والعصاة مهما كانوا في تعاسة وشقاء في الحياة الدنيا، فهو لا شيء بلحاظ ما أعدّ الله جلّ جلاله لهم من العذاب والهوان.
ومن طريف ما ورد عن الإمام الحسنعليهالسلام
أنّه اغتسل وخرج من داره في بعض الأيام، وعليه حلّة فاخرة، ووفرة ظاهرة، ومحاسن سافرة، بنفحات طيّبات عاطرة، ووجهه يشرق حسناً، ووجهه قد كمل صورة ومعنى، والسعد يلوح على أعطافه، ونضرة النعيم تعرف من أطرافه.
وقد ركب بغلة فارهة غير عسوفة، وسار وقد اكتنفه من حاشيته صفوف، فعرض له شخص من محاويج اليهود، وعليه مسح من جلود، وقد أنهكته العلّة والذلّة، وشمس الظهيرة قد شواه، وهو حامل جرّة ماء على قفاه، فاستوقف الحسنعليهالسلام
فقال: يابن رسول الله، سؤال.
فقال له:(( ما هو ؟ ))
.
قال: جدّك يقول:(( الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر ))
، وأنت المؤمن وأنا الكافر، فما أرى الدنيا إلاّ جنّة لك تنعم فيها وأنت مؤمن وتستلذّ بها، وما أراها إلاّ سجناً قد أهلكني حرّها وأجهدني فقرها !
فلمّا سمع الحسنعليهالسلام
كلامه أشرق عليه نور التأييد، واستخرج الجواب من خزانة علمه، وأوضح