا به من المناقب نفسها. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٤١

وأمّا قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا؟!

وأمّا قولك: صلح ما بين هذين الحيِّين، فإنّا قوم عاديناكم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا؛ فلعمري لقد أعيا النسب، فكيف السبب؟!

وأمّا قولك: والعجب كيف يستمهر يزيد! فقد استمهر مَن هو خير من يزيد، ومن أبِ يزيد، ومن جدِّ يزيد.

وأمّا قولك: إنّ يزيد كفؤ مَن لا كفؤ له، فمَن كان له كفؤ قبل اليوم فهو كفؤه اليوم، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئاً.

وأمّا قولك: وجهه يستسقى به الغمام، فإنما كان ذلك وجه رسول الله.

وأمّا قولك: مَن يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا، فإنّما يغبطنا به أهلُ الجهل، ويغبطه بنا أهلُ العقل )).

ثمّ قال عليه‌السلام : (( فاشهدوا جميعاً أني قد زوّجت اُمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمِّها القاسم بن جعفر على أربعمئة وثمانين درهماً، وقد نحلتها ضيعتين بالمدينة - أو قال: أرضي بالعقيق ـ ، وإنّ غلتها بالسنة ثمانية آلاف دينار، ففيها لها غنى إن شاء الله تعالى )) (1) .

قال الراوي: فتغيّر وجه مروان، وقال: أغدراً يا بني هاشم؟ تأبون إلاّ العداوة!

فذكّره الحسين عليه‌السلام خطبة الحسن عائشة وفعله، ثمّ قال: (( فأين موضع الغدر يا مروان؟ )) .

____________________

(1) وروي أنّه أنحلها ( البغيبغات )، وهي ثلاث عيون في ينبع، يقال لإحداها: خيف ليلى، وللثانية: خيف الأراك، وللثالثة: خيف البعاس.

٤٢

فقال مروان:

أردنـا ودّكـمْ لـنجدّ ودّاً

قد اخلقهُ به حدثُ الزمانِ

فـلمّا جـئتكمْ فجبهتموني

وبحتم بالضمير من الشنانِ

فأجابه ذكوان مولى بني هاشم:

أمـاط اللهُ عنهم كلَّ رجسٍ

وطـهّرهم بذلك في المثاني

فـمالهمُ سـواهم من نظيرٍ

ولاكـفؤٍ هـناك ولا مداني

أتـجعل كـلَّ جـبّارٍ عنيدٍ

إلى الأخيار من أهل الجنانِ

فتزوّج اُمَّ كلثوم القاسمُ بن محمّد بن جعفر وأولدها فاطمة.

قال أحمد بن طيفور (1) : فاطمة بنت القاسم تزوجت طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر فولدت له رملة، تزوّجها هشام بن عبد الملك فلم تلد له، فقال لها هشام: أنت بغلة لا تلدين.

فقالت له رملة: يأبى كرمي أن يدنّسه لؤمك.

أسفارها

أجمع المؤرّخون على أنّ السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام سافرت أوّلاً مع أبيها أمير المؤمنين عليه‌السلام من المدينة إلى عاصمة حكمه الكوفة (العراق)، ورجعت إلى مسقط رأسها المدينة المنورة مع أخيها

____________________

(1) انظر أحمد بن أبي طاهر بن طيفور - بلاغات النساء / 143، طبع مصر.

٤٣

الحسن سيد شباب أهل الجنة وأول السبطين عليهما‌السلام .

وفي عام ستّين للهجرة سافرت مع أخيها الحسين عليه‌السلام ريحانة رسول الله إلى كربلاء - العراق - للمرة الثانية، واُخذت من العراق بعد واقعة الطفِّ إلى الكوفة أسيرة مع السجاد زين العابدين عليه‌السلام ، وعيالات الحسين ومَن معهنّ من نساء الهاشميِّين والأنصار، ومنها سيّرت إلى دمشق الشام، ومكثت بالشام أسيرة، وبعدها رجعت إلى العراق مع السجاد زين العابدين عليه‌السلام - إلى كربلاء - لتجديد العهد بزيارة أخيها الحسين والشهداء معه من آل رسول الله (صلوات الله عليهم أجمعين)، ورجعت منها إلى المدينة في حالة مشجية.

والسفرة الأخيرة كانت مع زوجها عبد الله بن جعفر (رحمه الله) حين جاء بها إلى دمشق ليتعاهد اُمور ملكه في قرية راوية، وفي هذه السفرة توفّيت ودفنت في راوية من أعمال دمشق، والتي تبعد عنها من الجهة الشرقية الجنوبية ما يقرب من سبعة كيلو مترات، وتُعرف اليوم بقرية قبر الست، ولم يحدّثنا التاريخ عن غير هذه السفرات للسيدة زينب عليها‌السلام .

٤٤

بعض ما قيل فيها شعراً

قصيدة للاُستاذ الكبير الشاعر الفحل السيد محمود الحبوبي نظمها أثناء طوافه حول ضريح السيدة الجليلة عقيلة الهاشميِّين زينب ابنة أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، وذلك عام 1950 هـ.

هذا ضريحكِ يابنتِ الزهراءِ

أم روضــةٌ قـدسـيةُ الأشـذاءِ

جـئـنا لــه مـتبرّكين بـلثمهِ

وبـه حـططنا الـيوم كلَّ رجاءِ

حـرمٌ عـليه مـن الـنبوة هيبةٌ

تـحنى لـديها أرؤسُ الـعظماءِ

مـهـما سـعينا حـوله فـكأننا

نـسعى حـيال الكعبةِ الـغرّاءِ

ولـقد نـجا الـمتمسكون بـبابهِ

مـن كـلِّ شـرٍّ طـارقٍ وبلاءِ

٤٥

غـمرت جوانبَه القداسةُ فاعتلى

شـرفاً تـجاوز موطن الجوزاءِ

نـورُ الـرسالة والإمامة ساطعٌ

مـنه سـطوعُ الكوكب الوضّاءِ

طـفنا به فأعاد ذكرى كربلا

مـخضوبة مـنكم بـخير دماءِ

لـله يـوم الطفِّ قلبك بعدما

شـاهدتِ مـصرع سيّدَ الشهداءِ

وبـجـنبه أبـناؤه وصـحابه

كـالبدر حـاطته نـجوم سماءِ

وحُملتِ بعدُ إلى دمشق أسيرةً

وأجـلّ مـن اُنـجبن من حواءِ

ولـقيتِ صـابرةً أمضّ فجيعة

بـالإخـوة الأطـهار والأبـناءِ

خُلقٌ من الهادي الأمينِ ورثتِهِ

ومـن الوصي وآلك الاُمناءِ

فتركتِ يا فخر العقائلِ في الملا

أسـمى فـخارٍ خـالدٍ وعـلاء

ترعاه عينُ الله فهو على المدى

بــاقٍ بـروعته بـقاء ذُكـاءِ

وعـليك مـنه صلاتُه وسلامُه

فـي كـلِّ صبحٍ مشرق ومساءِ

٤٦

تيهي جلالاً يا بقاع الراوية

تـيـهي جـلالاً يـا بـقاع ( الـراويه)

وتـطاولي شـرفاً بـمثوى ( الـزاكيه)

أدريــتِ مَـن حـلّت ربـاكِ فـطهّرتْ

مـنك الربوعَ مـن الـكلابِ الـعاويه

تـلـك مـن حـلت العقيلة «زيـنب »

تنمى إلى شرف يطول على السماء الساميه *

فـلَـبضعة الـزهراء كـانت اُمّـها

حـدبت عـليها وهـي تُـدعى الـحانيه

وإلـى عـليٍّ وهـو خـيرُ اُرومـةٍ

نـسـبٌ تـبـلّج كـالـسماء الـضاحيه

والـجدّ أحـمدُ مـن أتـى بـشريعةٍ

تـهـدي الـبـرايا لـلـقيامة بـاقـيه

____________________

(*) هكذا ورد البيت في النسخة التي بين أيدينا، ولا يخفى ما فيه من خلل عروضي واضح. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٤٧

اِروي الـحديث وأنت بعضُ شهودِه

فـالقول منك مصدّق يا «راويه»

وتـحدّثي لـلجيل عن قومٍ مضوا

فـالجيل هـذا العصر اُذنٌ صاغيه

كـم بـالشئام عـجائبٌ مرت بها

بـالنافعات عـن القرون الماضيه

تـلك اللـظات تقصّ بعض حديثها

عـن زمـرةٍ حكمت فكانت طاغيه

قـرن مـن الأعـوام أثقل كاهلي

بـالفادحات فـعدتُ مـنها خـاويه

كـم ذا لـقيت مـن الإساءة والعنا

مـن صـبية ذرئـت لـنار حاميه

فـالخمرة الـصهباء مـلءُ بطونِها

وأكـفّها خـضبت دمـاءً زاكيه

نـزو القرود على منابر أحمدٍ

جهدت تـعيد الـشرك فيهم ثـانيه

قصرت بها الأنساب أقصى فخرها

شـيخٌ كـفور أو عـجوزٌ زانيه

صـخر وهـند والـفروع بأصلِها

هذا النجار وذي الاُصول كما هيه

يـا «راويـة» فاروي الحديثَ لاُمّةٍ

مـكبوتةٍ وتـعيش ظـمأى صاديه

٤٨

وتـحدّثي عـن ذي القصور ولهوِها

أيـن الـقصورُ مضت وأين اللاهيه

قـالت مـعالمها دويـنك مـا ترى

يـكـفيك مـنّي مـا تـراها بـاقيه

فـاضرب بـطرفك أين بانيَ مجدها

ثــاوٍ بـأيـةِ حـفرة أو زاويه

فـإذا الـقصور ولا بـقاء لـرسمها

وإذا الــرؤوس ولا رمـيم بـاليه

وانـظر إلى القبر المشيد ضريحه

سامي الضراح علا بمثوى الزاكيه

ذيّــاك حـكـمُ الله يـأبي عـدله

إلاّ الإطـاحة بـالعروش الـخاويه

وتـكون عـقبى الـدار تـبقى دائماً

لـلـمـتّقين ولـلـعتاة الـهـاويه

* * *

يـا« راويـة» والقلب ماضٍ جرحُه

بـالفادحاتِ مـن الـمآسي الـقاسيه

وأشـدها وقـعاً مـصائب كـربلا

شــمُّ الـجبال لـهولها مـتداعيه

شاد الحسينُ صروح دين هُدّمت

وزيـنبٌ أوصـت تـتم الـباقيه!

٤٩

فشقيقة السبطين خفّت بالذي

عن حمله كلُّ الرواسي واهيه

قد قابلت كلَّ الخطوب بصبرها

مهما تحيط بها الظروف العاتيه

وأتـمّت الـصرح الذي لبناتهُ

قـامت عليها فهي اُسُّ الزاويه

بـدماء زمـرتها تـشيّد اُسّه

وتـشيد أعـلاه دموعٌ جاريه

فـمحت بـها أثـار ملك أميةٍ

من دارها طرّاً فأضحت خاليه

كم موقفٍ بالشام لم تضرع به

صكّت به أسماع ذاك الطاغيه

وأذلّـت الـنفر الـلئام بقيلها

فـعنت لها بالذلِّ تلك الناصيه

وسـمتهمُ الـعار الشنار بسبّةٍ

حتّى هووا أعجاز نخلٍ خاويه

فصل الخطاب ويا له من حجةٍ

صـعقت لها تلك الجباه العاتيه

فحروف خطبتِها حروفٌ زاهية

وبـليغ حجتها صواعقُ داويه

٥٠

إيها ربوع الشام هذي زينبٌ

وطئت ثراك وهي ليست راضيه

فـتعجّلت كـفُّ المنون بقبضها

لـمّا دعـت أن لا تـراكِ ثانيه

فـتُعيدي للنفس الجريحة مشهداً

يـحكي لها ذكرى المآسي الداميه

لـكنّ ربّـك وهـو عـدلٌ حاكمٌ

يقضي لتقضي في جوارك ناحيه

كـم حـكمةٍ لـله فـي تـقديرِه

فـتبين واضـحة واُخرى خافيه

فـأسيرة الـماضي تحطّم هيكلاً

ذرّ الـرماد فـماله مـن بـاقيه

وتـقـيم قـبّتها بـرغمِ اُنـوفهمْ

في أرضهم حيث القطوف الدانيه

وتدرّ زينب حيث يهمي فضلها

ثـرّاً عليك فعدت منها «راويه»

وتخط زينبُ للخلود سطورَها

ومـدادها تـلك الـدموع الغاليه

وطـوت يـدٌ بيضاء كلَّ صحيفةٍ

لاُمـيةٍ قـد سـوّدتها عـاصيه

هـذا هـو الفتح المبين بنصرةِ الـ

ـدين الحنيف وتلك عقبى الباقيه

٥١

وختامُ شعري في نشيد القافيه

تيهي جلالاً يا بقاع «الراويه»

٥٢

كلمة الاُستاذ الكبير أحمد فهمي محمّد المصري وشعره

السيدة زينب بنت علي عليهما‌السلام ، العقيلة الطاهرة، والزهرة الناضرة، والكريمة الباتعة، والروضة اليانعة، سبطة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبضعة البتول، ونجيبة سيف الله المسلول، السيدة المباركة زينب بنت علي بن أبي طالب عليهم‌السلام .

هـي زيـنب الـمفاخر والـعلا (*)

وكـريـمةٌ آبـاؤهـا كُـرمـاءُ

هي ربّة الشورى وغوث ضريعها

وهـي الـعياذ ولـلعفاة رجـاءُ

وله أيضاً:

لـذ بالعقيلة بضعة الزهراءِ

مـتـوسّلاً بـكريمة الآبـاءِ

فهناك مهبطُ رحمة تحظى بها

وهـناك ما ترجو من الآلاءِ

____________________

(*) لا يخفى ما في المصراع من خلل عروضي بيّن. (موقع معهد الإمامين الحسنين)

٥٣

وافتح بفاتحةِ الكتاب ضريحَها

واقـرأ سلامك ضارعاً بدعاءِ

حـتّى تنال الخير من نفحاتها

وتـرى شـعاعَ جلالةٍ وبهاءِ

فمزارها حرمٌ ومهبطها حمىً

وهـي الـلياذ لنا من اللأواءِ

فجوارحي تصبو لزورة قبرِها

وجـوانحي تـهفو لها بولاءِ

فالله شـرّف قـدرها ومقامَها

والله يـوفي الـخير للسعداءِ

وله أيضاً:

نـورُ الـعقيلة في الآفاق وضّاءُ

حـلّت دمشق فعم القطر أضواءُ

نـورُ الـنبوّة موصولٌ بمهبطها

والـنور فـي جنبات القبرِ لألاءُ

حـفّت بـه بركاتٌ فاض صيّبها

ونـفحةُ الله بـالروضات فيحاءُ

يا ساكني الشام بشراكمْ بمهبطِها

فـفي حـفافـيه لـلعافين آلاءُ

وقـبرُها حـرمٌ من يستجير به

تـنجاب عـنه بفضلِ الله لأواءُ

* * *

٥٤

ولبعضهم:

هـذا ضـريح شقيقةِ القمرينِ

بـنتِ الإمـامِ شريفة الأبوينِ

وسـليلةِ الزهراء بضعة أحمدٍ

نـورُ الـوجود وسيّد الثقلينِ

نـسبٌ كريم للفصيحة زينبٌ

شمس الضحى وكريمة الدارينِ

* * *

للمرحوم الشيخ حسن سبتي:

عـيـبةُ عـلمٍ غـير أنّ عـلمَها

غـريـزةٌ ولـم يـكن مـكتسبا

عـالـمـةٌ عـامـلـةٌ لـربِّـها

طول المدى سوى التقى لن تصحبا

تـقيةٌ مـن أهـل بـيت عصمةٍ

شـقيقةُ الـسبط الحسينِ المجتبى

صـدّيقةٌ كـبرى وجـمّ عـلمِها

طـاشت بـها الألبابُ والفكر لبا

فـيا لـها داعـيةٌ إلى الـهدى

فـي حـلِّ كـلِّ مشكلٍ قد صعبا

ذات فـصـاحةٍ إذا مـا نـطقتْ

حـيناً تـخال المرتضى قد خطبا

٥٥

سـل مجلس الشام وما حلَّ به

مُذ خطبت ماج بهم واضطربا

* * *

وللمرحوم الشيخ أحمد الكناني من مقطوعة:

لـذ فـي الـشدائد بابنةِ الزهراءِ

واقـصد حـماها فـوق كلِّ عناءِ

هـي زيـنبٌ ذات المقامات العلا

وكـريـمةُ الأجــداد والآبــاءِ

هي ربةُ الشورى وغوث مَن التجى

بـنت الإمـام وفـارس الـهيجاءِ

اُخـت الحسين وجدُّها خيرُ الورى

وهـمُ إذا عـزَّ الـرجاءُ رجـائي

* * *

للمغفور له الشيخ حسن سبتي:

لما أصابت ( يثرباً) مجاعةٌ

وشـدةٌ وعـامهم قـد قطبا

فسار عبد الله ينحو الشام في

عـياله يـحملهم و (زينبا )

لـكنّ وعثاءَ الطريق أثّرت

بـها فـكابدت عناءً نصبا

٥٦

وعـنـدما تـذكّـرت دخـولَها

للشام حسرى وهي في أسر السبا

حـمت ومـا زالت تعاني سقماً

وسـقمها فـي جسمها قد نشبا

وعـام خـمسةٍ وخمسين قضت

صـابرةً بـالصبر حـازت رتبا

وقـد قـضت في رجب بنصفِه

يـاليت أنّـا لـم نـشاهد رجبا

* * * *

ولبعضهم:

نـفسي الفداء لمشهدٍ أسرارُه

مـن دونها سترُ النبوّة مسبلُ

ورواقُ عـزٍّ فيه أشرف بقعةٍ

ظلت تحار لها العقولُ وتُذهلُ

تغضي لبهجته النواظر هيبةً

ويـردّ عـنه طرفه المتأمّلُ

حسدت مكانته النجوم فودّ لو

أمسى يجاوره السماك الأعزلُ

وسـما عـلوّاً أن تقبّل تربَه

شـفةٌ فـأضحى بالجباه يُقبّلُ

٥٧

للعلامة السيد مسلم الحلي (أيّده الله):

أزيـنب هـذي نـدبةٌ عزّ وقعها

على منطقي إذ موقع الرزء هائلُ

أذاقـكِ أنـواعَ المصائب موقفٌ

بـه الـسبط مـثكولٌ وإنك ثاكلُ

فـيا مـوقفاً ما كان أسماه موقفاً

بـه لـذوي الألباب لاحت دلائلُ

جـهادُ لـسانٍ قد حكى في جلالِه

جـهادَ سـنان والـجهادُ مراحلُ

رميت بني حرب بحرب صواعقٍ

قـنابلُ قـولٍ دونـهنّ الـقنابلُ

تـحطّم فـيه عـرشُهم وعريشهمْ

وهُـدّت حـصونٌ منهمُ ومعاقلُ

كـذا فليكن مَن كان للدين ناصراً

تـهونُ عـليه نـفسه والعواملُ

* * * *

للعلامة الشيخ حسن نجل الحجة الشيخ مرتضى أسد الله الكاظمي:

زينب بنت علي عليهما‌السلام

تسيل دموعُ العين حزناً وتسكبُ

إذا ذُكـرت اُمُّ المصائب زينبُ

٥٨

هـي الـمثل الأعـلى لـكلِّ فضيلةٍ

وفي فضلها الأمثال في الناس تضربُ

تـقـوم لـها الـعليا وتـقعد كـلّما

تـبين لـها الـذكر الـحميد وتعربُ

وكـم حـيّرت فـي ذكرها كلَّ كاتبٍ

ومَـن أخـذته حـيرةٌ كـيف يكتبُ

وكـم أعـجزتْ في مدحها كلَّ شاعرٍ

وإن كـان يـحلو الشعر فيه ويعذبُ

فـمَن جـدّها أو مَـن أبـوها واُمّها

ومَـن أخـواها حـين تنمى وتنسبُ

قــد اكـتسبت أخـلاقها وتـأدّبتْ

بـآدابـهم يـا نـعم هـذا الـتأدّبُ

مـبـاركةٌ فـي كـلِّ أرض تـحلّها

فـتخضرّ منها الأرض يمناً وتخصبُ

وعـالـمةٌ لـكـن بـغـيرِ تـعـلّمٍ

وذا خـبرٍ يـروى ولـيس يُـكذّبُ

لـقـد أودعـت أسـرار آل محمّدٍ

فـتأخذ مـنها كـلَّ عـلم وتـكسبُ

وتـحبو بـها عـلماً وتوهب حكمةً

وطـوبى لـمن يُـحبا بهذا ويوهبُ

تـفـوق نـساء الـعالمين شـجاعةً

ومـنها رجـال الـعالمين تـعجبّوا

٥٩

فـمـا تـرتاب الـبلايا جـميعها!

ولا هـي من أعيائها تتهيبُ

تـشقّ عـلى الـناس الـصعاب وإنّما

يهون عـليها ما يشقّ ويصعبُ

ألـمّت بـها الأرزاء وهي كثيرةٌ

كـقطر السما ليست تُعدّ وتحسبُ

ولـله مـن قـلبٍ تـحمّل ثـقلَها

ولـو حـلّ قـلباً دونـه يتشعبُ

وما حُصرت في خطبة يوم روعِها

ويحصر يوم الروعِ مَن فيه يخطبُ

لـقد حـملت يوم الطفوفِ رسالةً

يـنوء بـها حـملاً سواها وينصبُ

فـأعطت جميعَ الواجبات حقوقَها

ومـا قـصرت فيها يحقُّ ويوجبُ

فـقامت بـأعباء الـرعاية كـلِّها

ومـا فـاتها فـي الأمر ما يتطلّبُ

لـها وقـفاتٌ صـامداتٌ صـليبةٌ

أشـد مـن الطود العظيم وأصلبُ

ولـيست تـبالي لـو تلوم عدوَّها

ولـو هـو مغتاظ عليها ومغضبُ

ومـا أظهرت شكوى إلى أحد ولو

ألـمّ بـها مـا لا يظن ويحسبُ

٦٠