من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟0%

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 265

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 265
المشاهدات: 70844
تحميل: 5486

توضيحات:

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 265 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70844 / تحميل: 5486
الحجم الحجم الحجم
من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أنصارهم إلى يوم القيامة وأنّهم أنصار أهل البيتعليهم‌السلام حقّاً، فلينظر المسلم من إمامه يوم القيامة، أهُم أهل البيتعليهم‌السلام أمْ أعداؤهم؟

وقد قال الله تعالى:( يَوْمَ نَدْعُو كلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) (1) .

وقد تتبَّعنا قتلة الحسينعليه‌السلام فما وقع نظرنا على أحد منهم إلاّ وجدناه من أنصار بني اُميّة(2) . ونظرنا إلى موقف أهل الخلاف منه فلمْ نجدهم إلاّ وقد وثَّقوه وأثنوا عليه واتّبعوه وقبلوا روايته. وعطفنا النظر إلى موقف الشيعة الاثني عشريّة من هؤلاء الأرذال، فلمْ نجدهم إلاّ وقد نبذوهم وتركوهم ولعنوهم، ورأوا البراءة منهم واجبة، ومودَّتهم محرَّمة ومخرجة من المذهب و... و...

وللشيعة شهد الذهبي، قال في كلامه عن ابن زياد:

قلت: الشيعي لا يطيب عيشه حتّى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله(3) ، ونبرأ منهم ولا نلعنهم، وأمرهم إلى الله(4) .

وما أدري كيف يتبرّأ منهم، وجميع مَن خرج على الإمام الحسينعليه‌السلام مطيعون - في نظر هؤلاء - لله في ما فعلوه من ذبح وقتل، وسلب وهتك أهل بيت

____________________

(1) سورة الإسراء / 71.

(2) وفي تاريخ الطبري 3 / 314 قال، قال: فبعث عمر بن سعد إلى الحسينعليه‌السلام عزرة بن قيس الأحمسي، فقال: ائته فسله ما الذي جاء به؟ وماذا يُريد؟ وكان عزرة ممّن كتب إلى الحسينعليه‌السلام فاستحيى منه أنْ يأتيه. قال: فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه فكلّهم أبى وكرهه.

(3) نعم يبغضونهم نظريّاً، أي: من جهة الموازين العقلائيّة؛ وأمَّا عملياً، فهم يوالونهم كما يتّضح في تراجمهم.

(4) سير أعلام النبلاء، الذهبي / 3 ص549.

١٢١

النبوّةعليهم‌السلام ، نصرة ليزيد بن معاوية. فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ما يدلّ على طاعة هؤلاء الأرجاس، واللفظ للأوّل قال:

حدَّثنا مسدد، عن عبد الوارث، عن الجعد، عن أبي رجاء، عن ابن عبّاس، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: مَن كره من أميره شيئاً، فليصبر؛ فإنّه مَن خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهليّة.

حدَّثنا أبو النعمان، حدَّثنا حماد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، حدَّثني أبو رجاء العطاردي، قال: سمعت ابن عبّاس، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مَن رأى من أميره شيئاً يكرهه، فليصبر عليه؛ فإنّه مَن فارق الجماعة شبراً فمات إلاّ مات ميتة جاهلية(1) .

وقتلة الإمام الحسينعليه‌السلام لمْ يُفارقوا هذه الجماعة المتمثِّلة في يزيد بن معاوية، فهم مطيعون وصابرون، ولو خرجوا كما خرج الإمام الحسينعليه‌السلام لماتوا ميتة جاهلية. فهذا شمر بن ذي الجوشن من المصلِّين والداعين الله. وممّن امتثل ما رواه البخاري ومسلم، فقد روى ابن عساكر قال:

أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو عمرو الأصبهاني، أنبأنا أبو محمّد المديني، حدَّثنا أبو الحسن الكتاني، أنبأنا أبو بكر القرشي، حدَّثني هارون أبو بشر الكوفي، حدَّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن أبي إسحاق قال: كان شمر بن ذي الجوشن الضبابي يُصلّي معنا الفجر، ثمّ يقعد حتّى يصبح، ثمّ يُصلّي، ثمّ يقول: اللهمّ، إنّك شريف تحبّ الشرف، وإنّك تعلم أنّي شريف فاغفر لي. قلت: كيف يغفر الله لك، وقد أعنت على قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: ويحك! كيف نصنع؟ إنّ أمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلمْ نُخالفهم، ولو خالفناهم كنَّا شرّاً من

____________________

(1) صحيح البخاري 8 / 87، وفي ط / 2588، صحيح مسلم 6 / 21.

١٢٢

هؤلاء الحُمر السقاة(1)(*) .

____________________

(1) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 23 / 189.

(*) قال اليافعي في كتاب مرآة الزمان وعبرة اليقظان / 281، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة:

سنة أربع وستّين في أوّلها هلك مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة، عجَّل الله قصمه، والعجب أنّه شهد الوقعة وهو مريض في محفَّة كأنّه مجاهد في سبيل الله. وكذلك عجَّل الله تعالى يزيد بن معاوية فمات بعد نيف وسبعين يوماً منها، وله ثمان وثلاثون سنة، بايع له أبوه الناس في حياته.

أقول: واليافعي متعجِّب من أنّ ما فعله مسلم بن عقبة جهاد في سبيل الله، وهذا ما صرَّح به بعض المؤرِّخين، وهذه هي عقيدة من زيَّن لهم الشيطان أعمالهم فجعلهم يتقرَّبون إلى الله بما هو مبغوض له سبحانه وتعالى:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) . سورة الكهف / 103 - 104.

وهذا ديدنهم في التقرب إلى الله بدماء أوليائه الأبرار الأخيار، فانظر إلى ما ذكره مسلم بن عقبة، فقد روى ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة، تحقيق الشيري 1 / 231، وتحقيق الزيني 1 / 179، قال:

وكان معاوية قد أوصى يزيد، فقال له: إنْ رابك منهم ريب، أو انتقض عليك منهم أحد، فعليك بأعور بني مرَّة مسلم بن عقبة. فدعا به فقال: سرْ إلى هذه المدينة بهذه الجيوش، وإنْ شئت أعفيتك؛ فإنّي أراك مدنفاً منهوكاً. فقال: نشدتك الله أنْ لا تحرمني أجراً ساقه الله إليَّ، أو تبعث غيري؛ فإنّي رأيت في النوم شجرة غرقد تصيح أغصانه: يا ثارات عثمان! فأقبلت إليها، وجعلت الشجرة تقول: إليَّ يا مسلم بن عقبة. فأتيت فأخذتها، فعبَّرت ذلك أنْ أكون أنا القائم بأمر عثمان، ووالله، ما صنعوا الذي صنعوا إلاّ أنْ الله أراد بهم الهلاك. فقال يزيد: فسرْ على بركة الله، فأنت صاحبهم.

وها هو يقول: لئن دخلت النار بعد قتلي أهل الحرّة إنّي إذاً لشقي. كما في وفيات الأعيان وأنباء أهل الزمان لابن خلكان / 4872، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

فهذا حالهم، والنواصب في كلّ زمان على منوالهم، وحجّتهم في ذلك الرؤيا وغيرها من الخزعبلات! فهؤلاء هم أعداء الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام ، إذ تراهم يتقرّبون إلى الله بدماء أوليائه.

١٢٣

وروى أيضاً:

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن عليّ، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدَّثنا الحسين بن الفهم، حدَّثنا محمّد بن سعد، أنبأنا منذر بن إسماعيل، حدَّثني الهيثم بن الخطاب الهدي: أنّه سمع أبا إسحاق السبيعي يقول: كان شمر بن ذي الجوشن - يقول الضبابي - لا يكاد أو لا يحضر الصلاة، فيجيء بعد الصلاة فيُصلّي، ثمّ يقول: اللهمّ، اغفر لي، فإنّي كريم لمْ تلدني

____________________

فانظر أيضاً إلى ابن ملجم عليه (لعنه الله) كيف يتقرَّب بقتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فها هو يرفع السيف وهو ينادي: الحكم لله، لا لك يا عليّ (ع)، وضربه على قرنه بالسيف. فقال عليّعليه‌السلام : «فزت وربّ الكعبة». الإمامة والسياسة 1 / 180.

وكذا الملعون شمر بن ذي الجوشن، فإنّه يتقرَّب بدم الإمام الحسينعليه‌السلام . وكذا معاوية يرى أنّ موت الإمام الحسنعليه‌السلام من تجدُّد النعم عليه حتّى إنّه خرَّ ساجداً هو وذووه لمَّا سمعوا بموته، كما في الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني 1 / 150، وتحقيق الشيري 1 / 196. وفي ربيع الأبرار ونصوص الأخبار / 2690، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة. وفي محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء / 4010، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

وكذلك ما فعله مسلم بن عقبة بأهل مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سفك دمائهم وإباحة أموالهم، وهتك أعراضهم تقرُّباً إلى الله تعالى.

وما زالت هذه الطبيعة مخزونة فيهم موروثة من أسلافهم، إذ تجد الكثير يحلِّل بل يحبِّب إباحة دم الشيعة الاثني عشريّة، ويجعل دم الشيعي بألف حسنة، ودم الكافر الملحد واليهودي بعشر حسنات كما هو مكتوب - في هذا الزمان - على جدران بعض المنازل في العراق من النواصب، فيتقرَّبون بذبح الشيعة وهتكهم، وينادون عند ذبحهم: لا حكم إلاّ لله، والله غالب على أمره، ويردِّدون كلمة: الله أكبر، وذلك لا لشيء سوى أنّهم شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، كما هو حاصل أيضاً في أيّامنا هذه في العراق وافغانستان والهند، وغيرها على أيدي النواصب لا غفر الله لهم أبداً، وجعل كيدهم في نحورهم.

١٢٤

اللئام.

قال، فقلت له: إنّك لسيء الرأي، تسارع إلى قتل ابن بنت رسول الله (صلّى الله عيله وآله)، فقال: دعنا منك يا أبا إسحاق، فلو كنَّا كما تقول أنت وأصحابك كنَّا شرّاً من الحمراء السقات(1) .

وهذه الروايات تدلّ على أنّ قتلتهعليه‌السلام مثل باقي أهل الخلاف ممّن يعتقدون بإمامة يزيد بن معاوية ويعترفون بسلطانه، فهو عند هذا الصنف يجب اتّباعه في قتل الإمام الحسينعليه‌السلام سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وريحانته، ومن حربه حربه، وسلمه سلمه، وبغضه بغضه، وحبّه حبّه.

قال السخاوي:

وقد كان شيخنا الحافظ أبو الحسن - يعني: الهيثمي - يُبالغ في الغضّ منه، أي: من ابن خلدون، فلمَّا سألته عن سبب ذلك، ذكر أنّه بلغه أنّه ذكر الحسين بن عليّعليهما‌السلام في تاريخه، فقال: قُتل بسيف جدِّه. ولمَّا نطق شيخنا بهذه اللفظة أردفها بلعن ابن خلدون وسبِّه وهو يبكي. قال شيخنا في رفع الإصر: ولمْ توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن، وكأنّه كان ذكرها في النسخة التي رجع عنها(2) .

وقال الآلوسي:

قال ابن الجوزي عليه الرحمة في كتابه السرّ المصون: من الاعتقادات العامّة التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنة أنْ يقولوا: إنّ يزيد كان على الصواب، وإنّ الحسين (ع) عنه أخطأ في الخروج عليه. ولو نظروا في السير لعلموا كيف عُقدت له البيعة وألزم الناس بها، ولقد فعل في ذلك كلّ قبيح،

____________________

(1) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 23 / 188.

(2) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، السخاوي 4 / 147، ترجمة ابن خلدون، ط دار الجيل.

١٢٥

ثمّ لو قدَّرنا صحّة عقد البيعة فقد بدت منه بوادٍ كلّها توجب فسخ العقد، ولا يميل إلى ذلك إلاّ كلّ جاهل عامي المذهب يظنّ أنّه يغيظ بذلك الرافضة (1) .

وقال المناوي في تعريضه بابن العربي:

وقد غلب على ابن العربي الغضُّ من أهل البيتعليهم‌السلام حتّى قال: قتله بسيف جدِّه.

وأخرج الحاكم في المستدرك، عن ابن عبّاس (رضي الله تعالى عنهم): أوحى الله تعالى إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإنّي قاتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفاً وسبعين ألفا ً. قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الذهبي: وعلى شرط مسلم(2) .

وذكر السيوطي والمناوي، واللفظ للأوّل، قال:

ومن مجازفات ابن العربي - صاحب كتاب العواصم والقواصم - أنّه أفتى بقتل رجل عاب لبس الأحمر؛ لأنّه عاب لبسة لبسها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقُتل بفتياه كما ذكره في المطامح، وهذا تهوُّر غريب وإقدام على سفك دماء المسلمين عجيب، وسيخاصمه هذا القتيل غداً، ويبوء بالخزي من اعتدى، وليس ذلك بأوَّلِ عجرفة لهذا المفتي وجرأته وإقدامه. فقد ألَّف كتابًا في شأن مولانا الحسين -عليه‌السلام وكرَّم وجهه، وأخزى شانئه - زعم فيه: أنّ يزيد قتله بحقٍّ بسيف جدِّه، نعوذ بالله من الخذلان...(3) .

وقال الآلوسي في تفسيره:

وأبو بكر بن العربي المالكي - عليه من الله تعالى ما يستحقّ - أعظم الفرية

____________________

(1) تفسير الآلوسي 26 / 73.

(2) فيض القدير، المناوي 1 / 265.

(3) الجامع الصغير، للسيوطي 1 / 365، فيض القدير، المناوي 5 / 246.

١٢٦

فزعم أنّ الحسينعليه‌السلام قُتل بسيف جدِّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وله من الجهلة موافقون على ذلك:( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) (1) .

فحال هؤلاء وأمثالهم حال الذين وجدوا في ذلك الزمان وقاتلوا الحسينعليه‌السلام ، ونصروا يزيد بن معاوية دفاعاً ودباً عنه، لكي لا يموتوا ميتة جاهليّة.

وما أقول إلاّ: الحمد لله على الولاية لمحمّد وآلهعليهم‌السلام والبراءة من أعدائهم إلى يوم الدين، والحمد لله الذي قال:( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) (2) .

____________________

(1) تفسير الآلوسي 26 / 73.

(2) سورة القيامة / 14 - 15.

١٢٧

١٢٨

١٢٩

١٣٠

الفصل الثالث: قتلة الإمام الحسين عليه‌السلام

١٣١

١٣٢

ذكرنا - في كتابنا مقتل أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام من موروث أهل الخلاف - تراجم قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأقوال أهل الخلاف الدالة على التوثيق والثناء والإطراء لهم، وذكرنا أقوال الشيعة - الاثني عشريّة - الصريحة في البراءة منهم واللعن عليهم؛ وكلّ ذلك لنرى مدى ارتباط أهل الخلاف بقتلة الإمام الحسينعليه‌السلام وبمَن خالف وعادى أهل البيتعليهم‌السلام ، ومدى براءة الشيعة منهم، ونذكر هنا شيئاً من تلك التراجم.

١٣٣

عمرو بن حريث المخزومي القرشي

من أنصار بني اُميّة، وممّن خرج على مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، و...

قال ابن كثير والطبري، واللفظ للأوّل:

وبعث ابن زياد عمرو بن حريث المخزومي - وكان صاحب شرطته - ومعه عبد الرحمن ومحمّد بن الأشعث، في سبعين أو ثمانين فارساً، فلمْ يشعر مسلم بن عقيل إلاّ وقد أُحيط بالدار التي هو فيها، فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف، فأخرجهم من الدار ثلاث مرّات، وأصيبت شفته العليا والسفلى، ثمّ جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب، فضاق بهم ذرعاً فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم(1) .

أقوال أهل الخلاف فيه

قال فيه الذهبي وابن حجر، واللفظ للأوّل:

عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، أخو سعيد بن حريث. كان عمرو من بقايا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين كانوا نزلوا الكوفة، مولده قبيل الهجرة، له صحبة ورواية. ورُوى أيضاً عن أبي بكر الصديق وابن مسعود، حدَّث عنه: ابنه جعفر والحسن العرني، والمغيرة بن سبيع والوليد بن سريع، وعبد الملك بن عمير

____________________

(1) البداية والنهاية، ابن كثير 8 / 167، تاريخ الطبري 4 / 260.

١٣٤

وإسماعيل بن أبي خالد وآخرون، وآخر من رآه رؤية خلف بن خليفة، توفّي سنة خمس وثمانين، ثمّ قال الواقدي: ثمّ ولي الكوفة لزياد بن أبيه، ولابنه عبيد الله ابن زياد(1) .

وقال فيه ابن حبّان في مشاهير علماء الأمصار وكتاب الثقات، واللفظ من الأوّل: عمرو بن حريث بن عمرو المخزومي القرشي، أبو سعيد، كان مولده يوم بدر، مات سنة خمس وثمانين(2) .

وقال فيه البخاري: عمرو بن حريث، أبو سعيد المخزومي القرشي (رضي الله عنه) سكن الكوفة(3) .

وقال العجلي في معرفة الثقات: عمرو بن حريث المخزومي كوفي من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) . عمرو بن حريث عند الشيعة ملعون ناصبي.

قال فيه السيّد عليّ البروجردي (قدّس سرّه):

عمرو بن حريث، من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عدوُّ الله تعالى ملعون(5) .

وقال فيه السيّد الموحد الأبطحي (قدّس سرّه):

____________________

(1) سير أعلام النبلاء، الذهبي 3 / 418 - 419. وذكره أيضاً في كتابه الكاشف في من له رواية في الكتب الستّة 2 / 74، تحرير تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني 3 / 89، ط مؤسسة الرسالة.

(2) مشاهير علماء الأمصار، ابن حبّان / 79، كتاب الثقات لابن حبّان 5 / 179.

(3) التاريخ الكبير، البخاري 6 / 305.

(4) معرفة الثقات، العجلي 2 / 174.

(5) طرائف المقال، السيّد عليّ البروجردي (قدّس سرّه) 2 / 101.

١٣٥

فإنّ عمراً هو الذي ذكره الشيخ في الصحابة، وأيضاً في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام قائل: عمرو بن حريث عدوّ الله، ملعون. قلت: وجناياته وظلمه على آل محمّدعليهم‌السلام معروفة(1) .

وقال فيه السيّد الخوئي (قدّس سرّه):

عمرو بن حريث: من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رجال الشيخ، وعدَّه في أصحاب عليّعليه‌السلام أيضاً قائلاً: عمرو بن حريث عدوُّ الله ملعون. ويأتي في ترجمة ميثم التمّار خروج كلمة كبيرة من فيه، قاتله الله(2) .

وما أشار إليه السيّد الخوئي (قدّس سرّه)، وقال: إنّه يأتي في ترجمة ميثم... هو ما رُوي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، قال: أتى ميثم التمّار دار أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقِيل له: إنّه نائم، فنادى بأعلى صوته: انتبه أيُّها النائم! فوالله، لتخضبنّ لحيتك من رأسك. فانتبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: «أدخلوا ميثماً». فقال له: أيُّها النائم! والله لتخضبنَّ لحيتك من رأسك. فقال (ع): «صدقت، وأنت والله لتُقطعنَّ يداك ورجلاك ولسانك، وليُقطعنّ من النخلة التي بالكناسة، فتشقّ أربع قطع: فتصلب أنت على ربعها، وحجر بن عدي على ربعها، ومحمّد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها».

قال ميثم: فشككت في نفسي، وقلت: إنّ عليّاً (ع) ليخبرنا بالغيب، فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): «إيْ وربِّ الكعبة، كذا عهده إليَّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله»).

قال، فقلت: ومَن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): «ليأخذنّك العتل الزنيم، ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد».

____________________

(1) تهذيب المقال، السيّد محمّد عليّ الأبطحي (قدّس سرّه) 5 / 168.

(2) معجم رجال الحديث، السيّد الخوئي (قدّس سرّه) 14 / 92.

١٣٦

قال: وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه، فيمرُّ بالنخلة فيقول لي: يا ميثم، إنّ لك ولها شأناً من الشأن.

قال: فلمَّا ولي عبيد الله بن زياد الكوفة، ودخلها تعلَّق عَلَمُه بالنخلة التي بالكناسة فتخرَّق، فتطيَّر من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقَّها أربع قطع.

قال ميثم، فقلت لصالح ابني: فخذ مسماراً من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي، ودقَّه في بعض تلك الأجذاع.

قال: فلمَّا مضى بعد ذلك أيّام أتى قوم من أهل السوق، فقالوا: يا ميثم، انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أنْ يعزله عنَّا ويولِّي علينا غيره.

قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير! تعرف هذا المتكلِّم؟ قال: ومَن هو؟ قال: هذا ميثم التمّار الكذّاب، مولى الكذّاب عليّ بن أبي طالب (ع).

قال: فاستوى جالساً فقال لي: ما يقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الأمير! بل أنا الصادق مولى الصادق عليّ بن أبي طالب (ع) أمير المؤمنين حقّاً.

فقال لي: لتبرأنَّ من عليّ (ع)، ولتذكرنَّ مساويه وتتولَّى عثمان وتذكر محاسنه، أو لأقطعنَّ يديك ورجليك ولأصلبنَّك. فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل؟ فقلت: والله، ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكنّي بكيت من شكّ كان دخلني يوم خبَّرني سيِّدي ومولاي. فقال لي: وما قال لك مولاك؟

قال، فقلت: أتيت الباب فقِيل لي: إنّه نائم. فناديت: انتبه أيُّها النائم! فوالله، لتخضبنَّ لحيتك من رأسك. فقال (ع): «صدقت، وأنت والله لتُقطعنَّ يداك ورجلاك ولسانك ولتُصلبنّ». فقلت: ومَن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ فقال: «يأخذك العتل الزنيم، ابن الأمَة الفاجرة عبيد الله بن زياد».

١٣٧

قال: فامتلأ غيظاً، ثمّ قال لي: والله لأقطعنَّ يديك ورجليك، ولأدعنَّ لسانك حتّى أكذبك وأكذب مولاك، فأُمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثمّ أُخرج وأُمر به أنْ يُصلب، فنادى بأعلى صوته: أيُّها الناس، مَن أراد أنْ يسمع الحديث المكنون عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدِّثهم بالعجائب.

قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: ميثم التمّار يحدِّث الناس عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

قال: فانصرف مسرعاً فقال: أصلح الله الأمير! بادر وابعث إلى هذا مَن يقطع لسانه، فإنّي لست آمن أنْ تتغيَّر قلوب أهل الكوفة، فيخرجوا عليك.

قال: فالتفت إلى حرسيّ فوق رأسه، فقال: اذهب فاقطع لسانه.

قال: فأتاه الحرسيّ فقال له: يا ميثم. قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه. قال ميثم: ألاَ زعم ابن الأمَة الفاجرة أنّه يكذّبني ويكذّب مولاي، هاك لساني؟!

قال: فقطع لسانه فتشحَّط ساعة في دمه، ثمّ مات وأمر به فصُلب.

قال صالح: فمضيت بعد ذلك بأيّام فإذا هو صُلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار(1) .

____________________

(1) معجم رجال الحديث، السيّد الخوئي (قدّس سرّه) 20 / 107، الاختصاص، الشيخ المفيد (قدّس سرّه) / 75، اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) 1 / 297، بحار الأنوار، العلامة المجلسي (قدّس سرّه) 24 / 132، مسند الإمام الرضاعليه‌السلام ، الشيخ عزيز الله عطاردي 2 / 451، مواقف الشيعة، الأحمدي الميانجي 3 / 155، روضة الواعظين، الفتّال النيسابوري (قدّس سرّه) / 288.

أقول: وقد تقدَّم مقتله (قدّس سرّه) بحذف هذه الكلمة عن ابن حجر العسقلاني، في الهامش الرابع من الأمر الثاني عشر.

١٣٨

عزرة بن قيس الأحمسي

من رؤساء قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وممّن كتب إليهعليه‌السلام ، وممّن أصرَّ على ماهو عليه حين نصحه زهير بن القين (قدّس سرّه)، و...

فقد روى الطبري، قال:

قال أبو مخنف: حدَّثني فضيل بن خديج الكندي، عن محمّد بن بشر، عن عمرو الحضرمي، قال: لمَّا خرج عمر بن سعد بالناس، كان على ربع أهل المدينة يومئذ عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن ابن أبي سبرة الحنفي، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس، وعلى ربع تميم وهمدان الحرّ بن يزيد الرياحي، فشهد هؤلاء كلّهم مقتل الحسين إلاّ الحرّ بن يزيد، فإنّه عدل إلى الحسينعليه‌السلام وقتل معه، وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحجّاج الزبيدي، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية - وهو الضباب بن كلاب - وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي، وعلى الرجال شبث بن ربعي اليربوعي، وأعطى الراية ذويداً مولاه(1) .

أقوال أهل الخلاف فيه

قال ابن سعد:

عزرة بن قيس البجلي، من أحمس من بني دهن من أنفسهم، روى عن خالد بن الوليد، وكان معه في مغازيه بالشام، وروى أبو وائل عن عزرة بن قيس(2) .

وقال ابن حجر:

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 317.

(2) الطبقات الكبرى، محمّد بن سعد 6 / 212.

١٣٩

وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى(1) .

وذكره ابن حبّان في ثقاته، قال: عزرة بن قيس البجلي، يروي عن خالد بن الوليد، روى عنه أبو وائل شقيق ابن سلمة(2) .

وقال الذهبي: عزرة بن قيس، من قدماء التابعين بالكوفة، روى عنه أبو وائل وحده(3) .

وقال محمّد بن عليّ بن حمزة:

عزرة بن قيس البجلي عن خالد بن الوليد، وكان معه في مغازيه بالشام، وعنه أبو وائل شقيق بن سلمة، ذكره ابن حبّان في الثقات(4) .

الزبير بن الأروح

من الموالين والناصحين لبني اُميّة، وهو ممّن أخذ رأسي مسلمعليه‌السلام وهانئ (قدّس سرّه) إلى يزيد.

روى ابن عساكر وغيره من المؤرِّخين، واللفظ له، قال:

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني، عن عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا هارون الميداني، أخبرنا أبو سليمان بن زبر، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، أخبرنا محمّد بن جرير الطبري، قال: حدث عن هشام بن محمّد الكلبي قال، قال أبو مخنف: عن أبي جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبي، قال: ثمّ إنّ

____________________

(1) الإصابة، ابن حجر 5 / 97.

(2) الثقات، ابن حبّان 5 / 279.

(3) ميزان الاعتدال، الذهبي 3 / 66.

(4) مَن له رواية في مسند أحمد، محمّد بن عليّ بن حمزة / 294.

١٤٠