الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة14%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 107204 / تحميل: 6455
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ولذا مورِست التقيّة وبشكلٍ شديد اتّجاه الإعلان بذكر فضائل علي (عليه السلام) وولده، ولاسيّما ذكرهُ (عليه السلام) في الأذان منذ عهد رسول الله، فلم يكن بدٌ من تبليغ الشهادة الثالثة إلى خواص الأصحاب والمؤمنين والمسلمين بولايته، بل إنّ الحكومة آنذاك أحسّت وعَلمت بوجود ذِكر لعلي وولده بغير صيغة وفصل الشهادة لعلي في الأذان، ولذا أقدَمت على حذف فصل (حيّ على خير العمل) من الأذان، مع الإيهام والتمويه بعلّة أخرى للحذف في أوساط المسلمين، وقد أشارت إلى ذلك رواية الإمام موسى بن جعفر حيث سأله ابن أبي عمير فقال:

(حيّ على خير العمل، لِمَ تُركت من الأذان؟ قال: (تريد العلّة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت: أريدهما جميعاً، فقال: أمّا العلّة الظاهرة فلئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة، وأمّا الباطنة فإنّ خير العمل الولاية، فأرادَ من أمُر بترك حيّ على خير العمل من الأذان، أن لا يقع حثّ عليها ودعاء إليها) (١).

الشهادةُ الثالثة والتقيّة:

إنّ من أظهر مصاديق التقيّة وأبرزها هو: الاتّقاء عن ذِكر فضائل علي (عليه السلام) وولده، وحيث كانت الشهادة الثالثة هي اقتران ذكر علي بذكر الله ورسوله في الأذان، يعني الإقرار بولايته ووصايته بعد رسول الله، ولهذا لا معنى أن يسكت عليه الناصبون العداوة لعلي وأولاده؛ لأنّه يعني الهدم لحكومتهم وتسلّطهم على الناس؛ لأنّ عليّاً (عليه السلام) بعدُ لم يمت فكيف يُذكر اسمه في كلّ يوم خمس مرّات وهو في معزل عن إدارة المسلمين وقيادتهم في الظاهر، هذا مضافاً إلى ما ذكرهُ لنا التاريخ من تجريدهم من كلّ أسباب القوّة الظاهريّة، أو إثبات إمامتهم بعد رحيل رسول الله من خلال الهجوم على الدار وإجبار علي (عليه السلام)

____________________

(١) الوسائل: أبواب الأذان والإقامة، باب ١٩، ح١٦.

٢١

على البيعة، ومنع رواية الحديث عن النبي لمَا فيه من أحاديث الفضائل الكثيرة في علي (عليه السلام)، ولذا بَقيت هذه السيرة من ذكر علي (عليه السلام) في الأذان والصلاة عند المتمسّكين بوصايا النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كما سيأتي في رواية كدير الضبّي وبعض الصحابة المخلصين خوفاً من إظهارها؛ لمَا كانوا يجدوا في أنفس الناس من حرج ذكر علي (عليه السلام)، فقد روى علي بن إبراهيم القمّي مُعتبرة أبي بصير: سمعتُ أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى ( الّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي ) (١) ، فقال: (يعني بالذكر ولاية علي (عليه السلام) وهو قوله: ذِكري، قلت: قوله ( لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) قال: كانوا لا يستطيعون إذا ذُكر علي (عليه السلام) عندهم أن يسمعوا ذكره، لشدّة بغض له وعداوة منهم له ولأهل بيته) (٢).

ولذلك عمدَ أولئك الأعداء إلى كتمان الشهادة لعلي في الأذان، بل مَنع كلّ ما يشير إلى ذلك من قريب أو بعيد، فقد رويَ في التفسير المنسوب للإمام العسكري في تفسير قوله تعالى: ( إِنّ الّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ ) (٣) (فوجّهوا اللعنتين إلى اليهود الكاتِمين نَعت محمّد وصفته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وذِكر علي (عليه السلام) وحُليته، وإلى النواصب الكاتمين لفضل علي والرافضين لفضله.

____________________

(١) الكهف، آية: ١٠١.

(٢) تفسير القمّي: ج٢، ص٤٧.

(٣) البقرة، آية: ١٥٩.

٢٢

ثُمّ قال الله: ( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ ) من كتمانه ( وَأَصْلَحُواْ ) أعمالهم، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه بسوء التأويل، فيجحدوا به فضل الفاضل واستحقاق المُحق، ( وَبَيَّنُواْ ) ما ذكرهُ الله تعالى من نعت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وصفته من ذِكر علي (عليه السلام) وحليته وما ذكره رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ( فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) أقبل توبتهم ( وَأَنَا التّوّابُ الرّحِيمُ )) (١) الحديث.

فكان هذا الظرف العصيب أحد الأمور التي ساعدت في عدم التفات البعض إلى عدم وصول النصوص الصريحة، أو خفاء النصوص الصريحة وبقاءها في صدور الذين آمنوا سيرة دينيّةً في صلواتهم وعباداتهم، وهكذا إلى أن أصبحت وكأنّها من المسلّمات الفقهيّة عند جماعة من عدم جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان، وكان قبلُ دورَ الصدوق (رحمه الله) في إيهام الراويَين والمصرّحين بالروايات الذاكرة لعلي (عليه السلام) في الأذان، ولعلّه للتقيّة أو لغلبة مسلك القمّيين في علم الرجال.

وهذا أيضاً ساعدَ على عدم وضوح الحقيقة واستبهامها، بل دفعَ البعض إلى الاعتقاد بالبدعيّة لاعتقاد جزئيّة الشهادة الثالثة، ولكن مع ذلك كانت هناك فتاوى من علمائنا السابقين كالسيّد المرتضى المعاصر للصدوق (رحمهم الله)، من دَفع الذاكرين لعلي (عليه السلام) في الأذان إلى الأمام من خلال فتواه في كتابه المسائل المبافارقيّة:

____________________

(١) التفسير المنسوب للإمام العسكري: ص٥٧١.

٢٣

بأنّ المُعتقِد بجزئيّة الشهادة الثالثة غير مأثوم، وكذا فتوى الشيخ ابن برّاج في المهذّب، بل وكذا شيخ الطائفة الطوسي (قدِّس سرّه) في المبسوط بعدم الإثم للعامل بتلك الروايات مع تلك القراءة الدقيقة لفتواه، كما سيأتي في تحليلات أستاذنا المحقّق لفتوى الشيخ، وكذا الشهيد في الذكرى وغيرهم ممّا سيأتي استعراضه.

فاللازم على الباحث التريّث والتدبّر والتمعّن في مواد البحث، وتجنّب القراءة السطحيّة العابرة وعدم الغفلة عن الفَذلكات الصناعيّة، وقد تنوّعت دلالة الأدلّة في هذا البحث بين ما هو صريح: كالطوائف الروائيّة التي أشار إليها الصدوق في الفقيه، وبين ما هو بالدلالة الالتزاميّة وبالتعريض ممّا ينظم إلى شواهد أخرى فتتكوّن دلالة الاقتضاء، وبين ما هو دالّ لبّاً كالسيرة المتقادمة، كما اختلفت درجات الدلالة بتقريب الصياغات المختلفة لها على وجه الجزئيّة الخاصّة في الأذان والتشهد، أو الجزئيّة المختصّة ببيان الصلاة، أو الجزئيّة الندبيّة الخاصّة والعامّة أو الشعاريّة.

فهذا الكتاب مشتمل على عدّة أبحاث:

١- تخريج الفذلكة الصناعيّة الدقيقة للمشروعيّة وفق ميزان وجوه متعدّدة أصوليّة وفقهيّة وحديثيّة درائيّة، مع تبيان حقيقة مؤدّى أقوال أعلام الطائفة.

٢- الالتفات إلى كون الروايات الواردة في ضمن فصول الأذان - المشار إليها من قِبَل الصدوق (قدِّس سرّه) - هي موجودة في أصول الأصحاب المعتبرة.

٣ - كون هذه الأخبار معتبرة في نفسها بشهادة وصفها بالشذوذ لا الضعف، وإنّهم متّهمون بالغلو لا أنّه متحقّق من غلوّهم.

٢٤

٤ - فتوى ابن برّاج (قدِّس سرّه) في مهذّبه، بإحدى طوائف تلك الروايات التي أشار إليها الصدوق (قدِّس سرّه) في الفقيه ممّا يعزِّز النقطتين السابقتين.

٥ - التنويه إلى أنّ منشأ إعراض الصدوق والعديد من القدماء عن تلك الروايات هو: صحيحة زرارة وهي لا تقوى على المعارضة، بل لا توجد معارضة لطبيعة ونمط لسان الروايات الواردة في فصول الأذان.

٦ - إقرار الصدوق (قدِّس سرّه) - كما يظهر ذلك من الشيخ أيضاً - بوجود قطّاعات من الشيعة في زمانه تؤذِّن بالشهادة الثالثة.

٧ - الإشارة إلى روايات عديدة لم يُستدلّ بها من قَبل في المقام، ذات دلالة قريبة المرمى من المطلوب مع بيان الفنيّة الفقهيّة للدلالة.

٨ - التنبيه على وجود روايات دالّة على الاستحباب المطلق للقرآن في الأذان، بين الشهادة الثالثة والأولتين وتكرارها بعدد تكرارهما.

٩ - التنبيه على أنّ التشهّد بالثالثة باللسان وزانه وزان التشهد بالشهادتين، في كونهما سبباً للدخول في حظيرة الإسلام، وهي كذلك في كونها سبباً للدخول في الإيمان بمقتضى تعريفه أنّه: (الاعتقاد بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان)، وهو مراد المشهور في تعبيرهم - في فصول الأذان -: (أنّها من أحكام الإيمان بلا خلاف بمقتضى المذهب الحق)، وهذا مدلول الروايات المتواترة والمستفيضة ذلك أيضاً.

١٠ - تحليل مغزى ورود الكم الغفير المستفيض من الروايات الحاكية عن اقتران الشهادات الثلاث، في مواطن شريفة عديدة من مدارج الخلقة.

٢٥

١١ - نَقل كلام المتقدّمين في جواز واستحباب ذِكر الشهادة الثالثة في تشهّد وتسليم الصلاة، وبيان الفذلكة الصناعيّة في ذلك وارتباطها بالأذان وإنّها - أي ذِكر الشهادة الثالثة في التشهّد - من المشهور المُفتى به عند المتقدّمين من علمائنا، كأمثال: الصدوق ووالده، والمفيد، والشيخ في النهاية، ومصباح المتهجّد، وابن برّاج (رحمهم الله) وغيرهم.

هذا، وأخيراً أسأل الله تعالى أن يوفّقنا للإخلاص في ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، وأن يجعلنا من العارفين بحقيقة مقامهم والمتمسّكين بولايتهم، وأن يحفظ أستاذنا الأجل في نشر معارف الدين والحمد لله ربّ العالمين.

علي الشكري

١٠/ ربيع الأول/ من عام ١٤٢٦ هجريّة

على مهاجرها آلاف التحيّة والسلام

في جوار السيّدة الجليلة الطاهرة

فاطمة المعصومة - قم المقدّسة

٢٦

لَمحةٌ عن المَسار العَملي للمَسألة

لقد كُتب واستُدلّ لمشروعيّة الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، في ضمن رسائل عديدة لأعلام الطائفة في الأعصار الأخيرة، بل إنّ المسألة مثارةٌ علميّاً في كُتب الأقدمين والمتقدّمين، بل هي ظاهرة عمليّة ثابتة مارستها أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، كما يشير إلى ذلك الصدوق في كتابه الفقيه (١)، بل قد عُزي في بعض المصادر إتيان بعض صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بها.

فقد قال ابن حجر العسقلاني في الإصابة: (كدير) بالتصغير الضبّي يقال: هو ابن قتادة،... روى حديثه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن كدير الضبّي، أنّه أتى النبي (٢) ....

وقال البخاري في الضعفاء: (كدير الضبّي روى عنه أبو إسحاق، وروى عنه سميك بن سلمة، وضعّفه لمّا رواه مغيرة بن مقسم عن سمّاك بن سلمة قال: دخلتُ على كدير الضبّي أعودهُ فوجدتهُ يصلّي وهو يقول: اللهمّ صلّي على النبيّ والوصيّ، فقلت: والله، لا أعودك أبداً) (٣).

وروى العقيلي في الضعفاء بسنده عن سمّاك بن سمكة قال: دخلتُ على كدير بعد الغداة فقالت لي امرأته: ادنوا منه فإنّه يصلّي حتى يتوكّأ عليك، فذهبتُ ليعتمد عليّ، فسمعته وهو يقول في الصلاة: سلامٌ على النبيّ والوصيّ فقلت...) (٤) .

____________________

(١) سيأتي التعرّض إلى كلامه مفصّلاً.

(٢) الإصابة في تمييز الصحابة: في حرف الكاف القسم الأول في باب ك د، وسيأتي ذكر مصادر أخرى تشير إلى ذلك في ص٥٢ من المدخل.

(٣) لاحظ: الملحق ١.

(٤) الضعفاء: ج٣، ص١١٨٤ رقم المسلسل ١٥٧١، طبعة دار الصنيعي.

٢٧

وبالرغم من ذلك، فإنّ كلمات متأخّري المتأخّرين لم يستوفوا فيها النظر حقّه في الروايات الواردة بحثاً ودراسة، ولم يكثروا التأمّل كفايته في كلام المتقدّمين فبنوا على الظاهر البدوي من كلامهم، وجعلوا مؤدّى كلماتهم (أي كلمات المتقدّمين) على مفاد واحد مع أنّها مختلفة، وتقييمهم لاعتبار الروايات متباين، فنظرةُ الصدوق حول تلك الروايات مختلفة تماماً عن نظرة الشيخ الطوسي، فضلاً عن المرتضى وابن برّاج، فلم يُنجَز البحث الدرائي حول الروايات كما هو حقّه، كما لم يُعالج السبب للموقف الفقهي للصدوق والشيخ اتّجاه تلك الروايات، مع أنّ ذلك السبب مدركي اجتهادي لا تعبّدي، بل لم يتمّ تحليل رأي الصدوق ومغزى مرامه الذي هو أشدّ المتقدّمين طعناً اتّجاه تلك الروايات بحسب الظاهر المترائى، مع أنّ حقيقة موقف الصدوق ليس ما يوحيه ظاهر كلامه بموجب قرائن عدّة آتية في تحليل كلامه، وهذه النقاط في كلام المتقدّمين مؤثرة مصيريّاً في تقييم واعتبار حجيّة الروايات صدوراً.

هذا، مضافاً إلى نضوب البحث والاختزال في الاستدلال في المسألة، في الجهات الصناعيّة للوجوه المختلفة، فلم يوردوا في المقام طوائف الروايات الأخرى التي لا يخلو مضمونها من ربط وصلة متوسطة أو بعيدة، لكنّها غير أجنبيّة عن المقام من رأس ولا مقطوعة الصلة بتاتاً.

٢٨

أضف إلى ذلك: أنّ هناك جملة من الفتاوى لبعض المتقدّمين أو المتأخّرين مواتية لإثبات الحكم في المسألة، لم يُنبّه عليها في الكتب المطوّلة الراصدة لأقوال الفقهاء، وهذا ممّا أوجبَ استيحاش جملة - ممّن مالَ إلى تقرير الحُكم - عن مخالفة ظاهر المشهور، وقد صرّح جملة من الأساطين بذلك، ولم يقف الأمر والحال عند ذلك، بل آلَ عند بعض متأخّري العصر إلى الاستشكال في المسألة وتقريب وجوه المنع والحرمة غفلةً عن ما تقدّم.

٢٩

٣٠

المُتون الروائيّة الخاصّة بالشهادة الثالثة في الأذان

إنّ من الأمور المهمّة في المقام اللازم الالتفات إليها: أنّ متون الروايات المتضمنّة لجزئيّة الشهادة الثالثة في فصول الأذان، قد ذكرها الصدوق نصّاً في كتابه مَن لا يحضره الفقيه (١)، مع أنّ الملاحَظ في الكثير من الكلمات الغفلة عن ذلك، وتُوّهِم أنّ الصدوق قد أشار إليها إجمالاً من دون أن يروي متونها، لا كما صنعَ الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية، حيث أشار إليها إجمالاً من دون أن يورد متونها لكنّه بيّن بنحو واضح حال أسانيدها، عكس الصدوق الذي بيّن متونها من دون أن يفصح تفصيلاً عن طُرقها.

وهذا ما غفلَ عنه جُلّ المتأخّرين في المقام، غاية الأمر أنّ الصدوق لم يورد مصادر تلك الطوائف من الروايات، ولا طرق رواياتها؛ وإنّما ألفاظ متونها بنحو المراسيل، لكنّه أشار إلى تعدّدها وتعدّد ألسنتها وتطويفها إلى ثلاث طوائف، كما هو دَيدن الصدوق في كثير من الأبواب الفقهيّة الروائيّة من كتاب مَن لا يحضره الفقيه، حيث يورد العديد من المراسيل مع أنّها مسانيد في التهذيب والكافي، والشيخ في المبسوط قد نبّه بكلامه الآتي على أنّها مسانيد معتبرة، غاية الأمر أنّها مبتلاة بروايات أخرى معارضة بحسب نظره الشريف ونظر الصدوق.

____________________

(١) الفقيه: ج١، كتاب الصلاة أبواب الأذان والإقامة ص٢٩٠، طبعة قم.

٣١

وسيأتي نصّ عبارة الصدوق في الفقيه التي تُعد رواية منه لتلك الروايات بنحو الإرسال، كما أشار إلى ذلك في الجواهر (١) ، وإن حَكمَ عليها هو بالضعف، وسيأتي أنّه ليس ضعفاً في السند بل هو ضعف من جهة أخرى في نظره، كما سيأتي بيانه مفصّلاً حيث قال: (ومع ذلك كلّه فعن المجلسي: أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة في الأذان؛ استناداً إلى هذه المراسيل التي رُميت بالشذوذ) (٢).

وممّن نبّه على وصول المتون الروائية أيضاً: المجلسي الأوّل في شرح الفقيه في كتابه روضة المتقين، حيث قال في ذيل عبارة الصدوق - التي تضمّنت حكمه بأنّ تلك الروايات من وضع المفوّضة -:

(الجزم بأنّ هذه الأخبار من موضوعاتهم مشكل، مع أنّ الأخبار التي ذكرنا مختلفة الزيادة والنقصان، وما لم نذكره كثيراً، والظاهر أنّ الأخبار بزيادة هذه الكلمات أيضاً كانت في الأصول، وكانت صحيحة أيضاً كما يظهر من المحقّق والعلاّمة والشهيد؛ فإنّهم نسبوها إلى الشذوذ والشاذ ما يكون صحيحاً غير مشهور) (٣).

وكذلك المجلسي الثاني في البحار، قال في ذيل عبارة الصدوق: (لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة في الأذان؛ لشهادة الشيخ، والعلاّمة، والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها) (٤).

____________________

(١) الجواهر: ج٩، ص٨٦.

(٢) الجواهر: ج٩، ص٨٦.

(٣) روضة المتقين: ج٢، ص٢٤٥، طبعة بنياد فرهنكي إسلامي.

(٤) البحار: ج٨٤، ص١١١.

٣٢

فمن الغريب بعد الالتفات إلى ذلك - أي إلى أنّ الصدوق قد روى هذه الروايات الدالّة على جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان بنحو الروايات المرسلة، وأنّ الروايات تلك مرويّة في كتاب الفقيه بمتونها وألفاظها -: تشبّث جملة من الأعلام لاستحباب الشهادة الثالثة في الأذان بنمط ندبيّة المقارنة العامّة بين الشهادتين والشهادة الثالثة، يتشبّثون بمرسلة الاحتجاج الآتية الدالّة على استحباب مقارنة الشهادة الثانية بالشهادة الثالثة في مطلق الأحوال من دون تعرّضها للأذان، فبينَ المَتنين بونٌ بعيد، كما أنّ بينهما بوناً كبيراً في المأخذ الروائي؛ فإنّ المُرسل في الأولى هو الصدوق الأقرب عهداً بصدور النص مضافاً إلى روايته لها وإنّها على طوائف ثلاث، بينما مرسلة الاحتجاج هي رواية واحدة والمرسل لها الطبرسي المتأخّر عهداً بثلاث طبقات أو أكثر عن عهد الصدوق، فهذه قيمة درائيّة حديثيّة.

وممّن تنبّه إلى وصول متون الروايات بالشهادة الثالثة إلينا: العلاّمة المحدِّث الشيخ حسين العصفوري البحراني، حيث قال في الفرحة الأنسيّة: (وأمّا الفصل المروّي في بعض الأخبار المرسلة وهو (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)، فممّا نفاه الأكثر، وظاهر الشيخ في المبسوط ثبوته وجواز العمل به، وهو الأقوى) (١).

وممّن أشار إلى ذلك أيضاً صاحب القوانين في كتاب الغنائم حيث قال: (ويظهر من هؤلاء الأعلام ورود الرواية بها، فلا يبعد القول برجحان الشهادة بالولاية) (٢).

____________________

(١) الفرحة الإنسيّة: ج٢، ص١٦، طبعة بيروت.

(٢) غنائم الأيام: ج٢، ص٤٢٣ مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي - قم.

٣٣

وممّن أشار إلى ذلك أيضاً، المحقِّق الهمداني في مصباح الفقيه قال: (ولولا رَمي الشيخ والعلاّمة لهذه الأخبار بالشذوذ وادّعاء الصدوق وضعها، لأمكنَ الالتزام بكون ما تضمّنته هذه المراسيل من الشهادة بالولاية والإمرة، وإنّ محمّداً وآله خير البريّة من الأجزاء المستحبّة للأذان والإقامة لقاعدة التسامح، كما نفى عنه البُعد المحدِّث المجلسي في المحكي تعويلاً على هذه المراسيل) (١).

* المتونُ الروائيّة:

ثُمّ إنّه يُعدّ ممّن نقلَ متون هذه الروايات أيضاً: ابن برّاج، والسيّد المرتضى؛ وذلك لكون فتاوى المتقدّمين هي متون روايات، كما أشار إلى ذلك الشيخ الطوسي في مقدّمة المبسوط: بأنّ الأصحاب كانوا يستوحشون من الفتوى بغير ألفاظ الروايات، ومن ثَمّ عُرف عن السيّد البروجردي أنّه كان يقول: إنّ كُتب المتقدّمين هي متون روايات وهي بمنزلة الأصول المتلقاة، وعلى ذلك ففتوى ابن برّاج في المهذّب، والسيّد المرتضى في رسائله، بمثابة النقل لمتون الروايات لاسيّما وإنّها متطابقة مع المتون التي رواها الصدوق في الفقيه، واليك نصّ المتن الروائي في فتوى ابن برّاج حيث قال: (يستحبّ لمَن أذّن أو أقام أن يقول في نفسه عند (حيّ على خير العمل): (آل محمّد خيرُ البريّة) مرّتين).

وهذا المتن: هو عين أحد متون طوائف الروايات التي استعرضها الصدوق في الفقيه كما مرّ.

والمتن الروائي في فتوى السيّد المرتضى، حيث سُئل هل يجب في الأذان بعد قول (حيّ على خير العمل): (محمّد وعلي خير البشر)؟ فأجاب: إن قال: (محمّد وعلي خير البشر) على أنّ ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان جاز؛ فإنّ الشهادة بذلك صحيحة، وإن لم يكن فلا شيء عليه) (٢) .

____________________

(١) مصباح الفقيه: كتاب الصلاة فصل الأذان.

(٢) المسائل المبافارقيّة: ص٢٥٧، ورسائل السيّد المرتضى: ج١، ص٢٧٩، طبعة المرعشي.

٣٤

ومراده من الذيل - كما سيأتي شرح ذلك -: إن قال على أنّه من فصول الأذان فلا شيء عليه، والملاحَظ في هذا المتن الذي أفتى به مغايرته مع المتون الثلاثة التي ذكرها في الفقيه، وإن كان مقارباً لأحدها لاسيّما مع متن ابن برّاج حيث خصّ الموضع ما بعد حيّ على خير العمل، بل قد يُستكشف من ذلك أنّ الشهادة الثالثة لها موضعان:

أحدهما: بعد الشهادة الثانية وهو الشهادة بالإمرة والولاية، والموضع الآخر: بعد (حيّ على خير العمل) وهو القول بأنّ: (محمّد وآله خير البشريّة)، أو قوله: (محمّد وعلي خير البشر).

* المتون الروائيّة التي رواها الصدوق:

وإليك متن في عبارة الصدوق في الفقيه: وقال مصنّف هذا الكتاب (رحمه الله): هذا هو الأذان الصحيح لا يُزاد فيه ولا يُنقص فيه، والمفوّضة (لعنهم الله) قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان (محمّد وآل محمّدٍ خير البريّة) مرّتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أنّ محمّداً رسول الله: (أشهدُ أنّ عليّاً وليّ الله) مرّتين، ومنهم مَن روى بدل ذلك: (أشهدُ أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً) مرّتين، ولا شكّ في أنّ عليّاً وليّ الله، وأنّه أمير المؤمنين حقّاً، وأنّ محمّداً وآله صلوات الله عليهم خير البريّة، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان؛ وإنّما ذُكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتّهمون بالتفويض المدلِّسون أنفسهم في جملتنا) (١) انتهى كلامه (قدِّس سرّه).

____________________

(١) الفقيه: ج١.

٣٥

وعبارته وإن كانت كما سيأتي في الفصل الأوّل تحليلها وتقييمها بنحو مفصّل، إلاّ أنّ الذي يُعنينا في المقام هو تنصيص الصدوق على كونها روايات لا رواية واحدة، وتنصيصه على كونها ثلاثة طوائف وروايته لمتونها بألفاظها.

* المتونُ التي رواها الشيخ في النهاية والمبسوط:

لاسيّما وأنّ النهاية كلّها متون روايات كما هو معروف، بل قد نصّص الشيخ فيها بلفظ الرواية فقال: (وأمّا ما رويَ في شواذ الأخبار من قول: (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)، و (وآل محمّد خير البريّة).....) (١) ، وسيأتي تتمّة كلامه عند استعراض فتواه، وقال في المبسوط: وأمّا قول: (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين)، و (وآل محمّد خير البريّة) على ما ورد في شواذ الأخبار.....) (٢) وسيأتي تتمّة كلامه عند استعراض فتواه.

* لمحةٌ عن أسانيد المتون الخاصّة:

إنّ الظاهر المنسبق من عبارة الصدوق السابقة، وإن كان يتبادر منه حُكمه بالوضع في صدور تلك الروايات مع أنّه روى متونها، إلاّ أنّه سيأتي أنّ ذيل عبارته ينافي ذلك، إلاّ أنّه يناسب مقدّمة البحث، ذكرَ عبارة المبسوط وتقييمه لدرجة صدور تلك الروايات الدالّة على كون الشهادة الثالثة من فصول الأذان، وهو يخالف بذلك موقف الصدوق من صدور الروايات، وقد وافق الشيخ في ذلك: العلاّمة الحلّي، والشهيد الأوّل، كما سيأتي لاحقاً في استعراض الأقوال واليك نص عبارة المبسوط:

____________________

(١) النهاية: ج١، ص٢٩٣ طبعة جماعة المدرّسين.

(٢) المبسوط: ج١، ص٢٩٣ طبعة جماعة المدرّسين.

٣٦

قال في كتاب الصلاة منه في فصل الأذان: (ففصول الأذان أربع تكبيرات في أوله،... فأمّا قول: (أشهدُ أنّ عليّاً أمير المؤمنين، وآل محمّد خير البريّة) على ما ورد في شواذ الأخبار، فليس بمعمول عليه في الأذان، ولو فعله الإنسان لم يأثم به، غير أنّه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله) (١) ، انتهى كلامه (قدِّس سرّه).

فقد حُكم عليها بالشذوذ وعدم الإثم بالعمل بها، وقد عَقدنا تذييلين (٢) فيهما بحثٌ مفصّل في خاتمة الفصل الأوّل، في بيان معنى الشاذ لدى الشيخ والمحدّثين وعلماء الدراية هو المعتبر سنداً المُعرض عنه عملاً.

وقال في النهاية في كتاب الصلاة: (وهذا الذي ذكرناه من فصول الأذان والإقامة هو المختار المعمول عليه، وقد روي سبعة وثلاثون فصلاً في بعض الروايات وفي بعضها،... وفي بعضها،... فإن عَمل عامل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثوماً، وأمّا ما رويَ عن شواذ الأخبار من قول: (أشهد أنّ عليّاً وليُّ الله، وآل محمّد خير البريّة) فممّا لا يُعمل عليه في الأذان والإقامة فمَن عملَ بها كان مخطئاً)، انتهى كلامه (قدِّس سرّه) (٣) .

____________________

(١) المبسوط: ج١، ص١٤٨، طبعة جماعة المدرّسين - قم المقدّسة.

(٢) راجع: ص٢٤٠.

(٣) النهاية: ص٢٩٣، طبعة جماعة المدرّسين - قم المقدّسة.

٣٧

وشرح كلامه سيأتي مفصّلاً لاحقاً، لكن نشير إجمالاً إلى أنّ تعبيره في المبسوط أنّ العامل بها غير مأثوم، قد عبّر به في النهاية عن العمل بطوائف الروايات المختلفة الواردة في عدد فصول الأذان، التي هي مسألة أخرى غير الشهادة الثالثة، وجملة تلك الروايات طوائفها معتبرة، ممّا يؤكّد اعتبار صدور الروايات في الشهادة الثالثة في فصول الأذان، غاية الأمر أنّه وصفها بالشذوذ بمعنى الإعراض عن العمل بها.

* فتحصّل:

أولاً: الالتفات إلى كون الروايات الواردة المتضمّنة لكون الشهادة الثالثة من فصول الأذان، قد أشار إلى متونها الصدوق في كتابه مَن لا يحضره الفقيه وغيره من المتقدّمين في كتبهم، كما مرّ وهي موجودة في أصول الأصحاب المعتبرة في الطبقات السابقة عليه.

ثانياً: إنّ هذه الأخبار معتبرة في نفسها عند الشيخ وجملة من الأصحاب، كما سيأتي شرح ذلك مفصّلاً بشهادة وصفها بالشذوذ لا الضعف، وإنّ العامل بها غير مأثوم وغير ذلك من عباراتهم الآتية، وإنّ الصدوق - بمقتضى ذيل كلامه كما مرّ وسيأتي شرحه - لم يجزم بالوضع لها صدوراً؛ وإنّما طرحها لكونهم من المتّهمين بالتفويض عنده لا أنّه (قدِّس سرّه) متحقّق من تفويضهم ومن وَصفها.

والجدير بالالتفات أيضاً: أنّ عبارة الصدوق في الفقيه ناصّة على تكثّر روايات الشهادة الثالثة في الأذان، فعبّر بلفظ (أخباراً)، وعبّر أيضاً بلفظ (وفي بعض رواياتهم) عن ورود الصيغة الثانية في تلك الروايات، وعبّر أيضاً ومنهم مَن روى بدل ذلك عن الصيغة الثالثة للشهادة الثالثة، والتفنّن بهذه التعبيرات منه حكاية واضحة عن كثرة طرق تلك الأخبار، وممّا يشهد لكثرة الطرق أيضاً: اختلاف صيغ الشهادة الثالثة في الأذان المرويّة في تلك الروايات وسيأتي بيان ذلك لاحقاً.

٣٨

وسيأتي أنّ الشيخ وغير واحد، بل وكذا الصدوق - وإن اختلف رأيه في اعتبار الروايات عن الشيخ وأتباعه - إنّما أطرحوا هذه الروايات لدعوى المعارض الراجح، ممّا يقضي بكونها حجّة في نفسها لولا المُعارض، ومن ثُمّ لم يحكموا بأثم العامل بتلك الأخبار أي على أنّها من فصول الأذان، وإنّما حكموا بخطئه بحسب صناعة الترجيح أي أنّ كِلا طرفي الروايات معتبر في نفسه، وإنّما طُرحت روايات الشهادة الثالثة لأرجحيّة معارضه (١) ، وقد تبعَ الشيخ في موقفه وتقييمه للروايات ومعالجته لها في كلّ ذلك كلّ من: العلاّمة، والشهيد الأوّل، كما سيأتي نقل كلامهم.

____________________

(١) وسيأتي أنّ دعوى أصل المعارضة من متقدّمي الأصحاب، ليس في محلّه، كما نبّه عليه المجلسي الأوّل في روضة المتّقين لشرح كتاب الفقيه، فضلاً عن أرجحيّة الروايات الخالية من الشهادة الثالثة.

٣٩

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

فقام وسلم ثم قال: يا سلمان قم وسلم على على بامرة المؤمنين فقام وسلم، حتّى إذا خرجا وهما يقولان: لا والله لا نسلم له ما قال أبدا فانزل الله تبارك وتعالى على نبيه:( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) بقولكم من الله أو من رسوله( إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ ) يكون امة هي ازكى من امة قال: قلت: جعلت فداك إنّما نقرأها( أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ ) فقال: ويحك يا زيد وما أربى ان يكون والله أزكى من أئمتكم(١) إنّما يبلو كم الله به يعنى عليّا( وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ) بعد ما سلمتم على عليٍّعليه‌السلام بامرة المؤمنين( وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يعنى عليّا( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٢٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين(٢) عن محمد بن إسمعيل عن منصور بن يونس عن زيد بن الجهم الهلالي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لما أنزلت ولاية عليّ بن أبي طالب وكان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سلموا على على بامرة المؤمنين فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما، قوما فسلما عليه بامرة المؤمنين، فقالا: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الله ومن رسوله، فأنزل اللهعزوجل :( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ) يعنى به قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما وقولهما: أمن الله أو من رسوله( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ ) ازكى من أئمتكم» قال: قلت: جعلت فداك أئمة؟ قال: أي والله أئمة، قلت: فانا نقرء أربى؟ قال: ما أربى وأومى بيده فطرحها،( إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ ) يعنى بعلىعليه‌السلام

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «ما اربى ان يكون والله كى ازكى من أئمتكم».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين اه».

٨١

( وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ) يعنى بعد مقالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليٍّعليه‌السلام ( وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يعنى به عليٍّعليه‌السلام ( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٢٠٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) فانه حدّثني أبي رفعه قال: قال أبو عبد الله: لما نزلت الولاية وكان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم سلموا على عليعليه‌السلام بامرة المؤمنين فقالا: من الله ومن رسوله؟ فقال لهما: نعم حقا من الله ومن رسوله، أنّه أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم القيمة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة، ويدخل أعدائه النار، فأنزل اللهعزوجل :( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ) يعنى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله ومن رسوله، ثم ضرب لهم مثلا فقال:( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) .

٢١٠ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: التي نقضت غزلها امرأة من بنى تيم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن لوى بن غالب، كانت حمقاء تغزل الشعر، فاذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته، فقال الله:( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) قال: إنّ الله تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد، فضرب لهم مثلا.

رجع إلى رواية عليّ بن إبراهيم في قوله: «ان تكون أئمة هي ازكى من أئمتكم» فقيل: يا ابن رسول الله نحن نقرأ( هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ ) قال: ويحك وما أربى وأومى بيده بطرحها( إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ ) يعنى بعلى بن أبى طالب يختبر كم( وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ) قال على مذهب واحد وأمر واحد( وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ) قال: يعذب بنقض العهد( وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) قال: يثيب( وَلَتُسْئَلُنَ

٨٢

عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

قوله:( وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) قال هو: مثل لأمير المؤمنينعليه‌السلام ( فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ) يعنى بعد مقالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه( وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يعنى عن عليّ( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٢١١ ـ في تفسير العيّاشي متصلا بآخر ما سبق عنه اعنى قوله:( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه قال:( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ ) قوة بعد أنكاثا» عائشة هي نكثت ايمانها.

٢١٢ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس: أنّ رجلا من حضرموت يقال له عبدان ـ الاشرع قال: يا رسول الله ان امرء القيس الكندي جاورني في أرضى فاقتطع من أرضى(١) فذهب بها منى والقوم يعلمون أنّي لصادق لكنه أكرم عليهم منى، فسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله امرء القيس عنه فقال: لا أدرى ما يقول، فأمره أن يحلف، فقال عبدان: غنّه فاجر لا يبالي أن يحلف، فقال: إنْ لم يكن لك شهود فخذ يمينه، فلمّا قام ليحلف أنظره فانصرفا فنزل قوله:( وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ) الآيتان فلمّا قرأهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال امرء القيس: أمّا ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول، لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي فليأخذ من أرضى ما شاء ومثلها معها بما أكلت من ثمرها، فنزل فيه:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً ) الآية.

٢١٣ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قيل له: إنّ أبا الخطاب يذكر عنك انك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت، قال: لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت هكذا، ولكني قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، ان اللهعزوجل يقول:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ ) ويقول تبارك وتعالى:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) .

٢١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً )

__________________

(١) اقتطع من ماله قطعة: أخذ منه شيئا.

٨٣

قال: القنوع بما رزقه الله.

٢١٥ ـ في نهج البلاغة وسئل عن قول الله تعالى:( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) ؟ فقال: هي القناعة.

٢١٦ ـ في مجمع البيان ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) فيه أقوال إلى قوله: «ثانيها» انها القناعة والرضا بما قسم الله تعالى وروى ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢١٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن علي بن الحسن بن عليّ عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: أوّل كل كتاب نزل من السماء( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فاذا قرأت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فلا تبالي ألّا تستعيذ، وإذا قرأت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ستر بك فيما بين السماء والأرض.

٢١٨ ـ في روضة الكافي خطبة طويلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام يقول فيها: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) إلى آخر السورة.

٢١٩ ـ في عوالي اللئالى وروى عن عبد الله بن مسعود قال: قرأت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: وأعوذ بالله السميع العليم فقال لي: يا ابن أم عبد قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل.

٢٢٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى حنان بن سدير قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام المغرب قال: فتعوذ بإجهار: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون» ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢١ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام فتعوذ بإجهار، ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢٢ ـ في عيون الاخبار حديث طويل عن موسى بن جعفرعليه‌السلام وقد قال له

٨٤

هارون الرشيد: كيف قلتم: انا ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والنبي لم يعقب وانما العقب للذكر لا للأنثى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ ) الآية.

٢٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده إلى محمد بن عليّ الباقرعليه‌السلام حديث يقول فيه حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأوحى إلى( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية.

٢٢٤ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ) الآية.

٢٢٥ ـ عن سماعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ ) (١) ( بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، وقال: إنّ الرجيم أخبث الشياطين، قال: قلت له: لم سمى الرجيم؟ قال: لأنه يرجم، قلت: فانفلت منها شيء(٢) قال: لا، قلت فكيف: سمى الرجيم ولم يرجم بعد؟ قال: يكون في العلم أنّه رجيم.

٢٢٦ ـ عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئلته عن التعوذ من الشيطان عند كل سورة نفتحها؟ قال: نعم، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر ان الرجيم أخبث الشياطين، فقلت له: لم سمى الرجيم؟ قال: لأنه يرجم، فقلت: هل ينفلت شيئا إذا رجم؟ قال: لا ولكن يكون في العلم أنّه رجيم.

٢٢٧ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد العسكريعليه‌السلام يقول: معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن، مطرود من الخير، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه وان في علم السابق إذا خرج القائمعليه‌السلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.

٢٢٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام في كلام طويل: فقارى القرآن

__________________

(١) وفي المصدر «أستعيذ بالله السميع العليم اه».

(٢) انفلت: نجا وتخلص.

٨٥

يحتاج إلى ثلثة أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خال، فاذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم، قال الله تعالى:( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) .

٢٢٣ ـ في مجمع البيان والاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف في الصلوة وخارج الصلوة.

٢٢٤ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد ـ الرحمان عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له:( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) فقال: يا أبا محمد يسلط الله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه، وقد سلط على أيوبعليه‌السلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم، قلت قولهعزوجل :( إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) قال: الذين هم بالله مشركون، يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.

٢٢٥ ـ في تفسير العيّاشي عن حماد بن عيسى رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله:( إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) قال ليس له أن يزيلهم عن الولاية، فاما الذنوب وأشباه ذلك فانه ينال منهم كما ينال من غيرهم.

٢٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: و( إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إنّما أَنْتَ مُفْتَرٍ ) قال: كان إذا نسخت آية قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مفتر فرد الله عليهم، فقال: قل لهم يا محمّد( نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ ) يعنى جبرئيل ليثبت الله( الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) .

٢٢٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( رُوحُ الْقُدُسِ ) قال: هو جبرئيل، والقدس الطاهر( لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ) هم آل محمد( وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) .

٨٦

٢٢٨ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن عرامة الصيرفي عمن أخبره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها، وليست بأكرم خلقه عليه، فاذا أراد أمرا ألقاه إليها، فألقاه إلى النجوم فجرت به.

٢٢٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إليه أَعْجَمِيٌ ) وهو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمى اللسان وكان قد اتبع نبي الله وآمن به، وكان من أهل الكتاب، فقالت قريش: هذا والله يعلم محمدا علمه بلسانه، يقول الله:( وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) .

٢٣٠ ـ في مجمع البيان وقال عبيد الله بن مسلم: كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار واسم الآخر خير(١) كانا صقلبيين يقرآن كتابا لهما بلسانهم، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربما مر بهما واستمع لقرائتهما، فقالوا: إنّما يتعلم منهما.

٢٣١ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى داود بن القاسم قال: سمعت علي بن موسى الرضاعليه‌السلام يقول: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن وصفه بالمكان فهو كافر، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية( إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ ) .

٢٣٢ ـ في تفسير العيّاشي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه ذكر رجلا كذابا ثمّ قال: فقال الله:( إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) .

٢٣٣ ـ عن معمر بن يحيى بن سالم قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ، أنّ أهل الكوفة يروون عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال: ستدعون إلى سبى والبراءة منى، فان دعيتم إلى سبى فسبوني وان دعيتم إلى البراءة منى فلا تتبرؤا منى فانى على دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : ما أكثر ما يكذبون عليّعليه‌السلام إنّما قال إنّكم ستدعون إلى سبي والبراءة منى، فان دعيتم إلى سبيّ فسبوني وان دعيتم إلى البراءة منى فانى على دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يقل فلا تتبرؤا منى، قال: قلت: جعلت فداك فان أراد الرجل يمضى على القتل ولا يتبرأ؟ فقال: لا والله [الا]

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ «حنتر».

٨٧

على الذي مضى عليه عمّار، إنّ الله يقول:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ )

٢٣٣ ـ عن أبي بكر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال بعضنا: مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من عليٍّ؟ فقال: الرخصة أحبّ إليَّ أما سمعت قول الله في عمّار:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٣٤ ـ عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته فقلت له: إنّ الضحّاك(١) قد ظهر بالكوفة ويوشك ان ندعى إلى البراءة من عليٍّ فكيف نصنع! قال: فابرء منه، قال: قلت: أي شيء أحب إليك؟ قال: أنْ يمضون على ما مضى عليه عمّار بن ياسر، أخذ بمكّة فقالوا له: إبرء من رسول الله فبرأ منه، فأنزل الله عذره( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٣٥ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد: قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: فاما ما فرض الله على القلب من الايمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا، والتسليم بأنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وان محمدا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله، وهو قول اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ) وقال:( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) فذلك ما فرض اللهعزوجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣٦ ـ ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله أوصنى فقال: لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت، إلّا وقلبك مطمئن بالايمان، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) هو ضحاك بن قيس الشيباني الخارج بالكوفة سنة ١٢٧ في خلافة مروان والمقتول بكفرثوثا سنة ١٢٨ وقيل أنّه قتل سنة ١٢٩ ورأى رأى الخوارج والحرورية.

٨٨

٢٣٧ ـ عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ الناس يروون أنّ عليّا قال على منبر الكوفة: أيها الناس انكم ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البرائة منى فلا تتبرؤا منى؟ فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على عليّعليه‌السلام ثم قال: إنّما قال: إنّكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البرائة مني وانى لعلى دين محمّد ولم يقل: فلا تتبرؤا منى، فقال له السائل: أرأيت ان اختار القتل دون البرائة؟ فقال: والله ما ذلك عليه وما له إلّا ما مضى عليه عمّار بن ياسر، حيث أكرهه أهل مكّة و( قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) ، فأنزل اللهعزوجل ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عندها: يا عمّار ان عادوا فعد فقد أنزل اللهعزوجل عذرك وأمرك أن تعودان عادوا.

٢٣٨ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مروان قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما منع ميثمرحمه‌الله من التقية؟ فو الله لقد علم أنّ هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال: حدثني عمرو بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع عن أمتي أربع خصال: خطاؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا، وذلك قول اللهعزوجل :( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ ) وقوله:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٤٠ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية: وفرض الله على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقالعزوجل :( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) الآية.

٢٤١ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ التقية ترس المؤمن ولا ايمان لمن لا تقية له، قلت: جعلت فداك أرأيت قول الله تبارك وتعالى :

٨٩

( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) قال: وهل التقية إلّا هذا؟

٢٤٢ ـ في مجمع البيان قيل نزل قوله:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) في جماعة أكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وامه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وامه، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه، ثم أخبر بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال قوم: كفر عمار فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلا ان عمارا مليء ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه، وجاء عمار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكى فقالعليه‌السلام : ما وراك؟ قال: شر يا رسول الله ما تركت حتّى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح عينيه ويقول: إنْ عادوا لك فعدلهم بما قلت، فنزلت الآية عن ابن عباس وقتادة.

٢٤٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار حتّى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مقر بالايمان، قوله:( وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ) فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن بنى لوى يقول الله:( فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الآخرة وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) . ذلك بان الله ختم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم و( أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الْخاسِرُونَ ) هكذا في قراءة ابن مسعود هذا كله في عبد الله بن سعد بن ابى سرح كان عاملا لعثمان بن عفان على مصر.

٢٤٤ ـ في تفسير العيّاشي عن إسحق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يدعو أصحابه فمن أراد به خيرا سمع وعرف ما يدعوه اليه، ومن أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله:( أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ) .

٢٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيم ثم قال أيضا في عمار:( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) قوله: و( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا

٩٠

يَصْنَعُونَ ) قال: نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البليان(١) وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير، وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هذا ألين، فكفروا بأنعم الله واستخفوا بنعمة الله، فحبس الله عليهم البليان فجدبوا حتّى أحوجهم الله إلى ما كانوا يستنجون به حتّى كانوا يتقاسمون عليه.

٢٤٦ ـ في محاسن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي عيينة(٢) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ قوما وسع الله عليهم في أرزاقهم حتّى طغوا فاستخشنوا الحجارة فعمدوا إلى النقي(٣) وصنعوا منه كهيئة الأفهار فجعلوه في مذاهبهم(٤) فأخذ هم الله بالسنين فعمدوا إلى أطعمتهم فجعلوها في الخزائن، فبعث الله على ما في الخزائن ما أفسده حتّى احتاجوا إلى ما كان يستطيبون به في مذاهبهم، فجعلوا يغسلونه ويأكلونه.

وفي حديث أبي بصير قال: نزلت فيهم هذه الآية:( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ) إلى آخر الآية.

٢٤٧ ـ في تفسير العيّاشي عن حفص بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ قوما في بنى إسرائيل تؤتى لهم من طعامهم حتّى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها، فلم يزل الله بهم حتّى اضطروا إلى التماثيل يبيعونها ويأكلونها، وهو قول الله:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) .

٢٤٨ ـ عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أبي يكره أن يمسح

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «الثرثار» مكان «البليان». في الموضعين وهو الظاهر.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر (باب فضل الخبز ...) «عن محمد بن سنان عن عيينة».

(٣) النقي ـ بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء ـ: الخبز المعمول من الباب الدقيق.

(٤) الأفهار جمع الفهر: الحجر ملاء الكف. والمذاهب جمع المذهب: المتوضأ وفي بعض النسخ «مناهيهم» بدل «مذاهبهم».

٩١

يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيما له إلّا أن يمصها، أو يكون إلى جانبه صبي فيمصها، قال: فانى أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم، ثم قال: إنّ أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتّى طغوا، فقال بعضهم لبعض: لو عمدنا إلى شيء من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة قالعليه‌السلام : فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا خلقه الله إلّا أكلته من شجر أو غيره، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به، فأكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ) إلى قوله:( بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) .

٢٤٩ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن علي بن محمد بن سعد عن محمد بن مسلم عن إسحق بن موسى قال: حدثني أخي وعمى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم، مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه، ومجلسا ذكر أعدائنا فبه جديد وذكرنا فيه رث، ومجلسا فيه من يصدعنا وأنت تعلم، قال: ثم تلا أبو عبد اللهعليه‌السلام : ثلث آيات من كتاب الله كأنما كن فيه أو قال كفه( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) ( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ) .

٢٥٠ ـ في كتاب التوحيد محمد بن أحمد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه في جامعه وحدّثنا به محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف قال حدثني عبد الرحمان بن أبى نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال: كتب أبو عبد اللهعليه‌السلام على يدي عبد الملك بن أعين: إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى اللهعزوجل عنها كان خارجا من الايمان، وساقطا عنه اسم الايمان، وثابتا عليه اسم الإسلام، فان تاب واستغفر عاد إلى الايمان ولم يخرجه إلى الكفر والجحود والاستحلال، فاذا قال للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك، فعندنا

٩٢

يكون خارجا من الايمان والإسلام إلى الكفر، وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم، فضربت عنقه وصار إلى النار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم قالعزوجل :( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ) قال: هو ما كانت اليهود تقول:( ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا ) .

٢٥٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الرحمن بن سمرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه: ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب.

٢٥٣ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقال بعده وبهذا الأسناد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: والامة واحدة فصاعدا كما قال الله سبحانه وتعالى:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ ) يقول: مطيعا لله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥٤ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام عن قول الله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ) قال: شيء فضل الله به.

٢٥٥ ـ قال أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ) قال: سماه الله امة.

٢٥٦ ـ يونس بن ظبيان عنه( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً ) امة واحدة.

٢٥٧ ـ عن سماعة بن مهران قال: سمعت عبدا صالحا(١) يقول: لقد كانت الدنيا وما [كان] فيها إلّا واحد يعبد الله، ولو كان معه غيره إذا لأضافه إليه حيث يقول:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فصبر بذلك ما شاء الله ثمّ إنَّ الله

__________________

(١) وفي المصدر «العبد الصالح» بدل «عبدا صالحا».

٩٣

آنسه بإسماعيل واسحق فصاروا ثلثة.

٢٥٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ) وذلك أنّه على دين لم يكن عليه أحد غيره فكان امة واحدة، واما قانتا فالمطيع، واما الحنيف فالمسلم،( وَهَداهُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال: إلى الطريق الواضح.

٢٥٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : ولا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء، لأنه المنهج الأوضح، قال اللهعزوجل :( ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) فلو كان لدين الله تعالى سلك أقوم من الاقتداء لندب أوليائه وأنبيائه اليه.

٢٦٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الله ابن سليمان الصيرفي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ثم قال: أنتم والله على دين إبراهيم ومنهاجه، وأنتم أولى الناس، أنتم على ديني ودين آبائي.

٢٦١ ـ عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن إسحق بن عمار عن عباد ابن زياد قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا عباد ما على ملة إبراهيم أحد غيركم.

٢٦٢ ـ في تفسير العيّاشي عن عمر بن أبي ميثم قال: سمعت الحسين بن عليّ صلوات الله عليه يقول: ما أحد على ملة إبراهيم إلّا نحن وشيعتنا وساير الناس منها براء.

٢٦٣ ـ عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ما أبقت الحنيفية شيئا حتّى أنّ منها قصُّ الشارب والأظفار، والأخذ من الشارب والختان.

٢٦٤ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فأخبر أنّه تبارك وتعالى أول من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتباع امره، فبدء بنفسه وقال:( وَاللهُ يَدْعُوا إلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ثم ثنى برسوله فقال:( ادْعُ إلى سَبِيلِ

٩٤

رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) يعنى بالقرآن.

٢٦٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه. قوله:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قال: بالقرآن.

٢٦٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد العسكريعليه‌السلام : ذكر عند الصادقعليه‌السلام الجدال في الدين وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام نهوا عنه فقال الصادقعليه‌السلام : لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قوله تعالى:( ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما امر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، وإحياؤه له، فقال الله حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل ـ يا محمّد ـ( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وستقف إنشاء الله على تتمة لهذا الكلام في العنكبوت عند قوله تعالى:( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ ) الآية.

٢٦٧ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٢٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم أحد: من له علم بعمى حمزة؟ فقال الحارث بن الصمت(١) : أنا أعرف موضعه فجاء حتّى وقف على حمزة، فكره أن يرجع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيخبره، فقال رسول الله لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا عليُّ أطلب عمك فجاء عليٌّعليه‌السلام فوقف على حمزة فكره أن يرجع اليه، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى وقف عليه، فلما رأى ما فعل به بكى ثم

__________________

(١) وفي بعض الكتب «الحارث بن الصمة».

٩٥

قال: ما وقفت موقفا قطّ أغلظ عليَّ من هذا المكان، لئن أمكننى الله من قريش لأقتلنّ سبعين رجلا منهم، فنزل عليه جبرئيل فقال:( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) فاصبر فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبر.

٢٦٩ ـ في تفسير العيّاشي عن الحسين بن حمزة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما صنع بحمزة بن عبد المطّلب قال: أللهمّ لك الحمد وإليك المشتكى، وأنّك المستعان(١) على ما أرى، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لئن ظفرت لأمثلنّ ولأمثلنّ، قال: فأنزل الله:( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) قال: فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبر، أصبر.

__________________

(١) وفي المصدر «وأنت المستعان اه».

٩٦

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السالم قال: من قرأ سورة بنى إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتّى يدرك القائم ويكون من أصحابه. في مجمع البيان وتفسير العيّاشي عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة بنى إسرائيل وذكر إلى آخر ما في كتاب ثواب الأعمال.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: من قرء سورة بنى إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين أعطى في الجنة قنطارين من الأجر، والقنطار ألف أوقية ومأتا أوقية، والاوقية منها خير من الدنيا وما فيها.

٣ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله سبحان: فقال أنفة الله(١) وفي رواية اخرى عن هشام عنه مثله.

٤ ـ عن سالم الحناط عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل؟ فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال: ذلك في السماء إليه اسرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: إنّ الناس يقولون إنّه بيت المقدس؟ فقال: مسجد الكوفة أفضل منه.

٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن سيار عن أبي مالك الأزدي عن إسمعيل الجعفي قال: كنت في المسجد قاعدا وأبو جعفرعليه‌السلام في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة والى الكعبة مرة، ثم قال

__________________

(١) قال الطريحي (ره): وفي الحديث: سئلته عن سبحان الله؟ فقال: أنفة هو كقصبة أي تنزيه لله تعالى، كما أنّ سبحان تنزيه، قال بعض الشارحين: الانفة في الأصل الضرب على الأنف ليرجع ثم استعمل لتبعيد الأشياء، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لأنه تنزيه عن صفات الرذائل والأجسام.

٩٧

( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) وكرر ذلك ثلث مرات، ثم التفت إلى فقال: أي شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ قلت: يقولون: اسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس، فقال: ليس كما يقولون، ولكنه اسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء، وقال: ما بينهما حرم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن ابن عباس قال: قالت اليهود للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : موسى خير منك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولم؟ قالوا: لان اللهعزوجل كلمه أربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشيء، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك، قالوا: وما ذاك؟ قال: قولهعزوجل :( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ ) وحملت على جناح جبرئيلعليه‌السلام حتّى انتهيت إلى السماء السابعة، فجاوزت( سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) ، حتّى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش:( إِنِّي أَنَا اللهُ لا إله إلّا أَنَا السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ) الرءوف الرحيم، ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني، فهذا أفضل من ذلك، فقالت اليهود: صدقت يا محمّد وهو مكتوب في التورية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: عرج بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مأة وعشرين مرة، ما من مرة إلّا وقد أوصى الله تعالى فيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية لعليٍّ والائمّة من ولدهعليهم‌السلام أكثر مما أوصاه بالفرايض.

٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد اللهعليه‌السلام وانا حاضر فقال: جعلت فداك وكم عرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: مرتين، فأوقفه جبرئيلعليه‌السلام موقفا فقال له: مكانك يا محمّد، فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي ان ربك يصلى، فقال: يا جبرئيل فكيف يصلى؟ قال: يقول

٩٨

سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى، فقال: أللهمّ عفوك عفوك قال: وكان كما قال الله:( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) ؟ قال: ما بين سيتها(١) إلى رأسها، فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق(٢) ولا أعلمه إلّا وقد قال زبرجد، فنظر في مثل سمِّ الإبرة(٣) إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمّد، قال: لبيك ربّي قال: من لأمّتك من بعدك؟ قال الله أعلم قال: عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيّد الوصيين وقائد الغرّ المحجّلين، قال: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لأبي بصير: يا أبا محمّد والله ما جاءت ولاية عليّ من الأرض، ولكن جاءت من السماء مشافهة.

٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن الله جلّ جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى عن ذلك، قلت: فلم أسرى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ وباسناده إلى أبان بن عثمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن جدهعليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دفع إلى عليٍّعليه‌السلام لما حضرته الوفاة القميص الذي أسرى به فيه.

١١ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى يونس بن عبد الرحمن قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : لأى علة عرج اللهعزوجل نبيه إلى السماء ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟ فقالعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجرى عليه زمان، ولكنهعزوجل أراد أن يشرف ملائكته وسكان سمواته ويكرمهم بمشاهدته ويريد من عجائب عظمته ما يخبر به

__________________

(١) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة: ما عطف من طرفيها.

(٢) أي يتحرك ويضطرب.

(٣) سم الإبرة: ثقبها.

٩٩

بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقوله المشبهون( سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

١٢ ـ في روضة الكافي أبان عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أتى جبرئيلعليه‌السلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار، مضطرب الأذنين، عينيه في حافره وخطاه مد بصره، فاذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فاذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف الأيمن(١) له جناحان من خلفه.

١٣ ـ في عيون الاخبار باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تعالى سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة، ليست بالقصير ولا بالطويل، فلو أنّ الله تعالى اذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة، وهي أحسن الدواب لونا.

١٤ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى بالبراق ومعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، قال: فأمسك له واحد بالركاب، وأمسك الآخر باللجام، وسوى عليه الآخر ثيابه، فلما ركبها تضعضعت فلطمها جبرئيلعليه‌السلام فقال لها: قرى يا براق فما ركبك أحد قبله مثله، ولا يركبك أحد مثله بعده، إلّا أنّه تضعضعت عليه.

١٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وروى الصادق عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: بينا أنا راقد بالأبطح وعلىعليه‌السلام عن يميني وجعفر عن يساري، وحمزة بين يدي، وإذا أنا بحفيف(٢) أجنحة الملائكة وقائل يقول: إلى أيهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال: إلى هذا وأشار إلى، وهو سيد ولد آدم وهذا وصيه ووزيره وخليفته في أمته، وهذا عمه سيد الشهداء حمزة، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة، دعه فلتنم عيناه ولتسمع أذناه وليعى قلبه، واضربوا له مثلا: ملك بنى دارا، واتخذ مائدة(٣) وبعث داعيا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الملك الله والدار الدنيا، والمائدة الجنة

__________________

(١) أي طويلة وكان مرسلا في جانب الأيمن.

(٢) الحفيف: الصوت.

(٣) وفي المصدر والمنقول عنه في البحار «مأدبة» مكان «مائدة» في الموضعين المأدبة: طعام صنع لدعوة أو عرس.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420