مقتل العباس (عليه السلام)

مقتل العباس (عليه السلام)0%

مقتل العباس (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 394

مقتل العباس (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم
تصنيف: الصفحات: 394
المشاهدات: 73823
تحميل: 10679

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 394 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73823 / تحميل: 10679
الحجم الحجم الحجم
مقتل العباس (عليه السلام)

مقتل العباس (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يا محمّدُ بنَ علي، أما علمتَ أنّ الحسينَ بنَ عليٍّ بعد وفاة نفسي، ومفارقةِ روحي جسمي، إمامٌ من بعدي عند اللّه في الكتاب؛ وراثة مِن النّبيِّ أضافها في وراثة أبيه واُمّه، عَلِمَ اللّهُ أنَّكُمْ خِيرةُ خلقِهِ فاصْطَفى مِنكُم مُحمّداً، واختار محمّدٌ عليّاً، واختارني عليٌّ للإِمامة، واخترتُ أنا الحُسينَ » .

فقال له محمّدُ بن علي: أنت إمامي وسيّدي، ألا وإنّ في رأسي كلاماً لا تنزفه الدلاء، ولا تُغيّره الرياح، كالكتاب المـُعجم في الرّقِّ المـُنمنَم؛ أهمُّ بإبدائه فأجدني سبقتُ إليه سبق الكتاب المـُنزل، وما جاءت به الرُّسل، وإنّه لكلامٌ يكُلّ به لسانُ النّاطق ويدُ الكاتب حتّى لا يجد قلماً، ويُؤتوا بالقرطاس حِمماً ولا يبلغ فضلك، وكذلك يجزي المـُحسنين، ولا قوة إلاّ باللّه.

الحسين أعلمنا علماً، وأثقلنا حلماً، وأقربنا من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله رَحماً؛ كان إماماً قبل أنْ يُخلق، وقرأ الوحيَ قبل أنْ يَنطق، ولو علم اللّهُ أنّ أحداً خيراً منّا ما اصطفى محمّداً، فلمـّا اختار اللّه محمّداً، واختار محمّدٌ عليّاً إماماً، واختارك عليٌّ بعده، واخترتَ الحسينَ بعدك، سلّمنا ورضينا بمَن هو الرضى، وممّن نسلم به من المـُشكلات(١) .

وهذه الوصيّة تُفيدنا عظمة ابن الحنفيّة من ناحية الإيمان، وأنّه من عياب العلم ومناجم التُّقى، فأيّ رجل يشهد له إمامُ وقته بأنّ اللّه لم يجعل للشيطان عليه سُلطاناً؟ وأنّه لا يخشى عليه من ناحية الحسد الذي لا يخلو منه أو من شيء من موجباته، أيّ أحد لم يبلغ درجة الكمال؟ ثُمّ أي رجل أناط أمير المؤمنينعليه‌السلام البِرَّ به بالبرِّ بنفسه التي يجب على كافة المؤمنين أنْ يبرّوا بها؟

____________________

(١) إعلام الورى بأعلام الهُدى / ٤٢٣.

١٠١

على أنّ الظاهر من قول المـُجتبىعليه‌السلام :« أمَا علمتَ أنّ الحسينَ » . هو: إنّ علمَ محمّد بالإمامة لم يكنْ بمحض النّصِّ المـُتأخّر وإنْ أكّده ذلك، وإنّما هو بعلم مخصوص برجالات بيت الوحي، مكنون عندهم بالإحاطة بالكتاب الماضي والقدر الجاري.

ويرشدنا إلى هذا قولُ ابن الحنفيّة: إنّ في رأسي...؛ فإنّه أظهر من سابقه فيما قلنا، وكلماته الذهبيّة في الاعتراف بحقّ الإمامينعليهما‌السلام تدلّنا على ثباته المـُستقى من عين صافية بارشيةٍ من الحقِّ؛ وما هي إلاّ ذلك اللوح المحفوظ.

أضف إلى ذلك، ما جاء عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من قوله:« تأبَى المحامدةُ أنْ يُعصى اللّه » . وهُم: محمّد بن الحنفيّة، ومحمّد بن جعفر الطيّار، ومحمّد بن أبي حُذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية بن أبي سفيان(١).

____________________

(١) رجال الكشّي ١ / ٢٢٦، النّص منقول بالمعنى، وفيه: إنّ محمّد بن أبي حُذيفة كان من أنصار عليٍّعليه‌السلام وخيار الشيعة، وبعد شهادة عليعليه‌السلام حبسه معاوية دهراً؛ حيث لم يتبرّأ من المشايعة لعلي وولدهعليهم‌السلام ، وبعد أنْ أخرجه حمله على البراءة منه والموالاة لعثمان، فقال له: إنّي لا أعلم أحداً شرك في دم عثمان غيرك؛ حيث استعملك وخالف المسلمين في رأيهم عليه بعزلك حتّى جرى عليه ما كان، وإنّ طلحة والزُّبير وعائشة هم الذين ألّبوا عليه وشهدوا عليه بالجريمة، وإنّي أشهدُ أنّك منذ عُرفت في الجاهليّة والإسلام لعلى خُلقٍ واحد، ما زاد الإسلامُ فيك شيئاً؛ وعلامته أنّك تلومُني على حُبّي لعليٍّعليه‌السلام وقد خرج معه كُلُّ صوّامٍ قوّامٍ من المـُهاجرين والأنصار، كما خرج معك أبناءُ المـُنافقين والطُّلقاء.

واللّه يا معاوية، ما خفي عليك ما صنعتَ ولا خفي عليهم ما صنعوا، إذ أحلّوا أنفسَهُم سخطَ اللّهِ بطاعتك، وإنّي لا أزال اُحبُّ عليّاً للّه ورسوله، وأبغضُكَ في اللّه ورسوله أبداً ما بقيت. ثُمّ ردّه إلى السّجن فمات فيه. رجال الكشّي ١ / ٢٢٨، والنّص منقول بالمعنى.

١٠٢

وهذه شهادة من سيّد الأوصياءعليه‌السلام في حقِّ ولده الكريم محمّد، قد أخذت مأخذها من الفضيلة، وأحلّت محمّداً المحلّ الأرفع من الدِّين، وأقلّته سنام العزّ في مستوى الإيمان.

وإنّ شهادة أمير المؤمنينعليه‌السلام بأنّه ممّن يأبى أنْ يُعصى اللّه، تُعرّفنا عدم ادّعائه الإمامة لنفسه بعد الحسينعليه‌السلام ؛ فإنّ تسليمَه الإمامة للسجّادعليه‌السلام لا يختلف فيه اثنان، واستدعاؤه الإمامعليه‌السلام للمحاكمة عند الحجر الأسود من أكبر الشواهد على تفنّنه في تنبيه النّاس لمَن يجب عليهم الانقياد له. وعدم حضوره مشهد الطَّفِّ؛ إمّا لما يقوله العلاّمة الحلّي في أجوبة المسائل المهنائية من المرض، أو لما يروي محمّد بن أبي طالب في المقتل: من إذنِ الحسينعليه‌السلام له في البقاء بالمدينة يُعرّفه بما يحدث هناك، فهو معذورٌ مقبول.

ولبسالته المعلومة وموقفه من الحقّ؛ أنزله أبوهعليه‌السلام يوم (الجمل) منزلة يده، فكان يخوض الغمرات أمامه، ويمضي عند مُشتبك الحرب قِدماً، وكان يقول له عند أمره لمنازلة الأقران دون الإمامينعليهما‌السلام :« إنّهمَا عينايَ وأنت يدي، أفلا أدفعُ بيدي عنْ عينَيّ؟ » (١) .

وناهيك من بلاغته المزيجة بالشجاعة، خطبتُه يوم صفِّين، وقد برز بين الصفَّين فأومى إلى عسكر معاوية، وقال:

____________________

(١) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٤٤: قيل لمُحمّد: لِمَ يُغرّر بك أبوك في الحرب، ولا يُغرّر بالحسن والحسينعليهما‌السلام ؟ فقال: إنّهما عيناه وأنا يمينُه، فهو يدفع عن عينيهِ بيمينه.

١٠٣

« يا أهلَ الشَّامِ، اخسؤوا يا ذُرِّيَّةَ النّفاقِ وحشوَ النّار وحَطَبَ جهنَّم... » (١) . إلى آخر كلامه المروي في تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي / ١٦٧، ومناقب الخوارزمي / ١٣٤(٢) . فكان لهذه الخطبة البليغة موقعٌ تامٌّ في ذلك الجيش اللّجب والجمع المتكاثف، ولم يبقَ في الفريقين إلاّ مَن اعترف بفضله.

____________________

(١) والنّص باختلاف ألفاظه موجودٌ في مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٤، وعنه بحار الأنوار ٤٦ / ٣١٨.

(٢) المناقب للخوارزمي / ٢١٠.

١٠٤

الأطرف:

وأمّا عمر الأطرف، فكما شاركه في العقب، [ فقد ] وقع الخلاف من أهل النّسب في أيِّهما أسبق في الولادة؛ فالذي عليه ابن شهاب العكبري، وأبو الحسن الأشناني، وابنُ جداع، تقدُّم ولادة عمر، وعند شيخ الشرف العُبيدلي، والبغدادي، وأبي الغنائم العمري، تقدُّم ولادة العبّاسعليه‌السلام (١) . ولا يُمكننا الحكم بشيء بعد جهالة السّنة التي توفّي فيها، وذكرها على الإجمال في زمن عبد الملك أو ابنه الوليد لا يُغني، وإنْ عرفوا مقدار عمره بخمس وثمانين أو خمس وسبعين.

نعم، يظهر من المؤرّخين عند ذكر أولاد أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّ العبّاس أكبر منه؛ لأنّهم يُقدّمون ذكر العبّاس وإخوته على عمر، على أنّ الداودي في العمدة / ٣٥٤ يقول: كان عمر آخر مَن وُلِد من بني عليٍّعليه‌السلام .

وعلى كُلّ حالٍ، فالوجه في تسميته بالأطرف إنّما هو بعد ولادة عمر الأشرف ابن الإمام السجّادعليه‌السلام ، أخو زيد الشهيد لاُمّه؛ فإنّه سُمّي بالأشرف، لجمعه الفضيلة من ولادة علي وفاطمةعليهما‌السلام ، والأطرف حاز الفضل من طرف أبيه(٢) .

____________________

(١) عمدة الطالب / ٣٢٨.

(٢) عمدة الطالب / ٢٨١.

١٠٥

ولم يحضر مع الحسينعليه‌السلام في الطَّفِّ، ولا مع مصعب بن الزُّبير، وقد وَهم مَن ذكره في المـُستَشهَدين يوم الطَّفِّ، كما أخطأ الدينوري في الأخبار الطوال / ٢٩٧ في عدّه من جملة مَن قُتل مع مصعب في الحرب القائمة بينه وبين المختار.

وأغرب منه عدّ اليافعي له في مرآة الجنان ١ / ١٤٣ في جملة المقتولين مع المختار؛ لأنّ المشهور بين المؤرّخين بقاؤه إلى بعد الحسينعليه‌السلام حتّى نازع السجّادعليه‌السلام في الصّدقات إلى عبد الملك، فلم ينجح، كما نازع الحسن المثنى فيها عند الحجّاج فطرده عبد الملك عنها(١) .

ويروي السيّد ابن طاووس: أنّه أشار على الحسينعليه‌السلام بالبيعة ليزيد، فقال له:« إنّ أبي حدّثني عنْ رسول اللّه بقتله وقتلي، وإنّ تُربَتي إلى جنب تُربته. أتظنّ أنّك تعلمُ ما لمْ أعلمه؟ فواللّه، لا اُعطي الدَّنيَّةَ مِنْ نفسي » (٢) .

ولا أعلم السّبب في تأخّره عن الطَّفِّ، و( الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا ) (٣). وليس لنا إلاّ التسليم ما لم يقم دليلٌ قطعي على المـُعاندة والمخالفة؛ خصوصاً بعدما جاء الحديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، وفيه:« لا يخرجُ أحدُنا من الدُّنيا حتّى يقرَّ لكُلّ ذي فضلٍ فضلَه، ولو بفواقِ ناقة » (٤) .

فإنّه صريحٌ في توبة مَن كان ظاهرُه الخلاف لأهل البيتعليهم‌السلام عند الممات، ولا إشكال في أنّ التوبة مُكفّرة لما صدر من العصيان

____________________

(١) عمدة الطالب (عند ذكر الحسن المثنى) / ٩٠.

(٢) اللهوف في قتلى الطفوف / ٢٠، والنّص منقول بالمعنى.

(٣) سورة يونس / ٣٦.

(٤) هذان حديثان مُلفّقان منقولان بالمعنى، وهما في كمال الدِّين وتمام النّعمة للشيخ الصدوق / ٦٠٢، وقرب الإسناد للحميري / ٢٤.

١٠٦

كما في صريح الكتاب المجيد، وإجماع المسلمين، والأخبار المتواترة التي تُوجب القطع بمضمونه، فالتهجّم على آل النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمجرد تلك الأحاديث التي لا يُعرف مأخذها، خروج عن طريقة الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام .

وأمّا عبيدُ اللّه بن النّهشليّة فلم يحضر الطَّفَّ، وجاء إلى المختار يطلب الرفد فلم يصله، فالتحق بمصعب وجاء معه، فلمـّا وصل المذار من سواد البصرة، وُجِدَ في فسطاطه مذبوحاً، ولم يُعلم قاتلُه(١) .

والمـُشارك معه في يوم الطَّفِّ أبو بكر، واُمّه ليلى بنت مسعود النّهشليّة. قال ابن جرير وابن الأثير: شُكَّ في قتله(٢) . وفي نفس المهموم / ١٧٣: وُجِدَ في ساقيةٍ قتيلاً، لا يُعلم قاتلُه(٣) .

وكأنّه لمـّا حمل آل أبي طالب بعد قتل عبد اللّه بن مسلم بن عقيل حملةً واحدة، فصاح بهم الحسينعليه‌السلام :« صبراً على الموتِ يا بَني عُمومَتي؛ فواللّه، لا رأيتُمْ هواناً بعد هذا اليوم أبداً » (٤) . سقط فيهم عونٌ ابن الطيّار وأَخوه محمّد، وعبد الرحمن بن

____________________

(١) قال ابن إدريس الحلّي في السّرائر ١ / ٦٥٦: وقد ذهب أيضاً شيخُنا المفيد في كتاب الإرشاد إلى أنّ عبيدَ اللّه بن النّهشليّة قُتل بكربلاءَ مع أخيه الحسينعليه‌السلام . وهذا خطأٌ محضٌ بلا مِراء؛ لأنّ عبيدَ اللّه بن النّهشليّة كان في جيش مصعب بن الزُّبير، ومن جملة أصحابه، قتلهُ أصحابُ المختار.

(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٣٥١، الكامل في التاريخ ٤ / ٩٢.

(٣) مقاتل الطالبيين / ٥٧.

(٤) بحار الأنوار ٤٥ / ٣٦، والعبارة:« صبراً يا بَني عُمومتي، صبراً يا أهلَ بيتي، لا رأيتُمْ هواناً بعدَ هذا اليومِ أبداً » .

١٠٧

عقيل وأَخوه جعفر، ومحمّد بن مسلم بن عقيل، وأبو بكر هذا؛ فلذلك لم يُعرف قاتله.

ومحمّد الأوسط، واُمّه اُمّ ولد، قتله رجل من بني أبان بن دارم واحتزّ رأسه(١) .

وعبد اللّه المولود سنة ٣٦ هـ، وجعفر المولود سنة ٣٣ هـ، وعثمان المولود سنة ٤٠ هـ، فقتل هاني بن ثبيت الحضرمي عبد اللّه وجعفراً، ورمى خولي بن يزيد الأصبحي عثمان، واحتزّ رأسه رجلٌ من بني أبان بن دارم(٢) ، وهؤلاء جَمعهم وإيّاه الاُمومة أيضاً.

والمشارك له في الاسم عباس الأصغر، نصّ عليه النّسّابة السيّد محمّد كاظم اليماني في النّفحة العنبريّة، قال: وكان شقيقاً لعمر الأطرف. وفي ناسخ التواريخ ذكر العبّاس الشهيد والعبّاس الأصغر، ويُؤيّده أنّ النّسّابة العُمَري في المـُجدي، وابن شهر آشوب في المناقب، والشبلنجي في نور الأبصار، والمـُحبّ الطبري في ذخائر العقبى، وصفوا الشهيد بالعبّاس الأكبر(٣) .

وهذا التعبير في عُرف النّسّابين يقع لِمَن يكون له أخٌ أصغرُ منه شاركه في الاسم، لا فيمَن هو أكبر إخوته مُطلقاً ولو لم يشاركه في الاسم، والظاهر أنّ العبّاس الأصغر درج في أيام أبيه؛ لأنّه ليس له ذكرٌ في الوارثين لأمير المؤمنينعليه‌السلام من ولده.

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٤ / ٩٢.

(٢) مقاتل الطالبيين / ٥٥.

(٣) أنساب الأشراف / ١٩٢، المـُجدي في أنساب الطالبيين / ٢٣٢، الجريرة في اُصول أنساب العلويين / ١٢.

١٠٨

أخواتُه:

كانت أخوات العبّاس من أبيه ثمان عشرة(١) ؛ فمنهنّ مَن تُوفّيت أيام أبيهنّ كزينب الصغرى، وجمانة، واُمامة، واُمّ سلمة، ورملة الصغرى(٢) ؛ ومنهنّ مَن لم يُذكر خروجهن إلى أزواج، والذين خرجن إلى أزواج؛ فالعقيلة زينب الكبرى كانت عند عبد اللّه بن جعفر الطيّار، فأولدت له جعفر الأكبر، وعباساً، وعليّاً المعروف بالزينبي، وعوناً الأكبر قُتل يوم الطَّفِّ في حملة آل أبي طالب؛ واُمّ كلثوم، وهي التي زوّجها الحسينعليه‌السلام من ابن عمّها القاسم بن محمّد الطيّار وأنحلها البغيبغات(٣) ؛ ورقيّة عند ابن عمّها الشهيد مسلم بن عقيل، ولدت له عبد اللّه وعليّاً ومحمّداً.

وفي العمدة: تزوّج مسلم اُمّ كلثوم بنت عليعليه‌السلام فولدت له حميدة(٤) ، تزوّجها الفقيه الجليل عبد اللّه بن محمّد بن عقيل بن أبي طالب، أولدها محمّداً، ومنه العقب.

____________________

(١) مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول / ٣١٣.

(٢) مناقب السّروي ٢ / ٧٦.

(٣) المصدر نفسه ٢ / ١٧١.

(٤) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / ٣٢.

١٠٩

ولا يتمّ هذا إلاّ بعد وفاة إحداهنّ؛ إذ لا يجوز الجمع بين الاُختين.

وكانت فاطمة عند أبي سعيد بن عقيل، ولدت له حميدة؛ وخديجة كانت عند عبد الرحمن بن عقيل، ولدت له سعيد؛ واُمّ هاني تزوّجها عبد اللّه الأكبر بن عقيل، ولدت له عبد الرحمن ومحمّد؛ واُمّ الحسن خرجت إلى جعدة بن هبيرة المخزومي؛ واُمامة كانت عند الصَّلت بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المـُطّلب، ولدت له نفيسة(١) .

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٢ / ٩٣، المـُجدي في أنساب الطالبيين / ١٨، إعلام الورى بأعلام الهدى / ٣٩٨.

١١٠

العقيلة:

وكيف كان فالمـُهم في هذا العنوان النّظر في العقيلة الكبرى التي هي أعظمهنّ قدراً، وأجلّهنَّ شأناً؛ فإنّها شظيّةٌ من شظايا النّبوّة، وفلذة من أفلاذ الإمامة، وهي الجوهرة الفريدة التي ضمّها إليه صدف القداسة (الزهراء الطاهرةعليها‌السلام )، وأنجب بها سيّد الأوصياء.

بجِلالِ أحمدَ في مهابةِ حَيدرٍ

قَدْ أنجبتْ اُمُّ الأَئمَّةِ زَينبا

فكانت شريكة الإمامين سيّدي شباب أهل الجنّة في ذلك المـُرتكض الطاهر والحجر الزاكي، والصلب القادس واللبان السّائغ، والتربية الإلهيّة، أضف إلى ذلك العِلم المـُتدفّق والفقه النّاجع، وقد شهد لها ابن أخيها السجّادعليه‌السلام :« بأنّها عالمةٌ غيرُ مُعلَّمة، وفاهمةٌ غيرُ مُفهَّمة » (١) .

وحسبها من الخطر إنّ ما انحنت عليه الأضالع هو ذلك العلم المـُفاض عليها من ساحة القدس الإلهي؛ لا بإرشاد مُعلّمٍ أو تلقين مرشد، مع البلاغة في المنطق، والبراعة في الإفاضة، كأنّها تُفرغ عن لسان أبيها الوصيعليه‌السلام :

____________________

(١) الاحتجاج ٢ / ٣١، المـُجدي في أنساب الطالبيين / ٤٨، بحار الأنوار ٤٥ / ١٦٤.

١١١

وعَنِ الوصيِّ بلاغةٌ خُصّتْ بها

أعيَتْ برونَقِها البليغَ الأخطبَا

ما استَرسَلتْ إلاّ وتحسبُ أنّها

تستلُّ من غُرَرِ الخطابةِ مِقضَبَا

أو أنّها اليَزنيُّ في يدِ باسلٍ

أخْلا بهِ ظهراً وأوهَى مَنْكبَا

أو أنّها تَقتادُ منها فيلقاً

وتسوقُ مِنْ زُمَرِ الحقائقِ مَوكبَا

أو أنّ في غابِ الإمامةِ لبوةً

لزئيرِها عَنتِ الوجوهُ تهيُّبَا

أو أنّها البحرُ الخِضمُّ تلاطَمتْ

أمواجُهُ عِلماً حجى بأساً أبَا

أو أنّ مِنْ غَضَبِ الإلهِ صَواعقاً

لمْ تلفَ عنها آلُ حربٍ مَهربَا

أو أنّ حيدرةً على صَهَواتِها

يُفني كراديسَ الضَّلالِ ثُباً ثُبا

أو أنّهُ ضَمَّتهُ ذروةُ مِنبرٍ

فأنارَ نهجاً للشريعة ألحَبَا

أو أنّ في اللأوى عقيلةَ هاشمٍ

قد فرّقتْ شملَ العَمَى أيدي سَبَا(١)

____________________

(١) من قصيدة للعلاّمة ميرزا محمّد علي الأوردبادي طُبعت في كتاب (زينب الكبرى).

١١٢

ولم تكن هذه البراعة والاسترسال في القول إلاّ عمّا انطبع فيها من النفسيّات القويّة، والملكات الفاضلة، ممتزجة بثبات جأش وطمأنينة نفس وشجاعة؛ إنْ شئت فسمّها بالأديبة، وإلاّ فهي فوق ذلك.

وكانت تلقي خواطرها بين تلك المحتشدات الرهيبة، أو فقل بين النّاب والمخلب، غير متعتعة ولا متلعثمة، وتقذفها كالصواعق على مجتمع خصومها، فكانت أعمالها وخطبُها الجزء الأخير للعلّة من نهضة السّبط الشهيدعليه‌السلام ، وأصبحت تمام الفضيحة للاُمويّين بما نشرته بين الملأ من صحيفتهم السّوداء حتّى ضعضعت عرش دولتهم، وفكّكت عرى سلطانهم، وألصقت بهم العار من كُلّ النّواحي، فكانت شريكة الإمام الشهيدعليه‌السلام في هذه الفضيلة.

وتشاطَرَتْ هيَ والحُسينُ بدعوةٍ

حَتَمَ القضاءُ عليهما أنْ يُندَبَا

هذا بمُشتَبكِ النّصولِ وهذهِ

في حيثُ معتَرَكِ المكارِهِ في السِّبَا(١)

وهذه النّفسيّة التي حوتها، والثبات الذي انطوى عليه أضالعها، أوجب لأخيها الشهيدعليه‌السلام أنْ يصحبها في سفره إلى مشهد الطَّفِّ؛ علماً منه بلياقتها لتلقّي الأسرار كما هي، وأدائها في مورد الأداء كما يجب، وهذا هو الذي أهّلها لتحمّل شطر ممّا يحمله الإمامعليه‌السلام بعد حادثة الطَّفِّ؛ حفظاً للسجّادعليه‌السلام عن عادية الأعداء، فكان يُرجع إليها في معرفة الأحكام الشرعيّة وإنْ كان المرجع إليها زين العبادعليه‌السلام .

____________________

(١) ليلة عاشوراء في الحديث والأدب / ١٥٦.

١١٣

ففي الحديث عن أحمد بن إبراهيم قال: دخلتُ على حكيمة بنت الجواد(١) ، اُخت أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، فكلّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمّت لي مَن تأتمّ بهمعليهم‌السلام ، ثمّ قالت: وفلان بن الحسن بن علي، فسمّته.

فقلتُ لها: جعلني اللّه فداك! مُعاينة أو خبر؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّدعليه‌السلام كتب به إلى اُمّه. فقلتُ لها: فأين المولود؟ فقالت: مستور. فقلتُ: إلى مَن تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدّة اُمّ أبي محمّدعليه‌السلام . فقلت لها: أقتدي بمَن وصيّته إلى امرأة؟! فقالت: اقتداءً بالحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ؛ إنّ الحسين بن عليعليهما‌السلام أوصى إلى اُخته زينب بنت علي بن أبي طالبعليهما‌السلام في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسينعليه‌السلام من علمٍ يُنسب إلى زينب بنت علي؛ تستّراً على علي بن الحسين (ع)(٢) .

ولليقين الثابت والبصيرة النّافذة لم تكترث بشيء من الأهوال، ولا راعها الهزاهز، منذ مشهد الطَّفِّ إلى حين وصولها المدينة، وكان بمنظر منها مصارع آلِ اللّه نجوم الأرض من آل عبد المـُطّلب، وبينهم سيّد شباب أهل الجنّةعليه‌السلام ، بحالة تنفطر لها السّماوات وتنشقُ الأرض وتخرّ الجبال هدّا،

____________________

(١) في المصدر: بنت محمّد بن علي الرضا.

(٢) كمال الدِّين وتمام النّعمة / ٥٠١، الغَيبة للشيخ الطوسي / ٢٣٠.

١١٤

وليس معها من حُماتها حميّ، ولا من رجالها وليّ غير الإمام المضني الذي أنهكته العلل، ونسوة في الأسر مكتنفة بها، بين شاكية وباكية، وطفل كظّه العطش، إلى اُخرى أقلقها الوجل؛ وأمامها الجيش الفاتح الجذل بسكرة الظفر وبشر الشماتة، ودِعة السّلام والفرح بالغنيمة، ومُخيَّم آل بيت اللّه طنّبت عليه الكوارث والمحن؛ فقد الحماة والخوف من الأعداء، والأوام المبرح ونحيب ونشيج، وصراخ وعولة.

والعقيلة في كُلّ هذه الأحوال هي المـُهدّئة لفورتهنَّ، والمـُسكّنة لروعتهنّ، فلم يُشاهَد منها عزم خائر ولا جأش مائر، ولا صرخة عالية ولا ذهول عن أمر الحرم؛ كيف! وهي بقيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ونائبة الحسينعليه‌السلام على تلكم الأحوال، والنّاهضة الكريمة إلى مغزى أخيها، والمتمّمة لقصده الراقي وأمره الرشيد.

نعم، أهمها من بين ذلك شيء رأته؛ نظرت إلى ابن أخيها السجّادعليه‌السلام يجود بنفسه حينما شاهد تلك الجثث الزواكي تصهرها الشمس، فعظم عليها أمر الإمامعليه‌السلام ، فأخذت تُصبّره وتُسلّيه، وهو الذي لا توازن بصبره الجبال.

وفيما قالت له: مالي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي؟ فقالعليه‌السلام :« وكيف لا أجزعُ ولا أهلعُ وقد أرى سيّدي، وإخوتي وعمومتي، ووُلدَ عمِّي وأهلي مُصرَّعينَ بدمائهم، مُرمَّلينَ بالعراء، مُسلَّبين لا يُكفّنون ولا يوارَون، ولا يعرج عليهم ولا يقربُهُم بشرٌ، كأنَّهم أهلُ بيتٍ من الدَّيلم والخزر! » .

١١٥

فقالت: لا يجزعنَّك ما ترى، فواللّه، إنّ ذلك لعهدٌ من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جدّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ اللّه ميثاق اُناس من هذه الاُمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السّماوات، إنّهم يجمعون هذه الأعضاء المـُتفرّقة، والجسوم المـُضرّجة فيوارونها، وينصبون بهذا الطَّفِّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداءعليه‌السلام لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدنّ أئمّةُ الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً، وأمره إلاّ علوّاً(١) .

وهل بعد هذا يبقى مجال للشكّ في موقفها من الثبات، ومحلّها من الطمأنينة ومبوِّئها من العظمة؟! وإنّ حديث الرواة لمـّا وقفت على جسد أخيها، وقالت: اللهمّ، تقبّل منّا هذا القربان(٢) . يدلّنا على تبوّئها عرش الجلالة، وأنّها المأخوذ عليها الميثاق بتلك النّهضة المـُقدّسة كأخيها الحسينعليه‌السلام ، وإنْ كان التفاوت محفوظاً بينهم، حتّى إنّ أحدهما لمـّا أتمّ النّهوض بالعهد وخرج عن العدّة بإزهاق نفسه المـُطهّرة، نهض الآخر بما وجب عليه ومنه تقديم (الذبيح) إلى ساحة الجلال الرّبوبي والتعريف به، ثُمّ طفقت (سلام اللّه عليها ) ناهضة ببقيّة الشؤون التي وجبت عليها؛ ولا استبعاد في ذلك بعد وحدة النّور وتفرّد العنصر.

ثُمّ هلمّ معي لنقرأ موقفها أمام ابن مرجانة، وقد احتشد المجلس بوجوه الكوفة وأشرافها، وهي امرأة عزلاء ليس معها إلاّ

____________________

(١) بحار الأنوار ٢٨ / ٥٧ نقلاً عن كامل الزيارات.

(٢) شجرة طوبى / ٣٩٣، حياة الإمام الحسينعليه‌السلام للقرشي / ٣٠١.

١١٦

مريض يعاني ألم القيود، ونساء ولهى وصبية تئنُّ، فأفرغت عن لسان أبيهاعليه‌السلام بكلام أنفذَ من السّهم وأحدَّ من شبا السّيوف، وألقمت ابن مرجانة حجراً، إذ قالت له: هؤلاء قومٌ كتب اللّه عليهم القتل، وسيجمع اللّهُ بينك وبينهم فتُحاج وتُخاصم، فانظر لمَن الفلج يومئذٍ. هبلتك اُمّك يابن مرجانة(١) !

وأوضحت للملأ المتغافل خبثه ولؤمه، وأنّه لنْ يرحض عنه عارها وشنارها، كما أنّها أدهشت العقول وحيّرت الفكر في خطبتها بالنّاس، والنّاس يومئذ حيارى يبكون لا يدرون ما يصنعون: وأنّى يرحض عنهم العار بقتلهم سليل النّبوّة ومعدن الرسالة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وقد خاب السّعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وباؤوا بغضب من اللّه وخزي في الآخرة، ولَعذاب اللّه أكبر لو كانوا يعلمون؟!

كما أنّها أظهرت أمام ابن ميسون أسرار نهضة أخيها الحسينعليه‌السلام ، وعرّفت الاُمّة طغيان يزيد وضلال أبيه، وفظاعة أعمالهم وعظيم ما اقترفوه، وفيما قالت له: أظننت يا يزيد، حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السّماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأسارى، أنّ بنا على اللّه هواناً، وبك عليه كرامة(٢) ؟!

ولهذه الفصاحة الدقيقة جاء بها شهيد العزّ والإباء إلى العراق؛ لعلمه أنّ الغاية التي يُضحّي بنفسه لأجلها ستذهب أدراج السّلطة الغاشمة، وتبقى الحقيقة مستورة على السُّذّج لو لمْ يتعقّبها لسان ذرب، وأنّ كُلّ أحد لا يستطيع في ذلك الموقف الحرج الذي

____________________

(١) مثير الأحزان لابن نما الحلّي / ٧١.

(٢) بحار الأنوار ٤٥ / ١٣٣، مقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ٤٧.

١١٧

تحفّه سيوف الظلم، أنْ يتكلّم بالحقيقة مهما بلغ من المنعة في عشيرته إلاّ العقيلة؛ فإنّها التي تعلن بموبقات ابن مرجانة وابن معاوية، وإنّ ما جرى على ابن عفيف الأزدي شاهد له.

كما أنّهعليه‌السلام كان على يقين وثقة بإخبار جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ القوم - وإنْ بلغوا الخسّة والغواية، وتناهوا في الخروج عن سبيل الحميّة - لا يمدّون إلى النّساء يد السّوء، وقد أنبأ سلام اللّه عليه عن هذا بقوله لهنّ ساعة الوداع:« البَسوا أزرَكم واستعدّوا للبلاء، واعلموا أنّ اللّهَ حاميكُم وحافظكُم، وسينجيكم مِنْ شرّ الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويُعذّب أعاديكم بأنواع العذاب، ويُعوِّضكُمْ عن هذه البليّة بأنواع النِّعمِ والكرامةِ، فلا تشكُوا ولا تقولوا بألسنتكم ما يُنقصُ مِنْ قَدْرِكُمْ » (١) . فكان في مجيء الحسينعليه‌السلام بالعقيلة فوائدٌ، أهمها: تنزيه دين النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا ألصقوه بساحته من الأباطيل، ولا قبح فيه عقلاً، كما لا يستهجنه العرف ويساعد عليه الشرع.

والمرأة وإنْ وضع اللّه عنها الجهاد ومكافحة الأعداء، وأمرها سبحانه أنْ تقرّ في بيتها؛ فذلك فيما إذا قام بتلك المكافحة ودافع عن قدس الشريعة غيرها من الرجال، وأمّا إذا توقّف إقامةُ الحقِّ ونصرة الدِّين عليها فقط، كان الواجب النّهوض بعبء ذلك كُلّه؛ كي لا تندرس آثار الحقِّ، وتذهب تضحية اُولئك الصفوة دونه أدراج التمويهات؛ ولذلك نهضت سيّدة نساء العالمينعليها‌السلام للدفاع عن خلافة اللّه الكبرى حين اُخذ العهد على سيّد الأوصياءعليه‌السلام بالسّكوت.

____________________

(١) الدمعة السّاكبة ٤ / ٣٤٦.

١١٨

على أنّ الخضوع لناموس عصمة الإمامعليه‌السلام في جميع أقواله وأفعاله الصادرة عنه طيلة حياته، يُحتّم علينا الإذعان بأنّ ما صدر منه منبعث عن حكم إلهي قرأه في الصحيفة الخاصّة به، التي يُخبر الامام الصادقعليه‌السلام عنها:« إنّ لكُلّ واحد منّا صحيفةً يعمل بما فيها » (١) .

ويقول الإمام الباقرعليه‌السلام :« فبتقدّم علمٍ إليهم من رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قام عليٌّ والحسنُ والحسينُ، وبعلمٍ صَمتَ مَن صمت منّا » (٢) . كما أنّهعليه‌السلام أعلَمَ بذلك جابر الأنصاري حين قال له: ألا تصالح كما صالح أخوك الحسنعليه‌السلام ؟ فقالعليه‌السلام :« إنّ أخي فعلَ بأمرٍ من اللّه ورسوله، وأنا أفعل بأمرٍ من اللّه ورسوله » (٣) .

فهذه الأحاديث تُفيدنا نموذجاً من الاهتداء إلى معرفة سير الإمامعليه‌السلام في جميع أفعاله، وأنّها ناشئة عن حِكَم ربانية لا يتطرّق إليها الشكّ والريب، وليس الواجب علينا إلاّ التصديق بكُلّ ما يصدر منه، من دون أنْ يلزمنا الشرع أو العقل بمعرفة المصالح الباعثة على تلك الأفعال الصادرة منه؛ سواء كانت الأفعال في العرف والعادة فظيعة جداً أم لا.

____________________

(١) الكافي ١ / ٢٨٣، ح٤.

(٢) الكافي ١ / ٢٦٢، ح٤.

(٣) الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي / ٣٢٢، مع اختلاف بعض الألفاظ.

١١٩

اُمّ البنين:

هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن(١) .

١ - اُمّها ثمامة(٢) بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب.

٢ - واُمّها عمرة بنت الطفيل بن مالك الأخرم بن جعفر بن كلاب.

٣ - واُمّها كبشة بنت عروة الرحّال بن جعفر بن كلاب.

٤ - واُمّها اُمّ الخشف بنت أبي معاوية ( فارس الهرّار ) ابن عبادة بن عقيل بن كلاب.

٥ - واُمّها فاطمة بنت جعفر بن كلاب(٣) .

٦ - واُمّها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قَصي، وسمّاها في العمدة فاطمة(٤) .

٧ - واُمّها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خُزيمة.

____________________

(١) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / ٣٥٦، قاموس الرجال ١٢ / ١٩٥.

(٢) سمّاها الوافي بالوفيات ١٨ / ٣٤٤ ( ليلى ).

(٣) سمّاها في إكمال الإكمال ٧ / ١١١ ( خالدة ).

(٤) عمدة الطالب لابن عنبة / ٣٥٦.

١٢٠