لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)0%

لقد شيعني الحسين (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 411

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: إدريس الحسيني
تصنيف: الصفحات: 411
المشاهدات: 55121
تحميل: 6002

توضيحات:

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 411 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55121 / تحميل: 6002
الحجم الحجم الحجم
لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

استجاب جدّه للصلح مع المشركين وهو يعلم نفوسهم.

وذكر ابن عبد البر في الإستيعاب: بأنّ وثيقة الإمام في الصلح كانت تتضمّن شروطاً معيّنة، قال: إنّ الإمام كتب إلى معاوية يخبره، أنّه يصير الأمر إليه على أن يشترط عليه أن لا يطلب أحداً من أهل المدينة والحجاز، ولا أهل العراق بشئ كان في أيّام أبيه. فأجابه معاوية وكاد يطير فرحاً، إلاّ أنّه قال: أمّا عشرة أنفس فلا أؤمنهم. فراجعه الحسن فيهم، فكتب إليه يقول: إنّي قد آليت متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده. فراجعه الحسنعليه‌السلام : «إنّي لا اُبايعك أبداً وأنت تطلب قيساً أو غيره بتبعة؛ قلّت أو كثرت». فبعث إليه معاوية حينئذ برقّاً أبيض، وقال: اكتب ما شئت فيه وأنا ألتزمه. فاصطلحا على ذلك، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده، فالتزم ذلك كلّه معاوية.

ويذكر أبو الفداء في تاريخه: إنّ الإمام الحسن اشترط على معاوية هذه الشّروط: وكتب الحسن إلى معاوية واشترط عليه شروطاً، وقال: «إن أجبت إليها، فأنا سامع مطيع». فأجاب معاوية إليها، وكان الذي طلبه الحسن: أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة، وخراج دار ابجرد من فارس، وأن لا يسبّ عليّاً. فلم يجبه إلى الكفّ عن سبّ عليّ، فطلب الحسن أن لا يشتم عليّاً وهو يسمع، فأجابه إلى ذلك، ثمّ لم يف له به.

ويؤكّد على ذلك أيضاً كلّ من ابن الأثير والطبري، إذ قال الحسنعليه‌السلام : «وأنا قد اشترطت حين جاء كتابك وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه». فاختلفا في ذلك، فلم ينفّذ للحسن من الشّروط شيئاً.

ثمّ كان الشيء المركزي في شروط الصلح: أن ترجع الخلافة بعده للحسن(1) ، فإذا لم يكن الحسن ترجع إلى الحسينعليه‌السلام .

____________________

(1) تهذيب التهذيب، الإمامة والسّياسة، الإصابة، الطبقات الكبرى، الشّعراني.

٢٨١

هناك منطقان كانا يواجهان الإمام الحسنعليه‌السلام ، الأوّل: منطق الثورة. والثاني منطق الإصلاح. وعندما يفشل في الثورة على الواقع الاُموي، فإنّه لا يفرّط في منطق الإصلاح، ووثيقة الصلح تضمّنت ذلك، فهناك من قُتل أبوه مع عليّعليه‌السلام في الجمل وصفّين، ويدرك الحسن أنّ معاوية آخذهم لا محالة بالانتقام، بأن يمنع عنهم العطاء؛ لذلك طلب ضمن المعاهدة بأن يوزّع عليهم ألف ألف درهم، ويجعلها من خراج دار ابجرد. فلم يكن طلبه لخراج دارابجرد - كما أورد أبو الفداء - سابقاً بطمع في الحطام من قبل الحسن؛ وإنّما من أجل ضمان مورد مادّي ليتامى شهداء صفّين والجمل، الذين قد يواجهون حالة البؤس في حكومة معاوية.

كما أنّ الحسنعليه‌السلام يعرف أنّ أصحابه وشيعته المقرّبين قد تطالهم يد معاوية؛ للانتقام، فكان لا بدّ أن يشترط عدم إلحاق أي أذى بهم. واشترط عدم سبّ الإمام عليّعليه‌السلام ؛ لأنّ ذلك يحرّف فضائل الصالحين ورموز الاُمّة في عين النّاس؛ ولأنّ ذلك مخالف للإسلام، وكيف لا يخالفه والإمام عليّعليه‌السلام أحد الأركان الذين قام الإسلام على أكتافهم.

هذه باختصار هي خلفيات الصلح التي يمكن تلخيصها في الآتي:

1 - تماسك كامل في جيش معاوية، يقابله انشطار في جيش الإمام الحسنعليه‌السلام .

2 - دعم مالي قويّ وهائل لعناصر الجيش الاُموي، مقابل الفقر والحاجة في صفوف الجيش العراقي.

3 - جهل مطبق في جيش الشّام، يقابله وعي أعرج ومبتور في أغلبية الجيش العراقي، الجهل الشّامي الذي يؤدّي إلى التمحور المضاعف حول معاوية، والوعي المبتور الذي يؤدّي إلى هروب الجيش العراقي وعدم استجابته للإمام الحسنعليه‌السلام (1) .

____________________

(1) الإمامة والسّياسة، تاريخ ابن عساكر.

٢٨٢

طاعة مطلقة في جيش الشّام، تقابلها انشقاقات وتجزّئات داخل جيش العراق؛ كلّ هذا وأكثر منه جعل معنويات الجيش العراقي تنهار وتلتمس الاستقرار وحطام الدُّنيا.

أدرك معاوية أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام بقي وحده في الميدان، وأنّ جيشه لا يعدو كونه نمور من ورق، يعشعش الرّعب والتمزّق في أعماقها، وأدرك أنّ صلح الحسن إنّما كان لأنّ هذا الأخير لم يجد عليه عوناً(1) ، فهو صلح من موقف ضعف، ضعف في الاُمّة، لذلك مزّق معاوية الوثيقة ونقض العهد وتلاعب بالأوراق.

استمرّ معاوية في سبّ الإمام عليّعليه‌السلام ولعنه على المنابر، وصارت سنّة لأهل الشّام يردّدونها بعد كلّ صلاة، وكأنّ الصلاة لا تُقبل إلاّ بسبّ عليّعليه‌السلام ، هذا الذي قام الإسلام به، وبه كان الصحابة يميّزون بين منافق مبغض له ومؤمن محبّ له، حتّى قال الشّاعر:

أعلى المنابرِ تُعلنونَ بسبّهِ

وبسيفِهِ نُصبتْ لكُمْ أعوادُها

وذكر صاحب العقد الفريد(2) : أنّ أبا عبد الله الجدلي قال: دخلت على اُمّ سلمة - زوجة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - فقالت لي: أيُسبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكم؟! فقلتُ: معاذ الله، أو سبحان الله، أو كلمة نحوها. فقالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «مَن سبّ عليّاً فقد سبّني». وقال يومها مروان بن الحكم: لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بذلك. أي بسبّ عليّعليه‌السلام (3) .

ثمّ رفض معاوية أن يسلّم للحسن خراج دار ابجرد لدعم الفقراء من

____________________

(1) يذكر ابن مسكويه في تجاربه: أنّ الإمام الحسن قال: يا أهل العراق، إنّه سخي بنفسي عنكم ثلاث: قتلتم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي.

(2) كما في مستدرك الصحيحين، عن أبي عبد الله الجدلي.

(3) الصواعق المحرقة / 33.

٢٨٣

شيعته، ونقض هذا الشّرط أيضاً، حسب ابن الأثير والطبري وأبي الفداء. وبدلاً من ذلك، عمد معاوية إلى محو آثار الشّيعة وسحقهم عن آخرهم، وجعل عليهم عمّالاً بطّاشين جبابرة، عاثوا فيها فساداً وشرّدوهم وقتّلوهم، وخطب فيهم معاوية: انظروا إلى مَن قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ عليّاً وأهل بيته، فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه. وكان من الذين سقطوا ضحايا على مذبح العقيدة والولاء الهاشمي، الصحابي الجليل حجر بن عدي، ذلك الذي ما زال سيفه ذابّاً عن الإسلام وتحت راية الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما قتلوه إلاّ لأنّه رفض عليهم سبّ الإمام عليّعليه‌السلام ولعنه من على المنابر وفي الصلوات.

وضاقت به الطغمة الاُمويّة، ونظرت في أمره بعد أن أصبح له أنصار يرومون التصحيح والنّهي عن المنكر، فما كان إلاّ أن عزموا على معاقبته، فراح زياد يطلبه، وقد التفّ حجر بجماعة من أنصاره الكوفيين التي دهش منها زياد، فقال - موجّهاً خطابه لأهل الكوفة -: يا أهل الكوفة، أتشجّون بيد وتأسون باُخرى، أبدانكم عليّ وأهواءكم مع حجر الهجهاجة الأحمق المذبوب، أنتم معي وإخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر، هذا والله من دحسكم - أي: افسادكم - وغشّكم، والله، لتظهرن لي براءتكم أو لأتينّكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم(1) . ثمّ ما فتئ أن سلّمه الكوفيّون إلى الشّرطة الاُمويّة لينفّذوا فيه جريمة الإعدام.

ولم يكن دافع حجر سوى إيمانه، ومَن هو حجرعليه‌السلام حتّى لا يخونه أهل الكوفة، ولا يقتله معاوية صبراً! لقد خان الكوفيون الإمام عليّعليه‌السلام وبنيه، وقتل الاُمويّون خيرة آل البيتعليهم‌السلام ، فدعا ربّه: اللّهمّ إنا نستعديك على اُمّتنا! فإنّ أهل الكوفة شهدوا علينا، وإنّ أهل الشّام يقتلوننا. أما والله لئن قتلتموني بها، فإنّي لأوّل فارس من المسلمين هلك في واديها،

____________________

(1) الإمام الحسن، باقر شريف القريشي.

٢٨٤

وأوّل رجل من المسلمين نبحته كلابها.

ثمّ قال: لا تطلقوا عنّي حديداً ولا تغسلوا عنّي دماً؛ فإنّي ملاق معاوية على الجادّة(1) . وكان من المنكرين لذلك عائشة؛ إذ قالت لمعاوية: أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟!(2) . وقالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: سيقتل بعذراء اُناس يغضب الله لهم وأهل السّماء(3) .

____________________

(1) الإستيعاب 1 / 256.

(2) الطبري.

(3) مروج الذهب. أقول: إنّ قاتلة الحسن أغراها ترف الاُمويّين، فلو صدق (حي) فيما ذهب إليه، من: أنّ الحسن كان يميل إلى الترف والبذخ. إذن لما اضطروا (جعدة) إلى قتله لقاء مئة ألف درهم.

٢٨٥

٢٨٦

قتل الحسنعليه‌السلام .. المؤامرة الكبرى:

لقد قويت شوكة الاُمويّين وركعت الجزيرة تحت أقدامهم، فأرهبوا أهلها وقتلوا خيرتها، فما قام لهم قائم يردّهم ولا ممانع يزجرهم، ونظروا في وثيقة الصلح، فوجدوها مثقلة بشروط لا تتفق ومشروعهم التخريبي، وأيّ دين وأيّ ضمير يمنعهم من مخالفة العهد ونقض الميثاق، وقد قتلوا خيرة المسلمين وأفسدوا في الأرض فساداً عريضاً؟ إلاّ أنّ معاوية أدهى من أن يتسرّع في اتخاذ القرار، وفضّل أن يتخلّص من الحسن؛ لأنّ في التخلّص منه تخلّص من الوثيقة.

ولكن يجب أن يتم القتل في ظروف غامضة، فنظر إلى أقرب النّاس إلى الإمام الحسنعليه‌السلام وأكثرهم عداء له، فوقع نظره على جعدة بنت الأشعث - إحدى أزواج الحسنعليه‌السلام - وكان لهذا الاختيار أسبابه التي أدركها معاوية بدهائه البشع، وهي:

1 - إنّ أباها - الأشعث بن القيس - وهو الذي فرض على الإمام عليّعليه‌السلام التحكيم، ورفض عليه انتداب ابن عبّاس والأشتر.

2 - كانت تعاني عقدة النّقص؛ لأنّها لم تنجب من الحسن أبناء بخلاف نسائه الاُخريات.

3 - هي من عائلة مهيّأة للتآمر على آل البيت، فقد كان أبوها قد شرك في دم الإمام عليّعليه‌السلام ، وابنه شرك في دم الحسين - فيما بعد -.

٢٨٧

فأغراها معاوية بالمال وبمستقبل زاهر، حيث بشّرها بالزواج من ابنه يزيد ومئة ألف درهم. ولماذا لا تختار يزيد، فأبوها وأخوها لم يصمدا أمام دُنيا معاوية وبنيه، وما ردّهم الضمير عن إلحاق الأذى بالعترة الطاهرة؟ ولماذا لا تختاره والدُّنيا كلّها معه، وليس لها من الحسن إلاّ الشّرف والدين والورع؟ فهي في حاجة إلى زوج يلاعب القرود مثل يزيد، ويشرب الخمر فيمرح، ويدع الصلاة فيلهو، فأولى لها ذلك من الحسن الذي يضيّق على متعتها بالصلاة والقيام والزهد، إنّه يزيد القصور والدُّنيا، فهل المرأة من هذا النّوع الذي يسمو على الدُّنيا.

راح الإمام الحسن ضحية زهده وورعه، فليس له من الدُّنيا إلاّ التهجد والعبادة وإحقاق الحقّ، وهذا زاد لا يستهوي النّساء، فقبلت الصفقة، وكان مروان بن الحكم، هو عرّاب المخطّط بينها ومعاوية. وفيما كان الإمام الحسنعليه‌السلام صائماً، إذا بها تقدّم له إفطاراً وقد دسّت فيه السّم، الذي أرسله إليها معاوية عبر مروان بن الحكم، فتناولهعليه‌السلام ، فتقطّعت أمعاؤه واشتدّ عليه الألم واستبشر بالجنّة ولقاء الأحبّة، ونظر إليها وقال: «يا عدوة الله، قتلتيني قتلك الله. والله لا تصيبين منّي خَلفاً، ولقد غرّك معاوية وسخر منك، يُخزيك الله ويخزيه»(1) .

ونُفّذت الخطّة وانتهى أمر الحسن، وكان على مسمّمة الأزواج(2) أن تلتمس الأجر، وخسرت زوجها، ورفض معاوية تزويجها بيزيد؛ إذ كيف يزوّج مَن قد خانت أشرف زوج تمنته النّساء، ومعاوية يدرك كلّ ذلك، فهو يعرف إنّ النّاس إنّما انقادوا له لماله وسلطانه، فقال لها: إنّا نحبّ حياة يزيد، ولولا ذلك لوفّينا لك بتزويجه(3) .

____________________

(1) تحف العقول.

(2) هذا هو الاسم الذي كان يطلق عليها، أعيان الشّيعة.

(3) مروج الذهب.

٢٨٨

وذكر بعض المؤرّخين - مثل أبي الفداء -: إنّ يزيد هو الذي سمّه وليس أباه. بل وعارض بعض المؤرّخين - الكاريكاتوريون - أن يكون معاوية قد سمّ الحسن، وعلى رأسهم ابن خلدون ومَن رجع إليه، من أمثال د. فيليب حتى وعبد المنعم في التأريخ السّياسي، وحجّتهم في ذلك التي عارضوا بها المؤرّخين الموثّقين؛ إنّ ذلك لا يمكن صدوره عن معاوية. فهي وجهة نظر قائمة وصادرة عن موقف نفسي معيّن، يقول ابن خلدون: وما يُنقل من أنّ معاوية قد دسّ السّم إلى الإمام الحسن على يد زوجته جعدة بنت الأشعث، فهو من أحاديث الشّيعة، وحاشا لمعاوية ذلك(1) .

ابن خلدون كغيره كان يؤرّخ لعصبيته وللبلاط، وإلاّ كيف يرفض حدثاً وهو الذي أخذ فكرة السّبئيّة على علّتها من تاريخ الطبري؟ أمّا عن أنّ الشّيعة هُم الذين وضعوا الرّواية، فإنّ الرّواية تثبت عند أهل السّنّة، وذُكرت في تذكرة الخواص والاستيعاب، وتأريخ أبي الفداء والنّصائح الكافية، ومروج الذهب وابن أبي الحديد.

وكيف يستبعد ابن خلدون أن يأتي معاوية بذلك، وهذا التاريخ يعلن الأخبار مجلجلة حول جرائم معاوية؟ وماذا يمنع معاوية من الحسن وقد رام قتل أبيه وخيرة الصحابة! لقد دافع ابن خلدون عن طواغيت التاريخ، وحرّف الكثير من الحقائق تزلّفاً للبلاط.

ثمّ ما أن التحق الإمام الحسنعليه‌السلام بالرّفيق الأعلى حتّى جاء الخبر إلى معاوية، ففرح وسرّ، ثمّ سجد وسجد مَن كان معه(2) . ورفض بنو اُميّة أن يُدفن الإمام الحسن بجوار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واتصل كلّ من مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص بعائشة وحرّضاها على ذلك، فمنعت أن يُدفن بجوار جدّه، وقالت: لا تدخلوا بيتي مَن لا اُحبّ، إنّ دفن الحسن في بيتي

____________________

(1) تاريخ ابن خلدون.

(2) ابن قتيبة، التاريخ / 175.

٢٨٩

لتجزّ هذه. وأومأت إلى ناصيتها.

وذكر كلّ من ابن أبي الحديد والسّبط الجوزي، واليعقوبي وأبو الفداء، منع عائشة لدفن الحسنعليه‌السلام بجوار جدّه؛ بل وذكر ابن عساكر: أنّه حدث بين لواء مروان ولواء الحُسين رمي بالسّهام بخصوص مسألة الدّفن.

وشاع خبر الفاجعة، وبكت الحسن البلدان، وكانت تلك بمثابة محطّة، أعاد فيها النّاس نظرهم وصوبوه في قضية البيت الهاشمي، فرقّت قلوبهم وأرهفت مشاعرهم تجاه المأتم.

٢٩٠

واشرأبّ الملكُ بنفسه:

كان موت وثيقة الصلح بالنّسبة لمعاوية أمراً ضروريّاً؛ لذلك كان قتل الحسن، وأهمّ شرط ظلّ معاوية يدرس إمكانية نقضه، هو إرجاء الخلافة إلى الحسن أو إلى الحُسين في حالة موت الحسن. لقد انتهى الحسن وانتهت معه الوثيقة، فدبّر معاوية أمر المستقبل، فرأى أن يأخذ البيعة لابنه يزيد؛ ليتحوّل أمر الخلافة إلى ملك عضوض، ولتبدأ رحلة المسخ في الاُمّة.

وسار معاوية يفرض على كلّ البلاد البيعة لابنه يزيد، ويأمر عمّاله بممارسة القمع والبطش؛ لإرغام المسلمين على قبول بيعة يزيد، وكان أهل المدينة ممّن رفض، وكان عليها سعيد بن العاص(1) ، وكانت بنو هاشم في مقدّمة الرّافضين للبيعة. أبعد هذا كلّه، كيف يأتي مؤرّخة البلاط ليجدوا الأعذار لمعاوية بن أبي سفيان؟! وأيّ عذر بعد قتله للمسلمين وتحريفه لمسيرة الحكم في الإسلام؟!

لقد وجدوا الأعذار لمعاوية في إراقة دماء آل البيتعليهم‌السلام ، وفي تخريب الاُمّة وتفريغ الإسلام من محتواه، ولم يجدوا عذراً واحداً للمختار الثّقفي؛ إذ يخرج على بني اُميّة طلباً للتغيير.

____________________

(1) مروج الذهب.

٢٩١

وقف معاوية متحدّياً جماهير الإسلام، ووجّه كلمته القارصة إلى أهل الكوفة: يا أهل الكوفة، أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج، وقد علمت أنّكم تصلّون وتزكّون وتحجّون، ولكنّني قاتلتكم لأتأمّر عليكم وعلى رقابكم، وقد أتاني الله ذلك وأنتم كارهون، ألا إنّ كلّ مال أو دم أصيب في هذه الفتنة فمطلول، وكلّ شرط شرطته فتحت قدمَي هاتين(1) .

ثمّ بايع ليزيد بالشّام عقب وفاة الحسنعليه‌السلام ، وبعث لعمّاله يطلب منهم تهيئة النّاس لبيعة يزيد، فتمرّدت الأغلبية، غير أنّ قوّة السّلطان قد أجبرتهم على الإذعان، فما بقي إلاّ مجموعة من المتمرّدين اعتصموا بالحُسينعليه‌السلام (2) . فقام معاوية خطيباً في النّاس بخطبته الشّهيرة:... فإنّي قد أحببت أن أتقدّم إليكم، إنّه قد اُعذر مَن أنذر، إنّي كنت أخطب فيكم فيقوم إليّ القائم منكم فيكذّبني على رؤوس النّاس، فأحمل ذلك وأصفح، وإنّي قائم بمقالة، فأقسم بالله، لئن ردّ عليّ أحدكم في مقامي هذا، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتّى يسبقها السّيف إلى رأسه، فلا يبقين رجل إلاّ على نفسه(3) .

ودعا صاحب حرسه بحضرتهم، فقال له: أقم على رأس كلّ رجل من هؤلاء رجلين، ومع كلّ واحد سيفه؛ فإن ذهب رجل منهم يردّ عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب، فليضرباه بسيفهما. ثمّ خرج وخرجوا معه حتّى رقي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: إنّ هؤلاء الرّهط سادة المسلمين وخيارهم، لا يبرم أمر دونهم ولا يقضي إلاّ عن مشورتهم، وإنّهم قد رضوا وبايعوا ليزيد، فبايعوا على اسم الله.

____________________

(1) المصدر نفسه، انظر أيضاً: العدالة الاجتماعيّة، سيّد قطب.

(2) ابن قتيبة.

(3) ابن الأثير.

٢٩٢

بايع النّاس تحت ظروف القمع والبطش الشّديدين، وبقي الإمام الحُسين وجماعة لم تبايع.

واتّفق أن أخذت المنيّة معاوية بعد أن وغل في السّبعين، وبعد أن ترك مقاليد السّلطة لمجموعة من الغلمان على رأسهم ابنه الفاسق يزيد، حيث أذلّت بيعته المؤمنين.

٢٩٣

٢٩٤

وملك يزيد:

دخل يزيد معمعة السّلطة في بداية رجب من سنة 60 حسب اليعقوبي، وكان لا بدّ أن يرسي عرشه على كلّ الرؤوس؛ لتذلّ له، حتّى لو كانت رؤوساً هاشمية، فبادر بالكتابة إلى عامله بالمدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وقال له: إذا أتاك كتابي هذا، فاحضر الحُسين بن علي وعبد الله بن الزُّبير، فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث لي برؤسهما، وخذ النّاس بالبيعة، فمَن امتنع فانفذ فيه الحكم، وفي الحُسين وعبد الله بن الزُّبير، والسّلام(1) .

لقد اقتصر يزيد الطريق منذ البداية، إذ رام قتل الحُسينعليه‌السلام بمجرّد الامتناع عن البيعة، كان القدر حليف القضية الحُسينية، لم يدعها تُغتال في جنح الظلام، بل أراد أن يهيّئ لها أسباب الانفجار الفاضح، كان بودّ الوليد أن يقتله إذ جاءه وابن الزُّبير، فقالا: نصبح ونأتيك مع النّاس، وأشار مروان على الوليد بعدم السّماح لهما بالخروج، غير أنّ الأقدار أعمت بصيرة الوليد فتركهما يخرجان، فخرج بذلك الحُسينعليه‌السلام إلى مكّة، فلبث فيها بضعة أيّام وكاتب منها أهل العراق، فكان ردّهم بزعامة ابن أبي هانئ وسعيد بن عبد الله:

____________________

(1) نفس المصدر.

٢٩٥

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، للحُسين بن عليّ من شيعته المؤمنين المسلمين: أمّا بعد، فحي هلاّ فإنّ النّاس ينتظرونك، لا إمام لهم غيرك، فالعجل ثمّ العجل، والسّلام.

وبعث إليهم بعد ذلك رسوله مسلم بن عقيل، فأخذ منهم البيعة للإمام الحُسينعليه‌السلام ، فكان ذلك الخيار الصعب والوحيد للحُسين، لينطلق إلى العراق، إلاّ أنّ عيون يزيد قد أخبرته بمسير الحُسينعليه‌السلام إلى العراق، فوكّل به عبيد الله بن زياد لقتاله.

كان عبيد الله بن زياد قد قتل مسلم بن عقيل، رسول الإمام الحُسين إلى أهل الكوفة، ووصل الخبر إلى الحُسينعليه‌السلام وقد بلغ إلى القطقطانه، فبعث عبيد الله بن زياد بالحرّ بن يزيد الرّياحي في مجموعة لمنع الحُسينعليه‌السلام من أن يعدل، فبعث بعمر بن سعد في جيش جرّار؛ يهدفون إلى قتل الإمام الحُسينعليه‌السلام ، فكان ميدان القتال بكربلاء، حيث كان الإمام الحُسينعليه‌السلام في مقدّمة اثنين وسبعين رجلاً من أهل بيته وشيعته الخلّص، بينما جيش يزيد بلغ أربعة آلاف جندي.

حاول يزيد منذ البداية قتل الحُسينعليه‌السلام إذا استعصى عن مبايعته، وما كان الإمام الحُسين يرى أن يبايع رجلاً من أكبر فسّاق بني اُميّة، فكان الخيار الوحيد أمام الإمام الحُسين أن يستقبل الموت مع آل بيتهعليهم‌السلام الذين أبوا إلاّ الخروج معه، إنّه التاريخ يعود من جديد ليشهد معركة الحقّ كلّه ضدّ الباطل كلّه؛ إذ ليس الآن أمام جيش بني اُميّة سوى الحُسينعليه‌السلام وآل البيت وشيعته القلائل، وهُم بقية الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٩٦

ملحمة كربلاء:

إنّني أتجنّب أن أكون أديباً في قضايا التاريخ إلاّ في هذا الموقف؛ إنّها الجدبة التي لا أتمالك فيها أحاسيسي مهما كان الأمر؛ لأنّ الحدث بلغ من الدراماتيكية ما يفقد الإنسان تقنياته المعرفية. إنّه إمام الاُمّة، وإنّه جدّي، وإنّه الإنسان، كلّ هذا لا يسمح لي أن أقوم بمجرّد سرد وإحصاءات وفبركات في مثل هذا المشهد، فلا يلومنّني القارئ إذا أخذت بي هذه الجدبة التي لا أملك فيها نفسي أمام مذبحة أبي عبد الله الحُسينعليه‌السلام .

لكم التاريخ، ولكم الوثائق، ولكم كلّ شيء، ولي أن أبكي وأحزن و(اُشقشق)، فمن هُنا دخلت حرم آل البيتعليهم‌السلام وفيه ولدت من جديد. ما زلت أذكر اليوم الذي عشت فيه مأساة كربلاء بتفاصيلها، حيث ما تزال ظلالها الحزينة ترافق ظلّي إلى اليوم، وتفاصيلها لا يتّسع لها هذا الكتاب، فهي تُطلب في غيره، والآثار النّفسية التي تركتها في أعماقي وما زلت أجرعها كالسّموم، ولا أملك أن أنقلها كما أحسّها وأستشعرها في كياني، لقد وجدت نفسي فجأة في هيئة اُخرى، وفي شرياني جرى دم هو مثل تلك الدماء التي اُريقت على رمال الطفوف، ولا عجب من ذلك؛ فأنا الحُسيني وجدّي هو الحُسينعليه‌السلام وأنّ العرق دساس، ومنذ ذلك اليوم كان كلّ يوم عندي

٢٩٧

عاشوراء وكلّ أرض كربلاء.

كان الإمام الحُسينعليه‌السلام يريد أن ينتشل الاُمّة من جمودها، يحرّكها للثورة ضدّ الكيان الاُموي الجاثم على السّلطة، ولا بدّ له من تضحية، ولا بدّ من دم شريف يُراق؛ ليحدث الانقلاب في نفوس القوم الذين خذلوا قضيته وما زالوا يخذلون. لقد سمع الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لاُمّ سلمة، بعد أن أعطاها تربة في قارورة: «إذا أصبح هذا التراب أحمر، فاعلمي أنّ ابني الحُسين قد مات»(1) .

كان يعلم منذ البداية - كما أبيه - أنّه سيموت لا محالة مقتولاً، لذلك، لمّا وصل إلى كربلاء وسأل عنها القوم، قال: «هذا كرب وبلا». لقد حاصره الجنود في هذه المنطقة النائية حتّى ينفّذوا فيه الجريمة. فالقضية قبل كلّ شيء قضية إنسانية؛ إذ أنّ أهله معه وأبناءه، ولا بدّ أن يراعي الأعداء حقّه في حماية هؤلاء، نزلوا يلتمسون ماء فمنعهم القوم، منعوهم وهُم لا يأبهون. ولعمري، أيّ ملّة وأيّ دين كان يجيز لهم منع الماء عن الأطفال والنّساء؟! وهب إنّنا عذرناهم في منع الحُسينعليه‌السلام ، فما بال الاُمّهات ورضّعهن، قال شهر بن حوشب - وكان من عُملاء يزيد -: لا تشربوا منه حتّى تشربوا من الحميم.

طرح عليهم الإمام الحُسينعليه‌السلام خيارات كثيرة، فإمّا يدعوه يرجع وأمّا يدعوه يلتقي بيزيد، غير أنّ القوم المجرمين علموا أنّ وجود الحُسينعليه‌السلام أمام يزيد قد يقلب المعادلة، وقد يثير عليهم لوم النّاس وأحقادهم، فأبوا إلاّ أن يقتلوه في هذه الصحراء النائيّة، وليمتصّ رمل الصحراء دمه ولا يعلم به أحد؛ فالنّاس ليس أمامهم رقابة تمنعهم، أجل، ليس أمامهم إلاّ الله، وكانوا به لا يأبهون.

____________________

(1) ابن الأثير، راجع عقيلة بني هاشم لبنت الشّاطئ.

٢٩٨

لقد قُدّر للإمام الحُسينعليه‌السلام أن يدفع الثّمن كلّه، ثمن أخيه وأبيه وجدّه (صلوات الله عليهم أجمعين). طرح عليهم اختياراته، فأبوا إلاّ أن ينزل على حكم ابن زياد، فقال لهم الحُسينعليه‌السلام : «أنزل على حكم ابن زانية؟! لا والله لا أفعل، الموت دون ذلك أحلى».

لقد خرج الحُسين في مهمّة رسالية فرضتها عليه ظروف المرحلة، مرحلة السّيطرة الكاملة والسّافرة للمجرمين وأعداء الشّعوب على اُمّة، إنّما وجدت لتخاطب البشرية بالفضيلة والسّلام والحرّية، وكلّ المعاني التي اندكّت في عهد بني اُميّة، كان هذا منهج الإمام الحُسينعليه‌السلام وهو خارج إلى الكوفة، حيث قال: «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي؛ اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمَن قبلني بقبول الحقّ، فالله أولى بالحقّ، ومَن ردّ عليّ هذا، أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم، وهو خير الحاكمين»(1) . ثمّ راحعليه‌السلام يطوف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وأنهى عمرته(2) .

لقد حاولوا تجبين الإمامعليه‌السلام وهو في الطريق إلى الكوفة، غير أنّه لم ينتبه إليهم، مضى في طريقه إلى الموت وهو يهتف:

سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى

إذا مـا نـوى حقّاً وجاهدَ مُسلما

فهو لم ينهض من بعد أخيه، إلاّ لمّا نقض معاوية الوثيقة ونصّب ابنه على الاُمّة، وكيف يسكت الإمام الحُسينعليه‌السلام على هذا الأمر، فلا بدّ لصوت أن ينطلق، ولا بدّ لضمير أن يهتزّ: «إنّا أهل بيت النّبوة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد شارب الخمور وراكب الفجور، وقاتل النّفس المحترمة، ومثلي لا يُبايع مثله».

____________________

(1) تاريخ الخلفاء، ابن قتيبة.

(2) تاريخ الطبري.

٢٩٩

وربما قد نعذرهعليه‌السلام لو أنّه استسلم، وربما امتدحه القوم وأعلوا منصبه.

غير أنّ الحُسينعليه‌السلام هو أمين الله في الأرض، لا يحيد عن مصلحة الاُمّة ولو أدّى به الأمر إلى خسران حياته؛ إذ لا قيمة للحياة في ظلّ ذلّ وفساد، ولا قيمة لحياة لا تُستثمر في إقامة أركان الدّين ونصرة الإسلام، لقد قالها للتاريخ، واستلهمتها منه الأجيال في مسيرات كفاحها:

إنْ كان دينُ محمّدٍ لم يستقم

إلاّ بقتلي يا سيوفُ خُذيني

لقد صمّم الإمامعليه‌السلام على مغادرة مكّة ليتّجه إلى الكوفة؛ حيث الأنصار الذين يميلون بين نصرته وخذلانه، وقد اعترضه الفرزدق وقال له: إنّ القوم قلوبهم معك وسيوفهم عليك. غير أنّ الإمام كان يرسم خريطة مرسومة سلفاً في اللوح المحفوظ، كان يعلم بما سيجري له ولآل بيته، وقام خطيباً: «الحمد لله وما شاء الله، ولا قوّة إلاّ بالله، وصلى الله على رسوله، خُطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النّواويس وكربلاء، فيملأن منّي أكراشاً جوفا، وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفّينا اُجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرُّ بهم عينُهُ، وينجز بهم وعده. ألا ومَن كان فينا باذلاً مهجته، موطّناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا؛ فإنّي راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى».

لقد تآمرت الاُمّة كلّها على الحُسينعليه‌السلام وآل البيت بعضهم بالتقتيل والآخرون بالخذلان، لم يكن الإمام يريد شقّ الصفوف وتفريق الشّعث، لكن حركة الإجرام كانت تتّجه صوب قمع كلّ صوت، وهدم كلّ فضيلة. فالاُمّة ابتُليت بخليفة يشرب الخمور، ولا يرتاح من اللهو، ولا يفهم معاني الورع، كان لاهياً عابثاً في الصحراء لمّا فرض أبوه بيعته على المسلمين، وجاء متأخّراً يلهو

٣٠٠