مثلاً: كانت مسألة تكليف الكفّار بالفروع، ممّا أثار البحث والجدل العريض بين الفقهاء، فمِن مُثبِتٍ وآخَر نافٍ، والمُثبِت ربّما استدلّ بظاهر قوله تعالى:
(
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
)
فإنّها عتاب للمشرِك حيث لا يؤدّي زكاة مالِه، ولا عتاب إلاّ بعد تكليف.
لكنّ الشيء المغفول عنه هنا هو: أنَّ الآية في سورة مكّية ولم يستثنِها أحد، والزكاة لم تكن مفروضة على المسلمين آنذاك فكيف بالمشركين؟!.
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أترى أنّ الله عزّ وجلّ طلبَ من المشركين زكاة أموالهم وهُم يشركون به، حيث يقول:
(
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
)
؟! فقال: إنّما دعا الله تعالى العباد إلى الإيمان به، فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترضَ عليهم الفرائض)
.
قال المحقّق الفيض الكاشاني:
هذا الحديث - وهو صحيح الإسناد - يدلّ على ما هو التحقيق من أنّ الكفّار غير مكلّفين بالأحكام الشرعيّة ماداموا على الكفر
.
ومن ثُمّ فقد أُوِّلت الآية تأويلات:
(منها)
: ما عن ابن عبّاس أنّها زكاة النفس، أي: لا يُطهّرون أنفسهم من دَرن الشِرك.
(ومنها)
: أنّ المقصود بالزكاة مطلق الصدقات والقُربات لوجه الله، حيث الكافر بالله لا يستطيع - وهو على كفره - أن يتصدّق بقُرْبة.
(ومنها):
أنّ المراد حرمان أنفسهم من تكاليف الشريعة التي هي بمجموعتها تطهير للنفوس؛ وذلك بسبب بقائهم على الكُفر والجحود.
ثالثاً:
فائدة كلامية، ولاسيّما في بحث الإمامة والاستنادات الواقعة كثيراً في كثير من الآيات، وهي موقوفة في الأغلب على معرفة المكيّ عن المدنيّ.
مثلاً:
سورة الدهر فيها الآيات بشأن فضيلةٍ من أكبر فضائل أهل بيت النبوّة،
قضية النَذْر لشفاء الحسنَين (عليهما السلام)
.
ذكر الطبرسي:
أنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) مرِضا، فعادهما جدُّهما (صلّى الله عليه وآله) في