من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟0%

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 265

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 265
المشاهدات: 70832
تحميل: 5486

توضيحات:

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 265 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70832 / تحميل: 5486
الحجم الحجم الحجم
من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

* * *

١٨١

الفصل الرابع: يزيد بن معاوية

١٨٢

١٨٣

يزيد بن معاوية

شارب الخمور والمعلن بالفسوق، وناكح الاُمّهات والأخوات، وقاتل سيّد شباب أهل الجنّة (صلوات الله عليه)، والهاتك حرمة أهل البيتعليهم‌السلام ، والسابُّ لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، والهاتك حرمة المدينة حتّى قتل فيها الصحابة والقرَّاء وهتك الأعراض، وولدت الأبكار و... و...

والحديث حول سوء سيرته وقبح سريرته طويل، فراجع ذلك مفصلاً في كتاب مقتل أبي عبد الله الحسين (ع) من موروث أهل الخلاف، ولكنَّنا نذكر هنا فصلاً مختصراً يُبيِّن شيئاً من حاله، ليقف القارئ الكريم على حال أتباعه، كما قال الشاعر:

إذا كان ربُّ البيت بالدفِّ مولعاً

فشيمة أهل البيت كلِّهم الرقص

يزيد بن معاوية موبقة من موبقات معاوية

روى الطبري وابن الأثير، وابن الجوزي وأبو المحاسن، وابن أبي الحديد والقندوزي والنويري، وعبد القادر البغدادي والقاضي التنوخي، واللفظ للأوّل، قال:

قال أبو مخنف: عن الصقعب بن زهير، عن الحسن البصري، قال: أربع خصال كنَّ في معاوية لو لمْ يكن فيه منهنَّ إلاّ واحدة، لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الاُمّة بالسفهاء حتّى ابتزَّها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكِّيراً خمِّيراً، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادِّعاؤه زياداً وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر،

١٨٤

وقتله حجراً، ويلاً له من حجر مرّتين!»(1) .

ورُوي عن الشافعي أنّه أسرَّ إلى الربيع أنْ لا يقبل شهادة أربعة، وهم: معاوية وعمرو بن العاص، والمغيرة وزياد(2) .

وقال عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي:

وروى الزبير بن بكار في الموفقيّات، ورواه جميع الناس ممّن عني بنقل الآثار والسير، عن الحسن البصري: أربع خصال كنَّ في معاوية لو لمْ يكن فيه إلاّ واحدة منهن لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الاُمّة بالسفهاء حتّى ابتزَّها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه بعده ابنه يزيد سكِّيراً خمِّيراً، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادِّعاؤه زياداً وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجر بن عدي وأصحابه، فيا ويله من حجر وأصحاب حجر!»(3) .

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 232، الكامل في التاريخ لابن الأثير 3 / 337، المنتظم في تاريخ الملوك والاُمم لابن الجوزي 5 / 243، النجوم الزاهرة لأبي المحاسن 1 / 141، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 2 / 262، و 16 / 193، ينابيع المودّة لذوي القربى، القندوزي 2 / 27، نهاية الإرب في فنون الأدب للنويري / 12391، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة، خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي / 4554، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة، قال:

وروى ابن الجوزي بإسناده عن الحسن البصري... الفرج بعد الشدّة للقاضي التنوخي / 1347، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

(2) ما بين القوسين من خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي / 4554، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

(3) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 2 / 262.

١٨٥

يزيد أوَّل من سنّ الملاهي في الإسلام

قال الأصفهاني:

وقال: كان يزيد بن معاوية أوَّل من سنَّ الملاهي في الإسلام من الخلفاء، وآوى المغنِّين وأظهر الفتك، وشرب الخمر. وكان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه، والأخطل الشاعر النصراني. وكان يأتيه من المغنّين سائب خاثر فيُقيم عنده فيخلع عليه...(1) .

وقال البلاذري:

كان يزيد بن معاوية أوَّل من أظهر شرب الشراب، والاستهتار بالغناء والصيد، واتّخاذ القيان والغلمان، والتفكُّه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعاقرة بالكلاب والديكة(2) .

ما فعله مع أهل البيت عليهم‌السلام على سبيل الاختصار (3)

ذكرنا في كتاب المقتل: ما فعله يزيد بأهل البيتعليهم‌السلام ، ونذكر هنا شيئاً يسيراً من ذلك:

قال أبو الفرج ابن الجوزي:

قلت: ليس العجب من فعل عمر بن سعد، وعبيد الله بن زياد بما صنعوا وأتوا إلى أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عظيم الإجرام، وإنّما العجب من خذلان يزيد، وضربه بالقضيب على ثنية الحسينعليه‌السلام ، وإعادته رأسه الشريف إلى

____________________

(1) الأغاني، الأصفهاني 17 / 301، وفي ط 16 / 68.

(2) أنساب الأشراف، البلاذري 3 / 81، وفي ط دار الفكر - بيروت - 5 / 299.

(3) وتفصيل ذلك، ذكرته في آخر الفصل الخامس من كتاب المقتل.

١٨٦

المدينة، وقد تغيَّرت ريحه لبلوغه(1) الغرض الفاسد، أفيجوز أنْ يفعل هذا بالخوارج؟ أو ليس في الشرع أنّهم يُصلَّى عليهم ويدفنون؟!

أمّا قوله يزيد: لي أنْ أهبهم، فأمر لا يقع لفاعله ومعتقده إلاّ اللعنة!

ولو أنّه احترم الرأس حين وصوله إليه وصلَّى عليه، ولمْ يتركه في طست ولمْ يضربه بقضيب ما الذي كان يضرُّه، وقد حصل مقصوده من القتل؟

لكن أحقاد جاهليّة، ودليلها ما تقدَّم من إنشاده [ شعر ابن الزبعرى ]:

____________________

(1) وقد ذُكر عن المقريزي ما يدلّ على خلاف هذا المقطع، قال عليّ فكري: فكشف الحجب عن تلك الذخيرة النبويّة، أي: رأس الحسينعليه‌السلام ، فوجد دمها لمْ يجف، ووجد لها رائحة أطيب من المسك - كما قال المقريزي -. أحسن القصص، الشريف عليّ فكري الحسيني القاهري 4 / 255، ط بيروت، نقلاً عن إحقاق الحقّ 33 / 706.

أقول: وأمَّا على قول الشيعة بأن رأسه الشريف دفن في كربلاءفيحتمل قوياً أنه رأس أحد أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وعلى هذا يكون بقاء رأس سيّد شباب أهل الجنة وريحانة أفضل رسل اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدون تغيُّر من باب الأولى، فهذه رؤوس كثيرة لم تتغيَّر ما يقارب مائتين وخمسين سنة.

فقد جاء في صلة تاريخ الطبري للقرطبي / 43 قال:

وفيها، أي: في سنة 304 هـ، ورد الكتاب من خراسان يذكر فيه أنّه وجد بالقندهار في أبراج سورها برج متّصل بها، فيه خمسة آلاف رأس في سلال من حشيش، ومن هذه الرؤوس تسعة وعشرون رأساً، في أذن كلّ رأس منها رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم كلّ رجل منهم، والأسماء:

شريح بن حيّان، خباب بن الزبير، الخليل بن موسى التميمي، الحارث بن عبد الله، طلق بن معاذ السلمي، حاتم بن حسنة، هانئ بن عروة، عمر بن علان، جرير بن عباد المدني، جابر بن خبيب بن الزبير، فرقد بن الزبير السعدي، عبد الله بن سليمان بن عمارة، سليمان بن عمارة، مالك بن طرخان صاحب لواء عقيل بن السهيل بن عمرو، عمرو بن حيّان، سعيد بن عتاب الكندي، حبيب بن أنس، هارون بن عروة، غيلان بن العلاء، جبريل بن عبادة، عبد الله البجلي، مطرف بن صبح ختن عثمان بن عفان. وجدوا على حالهم إلاّ أنّهم قد جفَّت جلودهم، والشعر عليها بحالته لمْ يتغيَّر، وفي الرقاع: من سنة 70 من الهجرة.

١٨٧

ليت أشياخي ببدر شهدوا

...........................(1)

وتعرَّض سبط ابن الجوزي في تذكرته إلى ما ذكره جدُّه، فقال:

وقال جدِّي: ليس العجب من قتال ابن زياد الحسينعليه‌السلام ، وتسليطه عمر بن سعد على قتله والشمر، وحمل الرؤوس إليه، وإنّما العجب من خذلان يزيد وضربه بالقضيب ثناياه، وحمل آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبايا على أقتاب الجمال، وعزمه على أنْ يدفع فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام إلى الرجل الذي طلبها، وإنشاده أبيات ابن الزبعرى:

ليت أشياخي ببدر شهدوا

............................

وردِّه الرأس إلى المدينة، وقد ظن أنّه تغيَّر ريحه(2) ، وما كان مقصوده إلا الفضيحة وإظهار رائحة الرأس، أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج؟ أليس بإجماع المسلمين أن الخوارج والبغاة يكفنون ويصلى عليهم ويدفنون؟ وكذا قول يزيد: لي أنْ أسبيكم لمَّا طلب الرجل فاطمة بنت الحسينعليهما‌السلام ، وهذا قول لا يقنع لقائله وفاعله باللعنة، ولو لمْ يكن في قلبه أحقاد جاهليّة، وأضغان بدرّيّة لَاحترم الرأس لمَّا وصل إليه، ولمْ يضربه بالقضيب، وكفَّنه ودفنه، وأحسن إلى آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (3) .

يزيد بن معاوية قاتل الإمام الحسينعليه‌السلام

إنّ لكلِّ حزب أنصاراً، ولكلِّ رئيس أعوان يتبعونه ويسيرون على نهجه، وقد سخَّر الشيطان حزباً ليزيد بن معاوية، يسيرون على نهجه ويمدحونه، ويذبُّون

____________________

(1) كتاب الردّ على المتعصب العنيد، أبو الفرج ابن الجوزي / 52 - 53.

(2) فيه إشارة: إلى عدم تغيُّره، بل ريح رأسهعليه‌السلام أطيب من المسك، كما تقدّم في هامش الصفحة السابقة.

(3) تذكرة الخواص، ابن الجوزي / 260، ط منشورات الشريف الرضيّ، ينابيع المودّة لذوي القربى، القندوزي 3 / 29 عن ابن الجوزي.

١٨٨

عنه كي لا يمسّ بكلمة سوء، فأخذت ثلَّة على نفسها الدفاع عنه وتبرئة ساحته، وكلّ بحسب طاقته وقربه من سيّده ومولاه يزيد بن معاوية، وهؤلاء أرادوا نصرة أعداء الدين، ومعاداة أنصاره.

قال سبط ابن الجوزي:

وقال جدِّي: وصنَّف القاضي أبو يعلى كتاباً ذكر فيه بيان مَن يستحقّ اللعن، وذكر منهم يزيد. وقال في الكتاب المذكور: الممتنع من جواز لعن يزيد إمَّا أنْ يكون غير عالم بذلك، أو منافقاً يُريد أنْ يوهم بذلك، وربما استفز - استغرـ الجهّال بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «المؤمن لا يكون لعَّاناً».

قال القاضي: وهذا محمول على مَن لا يستحقّ اللعن(1) .

ونذكر أقوال بعض مَن صرَّح بقتل يزيد بن معاوية (لعنه الله) الإمام الحسينعليه‌السلام :

قول ابن عبّاس

روى الفسوي جواب ابن عبّاس (قدّس سرّه) لكتاب يزيد بن معاوية مخاطباً له قائلاً:

... وقد قتلت حسيناً (ع) وفتيان عبد المطلب، مصابيح الهدى ونجوم الأعلام، غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد، مزمَّلين بالدماء، مسلوبين بالعراء، لا مكفَّنين ولا موسَّدين، تسفو عليهم الرياح، وتنتابهم عرج الضباع، حتّى أتاح الله عزَّ وجلَّ لهم بقوم لمْ يشركوا في دمائهم، كفَّنوهم وأجنُّوهم، وبي وبهم والله عززت، وجلست مجلسك الذي جلست.

فما أنسى من الأشياء فلست بناسٍ إطرادك حسيناً (ع) من حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى حرم الله عزَّ وجلَّ، وتسييرك إليه الرجال لقتله في الحرم، فما زلت بذلك

____________________

(1) تذكرة الخواص، سبط ابن الجوزي / 257 - 258، طبعة منشورات الشريف الرضيّ.

١٨٩

وعلى ذلك حتّى أشخصته من مكّة إلى العراق، فخرج خائفاً يترقَّب، فتزلزلت به خيلك عداوة منك لله عزَّ وجلَّ ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولأهل بيتهعليهم‌السلام ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً، أولئك لا كآبائك الجلاف الجفاة أكباد الحمير، فطلب إليكم الموادعة، وسألكم الرجعة، فاغتنمتم قلَّة أنصاره واستئصال أهل بيته، فتعاونتم عليه، كأنّكم قتلتم أهل بيت من الترك(1) .

قول المعتضد الخليفة العبّاسي:

فقد تكلَّم في ذمِّ بني اُميّة حتّى وصل إلى يزيد بن معاوية وذكر فيه ما ذكر، فقال:

ثمّ من أغلظ ما انتهك وأعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن عليّعليه‌السلام وابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع موقعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومكانه منه ومنزلته من الدين والفضل، وشهادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله له ولأخيه بسيّدة شباب أهل الجنة، اجتراء على الله وكفراً بدينه، وعداوة لرسوله، ومجاهدة لعترته، واستهانة بحرمته، فكأنّما يقتل به وبأهل بيته قوماً من كفار أهل الترك والديلم، لا يخاف من الله نقمة، ولا يرقب منه سطوة، فبتر الله عمره، واجتثَّ أصله وفرعه، وسلبه ما تحت يده، وأعدَّ له من

____________________

(1) المعرفة والتاريخ للفسوي 1 / 531، مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي 2 / 85، تاريخ دمشق لابن عساكر 24 / 243 بطريق مختلف، المعجم الكبير للطبراني 10 / 242 بسند آخر. وذكره سبط ابن الجوزي عن الواقدي، وهشام وابن إسحاق وغيرهم، قالوا: لمَّا قتل الحسين (ع)... إلخ. وساق ما جرى بينهما، في تذكرة الخواص / 247، طبعة منشورات الشريف الرضيّ، اليعقوبي في تاريخه 2 / 247 - 250، وقد ذكرناها مفصلة في المقتل في مواقف ابن عبّاس (رضوان الله) عليه عند خروج الحسينعليه‌السلام من مكّة.

١٩٠

عذابه وعقوبته ما استحقه من الله بمعصيته...(1)

قول معاوية بن يزيد

ذكر اليعقوبي والدميري، وابن حجر الهيتمي والقندوزي، واللفظ للأوّل:

فخطب معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، قائلاً... ثمّ، قلَّد أبي وكان غير خليق للخير، فركب هواه، واستحسن خطأه، وعظم رجاؤه، فأخلفه الأمل، وقصر عنه الأجل، فقلَّت منعته، وانقطعت مدَّته، وصار في حفرته رهناً بذنبه، وأسيراً بجرمه.

ثمّ بكى، وقال: إنّ أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول، وأباح الحرمة وحرق الكعبة، وما أنا المتقلِّد أموركم، ولا المتحمِّل تبعاتكم، فشأنكم أمركم، فوالله، لئن كانت الدنيا مغنماً لقد نلنا منها حظاً، وإنْ تكن شرّاً فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها(2) .

قول أحمد بن حنبل

قال محمّد رضا: وقال الإمام ابن حنبل بكفر يزيد، ونقل صالح بن أحمد بن حنبل رضي الله عنهما، قال: قلت لأبي: يا أبت! أتلعن يزيد؟ فقال: يا بنيَّ! كيف لا نلعن من لعنه الله تعالى في ثلاث آيات من كتابه العزيز، في الرعد والقتال والأحزاب، قال تعالى:( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (3) . وأيُّ قطيعة أفظع من قطيعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ابن بنته

____________________

(1) تاريخ الطبري 5 / 623، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 15 / 178.

(2) تاريخ اليعقوبي 2 / 254، حياة الحيوان 2 / 88 الإوز، الصواعق المحرقة / 224، وفي ط / 134، ينابيع المودّة للقندوزي 3 / 36.

(3) سورة الرعد / 25.

١٩١

الزهراء؟ وقال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) (1) . وأيُّ أذية لهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوق قتل ابن بنته الزهراء؟ وقال تعالى:( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) (2) . وهل بعد قتل الحسينعليه‌السلام إفساد في الأرض أو قطيعة للأرحام؟(3) .

قول الشهاب الآلوسي

قال الآلوسي بعدما ذكر المباني في اللعن:

وعلى هذا القول لا توقُّف في لعن يزيد؛ لكثرة أوصافه الخبيثة، وارتكابه الكبائر في جميع أيّام تكليفه، ويكفي ما فعله أيّام استيلائه بأهل المدينة ومكّة. فقد روى الطبراني بسند حسن: اللهمّ، مَن ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه (لعنة الله) والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل) والطامَّة الكبرى ما فعله بأهل البيتعليهم‌السلام ، ورضاه بقتل الحسينعليه‌السلام على جدِّه و(عليه الصلاة والسلام) واستبشاره بذلك، وإهانته لأهل بيته ممّا تواتر معناه وإنْ كانت تفاصيله آحاداً(4) .

قول ابن الجوزي

____________________

(1) سورة الأحزاب / 57.

(2) سورة محمّد / 22 - 23.

(3) الحسن والحسين سبطا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمحمّد رضا، أمين مكتبة جامعة فؤاد الأوَّل سابقاً / 143، ط دار الكتب العلمية - بيروت - نقلاً عن إحقاق الحقّ 33 / 666.

(4) روح المعاني، الآلوسي 26 / 72.

١٩٢

وقال المنّاوي:

قِيل لابن الجوزي، وهو على كرسي الوعظ: كيف يُقال: يزيد قتل الحسينعليه‌السلام وهو بدمشق، والحسينعليه‌السلام بالعراق؟ فقال:

سهمٌ أَصَابَ وراميه بذي سَلَمٍ

مَنْ بالعراقِ لقد أبعدتَ مَرْمَاكا(1)

قول التفتازاني

وقال المنّاوي:

قال التفتازانيى: الحقّ أنّ رضى يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام وإهانته أهل البيتعليهم‌السلام ممّا تواتر معناه، وإنْ كان تفاصيله آحاداً، فنحن لا نتوقَّف في شأنه بل في إيمانه (لعنة الله عليه) وعلى أنصاره وأعوانه.

قال الزين العراقي، وقوله: بل في إيمانه، أي: بل لا يتوقَّف في عدم إيمانه بقرينة ما قبله وما بعده(2) .

قول الذهبي

قال الذهبي وكان ناصبياً، فظاً غليظاً، جلفاً، يتناول المسكر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسينعليه‌السلام ، واختتمها بواقعة الحرّة، فمقته الناس، ولمْ يبارك في عمره، وخرج عليه غير واحد بعد الحسينعليه‌السلام كأهل المدينة قاموا لله، وكمرداس بن أدية الحنظلي البصري، ونافع بن الأزرق(3) .

____________________

(1) فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي 1 / 265، شذرات الذهب، ابن العماد الحنبلي 1 / 68، وفي ط / 122.

(2) فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي 3 / 109.

(3) سير أعلام النبلاء، الذهبي 4 / 37.

١٩٣

قول الجاحظ

قال الجاحظ:

إنّ الجرائم التي ارتكبها يزيد من قتله للإمام الحسينعليه‌السلام وإخافته لأهل المدينة، وخرابه الكعبة وأسره لبنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضربه ثنايا الحسينعليه‌السلام بالعصا، ألاَ تُعدُّ دليلاً على قساوته وعداوته وكرهه وحقده وعناده ونفاقه، أمْ أنّها تدلّ على محبته وإخلاصه للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله عليهم السلام؟!

ثمّ إنّه قال: وعلى أيِّ حال فهذه الأعمال مصداق لفسقه وضلاله، فهو فاسق ملعون، وكلُّ مَن منع من لعنه فهو ملعون(1) .

وقال أيضاً:

ثمّ الذي كان من يزيد ابنه ومن عُمَّاله وأهل نُصرته، ثمّ غزو مكّة، ورمي الكعبة، واستباحة المدينة، وقتل الحسينعليه‌السلام في أكثر أهل بيته، مصابيح الظلام، وأوتاد الإسلام، بعد الذي أعطى من نفسه من تفريق أتْباعه، والرجوع إلى داره وحرمه، أوالذَّهاب في الأرض حتّى لا يُحسَّ به، أو المقام حيث أمر به، فأبوا إلاّ قَتْله والنُّزول على حكمهم، وسواء قتل نفسه بيده، أو أسلمها إلى عدوِّه وخيَّر فيها مَن لا يبرد غليله إلاّ بُشرْب دمه(2) .

قول المناوي

قال المناوي:

ومن مجازفات بن العربي أنّه... ألَّف كتابًا في شأن مولانا الحسين (ع)، وأخزى شانئه، زعم فيه: أنّ يزيد قتله بحقٍّ بسيف جدِّه، نعوذ بالله من

____________________

(1) رسائل الجاحظ / 298، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

(2) رسائل الجاحظ / 465، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

١٩٤

الخذلان...(1) .

وغير هؤلاء الكثير الكثير من صرَّحوا بقتل يزيد (لعنه الله) للإمام الحسينعليه‌السلام .

تقريبه ابن زياد لقتله الإمام الحسينعليه‌السلام

قال المسعودي:

وكان يزيد صاحب طرب وجوارح، وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب. وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسينعليه‌السلام ، فأقبل على ساقيه فقال:

اسقني شربةً تروِّي مشاشي

ثمّ مِلْ فاسقِ مِثْلَها ابنَ زيادِ

صاحبَ السرِّ والأمانةِ عندي

ولتسديدِ مغنمي وجهادي

ثمّ أمر المغنين فغنَّوا به(2) .

وقال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص:

قلت: والذي يدلّ على هذا(3) أنّه استدعى ابن زياد إليه، وأعطاه أموالاً كثيرة، وتحفاً عظيمة وقرَّب مجلسه، ورفع منزلته وأدخله على نسائه، وجعله نديمه وسكر ليلة، وقال للمغنّي: غَنِّ. ثمّ قال يزيد بديهيّاً:

اسقني شربةً تروِّي فؤادي

ثمّ مِلْ فاسقِ مِثْلَها ابنَ زيادِ

صاحبَ السرِّ والأمانةِ عندي

ولتسديدِ مغنمي وجهادي

قاتِلَ الخارجيِّ أعني حسيناً

ومبيدَ الأعداءِ والحسادِ(4)

____________________

(1) فيض القدير، المناوي 5 / 246، الجامع الصغير للسيوطي 1 / 365.

(2) مروج الذهب، المسعودي 3 / 67، طبعة دار الهجرة.

(3) أي: على وجود الأحقاد البدريّة والخيبريّة، ووجوب اللعنة عليه.

(4) تذكرة الخواص / 260، طبعة منشورات الشريف الرضيّ.

١٩٥

وقال الشبراوي:

قال أبو الفضل: وبعد أنْ وصل الرأس الشريف إلى دمشق، وُضع في طست بين يدي يزيد، وصار يضرب ثناياه الشريفة بقضيب، ثمّ أمر بصلبه فصلب ثلاثة أيّام بدمشق. وشكر لابن زياد صنيعه، وبالغ في إكرامه ورفعته، حتّى صار يدخل على نسائه، ثمّ ترك الرأس الشريف بعد صلبه في خزانة السلاح...(1) .

أمره بزيادة عطاء قتلة الإمام الحسين عليه‌السلام

روى البلاذري، قال:

وحدَّثني العمري، عن الهيثم بن عدي، عن مجالد بن سعيد قال: كتب يزيد إلى ابن زياد: أمَّا بعد، فزدْ أهل الكوفة أهل السمع والطاعة في عطيَّاتهم مئة مئة(2) .

____________________

(1) الإتحاف بحب الأشراف، الشبراوي / 69 - 70.

(2) أنساب الأشراف، البلاذري 3 / 420.

١٩٦

ما فعله في واقعة الحرّة

وصية معاوية لابنه يزيد في أهل المدينة

روى ابن عساكر والهيثمي، واللفظ للأوّل، قال:

أنبأنا أبو عليّ الحداد، أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة، أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدَّثنا عليّ بن المبارك الصنعاني، حدَّثنا زيد بن المبارك، حدَّثني عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، أخبرني محمّد بن سعيد - يعني: ابن رمانة -(1) : أنّ معاوية لمَّا حضره الموت، قال ليزيد بن معاوية: قد وطَّأت لك البلاد، وفرشت لك الناس، ولست أخاف عليك إلاّ أهل الحجاز، فإنّ رابك منهم ريبة فوجِّه إليهم مسلم بن عقبة المرّي؛ فإنّي قد جرَّبته غير مرّة، فلمْ أجد له مثلاً في طاعته ونصيحته.

فلمَّا جاء يزيد بن معاوية خلاف ابن الزبير ودعاؤه إلى نفسه دعا مسلم بن عقبة المرّي، وقد أصابه الفالج، فقال: إنّ أمير المؤمنين عهد إليَّ في مرضه إنْ رابني من أهل الحجاز ريب أنْ أوجِّهك إليهم، وقد رابني، فقال: إنّي كما ظنّ أمير المؤمنين، اعقد لي وعبِّء الجيوش.

قال: فورد المدينة فأباحها ثلاثةً، ثمّ دعاهم إلى بيعة يزيد على أنّهم أعبد

____________________

(1) ما بين القوسين قول الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 249.

١٩٧

قنٌّ في طاعة الله ومعصيته، فأجابوه إلى ذلك إلاّ رجلاً واحداً(1) من قريش اُمّه اُم ولد، فقال له: بايع ليزيد على أنّك عبد في طاعة الله ومعصيته. قال: لا بل في طاعة الله. فأبى أنْ يقبل ذلك منه وقتله، فأقسمت اُمُّه قسماً لئن أمكنها الله من مسلم حيّاً أو ميّتاً أنْ تحرقه بالنار.

قال: فلمَّا خرج مسلم من المدينة اشتدَّت علَّته فمات، فخرجت اُم القرشي بأعبدٍ لها إلى قبر مسلم، فأمرت به أنْ يُنبش من عند رأسه، فلمَّا وصلوا إليه إذا بثعبان قد التوى على عنقه قابضاً بأرنبة أنفه يمصُّها.

قال: فكاع القوم عنه، وقالوا: يا مولاتنا، انصرفي قد كفاك الله شرَّه. وأخبروها الخبر، قالت: لا، أوافي الله بما وعدته، ثمّ قالت: انبشوا من عند الرجلين، فنبشوا فإذا الثعبان لاوي ذنبه برجليه.

قال: فتنحَّت فصلت ركعتين، ثمّ قالت: اللهمّ، إنْ كنت تعلم أنّي إنّما غضبت على مسلم بن عقبة اليوم لك، فخلِّ بيني وبينه.

قال: ثمّ تناولت عوداً، فمضت في ذنب الثعبان، فحرَّكته فانسلَّ من مؤخَّر رأسه فخرج من القبر، ثمّ أمرت به، فأخرج وأحرق بالنار.

قال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، ضعَّفه أبو زرعة ووثقه ابن حبّان وغيره، وابن رمانة لمْ أعرفه(2) .

أقول: ومحمّد بن سعيد بن رمانة: ذكره ابن حبّان في الثقات(3) ، وهو من

____________________

(1) وفي المطبوع: إلاّ رجل واحد. والصحيح ما أثبتناه، وهو موافق لمَا في مجمع الزوائد.

(2) مجمع الزوائد، الهيثمي 7 / 249، تاريخ دمشق، ابن عساكر 58 / 114.

(3) الثقات، ابن حبّان 9 / 35.

١٩٨

رجال البخاري أيضاً(1) .

ما ذكره الزرقاني والعاصمي من عدد جيش الشام وقتله الصحابة وفضِّه الأبكار... و... ومسح دم الافتضاض بالقرآن الكريم!

قال الزرقاني والسيوطي، واللفظ للأوّل:

ويوم الحرَّة - بفتح الحاء المهملة والراء المشدّدة أرض ذات حجارة سود، كأنّها أُحرقت بالنار بظاهر المدينة - كانت به الوقعة بين أهلها وبين عسكر يزيد بن معاوية، وهو سبع وعشرون ألف فارس وخمسة عشر ألف راجل، سنة ثلاث وستّين، بسبب خلع أهل المدينة يزيد، وولَّوا على قريش عبد الله بن مطيع، وعلى الأنصار عبد الله بن حنظلة، وأخرجوا عامل يزيد عثمان بن محمّد بن أبي سفيان من بين أظهرهم، فأباح مسلم بن عقبة أمير جيش يزيد المدينة ثلاثة أيّام، يقتلون ويأخذون النهب، ووقعوا على النساء حتّى قِيل: حملت في تلك الأيّام ألف امرأة بغير زوج، وافتض فيها ألف عذراء، وبلغت القتلى من وجوه الناس سبعمئة من قريش والأنصار، ومن الموالي وغيرهم من نساء وصبيان وعبيد عشرة آلاف.

وقِيل: قُتل من القرّاء سبعمئة، ثمّ أخذ عقبة عليهم البيعة ليزيد على

____________________

(1) تهذيب التهذيب، ابن حجر 9 / 165، قال: محمّد بن سعيد بن رمانة - بضمّ المهملة والتشديد - عداده في أهل اليمن. روى عن أبيه، روى عنه عبد الملك بن محمّد الذماري الصنعاني، وقع ذكره في أوَّل الجنائز من صحيح البخاري ضمناً، فقال: وقِيل لوهب بن منبه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنّة؟! الحديث الموقوف، ووصله في التاريخ عن إسحاق بن راهويه، عن عبدالملك، وهو على شرط المزّي في ذكره عبد الرحمن بن فروخ.

أقول، الظاهر من قوله: ذكره... ضمناً، أنّ البخاري ذكر الحديث الذي يرويه عن ابن رمّانة ولمْ يصرّح برجاله إلى الحديث، نعم، قد صرّح بهم في تاريخه الموسوم بتاريخ البخاري 1 / 95، رقم الحديث 261.

١٩٩

أنّهم عبيده إنْ شاء عتق وإنْ شاء قتل.

وفي البخاري عن سعيد بن المسيّب: أنّ هذه الوقعة لمْ تبقَ من أصحاب الحديبيّة أحداً، ثمّ سار إلى قتال ابن الزبير بمكّة، فمات بقديد واستخلف على الجيش حصين بن نمير بعهد يزيد إليه(1) .

وقال العاصمي الشافعي:

وقُتل في ذلك اليوم من وجوه المهاجرين والأنصار ألف وسبعمئة رجل، وقِيل: من أخلاط الناس عشرة آلاف، سوى النساء والصبيان، ونهبوا وأفسدوا، واستحلّوا الحرم في مسجده (عليه الصلاة والسلام) ولمْ يبقَ في المسجد إلاّ سعيد بن المسيّب، جعل نفسه ولهاناً خبلاً فتركوه، وكان يقول: كنت أسمع عند مواقيت الصلاة همهمة من الحجرة المطهرة، وافتضّ فيها ألف عذراء، وإنْ مفتضَّها فعل ذلك أمام الوجه الشريف، والتمس ما يمسح به الدم فلمْ يجد ففتح مصحفاً قريباً منه، ثمّ أخذ من أوراقه ورقة فمسح به الدم. نعوذ بالله ما هذا! إلاّ صريح الكفر وأنتنه(2) .

وقال سبط بن الجوزي وجدُّه، واللفظ للأوّل، قال:

وذكر المدائني في كتاب الحرّة عن الزهري، قال: كان القتلى يوم الحرّة سبعمئة من وجوه الناس: قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الموالي؛ وأمَّا مَن لمْ يُعرف من عبد أو حرّ أو امرأة فعشرة آلاف، وخاض الناس في الدماء حتّى

____________________

(1) شرح الزرقاني لموطأ مالك 3 / 153، تاريخ الخلفاء / 195، وفي ط: 209 بإيجاز.

(2) سمط النجوم العوالي 3 / 202 - 203.

٢٠٠