الخمر، وكان مولعاً بالقرود والفهود، حتّى أباح مدينة الرسول، وكانت هناك من المنكرات ما يندى لها الجبين، وأعماله كلّها في مدّة خلافته كانت مضادة للإسلام.
قال الشعبي: كانت ليزيد أخت تسمّى هنداً، فلمّا رأت أسرى أهل البيت، قالت: أيّها الأسرى أيكنّ اُمّ كلثوم أخت الحسين؟
فقالت اُمّ كلثوم: ويلك! ها أنا ابنة الإمام الزكي، والهمام التقي، والصمصام النقي، أمير المؤمنين، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين، الذي قرن الله طاعته بطاعته، وعقابه بمعصيته، والذي فرض الله تعالى ولايته على البدوي والحضري، فهو مبيد الأقران والفرسان، والمتوّج بتاج الولاية والسلطان، وهو الذي كسر اللات والعزّى، وطهّر البيت والصفا.
فلمّا سمعت أخت يزيد ذلك قالت: يا اُمّ كلثوم، ولأجل ذلك أُخذتم، وبمثله طُلبتم، وهو أنتم يا بني عبد المطلب، بمثل ربيعة وأبي جهل وأضرابهم تُسفك دماؤكم، أنسينا أباكِ يوم بدر وما قتل من رجالنا؟!
فقالت أم كلثوم: يا بنت مَنْ خبث من الولادة والأولاد، ويا ابنة آكلة الأكباد، لسنا كنسائهم المشهورات بالزنى والخنا، ولا رجالنا العاكفون على اللات والعزّى، أليس جدّك أبو سفيان الذي حزّب على الرسول الأحزاب؟ أليست أمّك هند باذلة نفسها لوحشي وآكلت كبد حمزة جهراً؟ أليس أبوك الضارب في وجه إمامه بالسيف؟ أليس أخوك قاتل أخي ظلماً، وهو سيّد شباب أهل الجنّة وابن بنت الرسول؟ وكثر ما ملكتموه في الدنيا فإنّه في الآخرة قليل.
وهذا عبد الملك بن مروان أوّل مَنْ نهى عن الأمر بالمعروف في الإسلام؛ فإنّه أتى المدينة بعد قتل ابن الزبير فصعد المنبر، فقال: لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلاّ ضربت عنقه. وأتبعه على ذلك سائر الملوك.
ولكن أولاده كانوا أكثر الناس اتّباعاً له عملاً بالمنكر، وبعداً عن المعروف، فقد كان الوليد اسمه جبّاراً عنيداً، وكان يرغب في بناء القصور، فكان حديث الناس في أيامه البناء، ولم يكن للوليد حظّ من العلم؛ صعد المنبر يوماً فقال: إنّ علي بن أبي طالب لصّ وابن لصّ بكسر الصاد فيهما.
وصعد المنبر يوماً فقال في خطبته: يا ليتها كانت القاضية. بضم التاء، فقال ابن عبد العزيز: يا ليتها كانت القاضية، تعريضاً بالدعاء