المواسم والمراسم

المواسم والمراسم0%

المواسم والمراسم مؤلف:
الناشر: معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 85

المواسم والمراسم

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
الناشر: معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 85
المشاهدات: 54853
تحميل: 7411

توضيحات:

المواسم والمراسم
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 85 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54853 / تحميل: 7411
الحجم الحجم الحجم
المواسم والمراسم

المواسم والمراسم

مؤلف:
الناشر: معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأطلق على المعاصي أنه عبد الشيطان وعبد الهوى ، وأنّ الإنسان عبد الشهوات ، إلى غير ذلك مما لا مجال له. ولا ريب في أنّ هذه الاُمور التي هي طاعة وخضوع ، وكذلك ما أشير إليه من تسمية ما ذكر عبادة ، لا يوجب الكفر والارتداد وإلاّ لم يسلم منه أحد ، والضرورة قاضية بخلافه ، والسجود هو منتهى التذلل والخضوع ، فقد يكون حراماً إذا كان على نحو العبادة للشخص.

وقد لا يكون كذلك مثل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ، وسجود يعقوب وزوجته وبنيه ليوسف ، كما أخبر عن ذلك القرآن الكريم ، فدلّ ذلك على أنّ السجود ليس موجباً للكفر والشرك مطلقاً ليكون نظير اتخاذ شريك للباري ، وإلاّ لم يأمر الله به ملائكته ، ولا حكاه عن أنبيائه وغيرهم.

وعلم من ذلك أيضاً أنّ مطلق الخضوع والتعظيم ، حتّى السجود لغير الله ، ليس في نفسه شركاً وكفر حتّى ولو أطلق عليه اسم العبادة لغة ؛ إذ ليس كل ما يطلق عليه اسم العبادة يوجب الكفر والشرك ، إلاّ إذا دلّ على تحريمه ، مثل السجود الذي اتفقت كلمة المسلمين على تحريم ما كان منه لغير الله سبحانه.

ونسوق هنا مثالاً آخر ، وهو أنه قد أطلق لفظ العبادة على الدعاء ، قال تعالى :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) (١) وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( الدعاء مخُّ العبادة )).

والمراد بالدعاء ليس مطلق أن ينادي الإنسان شخصاً ما ، وإلاّ لكان كل مَن نادى أحداً فقد عَبَده ، بل المراد سؤال الله تعالى الحاجة مع الخضوع والتذلل ، واعتباره الفاعل المختار , والمالك الحقيقي لاُمور الدنيا والآخرة.

وأمّا ما ورد : (( مَن أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان ينطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان ينطق عن غير الله فقد عبد غير الله )) فهو من باب التنزيل والادّعاء ليس إلاّ. والخلاصة : إنّ ما يترتب عليه الكفر ، أو الشرك ليس هو التعظيم ، ومطلق التعظيم ليس عبادة. وإنما الذي يترتب عليه الكفر والشرك هو الخضوع والانقياد الخاص ، والذي صرّح الشارع بالنهي عنه ، أو كان معه اعتقاد أنّ غير الله هو المالك المختار الذي بيده مقاليد كل شيء أوّلاً وبالذات. وعليه فكل ما لم يكن كذلك من مصاديق التعظيم لم يكن عبادة ، فضلاً عن أن يكون عبادة محرمة ، بل قد يكون تعظيماً مباحاً مثل الانحناء ، ورفع الجندي يده لقائده ، ورفع القبعة عند الإفرنج ، وحتى السجود أحياناً ، وقد يكون تعظيماً مطلوباً مثل تعظيم الحجر الأسود بتقبيله ، وكذا تعظيم الكعبة ، وتعظيم النبي والإمام ، والوالدين ، والعلماء وغير ذلك(٢) .

وتعظيم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مطلوب ومحبوب لله سبحانه ، وقد كان المسلمون يعظّمون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غاية التعظيم ، حتّى أنهم كانوا لا يحدّون النظر إليه تعظيماً له(٣) .

____________________

(١) سورة غافر / ٦٠.

(٢) كشف الارتياب / ١٠٣ - ١٠٦ بتصرف وتلخيص.

(٣) البحار ١ / ٣٢ عن الشفاء - لعياض.

٤١

وكتاب التبرّك (تبرّك الصحابة والتابعين بآثار الأنبياء والصالحين) للعالم العلاّمة الشيخ على الأحمدي حفظه الله لخَير شاهد وأوفى دليل على شدّة تعظيم الصحابة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك على تعظيم العلماء والصلحاء ولسنا بحاجة إلى إثبات لزوم تعظيم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويكفي أن نشير هنا إلى قوله تعالى :( لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً ) (١) .

وقوله تعالى :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النّبِيّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ) (٢) .

بل إذا كان يجب احترام كل مؤمن وتعظيمه ، انطلاقاً مما ورد في الحديث من (( أنّ المؤمن أعظم حرمة من الكعبة))(٣) ، ولزوم تعظيم الكعبة وتكريمها أظهر من الشمس وأبين من الأمس.. فكيف يكون الحال بالنسبة لسيّد الخلق أجمعين وأفضل كل ولد آدم على الإطلاق من الأوّلين والآخرين ، فهل يكون تعظيمه وتوقيره واحترامه عبادة له وحراماً شرعاً ؟! معاذ الله كبرت كلمة تخرج من أفواههم.

والضحى والليل إذا سجى

وبالنسبة لتعظيم خصوص ليلة مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله وليلة المعراج ، نوردها هنا نصّاً يشير إلى هذا التعظيم من قِبَل الله سبحانه ، فقد قال الحلبي وغيره : وقد أقسم الله بليلة مولده في قوله تعالى : والضحى والليل وقيل : المراد ليلة الإسراء ولا مانع أن يكون الأقسام وقع بهم ، أي استعمل الليل فيهما(٤) .

وفي بعض المصادر : إنّ المراد بالضحى هو الساعة التي خرّ فيها السّحرة سُجّد ، وبالليل ليلة المعراج.

وعن الصادقعليه‌السلام ، وقتادة ، ومقاتل : (( إنّ المراد بالضحى الضحى الذي كلّم الله فيه موسى ، وبالليل ليلة المعراج ))(٥) .

____________________

(١) سورة النور / ٦٣.

(٢) سورة الحجرات / ٢.

(٣) الجامع الصحيح للترمذي ٤ / ٣٧٨ ، وسنن ابن ماجة ٢ / ٢٩٧ ، وراجع المصنف لعبد الرزاق ٥ / ١٣٩ ، وكشف الارتياب / ٤٤٦ - ٤٧٧.

(٤) راجع السيرة الحلبيّة ١ / ٥٨ ، والسيرة النبويّة لدحلان ١ / ٢١ ، وقد نبّهني إلى وجود هذا النص في السيرة الحلبيّة أحد الفضلاء من الإخوة ، فنشكره على ذلك.

(٥) فتح القدير ٥ / ٤٥٧ ، وراجع المصادر التالية : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢ / ٩١ ، والتفسير الكبير للرازي ٣١ / ٢٠٨ ، وراجع / ١٠٩ ، وغرائب القرآن للنيسابوري ، بهامش الطبري ٣٠ / ١٠٧ ، والكشّاف للزمخشري ٤ / ٧٦٥ ، ومدرك التنزيل للنسقي ، بهامش تفسير الخازن ٤ / ٣٨٥.

٤٢

لا تجعلوا قبري عيداً

وبعد , فإنّ أهم دليل اعتمد عليه هؤلاء هو الرواية المنسوبة إلى النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتي تضمّنت النهي عن جعل قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله عيد. وقد قال الحافظ المنذري : يحتمل أن يكون المراد به الحث على كثرة زيارة قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن لا يهمل حتّى يكون كالعيد الذي لا يؤتى في العام إلاّ مرتين. قال : ويؤيّده قوله : (( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً )) أي لا تتركوا الصلاة فيها حتّى تجعلوها كالقبور التي يصلّى فيها(١) . ونحن وإن كنّا نحتمل المعنى الذي ذكره المنذري ، إلاّ أنّ ما جعله مؤيّد لا يصلح للتأييد ، إذ إنّ الظاهر هو أنّ هذه الفقرة في صدر بيان كراهة جعل القبور في بيوتهم. وإنّ دفن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت ابنته فاطمة(٢) إنما كان لمصلحة خاصة اقتضت ذلك ، فليس لهم أن يتخذوا ذلك مؤشّراً على رجحان الدفن في البيوت ؛ وذلك لأن للأنبياء خصوصية ليست لغيرهم ، وهي أنهم يدفنون حيث يقبضون(٣) . فلا يصحّ ما ذكروه من أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يدفن في الصحراء ، لئلاّ يصلّى عند قبره ، ويتخذ مسجداً فيتخذ قبره وثناً(٤) . وذلك لِما قدّمناه من الرواية المقتضية للخصوصية.. هذا بالإضافة إلى أنّ دفنه في بيته أدعى لأن يتخذ مسجد ، خصوصاً وأنه متّصل بالمسجد النبوي ، ولو كان في الصحراء لأمكن المنع بصورة أسهل وقد منع عمر من الصلاة عند شجرة بيعة الرضوان ، فامتنع الناس ، ولذلك نظائر اُخرى(٥) . وأمّا بالنسبة لفقرة : ( لا تتخذوا قبري عيداً ) فيحتمل قوي أن يكون المراد أنّ اجتماعهم عند قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينبغي أن يكون مصحوباً بالخشوع والتأمّل والاعتبار ، حسبما يناسب حرمته واحترامهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن حرمته ميتاً كحرمته حي.. فلا يكون ذلك مصحوباً باللهو واللعب والغفلة والمزاح ، وغير ذلك مما اعتادوه في أعيادهم. ولعلّ هذا هو مراد السبكي حينما قال : ويحتمل لا تتخذوه كالعيد في الزينة والاجتماع وغير ذلك ، بل لا يؤتى إلاّ للزيارة والسّلام والدعاء(٦) . أمّا الرقص والغناء وغير ذلك من المحرمات ، فهي من الاُمور الممنوع عنها من الأساس فلا يبقى مجال للإشكال به ، حسبما ورد في كلام ابن الحاج وابن تيمية.

____________________

(١) كشف الارتياب / ٤٤٩عن السمهودي ، والصارم المنكي / ٢٩٧ ، وراجع / ٣٠٠ ، وعون المعبود ٦ هامش / ٣١ - ٣٢ ، وشفاء السقام / ٦٧ ، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين / ١٢٢ ، وزيارة القبور الشرعية والشركية / ١٥.

(٢) لقد نشرنا مقالاً أثبتنا فيه أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله دفن في بيت فاطمة لا في بيت عائشة فراجع كتابنا دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج١.

(٣) مقدمة شفاء السقام / ١٢٥-١٢٦والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين.

(٤) راجع : مقدمة شفاء السقام ، المسمّاة : تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد / ١١٨ ، والصارم المنكي / ٢٦١-٢٦٢ ، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين / ١٥١.

(٥) راجع الدر المنثور ٦ / ٧٣ ، عن مصنف ابن أبي شيبة ، وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي / ١٤٤و١٤٥ ، السيرة الحلبية٣ / ٢٥ ، وفتح الباري ١ / ٤٦٩ ، و٧ / ٣٤٥ ، وإرشاد الساري ٦ / ٣٥٠ ، وطبقات ابن سعد ٢ ، قسم ١ / ٧٣ ، وشرح النهج للمعتزلي ١ / ١٧٨ ، وراجع الغدير ٦ / ١٤٦و١٤٧ عن مَن تقدم وعن غيره ، وكذا كتاب التبرك / ٢٢٦-٢٣٥ عن مَن تقدم وغيره.

(٦) كشف الارتياب / ٤٤٩ عن السمهودي في وفاء الوفاء , وشفاء السقام / ٦٧ ، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين / ١٢٢ ، والصارم المنكي / ٢٩٧.

٤٣

وأمّا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( وصلّوا عليّ حيث ما كنتم )) فهو بيان لأمر ثالث آخر ، وهو : إنّ الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجب أن يراعى فيها الحضور عنده ، بل هي تصله عن بُعد ، كما تصله عن قرب.

وأمّا احتمال أن يكون المعنى لقوله : (( لا تتخذوا قبري عيداً )) لا تتخذوا له وقتاً مخصوصاً(١) ، فهو بعيد عن سياق الكلام وعن ظاهره ، بل يكون أشبه بالأحاجي والألغاز ، كما ذكره البعض(٢) .

وبعد كل ما تقدّم ، وبعد أن كان الظاهر من العبارة هو المعنى الذي أشرنا إليه ، مع احتمال أن يكون كلام المنذري أيضاً مراد فلا تبقى الرواية صالحة للاستدلال بها على المنع من الاجتماعات ، وإقامة الموالد والذكريات والدعاء والزيارة في أوقات معيّنة ، كما يريد ابن تيمية وأتباعه إثباته.. إذ يكفي لردّ الاستدلال ورود الاحتمال العقلائي فيه ، فكيف إذا كان هذا الاحتمال من القوة بحيث يصير صالحاً لأن يدّعى أنه هو الظاهر من الرواية دون سواه ؟

ولو سلّمنا أنّ احتمال إرادة المنع عن الموالد والذكريات والاجتماعات وارد في الرواية ، فإنها لا أقل تصير مجملة لا ظهور فيها ، فتسقط عن صلاحيتها للاستدلال به.

هذا كلّه بالإضافة إلى أنّ الرواية خاصة بالتجمّع عند القبور ، فلا أطلق فيها بالنسبة إلى غيرها من المواضع ، ولعلّ لقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خصوصية في المقام ، وهي : أنه يمكن أن يؤدي بهم الأمر إلى نحو من العبادة له ، فمنع الشارع من التجمّع عنده احتياطاً لذلك ، بخلاف قبر غيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن احتمال ذلك أبعد.

الرواية عن السجادعليه‌السلام ، وابن عمّه

وأمّا بالنسبة للرواية المنسوبة للإمام السجادعليه‌السلام ، وقريب منها الرواية المنسوبة لحسن بن الحسن والتي مفادها : أنهعليه‌السلام حينما لاحظ ذلك الرجل يأتي كل غداة فيزور قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويصلّي عليه حدّثهعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : (( لا تجعلوا قبري عيداً ، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، وصلّوا عليّ وسلّموا حيثما كنتم , فسيبلغني سلامكم وصلاتكم))(٤) .

فإنّ هذه الرواية ظاهرة في أنه (عليه الصلاة والسلام) عندما لاحظ أنّ ذلك الرجل قد ألزم نفسه بأمر شاق ، وهو المجيء يومياً للصلاة عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله وزيارته ، فأرادعليه‌السلام التخفيف عنه ، وإفهامه أنّ بإمكانه الصلاة والتسليم عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيثما كان ، فسيبلغه ذلك ، فلا داعي لإلزام نفسه بما فيه كلفة ومشقّة ، ولم ينهه عن الصلاة والدعاء عند قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) . وعلى ذلك يحمل ما ورد عن حسن بن حسن أيضاً.

____________________

(١) المصادر المتقدّمة.

(٢) راجع عون المعبود ٦ / ٣١-٣٢ ، وراجع الصارم المنكي / ٢٧٩.

(٣) قد تقدّمت مصادر الرواية من ضمن مصادر أبي داود عن أبي هريرة : لا تتخذوا قبري عيداً.

(٤) أشار إلى ذلك أيضاً في شفاء السقام / ٦٦ ، والصارم المنكي / ٢٨١ - ١٩٨.

٤٤

وأمّا ما ذكره البعض من أنّ مرادهعليه‌السلام أنّ قصد القبر للدعاء ونحوه اتخاذ له عيد.. كما أنّ حسن بن حسن شيخ أهل بيته (على حدّ تعبير هذا البعض) قد كره للرجل أن يقصد القبر للسلام عليه ونحوه عند دخول المسجد ، ورأى أنّ ذلك من اتخاذه عيداً إلى أن قال : والعيد إذا جعل اسماً للمكان ، فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وانتيابه للعبادة عنده ، أو لغير العبادة كما أنّ المسجد الحرام ، ومنى ، ومزدلفة ، وعرفة ، جعلها الله عيداً مثابة للناس ، يجتمعون فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك(١) .

أمّا ما تقدّم فإنه لا ينسجم مع سياق الحديث ، وما ذكرناه هو الظاهر منه ، ولا أقل هو محتمل بحيث يبطل به الاستدلال , حسبما أوضحناه فيما سبق بالنسبة لخصوص فقرة : لا تجعلوا قبري عيداً وأمّا بالنسبة لِما أراده الإمام السّجادعليه‌السلام ، فإنّ ما ذكرناه آنفاً الظاهر الذي لا محيص عنه.

هذا بالإضافة إلى ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ ذلك لا يدلّ على عدم جواز عمل الموالد والذكريات.

المعاصي في المناسبات دليل المنع

ونحن لا ننكر أنّ ارتكاب أيّ من المعاصي لا يجوز ، ولكن عدم جواز ذلك لا يختص بالاحتفالات بل حرمتها مطلقة ، ولا يلزم من تحريمها تحريم إقامة الذكريات والمواسم والاحتفالات ، بل لا يمكن أن تكون هذه محكومة بالحلّية وتلك بالحرمة ولا ملازمة بينهما ؛ إذ يمكن إقامة الاحتفالات من دون تعرّض للمعاصي إطلاقاً ، كما هو معلوم ومشاهد ، وإلاّ فلو استغلّت الصلاة لخداع الناس مثلاً فهل تكون الصلاة محرمة مطلقاً ، أم أنّ المحرم هو الخصوص هذا الذي يضاف إلى الصلاة ويجب الابتعاد عنه وتركه ؟!

هذا كلّه عدا عن أنّ بعض ما ذكروه مما يفعل في المولد ؛ إمّا ليس حراما ، وإمّا محل الخلاف. وإن كان بعضه لا شكّ في تحريمه.

إحياء سنن الجاهليّة

وأمّا أنّ هذه المواسم إحياءً لسنن الجاهلية فهو أوّل الكلام ، فلا بد من إثباته ؛ وأمّا أنها إماتة لشرائع الإسلام من القلوب ، فالقائل بجوازها يقول بعكس ذلك تماماً ، أي إنه يقول : إنها إحياء لشرائع الإسلام في القلوب ، ولا سيّما ما فيه تذكر للنبي ولأعماله العظيمة ، وللإنجازات الكبرى للإسلام وللمسلمين.

____________________

(١) راجع : الصارم المنكي / ٢٩٨ عن ابن تيمية وقد تقدّم بعض ما يشير إلى ذلك في ضمن ما نقلناه من استدلالاتهم في الفصل السابق.

٤٥

ولو كان في هذه الاحتفالات هذا المحذور بسبب ما يحدث فيه من الفرح واللهو والانصراف عن التفكر في الله وفي دينه وشرعه , لوجب تحريم كل ما فيه هذه الخصوصية حتّى الزواج ، وملاعبة الأطفال ، والتجارة ....إلخ ؛ فإن ذلك أيضاً فيه انصراف وإلهاء عن التفكير في الله وشرعه وأحكامه بل هذه الاُمور أدعى لذلك لِما فيها من الاستمرار والتكرار لذلك ، بخلاف المواسم والاحتفالات والزيارات والأعياد فإنها قليلة جداً بالنسبة لِما ذكرناه وأشباهه.

مانعية الاختلاف في المولد

وأمّا أنّ الاختلاف في مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوجب عدم جواز اتخاذ يوم مولده عيد فهو عجيب بل وأعجب من عجيب ، بل إنّ معنى ذلك هو أنّ الاختلاف في يوم عرفة مثلاً ، أو في أوّل شهر رمضان ، أو في أوّل شوال بسبب الاختلاف في رؤية الهلال وعدمها يوجب عدم جواز الوقوف في عرفة ، وصوم أوّل الشهر وإفطاره.

كما أنّ الاختلاف الحاصل في أكثر المسائل الفقهية يوجب الحكم بالحرمة فيها ولا أدري لماذا نشأت الحرمة عن ذلك ، ولم ينشأ غيرها من الأحكام ؟! وكذلك الحال بالنسبة للاختلاف في ليلة القدر ، كذلك الاختلاف في أوّل ما نزل من القرآن فإنه ينبغي أن يوجب حرمة قراءة ما اختلف فيه في الصلاة ، وكذلك ما اختلف في كونه مكّياً أو مدنياً ، أو في السفر أو الحضر ، أو أنه نزل في شأن فلان أو فلان الآخر ، وهكذا. أضف إلى ذلك أنّ من المعروف عند جميع الفقهاء والمتشرعة أنّ ما يقع فيه الاختلاف ، مما كان من هذا القبيل ، يمكن أن يؤتى به برجاء إدراك الواقع. هذا كلّه عدا عن أنّ القائل بجواز إقامة الاحتفالات لا يدّعي أنها جزء من الدين ، فلا بد من مراعاة خصوصياتها لذلك ، بل هو يقول : إنها من جملة الأشياء التي بقيت على الإباحة ، حيث لم يرد فيها نهي ، فمَن شاء فعله ومَن شاء تركه ، من دون أن يكون كل من الفعل أو الترك ذا صفة تعبّدية إطلاقاً ، فتكون كسائر حركات الإنسان وأفعاله التي لم يرد فيها ما يوجب ترجيح ، أو تقبيح.

عدم الدليل العقلي والشرعي

وأمّا الاستدلال بأنّ ذلك لم يرد به عقل ولا شرع فقد تقدّم آنفاً الجواب عنه ، وأنّ مَن يدّعي المنع هو الذي يحتاج إلى الدليل ؛ وأمّا الآخرون فهم لا يدّعون أنّ ذلك - أعني الاحتفالات والموالد ، ونحوها - من الشرع حتّى يحتاجوا إلى الدليل المثبت لكونه قد ورد فيه تشريع بخصوصه. كما أنهم لا يدّعون كونها من الأحكام العقلية التي لا مفرّ منها ولا محيص عنه ، بل هم يدّعون عدم وجود مانع عقلي ولا شرعي منه ، وإنما هي باقية على الإباحة حتّى يثبت الرادع أو المعين لأحد الأحكام الاُخرى هذا كلّه عدا عن أنّ في هذه المناسبات والمواسم من الفوائد ما يجعلها راجحة عقلاً إذا خلت من ارتكاب المعاصي ، أضف إلى ذلك أنّ ثمّة بعض الشواهد والدلائل التي تفيد مشروعية هذه المناسبات والاحتفالات. بعضها ناظر إلى خصوص بعض المواسم ، وبعضها الآخر له صفة الإطلاق والعموم أو الخصوص اللفظي ، مع ملاحظة عموم العلة وخصوصها كما سنرى.

٤٦

إيهام المشروعيّة

وأمّا الاستدلال على عدم مشروعية المواسم ، بأن الناس العاديين يتوهّمون مشروعيتها فيرد عليه :

أوّلاً : إنها لا توهم ذلك ؛ لأن الكل يعلم أنها من باب التكريم والتعظيم ، ولا يتوهّم أحد صدور أمر خاص به ، وبما لها من العنوان ، وإنما يعتبرونها من قبيل الاحتفال بولادة ولد ، أو قدوم عزيز.

ثانياً : لو سلّم ، فإن ذلك لا يجعلها بدعة ، ولا يلزمنا دفع الوهم المذكور إلاّ كما يلزمنا تعليم أي جاهل ولو أوجب الوهم المذكور صيرورتها بدعة لأوجبت هذه الأوهام تحريم كثير من المستحبّات والمباحات ، أو استحباب أو إباحة كثير من المحرمات ، نحو ذلك إذ قد يتوهّم من المداومة على بعض النوافل مثلاً وجوبها ، فهل تصبح من أجل ذلك بدعة محرمة ، أم أنّ على الجاهل أن يتعلم ، وعلى العالم أن يعلمه بالطرق العادية والمألوفة ؟!

التخفيف عن الاُمّة والتعظيم

بالوجه الشرعي وأمّا حكاية أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد التخفيف عن أمّته فلم يلزمها بالمواسم والموالد ، فقد تقدّم وسيأتي أنّ الشارع قد طلبها بعنوانها العام ، ولا أقل من أنها من الاُمور المباحة التي لا مانع منها شرعاً ولا عقلاً.

وأمّا قولهم : التعظيم لا بدّ وأن يكون بالوجه الشرعي فلا يختلف فيه عن سابقه.

وليراجع الوجهان اللذان ذكرناهما حين الكلام على تقسيمات البدعة ليتضح فساد ما ذكر هنا.

مشابهة النصارى

وأمّا الحديث أنّ في ذلك مشابهة للنصارى في أعيادهم الزمانيّة والمكانيّة , فيكفي أن نذكر : أنّ عيد الفطر وعيد الأضحى يشبهان الأعياد الزمانيّة للنصارى أيضاً ، كما أنّ الحج مثلاً - حسب تفسيرهم للعيد - يشبه أعيادهم المكانيّة بالإضافة إلى سائر أيّام عيد الأضحى ، فينبغي أن يصبح عيد الفطر والأضحى محرّمين وكذلك الحج ، حسب ما يقتضيه الدليل المذكور.

كما وينبغي تحريم بناء المساجد ، بل وتحريم الاجتماع فيها للصلاة ؛ لأنه يشبه تجمّع النصارى في كنائسهم , كذلك ينبغي تحريم الأكل والشرب , ولبس الثياب , وركوب الدابة , إلى غير ذلك.

وأيضاً فإن المشابهة للنصارى ، إن كانت في اُمور تقتضيها طبيعة البشر وحياتهم وتعاملهم العادي والطبيعي فلا مانع منه ، وإن كانت نتيجة لتشريع إلهي يتحرّى مصلحة البشر وسعادتهم فلا مانع من ذلك أيضاً.

٤٧

وأمّا إذا كانت نتيجة اجتهاد بشري في مقابل التشريع الإلهي ، بهدف إبطال الشرع والدين ، أو بهدف الزيادة أو إحداث النقص فيه فذلك هو الذنب ، وتلك هي الجريمة بعينها ، ولكن ما نحن فيه إنما هو من القسم الأوّل ، بل ومن القسم الثاني كما سيتضح ، لا من القسم الأخير.

يوم ولادته يوم موتهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قال أبو بكر جابر الجزائري - تبعاً لغيره - حول إعلان الفرح بمولده الشريف : وإن كان باليوم الذي ولد فيه ، فإنه أيضاً اليوم الذي مات فيه ، ولا أحسب عاقلاً يقيم احتفال فرح وسرور باليوم الذي مات فيه حبيبه.. إلى أن قال : أضف إلى ذلك أنّ الفطرة قاضية أنّ الإنسان يفرح بالمولود يوم ولادته ويحزن عليه يوم موته ، فسبحان الله ، كيف يحاول الإنسان غروراً تغيير الطبيعة ؟!(١) .

ونقول : إنه لم يدّعِ أحد أنه حتّى في يوم الوفاة لا بدّ من الفرح والسرور ، ولا يلزم من قول المجوّزين للمواسم والذكريات ذلك.

بل هم يقولون : إنّ كل ذكرى لا بدّ وأن يعمل فيها ما يناسبها ، ولأجل ذلك نجد الحملة الشعواء من ابن تيمية ومَن لفّ لفّه على الروافض على إقامتهم المآتم في عاشوراء ، والأفراح في يوم الغدير ، ويوم المولد وأشباهه أضف إلى ذلك أنهم كما يقيمون الأفراح في مثل يوم مولده ومبعثهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذلك هم يقيمون العزاء والحزن في مثل يوم وفاته.

وأمّا كون يوم وفاته هو يوم ولادته فهو ليس مما ينبغي أن يقال هنا ؛ لأن الذكريات إنما تقام لصاحب الذكرى في كل عام مرة ، وهذا يتوقّف على الاختلاف في تواريخ الذكريات من حيث موقعها من الأشهر والأيّام فيه.

ولا تقام في كل اُسبوع مرة ، بحيث ينشغل الناس بها باستمرار وتختل أعمالهم وتتأثّر مصالحهم ، حتّى يقال : إنه قد اجتمع يوم الحزن وهو الوفاة يوم الاثنين ، مع يوم الفرح وهو يوم الإثنين.

هذا كلّه فضلاً عن اعترافه أخيراً بأن الفطرة قاضية بالفرح يوم المولد وبالحزن يوم الوفاة ، والناس قد عملوا في هذا الأمر تماماً وفق مقتضيات الفطرة ، والذين يمنعون من ذلك هم المخالفون لأحكام الفطرة ولمقتضياته ، كما هو ظاهر للعيان , وليس ما نحن فيه إلاّ أدلّ دليل على ذلك.

موقف السلف من الأعياد والمواسم

وأمّا ما ذكروه من أنّ السلف لم يقيموا هذه المواسم ، ولم يفعلوا شيئاً من هذه الأعياد ، أو لم ينقل عنهم فنقول:

____________________

(١) الإنصاف في ما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٥٤-٥٥ ، وراجع كلام الفاكهاني / ٨٥ ، وفي رسالة حسن المقصد للسيوطي ، الموجودة في الحاوي للفتاوي ١ / ١٩٠-١٩٢ ، والقول الفصل / ٥١.

٤٨

١- لسوف يأتي إن شاء الله تعالى أنّ السلف قد احتفلوا ببعض الأعياد والمواسم غير الفطر والأضحى ، ولكننا نجد هؤلاء الذين يدّعون لأنفسهم التبيعة للسلف لا يعترفون بتلك الأعياد والمناسبات أيضاً.

وعلى فرض أنّ السلف لم يفعلوا بعض الاُمور ، ومنها الأعياد غير الفطر والأضحى ، فإنّ عدم فعلهم لا يضرّ ، ما دام قد انعقد الإجماع بعد ذلك على إقامة هذه المواسم والأعياد ، ولاسيّما عيد المولد النبوي ، وعمّ ذلك جميع قطاعات الأمّة صغيرها وكبيرها ، عالِمها وجاهلها ، رئيسها ومرؤوسها...إلخ كما تقدّم حين الكلام على أوّل مَن عمل المولد النبويصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك في الفصل الأوّل وبعده.

وقد استمرّ عمل الناس على هذه المواسم إلى قرب ظهور ابن تيمية الذي أقام الدنيا وأقعدها ، في إنكاره اُموراً واضحة ، وفي دعاواه العريضة.

وهم أنفسهم قد صرّحوا بأن الإجماع معصوم ، وبأنه يمكن انعقاده في كل عصر وزمان ، ويكون حجة.

بل لقد صرّحوا بأن الإجماع نبوة بعد نبوة ، وليس لهم دليل معصوم سواه ، وقد جعله الله في الشريعة خلف النبوة ، حيث كان نبيّها خاتم الأنبياء لا يخلفه نبي ، فجعل اجتماع أمّته بدلاً من نبوة بعد نبوة(١) .

نعم ، وقد انعقد هذا الإجماع أيضاً على إقامة مراسم النيروز ، والمهرجان وكذا عيد الحجامة ، والختان ، وغير ذلك في العصور الثلاثة الأولى ، ثمّ على إقامة المولد بعد ذلك.

٣- وأمّا بالنسبة لإنكار بعض السلف زيارة القبور- قبور أئمة أهل البيتعليهم‌السلام - في مواسم معيّنة ، لأسباب سياسية - كما ظهر من المنصور والمتوكل - ولتعصّبات مذهبية ، إن صلح هذا دليل ، فإنما يصلح دليلاً لأتباع ذلك البعض ، وهو حجة عليهم ، دون غيرهم من سائر الفرق والمذاهب الإسلاميّة.

٤- أضف إلى ذلك كلّه أنّ آراء السلف وأقوالهم ومواقفهم متناقضة ومتباينة ، حتّى الصحابة مع بعضهم البعض في كثير من المسائل ، فما الذي يكون حجة منها ؟ وكيف ؟ مع أنّه لم ينقل لهم رأي في ذلك. لا ، قد نقل لهم رأي مخالف بالنسبة للأعياد.

٥- ولو سلّم صلاحية منعهم من زيارة القبور للاستدلال به ، فإنما يقتصر على مورده وهو زيارة القبور فحسب ، ولا يصلح للاستدلال به على تحريم الاحتفال بعيد الاستقلال مثلاً.

____________________

(١) راجع فيما تقدم المنتظم لابن الجوزي ٩ / ٢١٠ ، وبحوث مع أهل السنّة والسلفية / ٢٧عنه ، عن أبي الوفاء ان عقيل أحد شيوخ الحنابلة.

وراجع حول عصمة الإجماع أيضاً كتاب الإلمام ٦ / ١٢٦ ، والإحكام في اُصول الأحكام ١ / ٢٠٤و٢٥٠ ، وحول حجية الإجماع في كل عصر / ٢٠٨ ، فما بعده.

وراجع كذلك تهذيب الأسماء واللغات ، القسم الأوّل ١ / ٤٢ ، وسائر كتب الاُصول الباحثة حول الإجماع وحجيته على مذاق أهل السنّة.

٤٩

٦- وأمّا قولهم : إنّ السلف كانوا أكثر حبّاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منّا فهو ينافي قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( إنه سيأتي أقوام يحبّونه أكثر من حبّ أصحابه له )) ونقل ذلك أيضاً عن عمار بن ياسر(١) .

٧- هذا كلّه عدا أنه لا يلزم على السلف أن يعملوا بجميع المباحات ، أو حتّى بجميع المستحبات.

٨- أضف إلى ذلك : إنّ السلف إذا تأوّلوا - خطأ - حديث : (( لا تتخذوا قبري عيداً )) على ذلك ، فامتنعوا من عمل الموالد والذكريات. فلو أدركنا نحن خطأهم في فَهم النص أو في الاستظهار منه كان لنا مخالفتهم ، بعد أن فرضنا أنّ باب الاجتهاد كان ولا يزال مفتوح ، حسبما اعترف ابن تيمية الذي حكم بالأجر لمَن اجتهد في هذا الأمر وأخطأ.

٩- أمّا تفسير الآيات القرآنية فقد جاء النص ليؤكّد ويصرّح بأن القرآن إنما يفهم مع تمادي القرون والأزمان حيث تتضح مداليله ، وتظهر معالمه فبعد أن روى ابن المبارك حديث : (( إنه ما من آية في كتاب الله إلاّ ولها ظهر وبطن ، ولكل حد مطلع )) قال : سمعت غير واحد في هذا الحديث : (( ما في كتاب الله آية إلاّ ولها ظهر وبطن )).

يقول : لها تفسير ظاهر ، وتفسير خفي ، ولكل حد مطلع. يقول يطلع عليه قوم فيستعملونه على تلك المعاني ثمّ يذهب ذلك القرن ، فيجيء قرن آخر ، فيطلعون منها على معنى آخر ، فيذهب ما كان عليه مَن كان قبلهم ، فلا يزال الناس على ذلك إلى يوم القيامة... إلخ(٢) .

فلا معنى إذاً لحصر فَهم الآيات القرآنية والنصوص النبويّة التي فيها أيضاً المحكم والمتشابه , والعام والخاص...إلخ كالقرآن , لا وجه لحصر فهمهما بطائفة دون طائفة , ولا بفريق دون فريق ؛ فكل مَن فهم من القرآن أمراً صحيحاً جديداً تعيّن عليه أن يلتزم به ويعمل بما فهم.

وكم قد ترك الأوّل للآخر وكم من التفريعات الفقهية والتي تنبّه إليها المتأخرون ولم يذكرها السلف ، ولا أشار إليها ولا خطرت لهم على بال ، ولا احتاجوا إليها إطلاقاً.

١٠- هذا كلّه عدا ما تقدّم ، من أنّ المانع هو الذي يحتاج إلى الدليل ؛ وأمّا الآخرون فلا يدّعون أنّ ذلك جزءاً من الشريعة ، ليصح الاحتجاج عليهم بفعل السلف ، أو بعدم فعلهم.

١١- وبعد ، فلو كان عمل السلف حجة لدخل الكثير مما ليس من الدين في الدين ، وذلك من قبيل ما أحدثه الاُمويّون في أيّام عاشوراء ، ولم يتجرّأ السلف على معارضتهم ، بل اضطرّوا إلى مجاراتهم ، فهل يكون عمل السلف هذا حجة على مَن بعدهم ؟!

____________________

(١) راجع : مجمع الزوائد ١٠ / ٦٦ ، عن أحمد والبزّار والطبراني ، عن أبي ذر وأبي هريرة ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن عمار بن ياسر ، وكنز العمال ٢ / ٣٧٤ ، عن ابن عساكر ، عن أبي هريرة.

(٢) الزهد والرقائق ، قسم ما رواه نعيم بن حماد / ٢٣ ، ولتوضيح ذلك لا بأس بمراجعة كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ١ / ٢٠٠ - ٢١٦.

٥٠

ومثل ذلك كثير في حياة السلف وأعمالهم ومواقفهم ، يشمل سائر الأحوال والأعمال التي أرادهم الحكّام عليه ، ولم يمكنهم المخالفة فيها سواء في عهد الاُمويّين أو العباسيّين.

١٢- بل إنّ هؤلاء المانعين أنفسهم يعلّلون إقدام السيوطي على التأليف في مشروعية المولد بقولهم : وذلك إرضاءً للعامة والخاصة أيضاً من جهة ، وتبريراً لرضا العلماء به وسكوتهم عنه ؛ لخوفهم من الحاكم والعوام من جهة اُخرى(١) .

المواسم والموالد لهدم الإسلام

وأمّا أنّ هذه المواسم والموالد قد جعلت لهدم الإسلام ، والقضاء على العقيدة الإسلاميّة ، فهو مصادرة على المطلوب ؛ وذلك لأن مَن يقيم المولد والموسم يقول : إنّ هذه المواسم والموالد قد جعلت لأجل إحياء الإسلام ، وتركيز العقيدة الإسلاميّة.. وإذا ما كان هناك مَن يستغل بعض الاُمور المحللة لاُمور محرمة ، فلا يوجب تحريم الحلال ، كما لم يوجب ذلك إخراج الواجب عن كونه واجب ؛ فإنّ مَن يحاول أن يخدع الناس عن طريق الصلاة والصوم والعبادة ، لا يعني ذلك حرمة هذه العبادات نعم ، المحرم هو استغلاله لها بهذه الصورة.

هذا كلّه عدا ما قدّمناه من أننا نرى أنها داخلة تحت عنوان التعظيم المطلوب للشارع.

وأمّا استدلاله على دعواه بمناصرة أهل الباطل له ، ووقوفهم إلى جنبه ومعه فهو في غير محله أيضاً ؛ فإنّ أهل الباطل يحاولون خداع الناس بإظهارهم التقوى والورع ، وعدم ضدّيتهم مع عقائد الناس وعاداتهم وأعرافهم ؛ من أجل أن يحصلوا على ما هو أعظم وأهم بنظرهم , فهذا الاستدلال على ضد مراد المستدل أدل كما هو ظاهر لا يخفى.

عاشوراء.. عيد الشامتين بأهل البيتعليهم‌السلام

وإذا أردنا أن نسلّم بما يقال : من أنّ عمل السلف حجة ، وإن لم يكن المعصوم داخلاً فيهم ، بل وحتى كفاية عمل عمر بن عبد العزيز وأمثاله ، ليكون ذلك سنّة ومن الدين(٢) .

وإذا كان عصر الصحابة والتابعين هو العصر الذي تنعقد فيه الإجماعات ، وتصير حجة وتشريعاً متّبع ، وإذا كان الإجماع معصوماً ونبوة بعد نبوة ، حسبما يدّعون ، وإذا كان يحلّ لمسلم أن يدّعي وجود نبوة بعد نبوة خاتم النبيين ، خلافاً لنص القرآن الكريم :( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٣) .

____________________

(١) الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ٥٧.

(٢) قد تقدّم ما يشير إلى ذلك حين الكلام على مشروعية التهنئة في العيد.

(٣) سورة الأحزاب / ٤٠.

٥١

وإذا كان يجوز طرح القرآن وكل ما قاله النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله لمجرد أنه انعقد الإجماع بعد عصر النبي على خلافهم ، إذا جاز كل ذلك فلقد سبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام على عشرات الألوف من المنابر في جميع أقطار العالم الإسلامي ، من قِبَل وعّاظ السلاطين ، طيلة العشرات من السنين ، ومن قِبَل العديد من الصحابة.

كما أنّ بني اُميّة وكل أتباعهم ومَن كان تحت سيطرتهم ، ثمّ بعد ذلك بني أيوب ولمدّة عشرات السنين ، قد اتخذوا يوم عاشوراء عيد ، وأوّل مَن فعل ذلك الحجاج برضا وبمرأى ومسمع من الخليفة عبد الملك بن مروان ، وبمرأى ومسمع من بقايا الصحابة وجميع التابعين. ولم نجد اعتراضاً من أحد منهم ، ولا من أي من علماء الأمّة وصلحائها - باستثناء أهل البيتعليهم‌السلام الذين كانوا يعملون بمبدأ التقية آنئذ - لا في تلك الفترة ، ولا في زمان بني أيوب وبعده ولا سيّما وأنهم يروون اُموراً وحوادث عظيمة اتفق وقوعها في هذا اليوم ، من قبيل : توبة الله فيه على آدم ، واستواء السفينة على الجودي ، ونحو ذلك(١) .

وياليتهم أفتوا بذلك ، بل لقد تعدّوا ذلك إلى الإفتاء بحرمة لعن يزيد ، وعدم جواز تكفيره ، وقالوا : إنه من جملة المؤمنين(٢) كما أنّ الجمهور قد خالفوا في جواز لعنه بالتعيين(٣) .

بل يقول الشبراوي الشافعي ، عن الغزالي ، وابن العربي : فإن كلاهما قد بالغ في تحريم سبّه ولعنه ، لكن كلاهما مردود ؛ لأنه مبني على صحة بيعة يزيد لسبقه ، والذي عليه المحققون خلاف ما قالاه(٤) .

أضف إلى ذلك : إنّ عمر بن عبد العزيز قد ضرب ذلك الذي وصف يزيد ب- (أمير المؤمنين) عشرين سوطاً(٥) كما أنّ الإمام أحمد بن حنبل قد حكم أيضاً بكفر يزيد(٦) ثمّ زادوا في الطنبور نغمة ، فقالوا : يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين وحكاياته قال ذلك الغزالي وغيره(٧) .

وليس ذلك ببعيد على مَن لا يرى بأساً بالسكوت حتّى عن لعن إبليس ، كما عن ابن أبي شريف ، بل قال الرملي : ينبغي لنا أن لا نلعنه(٨) .

____________________

(١) راجع على سبيل المثال : عجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان ١ / ١١٤.

(٢) الصواعق المحرقة / ٢٢١ ، وإحياء علوم الدين ٣ / ١٢٥ ، وراجع العواصم من القواصم ، وهوامشه لترى دفاعهم المستميت عن يزيد لعنه الله تعالى.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف / ٦٢.

(٤) الإتحاف بحب الأشراف / ٦٨.

(٥) الصواعق المحرقة / ٢٢٢ ، وتاريخ الخلفاء / ٢٠٩.

(٦) الإتحاف بحب الأشراف / ٦٣و٦٨.

(٧) الصواعق المحرقة / ٢٢١.

(٨) الإتحاف بحب الأشراف / ٦٧ - ٦٨.

٥٢

وأمّا تحريم التحزّن والتجمّع في يوم عاشوراء(١) فلعلّه أهون بلكم الشرور ، بعد أن كانوا وما زالوا يهاجمون مجالس عزاء الإمام الحسينعليه‌السلام ، ويقتلون مَن يقدرون عليه من المشاركين فيه ، بل ويحرقون المساجد ويفعلون الأفاعيل في سبيل ذلك(٢) .

وأمّا اعتبار عاشوراء عيد فتوضّحه النصوص التالية :

قال علاء زكريا القزويني : فزعم بنو اُميّة أنهم اتخذوه عيداً ، فتزيّنوا فيه ، وأقاموا الضيافات والشيعة اتخذوه يوم عزاء ينوحون فيه ، ويجتنبون الزينة.

وأهل السنّة يزعمون : أنّ الاكتحال في هذا اليوم مانع من الرمد في تلك السنة(٣) ، ومَن اغتسل فيه لم يمرض ذلك العام ، ومَن وسّع على عياله وسّع الله عليه سائر سنته(٤) .

وقال عن شهر صفر : اليوم الأوّل منه عيد بني اُميّة ، أدخلت فيه رأس الحسينرضي‌الله‌عنه بدمشق(٥) .

وقال البيروني ، بعد ذكر ما جرى على الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء : فأمّا بنو اُميّة ، فقد لبسوا فيه ما تجدّد , وتزيّنوا ، واكتحلوا ، وعيّدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات ، وأطعموا الحلاوات والطيّبات ، وجرى الرسم في العامة على ذلك أيّام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم. وأمّا الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون ؛ أسفاً لقتل سيّد الشهداء فيه(٦) .

ويقول المقريزي : فلمّا زالت الدولة اتخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور ، يوسّعون فيه على عيالهم ، وينبسطون في المطاعم ، ويتخذون الأواني الجديدة ، ويكتحلون ، ويدخلون الحمام جرياً على عادة أهل الشام التي سنّها الحجاج في أيّام عبد الملك بن مروان ؛ ليرغموا به آناف شيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن علي ؛ لأنه قتل فيه.

قال : وقد أدركنا بقايا مما عمله بنو أيوب ، من اتخاذ عاشوراء يوم سرور وتبسّط(٧) .

أمّا ابن حجر الهيثمي والزرندي ، فيقولان في معرض نهيهما عن الندب والنياحة والحزن يوم عاشوراء ، الذي هو من بدع الرافضة ، ونهيهما عن العمل ببدع الناصبة المتعصّبين على أهل البيت ، أو الجهال المقابلين الفاسد بالفاسد ، والبدعة بالبدعة ، والشر بالشر ، من إظهار غاية الفرح واتخاذه

____________________

(١) اقتضاء الصراط المستقيم / ٢٩٩ -٣٠٠ , ونظم درر السمطين / ٢٢٨.

(٢) راجع المنتظم ، وشذرات الذهب ، والكامل لابن الأثير ، والبداية والنهاية ، وهم يتحدثون عن الفتن في بغداد بين أهل السنّة والرافضة في مطلع كلّ عام بمناسبة عاشوراء.

(٣) عجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان ١ / ١١٥ , ونظم درر السمطين / ٢٣٠.

(٤) نظم درر السمطين / ٢٣٠.

(٥) المصدر السابق.

(٦) الكنى والألقاب ١ / ٤٣١ ، وراجع الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري ١ / ١٣٧ عن الآثار الباقية للبيروني , ط اُوربا / ٣٢٩.

(٧) الخطط والآثار ١ / ٤٩٠ ، والحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري ١ / ١٣٨ عنه.

٥٣

عيداً ، وإظهار الزينة فيه ؛ كالخضاب ، والاكتحال ، ولبس جديد الثياب ، وتوسيع النفقات ، وطبخ الأطعمة والحبوب الخارجة عن العادات ، واعتقادهم أنّ ذلك من السنّة والمعتاد(١) .

وحتّى ابن تيمية نجده ينكر هذا الأمر ، فيقول : وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء ، وتوسيع النفقات فيه هو من البدع المحدثة المقابلة للرافضة(٢) .

هذا , وقد ورد في زيارة عاشوراء المرويّة عن الإمام الباقرعليه‌السلام قوله:(( اللّهم إنّ هذا يوم تبرّكت به بنو اُميّة ، وابنُ آكلة الأكباد ))(٣) .

التزلّف الوقح

وأضاف ابن تيمية إلى عبارته آنفة الذكر قوله : وقد وضعت في ذلك أحاديث مكذوبة في فضائل ما يصنع فيه ، من الاغتسال والاكتحال إلخ(٤) . وقال : وأحدث فيه بعض الناس أشياء مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها ، مثل الاغتسال فيه ، أو التكحّل ، أو المصافحة وهذه الأشياء ونحوها من الاُمور المبتدعة ، كلها مكروهة ، وإنما المستحب صومه. ونقول : قد عرفت أنّ صومه مكذوب أيضاً.

وقد روي في التوسّع فيه على العيال آثار معروفة ، أعلى ما فيها حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، قال : بلغني أنه مَن وسّع على أهله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر سنته رواه ابن عيينة.

وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله والأشبه أنّ هذا وضع لمّا ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة ؛ فإن هؤلاء أعدّوا يوم عاشوراء مأتم ، فوضع أولئك فيه آثاراً تقتضي التوسّع فيه ، واتخاذه عيداً(٥) .

بل لقد بلغ بهم الأمر أن رووا في تفسير آية :( مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) ، عن ابن عباس : يوم الزينة يوم عاشوراء(٦) .

وعن ابن عمر ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ، ومَن تصدّق يومئذ بصدقة أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة )) يعني يوم عاشوراء(٧) .

____________________

(١) الصواعق المحرقة / ١٨١ - ١٨٢ ، ونظم درر السمطين / ٢٢٨ - ٢٢٩ - ٢٣٠.

(٢) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٠١.

(٣) مصابيح الجنان / ٢٩١.

(٤) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٠١ ، وراجع نظم درر السمطين / ٢٣٠.

(٥) اقتضاء الصراط المستقيم / ٣٠٠ ، وللاطلاع على بعض هذه الأحاديث راجع نوادر الاُصول / ٢٤٦ ، والسيرة الحلبيّة ٢ / ١٣٤ ، واللآلئ المصنوعة ١ / ١٠٨ - ١١٦ ، وتذكرة الموضوعات / ١١٨ ، ونظم درر السمطين / ٢٣٠.

(٦) الدر المنثور ٤ / ٣٠٣ ، عن سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وراجع عجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان ١ / ١١٤.

(٧) الدر المنثور ٤ / ٣٠٣ عن ابن المنذر.

٥٤

بل تقدم أنّ أهل السنّة يزعمون : أنّ الاكتحال في هذا اليوم مانع من الرمد في تلك السنة(١) .

أمّا ابن الحاج فذكر : أنه يستحب يوم عاشوراء التوسعة فيه على الأهل والأقارب ، واليتامى والمساكين ، وزيادة النفقة والصدقة مندوب إليه ، بحيث لا يجهل ذلك(٢) .

وبعد أن ذكر أشياء تفعل في هذا اليوم لم تعرف عن السلف ، كذبح الدجاج وطبخ الحبوب ، وزيارة القبور ، ويدخل النساء الجامع العتيق بمصر ، وهنّ في حال الزينة الحسنة ، والتحلّي والتبرّج للرجال ، وكشف بعض أبدانهن ، ويقمن فيه من أوّل النهار إلى الزوال إلى أن قال : ومن البدع التي أحدثها النساء فيه استعمال الحناء على كلّ حال ، فمَن لم يفعلها منهن فكأنها ما قامت في عاشوراء.

ومن البدع أيضاً محرهن فيه الكتان ، وتسريحه وغزله ، وتبيضه في ذلك اليوم بعينه ، ويشلنه ليخطنّ به الكفن. ويزعمن أنّ منكراً ونكيراً لا يأتيان مَن كفنها مخيط بذلك الغزل . إلى أن قال : وممّا أحدثوه فيه من البدع : البخور ، فمَن لم يشتره منهم في ذلك اليوم ويتبخّر به فكأنه ارتكب أمراً عظيماً ، وكونه سنّة عندهنّ لا بدّ من فعلها ، وادخارهنّ له طول السنة يتبركن به ، ويتبخرن إلى أن يأتي مثله يوم عاشوراء الثاني.

ويزعمون أنّه إذا بخّر به المسجون خرج من سجنه ، وأنه يبرئ من العين ، والنظرة ، والمصاب ، والموعوك إلخ(٣) ثمّ يذكر ما يفعلونه في أوّل رجب وأوّل جمعة ، وليلة المعراج ، والنصف من شعبان ، فليراجعه مَن أراد.

التهافت في كلام ابن الحاج

وأخيراً … فبينما نرى ابن الحاج يشنّ حملة شعواء على عمل المولد النبوي ، على اعتبار أنه بنفسه بدعة لا رخصة فيها في الشارع ، فضلاً عمّا يصاحبه من اُمور محرمة أو مرجوحة بنظر الشارع ، نجده يستحسن شعراً لابن السماط يوسف بن علي , المتوفّى سنة ٦٩٠ه- ، يصرّح فيه بأنه يعتبر يوم المولد النبوي من الأعياد ، حيث يقول :

أعلمتَ أنّك يا ربيعَ الأوّلِ

تاجٌ على هام الزمانِ مكلّلُ

مستعذبُ الإلمام مرتقب اللقا

كلّ الفضائلِ حين تقبلُ تقبلُ

ما عدتَ إلاّ كنتَ عيداً ثالثاً

بل أنت أحلى في العيونِ وأجملُ

____________________

(١) عجائب المخلوقات بهامش حياة الحيوان ١ / ١١٥ ، وراجع الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري ١ / ١٣٨ ، والصواعق المحرقة / ١٨٢ ، ونظم درر السمطين / ٢٣٠.

(٢) المدخل لابن الحاج ١ / ٢٨٩.

(٣) المدخل ١ / ٢٩١ ، وراجع / ٢٩٠.

٥٥

شرفاً بمولد مصطفى لمّا بدا

أخفى الأهلّة وجهُهُ المتهللُ

وحويت مَن أصبحت ظرفَ زمانِهِ

ظرفاً به في بردِ حُسنكَ ترفلُ

وملكتَ أنفسها بلطفِ شمائلٍ

بنسيمها نفس العليل تعللُ

وإذا حدا الحادي بمنزلة الحمى

فالقصدُ سكّان الحمى لا المنزلُ

فضل الشهورِ علا مفاخرَها فإن

فخرت بأطولِها فأنت الأطولُ

إلى أن قال :

واستكمل البشرى فإنك لم تزلْ

لك في القلوب مكانةٌ لا تجهلُ

لِم لا وعشرك واثنتان أريننا

قمراً به شمسُ الضحى لا تعدلُ(١)

الفصل الخامس

الأدلة وبعض الشواهد ممّا

سبق فإننا نستطيع أن نستخلص ممّا سبق الاُمور التالية :

أوّلاً : أنّ ما ادّعوا أنّه يصلح دليلاً للمنع عن المواسم والمراسم على اختلافه ، لا يصلح للاستدلال به على ذلك ، من وجوه مختلفة , والفصل السابق كلّه في بيان ذلك ، فلا نعيد.

ثانياً : أنّ الابتكار والابتداع في العادات والتقاليد واُمور المعاش والمعاد يمكن أن يكون حسناً تارة ، وقبيحاً اُخرى ، وقد تعرض له الأحكام الخمسة ؛ تبعاً للعناوين المختلفة التي يمكن أن يتعنون بها حينما تكون تلك العناوين محكومة بأي من تلك الأحكام.

وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ فإن جاء به على أنه من الدين فإنه يكون حراماً ؛ لتعنونه بعنوان البدعة المحرمة وإن جاء به لا على أنه عبادة ولا من الدين فلا يكون حراماً.

ثالثاً : قد تقدّم قول ابن تيمية - وكذلك قال غيره أيضاً - إنّ الأشياء ما عدا العبادات كلّها على الإباحة ، حتّى يرد ما يوجب رفع اليد عنه ، ولا سيّما ما كان من قبيل العادات.

وما نحن فيه من قبيل العادات أيضاً ، حيث قد جرت عادة الناس على إقامة الذكريات والمواسم ، بمناسبة يوم الاستقلال وفي الأيّام التي هي مثل أيّام ولادة عظمائهم ، وغير ذلك من مناسبات ، وقد تقدّم توضيح ذلك.

____________________

(١) راجع المدخل لابن الحاج ٢ / ٤٤ - ٤٥.

٥٦

رابعاً : بل ما نحن فيه داخل في قسم ما أمر الله سبحانه ، حيث إنّ الاحتفالات بيوم مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد الأئمةعليهم‌السلام ، أو الاحتفال بيوم الهجرة أو يوم المبعث ، أو حتّى يوم عاشوراء ، إلى غير ذلك من المناسبات إنما هو داخل تحت عناوين عامة ورد الأمر بها والحثّ عليه. وتقدّم أنّ اختيار المكلف لمصداق العنوان العام لا يعدّ ابتداع ، ولا إحداثاً في الدين ، وإدخالاً في أمره ما ليس منه. وقد تقدّم توضيح ذلك في أوائل الفصل السابق فلا نعيد.

وتقدّم أنّ ما ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (( مَن سنّ سنّة حسنة.... )) قد طبّقه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على اختيار البعض لمصداق عنوان عام مأمور به ، فيكون من شواهد ما ذكرناه آنفاً.

خامساً : قد تقدّم قول بعض المانعين ، وهو أبو بكر جابر الجزائري : إنّ الفطرة قاضية أنّ الإنسان يفرح بالمولود يوم ولادته ، ويحزن عليه يوم موته ، فسبحان الله ! كيف يحاول الإنسان - غروراً - تغيير طبيعته ؟

ونحن نوضّح هذا الأمر هنا ، بمقدار ما تسمح لنا به الفرصة ويسعفنا به البيان فنقول :

قضاء الفطرة والسجية الإنسانيّة

إنّ مما لا شك فيه هو أنّ الناس - كلّ الناس - يولون ما يرتبطون به عقائدياً وفكرياً وعاطفياً أهمية خاصة ، وعلى أساس ذلك يتخذون مواقفهم ، ويكون الفعل ورد الفعل.. والتأثير والتأثّر بصورة تلقائية ، وعفوية وطبيعية وكذلك ، فإنّ للناس بالنسبة لِما يرفضونه ، ويدينون به عقائدياً ، وفكرياً ، وعاطفياً موقفاً آخر ، وتأثيراً وتأثّراً من نوع آخر كذلك.

وقد اعتاد الناس - انطلاقاً من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها - على احترام الأشخاص الذين بشّروا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفياً وروحياً كذلك ورأوا أنّ إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنما من أجل أنهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم ، وتشدّ الذكرى من قوة هذا الارتباط فيما بينهم وبينه ، وترسخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم.

وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصّون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديماً قيل :

مررتُ على الديار ديارِ ليلى

اُقبّل ذا الجدارَ وذا الجدارا

وما حبُّ الديارِ شغفن قلبي

ولكنْ حبَّ مَن سكن الديارا

ويلاحظ أنّ الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات ، التي تمثل تحوّلاً من نوع ما في حياة الناس عامة ، لا يقتصر على فئة دون فئة ، ولا يختصّ بفريق دون فريق ، فالكبير والصغير ، والغني والفقير ، والملك والسوقة ، والعالم والجاهل ، والمؤمن والكافر ، وغيرهم الكل يشارك في إقامة الذكريات للمثل والقيم ، ومَن يمثّلها حسب قدراته وإمكاناته.

٥٧

فهذه الشمولية تعطينا أنّ هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية ، تنبع من داخل الإنسان ومن ذاته ، وتتصل بفطرته وسجيّته ، حينما يشعر أنه بحاجة إلى أن يعيش مع ذكرياته وآماله ، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسّد له طموحاته.

فيوم ولادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هو يوم فرح للمسلمين ، ويوم عيد وبهجة لهم ولا بد وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة ، ويلبّي رغباتها ما دامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه ، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبرّه ؛ ما دام أنه دين الفطرة الذي يوازن بين جميع مقتضياتها , ويعطيها حجمها الطبيعي ، من دون أن يكون ثمّة إهمال مضر أو طغيان مدمر.

وهذه هي عظمة تعاليم الإسلام ، وهذا هو رمز الخلود له ، وفّقنا الله للسير على هدى هذا الدين ، والالتزام بشريعة ربّ العالمين ، إنه خير مأمول وأكرم مسؤول.

توضيح العلاّمة الأمينيرحمه‌الله

هذا وقد قال العلاّمة الأمينيرحمه‌الله تعالى : لعلّ تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات ، والجري على مواسم النهضات الدينية ، أو الشعبية العامة ، والحوادث العالمية الاجتماعية ، وما يقع من الطوارق المهمة ، في الطوائف والأحياء بعد سنيّه ، واتخاذ رأس كلّ سنة بتلكم المناسبات أعياداً وأفراحاً ، أو مآتم وأحزاناً.

وإقامة الحفل السار أو التأبين من الشعائر المطردة ، والعادات الجارية منذ القدم ؛ دعمتها الطبيعية البشرية ، وأسستها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة عند كلّ ملّة ونحلة ، قبل الجاهلية وبعدها ، وهلمّ جرا حتّى اليوم.

وهذه مواسم اليهود والنصارى والعرب ، في أمسها ويومها ، وفي الإسلام وقبله ، سجّلها التاريخ في صفحاته وكأنّ هذه السنّة نزعة إنسانية تنبعث من عوامل الحب والعاطفة ، وتسقى من منابع الحياة ، وتتفرع على اُصول التبجيل والتجليل , والتقدير والإعجاب لرجال الدين والدنيا ، وأفذاذ الملل ، وعظماء الأمّة ؛ إحياءً لذكرهم , وتخليداً لاسمهم.

وفيها فوائد تاريخية واجتماعية ، ودروس أخلاقية صافية راقية لمستقبل الأجيال ، وعظات وعبر ، ودستور عملي ناجع للناشئة الجديدة ، وتجارب واختبارات تولد حنكة الشعب ، ولا تختص بجيل دون جيل ، ولا بفئة دون اُخرى.

وإنما الأيّام تقتبس نوراً وازدهاراً ، وتتوسّم بالكرامة والعظمة ، وتكتسب سعداً ونحساً ، وتتخذ صيغة مما وقع فيها من الحوادث المهمة ، وقوارع الدهر ونوازله إلخ(١) .

____________________

(١) سيرتنا وسنّتنا / ٤٥ - ٤٦.

٥٨

كلام السّيد الأمينقدس‌سره

وقال السّيد الأمينرحمه‌الله : وأمّا جعل التذكار لمواليد الأنبياء والأولياء ، الذي يسمّيه الوهابية بالأعياد والمواسم ، بإظهار الفرح والزينة في مثل يوم ولادتهم التي كانت نعمة من الله على خلقه ، وقراءة حديث ولادتهم ، كما يتعارف قراءة حديث مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وطلب المنزلة والرفعة من الله لهم ، وتكرار الصلوات والتسليم على الأنبياء ، والترحّم على الصلحاء ، فليس فيه مانع عقلي ولا شرعي ؛ إذا لم يشتمل على محرم خارجي ، كغناء أو فساد ، أو استعمال آلات اللهو ، أو غير ذلك كما يفعل جميع العقلاء وأهل الملل في مثل أيّام ولادة عظمائهم وأنبيائهم ، وتبوّئ ملوكهم عروش الملك وكل ذلك نوع من التعظيم الذي إن كان صاحبه أهلاً للتعظيم كان طاعة وعبادة لله تعالى ، وليس كلّ تعظيم عبادة للمعظم كما بيّناه مراراً ، فقياس ذلك بفعل المشركين مع أصنامهم قياس فاسد(١) انتهى.

سادساً : قد تقدّم أنهم يقولون : إنّ الإجماع نبوة بعد نبوة ، ولا يختص عندهم زمان الإجماع بوقت دون وقت ، ولا بزمان دون زمان ، وقد انعقد الإجماع على إقامة أعياد اُخرى غير الفطر والأضحى ، مثل عيد النوروز ، والمهرجان ، وعيد المولد النبوي ، ولا سيّما في عهد حاكم أربل وبعده إلى قرب ظهور ابن تيمية.. حسبما تقدّمت الإشارة إليه في غير موضع ، فلا نعيد.

كلّ يوم عيد

سابعاً : وقد ادّعى أولئك المانعون أنه لا يوجد إلاّ عيدان الفطر والأضحى ، ولكننا نقول : إنه على أساس ما قدّمناه ، من أنّ الفرح حينما يوجد ما يقتضي الفرح ، والحزن حينما يوجد ما يقتضي الحزن ، هو مقتضى النزعة الإنسانية ، والسجية والفطرة البشرية.

وبما أنّ الإنسان يفرح ويبتهج حينما ينتصر في معركة ما ، ولأن خسران المعركة مع الشياطين معناه خسارة الإنسان لأعزّ شيء يملكه ، وإلى الأبد ألا وهو نفسه وذاته.

نعم ، من أجل ذلك نجد أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول في بعض الأعياد : (( إنما هو عيد لمَن قَبِل الله صيامه ، وشكر قيامه ؟ وكلُّ يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد ))(٢) .

نعم ، وهذا بالذات هو سرّ تشريع عيد الفطر وعيد الأضحى ، بعد تلك الرحلة التربوية الجهادية مع النفس الأمّارة , وضد كلّ الشياطين ، حينما يفترض بالإنسان أن يترك - مختاراً - اُموراً تدعوه إليها غرائزه , وتدفعه نحوها شهواته ، كما ويزيده شوقاً إلى بعضها حنين الأُلفة والعادة الناشئ عن طول الممارسة لها.

____________________

(١) كشف الارتياب / ٤٥٠.

(٢) نهج البلاغة بشرح محمد عبده ٣ / ٣٥٥ ، الحكمة رقم ٤٢٨.

٥٩

وقد أشارعليه‌السلام إلى أنّ انتصار الإنسان في رحلته الجهادية التربوية تلك في شهر رمضان المبارك ، وفي أيّام الحج حيث مراعاة تروك الإحرام ، هو الذي جعل يوم أوّل شوال ، ويوم العاشر من ذي الحجة عيداً يفرح به الإنسان الصابر المجاهد.

يوم الجمعة عيد

ومما يدلّ أيضاً على عدم انحصار العيد في الفطر والأضحى ، ما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول يوم الجمعة : (( إنّ هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً ))(١) والروايات المصرّحة بكون يوم الجمعة عيداً كثيرة ، فليراجعها مَن أراد(٢) .

ويلاحظ : إنّ عدداً من الروايات قد صرّحت بأنه إنّما اعتبر عيد ، بسبب ما حصل فيه من الاُمور المهمة ، مثل خلق آدم ، ودخوله الجنة ، وخروجه منها ، وتوبة الله عليه ، وموته ، وقيام الساعة فيه(٣) .

كما أنه قد ورد الأمر بالتزيّن ، ولبس الثياب الجديدة ، وغير ذلك من مظاهر السرور في هذا اليوم(٤) .

ثامناً : عاشوراء في القرون الثلاثة الاُولى.

ويقول أتباع ابن تيمية ، والمدّعون لحرمة المواسم والمراسم : البدعة وهي ما حدثت بعد القرون الثلاثة مذمومة مطلقاً(٥) وتقدّم تكرار المانعين لقولهم : إنّ ذلك لم يكن في القرون الثلاثة الأولى التي هي خير القرون ، ومعنى ذلك هو أنّ ما حدث في القرون الثلاثة الأولى لا يكون مذموماً بل هو مقبول عند هؤلاء.

وعليه فنقول : قد تقدّم أنّ بني اُميّة - وهم في القرن الأوّل - قد اتخذوا يوم عاشوراء عيداً.

____________________

(١) سنن البيهقي ٣ / ٢٤٣ ، واقتضاء الصراط المستقيم / ١٨٩ ، وفتح المجيد / ١٥٤.

(٢) راجع سنن الدارمي ١ / ١٢٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٣٤٩ و٤١٥ ، ٤١٦ واقتضاء الصراط المستقيم / ١٩٧ ، وسنن النسائي ١ / ١٩٤ ، وسنن أبي داود ١ / ٢٨١ ، ومسند أحمد ٤ / ٢٧٧ و٢ / ٣٠٣ و٥٣٢ ، والمسند للحميدي ١ / ٦ - ٧ ، والموطأ بهامش تنوير الحوالك ١ / ١٩٠ ، والمنتقى ٢ / ٣٤ و٣٥ ، ومجمع الزوائد ٢ / ١٩٥ ، وكشف الأستار ١ / ٤٤٩ ، وصحيح البخاري ٣ / ٢٠٦ ، ومنحة المعبود ١ / ١٤٦ ، ومسند الطيالسي / ١٩٤ ، ونصب الراية ٢ / ٢٢٥ ، ومستدرك الحاكم ١ / ٢٨٨ ، وتلخيص المستدرك بهامشه.

(٣) راجع مسند أحمد ٣ / ٥١٢ و٥٠٤ و٤٨٦ و٤٠١ و٤١٨ و٥٤٠ و٥١٩ ، وصحيح مسلم ٣ / ٦ ، وسنن النسائي ٣ / ٩٠-٩١ ، ومسند الطيالسي / ٣١١ ، والموطأ بهامش تنوير الحوالك ١ / ١٣١ ، وكشف الأستار ١ / ٢٩٤ ، ومجمع الزوائد ٢ / ١٦٣-١٦٤ ، ومنحة المعبود ١ / ١٣٩ و١٤٠ ، والجامع الصحيح للترمذي ٢ / ٣٦٢ و٣٥٩ ، وسنن أبي داود ١ / ٢٧٤ ، وسنن الدارمي ١ / ٣٦٩ ، وعجائب المخلوقات بهامش حياة الحيوان ١ / ١١٠ ، والترغيب والترهيب ١ / ٤٩٠ و٤٩٥ ، والمنتقى ٢ / ٤١ و١٣.

(٤) راجع سنن ابن ماجة ١ / ٣٤٩ ، ٣٤٨ ، وسنن أبي داود ١ / ٢٨٣ و٢٨٢ ، والترغيب والترهيب ١ / ٤٩٨ ، والمنتقى ٢ / ١٢ و١١ ، ومجمع الزوائد ٢ / ١٧١ ، فما بعده ، والسنن الكبرى للبيهقي ٣ أبواب الجمعة.

(٥) كشف الارتياب / ١٤٢ عن رسائل الهدية السنية / ٤٧.

٦٠