الحرب الإعلامية أثناء المعركة وبعدها.
وإذا علمنا أنّ من الزبيريين مَنْ كان شغله التأريخ وذكر الأنساب؛ فغذّوا المصادر التاريخية بعدهم بالمعلومات المشوّهة لحركة المختار وشخصيته بما يصل في بعضها إلى التناقض أو التضاد، ولكنّ ذلك لا يهم إذا كان الغرض عندهم يتحقّق.
وربّما وصلت تأثيرات تلك الحرب الإعلامية إلى الوسط الذي كان يؤيّد حركة المختار؛ ممّا يشير إليه النهي الصادر عن الإمامعليهالسلام
بأن لا يسبّوا المختار ولا يتكلّموا ضدّه.
فعن أبي جعفر الباقرعليهالسلام
: «لا تسبّوا المختار؛ فإنّه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوّج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة».
وقد رواه الكشّي بسنده عن حمدويه، عن يعقوب، عن ابن أبي عُمير، وهم ثقات، عن هشام بن المثنى، وهو وإن لم يوثّق توثيقاً خاصّاً إلاّ إنّه ممّن روى عنه المشايخ الثقات، عن سدير والد حنان، وهو ممدوح وممّن روى عنه المشايخ الثقات، وقد استحسن هذا الطريق في الخلاصة، وكذا السيد ابن طاووس.
وعن الصادقعليهالسلام
بسند حسن: «ما امتشطت فينا هاشمية، ولا اختضبت حتّى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسينعليهالسلام
».
رواه الكشّي عن إبراهيم بن محمّد بن العبّاس الختلي (وهو ممدوح)، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن الحسن بن علي (بن عبد الله بن المغيرة)، عن العبّاس بن عامر، عن سيف بن عُميرة، عن جارود بن المنذر (هؤلاء تقات إماميون).
والغريب أنّ هذه الحملة المضادّة للمختار اشترك فيها (المتخاصمان) من الأمويين الذين انتقم منهم ومن أنصارهم، ومن الزبيريين الذين ثار على واليهم في الكوفة، وهم الذين تحالفوا فيما بعد مع مَنْ استطاع الهرب من قتلة الحسينعليهالسلام
، وعملوا على تلك الحملة بشكل دقيق