الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة0%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
تصنيف: الصفحات: 420
المشاهدات: 100987
تحميل: 5502

توضيحات:

الشهادة الثالثة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 100987 / تحميل: 5502
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وهي دالّة على أنّ اقتران الشهادات الثلاث من الأوراد والأذكار التي هي من كنوز الجنّة.

السابعة: ما رواه الفضل بن شاذان في كتابه الفضائل، بإسناد يرفعه لابن مسعود أنّه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لمّا أُسريَ بي إلى السماء قال لي جبرائيل: قد أُمرتُ بعرض الجنّة والنار عليك، فرأيتُ الجنّة وما فيها من النعيم، ورأيت النار وما فيها من عذاب أليم، والجنّة لها ثمانية أبواب على كلّ باب منها أربع كلمات، كلّ كلمة فيها خير من الدنيا ومَن فيها لمَن يعرفها ويعمل بها... فعلى الباب الأوّل مكتوب (لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، لكلّ شيء حيلة...).

ثُمّ ذَكر (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كتابة الشهادات الثلاث على كلّ باب من الأبواب الثمانية، والكلمات والحِكم الأربع على كلّ باب، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ضمن ذلك: (وعلى الباب الخامس مكتوب لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله، فمَن أراد أن لا يُشتم، ومَن أراد أن لا يُذل، ومَن أراد أن لا يُظلم ولا يَظلِم، ومَن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والآخرة، فليقل: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله...) (1) الحديث.

الثامنة: في كتاب الفضائل لابن شاذان، روى عن سليمان بن مهران الأعمش قال، حدّثنا جابر عن مجاهد قال، حدّثنا عبد الله بن عبّاس قال، حدّثنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: (لمّا عُرجَ بي إلى السماء رأيتُ على باب الجنّة لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله، والحسن والحسين سبطا رسول الله، وفاطمة الزهراء صفوة الله، وعلى ناكرهم وباغضهم لعنةُ الله...) (2) الحديث.

وروى الصدوق هذه الرواية في الخِصال (3) مسندةً.

____________________

(1) الفضائل لابن شاذان: ص 153.

(2) الفضائل لابن شاذان: ص 83.

(3) الخصال: ج1، ص 323- 334

٢٨١

وهذه رواية ثالثة عن عبد الله بن عبّاس، وهو الهاشمي الصحابي، وهي مسندة بإسناد عن الفضل بن شاذان إليه، والسند وإن اشتملَ على بعض العامّة كما هو، إلاّ أنّه أدعى للاحتجاج؛ لأنّ المضمون على خلاف مرامهم، وهذه الرواية عن ابن عبّاس مع الرواية السابقة عنه، يُعزِّز أنّ اقتران الشهادات الثلاث حرّض عليها النبي في عدّة مواطن، لدفع المسلمين على الاعتياد عليها كلّما ذكروا الشهادتين، وهو بدوره دَفعٌ لهم لذكرها في الأذان، وجَعْلها شعاراً لهم في كلّ المواطن والشعائر العباديّة الشريفة.

التاسعة: وفي تأويل الآيات الظاهرة، روى الكليني بإسناده عن مولانا علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) في حديث قال: (ولقد سمعتُ حبيبي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)... يقول: مَن قال لا إله إلاّ الله بإخلاص فهو بريء من الشرك، ومَن خرجَ من الدنيا لا يشرك بالله شيئاً دخلَ الجنة، ثُمّ تلا هذه الآية ( إِنّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ ) وهم شيعتك ومحبّوك يا علي... وإنّهم ليخرجون من قبورهم وهم يقولون لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله...) (1) الحديث.

____________________

(1) تأويل الآيات الظاهرة: ص 147.

٢٨٢

وهذا الحديث الشريف يدلّ على أنّ كلمة التوحيد والإخلاص، هي اقتران الشهادات الثلاث، وهذا المفاد حكومة تفسيريّة على كافّة الموارد التي يرد فيها الأمر التشريعي بقراءة كلمة الإخلاص.

وروى الصدوق في التوحيد، وعيون أخبار الرضا، وثواب الأعمال، ومعاني الأخبار، عن ابن المتوكّل، عن الأسدي، عن محمد بن الحسين الصوفي، عن يوسف بن عقيل، عن إسحاق بن راهويه قال: لمّا وافى أبو الحسن الرضا (عليه السلام) نيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون، اجتمعَ عليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا بن رسول الله، ترحل عنّا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك؟ وكان قد قعدَ في العماريّة، فأطلعَ رأسه وقال: (سمعتُ أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جلّ جلاله يقول: لا إله إلاّ الله حِصني، فمَن دخلَ حصني أمنَ عذابي، [ قال ]: فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها وأنا من شروطها) (1).

وقريب منه ما رواه الصدوق بسند متّصل في كتاب عيون أخبار الرضا، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه.

____________________

(1) التوحيد: ص 25. ثواب الأعمال: ص6. عيون أخبار الرضا: ص 135، ج2. معاني الأخبار: ص370- 371.

٢٨٣

العاشرة: ما رواه الفضل بن شاذان أيضاً في الفضائل بإسناده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لمّا خَلق الله تعالى آدم... فرفعَ رأسه، فرأى في العرش مكتوباً عليه لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نبيّ الرحمة، وعلي أمير المؤمنين مقيم الحجّة فيمَن عَرف...) (1) الحديث.

وعبد الله بن مسعود من الصحابة، يروي ندبيّة الاقتران بين الشهادات الثلاث، ممّا يُعزِّز تقادم السيرة منذ زمن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

الحادية عشرة: محسّنة الهيثم بن عبد الله الرمّاني، عن علي بن موسى، عن أبيه محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله تعالى: ( فِطْرَتَ اللهِ الّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْهَا ) قال: (هو لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ أمير المؤمنين وليّ الله إلى هاهنا التوحيد) (2).

وهذه الرواية نصّ على كون الإقرار بالتوحيد هو مجموع الإقرار بالأمور الثلاثة، سواء بالقلب، أو التصريح بها باللسان، فإلى ذلك حدّ التوحيد، لا بحسب الظاهر للإسلام، بل بحسب واقع الإيمان الذي يقرّ به ويتشهّد به.

عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم قال: (يقول الله عزّ وجل: ولاية علي بن أبي طالب حِصني فمَن دخلَ حِصني أمِنَ من عذابي).

ومن ثُمّ جَعل الصدوق في معاني الأخبار، أنّ معنى كون كلمة الإخلاص حصناً، هو اقتران الشهادات الثلاث.

____________________

(1) الفضائل لابن شاذان: ص152.

(2) تفسير القمّي: ج2 ذيل سورة الروم.

٢٨٤

أقول: والروايات الواردة في أنّ ولايتهم هي الحصن، وهي الشرط في كلمة الإخلاص، وفي كونها حصناً وأماناً من العذاب قد وردت بكثرة في الروايات، ممّا يقضي بتلازم الشهادات الثلاث واقترانها لحصول الإخلاص، وتحقّق الإيمان، وترتّب الأمان، والنجاة من النيران، ولا ريب أنّ إتيان الشهادة بالتوحيد بنحو الإخلاص هو من أرفع كيفيّاتها، بل هو النحو الصحيح المتعيّن، إذ العبادة الخالصة هي العبادة الصحيحة، فيقتضي ذلك أنّ اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين هي من شرائط صحّة العبادة، وإن لم تكن من شرائط الشهادتين في الإقرار بظاهر الإسلام، فيظهر أنّ هذا اللسان المتكاثرة فيه الروايات (1) يمكن تقريبه على الوجه الأوّل، وهو الجزئيّة في الأذان، فضلاً عن الوجه الثاني والثالث.

الثانية عشرة: ما رواه صاحب كتاب المستدرك، عن رجل قال لعلي بن الحسين (عليه السلام): يا بن رسول الله، إنّا إذا وقفنا بعرفات وبمنى ذَكرنا الله ومجّدناه، وصلّينا على محمّد وآله الطيّبين، وذَكرنا آباءنا أيضاً بمآثرهم ومناقبهم وشريف أعمالهم، نريد بذلك قضاء حقوقهم، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): (أوَلا أُنبئكم بما هو أبلغ في قضاء الحقوق من ذلك؟ قالوا: بلى، يا بن رسول الله، قال: أفضل من ذلك أن تُجدّدوا على أنفسكم ذِكر توحيد الله والشهادة به، وذِكر محمّد رسول الله [ والشهادة له ] بأنّه سيّد المرسلين، و [ ذكر ] عليّ ولي الله والشهادة له بأنّه سيّد الوصيّين، وذِكر الأئمّة الطاهرين من آل محمّد الطيّبين بأنّهم عباد الله المخلصين...) (2) الحديث.

____________________

(1) أمالي الشيخ الطوسي: ص 588 مجلس 25، أمالي الصدوق: المجلس 41، ص 235، بشارة المصطفى لعماد الدين الطبري: ص 269، والمتوفّى بعد سنة 553هـ.

(2) مستدرك الوسائل: ج10، ص 41.

٢٨٥

الثالثة عشرة: ما رواه القاسم بن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم، أنّه لمّا أُسريَ برسول الله رأى على العرش مكتوباً لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، أبو بكر الصدّيق، فقال: (سبحان الله غيّروا كلّ شيء حتّى هذا، قلت: نعم، قال (عليه السلام)، ثُمّ ذَكر أنّ الله تعالى كتب الأمور الثلاثة لمّا خَلق كُلاً من العرش، والماء، والكرسي، واللوح، وإسرافيل، وجبرائيل، والسماوات، والأرضين، والجبال، والشمس، والقمر، ثُمّ قال (عليه السلام): فإذا قال أحدكم لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام)) (1) .

أقول: لا يخفى أنّ الرواية دالّة على أنّ الأمر بدوام اقتران الشهادتين بالإقرار بالثالثة، متفرّع على الشعار التكويني الذي كتبه الله على الخلقة، ويدلّ على أنّ الروايات التي في باب المعارف وروايات المعراج وغيرها ممّا ذُكر فيه القرن بينها هو إخبار، المراد به إنشاء الأمر باتّباع هذه السنّة الإلهيّة، وهي في الاصطلاح تسمّى حكومة تفسيريّة لتلك الروايات وقرينة عامّة عليها.

الرابعة عشرة: ما رواه جملة من محدّثي العامّة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: (لمّا أُسريَ بي رأيتُ في سابق العرش مكتوباً لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله صفوتي من خلقي، أيّدتهُ بعلي ونصرتهُ به) (2).

____________________

(1) الاحتجاج: ج1، ص230، طبعة طهران.

(2) ملحقات إحقاق الحق: ج 16، ص 468- 490.

٢٨٦

وقد رواه السيّد المرعشي (قدِّس سرّه) في تتمّة إحقاق الحق عن عشرة من مصادر العامّة منهم: الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (1) في ترجمة الإمام علي (عليه السلام)، ومنهم المتّقي الهندي في كنز العمّال (2) ، وغيرهم فلاحظ، وجملة منهم رووها من طريق الطبراني عن أبي الحمراء خادم الرسول وأنس بن مالك، وهذان الراويان من الصحابة، وهما يرويان استحباب اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين.

الخامسة عشرة: ما رواه في إحقاق الحق ّ (3) أيضاً عن خمسة من مصادر العامّة، عن جابر بن عبد الله عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: (مكتوب على باب الجنّة لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله أيّدتهُ بعلي (عليه السلام)).

وقد رواه أيضاً عن الحافظ ابن عساكر في تاريخه (4) في ترجمة الإمام علي (عليه السلام)، وابن حجر في لسان الميزان (5) ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال (6)، وأخرجه السيوطي في الدرّ المنثور في سورة الإسراء عن ابن عدي وابن عساكر.

فهذا جابر من الصحابة يروي ندبيّة اقتران الشهادات الثلاث، ممّا يُنبئ بقِدم السيرة.

____________________

(1) تاريخ دمشق: ج2، ص 353.

(2) كنز العمّال: ج12، ص 220 طبعة حيدر آباد.

(3) ملحقات إحقاق الحق: ج16، ص 491- 493.

(4) تاريخ دمشق: ج2، ص 355.

(5) لسان الميزان: ج2، ص 484.

(6) كنز العمّال: ح12، ص 22 طبعة حيدر آباد.

٢٨٧

السادسة عشرة: ما روى ابن حجر العسقلاني في الإصابة (1) في تمييز الصحابة، في ترجمة (كدير الضبّي) بعدما ذَكر له جملة من الروايات في المسانيد قال: وقال البخاري في الضعفاء (كدير الضبّي) روى عنه أبو إسحاق، وروى عنه سميك بن سلمة، وضعّفه لمّا رواه مغيرة بن مقتم عن السمّاك بن سلمة قال: دخلتُ على كدير الضبي فوجدتهُ يصلّي وهو يقول: اللهمّ صلّي على النبي والوصي، فقلت: والله، لا أعودك أبداً، قال ابن أبي حاتم: سألتُ عنه أبي، فقال: يُحوّل من كتاب الضعفاء.

____________________

(1) الإصابة في تمييز الصحابة: ج3.

٢٨٨

٢٨٩

الطائفةُ الثانية

الشهاداتُ الثلاث دين الله

أنّ التشهّد بإمامتهم المقترن بالشهادتين، هو دين الله وحقيقة الإسلام.

الأولى: ما رويَ في مصحّحة إسماعيل بن جابر قال: (قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أعرِض عليك ديني الذي أدين الله عزّ وجل به؟ قال: فقال: (هات، قال: فقلت: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وأنّ عليّاً كان إماماً فرضَ الله طاعته، ثُمّ كان بعده الحسن إماماً فرضَ الله طاعته، ثُمّ كان بعده الحسين إماماً فرضَ الله طاعته، ثُمّ كان بعده عليّ بن الحسين إماماً فرضَ الله طاعته، حتى انتهى الأمر إليه، ثُمّ قلت: أنتَ يرحمك الله؟ قال: فقال: هذا دين الله ودين ملائكته).

ونظيرها رواية عبد العظيم الحسني التي عَرضَ فيها دينه على الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام).

الثانية: محسّنة سنان بن طريف عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال: (إنّا أوّل أهل بيت نوّه الله بأسمائنا، إنّه لمّا خَلقَ الله السماوات والأرض أمرَ منادياً فنادى: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله، أشهدُ أنّ محمّداً رسول الله ثلاثاً، أشهدُ أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً ثلاثاً) (1).

ورواها الكليني في الكافي (2) بطريق مصحّح.

____________________

(1) الأمالي للشيخ الصدوق: المجلس الثامن والثمانون، ح4، ص 701 طبعة مؤسّسة البعثة، قم المقدّسة.

(2) الكافي: ج1، ص441، ح8، وعنه البحار ورواه الصدوق في أماليه: 483/ ح4.

٢٩٠

أقول: وفي هذه الرواية مضافاً إلى استفادة ندب الاقتران منها، يُستفاد ندب التكرار بعدد التكرار للشهادتين بعد الفراغ من ذكرهما، كفصول الأذان عموماً في الأذان وغيره، كما يستفاد منها أنّ تكرار الشهادة الثالثة بعد تكرار الأوّلتين لا بإدخالها بينهما، كما يُدخل الصلوات بعد الشهادة الثانية، ثُمّ التعبير (منادياً فنادى) هو معنى (المؤذِّن فأذّن)؛ لأنّ الأذان هو النداء.

الثالثة: ما رواه الصدوق في كتابه ثواب الأعمال، وتحت عنوان ثواب مَن أقرّ لله بالربوبيّة، ولمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوّة، ولعليّ (عليه السلام) بالإمامة، بسند حسن أو معتبر، عن المفضّل بن عمر (قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (إنّ الله تعالى ضمّن للمؤمن ضماناً، قال: قلت: وما هو؟ قال: ضمّن له إن هو أقرّ له بالربوبيّة، ولمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوّة، ولعلي (عليه السلام) بالإمامة، وأدّى ما افترضَ عليه...) (1) الحديث.

الرابعة: ما رواه الصدوق عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عن آبائه، قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): حدّثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال: مَن علمَ أن لا إله إلاّ أنا وحدي، وأنّ محمّداً عبدي ورسولي، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، وأنّ الأئمّة من ولده حُججي أُدخلهُ الجنّة برحمتي، ونجيّتهُ من النار بعفوي... ومَن لم يشهد أن لا إله إلاّ أنا وحدي، أو شهدَ بذلك ولم يشهد أنّ محمّداً عبدي ورسولي، أو شهدَ بذلك ولم يشهد أنّ علي بن أبي طالب خليفتي، أو شهدَ بذلك ولم يشهد أنّ الأئمّة من ولده حُججي، فقد جحدَ نعمتي، وصغّر عظمتي، وكفرَ بآياتي وكتبي، إن قَصدني حَجبتهُ، وإن سَألني حَرَمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رَجاني خيّبته وذلك جزاؤه منّي، وما أنا بظلاّم للعبيد...) (2) الحديث.

____________________

(1) ثواب الأعمال: ص 30.

(2) كمال الدين وإتمام النعمة: ج1، ص 258 طبعة جماعة المدرّسين بقم المقدّسة.

٢٩١

أقول: وذُيّل باقتران الشهادات الثلاث وإن كان التشهّد والإقرار في مقام الاعتقاد، إلاّ أنّ ظهورها في أنّ هذا هو التشهّد التام الكامل بيّن، وأنّ الاقتران هو الذي ينبغي عليه أن يكون من صورة التشهّد، ثُمّ إنّ ما في الذيل من النداء والدعاء والرجاء صادق بعمومه على الأذان؛ لأنّ مفاد الحديث اقتران الشهادات الثلاث، هو الباب لسماع النداء، ولرفع حجاب السماء، ولنجاح الرجاء.

الخامسة: ما رواه الصدوق بسند متصل من رجال العامّة، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: (بينما نحن عنده (أي عمر بن الخطاب) جلوس يوماً، إذ جاءه يهودي من يهود المدينة وهم يزعمون أنّه من وِلد هارون أخي موسى (عليهما السلام)، حتّى وقفَ على عمر فقال له: يا أمير المؤمنين، أيّكم أعلم بعلم نبيّكم وبكتاب ربّكم، حتّى أسأله عمّا أريد، قال أشار عمر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له اليهودي: أكذلكَ أنت يا علي؟ قال: (نعم، سل عمّا تريد... إلى أن قال له علي (عليه السلام): على أنّ لي عليك إن أجبتك فيهنّ بالصواب أن تُسلم، فقال اليهودي: والله، لأَنْ أجبتَ فيهنّ بالصواب لأسلمنّ الساعة على يديك، ثُمّ سأل أسألتهُ السبعة، فأجابه (عليه السلام) في كلّ واحدة منها، واليهودي يقول بعد كلّ جواب: أشهد بالله لقد صدقت، ثُمّ وثبَ إليه اليهودي وقال: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، وأنّك وصيّ رسول الله...) (1) .

____________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة: ج1، ص 294 الباب السادس والعشرون، ح3.

٢٩٢

ورواه الصدوق بطريق آخر (1) عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، ورواها الصدوق أيضاً بطريق ثالث (2) عن أبي الطفيل أيضاً، بل رواه الصدوق بطريقين آخرين عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في نفس الباب (3).

السادسة: ما رواه الكليني في الكافي عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديثه (عليه السلام) مع الشامي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (أُخبرك كيف كان سفرك، وكيف كان طريقك؟ كان كذا وكذا، فأقبلَ الشامي يقول: صدقتَ، أسلمتُ لله الساعة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): (بل آمنتَ بالله الساعة، إنّ الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون، والإيمان عليه يثابون).

فقال الشامي: صدقتَ، وأنا الساعة أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وأنّك وصيّ الأوصياء) (4).

____________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة: ج1، ص 297 الباب السادس والعشرون، ح5.

(2) كمال الدين: ج1 الباب السادس والعشرون ح6، ص 299.

(3) كمال الدين: ج1 الباب السادس والعشرون ح7، ح8.

(4) الكليني: ج1، ص171 - 173.

٢٩٣

الطائفةُ الثالثة

شهاداتُ الميثاق

وهي الروايات التي لسانها أخذُ الشهادات الثلاث في الميثاق، على الأنبياء والرسل وفي الكتب السابقة.

الأولى: ما رواه الحرّ العاملي في إثبات الهداة عن كتاب المعرفة لإبراهيم بن محمد الثقفي، بسنده عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ الله خَلق مَلَكين يكنفان العرش وأمَرَهما بشهادتين فشهدا، ثُمّ قال لهما اشهدا أنّ عليّاً أمير المؤمنين فشهدا) (1).

وروى عدّة روايات بنفس السند تفيد اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين في العرش وحول العرش.

الثانية: أيضاً ما رواه الحرّ العاملي بنفس الإسناد السابق عن أبي جعفر (عليه السلام): (إنّ عليّاً سُمّي أمير المؤمنين عند أخذ الميثاق على بني آدم) (2).

الثالثة: ما رواه أيضاً الحرّ العاملي عن كتاب ما نزلَ من القرآن في النبي والآل، لمحمّد بن العبّاس بن مروان بإسناده عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، في حديث أنّ الأنبياء قالوا له ليلة المعراج: (إنّ عليّاً أمير المؤمنين وصيّك، وأنّك سيّد النبيّين، وأنّ عليّاً سيّد الوصيين) (3).

____________________

(1) إثبات الهداة: الباب العاشر ح955، ص 193.

(2) إثبات الهداة: الباب العاشر ح958، ص 193.

(3) إثبات الهداة: الباب العاشر ح 963، ص193.

٢٩٤

الرابعة: ما رواه الحرّ العاملي عن بكير بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث الحجر الأسود: (وإنّ الله أودعهُ - يعني ذلك المَلَك - الميثاق والعهد دون غيره من الملائكة؛ لأنّ الله عزّ وجل لمّا أخذ الميثاق له بالربوبيّة، ولمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوّة، ولعليّ (عليه السلام) بالوصيّة، اصطكّت فرايص الملائكة، فأوّل مَن أسرعَ إلى الإقرار ذلك المَلَك، ولم يكن فيهم أشدّ حبّاً لمحمّد وآل محمّد منه، فكذلك اختارهُ الله من بينهم وألقمهُ الميثاق) (1).

الخامسة: ما رواه الصدوق بسند متّصل عن محمد بن عبد الرحمان الضبّي، قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ولايتنا ولاية الله التي لم يُبعث نبيّ قط إلاّ بها) (2).

السادسة: ما رواه الصدوق عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين: (أنّه جاء إليه رجل فقال له: يا أبا الحسن، إنّك تدّعي أمير المؤمنين فمَن أمّرك عليهم؟ قال (عليه السلام): (الله جلّ جلاله أمّرني عليهم، فجاء الرجل إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: يا رسول الله، أيصدق علي فيما يقول إنّ الله أمّره على خلقه، فغضبَ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال: إنّ عليّاً أمير المؤمنين بولاية من الله عزّ وجل عَقدها له فوق عرشه، وأشهدَ على ذلك ملائكته أنّ عليّاً خليفة الله وحجّة الله، وإنّه لإمام المسلمين...) (3) الحديث.

____________________

(1) إثبات الهداة: الباب العاشر ح64، ص16، عِلل الشرائع للصدوق: الباب 164 الحديث الأول، ص429.

(2) الأمالي للطوسي: المجلس السادس والثلاثون، الحديث 19.

(3) الأمالي للصدوق: المجلس السابع والعشرون، الحديث 8.

٢٩٥

السابعة: ما رواه الصدوق في العلّة التي من أجلها جُعل الميثاق في حجر الركن، عن بكير بن أعين عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) لأيّ علّة وضعَ الله الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره؟ قال: (.... فلعلّة العهد تجديداً لذلك العهد والميثاق، وتجديداً للبيعة، وليؤدّوا إليه في ذلك العهد الذي أُخذ عليهم في الميثاق فيأتونه في كلّ سنة، وليؤدّوا إليه ذلك العهد،... وإنّ الله عزّ وجل أودعهُ العهد والميثاق وألقمهُ إياه دون غيره من الملائكة؛ لأنّ الله تعالى لمّا أخذ الميثاق له بالربوبيّة، ولمحمّد بالنبوّة، ولعليّ (عليه السلام) بالوصيّة...) (1) .

الثامنة: روى الصدوق بالصحيح الأعلائي عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني محمّد بن علي (عليهم السلام) قال: (أقبلَ أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم معه الحسن بن علي (عليه السلام)، وسلمان الفارسي (رحمه الله)، وأمير المؤمنين متكئ على يد سلمان، فدخلَ المسجد الحرام فجلسَ، إذ أقبلَ رجل حَسَن الهيئة واللباس فسلّم على أمير المؤمنين (عليه السلام) فردّ عليه السلام، فجلسَ ثُمّ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتَني بهنّ علمتُ أنّ القوم قد ركبوا من أمرك ما أُقضي عليهم... - ثُمّ سألَ مسائله الثلاث - فأوعزَ أمير المؤمنين إلى أبي محمد الحسن (عليه السلام) فأجابهُ على مسائله كلّها فقال الرجل:

____________________

(1) عِلل الشرائع: ج2، ص429 -430.

٢٩٦

أشهد أن لا إله إلاّ الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنّك وصيّه والقائم بحجّته بعده - وأشار بيده إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها، ثُمّ تشهّد بوصاية واحد واحد من أسماء الأئمّة حتّى ذكرَ أسمائهم، ثُمّ قام فمضى فقال (عليه السلام): هو الخضر...) (1).

التاسعة: ما رواه المفيد في الاختصاص عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (إنّ الله تبارك وتعالى توحّد بمُلكه... ثُمّ قال: يا مفضّل، والله ما استوجبَ آدم أن يخلقه الله بيده وينفخ فيه من روحه، إلاّ بولاية علي (عليه السلام)، وما كلّمَ الله موسى تكليماً إلاّ بولاية علي (عليه السلام)، ولا أقامَ الله عيسى بن مريم آية للعالمين إلاّ بالخضوع لعلي (عليه السلام)، ثُمّ قال: أجملَ الأمر ما استأهلَ خلق من الله النظر إليه، إلاّ بالعبوديّة لنا) (2).

ويراد بالعبوديّة هنا: خضوع وانقياد الطاعة لهم صلوات الله عليهم أجمعين، حيث قرنَ الله تعالى طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله.

وعقدَ المجلسي (قدِّس سرّه) في البحار (3) في تاريخ أمير المؤمنين، باباً بعنوان ذِكره (عليه السلام) في الكتب السماويّة، وقد تضمّن ما يقرب من ثلاثة عشر حديثاً وكلّها متضمّنة لاقتران الشهادات الثلاث في الكتب السماويّة.

____________________

(1) إكمال الدين وإتمام النعمة: الباب 29، ح1، ص 313 - 315.

(2) الاختصاص: ص250 طبعة جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.

(3) البحار: ج38، باب 58، ص41 - 62.

٢٩٧

الطائفةُ الرابعة

الشهاداتُ الثلاث في التلقين

تلقين المحتضر والميّت الشهادات الثلاث والإقرار بالأئمّة (عليهم السلام).

الأولى: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لو أدركتُ عكرمة عند الموت لنفعته، فقيل لأبي عبد الله (عليه السلام) بماذا كان ينفعه؟ قال: يلقّنه ما أنتم عليه) (1) .

الثانية: رواية أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (فلقِّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلاّ الله والولاية) (2).

الثالثة: ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (والله، لو أنّ عابد وَثن وصفَ ما تصفون عند خروج نفسه ما طَعمت النار من جسده شيئاً أبداً)، أي: وصف كلّ من الشهادات الثلاث.

الرابعة: مصحّح معاوية بن وهب في حديث، أنّ رجلاً شيخاً كان من المخالفين عَرضَ عليه ابن أخيه الولاية عند موته، فأقرّ بها وشهقَ ومات قال: فدخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فعرضَ علي بن السري هذا الكلام على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: (هو رجل من أهل الجنّة، قال له علي بن السري: إنّه لم يعرف شيئاً من هذا غير ساعته تلك، قال: فتريدون منه ماذا؟ قد والله، دخلَ الجنّة) (3).

____________________

(1) الوسائل: أبواب الاحتضار الباب 37، الحديث 1.

(2) الوسائل: أبواب الاحتضار الباب 37، الحديث 2.

(3) أبواب جهاد النفس: الباب 93، الحديث 4.

٢٩٨

الخامسة: رواية يحيى بن عبد الله في تلقين الميّت بعد الدفن، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ما على أهل الميت منكم أن يدرؤوا عن ميّتهم لقاء منكر،... ثُمّ ينادي بأعلى صوته: يا فلان بن فلان، أو يا فلانة بنت فلان، هل أنت على العهد الذي فارَقتنا عليه من شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله سيّد النبيين، وأنّ عليّاً أمير المؤمنين وسيّد الوصيين...) (1) الحديث.

ومثلها رواية جابر بن يزيد (2).

السادسة: ما روي في إثبات الهداة عن إبراهيم بن إسحاق الصولي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في حديث عن أبيه، عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنّ أوّل ما يُسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وأنّك وليّ المؤمنين بما جعلهُ الله وجَعلته لك، فمَن أقرّ بذلك وكان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له)، إلى أن قال أبو ذكوان: وهذا الحديث قد رواه الناس عن رسول الله، إلاّ أنّه ليس فيه ذِكر النعيم والآية وتفسيرها؛ إنّما رووا: أنّ أوّل ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة الشهادة، والنبوّة، وموالاة علي بن أبي طالب) (3) .

____________________

(1) أبواب الدفن: الباب 35، ح1.

(2) أبواب الدفن: من الباب 35، ح2.

(3) إثبات الهداة: الباب العاشر، الحديث 129، ص 31، عيون أخبار الرضا: ج2.

٢٩٩

أقول: هذه الطائفة من الروايات دالّة بوضوح على أنّ اقتران الشهادات الثلاث في التشهّد والإقرار، هو من قوام الإقرار والتشهّد، وأنّ من دون ذلك لا يتحقّق كلّ منهما ولا يترتّب أثرهما، وأنّ الاقتران حقيقة التشهّد وحقيقة الدين الذي يُدان به الإنسان عند موته الذي هو أوّل يوم من أيّام الآخرة، وأنّه يُسأل عن ذلك قبل بقيّة أركان الدين، ممّا يقتضي عدم الاكتراث بالعمل ببقيّة الأركان مجرّدة عن اقتران الشهادات الثلاث، وأنّ مجموع الثلاث واقترانها كالعنوان لصحيفة الأعمال، كما ورد بهذا اللفظ في روايات الفريقين هذا هو المفاد المطابقي الأوّلي لهذه الروايات، وهو عين مفاد آية الغدير من إكمال الدين بولاية علي (عليه السلام).

أمّا التقريب الخاص بدلالتها، فبضميمة ما سيأتي من مجموعة قرائن لدلالة جميع هذه الطوائف، نعم، هذه الطائفة تمتاز بدفع جملة من الاستبعادات التي تثار في الأقتران في الموارد التي تقتضي الشعاريّة منذ عهد الصدر الأوّل، لاسيّما وأنّ الباقر (عليه السلام) الذي أراد أن يلقِّن عكرمة بها، قد أدركَ جملة من الصحابة ممّا يُنبّه على تقادم اتخاذ الشهادات في المواطن الحسّاسة لإقامة الدين، نظير تلقين المحتضر والميّت، وهو كيوم الدخول في الدين المشار إليه بالعهد في الروايات المتقدّمة.

٣٠٠