اعلام الهداية - الإمام علي بن موسى الرضا (ع)

اعلام الهداية - الإمام علي بن موسى الرضا (ع)15%

اعلام الهداية - الإمام علي بن موسى الرضا (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 253

اعلام الهداية - الإمام علي بن موسى الرضا (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 253 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132791 / تحميل: 7941
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية - الإمام علي بن موسى الرضا (ع)

اعلام الهداية - الإمام علي بن موسى الرضا (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، وخمسين مرّة قل هو الله احد.

وصلاة فاطمة،عليها‌السلام ، ركعتان: يقرأ في الأولى منهما الحمد مرّة واحدة، وإنا أنزلناه مائة مرّة، وفي الثّانية الحمد مرّة وقل هو الله أحد مائة مرّة.

وصلاة جعفر أربع ركعات بثلاثمائة مرّة « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر »: يبتدئ الصّلاة، فيقرأ الحمد ويقرأ في الأولى منهما إذا زلزلت. فإذا فرغ منها، سبّح خمس عشرة مرة، ثمَّ ليركع، ويقول ذلك عشرا. فإذا رفع رأسه، قاله عشرا. فإذا سجد، قاله عشرا. فإذا رفع رأسه من السّجود، قاله عشرا. فإذا سجد الثّانية، قاله عشرا. فإذا رفع رأسه من السّجود ثانيا، قاله عشرا. فهذه خمس وسبعون مرّة. ثمَّ لينهض إلى الثّانية، وليصلّ أربع ركعات على هذا الوصف، ويقرأ في الثّانية و « العاديات »، وفي الثّالثة إذا جاء نصر الله، وفي الرّابعة قل هو الله أحد ويقول في آخر سجدة منه « يا من لبس العزّ والوقار » إلى آخر الدّعاء.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان يوم الغدير إذا بقي إلى الزّوال نصف ساعة بعد أن يغتسل ركعتين: يقرأ في كلّ واحدة منهما الحمد مرّة، وقل هو الله أحد عشر مرّات وآية الكرسيّ

١٤١

عشر مرّات، وإنا أنزلناه عشر مرّات. فإذا سلّم، دعا بعدهما بالدعاء المعروف.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان يوم المبعث، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب، اثنتي عشرة ركعة: يقرأ في كل واحدة منهما « الحمد ويس ». فان لم يتمكّن، قرأ ما سهل عليه من السّور. فإذا فرغ منها، جلس في مكانه، وقرأ أربع مرّات سورة الحمد، وقُلْ هو اللهُ أَحد مثل ذلك، والمعوذّتين، كلّ واحدة منهما أربع مرّات. ثمَّ يقول: « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر » أربع مرّات، ويقول: « الله الله لا أشرك به شيئا » أربع مرّات.

ويستحبّ أن يصلّي ليلة النّصف من شعبان أربع ركعات: يقرأ في كلّ واحدة منهما الحمد مرّة وقل هو الله أحد مائة مرّة.

وإذا أراد الإنسان أمرا من الأمور لدينه أو دنياه، يستحبّ له أن يصلّي ركعتين: يقرأ فيهما ما شاء من السّور، ويقنت في الثّانية. فإذا سلّم: دعا بما أراد، ثمَّ ليسجد وليستخر الله في سجوده مائة مرّة، يقول: « أستخير الله في جميع أموري »، ثمَّ يمضي في حاجته.

وإذا غرض للإنسان حاجة، فليصم الأربعاء والخميس والجمعة، ثمَّ ليبرز تحت السّماء في يوم الجمعة وليصلّ

١٤٢

ركعتين، يقرأ فيهما بعد الحمد مأتي مرّة وعشر مرّات قل هو الله أحد على ترتيب صلاة التّسبيح، إلّا أنه يجعل بدل التّسبيح في صلاة جعفر، خمس عشرة مرّة قل هو الله أحد في الرّكوع والسّجود وفي جميع الأحوال. فإذا فرغ منها سأل الله حاجته.

وإذا قضيت حاجته، فليصلّ ركعتين شكرا لله تعالى: يقرأ فيهما الحمد وإِنا أَنزلناه أو سورة قُلْ هو اللهُ أَحد، ثمَّ ليشكر الله تعالى على ما أنعم في حال السّجود والرّكوع وبعد التّسليم، إن شاء الله.

باب الصلاة على الموتى

الصّلاة على الأموات فريضة. وفرضه على الكفاية، إذا قام به البعض، سقط عن الباقين. ولا يختلف الحكم في ذلك، سواء كان الميّت رجلا أو امرأة، حرّا أو عبدا، إذا كان له ستّ سنين فصاعدا، وكان على ظاهر الإسلام. فإن نقص سنّه عن ستّ سنين، لم تجب الصّلاة عليه، بل يصلّى عليه استحبابا وتقيّة.

وإذا حضر القوم للصّلاة عليه، فليتقدّم أولى النّاس به، أو من يأمره الوليّ بذلك. وإن حضر الإمام العادل، كان أولى بالصّلاة عليه. وإن حضر رجل من بني هاشم معتقد للحقّ،

١٤٣

كان أيضا أولى بالصّلاة عليه، إذا قدّمه الولي. ويستحب له تقديمه. فإن لم يفعل، فليس له أن يتقدّم للصّلاة عليه. والزّوج أحقّ بالصّلاة على المرأة من أخيها وأبيها.

وإذا كانوا جماعة، فليتقدّم الإمام ويقف الباقون خلفه صفوفا أو صفا واحدا. وإن كان فيهم نساء، فليقفن آخر الصّفوف، فلا يختلطن بالرّجال. فإن كان فيهنّ حائض، فلتقف وحدها في صفّ بارزة عنهن وعنهم. وإن كان من يصلّي على الميّت نفسين، فليتقدّم واحد ويقف الآخر خلفه سواء، ولا يقف على جنبه.

وينبغي أن يقف الإمام من الجنازة، إن كانت لرجل، عند وسطها، وان كانت لامرأة، عند صدرها. وإذا اجتمع جنازة رجل وامرأة فلتقدّم المرأة إلى القبلة، ويجعل الرّجل ممّا يليها، ويقف الإمام عند الرّجل. وان كان رجل وامرأة وصبي، فليقدّم الصّبي، ثمَّ المرأة، ثمَّ الرّجل. وإن كان معهم عبد فليقدّم أوّلا الصّبي، ثمَّ المرأة، ثمَّ العبد، ثمَّ الرّجل، ويقف الإمام عند الرّجل ويصلّي عليهم صلاة واحدة. وكذلك الحكم، إن زادوا في العدد على ما ذكرناه، ويكون على هذا ترتيبهم.

وينبغي أن يكون بين الإمام وبين الجنازة شي‌ء يسير، ولا يبعد منها. وليتحفّ عند الصّلاة عليه، ان كان عليه نعلان.

١٤٤

فإن لم يكن عليه نعل، أو كان عليه خفّ، فلا بأس أن يصلّي كذلك.

ثمَّ يرفع الإمام يده بالتّكبير، ويكبّر خمس تكبيرات، يرفع يده في أوّل تكبيرة منها حسب، ولا يرفع فيما عداها. هذا هو الأفضل. فإن رفع يده في التّكبيرات كلّها، لم يكن به بأس. وإذا كبّر الأولة، فليشهد: أن لا إله إلّا الله. وأنّ محمدا رسول الله، ثمَّ يكبّر الثّانية ويصلّي على النّبي وآله، ثمَّ يكبّر الثّالثة ويدعوا للمؤمنين، ثمَّ يكبّر الرّابعة ويدعوا للميّت إن كان مؤمنا.

فإن لم يكن كذلك، وكان ناصبا معلنا بذلك، لعنه في صلاته، وتبرّأ منه. وإن كان مستضعفا فليقل: ربنا اغفر( لِلَّذِينَ تابُوا ) إلى آخر الآية. وإن كان ممّن لا يعرف مذهبه، فليدع الله أن يحشره مع من كان يتولّاه. وإن كان طفلا فليسأل الله أن يجعله له ولأبويه فرطا. فإذا فرغ من ذلك، كبّر الخامسة.

ولا يبرح من مكانه حتّى ترفع الجنازة، فيراها على أيدي الرّجال، ومن فاته شي‌ء من التّكبيرات، فليتمّه عند فراغ الإمام من الصّلاة متتابعة. فإن رفعت الجنازة، كبّر عليها، وان كانت مرفوعة. وإن كانت قد بلغت إلى القبر، كبّر على القبر ما بقي له، وقد أجزأه. ومن كبّر تكبيرة قبل

١٤٥

الإمام، فليعدها مع الإمام.

ومن فاتته الصّلاة على الجنازة، فلا بأس أن يصلّي على القبر بعد الدّفن يوما وليلة. فإن زاد على ذلك، لم يجز الصّلاة عليه. ويكره أن يصلّي على جنازة واحدة مرّتين.

ولا بأس أن يصلّى على الجنازة أيّ وقت كان من ليل أو نهار، ما لم يكن وقت فريضة. فإن كان وقت فريضة، بدئ بالفرض ثمَّ بالصّلاة على الميّت، اللهمّ إلّا أن يكون الميّت مبطونا أو ما أشبه ذلك ممّن يخاف عليه الحوادث، فإنّه يبدأ بالصّلاة عليه، ثمَّ بصلاة الفريضة.

ولا بأس بالصّلاة على الجنائز في المساجد. وإن صلّي عليها في مواضعها المختصّة بذلك، كان أفضل. ومتى صلّي على جنازة، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّها كانت مقلوبة، سوّيت، وأعيد عليها الصّلاة، ما لم يدفن. فإن دفن، فقد مضت الصّلاة.

والأفضل أن لا يصلّي الإنسان على الجنازة إلّا على طهر. فإن فاجأته جنازة، ولم يكن على طهارة، تيمّم، وصلّى عليها. فإن لم يمكنه، صلّى عليها بغير طهر. وكذلك الحكم في من كان جنبا، والمرأة إذا كانت حائضا، فإنّه لا بأس أن يصليا عليه من غير اغتسال. فإن تمكّنا من الاغتسال، اغتسلا، فإنّ ذلك أفضل.

وإذا كبّر الإمام على الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين،

١٤٦

وأحضرت جنازة أخرى، فهو مخيّر بين أن يتمّ خمس تكبيرات على الجنازة الأولى، ثمَّ يستأنف الصّلاة على الأخرى، وبين أن يكبّر خمس تكبيرات من الموضع الذي انتهى إليه، وقد أجزأه ذلك عن الصّلاة عليهما.

فإذا حضر جماعة من النساء للصّلاة على الميّت، ليس فيهنّ رجل، فلتقف واحدة منهنّ في الوسط، والباقيات عن يمينها وشمالها ويصلّين عليها. وكذلك إذا صلّوا جماعة عراة على الجنازة، فلا يتقدّم منهم أحد، بل يقف في الوسط، ويكبّر، ويكبّر الباقون معه. فإن كان الميّت عريانا، ترك في القبر أوّلا، وغطّى سوأته، ثمَّ صلّي عليه بعد ذلك، ودفن.

١٤٧

كتاب الصيام

باب ماهية الصوم ومن يجب عليه ذلك ومن لا يجب عليه

الصوم في اللغة هو الإمساك، وهو في الشّريعة كذلك، إلا أنّه إمساك عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص.

والّذي يقع الإمساك عنه على ضربين: ضرب يجب الإمساك عنه، والآخر الأولى الإمساك عنه.

والذي يجب الإمساك عنه على ضربين: ضرب منهما متى لم يمسك الإنسان عنه، بطل صومه. والقسم الآخر متى لم يمسك عنه، كان مأثوما، وإن لم يبطل ذلك صومه.

فأما الذي يجب الإمساك عنه ممّا يبطل الصّوم بفعله. فهو الأكل والشّرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله وازدراد كلّ شي‌ء يفسد الصّيام والحقنة والقي‌ء على طريق العمد.

وأمّا الذي يجب الإمساك عنه، وإن لم يبطل الصّوم بفعله فهو النّظر إلى ما لا يجوز النظر اليه، والإصغاء إلى ما لا يحلّ

١٤٨

الإصغاء إليه من الغناء وقول الفحش، والكلام بما لا يسوغ التّكلّم به، ولمس ما لا يحلّ ملامسته، والمشي إلى المواضع المنهيّ عنها.

والذي الأولى الإمساك عنه، فالتّحاسد والتّنازع والمماراة وإنشاد الشعر، وما يجري مجرى ذلك ممّا نذكره من بعد في باب ما يفسد الصّيام وما لا يفسده.

والصّوم على ضربين: مفروض ومسنون.

فالمفروض على ضربين: ضرب يجب على كافّة المكلّفين مع التمكّن منه بالإطلاق. والضّرب الآخر يجب على من حصل فيه سبب وجوبه.

فالقسم الأوّل هو صوم شهر رمضان. فإنّه يلزم صيامه لسائر المكلّفين من الرّجال والنّساء والعبيد والأحرار، ويسقط فرضه عمّن ليس بكامل العقل من الصّبيان وغيرهما. ويستحبّ ان يؤخذ الصّبيان بالصّيام إذا أطافوه، وبلغوا تسع سنين وإن لم يكن ذلك واجبا عليهم. ويسقط فرض الصّيام عن العاجز عنه بمرض أو كبر أو ما يجري مجراهما ممّا سنبيّنه فيما بعد، إن شاء الله.

والذين يجب عليهم الصّيام على ضربين: منهم من إذا لم يصم متعمّدا، وجب عليه القضاء والكفّارة أو القضاء. ومنهم من لا يجب عليه ذلك. فالذين يجب عليهم ذلك، كل من

١٤٩

كان ظاهره ظاهر الإسلام. والذين لا يجب عليهم، هم الكفّار من سائر أصناف من خالف الإسلام. فإنه وإن كان الصّوم واجبا عليهم، فإنّما يجب بشرط الإسلام. فمتى يصوموه، لم يلزمهم. القضاء ولا الكفّارة.

والقسم الثّاني مثل صوم النّذور والكفّارات وما يجري مجراهما ونحن نبيّن كلّ ذلك في أبوابه، إن شاء الله.

باب علامة شهر رمضان وكيفية العزم عليه ووقت فرض الصوم ووقت الإفطار

علامة الشّهور رؤية الهلال مع زوال العوارض والموانع. فمتى رأيت الهلال في استقبال شهر رمضان، فصم بنيّة الفرض من الغد. فإن لم تره لتركك التّراءي له، ورؤي في البلد رؤية شائعة، وجب أيضا عليك الصّوم. فإن كان في السّماء علة، ولم يره جميع أهل البلد، ورآه خمسون نفسا، وجب أيضا الصّوم. ولا يجب الصّوم إذا رآه واحد أو اثنان، بل يلزم فرضه لمن رآه حسب، وليس على غيره شي‌ء.

ومتى كان في السّماء علة، ولم ير في البلد الهلال أصلا، ورآه خارج البلد شاهدان عدلان، وجب أيضا الصّوم. وإن لم

١٥٠

يكن هناك علة، وطلب فلم ير الهلال، لم يجب الصّوم إلّا أن يشهد خمسون نفسا من خارج البلد أنّهم رأوه.

ومتى لم ير الهلال في البلد، ولم يجي‌ء من الخارج من يخبر برؤيته، عددت من الشّهر الماضي ثلاثين يوما، وصمت بعد ذلك بنية الفرض. فان ثبت بعد ذلك بيّنة عادلة أنّه كان قد رئي الهلال قبله بيوم، قضيت يوما بدله.

والأفضل أن يصوم الإنسان يوم الشّكّ على أنّه من شعبان. فان قامت له البيّنة بعد ذلك أنّه كان من رمضان، فقد وفّق له، وأجزأ عنه، ولم يكن عليه قضاء. وإن لم يصمه، فليس عليه شي‌ء. ولا يجوز له أن يصوم ذلك اليوم على أنّه من شهر رمضان حسب ما قدّمناه، ولا أن يصومه وهو شاك فيه لا ينوي به صيام يوم من شعبان. فان صام على هذا الوجه، ثمَّ انكشف له أنّه كان من شهر رمضان، لم يجزئ عنه، وكان عليه القضاء.

والنيّة واجبة في الصّيام. ويكفي في نيّة صيام الشّهر كلّه أن ينوي في أوّل الشّهر، ويعزم على أن يصوم الشّهر كلّه. وإن جدّد النيّة في كلّ يوم على الاستيناف، كان أفضل. فإن لم يفعلها، لم يكن عليه شي‌ء. وإن نسي أن يعزم على الصّوم في أوّل الشّهر، وذكر في بعض النّهار، جدّد النّيّة، وقد أجزأه. فان لم يذكرها، وكان من عزمه قبل

١٥١

حضور الشّهر صيام الشّهر إذا حضر، فقد أجزأه أيضا. فإن لم يكن ذلك في عزمه، وجب عليه القضاء.

وإذا صام الإنسان يوم الشّكّ على أنّه من شعبان، ثمَّ علم بعد ذلك أنّه كان من شهر رمضان، فقد أجزأه. وكذلك إن كان في موضع لا طريق له إلى العلم بالشهر، فتوخّى شهرا فصامه، فوافق ذلك شهر رمضان، أو كان بعده، فقد أجزأه عن الفرض. وان انكشف له أنّه كان قد صام قبل شهر رمضان، وجب عليه استيناف الصّوم وقضاؤه.

وإذا نوى الإنسان الإفطار يوم الشّكّ، ثمَّ علم أنّه يوم من شهر رمضان، جدّد النّيّة ما بينه وبين الزّوال، وقد أجزأه، إذا لم يكن قد فعل ما يفسد الصّيام. وإن كان تناول ما يفسد الصّيام، أمسك بقيّة النّهار، وكان عليه القضاء. وإن لم يعلم الا بعد زوال الشمس، أمسك بقيّة النّهار عمّا يفسد الصّيام، وكان عليه قضاء ذلك اليوم.

والوقت الذي يجب فيه الإمساك عن الطّعام والشّراب، هو طلوع الفجر المعترض الذي يجب عنده الصّلاة، وقد بيّناه فيما مضى من الكتاب ومحلّل الأكل والشّرب إلى ذلك الوقت. فأما الجماع، فإنه محلّل إلى قبل ذلك بمقدار ما يتمكّن الإنسان من الاغتسال. فإن غلب على ظنّه، وخشي أن يلحقه الفجر قبل الغسل، لم يحلّ له ذلك.

١٥٢

ووقت الإفطار سقوط القرص. وعلامته ما قدّمناه من زوال الحمرة من جانب المشرق، وهو الوقت الذي يجب فيه الصّلاة. والأفضل أن لا يفطر الإنسان إلا بعد صلاة المغرب. فإن لم يستطع الصّبر على ذلك، صلّى الفرض، وأفطر، ثمَّ عاد، فصلّى نوافله. فإن لم يمكنه ذلك، أو كان عنده من يحتاج إلى الإفطار معه، قدّم الإفطار. فإذا فرغ منه، قام إلى الصّلاة، فصلّى المغرب.

باب ما على الصائم اجتنابه مما يفسد الصيام وما لا يفسده والفرق بين ما يلزم بفعله القضاء والكفارة وبين ما يلزم منه القضاء دون الكفارة

الذي على الصّائم اجتنابه على ضربين: ضرب يفسد الصّيام وضرب لا يفسده بل ينقضه. والذي يفسده على ضربين: ضرب منهما يجب منه القضاء والكفّارة، والضّرب الآخر يجب منه القضاء دون الكفّارة.

فأمّا الذي يفسد الصّيام ممّا يجب منه القضاء والكفّارة، فالأكل، والشّرب، وازدراد كلّ شي‌ء يقصد به إفساد الصّيام والجماع، والإمناء على جميع الوجوه، إذا كان عند ملاعبة أو ملامسة، وان لم يكن هناك جماع. والكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمّةعليهم‌السلام ، متعمّدا مع الاعتقاد لكونه

١٥٣

كذبا، وشمّ الرائحة الغليظة التي تصل إلى الحلق، والارتماس في الماء، والمقام على الجنابة والاحتلام باللّيل متعمّدا إلى طلوع الفجر. وكذلك، من أصابته جنابة، ونام من غير اغتسال، ثمَّ انتبه، ثمَّ نام، ثمَّ انتبه ثانيا، ثمَّ نام إلى طلوع الفجر. فهذه الأشياء كلّها تفسد الصّيام، ويجب منها القضاء والكفّارة.

والكفّارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم. أيّ ذلك فعل، فقد أجزأه. فإن لم يتمكّن، فليتصدّق بما تمكّن منه. فإن لم يتمكّن من الصّدقة، صام ثمانية عشر يوما. فإن لم يقدر، صام ما تمكّن منه. فإن لم يستطع، قضا ذلك اليوم، وليستغفر الله تعالى، وليس عليه شي‌ء. ومتى وطئ الرّجل امرأته نهارا في شهر رمضان، كان عليها أيضا القضاء والكفّارة، إن كانت طاوعته على ذلك. وإن كان أكرهها، لم يكن عليها شي‌ء، وكان عليه كفّارتان.

وأمّا الذي يفسد الصّيام ممّا يجب منه القضاء دون الكفّارة، فمن أجنب في أوّل اللّيل، ونام، ثمَّ انتبه، ولم يغتسل، فنام ثانيا، واستمرّ به النّوم الى طلوع الفجر، كان عليه القضاء، وصيام ذلك اليوم، وليس عليه كفّارة. ومن تمضمض للتبرّد دون الطّهارة، فدخل الماء حلقه، وجب عليه

١٥٤

القضاء دون الكفّارة. وكذلك من تقيّأ متعمّدا، وجب عليه القضاء دون الكفّارة. فإن ذرعه القي‌ء، لم يكن عليه شي‌ء. وليبصق بما يحصل في فيه. فإن بلعه، كان عليه القضاء.

ومن أكل أو شرب عند طلوع الفجر من غير أن يرصده، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان طالعا، كان عليه القضاء. فإن رصده ولم يتبيّنه لم يكن عليه شي‌ء. فإن بدأ بالأكل، فقيل له: قد طلع الفجر، فلم يمتنع، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان طالعا، وجب عليه القضاء. ومن قلّد غيره في أنّ الفجر لم يطلع، ثمَّ تبيّن أنّه كان طالعا، وجب عليه القضاء.

ومن شكّ في دخول اللّيل لوجود عارض في السّماء، ولم يعلم بدخول الليل، ولا غلب على ظنّه ذلك، فأفطر، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان نهارا، كان عليه القضاء. فإن كان قد غلب على ظنّه دخول اللّيل، ثمَّ تبيّن أنّه كان نهارا، لم يكن عليه شي‌ء.

وجميع ما قدّمناه ممّا يفسد الصّيام، ممّا يجب منه القضاء والكفّارة، أو القضاء وحده، متى فعله الإنسان ناسيا وساهيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومتى فعله متعمّدا، وجب عليه ما قدّمناه، وكان على الإمام أن يعزّره بحسب ما يراه. فإن تعمّد الإفطار ثلاث مرّات، يرفع فيها إلى الإمام: فإن كان عالما بتحريم ذلك عليه، قتله الإمام في الثّالثة والرّابعة. وإن لم

١٥٥

يكن عالما، لم يكن عليه شي‌ء.

ويكره للصّائم الكحل إذا كان فيه مسك. وإن لم يكن فيه ذلك، لم يكن به بأس.

ولا بأس للصّائم أن يحتجم ويفتصد، إذا احتاج إلى ذلك، ما لم يخف الضّعف. فإن خاف، كره له ذلك، إلّا عند الضّرورة اليه.

ويكره له تقطير الدّهن في أذنه إلّا عند الحاجة اليه، ويكره له أن يبلّ الثّوب على جسده. ولا بأس أن يستنقع في الماء الى عنقه، ولا يرتمس فيه حسب ما قدّمناه. ويكره ذلك للنّساء. ويكره للصّائم السّعوط. وكذلك الحقنة بالجامدات. ولا يجوز له الاحتقان بالمائعات. ويكره له دخول الحمّام إذا خاف الضّعف. فإن لم يخف، فليس به بأس.

ولا بأس بالسّواك للصّائم بالرّطب منه واليابس. فان كان يابسا، فلا بأس أن يبلّه أيضا بالماء. وليحفظ نفسه من ابتلاع ما حصل في فيه من رطوبته. ويكره له شمّ النّرجس وغيره من الرّياحين. وليس كراهية شمّ النّرجس مثل الرّياحين بل هي آكد. ولا بأس أن يدّهن بالأدهان الطيّبة وغير الطيّبة. ويكره له شمّ المسك وما يجري مجراه.

ويكره للصّائم أيضا القبلة، وكذلك مباشرة النّساء وملاعبتهنّ. فإن باشرهنّ بما دون الجماع أو لاعبهن بشهوة،

١٥٦

فأمذى، لم يكن عليه شي‌ء. فإن أمنى، كان عليه ما على المجامع. فإن أمنى من غير ملامسة لسماع كلام أو نظر، لم يكن عليه شي‌ء. ولا يعود إلى ذلك.

ولا بأس للصّائم أن يزقّ الطّائر، والطّباخ أن يذوق المرق، والمرأة أن تمضغ الطّعام للصّبي ولا تبلغ شيئا من ذلك. ولا يجوز للصائم مضغ العلك. ولا بأس ان يمص الخاتم والخرز وما أشبههما.

باب حكم المريض والعاجز عن الصيام

المريض الذي لا يقدر على الصّيام أو يضرّ به، يجب عليه الإفطار، ولا يجزي عنه إن صامه، وكان عليه القضاء إذا برأ منه. فإن أفطر في أوّل النّهار، ثمَّ صحّ فيما بقي منه، أمسك تأديبا، وكان عليه القضاء.

فإن لم يصحّ المريض، ومات من مرضه الذي أفطر فيه، يستحبّ لولده الأكبر من الذّكور أن يقضي عنه ما فاته من الصّيام. وليس ذلك بواجب عليه. فإن برأ من مرضه ذلك، ولم يقض ما فاته، ثمَّ مات، وجب على وليّه القضاء عنه. وكذلك إن كان قد فاته شي‌ء من الصّيام في السفر، ثمَّ مات قبل أن يقضي، وكان متمكّنا من القضاء، وجب على وليّه أن يصوم عنه.

١٥٧

فإن فات المريض صوم شهر رمضان، واستمرّ به المرض إلى رمضان آخر، ولم يصحّ فيما بينهما، صام الحاضر، وتصدّق عن الأول عن كلّ يوم بمدين من طعام. فإن لم يمكنه فبمد منه. فان لم يتمكّن، لم يكن عليه شي‌ء، وليس عليه قضاء. فإن صحّ فيما بين الرّمضانين، ولم يقض ما عليه، وكان في عزمه القضاء قبل الرّمضان الثّاني، ثمَّ مرض، صام الثّاني، وقضى الأوّل، وليس عليه كفّارة. فإن أخّر قضاءه بعد الصحّة توانيا، وجب عليه أن يصوم الثّاني، ويتصدّق عن الأوّل ويقضيه أيضا بعد ذلك. وحكم ما زاد على الرّمضانين حكم رمضانين على السّواء. وكذلك لا يختلف الحكم في أن يكون الذي فاته الشّهر كلّه أو بعضه، بل الحكم فيه سواء.

والمريض إذا كان قد وجب عليه صيام شهرين متتابعين، ثمَّ مات، تصدّق عنه عن شهر، ويقضي عنه وليّه شهرا آخر.

والمرأة أيضا، حكمها حكم ما ذكرناه، في أنّ ما يفوتها من الصّيام بمرض أو طمث، لا يجب على أحد القضاء عنها، إلا أن تكون قد تمكّنت من القضاء، فلم تقضه، فإنّه يجب القضاء عنها. ويجب أيضا القضاء عنها ما يفوتها بالسّفر حسب ما قدّمناه في حكم الرّجال.

وحدّ المرض الذي يجب معه الإفطار، إذا علم الإنسان من

١٥٨

نفسه: أنه إن صام، زاد ذلك في مرضه، أو أضرّ به. وسواء الحكم أن يكون المرض في الجسم، أو يكون رمدا، أو وجع الأضراس. فإن عند جميع ذلك يجب الإفطار مع الخوف من الضّرر.

والشّيخ الكبير والمرأة الكبيرة، إذا عجزا عن الصّيام، أفطرا وتصدّقا عن كل يوم بمدّين من طعام. فإن لم يقدرا عليه فبمدّ منه. وكذلك الحكم فيمن يلحقه العطاش ولا يقدر معه على الصّوم. وليس على واحد منهم القضاء. والحامل المقرب والمرضع القليلة اللّبن لا بأس أن تفطرا، إذا أضرّ بهما الصّوم وتتصدّقا عن كلّ يوم وتقضيا ذلك اليوم فيما بعد.

وكلّ هؤلاء الذين ذكرنا: أنه يجوز لهم الإفطار، فليس لهم أن يأكلوا شبعا من الطعام، ولا أن يشربوا ريّا من الشراب، ولا يجوز لهم أن يواقعوا النّساء.

باب حكم من أسلم في شهر رمضان ومن بلغ فيه والمسافر إذا قدم أهله والحائض إذا طهرت والمريض إذا برأ

من أسلم في شهر رمضان، وقد مضت منه أيّام، فليس عليه قضاء شي‌ء ممّا فاته من الصّيام، وعليه صيام ما يستأنف من الأيام. وحكم اليوم الذي يسلم فيه، إن أسلم قبل طلوع الفجر، كان عليه صيام ذلك اليوم. فإن لم يصمه. كان عليه

١٥٩

القضاء. وإذا أسلم بعد طلوع الفجر، لم يجب عليه صيام ذلك اليوم، وكان عليه أن يمسك تأديبا إلى آخر النّهار.

وحكم من بلغ في شهر رمضان أيضا ذلك الحكم في أنّه يجب عليه صيام ما بقي من الأيام بعد بلوغه، وليس عليه قضاء ما قد مضى ممّا لم يكن بالغا فيه.

والمسافر إذا قدم أهله، وكان قد أفطر، فعليه أن يمسك بقيّة النّهار تأديبا، وكان عليه القضاء. فإن لم يكن قد فعل شيئا ينقض الصّوم، وجب عليه الإمساك، ولم يكن عليه القضاء. فإن طلع الفجر، وهو بعد خارج البلد، كان مخيّرا بين الإمساك ممّا ينقض الصّوم، ويدخل بلده، فيتمّ صومه ذلك اليوم، وبين أن يفطر، فإذا دخل إلى بلده، أمسك بقيّة نهاره تأديبا، ثمَّ قضاه حسب ما قدّمناه. والأفضل، إذا علم أنّه يصل إلى بلده، أن يمسك عمّا ينقض الصّيام. فإذا دخل الى بلده، تمّم صومه، ولم يكن عليه قضاء.

والحائض، إذا طهرت في وسط النّهار، أمسكت بقيّة النّهار تأديبا، وكان عليها القضاء، سواء كانت أفطرت قبل ذلك، أو لم تفطر. ويجب عليها قضاء ما فاتها من الصّيام في أيّام حيضها.

والمريض، إذا برأ من مرضه في وسط النّهار، أو قدر على الصّوم، وكان قد تناول ما يفسد الصّوم، كان عليه الإمساك

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٨ - حواره مع يحيى بن الضّحاك السمرقندي

لقد كان المأمون يحبّ سقطات الرضاعليه‌السلام وأن يعلوه المحتج وإن أظهر غير ذلك، فاجتمع عنده الفقهاء والمتكلمون فدس إليهم أن ناظروه في الإمامة.

فقال لهم الرضاعليه‌السلام : اقتصروا على واحد منكم يلزمكم ما يلزمه، فرضوا برجل يعرف بيحيى بن الضحاك السمرقندي ولم يكن بخراسان مثله، فقال الرضاعليه‌السلام : يا يحيى سل عما شئت.

فقال: نتكلّم في الإمامة، كيف ادّعيت لمن لم يؤمّ وتركت من أمَّ ووقع الرضا به؟

فقال له: يا يحيى أخبرني عمن صدّق كاذباً على نفسه أو كذّب صادقاً على نفسه أيكون محقّاً مصيباً أو مبطلاً مخطئاً؟ فسكت يحيى.

فقال له المأمون: أجبه، فقال: يعفيني أمير المؤمنين من جوابه، فقال المأمون: يا أبا الحسن عرِّفنا الغرض في هذه المسألة.

فقالعليه‌السلام : لا بدّ ليحيى من أن يخبر عن أئمته أنهم كذبوا على أنفسهم أو صدقوا؟ فإن زعم أنهم كذبوا فلا أمانة لكذّاب، وإن زعم أنهم صدقوا، فقد قال أوّلهم: وليتكم ولست بخيركم، وقال تاليه كانت بيعته فلتة، فمن عاد لمثلها فاقتلوه، فوالله ما رضي لمن فعل مثل فعلهم إلا بالقتل، فمن لم يكن بخير الناس والخيرية لا تقع إلاَّ بنعوت منها العلم، ومنها الجهاد، ومنها ساير الفضائل وليست فيه.

ومن كانت بيعته فلتة يجب القتل على من فعل مثلها، كيف يقبل عهده إلى غيره وهذه صورته؟! ثمّ يقول على المنبر: إنَّ لي شيطاناً يعتريني، فإذا مال بي فقوموني وإذا أخطأت فأرشدوني فليسوا أئمة بقولهم إن صدقوا أو كذبوا، فما عند يحيى في هذا جواب.

٢٢١

فعجب المأمون من كلامه، وقال: يا أبا الحسن ما في الأرض من يحسن هذا سواك)(١) .

٩ - حواره مع سليمان المروزي

قال الحسن بن محمد النوفليّ: قدم سليمان المروزي متكلّم خراسان على المأمون فأكرمه ووصله.

ثم قال له: إنّ ابن عمّي علي بن موسى قدم عليَّ من الحجاز وهو يحبّ الكلام وأصحابه، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية لمناظرته.

فقال سليمان: يا أمير المؤمنين إنّي أكره أن أسأل مثله في مجلس في جماعة من بني هاشم، فينتقص عند القوم إذا كلّمني ولا يجوز الاستقصاء عليه.

قال المأمون: إنّما وجهت إليك لمعرفتي بقوّتك وليس مرادي إلاّ أن تقطعه عن حجّة واحدة فقط.

فقال سليمان: حسبك يا أمير المؤمنين. اجمع بيني وبينه وخلّني وإياه وألزم.

فوجّه المأمون إلى الرضاعليه‌السلام ، فقال: إنّه قدم علينا رجلٌ من أهل مرو وهو واحد خراسان من أصحاب الكلام، فإن خفَّ عليك أن تتجشّم المصير إلينا فعلت.

فنهضعليه‌السلام للوضوء وقال لنا: تقدّموني وعمران الصابي معنا، فصرنا إلى الباب فأخذ ياسر وخالد بيديّ فأدخلاني على المأمون، فلمّا سلمت قال: أين أخي أبو الحسن أبقاه الله؟

____________________

(١) عيون أخبار الرضا: ٢ / ٢٣١.

٢٢٢

قلت: خلّفته يلبس ثيابه وأمرنا أن نتقدّم، ثم قلت: يا أمير المؤمنين إنّ عمران مولاك معي وهو بالباب.

فقال: من عمران؟ قلت الصابي الذي أسلم على يدك.

قال: فليدخل، فدخل فرحّب به المأمون، ثم قال له: يا عمران لم تمتْ حتى صرت من بني هاشم.

قال: الحمد لله الذي شرّفني بكم يا أمير المؤمنين.

فقال له المأمون: يا عمران هذا سليمان المروزي متكلّم خراسان.

قال عمران: ياأمير المؤمنين إنّه يزعم أنه واحد خراسان في النظر وينكر البداء.

قال: فلم لا تناظره؟

قال عمران: ذلك إليه.

فدخل الرضاعليه‌السلام فقال: في أيّ شيء كنتم؟

قال عمران: يابن رسول الله هذا سليمان المروزي.

فقال سليمان: أترضى بأبي الحسن وبقوله فيه؟

قال عمران: قد رضيت بقول أبي الحسن في البداء على أن يأتيني فيه بحجّة احتجّ بها على نظرائي من أهل النظر.

قال المأمون: يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه؟

قال: وما أنكرت من البداء يا سليمان؟ والله عَزَّ وجَلَّ يقول:( أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاًً ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ويقول:( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) ويقول:( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ

٢٢٣

عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ) .

قال سليمان: هل رويت فيه شيئاً عن آبائك؟

قال: نعم، رويت عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إن لله عَزَّ وجَلَّ علمين، علماً مخزوناً مكنوناً لا يعلمه إلاّ هو، من ذلك يكون البداء وعلماً علّمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بيت نبيّه يعلمونه.

قال سليمان: أحبّ أن تنزعه لي من كتاب الله عَزَّ وجَلَّ.

قالعليه‌السلام : قول الله عَزَّ وجَلَّ لنبيه (صلى الله عليه وآله):( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) أراد هلاكهم ثم بدا لله فقال:( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) .

قال سليمان: زدني جعلت فداك.

قال الرضاعليه‌السلام : لقد أخبرني أبي عن آبائه أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إنّ الله عَزَّ وجَلَّ أوحى إلى نبي من أنبيائه: أن أخبر فلان الملك أني متوفّيه إلى كذا وكذا فأتاه ذلك النبي فأخبره فدعا الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير، فقال: يا ربّ اجّلني يشبّ طفلي وأفضي أمري فأوحى الله عَزَّ وجَلَّ إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك فأعلمه أنّي قد أنسيت في أجله وزدت في عمرة خمس عشرة سنة.

فقال ذلك النبي: ياربّ إنّك لتعلم أني لم أكذب قطّ، فأوحى الله عَزَّ وجَلَّ إليه: إنّما أنت عبد مأمور، فأبلغه ذلك والله لا يسأل عمّا يفعل، ثم التفت إلى سليمان فقال: أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب.

قال: أعوذ بالله من ذلك، وما قالت اليهود؟

قال: قالت( يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ) يعنون أن الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئاً. فقال الله عَزَّ وجَلَّ:( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ) ولقد سمعت قوماً سألوا أبي موسى بن جعفرعليه‌السلام عن البداء فقال: وما ينكر الناس من البداء وأن يقف الله قوماً

٢٢٤

يرجيهم لأمره.

قال سليمان: ألا تخبرني عن( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) في أي شيء أنزلت؟

قال الرضاعليه‌السلام : يا سليمان ليلة القدر يقدّر الله عَزَّ وجَلَّ فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت أو خير أو شر، أو رزق فما قدره من تلك الليلة فهو من المحتوم.

قال سليمان الآن قد فهمت جعلت فداك فزدني.

قالعليه‌السلام : يا سليمان إنّ من الأمور أُموراً موقوفة عند الله تبارك وتعالى يقدّم منها ما يشاء ويؤخّر ما يشاء، يا سليمان إنّ علياًعليه‌السلام كان يقول: العلم علمان: فعلم علّمه الله ملائكته ورسله، فما علّمه ملائكته ورسله فإنّه يكون ولا يكذّب نفسه ولا ملائكته ولا رسله.

وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحداً من خلقه يقدم منه ما يشاء ويؤخّر منه ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء.

قال سليمان للمأمون: يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا البداء، ولا أُكذّب به إن شاء الله.

فقال المأمون: يا سليمان سل أبا الحسن عما بدالك وعليك بحسن الاستماع والإنصاف.

قال سليمان: يا سيّدي أسألك؟

قال الرضاعليه‌السلام : سل عمّا بدالك.

قال: ما تقول فيمن جعل الإرادة اسماً وصفة مثل حيّ وسميع وبصير وقدير؟

قال الرضاعليه‌السلام : إنّما قلتم حدثت الأشياء واختلف لأنّه شاء وأراد ولم

٢٢٥

تقولوا حدثت واختلفت لأنه سميع وبصير، فهذا دليل على أنها ليست بمثل سميع ولا بصير ولا قدير.

قال سليمان: فإنّه لم يزل مريداً.

قال: يا سليمان فإرادته غيره؟

قال نعم.

قال: فقد أثبتّ معه شيئاً غيره لم يزل.

قال سليمان: ما أثبت؟

قال الرضاعليه‌السلام : أهي محدثة؟

قال سليمان: لا ما هي محدثة.

فصاح المأمون وقال: يا سليمان مثله يعايا أو يكابر؟ عليك بالإنصاف أما ترى من حولك من أهل النظر ثم قال: كلّمه يا أبا الحسن فإنّه متكلّم خراسان، فأعاد عليه المسألة.

فقال: هي محدثة، يا سليمان فإنّ الشيء إذا لم يكن أزليّاً كان محدثاً، وإذا لم يكن محدثاً كان أزليّاً.

قال سليمان: إرادته منه كما أن سمعه منه وبصره منه وعلمه منه.

قال الرضاعليه‌السلام : فإرادته نفسه.

قال: لا.

قالعليه‌السلام : فليس المريد مثل السميع والبصير.

قال سليمان: إنّما أراد نفسه كما سمع نفسه وأبصر نفسه وعلم نفسه.

قال الرضاعليه‌السلام : ما معنى أراد نفسه أراد أن يكون شيئاً أو أراد أن يكون حيّاً أو سميعاً أو بصيراً أو قديراً؟!

قال: نعم.

٢٢٦

قال الرضاعليه‌السلام : أفبإرادته كان ذلك؟! ثمّ قالعليه‌السلام : فليس لقولك أراد، أن يكون حيّاً سميعاً بصيراً معنى إذا لم يكن ذلك بإرادته.

قال سليمان: بلى؛ قد كان ذلك بإرادته.

فضحك المأمون ومن حوله وضحك الرضاعليه‌السلام ثم قال لهم: أرفقوا بمتكلّم خراسان. يا سليمان فقد حال عندكم عن حاله وتغيّر عنها وهذا ممّا لا يوصف الله عَزَّ وجَلَّ به، فانقطع.

ثم قال الرضاعليه‌السلام : يا سليمان أسألك مسألة.

قال: سل جعلت فداك.

قال: اخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما يفقهون ويعرفون، أو بما لا يعرفون؟!

قال: بل بما يفقهون ويعرفون.

قال الرضاعليه‌السلام : فالذي يعلم الناس أنّ المريد غير الإرادة وأنّ المريد قبل الإرادة وأنّ الفاعل قبل المفعول وهذا يبطل قولكم: إنّ الإرادة والمريد شيء واحد.

قال: جعلت فداك ليس ذلك منه على ما يعرف الناس ولا على ما يفقهون.

قالعليه‌السلام : فأراكم ادّعيتم علم ذلك بلا معرفة، وقلتم: الإرادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ولا يعقل، فلم يحر جواباً.

ثم قال الرضاعليه‌السلام : يا سليمان هل يعلم الله عَزَّ وجَلَّ جميع ما في الجنة والنار؟!

قال سليمان: نعم.

قال: أفيكون ما علم الله عَزَّ وجَلَّ أنه يكون من ذلك؟

قال: نعم.

قال: فإذا كان حتّى لا يبقى منه شيء إلاّ كان، أيزيدهم أو يطويه عنهم؟!

قال سليمان: بل يزيدهم.

٢٢٧

قال: فأراه في قولك: قد زادهم ما لم يكن في علمه أنّه يكون.

قال: جعلت فداك والمزيد لا غاية له.

قالعليه‌السلام : فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك، وإذا لم يحط علمه بما يكون فيها لم يعلم ما يكون فيها قبل أن يكون، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

قال سليمان: إنّما قلت لا يعلمه لأنّه لا غاية لهذا، لأنّ الله عَزَّ وجَلَّ وصفهما بالخلود، وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعاً.

قال الرضاعليه‌السلام : ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم لأنّه قد يعلم ذلك ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم، وكذلك قال الله عَزَّ وجَلَّ في كتابه:( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) وقال عَزَّ وجَلَّ لأهل الجنة:( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) وقال عَزَّ وجَلَّ:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ) فهو جَلَّ وعَزَّ يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة أرأيت ما أكل أهل الجنة وما شربوا أليس يخلف مكانه؟

قال: بلى.

قال: أفيكون يقطع ذلك عنهم وقد أخلف مكانه؟

قال سليمان: لا.

قال: فكذلك كل ما يكون فيها إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم.

قال سليمان: بل يقطع عنهم فلا يزيدهم.

قال الرضاعليه‌السلام : إذاً يبيد ما فيها، وهذا يا سليمان إبطال الخلود وخلاف الكتاب، لأن الله عَزَّ وجَلَّ يقول:( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) ويقول عَزَّ وجَلَّ:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ) .

فلم يحر جواباً.

٢٢٨

ثم قال الرضاعليه‌السلام : يا سليمان ألا تخبرني عن الإرادة فعل هي أم غير فعل؟

قال: بل هي فعل.

قال: فهي محدثة لأن الفعل كلّه محدث.

قال: ليست بفعل.

قال: فمعه غيره لم يزل.

قال سليمان: الإرادة هي الإنشاء.

قال: يا سليمان هذا الذي ادّعيتموه على ضرار وأصحابه من قولهم: إنّ كلّ ما خلق الله عَزَّ وجَلَّ في سماء أو أرض أو بحر أو برّ، من كلب أو خنزير أو قرد أو إنسان أو دابة، إرادة الله عَزَّ وجَلَّ وإن إرادة الله عَزَّ وجَلَّ تحيا وتموت، وتذهب، وتأكل وتشرب وتنكح وتلد، وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر وتشرك، فتبرّء منها وتعاديها، وهذا حدّها.

قال سليمان: إنّها كالسمع والبصر والعلم.

قال الرضاعليه‌السلام : قد رجعت إلى هذا ثانية، فاخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع.

قال سليمان: لا.

قال الرضاعليه‌السلام : فكيف نفيتموه فمرّة قلتم لم يرد، ومرة قلتم أراد، وليست بمفعول له؟!

قال سليمان: إنّما ذلك كقولنا مرّة علم ومرة لم يعلم.

قال الرضاعليه‌السلام : ليس ذلك سواء، لأنّ نفي المعلوم ليس بنفي العلم، ونفي المراد نفي الإرادة أن تكون، لأن الشيء إذا لم يرد لم يكن إرادة، وقد يكون العلم ثابتاً وإن لم يكن المعلوم بمنزلة البصر، فقد يكون الإنسان بصيراً وإن لم يكن المبصر، ويكون العلم ثابتاً وإن لم يكن المعلوم.

قال سليمان: إنّها مصنوعة.

٢٢٩

قالعليه‌السلام : فهي محدثة ليست كالسمع والبصر لأن السمع والبصر ليسا بمصنوعين وهذه مصنوعة.

قال سليمان: إنّها صفة من صفاته لم تزل.

قال: فينبغي أن يكون الإنسان لم يزل، لأن صفته لم تزل.

قال سليمان: لا لأنه لم يفعلها.

قال الرضاعليه‌السلام : يا خراسانيّ ما أكثر غلطك، أفليس بإرادته وقوله تكوّن الأشياء؟

قال سليمان: لا.

قال: فإذا لم يكن بإرادته ولا مشيّته ولا أمره ولا بالمباشرة فكيف يكون ذلك؟! تعالى الله عن ذلك.

فلم يحر جواباً.

ثم قال الرضاعليه‌السلام : ألا تخبرني عن قول الله عَزَّ وجَلَّ:( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ) يعني بذلك أنه يحدث إرادة؟!

قال: له نعم.

قال: فإذا أحدث إرادة كان قولك: إن الإرادة هي هو أم شيء منه باطلاً، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ولا يتغيّر عن حاله، تعالى الله عن ذلك.

قال سليمان: إنّه لم يكن عنى بذلك أنّه يحدث إرادة.

قال: فما عنى به؟

قال: عنى فعل الشيء.

قال الرضاعليه‌السلام : ويلك كم تردّد هذه المسألة، وقد أخبرتك أن الإرادة محدثة، لأن فعل الشيء محدث.

قال: فليس لها معنى.

قال الرضاعليه‌السلام : قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له، فإذا

٢٣٠

لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم: إنّ الله لم يزل مريداً.

قال سليمان: إنّما عنيت أنها فعل من الله لم يزل.

قال: ألا تعلم أنّ ما لم يزل لا يكون مفعولاً وحديثاً وقديماً في حالة واحدة.

فلم يحر جواباً.

قال الرضاعليه‌السلام : لا بأس، أتمم مسألتك.

قال سليمان: قلت: إن الإرادة صفة من صفاته.

قال الرضاعليه‌السلام : كم تردّد عليّ أنها صفة من صفاته، وصفته محدثة أو لم تزل؟!

قال سليمان: محدثة.

قال الرضاعليه‌السلام : الله أكبر فالإرادة محدثة، وإن كانت صفة من صفاته لم تزل.

فلم يرد شيئاً.

قال الرضاعليه‌السلام : إنّ ما لم يزل لا يكون مفعولاً.

قال سليمان: ليس الأشياء إرادة ولم يرد شيئاً.

قال الرضاعليه‌السلام : وسوست يا سليمان فقد فعل وخلق مالم يرد خلقه ولا فعله، وهذه صفة من لا يدري ما فعل، تعالى الله عن ذلك.

قال سليمان: يا سيدي قد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم.

قال المأمون: ويلك يا سليمان كم هذا الغلط والتردّد اقطع هذا وخذ في غيره، إذاً لست تقوى على هذا الردّ.

قال الرضاعليه‌السلام : دعه يا أمير المؤمنين لا تقطع عليه مسألته فيجعلها حجة، تكلّم يا سليمان؟

قال: قد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم.

قال الرضاعليه‌السلام : لا بأس أخبرني عن معنى هذه، أمعنى واحد أم معان مختلفة؟!

قال سليمان: بل معنى واحد.

٢٣١

قال الرضاعليه‌السلام : فمعنى الإرادات كلّها معنى واحد.

قال سليمان: نعم.

قال الرضاعليه‌السلام : فإن كان معناها معنىً واحداً كانت إرادة القيام وإرادة القعود وإرادة الحياة وإرادة الموت إذا كانت إرادته واحدة لم يتقدّم بعضها بعضاً ولم يخالف بعضها بعضاً، وكان شيئاً واحداً.

قال سليمان: إن معناها مختلف.

قالعليه‌السلام : فاخبرني عن المريد أهو الإرادة أو غيرها؟

قال سليمان: بل هو الإرادة.

قال الرضاعليه‌السلام : فالمريد عندكم يختلف إن كان هو الإرادة.

قال: يا سيدي ليس إلاّ إرادة المريد.

قالعليه‌السلام : فالإرادة محدثة، وإلاّ فمعه غيره أفهم وزد في مسألتك.

قال سليمان: فإنها اسم من أسمائه.

قال الرضاعليه‌السلام : هل سمّى نفسه بذلك؟

قال سليمان: لا لم يسمّ نفسه بذلك.

قال الرضاعليه‌السلام : فليس لك أن تسمّيه بما لم يسمّ به نفسه؟

قال: قد وصف نفسه بأنه مريد.

قال الرضاعليه‌السلام : ليس صفته نفسه أنّه مريد إخباراً عن أنه إرادة ولا إخباراً عن أنّ الإرادة اسم من أسمائه.

قال سليمان: لأنّ إرادته علمه.

قال الرضاعليه‌السلام : ياجاهل فإذا علم الشيء فقد أراده.

قال سليمان: أجل.

قالعليه‌السلام : فإذا لم يرده لم يعلمه.

٢٣٢

قال سليمان: أجل.

قالعليه‌السلام : من أين قلت ذاك؟ وما الدليل على أنّ إرادته علمه وقد يعلم ما لا يريده أبداً، وذلك قوله عَزَّ وجَلَّ:( وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) فهو يعلم كيف يذهب به ويذهب به أبداً.

قال سليمان: لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئاً.

قال الرضاعليه‌السلام : هذا قول اليهود، فكيف قال عَزَّ وجَلَّ:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ؟

قال سليمان: إنما عنى بذلك أنه قادر عليه.

قالعليه‌السلام : أفيعد ما لا يفي به؟ فكيف قال عَزَّ وجَلَّ:( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) وقال عَزَّ وجَلَّ:( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) وقد فرغ الأمر.

فلم يحر جواباً.

قال الرضاعليه‌السلام : يا سليمان هل يعلم أن إنساناً يكون ولا يريد أن يخلق إنساناً أبداً وأن إنساناً يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم؟

قال سليمان: نعم.

قال الرضاعليه‌السلام : فيعلم أنّه يكون ما يريد أن يكون أو يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون؟!

قال: يعلم أنّهما يكونان جميعاً.

قال الرضاعليه‌السلام : إذن يعلم أن إنساناً حيّ ميّت، قائم قاعد، أعمى بصير في حال واحدة وهذا هو المحال.

قال: جعلت فداك فإنّه يعلم أنّه يكون أحدهما دون الآخر.

قالعليه‌السلام : لا بأس فأيّهما يكون؟ الذي أراد أن يكون، أو الذي لم يرد أن يكون.

قال سليمان: الذي أراد أن يكون فضحك الرضاعليه‌السلام والمأمون

٢٣٣

وأصحاب المقالات.

قال الرضاعليه‌السلام : غلطت وتركت قولك: إنه يعلم أن إنساناً يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم وإنه يخلق خلقاً وهو لا يريد أن يكون.

قال سليمان: فانّما قولي: إن الإرادة ليست هو ولا غيره.

قال الرضاعليه‌السلام : ياجاهل إذا قلت: ليست هو فقد جعلتها غيره وإذا قلت: ليست هي غيره فقد جعلتها هو.

قال سليمان: فهو يعلم، فكيف يصنع الشيء.

قالعليه‌السلام : نعم.

قال سليمان: فإنّ ذلك إثبات الشيء.

قال الرضاعليه‌السلام : أحلت، لأن الرجل قد يحسن البناء، وإن لم يبن، ويحسن الخياط وإن لم يخط، ويحسن صنعة الشيء وإن لم يصنعه أبداً.

ثم قال له: يا سليمان، هل يعلم أنه واحد لا شيء معه؟!

قال: نعم.

قال: أفيكون ذلك إثباتاً للشيء؟!

قال سليمان: ليس يعلم أنه واحد لا شيء معه.

قال الرضاعليه‌السلام : أفتعلم أنت ذاك؟! ثمّ قال: فأنت يا سليمان أعلم إذاً.

قال سليمان: المسألة محال.

قال: محال عندك أنه واحد لا شيء معه، وأنّه سميع بصير، حكيم، عليم، وقادر؟

قال: نعم.

قالعليه‌السلام : فكيف أخبر الله عَزَّ وجَلَّ أنه واحد حيّ سميع، بصير، عليم خبير وهو لا يعلم ذلك؟ وهذا ردّ ما قال وتكذيبه، تعالى الله عن ذلك.

ثم قال الرضاعليه‌السلام : فكيف يريد صنع مالا يدري صنعه، ولا ماهو؟! وإذا كان

٢٣٤

الصانع لا يدري كيف يصنع الشيء قبل أن يصنعه فإنّما هو متحيّر، تعالى الله عن ذلك.

قال سليمان: فإن الإرادة القدرة.

قال الرضاعليه‌السلام : وهو عَزَّ وجَلَّ يقدر على ما لايريده أبداً، ولابدّ من ذلك لأنّه قال تبارك وتعالى: ( وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ) ، فلو كانت الإرادة هي القدرة، كان قد أراد أن يذهب به لقدرته.

فانقطع سليمان.

قال المأمون عند ذلك: يا سليمان هذا أعلم هاشميّ، ثم تفرّق القوم(١) .

١٠ - حواره مع فقهاء المذاهب الإسلامية

حلف رجل بخراسان بالطّلاق أنّ معاوية ليس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأفتى الفقهاء بطلاقها.

فسئل الرضاعليه‌السلام ، فأفتى: أنها لا تطلّق.

فكتب الفقهاء رقعة وأنفذوها إليه، وقالوا له: من أين قلت يا ابن رسول الله أنها لا تطلق؟

فوقّععليه‌السلام في رقعتهم: قلت هذا من روايتكم، عن أبي سعيد الخدريّ أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لمسلمة يوم الفتح وقد كثروا عليه: أنتم خير وأصحابي خير ولا هجرة بعد الفتح، فأبطل الهجرة، ولم يجعل هؤلاء أصحاباً له.

قال: فرجعوا إلى قولهعليه‌السلام )(٢) .

____________________

(١) التوحيد: ٤٤١ - ٤٥٤.

(٢) عيون أخبار الرضا: ٢ / ٨٧.

٢٣٥

البحث الثالث: تراث الإمام الرضاعليه‌السلام

إن الثروة العلمية الهائلة التي قدّمها الإمام الرضاعليه‌السلام للعالم الإسلامي بل للعالم الإنساني عامة ولأتباع أهل البيت خاصة قد شملت ألوان العلوم والمعارف من فلسفة وكلام وطب وفقه وتفسير وتاريخ و تربية وآداب وسياسة واجتماع...

وقد أتاحَ المأمون من حيث لا يشعر فرصة ذهبية لظهور علم الإمامعليه‌السلام وبروزه إلى الساحة الاجتماعية وتحدّيه لكل العلماء الذين جمعهم لتضعيف الإمام وتسقيطه من خلال المواجهة العلمية التي جمع من أجلها علماء الفرق والأديان.

وقد عرفنا كيف استجاب علماء الفرق والمذاهب الإسلامية لدعوة المأمون حتى طرحوا أعقد الأسئلة على الإمامعليه‌السلام تحقيقاً لرغبة المأمون، فسألوه عمّا كان غامضاً لديهم، وقد روى المؤرخون أن ما طرح على الإمامعليه‌السلام يبلغ أكثر من عشرين ألف مسألة في مختلف أبواب المعرفة فأجابهم الإمامعليه‌السلام على جميعها؛ متحدّياً جبروت المأمون والعباسيين خاصة وسائر من يجهل فضل أهل البيتعليهم‌السلام عامّة.

كما أثرت عن الإمام الرضاعليه‌السلام سوى هذه الاحتجاجات مجموعة من النصوص التي نصّ عليها المعنيّون بالتراجم، مثل (طب الإمام الرضاعليه‌السلام )، و (مسند الإمام الرضاعليه‌السلام )(١) ، أو (صحيفة الإمام الرضاعليه‌السلام ) أو صحيفة

____________________

(١) يشتمل المسند على (٢٤٠) حديثاً رواها عنهعليه‌السلام عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي.

٢٣٦

أهل البيت والمعبّر عنها بالرضويات، و (رسالة جوامع الشريعة)، كما نسب إليه أيضاً كتاب فقهي عُرف بـ (فقه الرضاعليه‌السلام )(١) .

إنّ حديث سلسلة الذهب هو الحديث الذي رواه الإمام الرضاعليه‌السلام عن آبائه المعصومين عن جدّهم سيد المرسلين عن جبرائيل عن ربّ العزّة سبحانه وتعالى ونصّه هو: (لا إله إلاّ الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمِن من عذابي).

قال أحمد بن حنبل عن مثل سند هذا الحديث: (وهذا إسناد لو قرئ على المجنون لأفاق)(٢) .

ثم إنّ النصوص التي جُمعت في مسند الإمام الرضاعليه‌السلام تناهز الألفين، وتتنوّع على مجالات شتى، فالعقائد والفقه والأخلاق والتفسير والتاريخ والاحتجاجات هي أهم الموضوعات التي رتب على أساسها المسند، ولكن المجالات المعرفية التي اهتمت بها نصوص الإمامعليه‌السلام لا تنحصر في هذه الأبواب.

على أنا نلاحظ اهتماماً خاصاً بأصول العقيدة والشريعة ولا سيّما قضايا الإمامة بتفاصيلها الكثيرة التي قد نالت اهتماماً خاصاً كما نلاحظه في هذه النصوص(٣) وقد تصدى الإمامعليه‌السلام في هذه النصوص إلى سدّ كل الطرق والمنافذ ردّاً على المذاهب والفرق الأخرى التي ابتعدت عن مذهب أهل البيتعليهم‌السلام بشكل أو آخر.

____________________

(١) اختلف الأصحاب في صحة انتسابه إلى الإمامعليه‌السلام على أقوال ثلاثة، راجع عبد الهادي الفضلي، تاريخ التشريع الإسلامي: ١٧٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب: ٣/٤٣٣ وعنه في بحار الأنوار: ٤٨/١٠٧ وأعيان الشيعة: ١ / ١٠٠.

(٣) تبلغ نصوص الإمامة حوالي ٥٠٠ نص ويضاف إليها ما جاء في احتجاجاته التي دارت حول الإمامة وما جاء في كتابي الاصطفاء والنبوة والأدعية وتفسير القرآن مما يرتبط بالإمامة فيها فتكون حجماً هائلاً بالقياس إلى ما سواها فهي تشكّل ربع تراث الإمام تقريباً.

٢٣٧

فاحتجاجات الإمامعليه‌السلام صريحة وصارخة في محتواها ولا تجد فيها أي مجال للتقية أو الاقتصار على طرح بعض الحقائق التاريخية دون بعض، بل نجد الإمامعليه‌السلام يدخل الساحة العقائدية المذهبية بكل ثقله وهو يعلم بأن القتل في سبيل المبدأ والاغتيال الذي ينتظره هو آخر الخطّ. وأنّه يدخل معترك الصراع بكل أبعاده ليقرر حقيقة المذهب وأدلّته ومبررات وجوده وأنه هو الخط الوحيد الذي يمثّل رسالة الله في الأرض وأنه امتداد خط الرسول (صلى الله عليه وآله) دون سواه.

وإليك بعض ما اخترناه من تراثهعليه‌السلام كنموذج للدلالة على عظمة هذا التراث وتنوع أغراضه ومجالاته.

في رحاب العقل والعلم والمعرفة

١ - (العقل حباء من الله والأدب كُلفة، فمن تكلّف الأدب قدر عليه ومن تكلّف العقل لم يزدد إلا جهلاً)(١) .

٢ - (ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، وإنّما العبادة التفكّر في أمر الله عَزَّ وجَلَّ)(٢) .

٣ - (ما استودع الله عبداً عقلاً إلا استنقذه به يوماً)(٣) .

____________________

(١) الكافي: ١ / ٢٤.

(٢) الكافي: ٢ / ٥٥.

(٣) أمالي الطوسي: ١ / ٥٥.

٢٣٨

في رحاب القرآن الكريم

١ - عن الحسين بن خالد، قال: قلت للرّضا علي بن موسىعليهما‌السلام : ياابن رسول الله أخبرني عن القرآن أخالق أو مخلوق؟ فقال: (ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنّه كلام الله عَزَّ وجَلَّ)(١) .

٢ - عن الرّيان بن الصلت، قال قلت للرضاعليه‌السلام : ما تقول في القرآن؟ فقال: (كلام الله لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا)(٢) .

٣ - عن أبي حيون مولى الرضاعليه‌السلام ، قال: (من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم)، ثم قال: (إنّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ومحكماً كمحكم القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا)(٣) .

٤ - ذكر الرضاعليه‌السلام يوماً القرآن فعظّم الحجّة فيه والآية والمعجزة في نظمه، فقال: (هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى وطريقته المثلى، المؤدّي إلى الجنّة، والمنجي من النار، لا يخلق على الأزمنة ولا يغثّ على الألسنة، لأنه لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان والحجّة على كل إنسان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)(٤) .

في رحاب التوحيد

١ - سأله رجل عن الدليل على حدوث العالم فقال: (أنت لم تكن ثمّ كنت وقد علمت أنّك لم تكوّن نفسك ولا كوّنك من هو مثلُك)(٥) .

____________________

(١) التوحيد: ٢٢٣.

(٢) التوحيد: ٢٢٣، والأمالي: ٢٢٦.

(٣) عيون أخبار الرضا: ١/٢٩٠.

(٤) عيون أخبار الرضا: ٢/١٣٠.

(٥) التوحيد: ٢٩٣.

٢٣٩

٢ - جاء رجل إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام من وراء نهر بلخ، فقال: (إني أسألك عن مسألة فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : سل عما شئت، فقال: أخبرني عن ربك متى كان؟ وكيف كان؟ وعلى أي شيء كان اعتماده؟

فقال أبو الحسنعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى أيّن الأين بلا أين، وكيّف الكيف بلا كيف، وكان اعتماده على قدرته، فقام إليه الرجل فقبّل رأسه وقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله وأنّ علياً وصيُّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقيّم بعده بما قام به رسول الله، وأنكم الأئمة الصادقون وأنك الخلف من بعدهم)(١) .

٣ - حدثنا الحسين بن بشار، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام فقال: سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟ أو لا يعلم إلاّ ما يكون؟ فقال: (إنّ الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء).

٤ - عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت: لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : روينا: أن الله علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه، قال: (كذلك هو)(٢) .

في رحاب النبوة والأنبياء

١ - قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام لماذا بعث الله عَزَّ وجَلَّ موسى بن عمران بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر وبعث عيسىعليه‌السلام بالطب وبعث محمداً (صلى الله عليه وآله) بالكلام والخطب؟

فقال له أبو الحسنعليه‌السلام : (إنّ الله تبارك وتعالى لما بعث موسىعليه‌السلام كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله عَزَّ وجَلَّ بما لم يكن في وسع القوم مثله،

____________________

(١) الكافي: ١ / ٨٨.

(٢) التوحيد: ١٣٨.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253