بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء20%

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء مؤلف:
الناشر: مطبعة الإرشاد
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 197

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 197 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96753 / تحميل: 9771
الحجم الحجم الحجم
بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

بغية النبلاء في تاريخ كربلاء

مؤلف:
الناشر: مطبعة الإرشاد
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كثرة. ومولده سنة ٢٧١ ومات لخمس خلون من صفر سنة ٣٦٥، تتبّع ابن بقية وزير بختيار بن معزّ الدولة الديلمي جنازته ماشياً، وأهل الدولة كلّهم، ودُفن في مقابر قريش، وقبره هناك معروف.

قال الناشئ: أدخلني ابن رائق على الراضي بالله، وقال لي: أنت الناشئ الرافضي؟

فقلت: خادم أمير المؤمنين الشيعي. فقال: من أيّ الشيعة؟ قلت: شيعة بني هاشم. فقال: هذا خبث وحيلة. فقلت: مع طهارة مولد. فقال: هات ما معك.

فأنشدته، فأمر أن يُخلع عليّ عشر قطع ثياباً، وأعطى أربعة آلاف درهم، فأخرج إلى ذلك وتسلّمته، وعدت إلى حضرته وقبّلت الأرض وشكرته، وقلت: أنا ممّن يلبس الطيلسان. فأمر لي به مع عمامة خزّ.

فقال: أنشدني من شعرك في بني هاشم. فأنشدته:

بني العباس إنّ لكم دماءً

أراقـتها اُمـيّةُ بالذحولِ

فليس بهاشميٍّ مَنْ يوالي

اُمـيّة واللعينَ أبا زبيلِ

وكان يعمل الناشئ الصفر ويخرمه، وله فيه صنعة بديعة، قال: ومن عمله قنديل بالمشهد بمقابر قريش مربع غاية في حسنه.

(الناشئ) قال: كنت بالكوفة في سنة ٣٢٥ وأنا أملي شعري في المسجد الجامع بها، والناس يكتبونه عنّي، وكان المتنبي إذ ذاك يحضر معهم، وهو بعد لم يُعرف ولم يلقّب بالمتنبي، فأمليت القصيدة التي أوّلها:

بآل محمّد عُرف الصوابُ

وفي أبياتهم نزل الكتابُ

قلت فيها:

كـأنّ سـنانَ ذابله ضميرٌ

فليس عن القلوب له ذهابُ

وصـارمه كـبيعته بـخمٍّ

مقاصدُها من الخلقِ الرقابُ

فلمحته يكتب هذين البيتين.

حدث الخالع قال: كنت مع والدي في سنة ٣٤٦ وأنا صبي في

١٦١

مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الوراقين والصاغة، وهو غاص بالناس، وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة، وفي يده سطيحة وركوة، ومعه عكاز، وهو شعث، فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه، ثمّ قال: أنا رسول فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها).

فقالوا: مرحباً بك وأهلاً. ورفعوه، فقال: أتعرفون لي أحمد المزوّق النائح؟

فقالوا: ها هو جالس.

فقال: رأيت مولاتنا (عليها السّلام) في النوم فقالت لي: «امضِ إلى بغداد واطلبه، وقل له: نح على ابني بشعر الناشئ الذي يقول فيه:

بـني أحـمدٍ قلبي لكم يتقطّعُ

بمثل مصابي فيكمُ ليس يسمعُ»

وكان الناشئ حاضراً، فلطم لطماً عظيماً على وجهه، وتبعه المزوق والناس كلّهم، وكان أشدّ الناس في ذلك الناشئ، ثمّ المزوّق، ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلّى الناس الظهر، وتقوّض المجلس، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئاً منهم.

فقال: والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها؛ فإنّني لا أرى أن أكون رسول مولاتي (عليها السّلام) ثم آخذ عن ذلك عوضاً. وانصرف ولم يقبل شيئاً.

قال: ومن هذه القصيدة، وهي بضعة عشر بيتاً:

عـجبتُ لـكم تفنون قتلاً بسيفكمْ

ويسطو عليكم مَنْ لكم كان يخضعُ

كـأنّ رسـولَ الله أوصى بقتلكمْ

وأجـسامكمْ في كلّ أرض توزّعُ

وحدّث الخالع قال: اجتزت بالناشئ يوماً وهو جالس في السراجين، فقال لي: قد عملت قصيدة، وقد طُلبت، واُريد أن تكتبها بخطّك حتّى أخرجها.

فقلت: أمضي في حاجة وأعود. وقصدت المكان الذي أردته، وجلست فيه، فحملتني عيني، فرأيت في منامي أبا القاسم عبد الغزيز الشطرنجي النائح، فقال لي: أحبّ أن تقوم فتكتب قصيدة الناشئ البائية؛ فإنّا قد نحنا بها البارحة بالمشهد.

وكان هذا الرجل قد توفّي وهو عائد من الزيارة، فقمت ورجعت إليه، وقلت: هات البائية حتّى أكتبها.

فقال: من أين

١٦٢

علمت أنّها بائية وما [ذاكرت] بها أحداً؟!

فحدّثته بالمنام، فبكى وقال: لا شك أنّ الوقت قد دنا.

فكتبتها، فكان أوّلها:

رجـائي بـعيدٌ والـمماتُ قريبُ

ويخطئ ظنّي والمنون تُصيبُ(١)

____________________

(١) إرشاد الأريب - لياقوت ٥ / ٣٣٥.

١٦٣

الملاحق والمستدركات

١ - ملحق رقم (١) تعميرات الحائر.

٢ - ملحق رقم (٢) تعريف بالمصادر الفارسيّة.

٣ - ملحق رقم (٣) تعريف بالمصادر العربية المخطوطة.

٤ - ملحق رقم (٤) المستدركات والفهارس.

١٦٤

ملحق رقم (١)

تعميرات الحائر الحسيني من أواخر القرن الثالث عشر إلى الوقت الحاضر

١ - قام السيد كاظم الرشدي بتجديد المسجد الواقع في القسم الشرقي من الصحن الحسيني.

٢ - وفي سنة ١٢٨١ هـ قامت والدة السلطان عبد الحميد العثماني بتشييد خزّان لشرب الماء في الجهة الجنوبية الشرقيّة من الصحن الحسيني.

وقد أرّخ هذا البناء أحد الشعراء بقوله:

سـلسبيل قـد أتـى تأريخه

اشرب الماء ولا تنسى الحسينْ

وهناك خزّانان آخران للماء في الصحن الحسيني، أنشأ إحدى تينك الخزّانين الحاج حبيب الحافظ مقابل الخزان السالف الذكر، والآخر شُيّد في مدخل باب القبلة سنة ١٣٢٢ هـ.

٣ - وفي سنة ١٢٩٦ هـ غُطّي الجدار الغربي من الحضرة المطل على الصحن بالقاشاني النفيس، ويوجد تأريخ إتمام العمل في الإيوان البديع الخارج منه المقابل للضريح المقدّس.

وهذا الإيوان آية من آيات الفن المعماري الإسلامي، يزدان بعقد بديع تتدلّى منه المقرنصات ذات الأشكال الهندسية الرائعة، وفي أسفلها في القاشاني صورة تاج محلّى بالزبرجد والياقوت، وأسفل هذه توجد قصيدة عصماء للشاعر الكبير الشيخ محسن أبو الحبّ (المتوفّى سنة ١٣٠٥ هـ)، كُتبت على القاشاني بخطّ فارسي بديع، مطلعها:

الله أكـبر مـاذا الحادث الجللُ

لقد تزلزل سهلُ الأرض والجبلُ

هـذه الزفراتُ الصاعدات أسىً

كـأنّها شُـعلٌ تـرمى بها شعلُ

كأنّ نفحةَ صورِ الحشر قد فجئتْ

فالناس سكرى ولا خمرٌ ولا ثملُ

١٦٥

قامت قيامةُ أهل البيت وانكسرتْ

سـفنُ الـنجاةِ وفيها العلم والعملُ

جـلّ الإلـه فـليس الحزنُ بالغَهُ

لـكنّ قـلباً حـواه حـزنه جـللُ

مَـنْ الـتجا فـيه يسلم في المعاد ومَن

يجحده يندم ولم يرتع له عملُ

قـف عـنده وأعتبر ما فيه إنّ به

ديـنَ الإله الذي جاءت به الرسلُ

حتّى يقول:

مـهلاً اُمـية إنّ الله مدرك ما

أدركـتموه فـلا تغرركمُ المهلُ

هـناك يعلم مَنْ لم يدرِ حاملها

أيّ الـفريقين منصور ومنخذلُ

فيه الحسينُ الذي لا خلق يعدلُه

وفيه نوحٌ ومَنْ حنّت له الإبلُ

موسى وعيسى وإبراهيمُ قبلهما

وهل تعادل بالرضراضة الحبلُ

٤ - في سنة ١٢٩٧ قام السيد جواد السيد حسن آل طعمة (سادن الروضة الحسينيّة) بفتح نوافذ من قاعة القبة التي على الضريح الأقدس بقصد إضاءة وتهوية الحرم.

٥ - وفي سنة ١٣٠٩ تبرّع تاجر من أهالي شيراز يُدعى عبد الجبار بإكساء النصف الأعلى من المئذنة الشرقيّة، وجميع المئذنة الغربيّة بالذهب الإبريز.

٦ - في ٢٨ - ١١ - ١٩٣١ م جرى تعمير مخزن الأمانات (الخزنة).

٧ - وفي ١٥ - ١٢ - ١٩٣١ م جرى تذهيب القسم الأسفل من المئذنة الشرقيّة من قبل أحد المتبرّعين الهنود.

٨ - سنة ١٩٣٦ م هدمت مئذنة العبد. راجع الفصل الخاص بوصف المشهد الحسيني.

٩ - وفي سنة ١٩٤٥ م قام السيد محمّد آقا الإيراني بتجهيز المرمر اليزدي لجدران الحرم الشريف (الإزارة)، وفي نفس السنة جرى

١٦٦

دفن جميع السراديب في أروقة الحرم والإيوان القبلي بالأسمنت، ومنع الدفن بها رسميّاً.

١٠ - وفي سنة ١٩٤٦ م جرى توسيع مداخل الحرم الشريف، وبناء أسس القبة بالأسمنت المسلّح، وكذلك تجديد توازير جميع جدران الحرم والأروقة بالطابوق والأسمنت.

١١ - سنة ١٩٤٧ م جرى تجديد قسم من مرايا السقوف داخل الحرم بواسطة لجنة التعميرات.

١٢ - وفي سنة ١٩٤٨ م جرى تبليط أرضية الحرم الشريف بالرخام البلجيكي من قبل السيد طاهر سيف الدين.

١٣ - في سنة ١٩٤٨ م جرى تجديد الكُتيبة القرآنية بالكاشي داخل الحرم.

ترميم صندوق الخاتم

١٤ - وفي سنة ١٣٦٥ هـ قام المتبرّع المرحوم محمّد فولاد زري الإيراني بترميم وإصلاح الجزء المحروق من صندوق الخاتم الذي على الرمس الطاهر، وبنصب الألواح الزجاجية داخل إطارات مصنوعة من خشب الساج المطعّم بخشب النارنج، وقد جرى عند إتمامه احتفال عظيم.

وأصل هذا الصندوق هو هدية من كريمة السلطان حسين الصفوي - زوجة نادر شاه - سنة ١١٣٣ كما تشير إليه الكُتيبة الموجودة على الصندوق في الجهة الأمامية، ولا يثمّن هذا الصندوق لنفاسته؛ فقد زخرف بأشكال هندسية غاية في الروعة، مطعّمة بالعاج.

١٦٧

وعلى أثر غارة الوهابيّين سنة ١٢١٦، أصاب الصندوق خدوش

واحتراق في بعض جوانبه؛ فكُسي بطبقات نحاسية وفضية، وبُرقع بستائر حريرية، وبقى محفوظاً حتّى سنة ١٣٦٥. ويوجد في أسفل الصندوق قرب الباب كُتيبة بخطّ صالح الكلكاوي تشير إلى ذلك.

ترميم الجبهة الشرقيّة من الصحن

١٥ - وفي سنة ١٩٤٨ بمناسبة فتح شارع الحائر المحيط بالصحن الشريف من قبل متصرّف كربلاء السيد عبد الرسول الخالصي، تشكّلت لجنة برئاسة السادن السيد عبد الصالح السيد عبد الحسين الكليدار، وعضوية كلّ من السيد محمّد حسن ضياء الدين سادن الروضة العباسيّة، والسيد حسن نقيب أشراف كربلاء، والسيد عبد الرزاق الوهاب، والحاج محمود القنبر، والسيد أحمد وفي الرشدي، والحاج محمّد الشيخ علي لجمع تبرّعات بمبلغ ٢٠٠٠٠ دينار؛ لغرض توسيع الصحن من الجهة الشرقيّة؛ بضم الأملاك التي استملكتها البلدية إلى الصحن الشريف بسعر بدل

١٦٨

الاستملاك. وقد تمّ ذلك فعلاً نتيجة للجهود والمساعي الحميدة التي بذلها المتصرّف الآنف الذكر لهذه الغاية.

أبواب الصحن الحسيني

١٦ - تمّ في سنة ١٩٤٨ م فتح ثلاثة أبواب جديدة للصحن الشريف.

ويجدر بنا قبل الكلام عن هذه الأبواب ذكر أبواب الصحن الحسيني القديمة لاسيما وإنّ المؤلّف لم يتعرّض لذكرها، فنقول: إنّ للصحن الحسيني ستة أبواب قديمة مصنوعة كلّها من الأخشاب الفاخرة، وتعلو كلّ منها عقادة من القاشاني البديع المزخرف تزوقها آيات قرآنية أو أبيات شعرية.

وتقع على جانبي مداخلها مقابر بعض العلماء والسادات، وهي:

١ - باب القبلة: ويقع في الوجه القبلي للحضرة في منتصف الضلع الجنوبي منه، ويبلغ طول برج مدخلها ١٥ م، وعرض قاعدتها ٨ م. أمّا الباب فيبلغ ارتفاعها حوالي ٥ / ٥ م، وعرضها ثلاثة أمتار ونصف متر، ويعتبر بناؤها من أقدم الأبواب الأخرى في الحائر. وقد رُفعت هذه الباب حديثاً، ونصب في محلّها باب جديدة ضخمة مزخرفة بالحفر البارز، وتحيط إطاراتها زخارف نباتية معمولة من الخشب، وقد زُوّقت أعلاها بأبيات شعر بالفارسيّة نُقشت بالميناء والفضة.

وهذه الباب أكبر من سابقتها، وقد نُصبت في النصف من شعبان سنة ١٣٨٥ هـ، وهي مُهداة من قبل خالق زادكان.

٢ - باب الزينبيّة: ويقع في الجهة الغربيّة من الصحن. وقد سمّي بهذا الاسم؛ لأنّه يؤدّي بالخارج من الصحن إلى (تل الزينبيّة).

٣ - باب السلطانيّة: ويقع في الجهة الغربيّة أيضاً؛ وقد سمّي بهذا الاسم نسبة إلى مشيّدها أحد سلاطين آل عثمان، وتقارب أبعادها أبعاد باب الزينبيّة.

١٦٩

٤ - باب السدرة: ويقع في زاوية الصحن المطهّر من الجهة الشماليّة الغربيّة، وقد نُقلت لها مؤخّراً باب القبلة ونصب في مدخلها، وهي مُهداة من قبل خالق زادكان.

٥ - بابي الصحن الصغير: وكانتا قبل فتح الشارع المحيط بـ (الحائر) من الجهة الشرقيّة، وقد بقت منه باب واحدة فقط المسمّاة بـ (باب الشهداء).

وقد خطّ في الكاشي الذي فوق الباب من الخارج هذه الأبيات:

أبا الشهداء حسبي فيك منجى

يـقيني شـرّ عادية الزمانِ

إذا ما الخطب عبّس مكفهراً

وجـدتُ ببابك العالي أماني

وها أنا قد قصدتك مستجيراً

لأبـلغ فـيك غايات الأماني

فـلا تـردد يديَّ وأنت بحرٌ

يـفيض نداه بالمنن الحسانِ

٦ - باب قاضي الحاجات: ويقع في الجهة الشرقيّة للصحن الشريف - في مقابل سوق العرب - وهي من الأبواب القديمة، تُحلّي جبهتها الخارجيّة زخارف من القاشاني النفيس.

أمّا الأبواب التي نحن بصددها، فهي:

٧ - باب الرأس الشريف: ويقع بين باب الزينبيّة وباب السلطانيّة في الضلع الغربي من الصحن الشريف. وقد أنفذ هذا الباب من الإيوان الناصري أو الحميدي، وهو إيوان معقود بديع الشكل، جميل الزخرفة، يحليه القاشاني المقرنص، وتحيطه كتائب قرآنية وأبيات شعرية اُرخت بسنة ١٣٠٩. ويبلغ ارتفاعه حوالي ١٥ متراً، وطول قاعدته السفلى ٨ م، وعرضها ٥ م، وهناك ساعة دقّاقة كبيرة فوق برج الباب.

٨ - باب الكرامة: يقع في الزاوية الشماليّة الشرقيّة من الصحن الشريف، وهي معقودة بالقاشاني الجميل أيضاً، وعليها كتائب قرآنية وأشعار فارسيّة.

١٧٠

٩ - باب الرجاء: ويقع في الزاوية الجنوبيّة من الصحن الشريف.

١٠ - وفي سنة ١٩٦٠ م قامت لجنة التعميرات بفتح باب جديدة للروضة الشريفة باسم (باب الصالحين) في الجهة الشماليّة من الصحن الشريف، ويقع هذا الباب في إيوان ميرزا موسى الوزير، ويجري الآن تغليف جدرانها الداخلية وعقودها بالكاشاني النفيس.

١٧ - وفي سنة ١٩٤٩ م تبرّع الحاج محمّد حسين الكاشاني بـ (٢٣) طن من الرخام اليزدي المصقول لجدران الحرم والأروقة.

١٨ - وفي سنة ١٩٤٩ م جُدّدت بعض أبواب الحرم الشريف، وجميع أبواب حجرات الصحن بالخشب الصاج الفاخر من قبل لجنة تعميرات الروضة.

١٩ - وفي سنة ١٩٥٠ م قام السيد صبري الخطّاط بكتابة الكُتيبة القرآنية على الكاشي في الحرم الشريف ومسجد الحرم.

٢٠ - وفي سنة ١٩٥٠ أيضاً جرى بناء الجبهة الشرقيّة التي أُضيفت للروضة وبناء الأواوين وعقدها بالكاشاني النفيس.

١٧١

٢١ - وفي سنة ١٩٥١ م رُفعت القطع المذهّبة من القبة لغرض إعادة بنائها بصورة متقنة، فوجدت اللجنة أنّ القبة في حالة تصدّع، ويلزم رفعها لإعادة بنائها مجدّداً؛ فجرى رفعها حتّى الكُتيبة القرآنية، واُعيد بناؤها وإكساؤها بنفس تلك القطع الذهبيّة بعد تجديد القسم المستهلك منها.

٢٢ - وفي سنة ١٩٥٣ م جرى تجديد مرايا سقوف الحرم الشريف والأروقة بأكملها.

٢٣ - في سنة ١٩٥٣ م عقدت مقاولة مع السيد حسين السيد عبد الرحيم الأصفهاني بتجهيز كاشي من أصفهان إلى الروضتين الحسينيّة والعباسيّة، بعد أن ظهر لللجنة أنّ الكاشي الموضوع محلياً لا يبقى على نقائه وثبات ألوانه بسبب الأملاح الموجودة في التربة.

٢٤ - وفي سنة ١٩٥٣ م جرى تذهيب القسم العلوي من الإيوان القبلي للروضة الشريفة بواسطة لجنة التعمير.

٢٥ - وفي سنة ١٩٦٣ قامت لجنة التعميرات بجلب الرخام الإيطالي

١٧٢

لإكساء الجدران الخارجيّة المحيطة بالحرم الشريف من جهة الصحن.

٢٦ - وفي سنة ١٩٦٤ قامت لجنة التعميرات بتعلية الأواوين المعقودة في الجهة الشماليّة من الصحن؛ لكي تكون بمستوى أواوين الجهة الشرقيّة، وقد غلّفت بالقاشاني الإيراني البديع.

٢٧ - وفي سنة ١٩٦٤ حضر المتبرّع قنبر رحيمي متعهد معادن إيران، وأظهر رغبته بتقديم أعمدة من الرخام الفاخر بقطعة واحدة للإيوان القبلي الكبير (الذهب)، وكذلك رخام لجبهة الإيوان المطلة على الصحن؛ حيث إنّ الإيوان القبلي مسقّف بالخشب، وقد أثّرت فيه حشرة الأرضة والرطوبة، وسوف تقوم لجنة التعميرات برفعه وتجديده حالما تصل أعمدة المرمر إلى كربلاء، ولتبليط أرضيته مجدّداً بالمرمر الإيراني، وكذلك إكساء جدران المذبح بالمرمر.

عبد الصالح الكليدار

سادن الروضة الحسينيّة

١٧٣

ملحق رقم (٢)

تعريف بالمصادر الفارسيّة التي اعتمد عليها المؤلّف

رأينا تعميماً للفائدة أن نعرّف تعريفاً (خاطفاً) بالمصادر الفارسيّة التي عوّل عليها المؤلّف في كتابه التي استفاد منها قليلاً أو كثيراً، وقد عوّلت في عرضي لها على ما كتبه المؤلّف عنها، وعلى الموسوعات القاموسية التي تبحث في الكتب والكتاب، وفي طليعتها موسوعة الشيعة الكبرى (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)، ثمّ كشف الظنون لحاجي خليفة، وتأريخ الأدب في إيران لبراون (الترجمة الفارسيّة - المجلد الرابع)، ودائرة المعارف الإسلاميّة (الترجمة العربية)، وغيرها كثير.

١ - تأريخ جهان كشاي الجويني

تأليف علاء الدين عطاء ملك بن محمّد الجويني، مؤرّخ ووال من ولاة الفرس، وكتابه هذا تأريخ للمغل والسلاطين الخوارزمشاهية، والملاحدة والإسماعيلية، وباقي الوقائع إلى سنة ٦٥٦، ثمّ يضيف لها تكملة تأريخ المغل حتّى القضاء على الحشاشين، ومعظم مضانّه في التكملة مفقودة اليوم.

ويعدّ تأريخ الجويني مثالاً فريداً في اُسلوبه، ومن أعظم مصادر تأريخ المغل، وقد طبع الميرزا محمّد خان القزويني الجزء الثالث منه مع ذيل الخواجة نصير الدين في ليدن، ثمّ أعاد السيد جلال الطهراني في طهران، وقد اعتمد المؤلّف على الطبعة الثانية.

٢ - تأريخ وصاف

تأليف عبد الله بن فضل الله المعروف بـ (وصاف الحضرة). ألّفه في حدود سنة ٧١٢ هـ، ويعتبر ذيلاً لتأريخ جهانكشاي الجويني، وهو في تأريخ المغل أيضاً، إلاّ أنّ اُسلوبه قديم وغير جيد، وأقل بكثير من اُسلوب الجويني، وقد استفاد المؤلّف من النسخة المطبوعة في بومبي.

١٧٤

٣ - نزهة القلوب

تأليف حمد الله المستوفي القزويني، من أشهر مؤرّخي وجغرافيي إيران في القرن الثامن، ويزعم أنّ نسبه يرتقي إلى الحرّ بن يزيد الرياحي. وكتابه هذا في المسالك والممالك، وهو إلى الجغرافية أقرب منه إلى الكتب التي يكتبها الرحّالون في وصف ما يشاهدون. ألّفه سنة ٧٤٠، والنسخة التي أفاد منها المؤلّف هي النسخة التي طُبعت سنة ١٣١٠ طبع حجر في بومبي، وهي طبعة سقيمة كثيرة الأغلاط.

٤ - تزوكات تيموري

ويُعرف أيضاً بـ (واقعات تيموري)، وهو بقلم شخص يُدعى أبا طالب الحسيني التربتي، ويدّعي التربتي هذا أنّ أصل الكتاب باللغة التركية (جغتائي)، وأنّها مذكّرات تيمورلنك المغولي كتبها بنفسه، ودوّن فيها حروبه، وكيفية إدارة أمور الدولة وشؤونه الخاصة، بيد أنّ المحققين يُجمعون اليوم على أنّ الكتاب ليس من تأليف تيمور أو إنشائه، سواء وجد الأصل التركي الذي يدّعي أبو طالب بوجوده أم لا. ومن المحتمل جدّاً أنّه من تأليف أبي طالب نفسه.

إنّ النسخة التي عوّل عليها المؤلّف هي التي طُبعت في طهران سنة ١٣٥٨ هـ طبع حجر، باهتمام رضاقلي خان هدايت (صاحب روضة الصفاي)، وكان قد طُبع لأوّل مرّة في إكسفرد مع الترجمة الإنكليزية للميجر ديوي، وقد أُعيدت هذه الطبعة مؤخّراً في طهران بالأوفست. (راجع المقدّمة القيمة التي أُلحقت بالطبعة الأخيرة).

٥ - حبيب السير

تأليف غياث الدين ابن خواجه همام الدين ابن خواجه جلال الدين الشيرازي. ولد سنة ١٤٧٥ م، وهو تأريخ من أقدم الأزمنة إلى ما يُقارب من نهاية الشاه إسماعيل الأوّل الصفوي، وبدأ عام ١٥٢١ م، وانتهى

١٧٥

منه سنة ١٥٢٣ م. وقد أطلق عليه هذا الاسم تيمّناً بمولاه حبيب الله من رجال دولة الشاه إسماعيل الصفوي.

والنسخة التي اعتمد عليها المؤلّف هي مخطوط يقع في ثلاث مجلدات ضخام، كُتبت بالخط الفارسي البديع، وقد استنسخه سنة ١٠٠٨ هـ، وهي في خزانة كتب المؤلّف.

٦ - روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء

تأليف محمّد مير خواند شاه، وهو تأريخ كبير يقع في ستة مجلّدات أضاف إليه مجلداً آخر خواند مير صاحب حبيب السير، وقد توفي سنة ٩٠٣، ويشتمل أيضاً على أحوال الأئمّة الاثني عشر (عليهم السّلام). طُبع في بومبي سنة ١٢٧١، وقد تُرجم إلى التركية أيضاً.

٧ - زينة المجالس

تأليف الأمير مجد الدين محمّد الحسيني المتخلص بـ (مجدي)، يبحث في تواريخ شتى، ألّفه سنة ١٠٠٤ باسم الشاه طهماسب الصفوي، مرتّباً على تسعة أجزاء، وكلّ جزء في عشرة فصول.

وقد ألحق في النسخة المطبوعة فصلان؛ أحدهما في تواريخ المغل، والآخر في الدولة الصفويّة. وقد طبعه سنة ١٢٧٠ هـ طبع حجر بدون ترقيم، وقد طبعه قبل ذلك في سنة ١٢٦٢ هـ.

٨ - دبستان المذاهب

لم يُذكر فيه اسم المؤلّف، إلاّ أنّ من المرجح أنّه محسن الكشميري المتخلص في شعره بـ (فاني). وهو يبحث في الملل والنحل، طُبع ببومبي سنة ١٢٦٢ هـ، مرتّب على اثني عشر تعليماً.

٩ - تأريخ عالم آراي عباسي

تأليف اسكندر بيك منشئ، في تأريخ الدولة الصفويّة في إيران. شرع في تأليفه سنة ١٠٢٥ هـ، وختمه بوفاة الشاه عباس الأوّل سنة

١٧٦

١٠٣٨ هـ، وهو مرتّب على مقدّمة واثني عشر مقالة وخاتمة، في ثلاث مجلدات. طُبع في إيران سنة ١٣١٣ هـ أو ١٣١٤ هـ.

١٠ - سلطان التواريخ

وهو اسم الترجمة الفارسيّة لكتاب (تأريخ الدولة العثمانيّة) ليوسف فون هامر (بورجستال)، المستشرق النمساوي الكبير (١٧٧٤ - ١٨٦٥ م)، والكتاب مؤلّف عظيم لا نظير له، وما زال ذا أهمية وقيمة إلى الآن؛ لأنّه يحوي أخبار لا توجد في مؤلّفات أخرى، لكنّ اُسلوبه صعب جدّاً، كثير التشبيهات، يشبه اُسلوب المؤرّخين العثمانيِّين.

ويقع في عشر مجلدات ضخام، وقد صنّف بورجستال لها خلاصة في أربعة مجلّدات (راجع ص ٧٣ من الكتاب)، انظر أيضاً في كتاب المستشرقون لنجيب العقيقي ٢ / ٦٢٨.

١١ - التأريخ النادري

تأليف ميرزا مهدي خان بن محمّد رضا المنشي النوري المازندراني، يبحث في تأريخ نادر شاه أفشار، من تأريخ انفراده بالسلطة سنة ١٢٤٥ هـ إلى يوم مصرعه في ليلة الأحد ١١ جمادي الأولى سنة ١١٦٠، ويُعرف أيضاً بـ (الدرّة النادرية). وقد طُبع مرّات عديدة أوّلها بطهران.

١٢ - مجالس المؤمنين

تأليف السيد نور الله المرعشي الشوشتري، أحد أعاظم فقهاء الإماميّة ومجتهديهم في القرن الحادي عشر الهجري، وكان قاضياً لمدينة لاهور، وقد استشهد سنة ١٠١٩ ضرباً بالسياط بأمر من جهانكير.

وكتابه مجالس المؤمنين مجموعة سير مدعمة أوفى تدعيم بالوثائق عن أكابر شهداء الإماميّة والصوفية في الإسلام، وقد تمّ طبعه سنة ١٠٧٣ في مدينة لاهور، وطُبع بعد ذلك مرّات عديدة.

١٧٧

١٣ - دلائل الدين

تأليف الحاج المولى عبد الله بن محمّد هادي ظهر الهرندي، من علماء أصفهان، أصله من قرية هرند من توابع أصفهان، كان فقيهاً فاضلاً، توفي في سنة ١٢٥٦، ودُفن في إمامزادة إسحاق في هرند.

وكتابه هذا يقع في ثلاث مجلّدات، يوجد ثانيها في مكتبة السيد محمّد مولانا (الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة ٢ / ٧٩١)، وقد ألّف الكتاب حوالي أواخر القرن الثاني عشر الهجري.

١٤ - تحفة العالم

تأليف السيد عبد اللطيف خان ابن السيد أبي طالب ابن السيد نور الدين ابن المحدّث الجزائري التستري، المولود سنة ١١٧٢. وعندما توفي والده هاجرها إلى العتبات المقدّسة في العراق سنة ١٢٠٢، ثمّ سافر إلى الهند، وكتب سوانحه ومشاهداته في البلدان التي مرّ بها، والفصل الخاص بالعراق قد كتبه حوالي سنة ١٢١٦، وهو ملحقٌ وذيلٌ لكتابه، وقد طُبعت في حيدر آباد سنة ١٣١٢ مع الذيل. (انظر: الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة - للعلاّمة المحقّق الشيخ آقا بزرك الطهراني ٢ / ٧٩٢).

١٥ - تأريخ كيتي كشا

تأليف الميرزا محمّد صادق الموسوي الملقّب بـ (نامي) مع ذيلين آخرين، وقد طُبع بتصحيح ومقدّمة الأستاذ العلاّمة سعيد نفيسي سنة ١٣١٧ ش هـ، وتنتهي حوادثه مع الذيلين بسنة ١٢٠٨ هـ، ويبحث في الدولة الزندية في إيران.

١٦ - فوائد الصفويّة

تأليف أبو الحسن بن إبراهيم القزويني، وألّفه في الهند باسم

١٧٨

محمد ميرزا الصفوي في حدود سنة ١٢١١، وهو مؤلّف قيّم في تاريخ الدولة الصفويّة. وقد اعتمد المؤلّف على النسخة الخطّية التي في مكتبة أغا ملك التجار في طهران، وهو كتاب قيّم ومفيد جدّاً؛ إذ ينفرد بكثير من الأخبار والحوادث لاسيما عن أواخر العصر الصفوي.

١٧ - مسير طالبي

تأليف أبو طالب خان بن حاجي محمّد بك خان. تركي الأصل (بواية دائرة المعارف الإسلاميّة)، ولد في لكنهو عام ١٧٥٢ م، قام برحلته عام ١٧٩٩ م إلى أوروبا وآسيا، وبقى في رحلته حتّى عام ١٨٠٢.

ووصف هذه الرحلة بعد عودته إلى كلكتّه سنة ١٨٠٣، وقد توفّي سنة ١٨٠٦، وطُبع كتابه بكلكته سنة ١٨١٢ م بعناية ولده ميرزا حسين علي ومير قدرت علي بعنوان (مسير طالبي في بلاد إفرنجي).

وظهرت في لندن بعد ذلك بعامين كما ظهرت سنة ١٨٢٧ م في كلكته نسخة مختصرة منه، وترجمه إلى الفرنسية، وقد زار كربلاء سنة ١٢١٧ هـ، أي بعد حادثة الوهابيّين بعام واحد.

١٨ - روضة الصفاي ناصري

تأليف أمير الشعراء الميرزا رضا قلي خان بن محمّد هادي الطبرستاني المتخلص في شعره بـ (هدايت)، ويقع في ثلاثة مجلّدات، ويُعتبر ذيلاً وتكملة لروضة الصفا، وقد طُبع عدّة مرّات؛ طبع في بمبي سنة ١٢٩١ هـ على الحجر، وآخر طبعة له في طهران سنة ١٣٧٤ في ثلاث مجلّدات.

والكتاب ذا قيمة عظيمة؛ لأنّه يعتمد على مصادر شرقية كثيرة لم ينشر معظمها، ويشمل الكتاب علاوة على الأحداث السياسية كثيراً من المعلومات الجغرافية والأدبية.

١٩ - فارسنامه ناصري

تأليف ميرزا حسين خان الطبيب الفسوي الحسيني الفارسي، المولود

١٧٩

سنة ١٢٣٧، والمتوفّى في رجب سنة ١٣١٦ هـ، وهو حفيد علي خان المدني صاحب (السلافة).

وقد قسّم كتابه إلى قسمين؛ أوّلهما يختص بأمراء فارس وملوكها من صدر الإسلام حتّى سنة ١٣١٠ هـ، وثانيهما في تأريخ شيراز وخصوصياتها، وقد طُبع الكتاب سنة ١٣١٣ هـ.

٢٠ - مجلد القاجارية من ناسخ التواريخ (تأريخ قاجار)

تأليف ميرزا محمّد تقي الكاشاني، الأديب والمؤرّخ الفارسي، المتخلص بـ (سبهر)، الذي ارتفع قدره عند الملوك القاجارية في إيران وصار مدّاحهم الخاص. وقد خلع عليه ناصر الدين شاه لقب (لسان الملك) في عام ١٢٧٢ هـ، وقد توفي سنة ١٨٧٨ م (١٢٩٦ هـ).

ومؤلّفه هذا الموسوم بـ (ناسخ التواريخ) الذي ينمّ عنوانه عن الغرور والادّعاء (انظر: دائرة المعارف الإسلاميّة ١ / ٢٦٨) يتألّف من ١٤ جزءاً، وقف المؤلّف في آخرها عند الإمام محمّد الباقر (عليه السّلام).

وهذا الذي نحن بصدده - أي تأريخ قاجار - هو المجلد الخامس من هذا التأريخ الضخم، وضمنه التأريخ الرسمي لأسرة قاجار الحاكمة، وهو يشتمل على ثلاثة أجزاء، ويستغرق الجزء الأوّل منه لسلطنة محمّد خان قاجار، والثاني في تأريخ محمّد شاه قاجار، والثالث في تأريخ ناصر الدين شاه القاجاري. (عادل).

٢١ - زنبيل فرهاد

تأليف الشاهزادة معتمد الدولة فرهاد ميرزا ابن عباس ميرزا ابن فتح علي شاه القاجاري المتوفّى سنة ١٣٠٥، وقد طُبع في إيران سنة ١٣٢٩ هـ في ٤٥٧ صفحة، جمعه الميرزا محمّد حسين المنشي العلي آبادي المازندراني.

ذكر في أوّله أنّه جمعه من خطوط الشاهزادة المذكور أيام كونه (فرمان فرما) بشيراز، ووالياً على فارس في سنة ١٢٩٣ هـ، وهو يشبه الكشكول في تنوّع

١٨٠

ثمّ يضيف :( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) ،( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) .(١)

في الحقيقة أنّ هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر ، وكذلك لأنّنا كما نعلم أنّ القمر يتجلى في الليل ، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه ، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سرّ عشاق الليل ، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عند ما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضيء وآخر السحر ، وطلوع الصبح المنهي الليل المظلم أصفى وأجمل من كل شيء حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.

هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد) ، ثمّ ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى :( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) .(٢)

إنّ الضمير في (إنّها) إمّا يرجع إلى «سقر» ، وإمّا يرجع إلى الجنود ، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة ، وأيّا كانت فإنّ عظمتها واضحة.

ثمّ يضيف تعالى :( نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) .(٣)

لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفّار والمذنبين وأعداء الحق.

وفي النهاية يؤكّد مضيفا أنّ هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة ، بل :( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) فهنيئا لمن يتقدم ، وتعسا وترحا لمن يتأخر.

واحتمل البعض كون التقدم إلى الجحيم والتأخر عنه ، وقيل هو تقدم النفس

__________________

(١) «أسفر» من مادة (سفر) على وزن (قفر) ويعني انجلاء الملابس وانكشاف الحجاب ، ولذا يقال للنساء المتبرجات (سافرات) وهذا التعبير يشمل تشبيها جميلا لطلوع الشمس.

(٢) «كبر» : جمع كبرى وهي كبيرة ، وقيل المراد بكون سقر إحدى الطبقات الكبيرة لجهنّم ، هذا المعنى لا يتفق مع ما أشرنا إليه من قبل وكذا مع الآيات.

(٣) «نذيرا» : حال للضمير في «أنّها» الذي يرجع إلى سقر ، وقيل هو تمييز ، ولكنه يصح فيما لو كان النذير مصدرا يأتي بمعنى (الإنذار) ، والمعنى الأوّل أوجه.

١٨١

الإنسانية وتكاملها أو تأخرها وانحطاطها ، والمعنى الأوّل والثّالث هما المناسبان ، دون الثّاني.

* * *

١٨٢

الآيات

( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) )

التّفسير

لم صرتم من أصحاب الجحيم؟

إكمالا للبحث الذي ورد حول النّار وأهلها في الآيات السابقة ، يضيف تعالى في هذه الآيات :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .

«رهينة» : من مادة (رهن) وهي وثيقة تعطى عادة مقابل القرض ، وكأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدي وظائفها وتكاليفها ، فإن أدت ما عليها فكت وأطلقت ، وإلّا فهي باقية رهينة ومحبوسة دائما ، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد

١٨٣

معانيها الملازمة والمصاحبة(١) ، فيكون المعنى : الكلّ مقترنون بمعية أعمالهم سواء الصالحون أم المسيئون.

لذا يضيف مباشرة :( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) .

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإيمان والعمل الصالح ويدخلون الجنّة بدون حساب.(٢)

وهناك أقوال كثيرة حول المقصود من أصحاب اليمين :

فقيل هم الذين يحملون كتبهم بيمينهم ، وقيل هم المؤمنون الذين لم يرتكبوا ذنبا أبدا ، وقيل هم الملائكة ، وقيل غير ذلك والمعنى الأوّل يطابق ظاهر الآيات القرآنية المختلفة ، وما له شواهد قرآنية ، فهم ذو وإيمان وعمل صالح ، وإذا كانت لهم ذنوب صغيرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلك بحكم( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٣) .

فحينئذ تغطّي حسناتهم سيئاتهم أو يدخلون الجنّة بلا حساب ، وإذا وقفوا للحساب فسيخفف عليهم ذلك ويسهل ، كما جاء في سورة الإنشقاق آية (٧) :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) .

ونقل المفسّر المشهور «القرطبي» وهو من أهل السنة تفسير هذه الآية عن الإمام الباقرعليه‌السلام فقال : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين وكل من أبغضنا أهل البيت فهم مرتهنون».(٤)

وأورد هذا الحديث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البيان ونور

__________________

(١) لسان العرب مادة : رهن.

(٢) قال الشّيخ الطوسي في التبيان أن الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون كصاحب (روح البيان) أنّه متصل ، وهذا الاختلاف يرتبط كما ذكرنا بالتفسيرات المختلفة لمعنى الرهينة ، وما يطابق ما اخترناه من التّفسير هو أن الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسير الثّاني يكون متصلا.

(٣) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٤) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٨٧٨.

١٨٤

الثقلين والبعض الآخر أورده تذييلا لهذه الآيات.

ثمّ يضيف مبيّنا جانبا من أصحاب اليمين والجماعة المقابلة لهم :

( فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ) (١) ( عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) .

يستفاد من هذه الآيات أن الرابطة غير منقطعة بين أهل الجنان وأهل النّار ، فيمكنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم ، ولكن ماذا سيجيب المجرمون عن سؤال أصحاب اليمين؟ إنّهم يعترفون بأربع خطايا كبيرة كانوا قد ارتكبوها :

الاولى :( قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

لو كنّا مصلّين لذكّرتنا الصلاة بالله تعالى ، ونهتنا عن الفحشاء والمنكر ودعتنا إلى صراط الله المستقيم.

والأخرى :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) .

وهذه الجملة وإن كانت تعطي معنى إطعام المحتاجين ، ولكن الظاهر أنه يراد بها المساعدة والإعانة الضرورية للمحتاجين عموما بما ترتفع بها حوائجهم كالمأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزكاة المفروضة ، لأنّ ترك الإنفاق المستحب لا يكون سببا في دخول النّار ، وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى على أنّ الزّكاة كانت قد فرضت بمكّة بصورة إجمالية ، وإن كان التشريع بجزئياتها وتعيين خصوصياتها وتمركزها في بيت المال كان في المدينة.

والثّالثة :( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) .

كنّا نؤيد ما يصدر ضدّ الحقّ في مجالس الباطل. نقوم بالترويج لها ، وكنّا معهم

__________________

(١) «يتساءلون» : وهو وإن كان من باب (تفاعل) الذي يأتي عادة في الأعمال المشتركة بين اثنين أو أكثر ، ولكنه فقد هذا المعنى هنا كما في بعض الموارد الأخرى ، ولمعنى يسألون ، وتنكير الجنات هو لتبيان عظمتها و (في جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو في جنات.

١٨٥

أين ما كانوا ، وكيف ما كانوا ، وكنّا نصدق أقوالهم ، ونضفي الصحة على ما ينكرون ويكذبون ونلتذ باستهزائهم الحقّ.

«نخوض» : من مادة (خوض) على وزن (حوض) ، وتعني في الأصل الغور والحركة في الماء ، ويطلق على الدخول والتلوث بالأمور ، والقرآن غالبا ما يستعمل هذه اللفظة في الإشتغال بالباطل والغور فيه.

(الخوض في الباطل) له معان واسعة فهو يشمل الدخول في المجالس التي تتعرض فيها آيات الله للاستهزاء أو ما تروج فيها البدع ، أو المزاح الواقح ، أو التحدث عن المحارم المرتكبة بعنوان الافتخار والتلذذ بذكرها ، وكذلك المشاركة في مجالس الغيبة والاتهام واللهو واللعب وأمثال ذلك ، ولكن المعنى الذي انصرفت إليه الآية هو الخوض في مجالس الاستهزاء بالدين والمقدسات وتضعيفها وترويج الكفر والشرك.

وأخيرا يضيف :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) .

من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية ، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم ، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق ، خصوصا إذا استمر إلى آخر العمر ، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفار هم مكلّفون بفروع الدين ، كما هم مكلّفون بالأصول ، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة ، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل ، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان ، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكانا للمصلين الواقعيين ، والمؤتين الزّكاة ، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هي عبادة الله ، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى ، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد بالله والتسليم لأوامره ، ويمكن القول إنّ هذه الأمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد ، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق ، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.

١٨٦

والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت ، لأنّه يعتبر أمر يقيني للمؤمن والكافر ، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضا في الآية (٩٩) من سورة الحجر :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة ، وهذا ما يتفق نوعا ما مع التّفسير الأوّل.

وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى :( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .

فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل الله والائمّة ، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل ، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية ، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية ، لا يكن للماء الزلال أن يحييها ، وبعبارة أخرى كما قلنا في بحث الشفاعة ، فإنّ الشفاعة من (الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر ، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المشفّع له يكون قد قطع قسطا من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير ، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق(١) .

وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند الله ، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة ، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطا وأنّها لا تعني إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وإيصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع ، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين الله تعالى والأولياء.

* * *

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، المجلد الأوّل ، ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة.

١٨٧

ملاحظة :

شفعاء يوم القيامة :

نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة :

١ ـ الشفيع الأوّل هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كما نقرأ في حديث حيث قال : «أنا أوّل شافع في الجنّة»(١) .

٢ ـ الأنبياء من شفعاء يوم القيامة ، كما ورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلّا الله مخلصا فيخرجونهم منها»(٢) .

٣ ـ الملائكة من شفعاء يوم المحشر ، كما نقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا»(٣) .

٤ ، ٥ ـ الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»(٤)

٦ ، ٧ ـ العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء»(٥) .

وورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يشفع الشّهيد في سبعين إنسانا

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ١٢.

(٣) مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٤٣.

(٤) الخصال للصدوقرحمه‌الله ، ص ٦٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣.

١٨٨

من أهل بيته»(١) .

وفي حديث آخر نقله المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر»(٢) .

ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة.

٨ ـ القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع»(٣) .

٩ ـ من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغ الرجل التسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله»(٤) .

١٠ ـ العبادة : كما جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»(٥) .

١١ ـ ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعا في يوم القيامة.(٦)

١٢ ـ والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ الله تعالى أيضا يكون شافعا للمذنبين في يوم القيامة ، كما ورد في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي»(٧) .

والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(٨)

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ١٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٠ ، ص ١٤.

(٣) نهج البلاغة الخطبة ، ١٧٦.

(٤) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٨٩.

(٥) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٧٤.

(٦) مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ١٤.

(٧) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٤٩.

(٨) للاستيضاح يمكن مراجعة كتاب مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٣١١.

١٨٩

ونكرر أنّ للشفاعة شروطا لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين ، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع ، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحا مفصلا في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة)

* * *

١٩٠

الآيات

( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) )

التّفسير

يفرّون من الحق كما تفرّ الحمر من الأسد :

تتابع هذه الآيات ما ورد في الآيات السابقة من البحث حول مصير المجرمين وأهل النّار ، وتعكس أوضح تصوير في خوف هذه الجماعة المعاندة ورعبها من سماع حديث الحقّ والحقيقة.

فيقول الله تعالى أوّلا :( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) (١) لم يفرّون من دواء

__________________

(١) «ما» مبتدأ و (لهم) خبر و (معرضين) حال الضمير لهم (وعن التذكرة) جار ومجرور ومتعلق بالمعرضين ، وقيل تقديم (عن التذكرة) على (معرضين) دلالة على الحصر أي أنّهم أعرضوا عن التذكرة المفيدة فقط ، على كل حال فإنّ المراد من التذكرة هنا كلّ ما هو نافع ومفيد وعلى رأسها القرآن المجيد.

١٩١

القرآن الشافي؟ لم يطعنون في صدر الطبيب الحريص عليهم؟ حقّا إنّه مثير( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

«حمر» : جمع (حمار) والمراد هنا الحمار الوحشي ، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد والصياد ، وبعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي والأهلي.

«قسورة» : من مادة (قسر) أي القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل هو السهم ، وقيل الصيد ، ولكن المعنى الأوّل أنسب.

والمشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد ، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون ، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها ، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها.

وهذا الحيوان وحشي ويخاف من كل شيء ، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟!

على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين وفرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح ، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل والشعور ، وكذلك لتوحشّهم من كل شيء ، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.

( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١) ، وذلك لتكبّرهم وغرورهم الفارغ بحيث يتوقعون من الله تعالى أن ينزل على كلّ واحد منهم كتابا.

وهذا نظير ما جاء في الآية (٩٣) من سورة الإسراء :( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى

__________________

(١) «صحف» : جمع صحيفة ، وهي الورقة التي لها وجهان ، وتطلق كذلك على الرسالة والكتاب.

١٩٢

تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) .

وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول :( قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ) .

وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.

وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك.(١)

ولذا يضيف في الآية الأخرى :( كَلَّا ) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة( بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ) .

إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.

ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ :( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) .

إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل

__________________

(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.

١٩٣

ليرى الإنسان موضع أقدامه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن ذلك إلّا بتوفيق من الله وبمشيئته تعالى ، وما يذكرون إلّا ما يشاء الله.

ولهذا الآية عدّة تفاسير :

إحداها : كما ذكرناه سابقا ، وهو أن الإنسان لا يمكنه الحصول على طريق الهداية إلّا بالتوسل بالله تعالى وطلب الموفقية منه.

وطبيعي أن هذا الإمداد والتوفيق الإلهي لا يتمّ إلّا بوجود أرضية مساعدة لنزوله.

والتّفسير الآخر : ما جاء في الآية السابقة :( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) يمكن أن يوجد وهما وأنّ كل شيء مرتبط بإرادة الإنسان نفسه ، وأنّ إرادته مستقلة في كل الأحوال ، وتقول هذه الآية رافعة بذلك هذا الاشتباه ، إنّ الإنسان مرتبط بالمشيئة الإلهية ، وإن هذه الآية مختارا حرّا وهذه المشيئة هي الحاكمة على كل هذا العالم الموجود ، وبعبارة اخرى : إنّ هذا الاختبار والحرية والمعطاة للإنسان في بمشيئته تعالى وإرادته ، ويمكن سلبها أنّى شاء.

وأمّا التّفسير الثّالث فإنّه يقول : إنّهم لا يمكنهم الإيمان إلّا أن يشاء الله ذلك ويجبرهم ، ونعلم أنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان أو الكفر ، والتّفسير الأوّل والثّاني أنسب وأفضل.

وفي النهاية يقول :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) .

فهو أهل لأن يخافوا من عقابه وأن يتقوا في اتّخاذهم شريكا له تعالى شأنه ، وأن يأملوا مغفرته ، وفي الحقيقة ، أنّ هذه الآية إشارة إلى الخوف والرجاء والعذاب والمغفرة الإلهية ، وهي تعليل لما جاء في الآية السابقة ، لذا نقرأ

في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قال الله : أنا أهل

١٩٤

أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي شيئا أن ادخله الجنّة»(١) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين ـ كما رأينا ـ قد أخذوا التقوى هنا بمعناها المفعولي ، وقالوا إنّ الله تعالى أهل لأن يتّقى من الشرك والمعصية ، ولكن هناك احتمالا آخر ، وهو أنّ تؤخذ بمعناها الفاعلي ، أي أن الله أهل للتقوى من كلّ أنواع الظلم والقبح ومن كل ما يخاف الحكمة ، وما عند العباد من التقوى هو قبس ضعيف من ما عند الله ، وإنّ كان التعبير بالتقوى بمعناه الفاعلي والذي يقصد به الله تعالى قليل الاستعمال ، على كل حال فإنّ الآية قد بدأت بالإنذار والتكليف ، وانتهت بالدعوة إلى التقوى والوعد بالمغفرة.

ونتعرض هنا بالدعاء إليه خاضعين متضرعين تعالى :

ربّنا! اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة.

اللهم! إن لم تشملنا ألطافك فإنّنا لا نصل إلى مرادنا ، فامنن علينا بعنايتك.

اللهم! أعنّا على طريق مليء بالمنعطفات والهموم والمصائد الشيطانية الصعبة ، وأعنا على الشيطان المتهيئ لإغوائنا ، فبغير عونك لا يمكننا المسير في هذا الطريق.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المدّثّر

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٥.

١٩٥
١٩٦

سورة

القيامة

مكيّة

وعدد آياتها أربعون آية

١٩٧