يزيد على الأُمّة، وما ارتكب من مخازٍ ومآثم؛ حيث قتل الحسينعليهالسلام
وصحبه في الأولى، وأباح المدينة في الثانية، وهدم الكعبة في الثالثة، ولو مُدّ له في العمر لمدّ حبل الموبقات.
لنشير بالصراحة إلى أنّه لم يكن هناك مجال آخر أمام الحسينعليهالسلام
من الناحية الدينية، حفاظاً منه على مسيرة الأُمّة إلاّ الخروج والثورة.
المستوى الثالث: انسجام العمل الثوري الذي قام به الحسينعليهالسلام
مع الأصول الدينية التي يؤمن بها.
فهو من جهة روى عن رسول اللهصلىاللهعليهوآله
: «مَنْ رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعلٍ، ولا بقولٍ كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله».
وقد طبّق هذا على الوضع الموجود آنئذ: «ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ مَنْ غيّر».
ولو لم يفعل ما فعله لكان متناقضاً (والعياذ بالله)، فكيف يقول من جهة أنّ يزيد هكذا، ثمّ يُسالمه ويبايعه، ويترك الأمر له؟!
إنّ مبايعة الحسينعليهالسلام
ليزيد وسكوته عنه، يعني إمضاء الخطأ الذي ارتكبه معاوية بتولية ابنه يزيد شؤون الخلافة، وهو الخطأ الذي وقف أمامه الحسينعليهالسلام
في أيّام معاوية عندما قال له: «لعلك تصف غائباً، أو تنعت محجوباً، فخلّ بين يزيد وبين الكلاب المهارشة عند التهارش، والحمام السبق لأترابهن، ودع عنه ما تحاول من الخلافة».
فهل يمضي اليوم ما رفضه بالأمس؟! وهل يمضي ببيعته ليزيد أعماله المخالفة للدين؟!
إنّه حينئذ يفقد صفات الإمامعليهالسلام
.
قد يقول قائل: أنّ الحسينعليهالسلام
لو ترك يزيد وشأنه، فلا هو يثور عليه،