المواسم والمراسم

المواسم والمراسم0%

المواسم والمراسم مؤلف:
الناشر: معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 85

المواسم والمراسم

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
الناشر: معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 85
المشاهدات: 54692
تحميل: 7398

توضيحات:

المواسم والمراسم
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 85 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54692 / تحميل: 7398
الحجم الحجم الحجم
المواسم والمراسم

المواسم والمراسم

مؤلف:
الناشر: معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تعظيم شعائر الله سبحانه

وقد استدلّ بعض الأصدقاء(١) في مقال له حول نفس هذا الموضوع بقوله تعالى :( ذلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللّهِ فَإِنّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى‏ أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (٢) .

على اعتبار أنّ شعائر الله سبحانه هي أعلام دينه ، خصوصاً ما يرتبط منها بالحج ، كما قال القرطبي ؛ لأن أكثر أعمال الحج إنما هي تكرار لعمل تاريخي ، وتذكير بحادثة كانت قد وقعت في عهد إبراهيمعليه‌السلام ، وشعائر الله مفهوم عام شامل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولغيره ، فتعظيمهصلى‌الله‌عليه‌وآله لازم.

ومن أساليب تعظيمه إقامة الذكرى في يوم مولده ونحو ذلك ، فكما أنّ ذكرى ما جرى لإبراهيمعليه‌السلام من تعظيم شعائر الله سبحانه ، كذلك تعظيم ما جرى للنبي الأعظم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يكون من تعظيم شعائر الله سبحانه.

ونقول : إنّه لا بدّ من إصلاح هذا الاستدلال ، والقول : بأنّه لا يتوقّف على دعوى أنّ شعائر الحج ما هي إلاّ تكرار لحوادث تاريخية ، ليمنع ذلك بعدم ثبوت ذلك أوّل ، وأنه قد كان يمكن التذكير بحوادث تاريخية مهمة جداً غيره ، ولعلّ بعضها أهم بكثير من قضية التحيّر بين الصفا والمروة في طلب الماء ، أو نحوه مما يذكر هنا.

كما لا يرد على هذا الاستدلال أنّ تفسير القرطبي للشعائر بأعلام الدين - الذي هو معنى عام - لا ينافي اختصاص هذا التعبير في القرآن ب- (أعمال الحج) ومواضعه ، لا يرد عليه ذلك ؛ لأن العبرة إنما هي بعموم اللفظ لا بخصوصية المورد.

ولكن يلاحظ : إنّ القرآن يكرّر ويؤكّد على أنّ في هذه الشعائر منافع للناس ، فهو يقول في الآية السابقة وهو يتحدّث عن أعمال الحج :( ذلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللّهِ فَإِنّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى‏ أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) كما ويشير إلى أنّ عمل الحج نفسه يحصل الناس فيه على المنافع ، كما قال تعالى :( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) .

وفي آية اُخرى في نفس الموضوع ، نجده تعالى يقول :( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا صَوَافّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ كَذلِكَ سَخّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَن يَنَالَ اللّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلكِن يَنَالُهُ التّقْوَى‏ مِنكُمْ ) (٣) .

وقد أطلق في القرآن لفظ المشعر الحرام على المزدلفة ، كما وأطلق على الصفا والمروة أنهما من شعائر الله …

____________________

(١) المستدل هو صديقنا الشيخ رسول جعفريان حفظه الله في مقال له حول هذا الموضوع.

(٢) سورة الحجِّ / ٣٢ - ٣٣.

(٣) سورة الحجِّ / ٣٦ - ٣٧.

٢١

فالظاهر أنّ المراد هو أنّ هذه الأماكن ، وكذلك البدن التي يشعرها الحاج ويعلمها إنّما هي من أعلام المناسك ، ودلائله المظهرة لكمال انقياد العباد له تعالى ، فلا يجوز التعدّي على هذه الأعلام ، ولا يجوز تجاوزها ، بل لا بدّ من تعظيمها والتقيّد بها ، وقد ورد النهي عن تجاوزها وتعدّيها في قوله تعالى :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحِلّوا شَعَائِرَ اللّهِ وَلاَ الشّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْىَ وَلاَ الْقَلاَئِدَ وَلاَ آمّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِن رَبّهِمْ وَرِضْوَاناً ) (١) وقبل آية تعظيم شعائر الله تجده تعالى يقول وفي نفس المناسبة :( ذلِكَ وَمَن يُعَظّمْ حُرُمَاتِ اللّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لّهُ عِندَ رَبّهِ ) (٢) فنجد أنّ هذا السياق متّحد مع سياق الآية التي استدلّ بها هنا.

وبعد كل ما تقدّم نقول : إنّ الاستدلال بالآية يتوقّف على كون مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذا يوم عاشوراء مثل ، وغير ذلك من المناسبات من شعائر الله ، أي من أعلام الله التي نصبها لطاعته ؛ ليجب تعظيمها… وكما يقال : العرش ثمّ النقش ؛ فإنّ قوله تعالى :( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) يشعر بأنّ كونها من الشعائر يحتاج إلى جعل منه تعالى.

وذكّرهم بأيّام الله

وقد استدلّ أيضاً على مشروعية المواسم والمراسم بقوله تعالى مخاطباً موسىعليه‌السلام :( وَذَكّرْهُم بِأَيّامِ اللّهِ ) (٣) ، فإنّ المقصود بأيّام الله أيّام غلبة الحق على الباطل ، وظهور الحق ، وما نحن فيه من مصاديق الآية الشريفة ؛ فإنّ إقامة الذكريات والمواسم فيها تذكير بأيّام الله سبحانه(٤) .

ونقول : إنّ ما تدلّ عليه الآية هو التذكير بالاُسلوب العادي والمعروف ؛ وأمّا الخصوصية فلا تفهم من الآية ، وقد روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : (( كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطبنا فيذكّرنا بأيّام الله ، حتّى نعرف ذلك في وجهه ، كأنه نذير قوم يصبحهم الأمر غدوة ))(٥) .

وعن اُبيّ بن كعب : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ يوم الجمعة ( تبارك ) وهو قائم , فذكّرنا بأيّام الله(٦) .

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( بينما موسىعليه‌السلام في قومه يذكّرهم بأيّام الله ، وأيّام الله نعمه وبلاؤه ، إذ قال …))(٧) .

____________________

(١) سورة المائدة / ٢.

(٢) سورة الحجِّ / ٣٠.

(٣) سورة إبراهيم / ٥.

(٤) المستدل بذلك هو الصديق المشار إليه آنفاً في مقال له حول هذا الموضوع وذكر هذا الاستدلال أيضاً عن بعضهم في كتاب : القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٧٣.

(٥) مسند أحمد ١ / ١٦٧.

(٦) سنن ابن ماجة ١ / ٣٥٢ - ٣٥٣.

(٧) مسند أحمد ٥ / ١٢١.

٢٢

فذلك كلّه يدلّ على أنّ التذكير بأيّام الله كان يتخذ صفته الطبيعية والعادية ، ولو للأفراد على انفراد ، ولم يكن يقيم لهم احتفالات ومراسم معيّنة في أوقات مخصوصة من أجل ذلك ، إلاّ أن يقال : إنّ أمر تعيين المصداق قد ترك إلينا ، كما سيأتي ، فتكون الآية من أدلّة العنوان العام.

كما أنّ المقصود بأيّام الله … لعلّه تلك الأيّام التي تحدث فيها خوارق العادات ، وتظهر فيها الآيات أيّام بطشه بالظالمين ، وأخذه لهم أخذ عزيز مقتدر ، وكذا الحال بالنسبة لآية :( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ) فلا تشمل الآية ما هو محل الكلام هنا.

الفرح بفضل الله سبحانه

وقد استدلّ أيضاً بقوله تعالى :( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) ، إذ من المصاديق الجليّة لرحمة الله سبحانه هو ولادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، فالفرح بمناسبة ميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله مطلوب ومراد(١) .

ولكننا نقول : الآية تدلّ على لزوم الفرح برحمة الله سبحانه وفضله ؛ أمّا الخصوصية فلا تدل عليه ، وحينما يصف الله الإنسان بأنه فرح فخور فإنّ ذلك لا يعني إلاّ ثبوت هذه الحالة النفسية له ، ولا تدلّ على أنه يقيم الحفلات ويلتزم بالمواسم والمراسم ، كما هو محل البحث هنا ، إلاّ أن يقال : إنّ أمر تعيين الكيفية والمصداق قد أوكل إلينا ، كما سبق في الآية السابقة.

مناسك الحجِّ تكرار للذكرى

واستدلّ بعض العلماء : بأنّ جلّ أعمال مناسك الحج ما هي إلاّ احتفالات بذكرى الأنبياء ، فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلّى ؛ إحياءً لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة وتصعد عليهما لتنظر هل ترى من أحد - كما ذكر البخاري -.

ورميُ الجمار تخليد لذكرى إبراهيمعليه‌السلام حينما ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان , فرماه بسبع حصيات فساخ.

وذبحُ الفداء إنما هو تخليد لذكرى إبراهيم أيضاً حينما أمر بذبح ولده إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم.

وفي بعض الأخبار : إنّ أفعال الحج إنّما هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجة بعرفات ، فأفاض به جبريل حتّى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه ، فلمّا أصبح أفاض إلى منى ؛ فحلق رأسه إمارة على قبول توبته وعتقه من الذنوب ، فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذرّيته.

____________________

(١) راجع : القول الفصل / ٧٣ ، ومقالة الصديق المشار إليه آنفاً.

٢٣

فأفعال الحج كلّها تصير احتفالات وأعياداً بذكرى الأنبياء ومَن ينتسب إليهم ، وهي باقية أبد الدهر(١) .

ونقول :

أوّلاً : إنّ هذا الاستدلال يتوقّف على ثبوت الروايات المشار إليها آنفاً ، على كون قوله تعالى :( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) قد جيء به للإشارة إلى هذا الأمر التاريخي.

والآية إنّما أوردت كلمة( مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ) للإشارة إلى موضوع الحكم ، وليس عنوان هذا الموضوع دخيلاً في ثبوت ذلك الحكم ، لا بنحو الاقتضاء ولا بنحو العليّة التامة ، ولعلّه تكون العلة للحكم أمراً آخر ، ويكون العنوان من قبيل لفظ (زيد) في قولك : أكرم زيداً.

كما ويرد هنا سؤال ، وهو : لماذا اختصّت هذه الأحداث بأن يقام لها هذا الاحتفال الدائم أبد الدهر ، مع أنه قد توجد أحداث أعظم أهمية وأشدّ خطراً منها ؟ لماذا لم تخلّد هي أيضاً باحتفالات على نحو تخليد هذه… ولتكن إحدى هذه الأحداث ولادة السّيد المسيح من دون أب ، وقصة غرق فرعون ، ومحاولة إحراق إبراهيم بالنار فكانت برداً وسلاماً ، وقصة الطوفان ، وغير ذلك ؟

ثانياً : إنّ هذه الذكريات قد أمر الشرع بها وشرّع الحكم بلزوم العمل به ، وهذا لا ينكره المانعون وإنما هم يقولون : إنّ ما لم يرد به الشرع يكون بدعة وحرام ، وهذا مما قد ورد الشرع به ، فلا إشكال فيه ، وإنما الإشكال فيما عداه.

الاستدلال بما جرى ليعقوب

واستدلّ أيضاً على مشروعية الاحتفالات والمراسم بحزن يعقوب على فراق ولده يوسف ، حتّى ابيضّت عيناه من الحزن ، فلم يجز له بعد موت ولده العزيز على قلبه - مع أنّ حرقته عليه أعظم - أن يظهر التفجّع عليه ، ويقيم المراسم في هذا السبيل(٢) .

ونقول : إنّ ذلك لا ربط له بإقامة المراسم والمواسم في زمان معيّن ، وفي مكان معيّن ، فإنّ مجرد الحزن والأسى لا مانع منه ، ولكن الزيادة على ذلك هي التي تحتاج إلى إثبات بنظر المانع ، والآيات لا تدلّ على أكثر من ممارسة التوجّع والتفجّع والحزن.

واستدلّ أيضاً بقوله تعالى :( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٣) فإنّ الاحتفالات بميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هي إلاّ رفع لذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

____________________

(١) راجع كتاب : معالم المدرستين ١ / ٤٧ - ٤٩ ، للعلاّمة العسكري حفظه الله تعالى.

(٢) راجع كتاب آثين وهابيّت / ١٨٠ - ١٨١ للعلاّمة السبحاني حفظه الله.

(٣) الانشراح / ٤.

(٤) آثين وهابيّت / ١٨٤ للعلاّمة السبحاني حفظه الله.

٢٤

ويمكن المناقشة في ذلك : بأنّ رفع ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قِبَل الله سبحانه إنما هو بجعله نبيّاً رسول ، وليس في الآية أمر متعلّق بالمكلّفين يطلب منهم إقامة احتفالات ، ولا غير ذلك.

وقد ورد في الروايات أنّ المراد برفع ذكره ما هو واقع من ذكر الشهادة بنبوّته إلى جانب الشهادة لله بالوحدانية في الأذان وفي غيره ، وقيل في تفسير الآية غير ذلك أيضاً.

آية المودّة

واستدلّ أيضاً بأنّ مودّة ذوي القربى مطلوبة شرعاً ، وقد أمر بها القرآن صراحة ، فإقامة الاحتفالات للتحدّث عمّا جرى للأئمةعليهم‌السلام لا يكون إلاّ مودّة لهم ، إلاّ أن يدّعى : إنّ المراد بالمودّة الحب القلبي ، ولا يجوز الإظهار.

ونقول : صحيح أنّ إرادة الحب القلبي مجرّداً ، ومن كلمة (المودّة) ، لا يمكن تقويته ، لا سيّما وأنّ بعض المحقّقين يقول في تفسير المودّة : كأنها الحب الظاهر أثره في مقام العمل(١) . ولكن يمكن المناقشة فيما ذكر : بأنّ مودّتهم تحصل من دون إقامة احتفالات ، فالمانع يدّعي : إنّ الخصوصية للزمان وللمكان وللتجمّع ، وللمراسم الخاصة يحتاج جوازها إلى إثبات ، إلاّ إذا لزم بالأمر بالعنوان العام ، وترك أمر تعيين المصاديق إلينا ، كما سيأتي بيانه ، مع عدم كون الخصوصية مورداً للحكم الشرعي ، ولا للتعبّد بإتيانها ، ولعلّ هذا هو مراد المستدل ، فلا إشكال حينئذ.

ونفس ما تقدّم يقال بالنسبة إلى استدلاله بآية :( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ ) (٢) .

آية المائدة

واستدلّ أيضاً بقوله تعالى :( رَبّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السّمَاءِ تَكُونَ لَنَا عِيداً ِلأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرّازِقِينَ ) (٣) . فقد اعتبر يوم نزول المائدة السماوية عيداً وآية ، مع أنّها لأجل إشباع البطون. فيوم ميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويوم بعثته ، الذي هو مبدأ تكامل فكر الأمم على مدى التاريخ ، أعظم من هذه الآية ، وأجل من ذلك عيداً ، فاتخاذه عيداً يكون بطريق أولى(٤) . ويمكن الجواب عن ذلك : بأنّ العيد المشار إليه في الآية قد جاء على وفق الحالة الطبيعية للأعياد عادة ؛ لأنّ المائدة تنزل في وقت معيّن ، وقد طلب عود نزولها واستمراره ، ثمّ يجتمع الناس عليها للاستفادة منه ، ولا بدّ من أن يحصل الفرح والابتهاج بها.

فكل الخصوصيات المعتبرة في العيد لا بدّ وأن تحصل بتبرّع منا , مع عدم المساهمة الشرعية لا في حصولها ، ولا في إمضائها وجعل المشروعية لها.

____________________

(١) راجع تفسير الميزان ١٦ / ١٦٦.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) سورة المائدة / ١١٤.

(٤) راجع : أئين وهابيّت / ١٨٢-١٨٣.

٢٥

السُّنّة الحَسَنة والسُّنّة السيّئة

وأمّا الاستدلال على مشروعية الاحتفالات والمواسم بأنها من السنن الحسنة فسيأتي حين الرد على ما يتذرّع به المانعون أنه لا يصلح للاستدلال به ، فلا حاجة إلى التكرار هنا.

والضحى …

واستدلّوا أيضاً على مشروعية الاحتفالات والمواسم : بأنّ الله سبحانه وتعالى قد أقسم بالضحى ، وبالليل إذا سجى ، وقد روي أنّ المراد ليلة المولد ، أو ليلة المعراج.

والجواب : إنّ ذلك يدلّ على أهمية هذه الليلة وامتيازه ، ولكنه لا يدلّ على مشروعية إقامة الموالد والمواسم في زمان معيّن ، أو في مكان معيّن ، بل ليس فيها أية إشارة إلى أيّ نحو من أنحاء التجمّعات ، لا نفياً ولا إثباتاً.

الفصل الثالث

بماذا يتذرّع المانعون ؟

أدلّة القائلين بحرمة الاحتفالات والأعياد

إنّ مَن يراجع كلمات هؤلاء القوم يجد أنهم يستدلّون لِما يذهبون إليه ، بأدلّة استنباطية وروائيّة ، وإن كانت كلماتهم قد جاءت في الأكثر خطابية وشعارية … فلا بدّ أوّلاً من إيراد جانب منه ، ثمّ استخلاص ما يمكن استخلاصه مما أوردوه على شكل استدلال ومستند لهم ولكن لا بدّ وأن يجد القارئ بعض التكرار ، الذي حاولنا الاحتراز منه قدر الإمكان ، فلم يحالفنا التوفيق التام في ذلك.

____________________

(١) ستأتي الروايات ومصادرها حين الرد على ما يتذرّع به المانعون , فلا حاجة إلى ذكرها هنا أيضاً.

٢٦

كلمات واستدلالات

جاء في هامش كتاب فتح المجيد ما نصّه : وهي التي يسمّيها الناس اليوم (الموالد والذكريات) ، التي ملأت البلاد باسم الأولياء وهي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم ، ولذلك لا يذكر الناس ويعرفون إلاّ مَن أقيمت له هذه الذكريات ، ولو كان أجهل خلق الله وأفسقهم فكلّما كسدت سوق طاغوت من هؤلاء ، قامت السدنة بهذا العيد لتحيي في نفوس العامة عبادته ، وتكثر الهدايا والقرابين باسمه.

وقد امتلأت البلاد الإسلامية بهذه الذكريات ، وعمّت المصيبة ، وعادت بها الجاهلية إلى بلاد الإسلام ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ، ولم ينجَ منها إلاّ نجد والحجاز ، فيما نعلم بفضل الله ، ثمّ بفضل آل سعود الذين قاموا بحماية دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وقال في قرة العيون : وقد أحدث هؤلاء المشركون أعياداً عند القبور التي تعبد من دون الله ، ويسمّونها عيد ، كمولد البدوي بمصر وغيره ، بل هي أعظم ؛ لِما يوجد فيها من الشرك والمعاصي العظيمة(١) .

وقالوا أيضاً : والمستقرئ لشؤون البشر ، وما يطرأ عليها من التطورات الصالحة والفاسدة يعرف حقيقة هذه الأعياد الجاهلية ، بما يرى اليوم من الأعياد التي يسمّيها أهل العصر (الموالد) ، أو يسمّونها الذكريات ، لمعظّميهم من موتى الأولياء وغيرهم ، ولحوادث يزعمون أنها كان لها شأن في حياتهم من ولادة ولد ، أو تولّي ملك ، أو رئيس ، أو نحو ذلك.

وكل ذلك إنما هو إحياء لسنن الجاهلية ، وإماتة لشرائع الإسلام من قلوبهم ، وإن كان أكثر الناس لا يشعرون بذلك ؛ لشدّة استحكام ظلمة الجاهلية على قلوبهم ، ولا ينفعهم ذلك الجهل عذر ، بل هو الجريمة كل الجريمة التي تولد عنها كل الجرائم من الكفر ، والفسوق ، والعصيان(٢) .

وقال المرشدي : وقد ابتلي الناس بهذا ، لا سيّما في مولد البدوي(٣) .

والمراد أنهم ابتلوا بنقل الدراهم والشمع.

____________________

(١) فتح المجيد بشرح عقيدة التوحيد ، هامش / ١٥٤ و ١٥٥.

(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ، هامش / ١٩١.

(٣) فتح المجيد بشرح عقيدة التوحيد ، هامش / ١٦٠.

٢٧

وحول ولد البدوي فقد قالوا أيضاً : ويقام له كل عام ثلاثة موالد ، يشدّ الرحال إليها الناس من أقصى القطر المصري ، ويجتمع في المولد أكثر من ثلاث مئة ألف حاج إلى هذا الصنم الأكبر عجّل بهدمه وحرقه ، هو وغيره من كل صنم في مصر وغيرها(١) . وقد استدلّوا أيضاً بما روي عن أبي هريرة ، قال : قال رسول للهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، ولا تجعلوا قبري عيداً ، وصلّوا عليّ ؛ فإنّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم )). وروي بمعناه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن السجاد زين العابدينعليه‌السلام ، وعن الحسن بن الحسن بن علي ، وعن أبي سعيد مولى المهري(٢) .

وقد نهى عمر عن اتخاذ آثار الأنبياء أعياداً(٣) . وقال ابن تيمية : وقد تقدّم أنّ اتخاذ المكان عيداً هو اعتياد إتيانه للعبادة عنده ، أو غير ذلك(٤) . وقال : وفي الحديث دليل على منع شدّ الرحل إلى قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى قبر غيره من القبور والمشاهد ؛ لأن ذلك من اتخاذها أعياداً(٥) . وقال : يشير إلى أنّ ما ينالني منكم من الصلاة والسّلام يحصل مع قربكم من قبري وبُعدكم منه ، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيداً(٦) .

وقال : ربما اجتمع القبوريّون عندها اجتماعات كثيرة في مواسم معيّنة ، وهذا بعينه الذي نهى عنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : (( لا تتخذوا قبري عيداً )) وبقوله : (( لعن الله اليهود ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ ))(٧) .

وقال المناوي في فتح القدير : معناه النهي عن الاجتماع لزيارته ، واجتماعهم للعيد ؛ إمّا لدفع المشقّة ، أو كراهة أن يتجاوزوا حدّ التعظيم(٨) .

____________________

(١) المصدر السابق.

(٢) راجع سنن أبي داود ٢ / ٢١٨ ، ومسند أحمد ٢ / ٣٦٧ ، وعون المعبود ٦ / ٣٤ الضياء في المختارة ، وأبي يعلى ، والقاضي إسماعيل ، وسعيد بن منصور في سننه ، ومجمع الزوائد ٤ / ٣.

واستدلّوا بهذا الحديث في الكتب التالية : عقيدة التوحيد / ٢٥٦-٢٥٧-٢٦٠ ، وفتح المجيد / ٢٥٨و٢٥٩ ، وكشف الارتياب ٤٤٩ عن رسالة زيارة القبور لابن تيمية ، وعن الوفاء للسمهودي ، وشفاء السقام(المقدمة) / ١١٨ و٦٥ و٦٦ عن مصنف عبد الرزاق ، والصارم المنكي / ١٧٩ و ١٧٤ و ١٧٣ و ١٧٢ و ٢٦٢ و ٢٨٠ و٢٨١ و ٢٨٣ و ٢٩٦ و ٢٩٨ و ٣٠٠ و ٣٠٢ و ٣٠١ و ٢٩٩ و ٢٩٧ ، والتوسل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وجهلة الوهابيِّين / ١٥١ و١٣٣ و١٢٢ ، واقتضاء الصراط المستقيم / ١٩٠ و٣١٣ و٣٢١ و ٣٢٢ و٣٦٨ و ٣٧٥ و٣٧٦ و٣٧٨ وراجع / ٣٨٣ و ١٠٩ و١١٠ عن أبي يعلى ، ومحمد بن عبد الواحد المقدسي في مستخرجه ، وسعيد بن منصور ، وزيارة القبور الشرعية والشركية / ١٤.

(٣) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣١٣.

(٤) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٧٨.

(٥) عون المعبود ٦ / ٣٢ ، وفتح المجيد / ٢٦١.

(٦) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٢٣ ، وعون المعبود ٦ / ٣٣ ، وفتح المجيد / ٢٥٧ ، والصارم المنكي / ١٧٢ و ٢٩٨ وزيارة القبور الشرعية والشركية / ١٥.

(٧) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٧٥.

(٨) عون المعبود ٦ / ٣٢ ، وليراجع : كشف الارتياب / ٤٤٩.

٢٨

وقال ابن القيّم : نهيه لهم أن يتخذوا قبره عيد ، نهى أن يجعلوه مجمع ، كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة ، بل يزار قبره (صلوات الله وسلامه عليه) كما يزوره الصحابة رضوان الله عليهم ، على الوجه الذي يرضيه ويحبّه( صلوات الله وسلامه عليه)(١) وقال ابن عبد الهادي الحنبلي : وتخصيص الحجرة بالصلاة والسّلام جعل لها عيد ، وقد نهاهم عن ذلك(٢) .

وقال المناوي : يؤخذ منه أنّ اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة ، ويقولون : هذا يوم مولد الشيخ ، ويأكلون ويشربون وربما يرقصون فيه ، منهي عنه شرعاً. وعلى ولي الشرع ردعهم عن ذلك ، وإنكاره عليهم وإبطاله(٣) . وقال العظيم آبادي : وإنّ مَن سافر إليه ، وحضر من ناس آخرين ، فقد اتخذه عيد ، وهو منهي عنه بنص الحديث ، فثبت منع شدّ الرحل لأجل ذلك بإشارة النص ، كما ثبت النهي عن جعله عيداً بدلالة النص... إلخ(٤) . وقالوا كذلك : فاتخاذ القبر عيداً هو مثل اتخاذه مسجد والصلاة إليه ، بل هو أبلغ وأحقّ بالنهي ، فإنّ اتخاذه مسجداً يُصلّى في لله ليس فيه من المفسدة ما في اتخاذ نفسه عيد ، بحيث يعتاد انتيابه والاختلاف إليه والازدحام عنده ، كما يحصل في أمكنة الأعياد وأزمنتها ؛ فإنّ العيد يقال في لسان الشارع على الزمان والمكان(٥) .

قال ابن القيّم : ونهى أمّته أن يتخذوا قبره عيداً… إلى أن قال عن القبور : ولا تعظّم بحيث تتخذ مساجد ، فيصلّى عندها وإليه ، وتتخذ أعياداً وأوثاناً(٦) . وقال ابن القيّم والبركوي : وكان للمشركين أعياد زمانيّة ومكانيّة , فلمّا جاء الله بالإسلام أبطلها ، وعوّض الحنفاء منها عيد الفطر ، وأيّام منى ، كما عوّضهم من أعياد المشركين المكانية بالكعبة ، ومنى ، ومزدلفة ، وعرفة ، والمشاعر(٧) . وقال ابن تيمية : وكذلك ما يحدثه بعض الناس ؛ إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسىعليه‌السلام ، وإمّا محبّة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله قد يثيبهم على هذه المحبّة والاجتهاد ، لا على البدع من اتخاذ مولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عيداً ، مع اختلاف الناس في مولده ؛ فإن هذا لم يفعله السلف ، مع عدم قيام المقتضي له ، وعدم المانع منه.

ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف (رض) أحقّ به منّا ؛ فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله وتعظيماً له منّا(٨) .

____________________

(١) عون المعبود ٦ / ٣٢ ، الهامش.

(٢) الصارم المنكي في الرد على السبكي / ٢٨٥.

(٣) عون المعبود ٦ / ٣٣.

(٤) المصدر السابق.

(٥) الصارم المنكي / ٢٢٩.

(٦) زاد المعاد ١ / ١٤٦ ، وراجع : الصارم المنكي / ٢٩٩.

(٧) عون المعبود ٦ / ٣٢ ، وفتح المجيد في شرح عقيدة التوحيد / ٢٥٧ ، وزيارة القبور الشرعية والشركية / ١٥.

(٨) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٩٤ - ٢٩٦.

٢٩

وقال : حتّى أنّ بعض القبور يجتمع عندها القبوريّون في يوم من السنة ، ويسافرون لإقامة العيد ؛ إمّا في المحرم ، أو رجب ، أو شعبان ، أو ذي الحجة ، أو غيره وبعضها يجتمع عندها في يوم عاشوراء ، وبعضها في يوم عرفة ، وبعضها في النصف من شعبان إلخ(١) .

وقال : فإن اعتياد قصد المكان المعيّن في وقت معيّن ، عائد بعود السنة ، أو الشهر ، أو الأسبوع هو بعينه معنى العيد. ثمّ ينهى عن دق ذلك وجله وهذا هو الذي تقدّم عن الإمام أحمد إنكاره قال : وقد أفرط الناس في هذا جداً ، وأكثروا ، وذَكَر ما يفعل عند قبر الحسين.

وقد ذكرت فيما تقدّم : أنه يكره اعتياد عبادة في وقت إذا لم تجيء بها السنّة ، فكيف اعتياد مكان معيّن في وقت معين ؟

ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيره ، وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال : إنّه قبر عليرضي‌الله‌عنه ، وقبر الحسين ، وحذيفة بن اليمان ، وسلمان الفارسي ، وقبر موسى بن جعفر ، ومحمد بن علي الجواد ببغداد(٢) .

وقال : وأمّا اتخاذ قبورهم أعياداً فهو مما حرمه الله ورسوله ، واعتياد قصد هذه القبور في وقت معيّن ، والاجتماع العام عندها في وقت معيّن هو اتخاذها عيد ، ولا أعلم بين المسلمين أهل العلم في ذلك خلاف(٣) .

وقال عن يوم عرفة : وأيضاً فإن التعريف عند القبر اتخاذ له عيد ، وهذا بنفسه محرم ، سواء كان فيه شدّ الرحل أولم يكن ، وسواء كان في يوم عرفة أو في غيره ، وهو من الأعياد المكانية مع الزمان(٤) .

وقال في كراهة قصد القبور للدعاء : السلف (رض) كرهوا ذلك ، متأوّلين في ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تتخذوا قبري عيداً(٥) .

وقال حول عيد الغدير بعد أن ذكر أنّ السلف لم يفعلوه ، ولا أهل البيت ولا غيرهم : ..الأعياد شريعة من الشرايع… فيجب فيها الاتّباع لا الابتداع ، وللنبي خطب وعهود ووقائع في أيّام متعددة ، مثل يوم بدر وحنين ، والخندق وفتح مكة ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ، ثمّ لم يوجب أن يتخذ أمثال تلك الأيّام أعياداً(٦) .

____________________

(١) المصدر السابق / ٣٧٥ - ٣٧٦.

(٢) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٧٧.

(٣) نفس المصدر السابق والصفحة.

(٤) المصدر السابق / ٣١٢.

(٥) المصدر السابق / ٣٦٨.

(٦) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٩٤.

٣٠

وقال : ما أحدث من الأعياد والمواسم فهو منكر ، وإن لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب ؛ لوجهين : أحدهما أنّه داخل في مسمّى البدع والمُحدثات.

ثمّ ذكر روايات النهي عن الابتداع في الدين ، مثل ما في صحيح مسلم ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( شرّ الاُمور مُحدثاتها ، وكل بدعة ضلالة )) وفي رواية النسائي : (( وكل ضلالة في النار )).

وفي نص آخر : (( إيّاكم ومحدثات الاُمور ؛ فإنّ كل بدعة ضلالة )).

وفي الصحيح ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) وفي لفظ الصحيحين : (( مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )).

وقال تعالى :( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) ثمّ قال : (( فمَن ندب إلى شيء يتقرّب به إلى الله ، أو أوجبه بقوله أو فعله ، من غير أن يشرّعه الله ، فقد شرّع من الدين ما لم يأذن به الله )).

نعم ، قد يكون متأوّلاً في هذا الشرع ، فيغفر له لأجل تأويله إذا كان مجتهداً الاجتهاد الذي يعفي فيه عن المخطئ ، ويثاب أيضاً على اجتهاده لكن لا يجوز اتّباعه في ذلك ، إذ قد علم أنّ الصواب في خلافه(١) .

وقال : الأصل في العبادات أن لا يشرّع منها إلاّ ما شرّعه الله ، والأصل في العادات أن لا يحظر منها إلاّ ما حظره الله وهذه المواسم المحدثة إنّما نُهي عنها لما حدث فيها من الدين الذي يتقرّب به(٢) .

كما أنّ ابن الحاج ، رغم اعترافه بما ليوم مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل ، لا يوافق على الاحتفال بالمولد ؛ لِما فيه من المنكرات ، ولأن النبي أراد التخفيف عن أمّته ، ولم يرد في ذلك شيء بخصوصه ، فيكون بدعة(٣) .

وقد استدلّوا على عدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي بأنّ السلف ، الذين كانوا أشدّ محبّة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعظيماً له منّا وأحرص على الخير ، لم يفعلوه ولم يكن منه عندهم عين ولا أثر(٤) .

وقالوا : وأمّا اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية ، كبعض ليالي شهر ربيع الأوّل التي يقال : إنها ليلة المولد ، وبعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة وأوّل جمعة من رحب ، أو ثامن شوال الذي يسمّيه الجهّال عيد الأبرار ؛ فإنها من البدع التي لم يستحبّها السلف ولم يفعلوه(٥) .

____________________

(١) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٦٧ - ٢٦٨ بتلخيص ، ويوجد نظير العبارة الأخيرة في / ٢٩٠.

(٢) المصدر السابق / ٢٦٩.

(٣) راجع المدخل لابن الحاج ٢ / ٣ ، فما بعدها إلى عدّة صفحات ، وليراجع / ٢٩ - ٣٠.

(٤) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٩٥ ، وراجع : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ١ / ٤٤١ - ٤٤٢.

(٥) القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٤٩ عن الفتاوى المصرية ١ / ٣١٢.

٣١

وقال السكندري الفاكهاني : لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنّة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمّة الذين هم القدوة في الدين ، المتمسّكون بآثار المتقدّمين ، بل هو بدعة أحدثها البطالون.

واعتبر الفاكهاني أنّ المولد : منه محرم ، وهو ما دخله بعض الأعمال المحرمة ؛ كاجتماع الرجال مع النساء ونحوه ومنه مكروه , وهو الاجتماع على أكل الطعام ولا يصحبه اقتراف شيء من الآثام , فهذه بدعة مكروهة وشناعة ؛ إذ لم يفعله أحد من متقدّمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام ، وسراج الأزمنة وزين الأمكنة(١) .

هذا مع أنّ شهر ربيع الأوّل الذي ولد فيه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد مات فيه ، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه(٢) .

وقال الحفار : ليلة المولد لم يكن السلف الصالح ، وهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والتابعون لهم يجتمعون فيها للعبادة ، ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة ؛ لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يعظّم إلاّ بالوجه الذي شرّع به تعظيمه ، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله ، لكن يتقرّب إلى الله جلّ جلاله بما شرّع.

والدليل على أنّ السلف لم يكونوا يزيدون فيها زيادة على سائر الليالي أنهم اختلفوا فيها ، فقيل : إنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولد في رمضان. وقيل : في ربيع الأوّل.... إلخ , إلى أن قال : فلو كانت تلك الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث فيها عبادة بولادة خير الخلقصلى‌الله‌عليه‌وآله لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها اختلاف(٣) .

كما أنّ محمد بن عبد الوهاب قد أنكر تعظيم الموالد والأعياد الجاهلية ، التي لم ينزل في تعظيمها سلطان ، ولم ترد به حجة شرعية ولا برهان ؛ لأن ذلك مشابهة للنصارى الضالين في أعيادهم الزمانيّة والمكانيّة ، وهو باطل مردود في شرع سيّد المرسلين(٤) .

إنّ النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح وميلاد أفراد أسرتهم ، وعنهم أخذ المسلمون هذه البدعة فاحتفلوا بمولد نبيّهم وبمولد أفراد أسرتهم ، ورسولهم يحذّرهم قائلاً : (( مَن تشبّه بقوم فهو منهم )) صحيح رواه أبو داود(٥) .

كما أنّ الشيخ عبد الرحمان بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب اعتبرها من البدع المنهي عنه ، حيث لم يأمر بها الرسول ، ولا فعلها الخلفاء الراشدون ، ولا الصحابة ولا التابعون(٦) .

____________________

(١) القول الفصل / ٥٠ ، وراجع / ٥٣ عن (الحاوي للفتاوي) للسيوطي / ١٩٠ - ١٩٢.

(٢) منهاج الفرقة الناجية / ١١٠.

(٣) راجع القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٥٣ عن كتاب المعيار المعرب / ٩٩ – ١٠١.

(٤) المصدر السابق / ٥٤ ، عن الدرر السنيّة ٤ / ٤٠٩ ، وعن مجموعة الرسائل النجدية ٤ / ٤٤٠.

(٥) منهاج الفرقة الناجية / ١٠٩.

(٦) منهاج الفرقة الناجية / ٥٥ ، عن مجموعة الرسائل النجدية قسم ٢ / ٣٥٧ - ٣٥٨ ، والدرر السنيّة ٤ / ٣٨٩.

٣٢

كما أنّ الشيخ محمد بن عبد اللطيف قد اعتبر ذلك من البدع(١) .

وقال محمد بن عبد السلام خضر الشقيري عن الاحتفال بالمولد : بدعة منكرة ضلالة ، لم يرد بها شرع ولا عقل ولو كان في هذا خير ، كيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة ، والتابعون وتابعوهم ، والأئمة وأتباعهم ؟!(٢) . وقد ردّوا على الاستدلال على حلّية إقامة الموالد بآية :( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) , ردّوا على ذلك : بأنّه من قبيل حمل كلام الله على ما لم يحمله عليه السلف الصالح وهو غير مقبول ؛ لأن الشاطبي قد قرّر أنّ الوجه الذي لم يثبت عن السلف الصالح العمل بالنص عليه لا يقبل ممّن بعدهم دعوى دلالة النص الشرعي عليه. قال : إذ لو كان دليلاً عليه لم يعزب عن فَهم الصحابة والتابعين ، ثمّ يفهمه من بعدهم ، فعمل الأوّلين - كيف كان - مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارض له ، ولو كان ترك العمل. قال : فما عمل به المتأخّرون من هذا القسم مخالف لإجماع الأوّلين ، وكل مَن خالف الإجماع فهو مخطئ ، وأمّة محمد لا تجتمع على ضلالة ، فما كانوا عليه من فعل أو ترك فهو السنّة … إلى أن قال : فكل مَن خالف السلف الأوّلين فهو على خطأ(٣) .

وقال محمد بن جميل زينو : الاحتفال لم يفعله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا الصحابة ، ولا التابعون ، ولا الأئمة الأربعة ، وغيرهم من أهل القرون المفضلة ، ولا دليل شرعي عليه(٤) . ثمّ ذكر بعض الأشياء التي تحصل في الموالد مما رآه خلاف الشرع ، وزعم أنّ هذه الاُمور كافية لتحريم الاحتفال ، من قبيل الزيادة في مدحهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصرف الأموال ، والاستغاثة بهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلخ

تلخيص لا بدّ منه

من أجل التسهيل على القارئ ، ومن أجل استيفاء الكلام على ما ذكره المانعون من أسباب ذهابهم إلى المنع من الذكريات ونحوها … فإننا نقوم بتلخيص وافٍ لمختلف الجهات التي دعتهم إلى إصدار حكمهم ذاك ، حسبما وردت في كلماتهم آنفة الذكر ، مع إعادة الإشارة إلى المصادر من جديد… فنقول :

إننا نستطيع أن نلخّص الأسباب التي رأوا أنها كافية للحكم بحرمة الاجتماعات والاحتفالات ما عدا الفطر والأضحى … على النحو التالي :

١ - إنّ الموالد والذكريات للأولياء نوع من العبادة لهم ، بدليل أنّ الناس لا يعرفون إلاّ مَن اُقيمت فيهم الذكريات ، ولو كان أجهل وأفسق الناس(٥) .

____________________

(١) المصدر السابق عن الدرر السنيّة ٨ / ٣٨٥.

(٢) المصدر السابق عن كتاب السنن والمبتدعات / ١٣٨ - ١٣٩ وراجع : الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٤٧.

(٣) القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٧٣ ، وراجع : الموافقات ٣ / ٧١.

(٤) منهاج الفرقة الناجية / ١٠٧ ، وراجع : الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٤٠ فما بعده.

(٥) فتح المجيد في شرح التوحيد ، هامش / ١٥٤ و ١٥٥.

٣٣

٢ - مضافاً إلى ما فيها من المعاصي العظيمة(١) . ٣ - إنها إحياء لسنن الجاهلية ، وإماتة لشرائع الإسلام من القلوب(٢) . ٤ - لا يجوز اتخاذ مولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عيداً مع اختلاف الناس في مولده(٣) . ٥ - إن ذلك لم يرد به عقل(٤) ولا شرع ، ولا أصل له لا في كتاب ولا سنّة(٥) . ٦ - إنّ ذلك لم يفعله السلف ، ولم ينقل عن أحد منهم ، وهم كانوا أشدّ حبّاً للرسول منّا(٦) . وكل ما لم يكن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه دين ، لم يكن ممن بعدهم دين. والمولد لم يكن في عهده ولا في عهد القرون المفضلة إلى القرن السابع(٧) .

واستدلّوا على أنّ السلف لم يفعلوه باختلافهم في تاريخ مولده ، فلأجل ذلك لم يخصّوا ليلة المولد بشيء زيادة عمّا يفعلونه في سائر الأيّام(٨) .

٧- إنّ السلف كرهوا ذلك ، متأوّلين في ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تتخذوا قبري عيداً(٩) .

٨- إنّ يوم مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان عظيماً ولكن لم يرد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه شيء بخصوصه ؛ لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد التخفيف عن اُمّته ، فيكون بدعة(١٠) . ٩- إنّ الله سبحانه لا يعظّم إلاّ بالوجه الذي شرّع تعظيمه به(١١) .

هذا كلّه ، عدا عن تفسيرهم العيد باجتماع الناس في مكان معيّن لأجل العبادة ، وعن ادّعائهم أنّ الصلاة عند القبور اتخاذ لها أعياداً وأوثاناً ، إلى غير ذلك مما يلاحظه المتتبّع لكلماتهم السابقة.

١٠ - في ذمّ المواسم والأعياد المحدثة ما تشتمل عليه من الفساد في الدين(١٢) .

____________________

(١) المصدر السابق ، وراجع المدخل لابن الحاج أوائل الجزء الثاني.

(٢) اقتضاء الصراط المستقيم / ١٩١.

(٣) المصدر السابق / ٢٩٤ - ٣٩٦.

(٤) القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٥٥ عن كتاب السنن والمبتدعات / ١٣٨ - ١٣٩.

(٥) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٩٤ - ٢٩٦ ، والقول الفصل / ٥٠ و ٥٣ و٥٤ و٥٥ عن الحاوي للفتاوي / ١٩٠ - ١٩٢ ، والدرر السنية ٤ / ٤٠٩ و٣٨٩ وعن مجموعة الرسائل النجدية ٤ / ٤٤٠ وقسم ٢ / ٣٥٧ ، وعن السنن والمبتدعات / ١٣٨ - ١٣٩.

(٦) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٩٤ - ٢٩٦ ، وراجع سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ١ / ٤٤١ - ٤٤٢ ، والقول الفصل / ٤٩ و٥٠ و٥٣ و٥٥ عن الفتاوى المصرية ١ / ٣١٢ ، وعن المعيار المعرب / ٩٩ –١٠١ ، وعن السنن والمبتدعات / ١٣٨ - ١٣٩ ، وعن الحاوي للفتاوي / ١٩٠-١٩٢ ، والإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٤٣.

(٧) الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٤٦ و٤٣ و٤٧.

(٨) القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٥٣ عن كتاب المعيار المعرب / ٩٩ - ١٠١.

(٩) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٨٦ ، والقول الفصل / ٤٩ عن الفتاوى المصرية.. أمّا الحديث فقد تقدّمت مصادر وموارد الاستدلال والاستشهاد به ، فلا نعيد.

(١٠) المدخل لابن الحاج ٢ / ٣ فما بعده.

(١١) القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٥٣ عن كتاب المعيار المعرب / ٩٩ - ١٠١.

(١٢) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٨٢ فما بعده ، والإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٤٠ فصاعد.

٣٤

١١- هذه الموالد ما ابتدعت إلاّ لضرب الإسلام وتحطيمه والقضاء عليه ، ومن هنا كان حكم الإسلام على هذه الموالد والمواسم ، والزرد ، والحضرات ، المنع والحرمة ، فلا يبيح منها مولداً ولا سيّما موسماً إلخ(١) .

١٢- إنّ الذكريات تعظيم وعبادة لغير الله.

١٣- إنّ تفسير آية بحيث يظهر منها جواز عمل هذه الموالد والاحتفالات غير جائز؛ لأنه حمل لكلام الله على ما لم يحمله عليه السلف الصالح ، فيكون فَهم المتأخرين مصادماً لإجماع المتقدّمين ، ومَن خالف الإجماع فهو مخطئ ؛ لأن الأمّة لا تجتمع على ضلالة ، فما كانوا عليه من فعل أو ترك فهو السنّة(٢) .

١٤- إنّ في ذلك مشابهة للنصارى في أعيادهم الزمانيّة والمكانيّة ، وهو باطل مردود في الشرع(٣) .

١٥- ما سيأتي من أنّ يوم وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو يوم ولادته ، فلا معنى للفرح فيه.

قد يكون الذنب للتعصب الأعمى

كانت تلك خلاصة رأينا ، إنها وافية بإعطاء صورة متكاملة عن الجهات المؤثّرة في إصرار هؤلاء على اعتبار الموالد والذكريات من البدع المرفوضة جملة وتفصيلاً.

وإن كان ربما يظهر من بعض كلماتهم أنهم ينطلقون في موقفهم ذاك من دوافع اُخرى ، لا تبعد كثيراً عن المشاعر التعصبية الدينية في مقابل الرافضة وأعيادهم(٤) ومواسمهم ، فحاولوا أن يجدوا المبرّرات الشرعية والعلمية لمواقفهم تلك. وإن كانوا قد خانهم التوفيق في هذا المجال ، كما سيتضح في ما يلي من صفحات.

____________________

(١) الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٤٢.

(٢) الموافقات ٣ / ٧١ ، والقول الفصل / ٧٣.

(٣) القول الفصل / ٥٣ عن الدرر السنية ٤ / ٤٠٩ ، وعن مجموعة الرسائل النجدية ٤ / ٤٤٠.

(٤) راجع على سبيل المثال بعض ما تقدّم عن ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم.

٣٥

الفصل الرابع أدلّة المانعين … سرابالميول

والمشاعر

ونحن لا نستطيع أن نوافق المانعين في استدلالاتهم المتقدّمة ؛ لأننا لا نجد فيها ما يكفي لتوفير الحدّ الأدنى من القناعة بما يريدون تكريسه كحكم شرعي إلهي ، له بُعد عقائدي بنحو أو بآخر. بل قد نجد في كلماتهم المتناثرة هنا وهناك ، ما يشعرنا بأنّ القضية لا تعدو عن أن تكون استسلاماً لمشاعر طائفية ، أفرزت هذا الإصرار الذي يصل إلى حدّ التحدّي ، على إطلاق شعارات قوية وصاخبة ومبهمة كذلك ؛ بهدف التأثير على حالة التوازن العاطفي لدى الآخرين ، ليمكن من ثمّ إعطاء صفة الشرعية لأمر قد يكون أبعد ما يكون عن منطق الشرع والعقل والفطرة. وحيث إنّ عمدة وأقصى ما يستندون إليه هو ما تقدّم في الفصل السابق ، فإننا لا بدّ وأن نذكّر القارئ ببعض مواضع الخلل فيه ، وتلك قناعاتنا التي نلتزم بكل آثارها ؛ سواء كانت بالنسبة لكلام الآخرين تصير ردّاً وتفنيداً ، أو تتضمّن قبولاً وتأييداً. هذا ، ومن أجل بيان مواضع الخلل في كلماتهم المتقدمة ، نتكلم في الموضوع على النحو التالي :

الاحتفالات والمواسم بدعة : قد تقدّم أنهم يعتبرون المواسم والذكريات ونحوها بدعة وقد حاول البعض التخلّص من هذا الاتهام والردّ عليه ، فقال ابن حجر : عمل المولد بدعة ، لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدّه ، فمَن تحرّى في عملها المحاسن وتجنّب ضدّها كان بدعة حسنة ، وإلاّ فلا. وقال الحلبي الشافعي : جرت عادة كثير من الناس إذا سمعوا بذكر وصفهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقوموا تعظيماً لهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذا القيام بدعة لا أصل له ، أي ولكن هي بدعة حسنة ؛ لأنه ليس كل بدعة مذمومة ، وقد قال سيّدنا عمر (رض) في اجتماع الناس لصلاة التراويح :نعمت البدعة هي . وقد قال العزيز عبد السلام : إنّ البدعة تعتريها الأحكام الخمسة ، وذكر من أمثلة كل ما يطول ذكره(٤) ولا ينافي ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( إيّاكم ومحدثات الاُمور ؛ فإن كل بدعة ضلالة )) وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن أحدث في أمرنا (أي شرعنا) ما ليس منه ، فهو رد عليه )) ؛ لأنّ هذا عام اُريد به خاص ، فقد قال إمامنا الشافعي قدس الله سره : ما أحدث وخالف كتاباً أو سنّة ، أو إجماعاً أو أثراً ، فهو البدعة الضلالة وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك فهو البدعة المحمودة(٥) .

____________________

(١) رسالة حسن المقصد ، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم / ٨٨ ، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين / ١١٤.

(٢) أي ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله . (٣) كلام موجود أيضاً في تهذيب الأسماء واللغات ، قسم اللغات ١ / ٢٣ ، ونصب الراية ٢ / ١٥٣ ، ودلائل الصدق ٣ قسم ١ ، وحول استحسان بعض البدع ، راجع : المصنف ٣ / ٧٨ و٧٩ و٨٠.

(٤) راجع كلام العزيز عبد السلام أيضاً في تهذيب الأسماء واللغات قسم اللغات ١ / ٢٢ ٢٣ ، وفي القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ٤٧ عن قواعد الأحكام في مصالح الأنام ٢ / ١٧٢-١٧٤ ، وقريب منه كلام القرافي الذي نقله عنه الشاطبي في الاعتصام ١ / ١٤٧ - ١٥٠.

(٥) راجع كلام الشافعي أيضاً في تهذيب الأسماء واللغات قسم اللغات ١ / ٢٣.

٣٦

وقد وجد القيام عند ذكر اسمهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عالِم الاُمّة ، ومقتدى الأئمة دين وورع ، الإمام تقي الدين السبكي ، وتابعه على ذلك مشايخ الإسلام في عصره ، إلى أن قال : ويكفي مثل ذلك في الاقتداء.

وقد قال ابن حجر الهيثمي : إنّ البدعة الحسنة متّفق على ندبه. وعمل المولد ، واجتماع الناس له ، كذلك أي بدعة حسنة.

ومن ثمّ قال الإمام أبو شامة (شيخ الإمام النووي) : ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصدقات والمعروف ، وإظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء مشعر بمحبّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعظيمه في قلب فاعل ذلك ، وشكر الله على ما منّ به من إيجاد رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي أرسله رحمة للعالمين … هذا كلامه(١) .

وقال النووي : إنّ البدعة في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة. قال الإمام المجمع على إمامته وتمكّنه في أنواع العلوم وبراعته ، أبو محمد العزيز بن عبد السلامرحمه‌الله ورضي عنه ، في آخر كتاب القواعد : البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ، ومندوبة ، ومكروهة ، ومباحة... إلخ(٢) ثمّ كلامه بطوله...

ولكننا بدورنا نقول : إنّ هذا الكلام ضعيف ، لوجهين يظهر منهما أيضاً دليلان على جواز إقامة هذه المراسم والمواسم.

فأوّلاً : إنّ ما ذكر من تقسيم البدعة إلى حسنة ومذمومة ، ومن كونها تنقسم إلى الأحكام الخمسة ، ثمّ الاستشهاد بقول عمر بن الخطاب عن صلاة التراويح : نعمت البدعة هي.

إنّ ذلك كلّه ليس في محلّه ، ولا يستند إلى أساس صحيح ؛ وذلك لأن البدعة الشرعية هي : إدخال ما ليس من الدين في الدين.

____________________

(١) السيرة الحلبيّة ١ / ٨٣ - ٨٤ ، وراجع السيرة النبويّة لزيني دحلان ١ / ٢٤ - ٢٥ ، ورسالة حسن المقصد للسيوطي ، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم / ٨١ - ٨٢ ، وراجع جواهر البحار ٣ / ٣٤٠ - ٣٤١ و ٣٣٨.

(٢) تهذيب الأسماء واللغات ، قسم اللغات ١ / ٢٢و٢٣.

٣٧

استناداً إلى ما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))(١) ؛ لأن قوله (( في أمرنا )) معناه : أدخل في تشريعاتنا الدينية ما ليس منه ، بل لقد قال السّيد الأمين عن البدعة : لا يحتاج تحريمها إلى دليل خاص ؛ لحكم العقل بعدم جواز الزيادة على أحكام الله تعالى ، ولا التنقيص منه ، لاختصاص ذلك به تعالى وبأنبيائه الذين لا يصدرون إلاّ عن أمره(٢) .

فالبدعة في الشرع وبعنوان التشريع لا تقبل القسمة المذكورة ، بل هي من غير صاحب الشرع قبيحة مطلق.

وأمّا الابتكار والابتداع في العادات والتقاليد واُمور المعاش والحياة فهو الذي يقبل القسمة إلى الحسن والقبيح ، ويكون موضوعاً للأحكام الخمسة : الوجوب ، والحرمة ، والاستحباب ، والكراهة ، والإباحة. ويلاحظ الخلط في الأمثلة التي ذكرها عبد العزيز بن عبد السّلام بين هذا القسم وبين سابقه(٣) .

وعليه فالاُمور العادية والحياتية ونحوه مما لم يرد من الشارع حكم متعلّق به بخصوصه ، أو بعمومه يكون كل منها أحد أفراده ومصاديقه ، إنْ عملها المكلّف وقام به ، أو تركه بعنوان أنها من الدين ، فإن لم تكن منه فإنه يكون قد أبدع في الدين ، وأدخل فيه ما ليس منه. وأمّا إذا قام به وعمله ، أو تركه ملتزماً بها أو غير ملتزم ، لا بعنوان أنها من الدين ، ولا يدّعي أنّ الله سبحانه قد شرّع ذلك ، مع عدم منافاة ذلك لأي من أحكام الدين وتعاليمه ، فلا يكون ذلك بدعة في الدين ، ولا إدخالاً ما ليس منه فيه. وما نحن فيه إنما هو من هذا القبيل ، كما هو ظاهر ؛ إذ لو كان اختيار الأساليب المختلفة للتعبير عن التقدير والاحترام المطلوب لله سبحانه بدعة ، لكان كل جديد يجري العمل به في طول البلاد وعرضها ، من البدع المحرمة. وليكن حينئذ منصب وزير التجارة ووزير النفط ، واستعمال الراديو والتلفزيون ، والتلفون ، وركوب السيارة والقطار ، والطائرة من البدع. وليكن كذلك اعتبار الجلوس كل يوم على الشرفة لاحتساء كوب من الشاي ، وكذا إطلاق ألقاب جلالة الملك ، ومعالي الوزير إلى غير ذلك مما لا مجال لتعداده من البدع المحرمة ، حيث لم يرد بها نص بخصوصه ؛ ولأنها من محدثات الاُمور كما يدّعي هؤلاء.

هذا ، وقد صرّحوا - هم أنفسهم : بأن الأشياء ، ما عدا العبادات ، كلّها على الإباحة حتّى يرد ما يوجب رفع اليد عنه ، ولا سيّما ما كان من قبيل العادات(٤) الذي هو محل كلامنا بالفعل ، حيث قد جرت عادة الناس على إقامة الذكريات لعظمائهم ، وعلى اعتبار يوم ميلاد الشخص يوم فرح ومسرّة ، فيهدون له فيه الهدايا ، ويقيمون المجالس ، وكذا يوم احتجامه.

____________________

(١) راجع سنن أبي داود ٤ / ٢٠٠ ، وسنن أبي مسلم ٥ / ١٣٣ ، ومسند أحمد ٦ / ٢٤٠و٢٧٠.

(٢) كشف الارتياب / ٩٨.

(٣) راجع أمثلة في تهذيب الأسماء واللغات قسم اللغات ١ / ٢٢.

(٤) راجع : اقتضاء الصراط المستقم / ٢٦٩ ، وراجع إرشاد الفحول ، الصفحات الأخيرة.

٣٨

ومن ذلك أيضاً اعتبارهم يوم الاستقلال يوماً عظيماً ، إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبّعه واستقصائه.

ثانياً : إنّ الحقيقة هي أنّ ما نحن فيه داخل في قسم ما أمر الله سبحانه به وأراده ؛ فلا يكون بدعة لا بالمعنى الأوّل ولا بالمعنى الثاني.

وتوضيح ذلك : إنّ أوامر الشارع ونواهيه تارة تتعلق بالشيء بعنوانه الخاص به والذي يميزه عن كل مَن عداه ، وتارة يتعلق لا بعنوانه بخصوصه بل بعنوانه العام ، ويترك أمر تحقيق المصاديق واختيارها , وملاحظة انطباق ذلك العنوان وعدمه إليه.

فاختيار المكلف لهذا المصداق أو لذاك لا يعتبر بدعة ، ولا إحداثاً في الدين ما ليس منه ، بل هو عين الامتثال والانقياد لأحكامه ، والانصياع لأوامره ، ويستحق على ذلك الأجر الجميل والثواب الجزيل.

وذلك كما لو أمر الشارع بمعونة الفقراء ، وترك أمر اختيار المورد والمصداق والكيفية والاُسلوب إلى المكلف ، فباستطاعته أن يعينهم بالعمل لهم ، أو بقضاء حوائجهم ، أو مساعدتهم مالياً... إلى غير ذلك مما يصدق عليه أنه معونة.. وإن لم ينص الشارع على مصداق أو كيفية بالخصوص.

وكذا لو أمره باحترام الوالدين ، فيمكن أن يجسّد ذلك في ضمن المصداق الذي هو الوقوف لهما حين قدومهم ، وبإجلاسهما في صدر المجلس ، وبالجلوس بين أيديهما في حالة الخضوع والتأدّب ، وبعدم التقدّم عليهما في المشي وفي المجالس ، وبتقبيل أيديهم ، وبغير ذلك من اُمور

وكذا الحال.. لو صدر الأمر باحترام النبي ومحبّته ، وتعظيمه وإجلاله وتوقيره ، مع عدم التحديد المانع من الأغيار في نوع بخصوصه ، فبإمكان المكلف أن يختار ما شاء من المصاديق التي تنطبق عليها تلك العناوين ، ولا يكون ذلك بدعة ، ولا إدخالاً لِما ليس من الدين في الدين.

فيمكن تعظيمهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتوقيره وتبجيله ، بإقامة الذكريات له ، ويمكن أن يكون بنشر كراماته وفضائل ه ، وبالصلاة والتسليم عليه كلّما ذُكر ، وبتأليف الكتب عن حياته الشريفة ، وبإطلاق اسمه على الجامعات والمعاهد وغيره ، وبغير ذلك من مصاديق التعظيم والتبجيل ، والالتزام بالوقت المخصوص لا حرج فيه ما دام أنه لا يعتبر من الدين ، كما لا يعتبر توقيت درس الفقه مثلاً بكونه بعد صلاة المغرب والعشاء ، كما يعترف به هؤلاء وينصحون به(١) إدخالاً في الدين ما ليس منه.

وهكذا يقال بالنسبة لِما ورد من الحثّ على البكاء على الإمام الحسين (عليه الصلاة والسّلام) والتحزّن لِما أصابه وصحبه الأبرار ، حيث يترك أمر اختيار الكيفية والوقت إلى المكلفين.

____________________

(١) الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٦٧.

٣٩

السنّة الحسنة والسنّة السيّئة

بقي أن نشير إلى أنّ الاستدلال على مشروعية عمل المولد بأنه سنّة حسنة ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر مَن عمل بها ))(١) .

في غير محله أيضاً ؛ وذلك لأنّ مورد الرواية - حسبما يقولون - هو التصدّق على أولئك الذين جاؤوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بحالة يرثى لها ، فخطبصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس وحثّهم على الصدقة ، فجاء أنصاري بصرّة ، ثمّ تتابع الناس بعده ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن سنّ سنّة حسنة ))(٢) .

فمعنى ذلك أنّ مورد الرواية هو تعيين المورد والمصداق للنصّ الشرعي المتعلّق بالعنوان العام ، حسبما تقدّمت الإشارة إليه ، وليس موردها ما لا نصّ فيه أصلاً.

هذا كله ، عدا عن أنّ ما نحن فيه ليس من السنّة التي معناها الإدخال في الشرع ، بل هو من الاُمور المباحة كما تقدّم.

الذكريات عبادة لصاحب الذكرى

واستدلّوا أيضاً على حرمة الموالد والذكريات للأولياء بأنها نوع من العبادة لهم وتعظيمهم.

ونقول : إنّ ابن تيمية قد خلط بين العبادة والتعظيم ، وصار يكفّر الناس استناداً إلى ذلك ، ونحن نعرض الفرق بينهما ليتضح زيف هذا الكلام ، فنقول : قال السّيد الأمينرحمه‌الله تعالى : العبادة بمعناها اللغوي ، الذي هو مطلق الذل والخضوع والانقياد ، ليست شركاً ولا كفراً قطعاً ، وإلاّ لزم كفر الناس جميعاً من لدن آدم إلى يومنا هذا ؛ لأن العبادة بمعنى الطاعة والخضوع لا يخلو منها أحد ، فيلزم كفر المملوك ، والزوجة ، والولد ، والخادم ، والأجير ، والرعية ، والجنود بإطاعتهم وخضوعهم للمولى ، والزوج ، والأب ، والمخدوم ، والمستأجر ، والملك ، الاُمراء ، وجميع الخلق لإطاعتهم بعضهم بعض. بل كفر الأنبياء لإطاعتهم آبائهم وخضوعهم لهم ، وقد أوجب الله طاعة أوامر الأبوين ، وخفض جناح الذلّ لهم ، وقال لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) وأمر بتعزير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتوقيره ، وأمر بإطاعة الزوجة لزوجها ، وأوجب طاعة العبيد لمواليهم وسمّاهم عبيد.

____________________

(١) نقل هذا الاستدلال في القول الفصل / ٤٣-٤٤ ، عن محمد بن علوي المالكي في مقدمته لطبقة مولد ابن الديبع / ١٣ ، وفي رسالته حول الاحتفال بالمولد النبوي / ١٨ وفي مقدمته للمورد المروي / ١٧.

(٢) راجع صحيح مسلم ٣ / ٨٧ ، والسنن الكبرى ٤ / ١٧٥و١٧٦وسنن النسائي ٥ / ٧٥-٧٧ ، ومسند أحمد ٤ / ٣٥٩و٣٦٠و٣٦١ ، والزهد والرقائق / ٥١٣-٥١٤ ، والمسند للحميدي ٢ / ٣٥٢-٣٥٣ ، والمعتصر من المختصر ٢ / ٢٥١-٢٥٢.

٤٠