على أنَّ التحدّي وقَع في سوَر مكّية
أيضاً، ولم يُجمَع القرآن قبل الهجرة قطعاً.
واهتمام النبي (صلّى الله عليه وآله) بشأن القرآن، شيء لا ينكَر، ومن ثمَّ كان حريصاً على ثبْت الآيات ضمن سوَرها فور نزولها، وقد حصل النَظْم بين آيات كلِّ سورة في حياته (صلّى الله عليه وآله).
أمّا الجمْع بين السوَر وترتيبها كمصحف موحَّد فلم يحصل حينذاك؛ نظراً لترقّب نزول قرآن عليه، فما لم ينقطع الوحي لا يصحّ جمع القرآن بين دفَّتين ككتاب، ومن ثمَّ لمّا أيقن بانقطاع الوحي بوفاته (صلّى الله عليه وآله) أوصى إلى عليّ (عليه السلام) بجمْعه.
ومعنى تواتر النصّ القرآني هو:
القطع بكونه وحْياً، الأمر الذي يحصل من كلّ مستند وثيق، وليس التواتر - هنا - بمعناه المصطلح عند الأصوليين.
وأمّا استلزام تأخّر الجمْع تحريفاً في كتاب الله، فهو احتمال مجرَّد لا سنَد له، بعد معرفتنا بضبط الجامِعين وقُرب عهدهم بنزول الآيات، وشدَّة احتياطهم على الوحي، بما لا يدَع مجالاً لتسرّب احتمال زيادة أو نقصان.
وأخيراً، فإنّ قولة البعض الأخيرة فهي لا تعدو خيالاً فارغاً، إذ لا مناسبة ذاتية بين كلِّ سورة وسابقتها أو تالِيَتها، سوى ما زعَمه بعض المفسِّرين المتكلِّفين، وهو تمحّل باطل بعد إجماع الأمّة على أنَّ ترتيب السوَر كان على خلاف ترتيب النزول بلا شكّ.
إذاً لا يملك معارضونا دليلاً يُثنينا عن الذي عزَمْنا عليه من تفصيل حديث الجمْع، وإليك:
جمعُ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام):
أوَّل مَن تصدّى لجمْع القرآن بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) مباشرة وبوصيّةٍ منه
هو