اعلام الهداية الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

اعلام الهداية الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)25%

اعلام الهداية الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 221

اعلام الهداية الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 221 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 122486 / تحميل: 6742
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

اعلام الهداية الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

الاستدعاء ، وإلاّ فلِم هذا التفتيش الذي يكشف عن وجود سوء ظن بالإمامعليه‌السلام بعد تلك الوشايات ؟! وخرجعليه‌السلام بولده الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام وهو صبي مع يحيى بن هرثمة متوجّهاً نحو العراق واتبعه بريحة مشيّعاً فلمّا صار في بعض الطريق قال له بريحة : قد علمت وقوفك على أنّي كنت السبب في حملك وعليّ حلف بأيمان مغلّظة : لئن شكوتني إلى أمير المؤمنين أو أحد من خاصته وأبنائه لأجمّرنّ نخلك ولأقتلنّ مواليك ولأعورنّ عيون ضيعتك ولأفعلنّ ولأصنعنّ ، فالتفت إليه أبو الحسن فقال له : إنّ أقرب عرضي إيّاك على الله البارحة وما كنت لأعرضنك عليه ثم لأشكوك إلى غيره من خلقه .

قال : فانكبّ عليه بريحة وضرع إليه واستعفاه فقال له : قد عفوت عنك(١) .

وأهم الإشارات ذات الدلالة في هذه الرواية : أنّ المتوكل أمر يحيى بن هرثمة برعاية الإمامعليه‌السلام وعدم التشديد عليه ، وقد بلغ ذلك بريحة وخشي أن يشتكيه الإمام للمتوكل ، فتوعّد الإمام فعمد الإمامعليه‌السلام إلى تركيز مفهوم إسلامي وهو مسألة الارتباط بالله سبحانه ، فإنّه هو الذي ينفع ويضر ويدفع عن عباده ؛ لذا أجاب الإمامعليه‌السلام بريحة بأنّه قد شكاه إلى الله تعالى قبل يوم من سفره وأنّ الإمامعليه‌السلام ليس في نيّته أن يشتكي بريحة عند الخليفة ممّا اضطرّ بريحة أن يعتذر من الإمامعليه‌السلام ويطلب العفو منه ، فهو يعرف منزلة الإمام وآبائهعليهم‌السلام وصلتهم الوثيقة بالله سبحانه ، فأخبره الإمامعليه‌السلام بأنّه قد عفى عنه ، وكان الإمام يدرك أبعاد سلوك الخليفة إزاءه وما يرمي إليه من تفتيش داره وإشخاصه من المدينة إلى سامراء ، وإبعاده عن أهله ومواليه ومن ثمّ

ــــــــــــــ

(١) إثبات الوصية : ١٩٦ ـ ١٩٧ .

٨١

وضعه تحت الرقابة المشدّدة ومعرفة الداخلين على الإمام المرتبطين به ؛ وبالتالي ضبط كل حركات الإمامعليه‌السلام وتحرّكات قواعده ، فوجودهعليه‌السلام في المدينة يعني بالنسبة للخليفة تمتّع الإمامعليه‌السلام بحرية في التحرّك ، فضلاً عن سهولة وتيسّر سبل الاتصال به من قِبل القواعد الموالية للإمامعليه‌السلام .

وقد كان الإمامعليه‌السلام في كل تحرّكاته وحتى في كتبه ووصاياه إلى شيعته يتصف باليقظة والحذر ، ومن هنا كانت الوشايات به تبوء بالفشل ، وحينما كانت تكبس داره ـ كما حصل ذلك مراراً ـ لا يجد جلاوزة السلطان فيها غير كتب الأدعية والزيارات والقرآن الكريم ، حتى حينما تسوّروا عليه الدار لم يجدوه إلاّ مصلّياً أو قارئاً للقرآن .

وقال ابن الجوزي : إنّ السبب في إشخاص الإمامعليه‌السلام من المدينة إلى سامراء ـ كما يقول علماء السّير ـ هو أنّ المتوكل كان يبغض عليّاً أمير المؤمنينعليه‌السلام وذريّته وخشي تأثيره في أهل المدينة وميلهم إليه(١) .

وهذا التعليل ينسجم مع كل تحفّظات الإمامعليه‌السلام تجاه السلطان .

الإمام في طريقه إلى سامراء

وحاول ابن هرثمة في الطريق إحسان عِشرة الإمامعليه‌السلام وكان يرى من الإمامعليه‌السلام الكرامات التي ترشده إلى عظمة الإمام ومكانته وحقيقة أمره ، وتوضح له الجريمة التي يرتكبها في إزعاج الإمامعليه‌السلام والتجسّس عليه .

عن يحيى بن هرثمة قال : رأيت من دلائل أبي الحسن الأعاجيب في طريقنا ، منها : أنّا نزلنا منزلاً لا ماء فيه ، فأشفينا دوابنا وجمالنا من العطش على

ــــــــــــــ

(١) تذكرة الخواص : ٣٢٢ .

٨٢

التلف ، وكان معنا جماعة وقوم قد تبعونا من أهل المدينة ، فقال أبو الحسن : كأنّي أعرف على أميال موضع ماء .

فقلنا له : إن نشطت وتفضّلت عدلت بنا إليه وكنّا معك فعدل بنا عن الطريق .

فسرنا نحو ستة أميال فأشرفنا على واد كأنّه زهو الرياض فيه عيون وأشجار وزروع وليس فيها زرّاع ولا فلاّح ولا أحد من الناس ، فنزلنا وشربنا وسقينا دوابّنا وأقمنا إلى بعد العصر ، ثم تزوّدنا وارتوينا وما معنا من القرب ورحنا راحلين فلم نبعد أن عطشت .

وكان لي مع بعض غلماني كوز فضّة يشده في منطقته وقد استسقيته فلجلج لسانه بالكلام ونظرت فإذا هو قد أنسى الكوز في المنزل الذي كنّا فيه فرجعت أضرب بالسوط على فرس لي ، جواد سريع واغد السير حتى أشرفت على الوادي ، فرأيته جدباً يابساً قاعاً محلاً لا ماء ولا زرع ولا خضرة ورأيت موضع رحالنا وروث دوابنا وبعر الجمال ومناخاتهم والكوز موضوع في موضعه الذي تركه الغلام فأخذته وانصرفت ولم أعرفه شيئاً من الخبر .

فلمّا قربت من القطر والعسكر وجدتهعليه‌السلام ينتظرني فتبسّم ولم يقل لي شيئاً ولا قلت له سوى ما سأل من وجود الكوز ، فأعلمته أنّي وجدته .

قال يحيى : وخرج في يوم صائف آخر ونحن في ضحو وشمس حامية تحرق فركب من مضربه وعليه ممطر وذنب دابته معقود وتحته لبد طويل .

فجعل كل مَن في العسكر وأهل القافلة يضحكون ويقولون هذا الحجازي ليس يعرف الري ، فسرنا أميالاً حتى ارتفعت سحابة من ناحية القبلة وأظلمت وأضلتنا بسرعة وأتى من المطر الهاطل كأفواه القرب فكدنا نتلف وغرقنا حتى جرى الماء من ثيابنا إلى أبداننا وامتلأت خفافنا وكان أسرع وأعجل من أن يمكن أن نحط ونخرج اللبابيد ، فصرنا شهرة ومازالعليه‌السلام يتبسّم تبسّماً ظاهراً تعجّباً من أمرنا .

قال يحيى : وصارت إليه في بعض المنازل امرأة معها ابن لها أرمد العين ولم تزل تستذل وتقول معكم رجل علوي دلّوني عليه حتى يرقى عين ابني هذا .

٨٣

فدللناها عليه ، ففتح عين الصبي حتى رأيتها ولم أشكّ أنّها ذاهبة فوضع يده عليها لحظة يحرّك شفتيه ثم نحّاها فإذا عين الغلام مفتوحة صحيحة ما بها علّة(١) .

ومرّ الركب ببغداد ـ في طريقه إلى سامراء ـ فقابل ابن هرثمة واليها إسحاق بن إبراهيم الطاهري فأوصاه بالإمامعليه‌السلام خيراً واستوثق من حياته بقوله : يا يحيى إنّ هذا الرجل قد ولده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمتوكل مَن تعلم ، وإن حرّضته على قتله كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خصمك فأجابه يحيى : والله ما وقفت له إلاّ على كل أمر جميل(٢) .

وحين وصل الركب إلى سامراء بدأ ابن هرثمة بمقابلة وصيف التركي ـ وهو ممّن كان يشارك في تنصيب الخليفة وعزله ومناقشته في أعماله ـ وممّا قاله وصيف ليحيى : والله لئن سقطت من رأس هذا الرجل ـ ويقصد به الإمام الهاديعليه‌السلام ـ شعرة لا يكون المطالب بها غيري .

قال ابن هرثمة : فعجبت من قولهما وعرّفت المتوكّل ما وقفت عليه من حسن سيرته وسلامة طريقه وورعه وزهادته وأنّي فتّشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم ، وإنّ أهل المدينة خافوا عليه ، فأحسن جائزته وأجزل برّه(٣) .

ــــــــــــــ

(١) إثبات الوصية : ٢٢٥ .

(٢) مروج الذهب : ٤/٨٥ .

(٣) مروج الذهب : ٤/٨٥ ، وتذكرة الخواص : ٣٥٩ .

٨٤

غير أنّ هذا الإكرام الذي ادّعاه ابن هرثمة يتنافى مع ما أمر به المتوكل من حجب الإمامعليه‌السلام عنه في يوم وروده إلى سامراء ، ويزيد الأمر إبهاماً وتساؤلاً هو أمره بإنزال الإمامعليه‌السلام في مكان متواضع جدّاً يُدعى بخان الصعاليك(١) .

قال صالح بن سعيد : دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام فقلت له : جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع ، خان الصعاليك(٢) .

وليس ببعيد أن تكون الصورة التي نقلها يحيى للمتوكل عن الإمامعليه‌السلام ومدى نفوذ شخصيّته حتى عند الولاة والقوّاد مدعاةً للضغط على الإمام عليه‌السلام ، والسعي للتضييق الحقيقي عليه من خلال الحيلولة بينه وبين ارتباطه بقواعده وإن كان ذلك بالتظاهر بالإكرام كما نراه في النص الذي نُقل عن يحيى ، ولا يغيب عن مثل يحيى مدى كره المتوكل لآل أبي طالب بشكل عام وللإمام الهادي عليه‌السلام بشكل خاص .

الإمامعليه‌السلام في سامراء

إنّ حجب المتوكل للإمام الهاديعليه‌السلام لدى وروده والأمر بإنزاله في خان الصعاليك لو لاحظناه مع ما جاء في رسالة المتوكل للإمام الهاديعليه‌السلام يحمل بين طيّاته صورة واضحة من نظرة المتوكل إلى الإمامعليه‌السلام ، فهو لا يأبى من تحقير الإمام وإذلاله كلّما سنحت له الفرصة ولكنّه كان يحاول التعتيم على ما يدور في قرارة نفسه ؛ ولهذا أمر بعد ذلك بإفراد دار له فانتقل إليها .

ــــــــــــــ

(١) الإرشاد : ٣١٣ ـ ٣١٤ .

(٢) الكافي : ١/٤٩٨ .

٨٥

مع العلم بأنّ المتوكل هو الذي كان قد استدعى الإمامعليه‌السلام وكان يعلم بقدومه عليه ، ولابد أن يكون قد استعد لذلك .

وعلى أيّة حال فالذي يبدو من سير الأحداث أنّ المتوكل حاول بكل جهده ليكسب ودّ الإمام ويورّطه فيما يشتهي من القبائح التي كان يرتكبها المتوكل .

وحاول المتوكل غير مرّة إفحام الإمامعليه‌السلام بالرغم من أنّه كان يضطر إلى الالتجاء إليه حين كان يعجز علماء البلاط أو وعّاظ السلاطين عن تقديم الأجوبة الشافية في الموارد الحرجة .

وإليك جملة من هذه الموارد :

١ ـ إنّ نصرانياً كان قد فجر بامرأة مسلمة فأراد المتوكل أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال ابن الأكثم : قد هدم إيمانه شركه وفعله وقال بعضهم يضرب ثلاثة حدود وقال آخرون غير ذلك ، فأمر المتوكل بأن يكتب إلى الإمام الهاديعليه‌السلام وسؤاله عن ذلك فلمّا قرأ الكتاب ، كتب :يضرب حتى يموت فأنكر ابن الأكثم وسائر فقهاء العسكر وطالبوا الإمام بالحجّة من الكتاب والسنّة فكتبعليه‌السلام :بسم الله الرحمن الرحيم : ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) .

فأمر المتوكل فضرب حتى مات(١) .

٢ ـ وحين نذر المتوكل أن يتصدّق بمال كثير واختلف الفقهاء في تحديد المال الكثير ، أشار عليه أحد ندمائه بالسؤال من الإمامعليه‌السلام قائلاً : ألا تبعث إلى هذا الأسود فتسأله عنه ؟ فقال له المتوكل : مَن تعني ؟ ويحك ! فقال له : ابن الرضا .

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ٧/٢٣٨ .

٨٦

فقال له : وهو يحسن من هذا شيئاً ؟ فقال : إن أخرجك من هذا فلي عليك كذا وكذا وإلاّ فاضربني مائة قرعة فبعث مَن يسأل له ذلك من الإمام فأجاب الإمام بأنّ الكثير ثمانون .

فلما سُئل عن دليل ذلك أجاب قائلاً :( ولقد نصركم الله في مواطن كثيرة ) فعددناها فكانت ثمانين(١) .

إنّ هذا التنكّر من المتوكّل للإمامعليه‌السلام أو هذا التعجّب من أنّه قادر على الإجابة وقد عرفنا موارد منها ليشير إلى مدى حقد المتوكل وتعمّده في تسقيط الإمامعليه‌السلام أمام الآخرين ولكنّه لم يفلح حتى أنّه كان يبادر للتعتيم الإعلامي على فضائل الإمامعليه‌السلام ومناقبه ، كما نرى ذلك بعد ردّه على أسئلة ابن الأكثم حيث قال ابن الأكثم للمتوكل : ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شيء بعد مسائلي هذه وإنّه لا يرد عليه شيء بعدها إلاّ دونها وفي ظهور علمه تقوية للرافضة(٢) .

٣ ـ ومن جملة القضايا التي حاول إحراج الإمام فيها قضية زينب الكذّابة حيث أمر الإمامعليه‌السلام بالنزول إلى بركة السباع .

قال أبو هاشم الجعفري : ظهرت في أيام المتوكل امرأة تدّعي أنّها زينب بنت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال المتوكّل : أنت امرأة شابة وقد مضى من وقت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما مضى من السنين ، فقالت : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح عليّ وسأل الله أن يردّ عليّ شبابي في كل أربعين سنة ، ولم أظهر للناس إلى هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت إليهم .

فدعا المتوكل مشايخ آل أبي طالب وولد العباس وقريش وعرّفهم حالها فروى جماعة وفاة زينب في سنة كذا ، فقال لها : ما تقولين في

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ٧/٤٦٣ .

(٢) المناقب : ٢/٤٤٣ .

٨٧

هذه الرواية ؟ فقالت : كذب وزور ، فإنّ أمري كان مستوراً عن الناس ، فلم يعرف لي حياة ولا موت ، فقال لهم المتوكل : هل عندكم حجّة على هذه المرأة غير هذه الرواية ؟ فقالوا : لا ، فقال : هو بريء من العبّاس إن لا أنزلها عمّا ادّعت إلاّ بحجّة .

قالوا : فأحضر ابن الرضاعليه‌السلام فلعلّ عنده شيئاً من الحجّة غير ما عندنا فبعث إليه فحضر فأخبره بخبر المرأة فقال : كذبت فإنّ زينب توفّيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا ، قال : فإنّ هؤلاء قد رووا مثل هذه وقد حلفت أن لا أنزلها إلاّ بحجّة تلزمها .

قال :ولا عليك فهاهنا حجّة تلزمها وتلزم غيرها ، قال : وما هي ؟ قال :لحوم بني فاطمة محرّمة على السباع فأنزلها إلى السباع فإن كانت من ولد فاطمة فلا تضرّها ، فقال لها : ما تقولين ؟ قالت : إنّه يريد قتلي ، قال : فهاهنا جماعة ولد الحسن والحسينعليهما‌السلام فأنزل من شئت منهم ، قال : فو الله لقد تغيّرت وجوه الجميع ، فقال بعض المبغضين : هو يحيل على غيره لم لا يكون هو ؟ فمال المتوكل إلى ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع فقال : يا أبا الحسن لم لا تكون أنت ذلك ؟ قال : ذاك إليك قال : فافعل ، قال : أفعل .

فأُتي بسلّم وفتح عن السباع وكانت ستة من الأسد ، فنزل أبو الحسن إليها فلمّا دخل وجلس صارت الأسود إليه فرمت بأنفسها بين يديه ، ومدّت بأيديها ، ووضعت رؤوسها بين يديه فجعل يمسح على رأس كل واحد منها ، ثم يشير إليه بيده إلى الاعتزال فتعتزل ناحية حتى اعتزلت كلّها وأقامت بإزائه .

فقال له الوزير : ما هذا صواباً فبادر بإخراجه من هناك ، قبل أن ينتشر خبره فقال له : يا أبا الحسن ما أردنا بك سوءاً وإنّما أردنا أن نكون على يقين ممّا قلت فأُحب أن تصعد ، فقام وصار إلى السلّم وهي حوله تتمسّح بثيابه .

٨٨

فلمّا وضع رجله على أوّل درجة التفت إليها وأشار بيده أن ترجع ، فرجعت وصعد فقال :كلّ مَن زعم أنّه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس ، فقال لها المتوكّل : انزلي ، قالت : الله الله ادّعيتُ الباطل ، وأنا بنت فلان حملني الضرّ على ما قلت ، قال المتوكلّ : ألقوها إلى السباع ، فاستوهبتها والدته(١) .

إنّ هذه المواقف من الإمامعليه‌السلام لم تكن لتثني المتوكل عمّا كان يراوده من الضغط على الإمام عليه‌السلام ومحاولة تسقيطه وعزله عن عامة الناس وخواص أتباعه وكان رصده للإمام عليه‌السلام لا يشفي غليله فكان يفتّش دار الإمام عليه‌السلام بشكل مستمر وكان ذلك واحداً من أساليبه لإهانة الإمام عليه‌السلام أو طريقاً للعثور على مستمسك يسوّغ له الفتك بالإمام عليه‌السلام .

تفتيش دار الإمامعليه‌السلام

لم تحقّق وسائل السلطة ـ في التضييق على الإمام ومراقبته ـ أهدافها في ضبط بعض القضايا التي تؤكّد صحّة الوشايات بالإمام ، فكثيراً ما سعى بعض المتزلّفين للخليفة بالإمامعليه‌السلام وأوغروا صدره ضد الإمامعليه‌السلام واخبروا الخليفة كذباً وزوراً بأنّ لديه السلاح وتُجبى إليه الأموال من الأقاليم ، إلى غيرها من الأكاذيب التي كانت تدفع بالخليفة إلى إرسال جنده وبعض قوّاده إلى دار الإمامعليه‌السلام وتفتيشها ، ثم استدعاء الإمامعليه‌السلام إلى بلاط المتوكل الذي كان ثملاً على مائدة شرابه ، حتى أنّ المتوكل الثمل بعد أن أعظم الإمام وأجلسه إلى جانبه ناوله الكأس .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٥٠/١٤٩ .

٨٩

فقال له الإمامعليه‌السلام :يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني فأعفاه .

ثم قال له المتوكل : أنشدني شعراً .

فأجابه الإمامعليه‌السلام :إنّي لقليل الرواية للشعر .

فقال له المتوكل : لا بد من ذلك .

فانشده الإمامعليه‌السلام الأبيات التالية :

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغنتهم القُلَلُ

واستنزلوا من بعد عِزٍّ من معاقلهم

فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخٌ من بعد ما قُبروا

أين الأسرّة والتيجان والحللُ

أين الوجوه التي كانت منعّمةً

من دونها تضرب الأستار والكللُ

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتلُ

قد طال ما أكلوا دهراً وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا

فبكى المتوكل ، ثم أمر برفع الشراب وقال : يا أبا الحسن أعليك دين ؟ قال :نعم أربعة آلاف دينار ، فدفعها إليه ورده إلى منزله مكرّماً .

ومرّة أخرى حين مرض المتوكل من خُرّاج خرج به وأشرف منه على الهلاك ، فلم يجسر أحدٌ أن يمسّه بحديدة ، فنذرت أُمّه إن عوفي أن تحمل إلى أبي الحسن عليّ بن محمد مالاً جليلاً من مالها وقال له الفتح بن خاقان : لو بعثت إلى هذا الرجل فسألته فإنّه لا يخلو أن يكون عنده صفة يفرّج بها عنك. فبعث إليه ووصف له علّته ، فرّد إليه الرّسول بأن يؤخذ كسب الشاة فيداف بماء ورد فيوضع عليه فلمّا رجع الرّسول فأخبرهم أقبلوا يهزؤون من قوله ، فقال له الفتح : هو والله أعلم بما قال ، وأُحضر الكسبُ وعمل كما قال ووضع عليه فغلبه النوم وسكن ، ثم انفتح وخرج منه ما كان فيه وبُشّرت أُمه بعافيته ، فحملت إليه عشرة آلاف دينار تحت خاتمها .

ثم استقلّ من علّته فسعى إليه البطحائي العلوي بأنّ أموالاً تحمل إليه وسلاحاً ، فقال لسعيد الحاجب : اهجم عليه باللّيل وخذ ما تجد عنده من الأموال والسلاح واحمله إليّ ، قال إبراهيم بن محمّد : فقال لي سعيد الحاجب : صرت إلى داره بالليل ومعي سلّم فصعدت السطح ، فلمّا نزلت على بعض الدرج في الظلمة لم أدر كيف أصل إلى الدار .

٩٠

فناداني : يا سعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة ، فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدته عليه جبّة صوف وقلنسوة منها وسجّادة على حصير بين يديه ، فلم أشكّ أنّه كان يصلّي ، فقال لي : دونك البيوت ، فدخلتها وفتّشتها فلم أجد فيها شيئاً ووجدت البدرة في بيته مختومة بخاتم اُمّ المتوكل وكيساً مختوماً وقال لي : دونك المصلّى ، فرفعته فوجدت سيفاً في جفن غير ملبّس ، فأخذت ذلك وصرت إليه .

فلمّا نظر إلى خاتم أُمّه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه ، فأخبرني بعض خدم الخاصّة أنّها قالت له : كنت قد نذرت في علّتك لمّا آيست منك إن عوفيت حملت إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمي على الكيس وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دينار .

فضمّ إلى البدرة بدرة أخرى وأمرني بحمل ذلك إليه فحملته ورددت السيف والكيسين وقلت له : يا سيّدي عزّ عليّ ، فقال لي :( وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون ) .

غير أنّ الإمامعليه‌السلام لم يأبه لكل أدوات المراقبة والتضييق عليه ، بل كانت أساليبه أدقّ وكان نفوذه في جهاز السلطة يمكّنه من التحرّك بالشكل الذي يراه مناسباً مع تلك الظروف .

وممّا يعزّز ذلك ما رواه الشيخ الطوسيرضي‌الله‌عنه بإسناده عن محمد بن الفحام : أنّ الفتح بن خاقان قال : قد ذكر الرجل ـ يعني المتوكل ـ خبر مال يجيء من قم ، وقد أمرني أن أرصده لأخبره ، فقلت له ، فقل لي : من أيّ طريق يجيء حتى أجيئه ؟ فجئت إلى الإمام علي بن محمدعليهما‌السلام فصادفت عنده مَن احتشمه فتبسّم وقال لي : لا يكون إلاّ خيراً يا أبا موسى ، لِم لم تعد الرسالة الأولى ؟ فقلت : أجللتك يا سيدي فقال لي : المال يجيء الليلة وليس يصلون إليه فبت عندي .

٩١

فلمّا كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام وقال لي : قد جاء الرجل ومعه المال ، وقد منعه الخادم الوصول إليّ فاخرج وخذ ما معه .

فخرجت فإذا معه زنفِيلجه(١) فيها المال : فأخذته ودخلت به إليه ، فقال : قل له هات المحنقة التي قالت له القمية إنّها ذخيرة جدتها ، فخرجت له فأعطانيها ، فدخلت بها إليه ، فقال لي : قل له الجبة التي أبدلتها منها ردّها إليها فخرجت إليه فقلت له ذلك ، فقال : نعم كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة وأنا أمضي فأجيء بها .

فقال : اخرج فقل له : إنّ الله يحفظ ما لنا وعلينا هاتها من كتفك ، فخرجت إلى الرجل فأخرجها من كتفه فغشي عليه ، فخرج إليهعليه‌السلام ، فقال له : قد كنت شاكاً فتيقّنت(٢) .

وفي الرواية دلالات كثيرة لكنّ أهمّ ما يلفت النظر فيها هو : أولاً : إنّ الإمام كان يعرف شكّ السلطة وهو آخذ حذره ومستيقظ ومتأهّب للأمر ; لذا أجاب مَن سأله عن المال بأنّه سيصل ولا سبيل للمتوكل وجلاوزته عليه ، وفعلاً وصل المال سالماً .

ــــــــــــــ

(١) معرّب : زنبيلچه : زنبيل صغير .

(٢) أمالي الشيخ الطوسي : ٢٧٦ ح ٥٢٨ ، والمناقب : ٤ / ٤٤٤ .

٩٢

ثانياً : إنّ حامل المال إلى الإمامعليه‌السلام كان يُريد أن يختبر الإمامعليه‌السلام أو يبحث عن وسيلة لليقين بإمامتهعليه‌السلام ؛ لذا نجد الإمام يرشد مستلم المال إلى أمور لا يعرفها إلاّ حامله كالجبّة التي كان قد أخفاها تحت كتفه وزادعليه‌السلام الأمر وضوحاً بقوله : أتيقّنت ؟ مشيراً إلى ما كان يكنّه هذا الرجل في نفسه ، وما يروم أن يصل إليه وهو معرفة الإمام بهذه الأمور ، وقد أيقن واطمأن حينما أخبره رسول الإمامعليه‌السلام بما كان يضمره .

ثالثاً : إنّ أنصار الإمامعليه‌السلام وأتباعه كان لهم حضور فاعل في البلاط وهم عيون الإمام بدل أن يكونوا عملاء السلطة .

وفيما يلي من خبر اعتقال الإمامعليه‌السلام أيضاً شواهد أخرى على هذه الحقيقة .

اعتقال الإمام الهاديعليه‌السلام

إنّ المتوكّل بعد رصده الدائم للإمام وتفتيشه المستمر والمتكرّر لدار الإمامعليه‌السلام أمر باعتقال الإمامعليه‌السلام وزجّه في السجن ، فبقي فيه أياماً وجاء لزيارته صقر بن أبي دلف فاستقبله الحاجب وكانت له معرفة به ، كما كان عالماً بتشيّعه ، وبادر الحاجب قائلاً : ما شأنك ؟ وفيم جئت ؟ قال صقر : بخير.

قال الحاجب : لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك ؟ قال صقر : مولاي أمير المؤمنين ( يعني المتوكل ) .

فتبسم الحاجب وقال : اسكت مولاك هو الحق ( يعني الإمام الهاديعليه‌السلام ) فلا تحتشمني فإنّي على مذهبك .

قال صقر : الحمد لله .

فقال الحاجب : تحب أن تراه ؟ قال صقر : نعم .

فقال الحاجب : اجلس حتى يخرج صاحب البريد .

ولمّا خرج صاحب البريد ، التفت الحاجب إلى غلامه فقال له : خذ بيد الصقر حتى تدخله الحجرة التي فيها العلوي المحبوس ، وخلِّ بينه وبينه .

٩٣

فأخذه الغلام حتى أدخله الحجرة وأومأ إلى بيت فيه الإمام ، فدخل عليه الصقر ، وكان الإمام جالساً على حصير وبإزائه قبر محفور قد أمر به المتوكل لإرهاب الإمام ، والتفتعليه‌السلام قائلاً بحنان ولطف :يا صقر ما أتى بك ؟ قال صقر : جئت لأتعرّف على خبرك .

وأجهش الصقر بالبكاء رحمة بالإمام وخوفاً عليه : فقالعليه‌السلام : ( يا صقر لا عليك ، لن يصلوا إلينا بسوء فهدّأ روعه وحمد الله على ذلك ، ثم سأل الإمام عن بعض المسائل الشرعية فأجاب عنها ، وانصرف مودّعاً للإمام (١) ، ولم يلبث الإمام في السجن إلاّ قليلاً ثمّ أطلق سراحه ) .

محاولة اغتيال الإمام الهاديعليه‌السلام

وقد دبّرت السلطة الحاكمة آنذاك مؤامرة لقتل الإمامعليه‌السلام ولكنّها لم تنجح ، فقد روي : أنّ أبا سعيد قال : حدثنا أبو العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب ونحن بداره بسُرّ مَن رأى فجرى ذكر أبي الحسنعليه‌السلام فقال : يا أبا سعيد أحدثك بشيء حدثني به أبي ؟ قال : كنّا مع المنتصر وأبي كاتبه فدخلنا والمتوكل على سريره فسلّم المنتصر ووقف ووقفت خلفه ، وكان إذا دخل رحّب به وأجلسه ، فأطال القيام وجعل يرفع رجلاً ويضع أخرى وهو لا يأذن له في القعود ورأيت وجهه يتغيّر ساعة بعد ساعة ويقول للفتح بن خاقان : هذا الذي يقول فيه ما تقول ؟ ويرد عليه القول ، والفتح يسكته ويقول : هو مكذوب عليه ، وهو يتلظّى ويستشيط ويقول : والله لأقتلنّ هذا المرائي الزنديق وهو يدّعي الكذب ويطعن في دولتي .

ــــــــــــــ

(١) رواه الصدوق في الخصال : ٣٩٤ ومعالي الأخبار : ١٣٥ وكمال الدين ط النجف الأشرف : ٣٦٥ و ط الغفاري : ٣٨٢ ح٩ ب ٣٧ وعنه الطبرسي في إعلام الورى : ٢/٢٤٥ وعن الخصال وعلل الشرائع في بحار الأنوار : ٥٠/١٩٤ .

٩٤

ثم طلب أربعة من الخزر أجلافاً ودفع إليهم أسيافاً ، وأمرهم أن يقتلوا أبا الحسن إذا دخل ، وقال : والله لأحرقنه بعد قتله ، وأنا قائم خلف المنتصر من وراء الستر ، فدخل أبو الحسن وشفتاه تتحرّكان وهو غير مكترث ولا جازع ، فلمّا رآه المتوكل رمى بنفسه عن السرير إليه ، وانكب عليه يقبّل بين عينيه ويديه ، وسيفه شقه بيده وهو يقول : يا سيدي يا بن رسول الله يا خير خلق الله يا بن عمّي يا مولاي يا أبا الحسن .

وأبو الحسنعليه‌السلام يقول :أعيذك يا أمير المؤمنين من هذا .

فقال : ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت ؟ قال :جاءني رسولك .

قال : كذب ابن الفاعلة .

فقال له : ارجع يا سيدي ، يا فتح يا عبيد الله يا منتصر شيّعوا سيّدكم وسيدي ، فلمّا بصر به الخزر خرّوا سجّداً ، فدعاهم المتوكل وقال : لِمَ لم تفعلوا ما أمرتكم به ؟ قالوا : شدّة هيبته ، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأمّلهم ، وامتلأت قلوبنا من ذلك .

٩٥

فقال : يا فتح هذا صاحبك وضحك في وجهه .

وقال : الحمد لله الذي بيّض وجهه وأنار حجّته(١) .

إنّ هذا النص قد كشف لنا بوضوح عن كل نوازع المتوكل التي تدور حول القتل والحرق للإمامعليه‌السلام فضلاً عن الاتّهام بالزندقة والطعن في دولته .

والمتوكّل بعد كل هذه المحاولات التي باءت بالفشل لم يهدأ له بال وهو يريد إذلال الإمامعليه‌السلام بأيّ نحوٍ كان ، من هنا بادر في يوم الفطر ـ وفي السنة التي قُتل فيها ـ إلى الأمر بالترجّل والمشي بين يديه قاصداً بذلك أن يترجّل الإمام الهادي عليه‌السلام بين يديه ، فترجّل الإمام عليه‌السلام كسائر بني هاشم واتكأ على رجل من مواليه فأقبل عليه الهاشميون وقالوا : يا سيّدنا ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه ويكفينا الله به من تعزّر هذا ؟ قال لهم أبو الحسن عليه‌السلام : في هذا العالم مَن قلامة ظفره أكرم على الله من ناقة ثمود ، لمّا عقرت الناقة صاح الفصيل إلى الله تعالى ، فقال الله سبحانه : ( تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) (٢) .

دعاء الإمامعليه‌السلام على المتوكّل

والتجأ الإمام أبو الحسن الهاديعليه‌السلام إلى الله تعالى ، وانقطع إليه ، وقد

ــــــــــــــ

(١) الخرائج والجرائح : ١/٤١٧ ـ ٤١٩ ح ١ ب ١١ وعنه في كشف الغمّة : ٣/١٨٥ .

(٢) بحار الأنوار : ٥٠/٢٠٩ .

٩٦

دعاه بالدعاء الشريف الذي عُرف ( بدعاء المظلوم على الظالم ) وهو من الكنوز المشرقة عند أهل البيت عليهم‌السلام (١) .

هلاك المتوكّل

واستجاب الله دعاء وليّه الإمام الهاديعليه‌السلام ، فلم يلبث المتوكل بعد هذا الدعاء سوى ثلاثة أيام حتى هلك .

وتم ذلك باتفاق المنتصر ابن المتوكل مع مجموعة من الأتراك حيث هجم الأتراك على المتوكل ليلة الأربعاء المصادف لأربع خلون من شوّال (٢٤٧ هـ) يتقدّمهم باغر التركي وقد شهروا سيوفهم ، وكان المتوكل ثملاً سكراناً ، وذعر الفتح بن خاقان فصاح بهم : ويلكم أمير المؤمنين ؟! فلم يعتنوا به ورمى بنفسه عليه ليكون كبش الفداء له إلاّ أنّه لم يغنِ عن نفسه ولا عنه شيئاً ، وأسرعوا إليهما فقطّعوهما إرباً إرباً ، بحيث لم يعرف لحم أحدهما من الآخر ـ كما يقول بعض المؤرّخين ـ ودُفنا معاً .

وبذلك انطوت أيام المتوكّل الذي كان من أعدى الناس لأهل البيتعليهم‌السلام .

وخرج الأتراك ، وكان المنتصر بانتظارهم فسلّموا عليه بالخلافة وأشاع المنتصر أنّ الفتح بن خاقان قد قتل أباه ، وأنّه أخذ بثأره فقتله ، ثم أخذ البيعة لنفسه من أبناء الأسرة العباسية وسائر قطعات الجيش .

واستقبل العلويون وشيعتهم النبأ بهلاك المتوكل بمزيد من الابتهاج والأفراح ؛ فقد هلك الطاغية الذي صيّر حياتهم إلى مآسي لا تطاق(٢) .

ــــــــــــــ

(١) مهج الدعوات : ٥٠/٢٠٩ .

(٢) الكامل في التاريخ : ١٠ / ٣٤٩ .

٩٧

المنتصر بالله (٢٤٧ ـ ٢٤٨ هـ)

هو محمّد بن المتوكل بن المعتصم ابن الرشيد ، أُمّه أُمّ ولد رومية اسمها حبشيّة .

بُويع له بعد قتل أبيه في شوّال سنة (٢٤٧ هـ) وخلع أخويه المعتزّ والمؤيد من ولاية العهد وقالوا عنه : إنّه أظهر العدل والإنصاف في الرعيّة فمالت إليه القلوب مع شدّة هيبتهم له ، وكان كريماً حليماً وممّا نُقل عنه قوله : لذّة العفو أعذب من لذّة التشفّي وأقبح أفعال المقتدر الانتقام .

ولكنّه لم يمتّع بالخلافة إلاّ أشهراً معدودة دون ستة أشهر .

وقال الثعالبي : ومن العجائب أنّ أعرق الأكاسرة في الملك ـ وهو شيرويه ـ قتل أباه فلم يعش بعده إلاّ ستة أشهر وأعرق الخلفاء في الخلافة ـ وهو المنتصر ـ قتل أباه فلم يمتّع بعده سوى ستة أشهر(١) .

المنتصر والعلويين

وكان المنتصر ليّناً مع العلويين المظلومين في عهد أبيه ، فعطف عليهم ووجّه بمال فرّقه عليهم وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادّة مذهبه طعناً عليه ونصرة لفعله(٢) .

ــــــــــــــ

(١) تاريخ الخلفاء : ٣٥٦ ـ ٣٥٨ .

(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٩٦ ونحوه في تاريخ الخلفاء : ٤١٧ .

٩٨

وكان محسناً لآل أبي طالب حيث رفع عنهم ما كانوا فيه من الخوف والمحنة بمنعهم من زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ورد على آل الحسين فدكاً فقال يزيد المهلّبي في ذلك :

ولقد بررت الطالبية بعدما

ذمّوا زماناً بعدها وزمانا

ورددت ألفة هاشم فرأيتهم

بعد العداوة بينهم إخوانا(١)

يقول أبو الفرج عنه : وكان المنتصر يظهر الميل إلى أهل البيتعليهم‌السلام ويخالف أباه في أفعاله فلم يجر منه على أحد منهم قتل أو حبس أو مكروه(٢) .

ولمّا ولي المنتصر صار يسب الأتراك ويقول : هؤلاء قتلة الخلفاء فعملوا عليه وهمّوا به فعجزوا عنه ؛ لأنّه كان مهيباً شجاعاً فطناً متحرّزاً فتحيّلوا إلى أن دسّوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار في مرضه فأشار بفصده ثم فصده بريشة مسمومة فمات(٣) .

المستعين (٢٤٨ ـ ٢٥٢ هـ)

هو أحمد بن المعتصم بن الرشيد فهو أخو المتوكّل ، ولد سنة (٢٢١ هـ) وأُمّه أُمّ ولد اسمها مخارق ، اختاره القوّاد بعد موت المنتصر ، ثم تنكّر له الأتراك لمّا نفى باغر التركي الذي فتك بالمتوكل ، وقتل وصيفاً وبُغا .

ولهذا خافهم وانحدر من سامراء إلى بغداد ، فأرسلوا إليه يعتذرون ويخضعون له ويسألونه الرجوع فامتنع ، فقصدوا الحبس وأخرجوا المعتز وبايعوه وخلعوا المستعين ، ثم جهّز جيشاً كثيفاً لمحاربة المستعين واستعد أهل بغداد للقتال مع المستعين .

الثورات في عصره

لم يدم حكم المستعين سوى أربع سنوات وأشهر ، وقد تميّزت فترة حكمه بالاضطرابات التي تعود إلى قوّة الأتراك وضعفه أمامهم ، كما تعود إلى الظلم والإجحاف بالأمة إلى جانب تنازع العباسيين على السلطة ، وإليك فهرساً بما وقع في أيام حكمه من وثبات وثورات :

١ ـ وثبة في الأردن بقيادة رجل من لخم .

ــــــــــــــ

(١) تاريخ الخلفاء : ٤١٧ ، ٤١٨ .

(٢) مقاتل الطالبيين : ٤١٩ .

(٣) تاريخ الخلفاء : ٤١٩ .

٩٩

٢ ـ وثب في حمص أهلها بعاملهم كيدر الاشروسني .

٣ ـ وثبة الجند في سامراء وضربة لأوتاش التركي وهو أحد القادة .

٤ ـ وثبة المعرّة بقيادة القصيص وهو يوسف بن إبراهيم التَّنوخي .

٥ ـ وثبة الجند بفارس بعاملهم الحسين بن خالد .

٦ ـ وثبة إسماعيل بن يوسف الجعفري الطالبي في المدينة .

فوقعت بينهما وقعات ودام القتال أشهراً وغلت الأسعار وعظم البلاء وانحل أمر المستعين ؛ فسعوا في الصلح على خلعه ، وقام في ذلك إسماعيل القاضي وغيره بشروط مؤكّدة ، فخلع المستعين نفسه في أوّل سنة اثنتين وخمسين ومائتين وأشهد عليه القضاة وغيرهم فأُحدِر إلى واسط فأقام بها تسعة أشهر محبوساً موكلاً به أمينٌ ثم رُدّ إلى سامراء وأرسل المعتز إلى أحمد بن طولون أن يذهب إلى المستعين فيقتله فقال : والله لا أقتل أولاد الخلفاء ، فندب له سعيد الحاجب فذبحه في ثالث شوال من السنة وله إحدى وثلاثون سنة(١) .

المعتز (٢٥٢ ـ ٢٥٥ هـ)

هو محمد بن المتوكل ، ولد سنة (٢٣٢ هـ) ، بُويع له وعمره تسع عشرة سنة ، ولم يل الخلافة قبله أحد أصغر منه ، وهو أوّل خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب ، فقد كان الخلفاء قبله يركبون بالحلية الخفيفة من الفضّة كان المعتز مستضعفاً من قِبل الأتراك وأُلعوبة بأيديهم وأوّل سنة تولّى فيها السلطة مات اشناس الذي كان الواثق قد استخلفه على السلطة وخلف خمسمائة ألف دينار ، فأخذها المعتز وخلع خلعة الملك على محمد بن عبد الله بن طاهر ، وقلّده سيفين ، ثم عزله وخلع خلعة الملك على أخيه وتوّجه بتاج من ذهب وقلنسوة مجوهرة ، ووشاحين مجوهرين وقلّده سيفين ، ثم عزله من عامه ونفاه إلى واسط ، وخلع على بغا الشرابي وألبسه تاج الملك فخرج على المعتز بعد سنة فقتل وجيء إليه برأسه .

ــــــــــــــ

(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ .

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221