وعليه: فالمتشابه - حسَب المصطلح القرآني -: هو اللفظ المحتمِل لوجوه من المعاني، وكان موضع رَيبٍ وشُبهة، ومن ثمَّ فهو كما يصلح للتأويل إلى وجه صحيح يصلُح للتأويل إلى وجهٍ فاسد؛ ولأجل هذا الاحتمال وقع مطمع أهل الزَيغ والفساد، ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله إلى ما يتوافق وأهدافهم الضالَّة.
ما بين المتشابه والمبْهَم من نِسبة:
النسبة بين المتشابه والمبهم هو العموم المطلق؛ لأنّ كل متشابه مبهَم في معناه، وليس كلّ مبهَم متشابهاً، فقوله تعالى:
(
فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء
)
إنّها من المتشابهات، وقد عَلَتها طبقة من الإبهام أيضاً.
أمّا التشابه فمِن جهة نِسبة الإضلال إليه سُبحانه، وأمّا الإبهام فمِن جهة كيفية حصول ذلك الانشراح والضِيق، ولاسيّما وجه الشبَه في قوله:
(
كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء
)
، كيف أنّ الضالّ يشبه مَن يحاول الصعود في أعماق السماء؟.
وسوف نشرح في مجاله الآتي هذه الموارد ونجيب على هذه الأمثلة إن شاء الله تعالى.
وقد لا تكون الآية المبهمة من المتشابهات، فهي إلى التفسير أحوَج منها إلى التأويل، كقوله تعالى:
(
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء
)
، فالآية بأمسّ حاجة إلى تفسير يجيب على عِدة أسئلة يبعثها إبهام في ظاهر الآية.
أوّلاً:
كيف تحقّق هذا التعليم الَّذي باهى الله به ملائكته؟.
ثانياً:
ما هي الأسماء الَّتي يعود عليها ضمير التأنيث تارةً وضمير الجمْع المذكَّر أخرى؟.