الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة0%

الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 119

الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد تقي المدرسي
تصنيف: الصفحات: 119
المشاهدات: 95402
تحميل: 23475

توضيحات:

الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 119 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 95402 / تحميل: 23475
الحجم الحجم الحجم
الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فلنسأل أنفسنا: كيف نسير في دربهم حتّى نصل إلى هذه النتيجة؟ كيف نربي هذه الشجاعة والإيمان والوفاء في أنفسنا؟ كيف نتّصل بنور الله سبحانه وتعالى حتّى نصبح مثل الحسين وأصحابه وأهل بيتهعليهم‌السلام ؟

٣ - علينا أن نتعرّف على فلسفة الحسينعليه‌السلام ، أي الفكر الذي يلخّص كل هذه المأساة. إن فلسفتهعليه‌السلام تتمثّل في أنه تنازل عن ذاته من أجل هدفه حتّى أصبح المثال الأكمل في هذا المجال، ونحن أيضاً يجب أن لا نفكر في أنفسنا؛ فهناك الكثير من الناس يجعلون أنفسهم جزء من قضيتهم فيسيرون بذلك على معادلة خاطئة، ويتشدقون واهمين أنهم هم الذين يطبّقون الحكومة الإسلاميّة، وأنهم هم الذين يجسدون تطلعات الاُمة؛ وبذلك يتحول هدفهم من هدف مجرد عن الذات إلى هدف ممزوج بها.

فيبتعدون عن تعريض أنفسهم للمشاكل والصعوبات؛ لأنهم - حسب زعمهم - يتصورون أنهم إذا أصابهم قرح فإن الاُمة ستفقد الذي يطبق حكم الله في الأرض، وتخسر الذي ينصح الناس ويعظهم، وهكذا تراهم دوماً وأبداً يبعدون أنفسهم عن الجهاد ويعتبرون المحافظة على أنفسهم أهم من المحافظة على الدين.

ومن هنا فإنّ الإمام الحسينعليه‌السلام هو بطل هذه المعادلة؛ فلقد عرف كيف يقول: (لا) لنفسه. فعندما عرفعليه‌السلام أن شهادته هي الطريق إلى تطبيق حكم الله لم يطرح نفسه رغم أنه إمام الأمة بنص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا » (١) .

فمع أنهعليه‌السلام كان

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٣ / ٢٩١.

٦١

يعلم أنه الإمام الحقيقي للاُمة، ولكنك تراه يندفع إلى التضحية بنفسه، وبما يملك من أجل الدين؛ ذلك لأنّ الدين أهم من الإنسان وإن كان هذا الإنسان متمثّلاً في الحسينعليه‌السلام ، فكيف بي وبك؟!

وهكذا فإنّ علينا في كثير من الأحيان أن نتجرّد عن ذاتنا، وأن نواجه المخاطر والصعوبات بكل رحابة صدر؛ إذ ليس من المعقول أن يحتفظ الواحد منا بنفسه وأهله، وأولاده وماله بحجة أنه يمثل الدين، كلا، فالإنسان لا يكون متديّناً إلاّ عندما يتجرّد عن ذاته.

وهكذا فإنّ المأساة ينبغي أن تفتح الطرق إلى قلبك، أما إذا برّرت الاُمور بطريقة ما وقلت: إن الإمام الحسينعليه‌السلام كان إماماً وأنا لست إماماً، وإنه عاش في زمان غير زماني، وما شاكل ذلك من التبريرات الواهية، فإنك ستحرم نفسك من دروس وعبر هذه الملحمة التاريخيّة.

٦٢

عاشوراء نهضة خالدة

لماذا بقيت واقعة الطفِّ حية مشتعلة في النفوس طيلة القرون الطويلة؟ فكل عام نستقبل هذه الواقعة التاريخيّة وكأنها قد وقعت بالأمس، وجواباً على هذا التساؤل نقول: إنّ هناك أسباباً مختلفة نستعرض طائفة منها:

السبب الغيبي لخلود ثورة الحسينعليه‌السلام

١ - السبب الغيبي: فإرادة الله تعالى شاءت أن تبقى هذه الظاهرة مع الزمن؛ ذلك لأنّ الإمام الحسينعليه‌السلام أعطى كل ما كان يملك في سبيل الله، فمنحه تعالى لسان صدق في الآخرين، وجعل له حرارة في قلوب المؤمنين لا تنطفئ أبداً.

وقد روي في هذا المجال أن فاطمة الزهراءعليها‌السلام تأتي قبيل شهر محرم فتحمل تحت العرش قميص الحسينعليهم‌السلام المضمخ بدمه، فيمر نسيم ليحمل معه عبقاً تلتقطه مشام المؤمنين، فتشتعل نفوسهم حباً للحسينعليه‌السلام ، وتفيض قلوبهم بتلك المأساة المفجعة، وإذا بها تتجدد في كل عام.

٦٣

ونحن لا نعرف بالضبط معنى هذه الرواية، ولكننا نشاهد عملياً أنّ المؤمنين ومحبي أهل البيتعليهم‌السلام يشعرون على أعتاب شهر محرم الحرام بأنهم يعيشون حالة جديدة، وأن موسم الدمع والدم، والعزاء والتحدي، موسم الجراح التي نزفت وما تزال تنزف قد أقبل عليهم، فيشعرون بدافع قوي يدفعهم لأن يجددوا هذه الذكرى على أفضل وجه.

ثورة الحسينعليهم‌السلام لخّصت رسالات السماء

٢ - إنّ الحادثة التي وقعت في كربلاء خلال ساعات معدودة في اليوم العاشر من شهر محرم الحرام عام ٦١ هـ قد لخّصت رسالات السماء؛ فأنت تقف أمام الضريح المقدس لسيد الشهداءعليه‌السلام فتقول:« السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وراث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وراث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمّد حبيب الله... » (١) .

وهكذا فإنّ جميع الأئمة الأطهار قد ورثوا رسل الله، فيحق لك أن تقف عند ضريح كل واحد منهم وتردد نفس تلك الكلمات، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى زيارة الوارث التي وردت في زيارة أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ؛ ذلك لأن وراثة الأنبياء تجلّت في يوم عاشوراء، هذا اليوم الذي لا يستطيع أن يستوعب أبعاده إنسان، فكلما جاء جيل وقف عند هذه الحادثة ليكشف فيها الجديد؛ ذلك لأنّ تقدّم

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارات الإمام الحسينعليه‌السلام - الزيارة السابعة.

٦٤

الأيام يجعل من هذه الحادثة أوضح مما كانت سابقاً.

فهناك أبعاد كثيرة في هذه الحادثة علينا أن نستكشفها، فعلى سبيل المثال ماذا يعني الحصار الاقتصادي الذي ضُرب على أبي عبد اللهعليه‌السلام في كربلاء، والذي شمل بالإضافة إلى الموءن حتّى الماء الذي هو مباح لكل الناس.

الجانب المأساوي لثورة الحسينعليه‌السلام

ونحن نعرف أن حادثة الطفِّ وقعت في أوائل الخريف، وأن الفرات يحدث فيه خلال هذه الفترة شبه فيضان، وفي ذلك العصر كانت أراضي كربلاء والغاضريات، ونينوى وشاطئ الفرات مجموعة أراضٍ متقاربة ومنضمة إلى بعضها البعض، كما ونعلم أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام قتل بين النواويس - وهي قطعة أرض - وكربلاء، وهي قطعة أرض اُخرى، وقد دُفن الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء.

وقد كانت تلك الأراضي مزروعة كلها في تلك الأيام، ونحن نستنتج من ذلك أن المياه كانت فائضة، أي أن الماء كان يغطي الأرض، وقد كان شط الفرات الذي يمر بهذه الأراضي نهراً كبيراً تسير فيه السفن الشراعية في تلك الأيام، ومع كل ذلك ومع وجود تلك الخيرات وتلك المياه الغزيرة منعوا الماء ولو بمقدار قطرة واحدة عن الوصول إلى أطفال الحسينعليه‌السلام ، إنّه أمر لا يمكن استيعابه.

وهناك أمر آخر لا يقلّ غرابة يتمثّل في ذلك الجيش الكبير الذي أرسل إلى كربلاء لمحاربة الإمام الحسينعليه‌السلام ، لقد كان هذا الجيش يتكوّن على أقل التقديرات من ثلاثين ألف جندي مسلح بكامل الأسلحة، بل إن جيوش يزيد كلها كانت تحت الإنذار

٦٥

لحرب أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، إلى درجة أنّ الرجل الواحد من أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام كان يواجه النفير العام من قبل الأعداء عند الهجوم عليهم.

وعلى سبيل المثال فإن العباس بن عليعليهم‌السلام عندما حمل على المشرعة حدثت حالة من الفوضى والبلبلة بين صفوف العدو؛ ولذلك فإن القائد العام لجيش بني اُميّة عمر بن سعد (لعنه الله) أعلن حالة النفير العام، أي أنه أمر الجيش كله بالهجوم على العباسعليه‌السلام .

ترى ماذا يعني ذلك؟ ربما نجد الجواب في قول الشاعر العلوي الملهم:

قسماً بصارمِه الصقيلِ وإنني

في غير صاعقة السما لا أقسمُ

لولا القضا لمحى الوجودَ بسيفه

والله يقضي ما يشاء ويحكمُ

فقد بلغت شجاعة العباسعليه‌السلام مبلغاً جعلته يواجه أبطال وصناديد العرب الذين كانوا يمثلون آنذاك القوة العسكرية الأولى في العالم؛ ولذلك نقول: إنّ عاشوراء لخّصت جميع رسالات السماء؛ ولذلك كانت هذه الواقعة ممتدة عبر الزمن؛ لأنّها أكبر من الزمن، وأكبر من قدرة الإنسان على الاستيعاب.

ونحن الآن لم نستوعب جميع أبعاد حادثة الطفِّ؛ ولذلك تبقى في قلوبنا بقية ألم، وتبقى قلوبنا تنزف وتنتظر العام القادم لكي تكمل المشوار، فتجدد بذلك هذه الحادثة كل عام.

واقعة الطفِّ جسّدت سنن الله

٣ - إنّ حادثة عاشوراء تمثّل سنن الله تعالى في الكون؛ فلله سنن في الكون لا تتغير:( فَلَن تَجِد َلِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ

٦٦

اللَّهِ تَحْوِيلاً ) (فاطر / ٤٣). فالشمس لا بدّ أن تطلع من الشرق وتغرب في المغرب، وهكذا الحال بالنسبة إلى سنن الله في المجتمع والتاريخ، والاقتصاد والسياسة، فهذه السنن لا ولن تتغير.

وقد جسّدت حادثة الطفِّ هذه السنن؛ ولذلك فإن الزمن كلما مرّ استوحينا من قصة أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام بصيرة ورؤية نفهم من خلالهما الظواهر الاُخرى؛ فكل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء.

ومن محاسن المجالس الحسينيّة تربيتها للشباب وللبراعم حتّى وإن لم يفهموا كل ما يدور فيها، ولكن تواجدهم في هذه المجالس، واشتراكهم في إحياء الشعائر الحسينيّة هو بحد ذاته عمل مفيد؛ لأنّهم يتربون على هذه الشعائر حتّى يستلموها منا ليسلّموها إلى الجيل الذي يأتي من بعدهم.

ومن الطريف أن نذكر هنا أن المجالس الحسينيّة تستهوي حتّى الأطفال؛ ذلك لأنّ هؤلاء البراعم كانوا يشكّلون جزء من برنامج الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ فلقد حمل معه الأطفال إلى كربلاء، فالإمام الباقرعليه‌السلام كان طفلاً صغيراً عندما وقعت حادثة الطفِّ، ويمكننا القول: إن سبعين طفلاً شهدوا واقعة كربلاء؛ ولذلك فقد نقلوا هذه الواقعة إلى الأجيال التالية.

وهنا أعود لأقول: إنّ الطفل الذي يدرج في مجالس أبي عبد اللهعليهم‌السلام ، وينمو تحت ظلها، مثل هذا الطفل عليه أن يمتلك الرؤية الواضحة في المستقبل، وأن لا يسأل: ماذا نفعل عندما نتعرّض لظلم واضطهاد؟ لأن الإجابة واضحة، فعلينا أن نسأل أنفسنا: ماذا كنا نقول خلال الفترة الماضية؟ وماذا كنا نسمع من الإمام الحسينعليه‌السلام خلال المجالس؟ إن الحيرة والتردد مرفوضان للأسباب التالية:

٦٧

١ - نحن كنا نعتقد وما نزال أن الحسينعليه‌السلام هو إمامنا، به نقتدي، ونستضيء بنوره، ونتبع سيرته، ونتخذه قدوة لنا.

٢ - نحن نردد في المجالس الحسينيّة قائلين: يا أبا عبد الله، ليتنا كنا معك. وهذا يعني أننا قد وفّرنا في أنفسنا حالة الاستعداد القصوى للتضحية والفداء.

٣ - نحن نسمع دائماً كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام في رفض الظلم والطغيان، كقوله:« ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك! » (١) .

صحيح أنّ المقصود بالدعي هنا هو (زياد بن أبيه)، ولكن القول هذا يشمل أيضاً كل إنسان ليس له أب معلوم، أي كل لقيط، وكل مجرم ظالم.

كربلاء دروس خالدة

وهكذا فإنّ دروس كربلاء ما زالت دروساً حياتية بالنسبة إلينا، فلو استوعبنا هذه الدروس لأنقذنا بذلك حياتنا. فالتاريخ الطويل العريض قد يدور كله على قرار وإرادة إنسان واحد، أي أنّ هذا الإنسان وفي لحظة تاريخيّة حاسمة قد يصدر قراراً حاسماً ليغير مسيرة التاريخ.

ولغرض إيضاح هذا الموضوع أضرب مثلاً من ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام في ذلك اليوم الذي كان فيه مسلم بن عقيل في بيت هاني بن عروة، واتّفق أنّ ابن زياد جاء يزور هاني، ألم يكن هناك شيعي واحد تستيقظ عنده الغيرة ليهجم على ابن زياد ويريح العالم منه؟

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٥ / ٨٣.

٦٨

يقولون: إنّ مسلماً هو الذي كان مكلّفاً بقتله، ولماذا مسلم؟ ولماذا لا تقومون انتم بدوركم؟

وبناء على ذلك فإنّ الدروس ما تزال ذات الدروس، وقضية كربلاء لا يمكن أن تنتهي؛ لأنّ دروسها لا تنتهي، ونحن محتاجون إلى هذه الدروس نفسها مع مرور الزمن، نحتاج إلى الشهادة والشجاعة، والإيثار والتضحية، ونحتاج إلى الحكمة في العمل والتخطيط.

إنّ علينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية أو جزء منها على الأقل، فنحن لم نوضّح للناس مَن هو الإمام الحسينعليه‌السلام ، وماذا فعل، وما هي علاقتنا به، وكيف نأخذ الدروس والعبر من واقعته؟

البعض يتكلّم عن الإمام الحسينعليه‌السلام وكأنه يتكلّم عن قضية تاريخيّة بحتة، أو قضية غيبيّة بحتة. إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام مصباح هدى وسفينة نجاة، أي إذا أظلمت عليك الدنيا ولم تعرف ماذا يجب أن تفعل، ولا تعرف كيف تقضي على الأزمات والمشاكل التي تعيشها، وكيف تستطيع أن تبعث في الاُمّة روح النشاط والفاعلية، فعليك أن تستلهم الموقف من قضية الإمام الحسينعليه‌السلام .

فيجب علينا أن نبيّن للناس دروس كربلاء، وأن نتناولها كقضية تاريخيّة وكقضية غيبيّة معاً مضيفين إليهما قضية اُخرى هي القضية الحياتية، أي أن نستلهم منها دروساً يومية لحياتنا، فإذا ما واجهت لوحدك موجة من المصاعب فلا تخف، بل توكل على الله، وتقدم لأنك بهذا العمل ستضمن حياة الاُمّة.

فالإنسان عندما يقتبس من نور الحسينعليه‌السلام ، وتجري في عروقه قطرة من دم أبي عبد الله وأصحابه فإنه لا يمكن أن يكون ذلك الإنسان المتخاذل الجبان، بل يصبح رجلاً متميزاً ومتفوقاً، وسيكون بإمكانه أن يغيّر كثير من المعادلات.

٦٩

عاشوراء والإصلاح الشامل في الاُمة

ليس في هذه الدنيا سوى سبيلين؛ سبيل الهدى الذي يؤدي بالإنسان إلى رضوان الله وجنّاته، وسبيل الضلال الذي يقوده إلى الجحيم. ولكلِّ سبيل جهة وإمام واُمّة؛ وجهة سبيل الله هي رضوانه تعالى، والذين يقودون الناس في هذا السبيل هم الأنبياء وأئمة الهدى، أمّا صبغة هذا السبيل فتتمثّل في التوحيد الذي هو صبغة الله، ومَن أحسن من الله صبغة؟

الصراع بين الهدى والضلال أبدي

والصراع قائم أبداً بين هذين السبيلين، وكلّما كان قلب الإنسان زكياً طاهراً من رواسب الشرك ووجهته وصبغته، ومن الولاية للشيطان وأوليائه، كان أقرب إلى الله حتّى يصبح من حزبه، أي من التجمع الذي يؤيده الله ويسدّده، وهذا هو حزب الله.

وكم هي عظيمة فضيلة الإنسان الذي يسمو حتّى يبلغ مستوى حزب الله، فهذا الحزب لا يدخله إلاّ من صفا قلبه كما يشير إلى ذلك تعالى

٧٠

في الآية الأخيرة من سورة المجادلة:( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) (المجادلة / ٢٢).

فلا يمكن أن يجتمع في قلب الإنسان الواحد الإيمان بالله والرسول، والولاية لأعداء الله، فهل يمكن أن نتصور اجتماع الجنّة مع النار؟ كلا بالطبع؛ فالقلب المؤمن متميز عن ولاية الكفّار، فإذا كان الإنسان مؤمناً فمن المستحيل أن يوادّ مَن حادّ الله ورسوله ولو كان من آبائه أو أبنائه، أو إخوانه أو عشيرته.

فحزب الله يفصلك عن كل الانتماءات، كالانتماء إلى العشيرة والوطن، والإقليم والمهنة لتكون صبغتك الحقيقية صبغة التوحيد. فنحن ننتمي إلى العشيرة - مثلاً - في ظل التوحيد، أمّا إذا كانت هذه العشيرة كافرة فلا يجوز لنا أن ننتمي إليها، ولا يجوز أن نحبها ونوادّها.

يروي لنا التاريخ أنّ بعض المسلمين قتلوا في سبيل الله آباءهم في معركة بدر، فهذا الاستعداد للتضحية يرفع الإنسان المؤمن إلى مصاف حزب الله. أمّا الطرف الآخر فهو الحزب الذي استحوذ على أفراده الشيطان فأنساهم ذكر الله، فهم يقومون بالأعمال الباطلة، وإذا ذكرتهم بالله لا يتذكرون ولا يرتدعون، على عكس الإنسان المؤمن الذي تصفه الآيات القرآنية بقولها:( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) (الأنفال / ٢).

والذي ينتمي إلى حزب الشيطان تراه دائماً في حالة صراع مع الله ورسوله،( يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) (المجادلة / ٥). ومن يعيش هذه الحالة فإنما هو في الأذلّين؛ لأنّ الله تعالى يقول بصراحة:( كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) (المجادلة / ٢١).

٧١

الإمام الحسينعليهم‌السلام القيادة العليا لحزب الله

والإمام الحسينعليه‌السلام يمثّل القيادة العليا لحزب الله، فالانتماء إليهعليه‌السلام هو في الحقيقة انتماء إلى حزب الله؛ ذلك لأنّه تخلّى عن جميع علائقه الدنيوية في لحظة واحدة. فالإنسان قد يضحي في الوقت الواحد بشيء واحد، ولكن الإمام الحسينعليه‌السلام ضحّى بكل شيء في وقت واحد؛ فهو قد جسّد المفهوم الحقيقي للتوحيد، وكان رمزاً للتضحية والفداء إلى درجة أنه ضحّى حتّى بطفله الرضيع، وكأن الإمام الحسينعليه‌السلام كان يبحث عن أي شيء يقرّبه إلى الله تعالى.

وعندما أراد ولده الإمام زين العابدينعليه‌السلام دفنه في اليوم الثالث من مقتله لم يستطع حمله؛ فقد كان كلّما حمل عضواً سقط عضو حتّى هيّأ له الحصير فوُضِع عليه، ثمّ أدخلعليه‌السلام القبر، في حين كانت جراحه تنزف دماً.

الإمام الحسينعليهم‌السلام رمز التوحيد

وهكذا فقد كان الحسينعليه‌السلام رمزاً للتوحيد، وكان القيادة المثلى لحزب الله.

ومن الجدير بالذكر هنا أن حركتهعليه‌السلام كانت كحركة الأنبياء؛ فقد كانت حركة جذرية لم يهادن أو يداهن فيها مطلقاً؛ فقد كان يريد أن يقوّض الكيان الجاهلي الفاسد بكل تفاصيله ليبني مكانه القيادة الإسلاميّة الرشيدة. وهذه هي الحالة الجذرية.

فالإصلاح الكامل هي صفة من صفات الأنبياء؛ فهمعليهم‌السلام يسيرون على خط واضح وعلى بصيرة، وهذه البصيرة تنفعنا في حياتنا كأشخاص، فينبغي علينا أن لا نفتش عن الأهداف الدنيئة وعن الإصلاحات الجزئية، فلنفكر في تغيير أنفسنا بالاتجاه الصحيح؛ لأنّنا لن نستطيع أن نصلح أنفسنا بقوتنا وحولنا، بل بحول الله تعالى وقوته.

٧٢

فلتكن همتنا عالية سامية، ولنحاول أن نستفيد من كل شيء بأعلى درجة.

وعلى سبيل المثال: لماذا لا نحاول أن نجعل صلاتنا رفيعة المستوى؟ ولماذا لا نحاول أن نجعلها صلاة الخاشعين؛ فالصلاة هي التي تقرّبنا إلى الله زلفى، وهي التي تحملنا إلى الجنّة؟

فلنعمل الأعمال الصالحة بروح ومحتوى، وهذا الذي نتعلّمه من الإمام الحسينعليه‌السلام . فلنتعلم ونحن نشترك في مجالس عزائه كيف تخشع قلوبنا، وتدمع عيوننا، ونصنع جواً إيمانياً نتزود منه؛ فنحن نقف على شاطئ ماء فرات لا بدّ أن نرتوي منه؛ لأن أمامنا طريقاً طويلاً لا بدّ أن نتسلح منه لمقاومة الشهوات، ولمحاربة الفتن.

فلنشارك في المجالس الحسينيّة ونحن نمتلك همّة عالية، ولنكن حسينيين قلباً وقالباً، وعلماً وعملاً، والله تعالى سوف يعطينا بدوره من خلال الحسينعليه‌السلام ما نريد؛ لأنّ بابه مفتوح ورحمته واسعة.

حل جذري

هذا بالنسبة إلى الأشخاص، أما بالنسبة إلى العالم السياسي فعندما يكون العمل ظاهرياً فإننا لا نستطيع أن نقتلع المشاكل من الجذور، ولا يمكن أن تنفعنا في هذا المجال طريقة المداهنة والمساومة؛ فهي السبب فيما تعانيه اُمّتنا من المشاكل.

فالحلول الجذرية - إذاً - هي الحلول التي تستطيع أن تغير وجه التاريخ؛ لأنّها تقتلع المشاكل التي نعاني منها من الجذور. فالحل الجذري في العالم السياسي هو أن نقتلع الأزمات والمشاكل من جذورها، وأن نحارب المرض محاربة جذرية.

٧٣

ونحن نتعلم كل ذلك من الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ فبنهضته استطاع أن يقتلع جذور بني اُميّة اقتلاعاً، فحوّلهم إلى لعنة التاريخ، واُمثولة الدهر، ومرجم يرجمه البشر باللعنة، والملائكة بالويل.

وهكذا استطاع أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام أن يغيّر وجه التاريخ بنهضته الجبارة العملاقة، وهذا النهج هو الذي ينبغي أن نجعله قدوة لنا ونعمل به.

٧٤

عاشوراء رسالة الإعلام الجماهيري

نستقبل في كلِّ عام مناسبة تمثّل القمة في تحدي الإيمان للكفر، وفي تبلور الصراع بين جبهة الحق وجبهة الباطل، ألا وهي مناسبة عاشوراء.

ونحن لو أنصفنا هذه المناسبة لجعلنا من كلِّ أيّامنا عاشوراء، ومن كلِّ بقعة من بقاع الأرض كربلاء؛ فهذه المناسبة ليست مناسبة تاريخيّة مضت ولم يبق منها إلاّ عبرها، وإنما هي في الواقع حركة ابتدأت عام ٦١ للهجرة ولكنها امتدت وتصاعدت عبر السنين حتّى اليوم.

ففيها تتجلى أبعاد مختلفة؛ فهناك تضيق المسافة بين الإنسان والقيم؛ لأن جسر التضحيات يقرب الإنسان من العالم المعنوي والاُفق الأعلى بما لا يقرّبه شيء آخر، وفي هذه المناسبة تتجلى أيضاً حالة الاجتماع؛ حيث إنّ الفوارق التي تفصل بين الإنسان ونظيره الإنسان، وبين المؤمن وأخيه المؤمن تتضاءل إلى درجة أنّ كلَّ واحد يشعر أنه يندمج مع الآخرين اندماجاً كاملاً،

٧٥

ومع ذلك فإنّ القضية الإعلاميّة هي أهم المفردات التي تتجلّى في هذه المناسبة، أي قضية الدعوة إلى الله وإعلان كلماته، والدفاع عن عباده وإعلان البراءة من أعدائه؛ ولذلك فإني سوف اختصّ هذا الفصل للحديث حول القضية الإعلاميّة.

وبشكل عام يمكننا القول: إنّ هناك منهجين إعلاميين في العالم:

منهجان في الإعلام

١ - المنهج الرسمي: أي الإعلام القائم على اُسس واضحة مشروعة، ومعترف بها لدى المؤسسات الاجتماعية والسياسية القائمة. ويتمثل هذا الإعلام في الجرائد والإذاعات وأجهزة الاتصال العامة الأخرى.

٢ - الإعلام الجماهيري المرتبط بالإنسان: أي الإعلام الذي لا يقوم به جهاز خاص أو مؤسسة خاصة، وإنما يقوم به كلُّ واحد من أبناء الاُمّة. ونحن المسلمين علينا أن نهتم بكلا المنهجين في الإعلام.

وبالنسبة إلى المنهج الأول فإن هناك شعوراً بأننا متأخرون ومتخلفون فيه، ومن الخطأ بمكان أن نقول: إنّ الذين يقتلوننا وينهبون ثرواتنا ويعتدون على حرماتنا إنما يفعلون ذلك بقوة السلاح. كلاّ، فقوة السلاح هي في الحقيقة قوة ثانوية إذا ما قيست بقوة الإعلام، فهم يقتلوننا بألسنتهم قبل أن يقتلونا برصاصهم.

والدليل على ذلك أن المجازر التي تُرتكب بحق المسلمين في أنحاء العالم تحدث والعالم يغرق في سكوت رهيب، وهنا يتجلى عمق المأساة؛ إذ إنّ العالم وبالذات العالم الإسلامي كان قد فقد منذ زمن

٧٦

حصانته وقيمه الروحية.

فالإسلام الذي جاء نصيراً للمستضعفين ضد المستكبرين، والذي جاء لتكريس قيم الرسالات الإلهية في الإنسان قد تحوّل عن المسلمين إلى قشور زائفة إلى درجة أنّك تجد أن الكثير من المسلمين يقفون مكتوفي الأيدي إزاء ما يحدث من مجازر.

فلو أنّ المسلمين كانوا ما يزالون يحملون الضمير الذي صنعه الإسلام في المسلمين الأوائل لما تجرأ الاستكبار على ارتكاب تلك المجازر. فمن الذي أفسد ضمير المسلمين؟ ومن الذي جعلهم لا يدافعون عن قيمهم؟ إنه الإعلام المزيف والمضلل؛ فعشرات الإذاعات والصحف والمحطات التلفزيونيّة، وسائر الأجهزة الإعلاميّة المضللة ساهمت ومنذ فترة طويلة في إفساد الرأي العام عند المسلمين، في غيبة من أصحاب الفكر الواعي والضمائر الحرة.

مسؤوليتنا إزاء الإعلام المضلل

وهنا تتجلى مسؤوليتنا نحن المسلمين اليوم؛ وهي أن لا ندع هذه الأجهزة تستبد بتوجيه الرأي العام، وأن نفصل هذه الأجهزة عن هذا الرأي العام من خلال صنع الأجهزة البديلة.

فما هو المانع من أن نصدر الصحف مثلاً؟

صحيح أن حرية الصحافة محدودة في أكثر البلدان الإسلاميّة، ولكن الإنسان إذا أراد شيئاً وسعى إليه فسيحققه. علماً أن هنا بلداناً ما تزال فيها بقية حرية، فلماذا لا نستغلها؟ فلو استفدنا من هذه الحرية الممنوحة هنا وهناك، وقمنا بواجبنا لوفّق الله تعالى المسلمين للمزيد منها، ولكننا لا نستغل هذه الحرية للأسف.

٧٧

إنّ الإنسان المؤمن الذي نريد الدفاع عنه هو أعظم حرمة من الكعبة كما صرح بذلك الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام في قوله:« المؤمن أعظم حرمة من الكعبة » (١) .

وعلى هذا فإنّ الدفاع عن هذا الإنسان المؤمن، وعن كرامته وحرمته ودمه ليس بأقل أهمية من الدفاع عن الكعبة.

ولقد اهتمَّ الإسلام اهتماماً كبيراً بالتبليغ والدعوة وإرشاد الجاهلين، فلماذا لا يبادر المؤمنون فينا إلى الإنفاق في هذا المجال؟ ولماذا لا يقدم أهل القلم عندنا على إصدار الصحف؟ وباختصار: لماذا لا نضع هذه المسألة الأساسية في الأولويّة؟

علينا أن نهتمَّ بالإعلام والصحف، والإذاعات وأجهزة الإعلام الاُخرى كما يهتمّ الغرب بها؛ ففي بريطانيا وحدها تصدر مئات الصحف والنشرات يومية وغير يومية، بل أنّ بعض الصحف اليوميّة تصدر ثلاث مرات كلّ يوم.

وفي الولايات المتحدة هناك أكثر من ألفي محطة إذاعية، ومئات أجهزة الإرسال التصويرية، فالعالم يهتم بالإعلام، ولكنّ المسلمين متخلفون، وإذا أردنا صون كرامتنا والدفاع عن أنفسنا فلا بدّ من أن نسعى من أجل إقامة جهاز إعلامي يدافع عن حرماتنا.

وفيما يتعلق بالمنهج الآخر، فلو افترضنا أن العالم قد ضاق بنا ولم يدعنا نتحدث عبر الأجهزة الإعلاميّة؛ فقاوم أجهزتنا الإعلاميّة، فعلينا أن نتبع المنهج الآخر هذا، أي الإعلام الجماهيري، هذا المنهج الذي وضع أساسه الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء.

____________________

(١) الخصال للشيخ الصدوق / ٢٧.

٧٨

كن جهازاً إعلاميّاً

ترى ما هي تفاصيل هذا المنهج؟ وكيف ندعو الناس على ضوئه؟

الجواب على ذلك يتمثّل في أن يكون كلّ واحد من أبناء الاُمّة الإسلاميّة جهازاً إعلاميّاً، فهل تعلم أن البكاء على السبط الشهيدعليه‌السلام هو بحد ذاته إعلام؟ فالإنسان مجبول ومفطور على أن يجاري الباكي، فإذا ما بكى شخص أمامك فإنّ من الطبيعي أن تواسيه وتشترك معه في مشاعره.

وقد أمرنا الإسلام بالبكاء وخصوصاً البكاء على السبط الشهيد، ويروى في هذا المجال أن (ابن شبيب) دخل ذات مرة على الإمام الرضاعليه‌السلام ، فقال لهعليه‌السلام :« يا بن شبيب، إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي بن أبي طالب؛ فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش » (١) .

كذلك قال ابن طاووس: روي عن آل الرسولعليهم‌السلام أنهم قالوا: « مَن بكى وأبكى فينا مئة فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى خمسين فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى ثلاثين فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى عشرين فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى عشرة فله الجنّة، ومَن بكى وأبكى واحداً فله الجنّة، ومَن تباكى فله الجنّة »(٢) .

والبكاء على السبط الشهيدعليه‌السلام ينبغي أن يكون بالعويل والصراخ، أي بالإعلان والإعلام، لا أن يكون في بيتك، بل في المجالس العامة، وهذا هو الإعلام المؤثر في النفوس.

والوسيلة الاُخرى في هذا المجال إنك عندما تشترك كشخص في مجلس حسيني، حتّى وإن كان على قارعة الطريق، فإن مساهمتك في

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٤ / ٢٨٦.

(٢) بحار الأنوار ٤٤ / ٢٨٨.

٧٩

هذا المجلس هي بحد ذاتها إعلام عن مظلومية الحسينعليه‌السلام ، ودفاع عن كل المظلومين في الأرض، وعن كلِّ القيم التي من أجلها استشهد أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام .

أما بالنسبة إلى المسؤولية التي يتحملها الخطباء في هذا المجال فنحن كنّا نمتلك على امتداد أربعة عشر قرناً جهازاً إعلامياً خاصاً بنا، يتمثّل في خطباء المنبر الحسيني، غرسوا في نفوسنا حب المظلوم، وكراهة الظالم، وقيم الحق والعدالة، ووصيتنا لهؤلاء الإخوة تتمثل في النقاط التالية:

ضرورة الإكثار من خطباء المنبر الحسيني

١ - الإكثار من عددهم، وذلك عبر اهتمام الناس بهذا الحقل الإعلامي الهام؛ فقد كانت هناك دعايات أجنبية مغرضة تحاول الحطَّ من شأن هؤلاء الذين هم الدعاة حقاً إلى الله تعالى؛ ولذلك فقد كانت تلك الدعايات تحاول صرف الناس عن هذا المجال، في حين أن علينا أن نرغّب الناس فيه لكي يشجعوا أبناءهم على أن يصبحوا خطباء حسينيِّين.

ترى لماذا يمنع الآباء أبناءهم من طلب العلم؟ ولماذا لا يشجعونهم عليه؟ إنّ من دواعي شرف وفخر الوالدين والعائلة أن يبرز بينهم من يدعو إلى الله تعالى، ويدافع عن الحسينعليه‌السلام .

وللأسف فإن أبا عبد الله ما يزال مظلوماً إلى الآن؛ ففي البلدان العربية، وفي الحجاز موطن أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام يُصدر كتاب في الدفاع عن (يزيد)! كما أن قبور أئمّتنا في البقيع ما تزال مهدّمة!

أوَليس الحسينعليه‌السلام مظلوماً بعد ذلك؟ إنه ما يزال يستصرخنا، وما يزال

٨٠