الحسين (عليه السلام) ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله)

الحسين (عليه السلام) ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله)0%

الحسين (عليه السلام) ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 204

  • البداية
  • السابق
  • 204 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 25284 / تحميل: 5814
الحجم الحجم الحجم
الحسين (عليه السلام) ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله)

الحسين (عليه السلام) ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله)

مؤلف:
العربية

وسار قاصداً كربلاء لقتال الإمام الحسينعليه‌السلام . وهناك ينبري لنا في ميدان الطفّ موقف الحر بن يزيد الرياحي الذي سيبقى عالقاً في ذاكرة تاريخ الأحرار في العالم؛ لِما لموقفه من أثر بالغ لفعله في النفوس حيثُ إنّ الحُرَّ تَركَ وراء ظهره زعامة قبيلته تميم ومنصبه الدنيوي فهو قائد لشرطة ابن زياد ووجيه من وجهاء الكوفة وشجعانها. لم يمتّ للإمام الحسينعليه‌السلام بصلة قربى سوى الدين فتراه انحازَ لمعسكر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليختم حياته بنصرته والذود عن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضحّياً بحياته دونهم؛ ليبقى خالداً ما بقي في الحياة نبض لقلب.

بينما نرى لعمر بن سعد موقفاً مغايراً لموقف الحرّ بالرغم من أنّ لعمر هذا صلة قرابة بالإمام الحسينعليه‌السلام ولكن الدنيا أغرته فأعمت بصيرته واستسلم لها طائعاً؛ لضعف إيمانه بالله والدين الحنيف فرضيَّ بعافيتها وقدّمها على سعادة الآخرة؛ طمعاً بملكِ الري الذي وعده به ابن زياد فتهالَك دونه. وقاد البغاة لقتال الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء وبلغ ولوغه في الإثم أن يُحرق الخيام ويسبي عيال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويحمل رأس الحسين على قناة إلى الكوفة؛ أملاً في إمارة الرّي فلا بلغ مناه وأذلّه الله في الدنيا والآخرة.

وشتان ما بين موقف الحرّ العظيم في نبذة الانحراف والانصياع إلى أوامر السلطة الباغية وموقف ابن سعد الوضيع الذي تبع هوى نفسه قائلاً:

فو اللهِ ما أدري وإنّي لواقفٌ

اُفكرُ في أمري على خطرينِ

أأتركُ ملكَ الرّي والرّي مُنيتي

أم أرجعُ مأثوماً بقتلِ حسينِ

١٤١

فإنْ صدقوا فيما يقولونَ إنّني

أتوبُ إلى الرحمنِ من سنتينِ

وإن كذبوا فزنا بدنيا دنيةٍ

وملكٍ عقيمٍ دائمِ الحجلينِ

ألا إنّما الدنيا لخيرٍ معجّلٍ

وما عاقلٌ باعَ الوجودَ بدينِ(1)

وهكذا سقته تلك النفس الأمارة بالسوءِ الذلّة والهوان فنبذه ابن زياد صاحبه وأنكر وعده له واقتصاص المختار منه ثأراً للإمام الحسينعليه‌السلام فمضى إلى جهنم بوجهٍ كالحٍ وهذا مصير كلّ مَنْ يبيع آخرته بدنياه وشتان ما بين الموقفين فأين الثرى من الثريا وهل مِن مُعتبر.

أينَ مَنْ خانوا حسيناً أين هم

جلّل التاريخُ عاراً فعلَهُمْ

هل ترى يا صاحبي قبراً لهم

وق هذي الأرض في عرضٍ وطول

____________________

(1) الفصول المهمة: ص 187؛مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 261.

١٤٢

فاجعة الطفِّ

١٤٣

١٤٤

قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: مصرع الحسينعليه‌السلام يسكب المدامع من الأجفان ويجلب الفجائع ويثير الأحزان ويلهب النيران الموجودة في أكباد ذوي الإيمان بما أجرته الأقدار للفجرة من الاجتراء وفتكها واعتدائها على الذريّة النبويّة بسفح دمائها وسفكها واستبائها مصونات نسائها وهتكها. كيف لا وهم رجال الذرّيّة النبويّة بنجيعها مخضوبة وأبدانها على التراب مسلوبة ومخدّرات حرائرها سبايا منهوبة! فكم كبيرة من جريمة ارتكبوها واجترموها وكم من نفس معصومة أزهقوها واخترموها وكم من كبد حرّى منعوها ورود الماء المباح وحرموها ثمّ احتزوا رأس سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) !

هذا مع علمهم بأنّها الذريّة النبويّة المسؤول لها المودّة بصريح القرآن وصحيح الاعتقاد فلو نطقت السماء والأرض لرثت لها ورثتها ولو اطّلعت عليها مردة الكفر لبكتها وندبتها ولو حضرت مصرعها عتاة الجاهليّة لأبكتها ونعتها ولو شهدت وقعتها بُغاة الجبابرة لأغاثتها ونصرتها.

فيا لها مصيبة أنزلت الرزية بقلوب الموحّدين فأورثتها وبليّة أحلّت

____________________

(1) الفصول المهمة: ص 187؛مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 261.

١٤٥

الكآبة بنفوس المؤمنين سلفاً وخلفاً فأحزنتها فوا لهفتاه لذرية نبويّة طلّ دمها وعترة محمديّة فلّ مخذمها وعصبة علوية خُذلت فقتل مقدمها وزمرة هاشمية استُبيح حرمها واستُحل محرمها(1) !

لذا ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: «قام عندي جبريل من قبل فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات وقال: هل لك أن أُشمّك من تربته؟ قلت: نعم. فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا»(2) .

عن ابن سُحَيم عن أبيه قال: سمعت أنس بن الحارث يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «إنّ ابني هذا - يعني الحسين - يُقتل بأرض يُقال لها: كربلاء فمَنْ شهد ذلك منكم فلينصره».

قال: فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقُتل مع الحسينعليه‌السلام (3) .

عن ابن عباس قال: كان الحسين جالساً في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جبريل: أتُحبُّه؟ فقال: «وكيف لا أُحبّه وهو ثمرة فؤادي؟!». فقال: أما إنّ اُمّتك ستقتله ألا اُريك من موضع قبره؟ فقبض قبضة فإذا تربته حمراء(4) .

____________________

(1) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 261.

(2) المعجم الكبير: ج 3 ص 105 ح 2811؛ كنز العمال: ج 12 ص 127 ح 34321؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 189 ح 3520.

(3) ذخائر العقبى: ص 250؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 224 ح 3543؛ كنز العمال: ج 12 ص 126 ح 34314؛ كفاية الطالب: 386؛ الخصائص الكبرى: ج 2 ص 125.

(4) مجمع الزوائد: ج 9 ص 194؛المعجم الكبير: ج 3ص 106 ح 2813؛كنز العمال: ج 12 ص 126 ح 34313 و ح 34315؛ للصواعق المحرقة: ص 192؛البداية والنهاية:

١٤٦

عن اُمّ سلمة أنّها قالت: كان جبرئيلعليه‌السلام عند النبي والحسين بن علي معي فغفلت عنه فذهب إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على فخذه فقال له جبرئيل: أتحبّه يا محمّد؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نعم». فقال: أما إنّ اُمّتك ستقتله وإن شئت أريتك تربة الأرض التي يُقتل فيها. فبسط جناحيه إلى الأرض وأراه أرضاً يُقال لها: كربلاء تربة حمراء بطفّ العراق(1) .

عن اُمّ الفضل قالت: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والحسين في حجره: «إنّ جبريلعليه‌السلام أخبرني أنّ اُمّتي تقتل الحسين»(2) .

عن عبد الله بن عمرو قال: إنّ معاذ بن جبلة أخبره قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مصفرّ اللون فقال: «أنا محمّد أُوتيت جوامع الحكم؛ فواتحها وخواتمها فأطيعوني ما دمت بين أظهركم يزيد لا بارك الله في يزيد». ثمّ ذرفت عيناه بالدموع ثمّ قال: «نُعي إليَّ الحسين ثمّ أُتيت بتربته وأُخبرت بقتله وقاتله أو قتلته. والذي نفسي بيده لا يُقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم وسلّط عليهم شرارهم وألبسهم شيعاً». ثمّ قال: «آه لفراخ آل محمّد من خليفة مستخلف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف!»(3) .

____________________

مجلد 3 ج 6 ص 261.

(1) الفصول المهمة: ص 170؛نور الأبصار: ص 221.

(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 179 كتاب معرفة الصحابة؛ كنز العمال: ج 12 ص 123 ح 34300، ص 127 ح 34319؛الصواعق المحرقة: ص 192.

(3) مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 160.

١٤٧

وعن يحيى الحضرمي قال: إنّه سار مع عليّرضي‌الله‌عنه وكان صاحب مطهرته فلمّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفّين فنادى عليٌّ: «صبراً أبا عبد الله صبراً أبا عبد الله». وهو بشطّ الفرات فقلت: وما ذاك؟ قال: «دخلت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم وإذا عيناه تذرفان قلت: يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريلعليه‌السلام آنفاً فأخبرني أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات. قال: فقال: هل لك أن أُشمك من تربته؟ قلت: نعم. قال: فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا»(1) .

ذكر الحاكم الجشمي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام لمّا سار إلى صفّين نزل بكربلاء وقال لابن عباس: «أتدري ما هذه البقعة؟». قال: لا. قال: «لو عرفتها لبكيت بكائي». ثمّ بكى بكاءً شديداً ثمّ قال: «ما لي ولآل أبي سفيان!» ثمّ التفت إلى الحسينعليه‌السلام وقال: «صبراً يا بُني فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده»(2) .

عن أنس بن مالك قال: استأذن مَلَكُ القَطْرِ والمطر ربّهعزوجل أن يزور

____________________

(1) تهذيب التهذيب: ج 2 ص 347؛ مجمع الزوائد: ج 9 ص 190؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 170؛الخصائص الكبرى: ج 2 ص 126؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 407؛سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 407 رقم 270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 187 ح 3517 وح 3518 و 3519؛إحقاق الحق: ج 8 ص 148؛ذخائر العقبى ص 253؛بغية الطلب: ج 6 ص 2596.

(2) مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 162.

١٤٨

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذن له فجاءه وهو في بيت اُمّ سلمة فقال: «يا اُمّ سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد». فبينما هم على الباب إذ جاء الحسين ففتح الباب فجعل يتقفز على ظهر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - يعلو رقبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويعبث به والملك ينظر - يلتثمه ويقبّله فقال له الملك: أتحبّه يا محمّد؟ قال: «إي والله إنّي لأُحبّه». قال: أما إنّ اُمّتك ستقتُلهُ وإن شئت أن أُريك من تربة المكان الذي يُقتل فيها. قال: فقبض قبضة من المكان الذي يُقتل فيه فأتاه بسِهْلة حمراء فأخذته اُمّ سلمة فجعلته في طرف ثوبها. قال: فكنّا نسمع يُقتل بكربلاء(1) .

عن عائشة قالت: دخل الحسين بن عليرضي‌الله‌عنها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يوحى إليه فنزا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منكبّ وهو على ظهره فقال جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتحبّه يا محمّد؟ قال: «يا جبريل وما لي لا أُحبّ ابني». قال: فإنّ اُمّتك ستقتله من بعدك. فمدّ جبريلعليه‌السلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال: في هذه الأرض يُقتل ابنك هذا واسمها الطفّ(2) . فلمّا ذهب جبريلعليه‌السلام من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج رسول الله

____________________

(1) المعجم الكبير: ج 3 ص 106 ح 2813، البداية والنهاية 6 / 260؛العقد الفريد: ج 4 ص 350؛مجمع الزوائد: ج 9 ص 190 - 193؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 160؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 408 رقم: 270؛ الخصائص الكبرى: ج 2 ص 125؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 189 ح 3521 وح 3522 وح 3523؛تهذيب الكمال: ج 6 ص 408؛ ذخائر العقبى: ص 251 بغية الطلب: ج 6 ص 2600؛النهاية: ج 2 ص 428، وفيه: «السِّهْلة رملٌ خَشِن ليس بالدُّقاق النَّاعِم».

(2) الطف: سُمّي به لأنّه طرف البرّ ممّا يلي الفرات والمعركة جرت يومئذٍ قريباً منه؛ لسان العرب

١٤٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله والتزمه في يده يبكي فقال: «يا عائشة إنّ جبريل أخبرني أنّ ابني حسين مقتول في أرض الطفّ وأن اُمّتي ستفتن بعدي». ثمّ خرج إلى أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وعمّار وأبو ذرّ وهو يبكي فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: «أخبرني جبريلعليه‌السلام أنّ ابني الحسين يُقتل بعدي بأرض الطفّ وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنّ فيها مضجعه»(1) .

عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: لّما ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه والبيت غاصّ بمَنْ فيه قال: «ادعوا لي الحسن والحسين». فجاءا فجعل يلثمهما حتّى أُغمي عليه فجعل عليٌعليه‌السلام يرفعهما عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ففتح عينيه وقال: «دعهما يتمتعا منّي واتمتّع منهما؛ فستصيبهما بعدي أثرة ...»(2) .

عن الأصبغ بن نباتة قال: أتينا مع علي بن أبي طالب فمررنا بأرض كربلاء فقال عليعليه‌السلام : «ها هنا مناخ ركابهم وموضع رحالهم ومهراق دمائهم؛ فتية من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقتلون في هذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض»(3) .

____________________

ج 9 ص 221 «طفف».

(1) مجمع الزوائد: ج 9 ص 190؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 107 ح 2815؛ البداية والنهاية مجلد 3 ج 6 ص 261؛ الصواعق المحرقة: 192 أخرجه ابن سعد.

(2) مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 114.

(3) الصواعق المحرقة: ص 192؛شرح نهج البلاغة: ج 3 ص 169؛الفصول المهمة: ص 171؛ الأخبار الطوال: ص 253؛الخصائص الكبرى: ج 2 ص 126؛إحقاق الحق: ج 8 ص 143؛مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 262 بغية الطلب: ج 6 ص

١٥٠

عن عليّرضي‌الله‌عنه قال: «ليُقتلنّ الحسين قتلاً وإنّي لأعرف التربة التي يُقتل فيها قريباً من النهرين»(1) .

لمّا أُحيط بالحسين بن علي قال: «ما اسم هذه الأرض؟». قيل: كربلاء. فقال: «صدق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّها أرض كَرْبٍ وبَلاء»(2) .

عن أبي وائل عن اُمّ سلمة قالت: كان الحسن والحسينرضي‌الله‌عنها يلعبان بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيتي فنزل جبريلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إنّ اُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك. وأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وضمّه إلى صدره ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا اُمّ سلمة وديعةٌ عِنْدَكِ هذه التربةُ». فشمّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: «وَيْحَ كرْب وبلاء». قالت: وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا اُمّ سلمة إذا تحوَّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنَّ ابني قد قُتل». قال: فجعلتها أُم سلمة في قارورة ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول: إنّ يوماً تحوّلين دماً ليوم عظيم(3) .

____________________

2625؛نور الأبصار: ص 221.

(1) مجمع الزوائد: ج 9 ص 193؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 110 ح 2824؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 409 رقم 270؛إحقاق الحق: ج 8 ص 149.

(2) مجمع الزوائد: ج 9 ص 195؛المعجم الكبير: ج 3 ص 2812؛الفصول المهمة: ص 188؛ذخائر العقبى: ص 255؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 423 رقم 270؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 220 ح 3543؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2598

(3) تهذيب التهذيب: ج 2 ص 347؛مجمع الزوائد: ج 9 ص 192؛المعجم الكبير: ج 3 ص 108 ح 2817؛الكامل في التاريخ: ج 2 ص 582؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص

١٥١

وكان أوّل صارخة صرخت في المدينة اُمّ سلمة زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان دفع إليها قارورة فيها تربة وقال لها: «إنّ جبرائيل أعلمني أنّ اُمّتي تقتل الحسين». [قالت:] وأعطاني هذه التربة وقال لي: «إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أنّ الحسين قد قُتل». وكانت عندها فلّما حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كلّ ساعة فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت: وا حسيناه! وابن رسول الله! فتصارخنَ النساء من كلّ ناحية حتّى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قطّ(1) .

قالت اُمّ سلمة: فأصبته يوم قُتل الحسينعليه‌السلام وقد كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلاً يقول:

أيّها القاتلون جهلاً حسيناً

أبشروا بالعذاب والتذليلِ

كلّ أهلِ السماءِ يدعو عليكم

من نبيٍّ ومَلكٍ وقبيلِ

قد لعُنتم على لسان ابن داو

د وموسى وحاملِ الإنجيلِ

قالت: فبكيت وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دماً(2) .

عن شهرْ بن حَوْشب قال: كنت عند اُمّ سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أتاها قتل الحسين فقالت: قد فعلوها! ملأ الله بيوتَهم وقبورَهم ناراً

____________________

163؛ ذخائر العقبى: ص 252؛ كفاية الطالب: ص 384؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2599.

(1) تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 245.

(2) الصواعق المحرقة: ص 193؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 580؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 358؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2650؛استشهاد الحسين: 157.

١٥٢

ووقعت مغشيَّةً عليها فقمنا(1) .

وعن بن أبي عمّار عن اُمّ سلمة قال: سمعت الجنّ تنوح على الحسين بن عليّرضي‌الله‌عنها (2) .

عن الفقيمي قال: كان الجصّاصون إذا خرجوا من السحر سمعوا نوح الجن على الحسينرضي‌الله‌عنه :

مسحَ الرسولُ جبينهُ

فلهُ بريقٌ في الخدودِ

أبواه في عليا قريشٍ

جدُّه خيرُ الجدودِ(3)

أمّا بلاؤه في القتال فقد أبلى بلاءً حسناً ولم يتمكّنوا منه حتّى أُثخن بالجراح وسقط على الأرض فحزّوا رأسه يوم عاشوراء عام 61 هـ ولمّا وضِع الرأس بين يدي عبيد الله بن زياد أنشد قاتله سنان بن أنس النخعي لعنه الله تعالى:

املأ ركابي فضّة أو ذهبا

إنّي قتلتُ السيدَ المحجّبا

____________________

(1) سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 429 - 270؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 238.

(2) مجمع الزوائد: ج 9 ص 202، البداية والنهاية: ج 6 ص 263؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 122 ح 2868؛ كفاية الطالب: ص 399؛تهذيب الكمال: ج 6 ص 441؛ الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 335؛الخصائص الكبرى: ج 2 ص 127؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 429 - 270؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 239 و ص242 ح 3547؛ذخائر العُقبى: ص 255 وفيه: لمّا قتل الحسينرضي‌الله‌عنه ناحت عليه الجنُّ ومُطِرنا دماً حياة الصحابة: ج 3 ص 743.

(3) سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 428 رقم: 270؛تاريخ الخلفاء: ص 208؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2651 وفيه: «فله بياض في الخدود».

١٥٣

ومَنْ يُصلّي القبلتين في الصبا

وخيرهم إذ يذكرون النسبا

قتلتُ خيرَ الناسِ أُمّاً وأبا

فقال له عمر بن سعد: أشهد أنّك مجنون ما صَحْت قط! أدخلوه إليّ. فلمّا دخل حذفه بالقضيب وقال: يا أحمق! أتتكلّم بهذا الكلام؟! والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك.

وأرسل عمر بن سعد - خذله الله - بالرأس إلى ابن زياد مع سنان بن أنس قاتل الحسينعليه‌السلام فلمّا وضع الرأس بين يدي عبيد الله بن زياد وأنشد الأبيات غضب عبيد الله بن زياد من قوله وقال: إذا علمت ذلك فلِمَ قتلته؟ والله لا نلت منّي خيراً ولألحقنّك به. ثمّ قدّمه وضرب عنقه(1) .

عن ابن أبي نُعْمٍ قال: إنّ رجلاً من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يُصيبُ الثوْبَ فقال ابن عمر: اُنظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:

____________________

(1) أنساب الأشراف: ج 2 ص 502؛مجمع الزوائد: ج 9 ص 197؛المعجم الكبير: ج 3 ص 117 ح 2852؛ العقد الفريد: ج 4 ص 348؛الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 393؛ مروج الذهب: ج 3 ص 73؛الفصول المهمة: ص 190؛الكامل في التاريخ: ج 2 ص 573؛مقتل أبي مخنف: ص 201؛تهذيب الكمال: ج 6 ص 428؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 422 رقم270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 252 ح 3547؛اُسد الغابة: ج 2 ص 28 وفيه: أوقر بدل املأ؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 221؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 265 بغية الطلب: ج 6 ص 2571؛نور الأبصار: ص 229؛ استشهاد الحسين: ص 145؛ مقاتل الطالبيين: ص 119.

١٥٤

«هُمَا رَيْحانتايَ من الدنيا»(1) !

وروى أنّه سأله عن المحرم يقتل الذباب فقال: يا أهل العراق تسألون عن قتل الذباب وقد قتلتم الحسين بن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) !

وأُخذ ثَقَل الحُسينعليه‌السلام وأخذ رجل حليَّ فاطمة بنت الحسين وبكى فقالت: لِمَ تبكي؟ فقال: أأَسلبُ بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أبكي؟ قالت: فدعه. قال: أخاف أن يأخذه غيري(3) .

عن الزهري قال: إنّه لم يُرفع تلك الليلة التي صبيحتها قُتل الحسين بن علي بن أبي طالب حجرٌ في بيت المقدس إلاّ وُجد تحته دم عبيط(4) . قال عبد الملك: صدقت حدّثني الذي حدّثك وإنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان(5) .

____________________

(1) صحيح البخاري: ج 5 ص 2234 ح 5648، كتاب الأدب، باب رحمة الولد؛ سنن الترمذي: ج 5 ص 657 ح 3770؛أنساب الأشراف: ج 3 ص 227؛المعجم الكبير: ج 3 ص 127؛الفصول المهمة: ص 170؛الصواعق المحرقة: ص 196؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 400؛الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1 ص 332؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 402 رقم270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 130 ح 3421 مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 90؛اُسد الغابة: ج 2 ص 26؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 250؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2576؛ نور الأبصار ص 221؛ حياة الحيوان الكبرى: ج 1 ص 185.

(2) الفصول المهمة: ص 170؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 91؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ص 250؛بغية الطلب: ج 6 ص 2577؛ وفيه: وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «هما ريحانتاي من الدنيا» فرائد السمطين: ج 2 ص 109 ح 415.

(3) سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 418 رقم 270.

(4) دم عبيط: طري شديد الحمرة.

(5) مجمع الزوائد: ج 9 ص 199؛المعجم الكبير: ج 3 ص 119 ح 2856؛العقد الفريد: ج

١٥٥

وممّا ظهر يوم قتله من الآيات:

عن اُمّ سلمة قالت: لمّا قُتل الحسين بن علي مُطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر. قالت: وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة.

وعن مروان مولى هند بنت المهلَّب قال: حدّثني بوّاب عبيد الله بن زياد أنّه لمّا جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً(1) .

عن محمّد بن سيرين قال: لم تُرَ هذه الحمرة التي في آفاق السماء حتّى قُتل الحسين بن علي (رضي الله تعالى عنهما)(2) .

وعن هشام بسنده قال: تعلم هذه الحمرة في الأُفق مِمَّ؟ هو من يوم قتل الحسينعليه‌السلام (3) .

عن أبي قبيل قال: إنّ السماء أظلمت يوم قتل الحسين حتّى رأوا الكواكب(4) .

عن الأسود بن قيس قال: أحمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة

____________________

4 ص 353؛ سير أعلام النبلاء: 4 ص 426 رقم270؛كفاية الطالب: 400؛الخصائص الكبرى: ج 2 ص 126؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 229 ح 3545.

(1) تهذيب الكمال: ج 6 ص 433؛ ذخائر العقبى: ص 249؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 425 رقم270؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 229 ح 3545؛بغية الطلب: ج 6 ص 2636.

(2) حلية الأولياء: ج 2 ص 276 رقم: 193 ابن سيرين؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 228 ح 3545. وفيه: «لم تكن ترى»؛بغية الطلب: ج 6 ص 2639؛ تاريخ الخلفاء: ص 207.

(3) سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424 رقم: 270؛المحاسن والمساوئ: ص 63.

(4) أنساب الأشراف: ج 2 ص 505؛تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 227 ح 3545.

١٥٦

أشهر يُرى ذلك في آفاق السماء كأنّها الدم(1) .

عن معمر قال: أوّل ما عُرف الزُّهري تكلَّم في مجلس الوليد بن عبد الملك فقال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنّه لم يُقلب حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط(2) .

أرسل عبد الملك إلى رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال: نعم ما كُشف عن حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط(3) .

عن أبي بكر الشاهد بسنده قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذٍ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط(4) .

عن ابن سيرين قال: لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلاّ على الحسين بن عليعليه‌السلام (5) .

عن عيسى بن الحرث الكندي قال: لمّا قُتل الحسين مكثنا سبعة أيام إذا صلّينا العصر نظرنا إلى السماء على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف

____________________

(1) عن الأسود بن قيس قال: احمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة أشهر يُرى ذلك في آفاق السماء كأنّها الدم.

(2) تهذيب الكمال: ج 6 ص 434؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2637؛نور الأبصار: ص 233.

(3) كفاية الطالب: ص 399.

(4) تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 229 ح 3545.

(5) كفاية الطالب: ص 393؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424 رقم: 270؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2634.

١٥٧

المعصفرة ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضاً(1) .

وذهبوا برأسه إلى عبيد الله بن زياد فوضعوه بين يديه فجعل ينكت بقضيب في يده على ثناياه وعنده أنس بن مالك جالس فقال له: يا هذا ارفع قضيبك؛ قد طالما رأيت رسول الله يُقبِّل هذه الثنايا(2) .

عن أنس قال: لمّا قُتل الحسين جيء برأسه إلى عبيد الله بن زياد فجعل ينكت بقضيب على ثناياه وقال: إن كان لحسن الثغر! فقلت: أما والله لأسوؤنّك؛ فقلت: لقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقبّل موضع قضيبك من فيه(3) .

وروى ابن أبي الدنيا أنّه كان عنده زيد بن أرقم فقال له: ارفع قضيبك؛ فوالله لطالما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقبّل ما بين هاتين الشفتين. ثمّ جعل زيد يبكي فقال ابن زياد: أبكى الله عينيك لولا أنّك شيخ قد خرفت لضربت عنقك. فنهض وهو يقول: أيّها الناس أنتم العبيد بعد اليوم؛ قتلتم ابن فاطمة وأمّرتم ابن مرجانة! والله ليقتلنّ خياركم ويستعبدون

____________________

(1) مجمع الزوائد: ج 9 ص 200؛ أنساب الأشراف: ج 3 ص 209؛ تهذيب الكمال: ج 6 ص 433؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 424 رقم: 270؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 227 ح 3545؛تاريخ الخلفاء ص 207.

(2) أنساب الأشراف: ج 3 ص 207؛ المعجم الكبير: ج 3 ص 125 ح 2878؛تاريخ الطبري: ج 4 ص 293؛الكامل في التاريخ: ج 2 ص 577؛ البداية والنهاية: مجلد 3 ج 6 ص 265؛مروج الذهب: ج 3 ص 73؛الفصول المهمة: ص 191؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 423 رقم: 270؛الأخبار الطوال: ص 259؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 240.

(3) تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 235 ح 3545؛ سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 426 رقم: 270؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2633؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 410.

١٥٨

شراركم فبعداً لمن رضي بالذّلة والعار(1) !

وقال سبط ابن الجوزي وغيره: المشهور أنّه جمع أهل الشام وجعل ينكت الرأس بالخيزران وليس العجب إلاّ من ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب وحمل آل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على أقتاب الجمال أي موثقين في الحبال والنساء مُكشّفات الرؤوس والوجوه(2)

وقال ابن الجوزي: وحكمته أنّ غضبنا يؤثر حمرة الوجه والحق تنزّهه عن الجسمية؛ فأظهر تأثير غضبه على مَنْ قتل الحسينعليه‌السلام بحمرة الأُفق؛ إظهاراً لعظم الجناية. قال: وأنين العباس وهو مأسور ببدر منع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله النوم فكيف بأنين الحسينعليه‌السلام ؟ ولمّا أسلم وحشي قاتل حمزة قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «غيِّب وجهك عنّي؛ فإنّي لا أُحبُّ أن أرى مَنْ قتل الأحبّة». هذا والإسلام يجبّ ما قبله فكيف بقلبهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يرى مَنْ ذبح الحسينعليه‌السلام وأمر بقتله وحمل أهله على أقتاب الجمال(3) ؟!

ولمّا بلغ أهل المدينة قتل الحسينعليه‌السلام خرجت زينب ابنة عقيل بن أبي طالب في نساء من بني هاشم خرجن معها وهي حاسرة تلوي ثوبها وتقول:

ماذا تقولون إنْ قال النبيُّ لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخِرُ الأُممِ

____________________

(1) الأخبار الطوال: ص 260؛اُسد الغابة: ج 2 ص 21؛ بغية الطلب: ج 6 ص 2631؛نور الأبصار: ص 229؛الصواعق المحرقة: ص 198؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 410؛ الإتحاف بحبّ الأشراف: ص 53.

(2) الصواعق المحرقة: ص 198؛ الكامل في التاريخ: ج 2 ص 574.

(3) الصواعق المحرقة: ص 194.

١٥٩

بعتَرتِي وبأهلي بعد مُفْتَقَدِي

منهم أُسارى وقتلى ضُرِّجُوا بِدَمِ

ما كان هذا جزائي إذ نَصَحْتُ لكم

أن تخْلفوني بَشرٍّ في ذوي رَحمي ِ

ضَيَّعتُم حقّنا واللهُ أوجبهُ

وقد رعى الفيلُ حقّ البيتِ والحرمِ(2)

عن أبي المعالي بسنده قال عن أشياخ له قالوا: غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنائسها مكتوباً:

أترجو اُمّةٌ قتلت حُسيناً

شفاعةَ جدّه يومَ الحسابِ

فقلنا للروم: مَنْ كتب هذا في كنيستكم؟ قالوا: قبل مبعث نبيكم بثلاثمئة عام(3) .

وحكى الشيخ نصر الله بن يحيى مشارف الصاغة وكان من الثقاة

____________________

(1) مروج الذهب: ج 3 ص 80؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 294؛الكامل في التاريخ: ج 2 ص 579؛مقتل أبي مخنف: ص 161؛مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 76؛تهذيب الكمال: ج 6 ص 429؛ كفاية الطالب: ص 397؛ تذكرة الخواص: ص 267؛ كتاب الفتوح: ج 5 ص 245.

(2) مقتل الحسين، للخوارزمي: ج 2 ص 76؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 422.

(3) تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 242 ح 3547؛ذخائر العقبى: ص 248؛ جواهر العقدين في فضل الشرفين: ص 421؛بغية الطلب: ج 6 ص 2653؛الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 395 ح 556؛ كفاية الطالب: ص 394 الخصائص الكبرى: ج 2 ص 127؛تهذيب الكمال: ج 6 ص 442 وفيه: فقالوا: «منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل أن يبعث نبيّكم بستّمئة عام»؛ مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2 ص 93 وفيه: فوجدنا في الحائط صخرة فيها مكتوب:

اترجو اُمّة قتلت حسيناً

شفاعةَ جدّهِ يومَ الحسابِ

فلا واللهِ ليس لهم شفيعٌ

وهم يومَ القيامةِ في العذابِ

١٦٠