بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء20%

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء مؤلف:
الناشر: مطبعة الإرشاد
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 197

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 197 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96755 / تحميل: 9771
الحجم الحجم الحجم
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

مؤلف:
الناشر: مطبعة الإرشاد
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

قول الله أصدق مِن قولك

زرارة قال: دخلت أنا وحمران على أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، فقلت له: مَن وافقنا مِن علويٍّ أو غيره تولَّيناه، ومَن خالفنا مِن علويٍّ أو غيره برِئنا منه.

فقال لي: (يا زرارة، قول الله أصدق مِن قولك، فأين الذين قال الله عَزَّ وجَلَّ: ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيل ) (1).

أين المُرجَون لأمر الله؟!

أين الذين خلطوا عَملاً صالحاً وآخر سيِّئاً؟!

أين أصحاب الأعراف؟!

أين المُؤلَّفة قلوبهم؟!) (2) .

____________________

(1) النساء: 98.

(2) المعاد، ج1.

١٠١

...............................

إنَّ سعد بن عبادة قال: إنَّ بَكراً أخا بني ساعدة، توفِّيت أُمَّه وهو غائب عنها، فقال: يا رسول الله، إنَّ أُمِّي توفِّيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إنْ تصدَّقت بشيء عنها؟

قال: (نعم).

قال: فإنِّي أُشهِدك أنَّ حائط المَخْرَف صدقة عليها.

الولد الصالح كالصدقة الجارية، مصدر أجر وثواب للوالدين في عالم البرزخ، فالولد الصالح يستغفر أحياناً لوالديه، وهذا الأمر يجعل الوالدين يتمتَّعان بالعفوِّ الإلهي، والرحمة الإلهيَّة في عالم البرزخ، أو أنَّ الولد الصالح، ونظراً لأنَّ تربيته تربية صالحة مِن قِبَل أبويه، هي التي جعلته يقوم بهذا العمل الصالح الحسن؛ فإنَّ ثواب وأجر هذا العمل الصالح، الذي قام به الولد يعود إلى والديه في عالم البرزخ.

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

مَرَّ عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر يُعذَّب صاحبه، ثمَّ مَرَّ به مِن قابل، فإذا هو ليس يُعذَّب، فقال: (يا رَبِّ مررت بهذا القبر عامَ أوَّلٍ فكان صاحبه يُعذَّب؟!).

فأوحى الله عَزَّ وجَلَّ إليه: (يا روح الله، إنَّه أدرك له ولد صالح، فأصلح طريقاً وآوى يتيماً؛ فغفرت له بما فعل ابنه) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١٠٢

كرامة عبد المُطَّلب جَدُّ النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)

قام إبراهيم الخليل، وابنه إسماعيل، بأمر مِن الله ببناء الكعبة، وإقامة ذلك البيت المَقْدس، وأقام إسماعيل في مَكَّة، وكان إبراهيم (عليه السلام) يأتي إلى مَكَّة في مواسم الحَجِّ، وكان إسماعيل يشكو لوالده شُحَّ المياه، وطلب منه أنْ يُساعده للتغلُّب على هذه المُشكلة، فأوحى الله إلى إبراهيم أنْ يقوم بحفر بئر لتأمين مِياه الشِّرب للحجيج، وتوفير سُبل الراحة لهم، وبالطبع فإنَّ عمليَّة حَفر البئر في تلك المنطقة، والوصول إلى الماء لم تكن عمليَّة سهلة، فأمر الله جبرائيل أنْ يُحدِّد نقطة مُعيَّنة، أو مكان مُعيَّن يُحفر فيه البئر، وهذا المكان هو الذي يقع فيه اليوم بِئر زمزم.

قاموا بالفعل بحفر البئر، وخلافاً للتوقُّعات، وصلوا إلى الماء على عُمقٍ قليل، وفرحوا كثيراً لهذه العناية الإلهيَّة.

بعد ذلك، طلب جبرائيل مِن إبراهيم أنْ ينزل إلى داخل البئر، وتبعه جبرائيل الذي طلب مِن إبراهيم أنْ يضرب بفأسه في كلِّ زاوية مِن الزوايا الأربع، في قعر البئر، وأنْ يذكر اسم الله في كلِّ مَرَّة يضرب فيها بمِعوله، وكان إبراهيم يفعل ذلك، فكان الماء يتدفَّق مِن كلِّ زاوية مِن زوايا البئر.

فقال جبرائيل: (يا إبراهيم، اشرب الآن مِن ماء البئر وادع لولدك بالبركة)، ثمَّ خرج إبراهيم وجبرائيل مِن البئر.

وفي فترة كانت قبيلة جُرهم تُسيطر على مدينة مَكَّة، وتتولَّى سَدانة الحرم الإلهي، حيث كان المسؤولون عن شؤون الكعبة، يستلمون الهدايا والقرابين، التي كان الناس في الجاهليَّة يهدونها ويُقدِّمونها إلى آلهتهم، التي كانت موجودة في داخل الكعبة، ويحتفظون بها في مكان خاصٍّ يخضع لإشرافهم.

كان في الكعبة غَزالان مِن ذهب، وخمسة أسياف فلمَّا غلبت خُزاعة جُرهم على

١٠٣

الحرم، ألقت جُرهم الأسياف والغزالين في بِئر زمزم، وألقوا فيها الحِجارة، وطمُّوها وعموا أثرها، فلمَّا غلب قُصي على خُزاعة، لم يعرفوا موضع زمزم وعَمِيَ عليهم، وبقي مكان بئر زمزم مجهولاً لا يعرفه أحد، حتى جاء دور السيادة لعبد المُطَّلب جَدِّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي كان يحظى بمكانةٍ عظيمة، وموقعٍ اجتماعيٍّ كبيرٍ بين القبائل العربيَّة في ذلك الوقت؛ بحيث إنَّهم كانوا يفرشون له البساط لكي يستريح عليه في ظِلِّ جِدار الكعبة، ولم يكونوا يفعلون ذلك لأحدٍ مِن قبله، وفي إحدى المَرَّات، عندما كان عبد المُطَّلب نائماً عند جدار الكعبة، رأى في المنام أنَّ شَخصاً جاء إليه، وقال له: احفر زمزم واعلم أنَّه يوجد في مكان زمزم غُراب أبيض الجناحين، ووَكر للنمل، وكان بالفعل يوجد في مكان بئر زمزم صخرة، تحتها وَكْر للنمل، وفي النهار عندما كان النمل يخرج مِن وكره، كان يأتي غراب أبيض الجناح، ويلتقط النمل بمنقاره ويأكله.

وقد عرف عبد المُطَّلب مكان بئر زمزم، استناداً إلى تلك الرُّؤيا الحقيقية؛ فقام هو وأبناؤه بحفر ذلك المكان، وأزالوا عنه الحِجارة والرِّمال، حتَّى عثروا على الماء، فكبَّروا الله.

مِن خلال هذه الرُّؤيا ظهر مكان بئر زمزم، الذي كان يجهله الناس في ذلك الوقت، ظهر بصورة حقيقيَّة كما هو، وتعرَّف عبد المُطَّلب - بموجب تلك الرُّؤيا - على مكان البئر المجهول، وأُلهِم بحقيقة كانت مَخفيَّة وغير معروفة، دون أنْ تكون هناك حاجة إلى تفسير هذه الرؤيا (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١٠٤

عبد المُطَّلب وحُلْم الشجرة التي تنبت في ظهره

كان عبد المُطَّلب في إحدى الليالي إلى جانب الكعبة، بالقُرب مِن الحَجر الأسود، فرأى حُلْماً بَدَّاً عَجيباً بنظره، فسيطر عليه الخوف والهلع؛ فذهب إلى أحد مُفسِّري الأحلام، وأخبره بما رآه في المنام، وقال: رأيت في المنام أنَّ شجرة نبتت في ظهري، امتدَّت أغصانها إلى عِنان السماء، وغطَّت أوراقها وأغصانها الشرق والغرب، ثمَّ رأيت نوراً ينبعث مِن تلك الشجرة، وهو أكثر بريقاً مِن نور الشمس وضوئها، ورأيت الناس مِن العرب والعَجم يسجدون لهذه الشجرة، وكلُّ يوم كان يمرُّ كانت هذه الشجرة تزداد نوراً، ورأيت أنَّ جماعة مِن قريش جاءت لكي تجتثُّ تلك الشجرة، وتقتلعها مِن جذورها، ولكنْ كلَّما اقتربوا مِن تلك الشجرة بهدف الإساءة إليها، كان يظهر شابٌّ حَسَن الملبس والمظهر، فيصدُّهم عنها، ويقصم ظهورهم، ويقتلع عيونهم، وقد مدْدْت يدي لكي آخذ غِصناً مِن أغصانها؛ فصاح بي الشابُّ الوسيم قائلاً: أنْ أيضاً ليس لك نصيب مِن هذه الشجرة، فقلت له: ومَن هم الذين لهم نصيب منها؟

فقال: إنَّ هذه الشجرة هي مِلك للذين يتمسَّكون بها، ويُمسكون بأغصانها؛ فتغيَّر وجه الشخص الذي كان يستمع إلى هذه الرؤيا مِن عبد المُطَّلب واضطربت أحواله.

ثمَّ قال: لئِن صدقت، ليخرجَنَّ مِن صُلْبك وَلد يَمْلك الشرق والغرب، ويُنبِّأ في الناس... وكان أبو طالب يُحدِّث بهذا الحديث، والنبي قد خرج ويقول: كانت الشجرة - والله - أبا القاسم الأمين.

ووفقاً لما قاله الشخص، الذي فسَّر هذه الرؤيا، فإنَّ الرؤيا المذكورة تتضمَّن مجموعة مِن الأنباء الغيبيَّة، بدأت تتحقَّق بصورة تدريجيَّة بعد ذلك بعشرات السنين، ففي بداية الأمر يُرزَق عبد المُطَّلب بولدٍ.

١٠٥

وثانياً: هذا الولد يَحُكم الشرق والغرب.

وثالثاً: يقوم بنشر وترويج التعاليم الإلهيَّة بين الناس.

ورابعاً: هذا المولود يرتفع نجمه، وتزداد شُهرته، وتتعزَّز مكانته يوماً بعد يوم.

خامساً: مجموعة مِن قريش تبدأ في مُناهضته ومُعارضة رسالته، وبالتالي فهي تسعى للقضاء عليه.

سادساً: إنَّ شابَّاً ينبري للدفاع عن هذه الشجرة، ويقضي على المُعارضين، وهذا الشاب ليس سوى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

سابعاً: إنَّ يَد عبد المُطَّلب لا تصل إلى أغصان الشجرة؛ لأنَّه يُفارق الحياة قبل أنْ يُبعث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١٠٦

إيَّاكم وتعلُّم النجوم إلاَّ ما يُهتدى به في بَرٍّ أو بحر

عندما أعدَّ عليٌّ (عليه السلام) جنوده لمُحاربة الخوارج، واستعدَّ للانطلاق، تقدَّم إليه رجل، وقال له: إذا ذهبت إلى الحرب في هذا الوقت بالذات، أخاف أنْ لا تحقَّق هدفك، وتعود مُنهزماً، وقد عرفت ذلك عن طريق الحسابات الفلكيَّة، والتدقيق في أوضاع الكواكب والنجوم في السماء.

فقال (عليه السلام): (أتزعم أنَّك تهدي إلى الساعة، التي مَن سار فيها صُرِف عنه السوء، وتُخوِّف مِن الساعة، التي مَن سار فيها حاق به الضُّرُّ؟! فمَن صَدَّقك بهذا؛ فقد كَذَّب القرآن؛ واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المَحبوب، ودفع المكروه، وتبتغي في قولك للعامل بأمرك أنْ يُولْيك الحمد دون رَبِّه؛ لأنَّك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فهيا النفع وأمن الضُّرَّ).

ثمَّ أقبل (عليه السلام) على الناس فقال: (أيُّها الناس، إيَّاكم وتعلُّم النجوم، إلاَّ ما يُهتدى به في بَرٍّ أو بحرٍ؛ فإنَّها تدعو إلى الكَهانة، والمُنجِّم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار، سيروا على اسم الله) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١٠٧

ما مؤمن يموت..

إلاَّ قيل لروحه: الحَقْي بوادي السلام

عن حبَّة العَرني قال: خرجت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الظهر، فوقف بوادي السلام، كأنَّه مُخاطب لأقوام، فقُمت بقيامه حتَّى أعييت، ثمَّ جلست حتَّى مَلَلت، ثمَّ قُمت حتَّى نالني مِثل ما نالني أوَّلاً، ثمَّ جلست حتَّى مَلَلت، ثمَّ قُمت وجمعت ردائي، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنِّي قد أشفقت عليك مِن طول القيام فراحة ساعة.

ثمَّ طرحت الرداء ليجلِس عليه، فقال لي: (يا حبَّة، إنْ هو إلاّ مُحادثة مؤمن أو مُؤانسته).

قلت: يا أمير المؤمنين، وإنَّهم لكذلك؟!

قال: (نعم، ولو كُشِف لك لرأيتهم حلقاً حلقاً، مُحتَبين يتحادثون).

فقلت: أجسام أمْ أرواح؟

فقال: (أرواح، وما مؤمن يموت في بُقعة مِن بِقاع الأرض، إلاَّ قيل لروحه: الحقي بوادي السلام، وإنَّها لبُقعة مِن جَنَّة عَدْنٍ) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١٠٨

سلمان وتكليم المَيِّت له

عيَّن أمير المؤمنين (عليه السلام) سلمان الفارسي والياً على المَدائن.

ويقول أصبغ بن نُباتة: كنت مع سلمان في المدائن، وكنت أُكثِر مِن زيارته ولقائه. وفي أحد الأيَّام ذهبت لعيادته عندما كان مريضاً، وهو المرض الذي أودى بحياته في نهاية الأمر، وكنت أعوده باستمرار، وأسأل عن حاله وشيئاً فشيئاً اشتدَّ به المرض، وأيقن بالموت، فالتفت إليَّ وقال لي: يا أصبغ، عهدي برسول الله يقول: (يا سلمان، سيُكلِّمك مَيِّت إذا دنت وفاتك)، وقد اشتهيت أنْ أدري أدنت أم لا؟.

فقال أصبغ: يا سلمان، اطلب ما تُريده فسأُنجزه لك.

فقال: تذهب الآن، وتُحضِر لي تابوتاً، وتفرش في داخله نفس البساط الذي يُفرش للموتى عندما يوضعون داخل التابوت، ومِن ثمَّ تُحضر معك أربعة أشخاص، فتحملوني إلى المقبرة، فقام أصبغ على عَجَلٍ، وعاد بعد ساعة وقد أحضر كلَّ ما طلبه منه سلمان الفارسي، وفعل كلَّ ما أمره به، وحمله إلى المقبرة، وعندما وصل إلى هناك وضع التابوت على الأرض.

فقال سلمان: ضعوني أمام القبلة؛ ففعلوا ذلك، عندها نادى سلمان بأعلى صوته:

السلام عليكم يا أهل عَرصة البلاء، السلام عليكم يا مُحتجبين عن الدنيا، فلم يسمع جواباً. ثمَّ كرَّر السلام عليهم قائلاً:

أقسمتكم بالله وبرسوله الكريم، أنْ يُجيبني واحد منكم، فأنا سلمان الفارسي صاحب رسول الله، وهو الذي أخبرني: بأنَّه إذا دنا أجلي، فإنَّ مَيِّتاً سيُكلِّمني، وإنِّي أُريد أنْ أعرف هل دنا أجلي أم لا؟

عندها سمع سلمان الجواب مِن الروح الذي رَدَّ السلام، وقال لسلمان:

لقد سمعنا كلامك، فاسأل ما تُريد.

١٠٩

فسأل سلمان الروح قائلاً: هل أنت مِن أهل الجَنَّة أمْ مِن أهل النار؟

فقال الروح: بلْ أنا مِن الذين شملتهم الرَّحمة والمَغفرة الإلهيَّة وفازا بالجَنَّة.

ثمَّ سأل سلمان الروح عن كيفيَّة مُفارقته الدنيا، وعن الأوضاع بعد الموت، وكان الروح يُجيب على أسئلة سلمان الفارسي واحداً واحداً، وبعد أنْ انتهى الحديث بين سلمان والروح، أخرجوه مِن التابوت، ووضعوه على الأرض فتوجَّه سلمان إلى الله قائلاً:

يا مَن بيده ملكوت كلِّ شيء، وإليه تُرجعون، وهو يُجير ولا يُجار عليه، بك آمنت ولنبيِّك اتَّبعت، وبكتابك صدقت، وقد أتاني ما وعدتني، يا مَن لا يُخلف الميعاد اقبضني إلى رحمتك، وأنزلني دار كرامتك (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١١٠

صَفاء الروح وقوَّة الحُلْم

قبل سنوات عديدة، كان يعيش في إحدى مُدن إيران رجل شريف ومؤمن، وكان ولده الأكبر أيضاً رجلاً صالحاً ومؤمناً، كوالده وكان الأب والابن يعيشان في منزلٍ عاديٍّ، في وضع ماديٍّ صعب؛ حيث كانا يقتصدان كثيراً في النفقات؛ لكي يُحافظا على سُمعتهما، ولا يمدَّا يد الحاجة إلى الآخرين، وقد بلغ بهما الوضع حَدَّاً، بحيث إنَّهما صارا يستعملا ماء الحنفيَّة في المنزل للشرب والطبخ فقط. أمَّا لغسل الملابس ومَلء الحوض الموجود في باحة المنزل، وسقي حديقة المنزل، فإنَّهما كانا يستعملان ماء البئر، كما أنَّهما قاما ببناء غرفة صغيرة فوق البئر؛ لكي تقي الأشخاص الذين يُريدون إخراج الماء، مِن البئر الحَرَّ، وأشعَّة الشمس المُحرقة في فصل الصيف، والبرد والأمطار والثلوج في فصل الشتاء، كما أنَّ وجود مِثل هذه الغرفة الصغيرة، يمنع سقوط الأجسام الغريبة، والقاذورات، والأحجار، وغيرها في داخل البئر، وبالتالي تُحافظ على نظافة البئر.

لقد كان الأب وابنه يقومان - بنفسهما - بسحب الماء مِن البئر، ولم يستأجرا أحداً للقيام بهذا العمل.

وفي أحد الأيَّام، لاحظ الأب وابنه أنَّ الطبقة الطينيَّة، التي تُغطِّي سقف هذه الغرفة مِن الداخل، يُمكن أنْ تسقط على الأرض، أو في داخل البئر، أو يُمكن أنْ تسقط على رأس أحد، يُصادف وجوده في الغرفة في تلك اللحظة، ونظراً لأنَّهما لا يملكان المال اللازم لاستخدام عمَّال بناء، يقومون بصيانة السقف وترميمه، فقد قررَّا أنْ يقوما بنفسيهما بهذا العمل في يوم عطلة.

وبالفعل قاما في اليوم المُتَّفق عليه بتغطية فوهة البئر، بقطع الأخشاب، وقطعة مِن البساط، وبدءا بإزالة الطبقة الطينيَّة مِن السقف، وقاما بتجميع هذه القطع في باحة

١١١

المنزل، وصبَّا عليها الماء، حتَّى أصبحت ليِّنة طريَّة، وأخذ الأب يقوم بعمل البناء، وابنه يُناوله الطين، حتَّى انتهى الأب مِن تغطية سقف الغرفة بأكمله، بالطين المخلوط بالقَشِّ أو التبن، وبعد انتهاء العمل لاحظ الأب أنَّ خاتمه ليس موجوداً في إصبعه، فاعتقد في بادئ الأمر أنَّه نسيه إلى جانب الحوض، عندما كان يغسل يديه، ولكنَّه لم يعثر عليه هناك.

وظلَّ الأب يبحث عن خاتمه، على مدى يومين كاملين في كلِّ مكان، ولكنَّه لم يعثر على أيِّ أثرٍ، وتأثَّر كثيراً لضياع خاتمه، ويئس مِن إمكانيَّة العثور عليه، وظلَّ لفترة مِن الوقت يتحدَّث مع أهله وعياله عن الخاتم المفقود، وكان يتأسَّف كثيراً على ذلك، وبعد عِدَّة سنوات مِن هذه القضيَّة توفِّي الأب إثر نوبة قلبيَّة.

يقول الابن: بعد فترة مِن وفاة والدي، رأيته يوماً في المنام، وكنت أعلم أنَّه ميِّت، فاقترب مِنِّي، وسلَّم عليَّ، وسألني عن أحوالي، ثمَّ قال لي: يا ولدي، إنَّني مَدينٌ للشخص الفلاني بخمسمائة تومان، فأرجو أن تخلصني مِن العذاب.

استيقظ الولد مِن نومه، ولم يكترث بالحُلْم الذي رآه، ولم يعمل بما طلبه منه أبوه، وبعد فترة رأى الابن والده مَرَّة أُخرى في المنام، وكرَّر ما سبق أنْ طلبه منه، وعاتبه على عدم تلبية طلبه، فقال له الابن - وهو في المنام ويعلم أنَّ والده مَيِّت ـ: أعطني عَلامة؛ حتَّى أطمئن بأنَّك والدي.

قال له: أتذكر قبل عِدَّة سنوات، أنَّنا قُمنا - معاً - بتغطية سقف غرفة البئر بالطين، وبعدها اكتشفت أنَّ خاتمي مفقود، وبحثنا عنه في كلِّ مكان، فلم نعثر عليه.

قال الابن: نعم، أذكر ذلك.

قال الأب: إنَّ الشخص عندما يموت، تتَّضح له كثير مِن القضايا والأُمور المجهولة، فلقد عرفت بعد موتي أنَّ خاتمي أضعته داخل الطين الذي أصلحت به سقف الغرف، حيث انزلق الخَاتم مِن إصبعي عندما كنت أعِجن الطين وأقلبه. ولكي

١١٢

تطمئنَّ بأنِّي أبوك الذي أتحدَّث معك، عليك أنْ تُزيل الطين مِن السقف وتخلطه بالماء، حتَّى يُصبح طريَّاً عندها سوف تعثر على الخاتم.

في الصباح نفَّذ الولد ما قاله له أبوه، دون أنْ يُخبر أحداً بالأمر، فعثر بالفعل على خاتم والده.

يقول الابن: بعد ذلك ذهبت إلى السوق، للشخص الذي أخبرني به والدي، فسلَّمت عليه وسألته عن حاله، ثمَّ قلت له: هل أنَّ والدي مَدينٌ لك بمبلغ مِن المال؟

قال الرجل صاحب الدُّكَّان: لماذا تسأل مِثل هذا السؤال؟

قلت: أُريد أنْ أعرف حقيقة الأمر.

قال: أطلب والدك بخمسمائة تومان.

سألته: كيف كان ذلك؟

قال: جاءني أبوك يوماً إلى هنا، وطلب مِنِّي قرضاً بمبلغ خمسمائة تومان، فأعطيته المبلغ دون أنْ آخذ منه إيصالاً بذلك، وبعد فترة توفِّي والدك بالنوبة القلبيَّة.

ـ لماذا لم تُطالب بقرضك؟

قال الرجل: لأنِّي لم أكُن أملك وثيقة أو إيصالاً، ورأيت أنَّ مِن غير المُناسب أنْ أُطالب بالمبلغ، فقد لا تصدِّقونني.

سلَّم الابن المبلغ المذكور إلى الدائن صاحب الدُّكَّان، ونقل له القِصَّة مِن أوَّلها إلى آخرها (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١١٣

توقَّع الموت صباحاً ومساءً

جاء موسى العطَّار إلى أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فقال له: يا ابن رسول الله، رأيت رؤيا هالتني: رأيت صِهراً لي مَيِّتاً، وقد عانقني، وقد خِفت أنْ يكون الأجل قد اقترب.

فقال: (يا موسى، توقَّع الموت صباحاً ومساءً؛ فإنَّه مُلاقينا، ومُعانقة الأموات الأحياء أطول لأعمارهم فما كان اسم صِهرك؟).

قال: حسين.

فقال: (أمَّا رؤياك تدلُّ على بقائك وزيارتك لأبي عبد الله الحسين { عليه السلام }) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١١٤

ليس هناك ليلٌ وإنَّما هو ضوء ونور

قال رجل: يا رسول الله، هل في الجَنَّة مِن ليلٍ؟

قال: (وما هيَّجك على هذا؟).

قال: سمعت الله يذكر في الكتاب: ( ... وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) (مريم)، والليل مِن البُّكْرة والعَشيِّ.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ليس هناك ليلٌ، وإنَّما هو ضوء ونور يَرد الغُدوَّ على الرواح والرواح على الغدوِّ، وتأتيهم طرف الهدايا مِن الله لمواقيت الصلوات، التي كانوا يُصلُّون فيها في الدنيا، وتُسلِّم عليهم الملائكة) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج2.

١١٥

امرأة تدخل النار في هِرَّة حبستها

وأُخرى تدخل الجَنَّة في كلب سقته

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (اطَّلعت ليلة الإسراء على النار فرأيت امرأة تُعذَّب، فسألت عنها: فقيل: إنَّها ربطت هِرَّة، ولم تُطعمها، ولم تُسقها، ولم تدعها تأكل مِن خَشاش الأرض حتَّى ماتت، فعذَّبها بها بذلك.

واطَّلعت على الجَنَّة، فرأيت امرأة مومس، فسألت عنها: فقيل: إنَّها مَرَّت بكلب يلهث مِن العطش، فأرسلت إزارها في بئر، فعصرته في حلقه حتَّى روي فغفر الله لها) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج2.

١١٦

البئر صدقة

خَرج سعد يُرافقه عدد مِن الأشخاص يوماً مِن المدينة، مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريقهم إلى الحرب، وكانت أُمُّ سعد مريضة، حيث فارقت الحياة أثناء غياب ابنها، وكان سعد مُقاتلاً في جيش الإسلام ويُحبُّ والدته كثيراً، وعندما سمع بوفاتها لدى عودته تأثَّر كثيراً، فجاء إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: أردت قبل سفري أنْ أُعطي صدقة عن والدتي، ولكنِّي لم أستطع، والآن حيث فارقت والدتي الدنيا هل ينفعها إذا قدَّمت صدقة عنها؟

فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (نعم).

فقال سعد: ما هي أفضل صدقة أُقدِّمها لها؟

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (لقد رأيت أنَّ الجنود يُعانون أثناء الطريق مِن شَحَّة الماء، فبإمكانك أنْ تحفر بئراً في الطريق؛ لكي تستفيد منه القوافل التي تمرُّ مِن هناك، وتكون صدقة جارية لوالدتك).

فقام سعد - استجابة لأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) - بحفر بئر على نيَّة والدته، وأسماه: بئر أُمَّ سعد وجعلها وقفاً للجميع (1).

____________________

(1) المعاد، ج2.

١١٧

غفر لك بالخوف فانظر كيف تكون فيما تستقبل

عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) قال: (إنَّ رجلاً ركب البحر بأهله، فكُسر بهم فلم ينجُ مِمَّن كان في السفينة إلاَّ امرأة الرجل، فإنَّها نجت على لوح مِن ألواح السفينة، حتَّى لجأت إلى جزيرة مِن جُزر البحر، وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، ولم يَدَعْ لله حُرمَة إلاَّ وانتهكها، فلم يعلم إلاَّ والمرأة قائمة على رأسه، فرفع رأسه إليها، فقال: إنسيَّة أمْ جِنِّيَّة؟

قالت: إنسيَّة.

فلم يكلِّمها كلمة، حتَّى جلس منها مجلس الرجل مِن أهله، فلمَّا أنْ همَّ بها اضطربت، فقال لها: ما لك تضطربين؟

قالت: أفرق مِن هذا، وأومأت بيدها إلى السماء.

قال: وما صنعتِ مِن هذا الشيء، وإنَّما أستكرِهُك استكراهاً، فأنا - والله - أولى بهذا الفَرق والخوف أحقُّ منك.

[ قال: ] فقام ولم يُحدِث شيئاً، ورجع إلى أهله، وليست له هِمَّة إلاَّ التوبة والمُراجعة.

فبينا هو يمشي، إذ صادفه راهب يمشي في الطريق، فحميت عليهما الشمس، فقال الراهب للشابِّ: ادعُ الله يُظلُّنا بغَمامة، فقد حَميت علنيا الشمس.

فقال الشابُّ: ما أعلم أنَّ لي عند رَبِّي حسنة، فأتجاسر على أنْ أسأله شيئاً.

قال: فأدعو أنا، وتؤمِّن أنت؟

قال: نعم.

فأقبل الراهب يدعو والشابُّ يؤمِّن، فما كان بأسرع مِن أنْ أظلَّتهما غَمامة، فمشيا

١١٨

تحتها مَليَّاً مِن النهار، ثمَّ تفرَّقت الجادَّة جادَّتين، فأخذ الشابُّ في واحدة، وأخذ الراهب في واحدة، فإذا السحابة مع الشابِّ، فقال الراهب: أنت خيرٌ مِنِّي، لك استُجيب، ولم يُستجَب لي، فأخبرني ما قِصَّتك، فأخبره بخبر المرأة.

فقال: غُفر لك ما مضى؛ حيث دخلك الخوف، فانظر كيف تكون فيما تستقبل) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج2.

١١٩

المرء مع مَن أحبَّ

عن أنس قال: جاء رجل مِن أهل البادية - وكان يُعجبنا أنْ يأتي الرجل مِن أهل البادية يسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - فقال يا رسول الله: متى قيام الساعة؟

فحضرت الصلاة، فلمَّا قضى (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاته، قال: (أين السائل عن الساعة؟).

قال: أنا يا رسول الله.

قال: (أعددت لها؟).

قال: والله، ما أعددت لها مِن كثيرِ عملٍ، صلاة ولا صوم، إلاَّ أنِّي أُحبُّ الله ورسوله.

فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): (المرء مع مَن أحبَّ).

قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء أشدُّ مِن فرحهم بهذا (1) .

____________________

(1) المعاد، ج3.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كثرة. ومولده سنة ٢٧١ ومات لخمس خلون من صفر سنة ٣٦٥، تتبّع ابن بقية وزير بختيار بن معزّ الدولة الديلمي جنازته ماشياً، وأهل الدولة كلّهم، ودُفن في مقابر قريش، وقبره هناك معروف.

قال الناشئ: أدخلني ابن رائق على الراضي بالله، وقال لي: أنت الناشئ الرافضي؟

فقلت: خادم أمير المؤمنين الشيعي. فقال: من أيّ الشيعة؟ قلت: شيعة بني هاشم. فقال: هذا خبث وحيلة. فقلت: مع طهارة مولد. فقال: هات ما معك.

فأنشدته، فأمر أن يُخلع عليّ عشر قطع ثياباً، وأعطى أربعة آلاف درهم، فأخرج إلى ذلك وتسلّمته، وعدت إلى حضرته وقبّلت الأرض وشكرته، وقلت: أنا ممّن يلبس الطيلسان. فأمر لي به مع عمامة خزّ.

فقال: أنشدني من شعرك في بني هاشم. فأنشدته:

بني العباس إنّ لكم دماءً

أراقـتها اُمـيّةُ بالذحولِ

فليس بهاشميٍّ مَنْ يوالي

اُمـيّة واللعينَ أبا زبيلِ

وكان يعمل الناشئ الصفر ويخرمه، وله فيه صنعة بديعة، قال: ومن عمله قنديل بالمشهد بمقابر قريش مربع غاية في حسنه.

(الناشئ) قال: كنت بالكوفة في سنة ٣٢٥ وأنا أملي شعري في المسجد الجامع بها، والناس يكتبونه عنّي، وكان المتنبي إذ ذاك يحضر معهم، وهو بعد لم يُعرف ولم يلقّب بالمتنبي، فأمليت القصيدة التي أوّلها:

بآل محمّد عُرف الصوابُ

وفي أبياتهم نزل الكتابُ

قلت فيها:

كـأنّ سـنانَ ذابله ضميرٌ

فليس عن القلوب له ذهابُ

وصـارمه كـبيعته بـخمٍّ

مقاصدُها من الخلقِ الرقابُ

فلمحته يكتب هذين البيتين.

حدث الخالع قال: كنت مع والدي في سنة ٣٤٦ وأنا صبي في

١٦١

مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الوراقين والصاغة، وهو غاص بالناس، وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة، وفي يده سطيحة وركوة، ومعه عكاز، وهو شعث، فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه، ثمّ قال: أنا رسول فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها).

فقالوا: مرحباً بك وأهلاً. ورفعوه، فقال: أتعرفون لي أحمد المزوّق النائح؟

فقالوا: ها هو جالس.

فقال: رأيت مولاتنا (عليها السّلام) في النوم فقالت لي: «امضِ إلى بغداد واطلبه، وقل له: نح على ابني بشعر الناشئ الذي يقول فيه:

بـني أحـمدٍ قلبي لكم يتقطّعُ

بمثل مصابي فيكمُ ليس يسمعُ»

وكان الناشئ حاضراً، فلطم لطماً عظيماً على وجهه، وتبعه المزوق والناس كلّهم، وكان أشدّ الناس في ذلك الناشئ، ثمّ المزوّق، ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلّى الناس الظهر، وتقوّض المجلس، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئاً منهم.

فقال: والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها؛ فإنّني لا أرى أن أكون رسول مولاتي (عليها السّلام) ثم آخذ عن ذلك عوضاً. وانصرف ولم يقبل شيئاً.

قال: ومن هذه القصيدة، وهي بضعة عشر بيتاً:

عـجبتُ لـكم تفنون قتلاً بسيفكمْ

ويسطو عليكم مَنْ لكم كان يخضعُ

كـأنّ رسـولَ الله أوصى بقتلكمْ

وأجـسامكمْ في كلّ أرض توزّعُ

وحدّث الخالع قال: اجتزت بالناشئ يوماً وهو جالس في السراجين، فقال لي: قد عملت قصيدة، وقد طُلبت، واُريد أن تكتبها بخطّك حتّى أخرجها.

فقلت: أمضي في حاجة وأعود. وقصدت المكان الذي أردته، وجلست فيه، فحملتني عيني، فرأيت في منامي أبا القاسم عبد الغزيز الشطرنجي النائح، فقال لي: أحبّ أن تقوم فتكتب قصيدة الناشئ البائية؛ فإنّا قد نحنا بها البارحة بالمشهد.

وكان هذا الرجل قد توفّي وهو عائد من الزيارة، فقمت ورجعت إليه، وقلت: هات البائية حتّى أكتبها.

فقال: من أين

١٦٢

علمت أنّها بائية وما [ذاكرت] بها أحداً؟!

فحدّثته بالمنام، فبكى وقال: لا شك أنّ الوقت قد دنا.

فكتبتها، فكان أوّلها:

رجـائي بـعيدٌ والـمماتُ قريبُ

ويخطئ ظنّي والمنون تُصيبُ(١)

____________________

(١) إرشاد الأريب - لياقوت ٥ / ٣٣٥.

١٦٣

الملاحق والمستدركات

١ - ملحق رقم (١) تعميرات الحائر.

٢ - ملحق رقم (٢) تعريف بالمصادر الفارسيّة.

٣ - ملحق رقم (٣) تعريف بالمصادر العربية المخطوطة.

٤ - ملحق رقم (٤) المستدركات والفهارس.

١٦٤

ملحق رقم (١)

تعميرات الحائر الحسيني من أواخر القرن الثالث عشر إلى الوقت الحاضر

١ - قام السيد كاظم الرشدي بتجديد المسجد الواقع في القسم الشرقي من الصحن الحسيني.

٢ - وفي سنة ١٢٨١ هـ قامت والدة السلطان عبد الحميد العثماني بتشييد خزّان لشرب الماء في الجهة الجنوبية الشرقيّة من الصحن الحسيني.

وقد أرّخ هذا البناء أحد الشعراء بقوله:

سـلسبيل قـد أتـى تأريخه

اشرب الماء ولا تنسى الحسينْ

وهناك خزّانان آخران للماء في الصحن الحسيني، أنشأ إحدى تينك الخزّانين الحاج حبيب الحافظ مقابل الخزان السالف الذكر، والآخر شُيّد في مدخل باب القبلة سنة ١٣٢٢ هـ.

٣ - وفي سنة ١٢٩٦ هـ غُطّي الجدار الغربي من الحضرة المطل على الصحن بالقاشاني النفيس، ويوجد تأريخ إتمام العمل في الإيوان البديع الخارج منه المقابل للضريح المقدّس.

وهذا الإيوان آية من آيات الفن المعماري الإسلامي، يزدان بعقد بديع تتدلّى منه المقرنصات ذات الأشكال الهندسية الرائعة، وفي أسفلها في القاشاني صورة تاج محلّى بالزبرجد والياقوت، وأسفل هذه توجد قصيدة عصماء للشاعر الكبير الشيخ محسن أبو الحبّ (المتوفّى سنة ١٣٠٥ هـ)، كُتبت على القاشاني بخطّ فارسي بديع، مطلعها:

الله أكـبر مـاذا الحادث الجللُ

لقد تزلزل سهلُ الأرض والجبلُ

هـذه الزفراتُ الصاعدات أسىً

كـأنّها شُـعلٌ تـرمى بها شعلُ

كأنّ نفحةَ صورِ الحشر قد فجئتْ

فالناس سكرى ولا خمرٌ ولا ثملُ

١٦٥

قامت قيامةُ أهل البيت وانكسرتْ

سـفنُ الـنجاةِ وفيها العلم والعملُ

جـلّ الإلـه فـليس الحزنُ بالغَهُ

لـكنّ قـلباً حـواه حـزنه جـللُ

مَـنْ الـتجا فـيه يسلم في المعاد ومَن

يجحده يندم ولم يرتع له عملُ

قـف عـنده وأعتبر ما فيه إنّ به

ديـنَ الإله الذي جاءت به الرسلُ

حتّى يقول:

مـهلاً اُمـية إنّ الله مدرك ما

أدركـتموه فـلا تغرركمُ المهلُ

هـناك يعلم مَنْ لم يدرِ حاملها

أيّ الـفريقين منصور ومنخذلُ

فيه الحسينُ الذي لا خلق يعدلُه

وفيه نوحٌ ومَنْ حنّت له الإبلُ

موسى وعيسى وإبراهيمُ قبلهما

وهل تعادل بالرضراضة الحبلُ

٤ - في سنة ١٢٩٧ قام السيد جواد السيد حسن آل طعمة (سادن الروضة الحسينيّة) بفتح نوافذ من قاعة القبة التي على الضريح الأقدس بقصد إضاءة وتهوية الحرم.

٥ - وفي سنة ١٣٠٩ تبرّع تاجر من أهالي شيراز يُدعى عبد الجبار بإكساء النصف الأعلى من المئذنة الشرقيّة، وجميع المئذنة الغربيّة بالذهب الإبريز.

٦ - في ٢٨ - ١١ - ١٩٣١ م جرى تعمير مخزن الأمانات (الخزنة).

٧ - وفي ١٥ - ١٢ - ١٩٣١ م جرى تذهيب القسم الأسفل من المئذنة الشرقيّة من قبل أحد المتبرّعين الهنود.

٨ - سنة ١٩٣٦ م هدمت مئذنة العبد. راجع الفصل الخاص بوصف المشهد الحسيني.

٩ - وفي سنة ١٩٤٥ م قام السيد محمّد آقا الإيراني بتجهيز المرمر اليزدي لجدران الحرم الشريف (الإزارة)، وفي نفس السنة جرى

١٦٦

دفن جميع السراديب في أروقة الحرم والإيوان القبلي بالأسمنت، ومنع الدفن بها رسميّاً.

١٠ - وفي سنة ١٩٤٦ م جرى توسيع مداخل الحرم الشريف، وبناء أسس القبة بالأسمنت المسلّح، وكذلك تجديد توازير جميع جدران الحرم والأروقة بالطابوق والأسمنت.

١١ - سنة ١٩٤٧ م جرى تجديد قسم من مرايا السقوف داخل الحرم بواسطة لجنة التعميرات.

١٢ - وفي سنة ١٩٤٨ م جرى تبليط أرضية الحرم الشريف بالرخام البلجيكي من قبل السيد طاهر سيف الدين.

١٣ - في سنة ١٩٤٨ م جرى تجديد الكُتيبة القرآنية بالكاشي داخل الحرم.

ترميم صندوق الخاتم

١٤ - وفي سنة ١٣٦٥ هـ قام المتبرّع المرحوم محمّد فولاد زري الإيراني بترميم وإصلاح الجزء المحروق من صندوق الخاتم الذي على الرمس الطاهر، وبنصب الألواح الزجاجية داخل إطارات مصنوعة من خشب الساج المطعّم بخشب النارنج، وقد جرى عند إتمامه احتفال عظيم.

وأصل هذا الصندوق هو هدية من كريمة السلطان حسين الصفوي - زوجة نادر شاه - سنة ١١٣٣ كما تشير إليه الكُتيبة الموجودة على الصندوق في الجهة الأمامية، ولا يثمّن هذا الصندوق لنفاسته؛ فقد زخرف بأشكال هندسية غاية في الروعة، مطعّمة بالعاج.

١٦٧

وعلى أثر غارة الوهابيّين سنة ١٢١٦، أصاب الصندوق خدوش

واحتراق في بعض جوانبه؛ فكُسي بطبقات نحاسية وفضية، وبُرقع بستائر حريرية، وبقى محفوظاً حتّى سنة ١٣٦٥. ويوجد في أسفل الصندوق قرب الباب كُتيبة بخطّ صالح الكلكاوي تشير إلى ذلك.

ترميم الجبهة الشرقيّة من الصحن

١٥ - وفي سنة ١٩٤٨ بمناسبة فتح شارع الحائر المحيط بالصحن الشريف من قبل متصرّف كربلاء السيد عبد الرسول الخالصي، تشكّلت لجنة برئاسة السادن السيد عبد الصالح السيد عبد الحسين الكليدار، وعضوية كلّ من السيد محمّد حسن ضياء الدين سادن الروضة العباسيّة، والسيد حسن نقيب أشراف كربلاء، والسيد عبد الرزاق الوهاب، والحاج محمود القنبر، والسيد أحمد وفي الرشدي، والحاج محمّد الشيخ علي لجمع تبرّعات بمبلغ ٢٠٠٠٠ دينار؛ لغرض توسيع الصحن من الجهة الشرقيّة؛ بضم الأملاك التي استملكتها البلدية إلى الصحن الشريف بسعر بدل

١٦٨

الاستملاك. وقد تمّ ذلك فعلاً نتيجة للجهود والمساعي الحميدة التي بذلها المتصرّف الآنف الذكر لهذه الغاية.

أبواب الصحن الحسيني

١٦ - تمّ في سنة ١٩٤٨ م فتح ثلاثة أبواب جديدة للصحن الشريف.

ويجدر بنا قبل الكلام عن هذه الأبواب ذكر أبواب الصحن الحسيني القديمة لاسيما وإنّ المؤلّف لم يتعرّض لذكرها، فنقول: إنّ للصحن الحسيني ستة أبواب قديمة مصنوعة كلّها من الأخشاب الفاخرة، وتعلو كلّ منها عقادة من القاشاني البديع المزخرف تزوقها آيات قرآنية أو أبيات شعرية.

وتقع على جانبي مداخلها مقابر بعض العلماء والسادات، وهي:

١ - باب القبلة: ويقع في الوجه القبلي للحضرة في منتصف الضلع الجنوبي منه، ويبلغ طول برج مدخلها ١٥ م، وعرض قاعدتها ٨ م. أمّا الباب فيبلغ ارتفاعها حوالي ٥ / ٥ م، وعرضها ثلاثة أمتار ونصف متر، ويعتبر بناؤها من أقدم الأبواب الأخرى في الحائر. وقد رُفعت هذه الباب حديثاً، ونصب في محلّها باب جديدة ضخمة مزخرفة بالحفر البارز، وتحيط إطاراتها زخارف نباتية معمولة من الخشب، وقد زُوّقت أعلاها بأبيات شعر بالفارسيّة نُقشت بالميناء والفضة.

وهذه الباب أكبر من سابقتها، وقد نُصبت في النصف من شعبان سنة ١٣٨٥ هـ، وهي مُهداة من قبل خالق زادكان.

٢ - باب الزينبيّة: ويقع في الجهة الغربيّة من الصحن. وقد سمّي بهذا الاسم؛ لأنّه يؤدّي بالخارج من الصحن إلى (تل الزينبيّة).

٣ - باب السلطانيّة: ويقع في الجهة الغربيّة أيضاً؛ وقد سمّي بهذا الاسم نسبة إلى مشيّدها أحد سلاطين آل عثمان، وتقارب أبعادها أبعاد باب الزينبيّة.

١٦٩

٤ - باب السدرة: ويقع في زاوية الصحن المطهّر من الجهة الشماليّة الغربيّة، وقد نُقلت لها مؤخّراً باب القبلة ونصب في مدخلها، وهي مُهداة من قبل خالق زادكان.

٥ - بابي الصحن الصغير: وكانتا قبل فتح الشارع المحيط بـ (الحائر) من الجهة الشرقيّة، وقد بقت منه باب واحدة فقط المسمّاة بـ (باب الشهداء).

وقد خطّ في الكاشي الذي فوق الباب من الخارج هذه الأبيات:

أبا الشهداء حسبي فيك منجى

يـقيني شـرّ عادية الزمانِ

إذا ما الخطب عبّس مكفهراً

وجـدتُ ببابك العالي أماني

وها أنا قد قصدتك مستجيراً

لأبـلغ فـيك غايات الأماني

فـلا تـردد يديَّ وأنت بحرٌ

يـفيض نداه بالمنن الحسانِ

٦ - باب قاضي الحاجات: ويقع في الجهة الشرقيّة للصحن الشريف - في مقابل سوق العرب - وهي من الأبواب القديمة، تُحلّي جبهتها الخارجيّة زخارف من القاشاني النفيس.

أمّا الأبواب التي نحن بصددها، فهي:

٧ - باب الرأس الشريف: ويقع بين باب الزينبيّة وباب السلطانيّة في الضلع الغربي من الصحن الشريف. وقد أنفذ هذا الباب من الإيوان الناصري أو الحميدي، وهو إيوان معقود بديع الشكل، جميل الزخرفة، يحليه القاشاني المقرنص، وتحيطه كتائب قرآنية وأبيات شعرية اُرخت بسنة ١٣٠٩. ويبلغ ارتفاعه حوالي ١٥ متراً، وطول قاعدته السفلى ٨ م، وعرضها ٥ م، وهناك ساعة دقّاقة كبيرة فوق برج الباب.

٨ - باب الكرامة: يقع في الزاوية الشماليّة الشرقيّة من الصحن الشريف، وهي معقودة بالقاشاني الجميل أيضاً، وعليها كتائب قرآنية وأشعار فارسيّة.

١٧٠

٩ - باب الرجاء: ويقع في الزاوية الجنوبيّة من الصحن الشريف.

١٠ - وفي سنة ١٩٦٠ م قامت لجنة التعميرات بفتح باب جديدة للروضة الشريفة باسم (باب الصالحين) في الجهة الشماليّة من الصحن الشريف، ويقع هذا الباب في إيوان ميرزا موسى الوزير، ويجري الآن تغليف جدرانها الداخلية وعقودها بالكاشاني النفيس.

١٧ - وفي سنة ١٩٤٩ م تبرّع الحاج محمّد حسين الكاشاني بـ (٢٣) طن من الرخام اليزدي المصقول لجدران الحرم والأروقة.

١٨ - وفي سنة ١٩٤٩ م جُدّدت بعض أبواب الحرم الشريف، وجميع أبواب حجرات الصحن بالخشب الصاج الفاخر من قبل لجنة تعميرات الروضة.

١٩ - وفي سنة ١٩٥٠ م قام السيد صبري الخطّاط بكتابة الكُتيبة القرآنية على الكاشي في الحرم الشريف ومسجد الحرم.

٢٠ - وفي سنة ١٩٥٠ أيضاً جرى بناء الجبهة الشرقيّة التي أُضيفت للروضة وبناء الأواوين وعقدها بالكاشاني النفيس.

١٧١

٢١ - وفي سنة ١٩٥١ م رُفعت القطع المذهّبة من القبة لغرض إعادة بنائها بصورة متقنة، فوجدت اللجنة أنّ القبة في حالة تصدّع، ويلزم رفعها لإعادة بنائها مجدّداً؛ فجرى رفعها حتّى الكُتيبة القرآنية، واُعيد بناؤها وإكساؤها بنفس تلك القطع الذهبيّة بعد تجديد القسم المستهلك منها.

٢٢ - وفي سنة ١٩٥٣ م جرى تجديد مرايا سقوف الحرم الشريف والأروقة بأكملها.

٢٣ - في سنة ١٩٥٣ م عقدت مقاولة مع السيد حسين السيد عبد الرحيم الأصفهاني بتجهيز كاشي من أصفهان إلى الروضتين الحسينيّة والعباسيّة، بعد أن ظهر لللجنة أنّ الكاشي الموضوع محلياً لا يبقى على نقائه وثبات ألوانه بسبب الأملاح الموجودة في التربة.

٢٤ - وفي سنة ١٩٥٣ م جرى تذهيب القسم العلوي من الإيوان القبلي للروضة الشريفة بواسطة لجنة التعمير.

٢٥ - وفي سنة ١٩٦٣ قامت لجنة التعميرات بجلب الرخام الإيطالي

١٧٢

لإكساء الجدران الخارجيّة المحيطة بالحرم الشريف من جهة الصحن.

٢٦ - وفي سنة ١٩٦٤ قامت لجنة التعميرات بتعلية الأواوين المعقودة في الجهة الشماليّة من الصحن؛ لكي تكون بمستوى أواوين الجهة الشرقيّة، وقد غلّفت بالقاشاني الإيراني البديع.

٢٧ - وفي سنة ١٩٦٤ حضر المتبرّع قنبر رحيمي متعهد معادن إيران، وأظهر رغبته بتقديم أعمدة من الرخام الفاخر بقطعة واحدة للإيوان القبلي الكبير (الذهب)، وكذلك رخام لجبهة الإيوان المطلة على الصحن؛ حيث إنّ الإيوان القبلي مسقّف بالخشب، وقد أثّرت فيه حشرة الأرضة والرطوبة، وسوف تقوم لجنة التعميرات برفعه وتجديده حالما تصل أعمدة المرمر إلى كربلاء، ولتبليط أرضيته مجدّداً بالمرمر الإيراني، وكذلك إكساء جدران المذبح بالمرمر.

عبد الصالح الكليدار

سادن الروضة الحسينيّة

١٧٣

ملحق رقم (٢)

تعريف بالمصادر الفارسيّة التي اعتمد عليها المؤلّف

رأينا تعميماً للفائدة أن نعرّف تعريفاً (خاطفاً) بالمصادر الفارسيّة التي عوّل عليها المؤلّف في كتابه التي استفاد منها قليلاً أو كثيراً، وقد عوّلت في عرضي لها على ما كتبه المؤلّف عنها، وعلى الموسوعات القاموسية التي تبحث في الكتب والكتاب، وفي طليعتها موسوعة الشيعة الكبرى (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)، ثمّ كشف الظنون لحاجي خليفة، وتأريخ الأدب في إيران لبراون (الترجمة الفارسيّة - المجلد الرابع)، ودائرة المعارف الإسلاميّة (الترجمة العربية)، وغيرها كثير.

١ - تأريخ جهان كشاي الجويني

تأليف علاء الدين عطاء ملك بن محمّد الجويني، مؤرّخ ووال من ولاة الفرس، وكتابه هذا تأريخ للمغل والسلاطين الخوارزمشاهية، والملاحدة والإسماعيلية، وباقي الوقائع إلى سنة ٦٥٦، ثمّ يضيف لها تكملة تأريخ المغل حتّى القضاء على الحشاشين، ومعظم مضانّه في التكملة مفقودة اليوم.

ويعدّ تأريخ الجويني مثالاً فريداً في اُسلوبه، ومن أعظم مصادر تأريخ المغل، وقد طبع الميرزا محمّد خان القزويني الجزء الثالث منه مع ذيل الخواجة نصير الدين في ليدن، ثمّ أعاد السيد جلال الطهراني في طهران، وقد اعتمد المؤلّف على الطبعة الثانية.

٢ - تأريخ وصاف

تأليف عبد الله بن فضل الله المعروف بـ (وصاف الحضرة). ألّفه في حدود سنة ٧١٢ هـ، ويعتبر ذيلاً لتأريخ جهانكشاي الجويني، وهو في تأريخ المغل أيضاً، إلاّ أنّ اُسلوبه قديم وغير جيد، وأقل بكثير من اُسلوب الجويني، وقد استفاد المؤلّف من النسخة المطبوعة في بومبي.

١٧٤

٣ - نزهة القلوب

تأليف حمد الله المستوفي القزويني، من أشهر مؤرّخي وجغرافيي إيران في القرن الثامن، ويزعم أنّ نسبه يرتقي إلى الحرّ بن يزيد الرياحي. وكتابه هذا في المسالك والممالك، وهو إلى الجغرافية أقرب منه إلى الكتب التي يكتبها الرحّالون في وصف ما يشاهدون. ألّفه سنة ٧٤٠، والنسخة التي أفاد منها المؤلّف هي النسخة التي طُبعت سنة ١٣١٠ طبع حجر في بومبي، وهي طبعة سقيمة كثيرة الأغلاط.

٤ - تزوكات تيموري

ويُعرف أيضاً بـ (واقعات تيموري)، وهو بقلم شخص يُدعى أبا طالب الحسيني التربتي، ويدّعي التربتي هذا أنّ أصل الكتاب باللغة التركية (جغتائي)، وأنّها مذكّرات تيمورلنك المغولي كتبها بنفسه، ودوّن فيها حروبه، وكيفية إدارة أمور الدولة وشؤونه الخاصة، بيد أنّ المحققين يُجمعون اليوم على أنّ الكتاب ليس من تأليف تيمور أو إنشائه، سواء وجد الأصل التركي الذي يدّعي أبو طالب بوجوده أم لا. ومن المحتمل جدّاً أنّه من تأليف أبي طالب نفسه.

إنّ النسخة التي عوّل عليها المؤلّف هي التي طُبعت في طهران سنة ١٣٥٨ هـ طبع حجر، باهتمام رضاقلي خان هدايت (صاحب روضة الصفاي)، وكان قد طُبع لأوّل مرّة في إكسفرد مع الترجمة الإنكليزية للميجر ديوي، وقد أُعيدت هذه الطبعة مؤخّراً في طهران بالأوفست. (راجع المقدّمة القيمة التي أُلحقت بالطبعة الأخيرة).

٥ - حبيب السير

تأليف غياث الدين ابن خواجه همام الدين ابن خواجه جلال الدين الشيرازي. ولد سنة ١٤٧٥ م، وهو تأريخ من أقدم الأزمنة إلى ما يُقارب من نهاية الشاه إسماعيل الأوّل الصفوي، وبدأ عام ١٥٢١ م، وانتهى

١٧٥

منه سنة ١٥٢٣ م. وقد أطلق عليه هذا الاسم تيمّناً بمولاه حبيب الله من رجال دولة الشاه إسماعيل الصفوي.

والنسخة التي اعتمد عليها المؤلّف هي مخطوط يقع في ثلاث مجلدات ضخام، كُتبت بالخط الفارسي البديع، وقد استنسخه سنة ١٠٠٨ هـ، وهي في خزانة كتب المؤلّف.

٦ - روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء

تأليف محمّد مير خواند شاه، وهو تأريخ كبير يقع في ستة مجلّدات أضاف إليه مجلداً آخر خواند مير صاحب حبيب السير، وقد توفي سنة ٩٠٣، ويشتمل أيضاً على أحوال الأئمّة الاثني عشر (عليهم السّلام). طُبع في بومبي سنة ١٢٧١، وقد تُرجم إلى التركية أيضاً.

٧ - زينة المجالس

تأليف الأمير مجد الدين محمّد الحسيني المتخلص بـ (مجدي)، يبحث في تواريخ شتى، ألّفه سنة ١٠٠٤ باسم الشاه طهماسب الصفوي، مرتّباً على تسعة أجزاء، وكلّ جزء في عشرة فصول.

وقد ألحق في النسخة المطبوعة فصلان؛ أحدهما في تواريخ المغل، والآخر في الدولة الصفويّة. وقد طبعه سنة ١٢٧٠ هـ طبع حجر بدون ترقيم، وقد طبعه قبل ذلك في سنة ١٢٦٢ هـ.

٨ - دبستان المذاهب

لم يُذكر فيه اسم المؤلّف، إلاّ أنّ من المرجح أنّه محسن الكشميري المتخلص في شعره بـ (فاني). وهو يبحث في الملل والنحل، طُبع ببومبي سنة ١٢٦٢ هـ، مرتّب على اثني عشر تعليماً.

٩ - تأريخ عالم آراي عباسي

تأليف اسكندر بيك منشئ، في تأريخ الدولة الصفويّة في إيران. شرع في تأليفه سنة ١٠٢٥ هـ، وختمه بوفاة الشاه عباس الأوّل سنة

١٧٦

١٠٣٨ هـ، وهو مرتّب على مقدّمة واثني عشر مقالة وخاتمة، في ثلاث مجلدات. طُبع في إيران سنة ١٣١٣ هـ أو ١٣١٤ هـ.

١٠ - سلطان التواريخ

وهو اسم الترجمة الفارسيّة لكتاب (تأريخ الدولة العثمانيّة) ليوسف فون هامر (بورجستال)، المستشرق النمساوي الكبير (١٧٧٤ - ١٨٦٥ م)، والكتاب مؤلّف عظيم لا نظير له، وما زال ذا أهمية وقيمة إلى الآن؛ لأنّه يحوي أخبار لا توجد في مؤلّفات أخرى، لكنّ اُسلوبه صعب جدّاً، كثير التشبيهات، يشبه اُسلوب المؤرّخين العثمانيِّين.

ويقع في عشر مجلدات ضخام، وقد صنّف بورجستال لها خلاصة في أربعة مجلّدات (راجع ص ٧٣ من الكتاب)، انظر أيضاً في كتاب المستشرقون لنجيب العقيقي ٢ / ٦٢٨.

١١ - التأريخ النادري

تأليف ميرزا مهدي خان بن محمّد رضا المنشي النوري المازندراني، يبحث في تأريخ نادر شاه أفشار، من تأريخ انفراده بالسلطة سنة ١٢٤٥ هـ إلى يوم مصرعه في ليلة الأحد ١١ جمادي الأولى سنة ١١٦٠، ويُعرف أيضاً بـ (الدرّة النادرية). وقد طُبع مرّات عديدة أوّلها بطهران.

١٢ - مجالس المؤمنين

تأليف السيد نور الله المرعشي الشوشتري، أحد أعاظم فقهاء الإماميّة ومجتهديهم في القرن الحادي عشر الهجري، وكان قاضياً لمدينة لاهور، وقد استشهد سنة ١٠١٩ ضرباً بالسياط بأمر من جهانكير.

وكتابه مجالس المؤمنين مجموعة سير مدعمة أوفى تدعيم بالوثائق عن أكابر شهداء الإماميّة والصوفية في الإسلام، وقد تمّ طبعه سنة ١٠٧٣ في مدينة لاهور، وطُبع بعد ذلك مرّات عديدة.

١٧٧

١٣ - دلائل الدين

تأليف الحاج المولى عبد الله بن محمّد هادي ظهر الهرندي، من علماء أصفهان، أصله من قرية هرند من توابع أصفهان، كان فقيهاً فاضلاً، توفي في سنة ١٢٥٦، ودُفن في إمامزادة إسحاق في هرند.

وكتابه هذا يقع في ثلاث مجلّدات، يوجد ثانيها في مكتبة السيد محمّد مولانا (الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة ٢ / ٧٩١)، وقد ألّف الكتاب حوالي أواخر القرن الثاني عشر الهجري.

١٤ - تحفة العالم

تأليف السيد عبد اللطيف خان ابن السيد أبي طالب ابن السيد نور الدين ابن المحدّث الجزائري التستري، المولود سنة ١١٧٢. وعندما توفي والده هاجرها إلى العتبات المقدّسة في العراق سنة ١٢٠٢، ثمّ سافر إلى الهند، وكتب سوانحه ومشاهداته في البلدان التي مرّ بها، والفصل الخاص بالعراق قد كتبه حوالي سنة ١٢١٦، وهو ملحقٌ وذيلٌ لكتابه، وقد طُبعت في حيدر آباد سنة ١٣١٢ مع الذيل. (انظر: الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة - للعلاّمة المحقّق الشيخ آقا بزرك الطهراني ٢ / ٧٩٢).

١٥ - تأريخ كيتي كشا

تأليف الميرزا محمّد صادق الموسوي الملقّب بـ (نامي) مع ذيلين آخرين، وقد طُبع بتصحيح ومقدّمة الأستاذ العلاّمة سعيد نفيسي سنة ١٣١٧ ش هـ، وتنتهي حوادثه مع الذيلين بسنة ١٢٠٨ هـ، ويبحث في الدولة الزندية في إيران.

١٦ - فوائد الصفويّة

تأليف أبو الحسن بن إبراهيم القزويني، وألّفه في الهند باسم

١٧٨

محمد ميرزا الصفوي في حدود سنة ١٢١١، وهو مؤلّف قيّم في تاريخ الدولة الصفويّة. وقد اعتمد المؤلّف على النسخة الخطّية التي في مكتبة أغا ملك التجار في طهران، وهو كتاب قيّم ومفيد جدّاً؛ إذ ينفرد بكثير من الأخبار والحوادث لاسيما عن أواخر العصر الصفوي.

١٧ - مسير طالبي

تأليف أبو طالب خان بن حاجي محمّد بك خان. تركي الأصل (بواية دائرة المعارف الإسلاميّة)، ولد في لكنهو عام ١٧٥٢ م، قام برحلته عام ١٧٩٩ م إلى أوروبا وآسيا، وبقى في رحلته حتّى عام ١٨٠٢.

ووصف هذه الرحلة بعد عودته إلى كلكتّه سنة ١٨٠٣، وقد توفّي سنة ١٨٠٦، وطُبع كتابه بكلكته سنة ١٨١٢ م بعناية ولده ميرزا حسين علي ومير قدرت علي بعنوان (مسير طالبي في بلاد إفرنجي).

وظهرت في لندن بعد ذلك بعامين كما ظهرت سنة ١٨٢٧ م في كلكته نسخة مختصرة منه، وترجمه إلى الفرنسية، وقد زار كربلاء سنة ١٢١٧ هـ، أي بعد حادثة الوهابيّين بعام واحد.

١٨ - روضة الصفاي ناصري

تأليف أمير الشعراء الميرزا رضا قلي خان بن محمّد هادي الطبرستاني المتخلص في شعره بـ (هدايت)، ويقع في ثلاثة مجلّدات، ويُعتبر ذيلاً وتكملة لروضة الصفا، وقد طُبع عدّة مرّات؛ طبع في بمبي سنة ١٢٩١ هـ على الحجر، وآخر طبعة له في طهران سنة ١٣٧٤ في ثلاث مجلّدات.

والكتاب ذا قيمة عظيمة؛ لأنّه يعتمد على مصادر شرقية كثيرة لم ينشر معظمها، ويشمل الكتاب علاوة على الأحداث السياسية كثيراً من المعلومات الجغرافية والأدبية.

١٩ - فارسنامه ناصري

تأليف ميرزا حسين خان الطبيب الفسوي الحسيني الفارسي، المولود

١٧٩

سنة ١٢٣٧، والمتوفّى في رجب سنة ١٣١٦ هـ، وهو حفيد علي خان المدني صاحب (السلافة).

وقد قسّم كتابه إلى قسمين؛ أوّلهما يختص بأمراء فارس وملوكها من صدر الإسلام حتّى سنة ١٣١٠ هـ، وثانيهما في تأريخ شيراز وخصوصياتها، وقد طُبع الكتاب سنة ١٣١٣ هـ.

٢٠ - مجلد القاجارية من ناسخ التواريخ (تأريخ قاجار)

تأليف ميرزا محمّد تقي الكاشاني، الأديب والمؤرّخ الفارسي، المتخلص بـ (سبهر)، الذي ارتفع قدره عند الملوك القاجارية في إيران وصار مدّاحهم الخاص. وقد خلع عليه ناصر الدين شاه لقب (لسان الملك) في عام ١٢٧٢ هـ، وقد توفي سنة ١٨٧٨ م (١٢٩٦ هـ).

ومؤلّفه هذا الموسوم بـ (ناسخ التواريخ) الذي ينمّ عنوانه عن الغرور والادّعاء (انظر: دائرة المعارف الإسلاميّة ١ / ٢٦٨) يتألّف من ١٤ جزءاً، وقف المؤلّف في آخرها عند الإمام محمّد الباقر (عليه السّلام).

وهذا الذي نحن بصدده - أي تأريخ قاجار - هو المجلد الخامس من هذا التأريخ الضخم، وضمنه التأريخ الرسمي لأسرة قاجار الحاكمة، وهو يشتمل على ثلاثة أجزاء، ويستغرق الجزء الأوّل منه لسلطنة محمّد خان قاجار، والثاني في تأريخ محمّد شاه قاجار، والثالث في تأريخ ناصر الدين شاه القاجاري. (عادل).

٢١ - زنبيل فرهاد

تأليف الشاهزادة معتمد الدولة فرهاد ميرزا ابن عباس ميرزا ابن فتح علي شاه القاجاري المتوفّى سنة ١٣٠٥، وقد طُبع في إيران سنة ١٣٢٩ هـ في ٤٥٧ صفحة، جمعه الميرزا محمّد حسين المنشي العلي آبادي المازندراني.

ذكر في أوّله أنّه جمعه من خطوط الشاهزادة المذكور أيام كونه (فرمان فرما) بشيراز، ووالياً على فارس في سنة ١٢٩٣ هـ، وهو يشبه الكشكول في تنوّع

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197