مقتل العباس (عليه السلام)

مقتل العباس (عليه السلام)15%

مقتل العباس (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 394

  • البداية
  • السابق
  • 394 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77222 / تحميل: 11575
الحجم الحجم الحجم
مقتل العباس (عليه السلام)

مقتل العباس (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وإنّ التأمّل في الحديث يُفيدنا منزلة كبرى لحمزة من الدِّين والإيمان لا تحدّ، وإلاّ فما الفائدة في هذه البيعة والاعتراف بعد ما صدر منه بمكّة من الشهادة للّه بالوحدانية ولرسوله بالنّبوّة؟ ولكنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد لهذه الذات الطاهرة التي حلّقت بصاحبها إلى ذروة اليقين، التحلّي بأفضل صفات الكمال، وهو التسليم لأمير المؤمنينعليه‌السلام بالولاية العامّة، ولأبنائه المعصومينعليهم‌السلام بالخلافة عن جدّهم الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهناك مرتبة اُخرى لا يبلغ مداها أحد، وهي اعتراف حمزة وشهادته بأنّه سيّد الشهداء، وأنّه أسد اللّه وأسد رسوله، وأنّ ابن أخيه الطيّار مع الملائكة في الجنّة، وهذه خاصّة لم يكلّف بها العباد فوق ما عرفوه من منازل أهل البيت المعصومينعليهم‌السلام ، وإنمّا هي من مراتب السّلوك والكشف واليقين.

وإذا نظرنا الى إكبار الأئمّةعليهم‌السلام لمقامه - وهم أعرف بنفسيّات الرجال، حتّى أنّهم احتجّوا على خصومهم بعمومته وشهادته دون الدِّين، كما احتجّوا بنسبتهم إلى الرسول الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع أنّ هناك رجالاً بذلوا أنفسهم دون مرضاة اللّه تعالى - استفدنا درجة عالية تُقرّب من درجاتهمعليهم‌السلام . فهذا أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول:« إنّ قوماً استشهدوا في سبيل اللّه من المهاجرين، ولكلٍّ فضلٌ، حتّى إذا استشهد شهيدُنا، قيل: سيّد الشهداء. وخصّه رسول اللّه بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه » (١) .

____________________

(١) الاحتجاج ٣ / ٢٥٩، بحار الأنوار ٢٢ / ٢٧٢ و٢٣ / ٥٨ و٧٨ / ٣٤٨، نهج السّعادة للمحمودي ٤ / ١٩٢، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥ / ١٨١، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب / ٣٧٢، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ٣ / ٤٤٦.

٦١

وفي يوم الشورى احتجّ عليهم به، فقال:« أنشدكم اللّه، هل فيكم أحدٌ له مثل عمّي حمزة أسد اللّه وأسد رسوله؟ » (١). وقال الإمام المجتبىعليه‌السلام في بعض خطبه:« وكان ممّن استجاب لرسول اللّه عمّه حمزة، وابن عمّه جعفر، فقُتلا شهيدين في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللّه، فجعل حمزة سيّد الشهداء » (٢) . وقال سيّد الشهداء أبو عبد اللّهعليه‌السلام يوم الطَّفِّ:« أوليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي؟! » (٣).

إلى غير ذلك ممّا جاء عنهم في الإشادة بذكره، حتّى إنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل يُكرّر الهتاف بفضله، ويُعرّف المهاجرين والأنصار بما امتاز به أسدُ اللّه وأسدُ رسوله من بينهم؛ كي لا يقول قائل، ولا يتردّد مُسلمٌ عن الإذعان بما حبا اللّه تعالى سيّد الشهداء من الكرامة، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله :

« يا معشر الأنصار، يا معشر بني هاشم، يا معشر بني عبد

____________________

(١) الخصال للشيخ الصدوق / ٥٥٥، الأمالي للشيخ الطوسي / ٥٥٤، بحار الأنوار ٢٢ / ٢٨٠، المناقب للخوارزمي / ٣١٤، الدّر النّظيم / ٣٣، كتاب الولاية لابن عقدة / ١٦٣، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاووس / ٤١٢، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٤٢ / ٤٣٤، ميزان الاعتدال للذهبي ١ / ٤٤٢، لسان الميزان لابن حجر ٢ / ١٥٧، وغيرها من المصادر.

(٢) الأمالي للشيخ الطوسي / ٥٦٣، حلية الأبرار للبحراني ٢ / ٧٤، بحار الأنوار ١٠ / ١٤١ و٢٢ / ٢٨٣، كتاب الولاية لابن عقدة / ١٨٥.

(٣) الإرشاد للشيخ المفيد ٢ / ٩٧، مثير الأحزان للحلّي / ٣٧، تاريخ الطبري ٤ / ٣٢٢، الكامل في التاريخ لابن الأثير ٤ / ٦٢، الدّر النّظيم / ٥٥٢.

٦٢

المـُطّلب، أنا محمّد رسول اللّه، ألا إنّي خُلقتُ مِن طينةٍ مرحومةٍ في أربعة من أهل بيتي: أنا وعلي، وحمزة وجعفر » (١) .

والغرض من هذا ليس إلاّ التعريف بخصوص فضل عمّه وابن عمّه؛ فلذلك لم يتعرّض لخلق الأئمّةعليهم‌السلام ، بل ولا شيعتهم المخلوقين من فاضل طينتهم - كما في صحيح الآثار -، وإنّما ذكر نفسه ووصيّه لكونهما من اُصول الإسلام والإيمان.

كما أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم فتح البصرة، لمـّا صرّح بفضل سبعة من ولد عبد المـُطّلب، قال:« لا ينكرُ فضلَهم إلاّ كافرٌ، ولا يجحدُهُ إلاّ جاحدٌ، وهم: النّبي محمّد ووصيّه، والسّبطان، والمهدي، وسيّد الشهداء حمزة، والطيّار في الجنان جعفر » (٢) . لم يقصد

____________________

(١) الأمالي للشيخ الصدوق / ٢٧٥، التوحيد للشيخ الصدوق / ٢٠٤، الأمالي للشيخ الطوسي / ٤١٠، بحار الأنوار ١١ / ٣٨٠ و٢٢ / ٣٧٤، غاية المرام للبحراني ٥ / ١١٧.

(٢) الكافي ١ / ٤٥٠، ح٣٤، عنه بحار الأنوار ٢٢ / ٢٨٢، ح٤١.

والمؤلّف نقل مضمون الرواية ونصّ الرواية كالتالي: عن أصبغ بن نباتة الحنظلي، قال: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم افتتح البصرة، وركب بغلة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثُمّ قال:« أيّها النّاس، ألا اُخبركم بخيرِ الخلقِ يوم يجمعُهُم اللّه؟ » . فقام إليه أبو أيوب الأنصاري، فقال: بلى يا أمير المؤمنين حدّثنا؛ فإنّك كنت تشهد ونغيب. فقال:« إنّ خير الخلق يوم يجمعُهُم اللّهُ تعالى سبعةٌ من ولد عبد المـُطّلب، لا ينكرُ فضلَهُم إلاّ كافرٌ، ولا يجحدُ به إلاّ جاحدٌ » .

فقام عمّار بن ياسررحمه‌الله ، فقال: يا أمير المؤمنين، سمّهم لنا لنعرفهم. فقال:« خيرُ الخلق يوم يجمعُهُم اللّه الرُّسل، وإنّ أفضلَ الرُّسل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّ أفضلَ كُلِّ اُمّة بعد نبيِّها وصيُّ نبيِّها حتّى يُدركه نبيٌّ، ألا وإنّ أفضلَ الأولياء وصيُّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألا وإنّ أفضلَ الخلق بعد الرُّسلِ الشهداء، ألا وإنّ أفضلَ الشهداء حمزة بن عبد المـُطّلب وجعفر بن أبي طالب، له جناحان يطير بهما في الجنّة، لم يُنحل أحدٌ من هذه الاُمّة جناحان غيره؛ شيءٌ أكرم اللّه به محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وشرّفه، والسّبطان الحسن والحسين، والمهدي عليهم‌السلام ، يجعله اللّه مَن شاء منّا أهل البيت » . ثُمّ تلا هذه الآية:( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَاُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ اُولَـئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً ) . سورة النّساء / ٦٩.

٦٣

بذلك إلاّ التنويه بفضل عمّه وأخيه، فقرن شهادتهما بمَن نهض في سبيل الدّعوة الإلهيّة وهم أركان الإسلام والإيمان. ولو لم تكن لسيّد الشهداء حمزة وابن أخيه الطيّار كلُّ فضيلة سوى شهادتهما للأنبياء بالتبليغ وأداء الرسالة؛ لكفى أنْ لا يتطّلب الإنسان غيرهما.

قال أبو عبد اللّه الصادقعليه‌السلام :« إذا كان يوم القيامة وجمع اللّهُ تبارك وتعالى الخلائق، كان نوح (صلّى اللّه عليه) أوّل مَن يُدعى به، فيُقال له: هل بلّغتْ؟ فيقول: نعم. فيُقال له: مَن يشهد لك؟ فيقول: محمّد بن عبد اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال:فيخرج نوح (صلّى اللّه عليه) ويتخطّى النّاس حتّى يأتي إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو على كثيب المسك، ومعه عليٌّ عليه‌السلام ، وهو قول اللّه عزّ وجل: ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (١) . فيقول نوح لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمّد، إنّ اللّه تبارك وتعالى سألني: هل بلّغت؟ فقلتُ: نعم. فقال: مَن يشهد لك؟ قلتُ: محمّد. فيقول: يا جعفر، يا حمزة، اذهبا واشهدا أنّه قد بلّغ ».

فقال أبو عبد اللّهعليه‌السلام :« فحمزةُ وجعفرٌ هما الشَّاهدان للأنبياء عليهم‌السلام بما بلّغوا » .

____________________

(١) سورة الملك / ٢٧.

٦٤

فقال الراوي: جُعلت فداك! فعليٌّعليه‌السلام أين هو؟ فقال:« هو أعظمُ منزلة مِن ذلك » (١) .

وهذه الشهادة لا بدّ أنْ تكون حقيقية، بمعنى أنّها تكون عن وقوفٍ بمعالم دين نوحعليه‌السلام ، وأديان الأنبياء الّذين هما الشاهدان لهم بنصّ الحديث، وإحاطة شهوديّة بها وبمعارفها، وبمواقعها وبوضعها في الموضع المقرّر له، وإلاّ لما صحّت الشهادة.

وهذا المعنى هو المتبادر إلى الذهن من الشهادة عند إطلاقها، فهي ليست شهادة علميّة، بمعنى حصول العلم لهما من عصمة الأنبياء بأنّهم وضعوا ودائع نبوّاتهم في مواضعها، ولو كان ذلك كافياً لما طُولبوا بمَن يشهد لهم؛ فإنّ جاعل العصمة فيهم - جلّ شأنه - أعرف بأمانتهم، لكنّه لضرب من الحكمة أراد سبحانه وتعالى أنْ يجري الأمر على اُصول الحكم يوم فصل القضاء. ثُمّ إنّ هذه الشهادة ليست فرعيّة، بمعنى أنّهما يشهدان عن شهادة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فإنّ المطلوب في المحاكم هي الشهادة الوجدانيّة فحسب.

فإذا تقرّر ذلك، فحسبُ حمزة وجعفر من العلم المتدفّق خبرتهما بنواميس الأديان كُلِّها، والنّواميس الإلهيّة جمعاء، أو وقوفهما بحقِّ اليقين، أو بالمعاينة في عالم الأنوار، أو المشاهدة في عالم الأظلّة والذكر لها في عالم الشهود والوجود. ومن المستحيل بعد تلك الإحاطة أنْ يكونا جاهلَين بشيء من نواميس الإسلام.

____________________

(١) الكافي للكليني ٨ / ٢٦٧، ح ٣٩٢، وعنه بحار الأنوار للمجلسي ٧ / ٢٨٣، ح٤.

٦٥

طالب:

إنّ الثابت عند المـُحقّقين إسلام طالب بن أبي طالب من أوّل الدعوة؛ فإنّ المتأمّل إذا نظر بعين البصيرة إلى أبي طالب، وقد ضَمّ أولاده أجمع والنّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله معهم، لا يفارقونه في جميع الأحوال مع ما يشاهدونه منهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الآيات الباهرات؛ لا يرتاب في صدق الدعوى، وقد أفصح عنه شعره(١) :

إذا قِيلَ مَنْ خَيرُ هذا الوَرى

قَبيِلاً وأكرَمَهم اُسرَهْ

أنافَ بعَبِدِ مُنافٍ أبٌ

وفَضلّهُ هَاشِمُ الغُرّهْ

لقد حَلّ مَجدُ بَنِي هَاشمٍ

مَكانَ النّعائِمِ والنّثرهْ

وخَيرُ بَنِي هَاشِمٍ أحمدٌ

رَسولُ الإلهِ عَلى فَترهْ

وإنّ في حديث جابر الأنصاري ما يُفيد منزلة أرقى من مجرّد الإسلام؛ يقول قلت لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أكثر النّاس يقولون: إنّ أبا طالب مات كافراً.

____________________

(١) إيمان أبي طالب للشيخ المفيد / ٣٥، بحار الأنوار ٣٥ / ١٦٥، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤ / ٧٨.

٦٦

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا جابر، ربّك أعلم بالغيب؛ إنّه لمـّا كانت الليلة التي اُسرِيَ بِي فيها إلى السّماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار، فقلتُ: إلهي، ما هذه الأنوار؟ فقال: يا مُحمّد، هذا عبد المـُطّلب، وهذا أبو طالب، وهذا أبوك عبد اللّه، وهذا أخوك طالب. فقلتُ: إلهي وسيّدي، فِيم نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانِهم الإيمان، والصبر على ذلك حتّى ماتوا » (١) .

وروى الكليني في روضة الكافي عن الصادقعليه‌السلام :« كان طالب مسلماً قبل بدر، وإنّما أخرَجَتْهُ قريشٌ كرهاً، فنزل رجَّازوهم يرتجزونْ، ونزل طالب يرتجز:

يا ربِّ إمّا يغزُوَنْ بطالبِ

في مَقنبٍ من هذه المقانبِ

في مَقنَبِ المـُحاربِ المـُغالبِ

يَجعلُهُ المَسلُوبَ غيرُ السّالبِ(٢)

وروى محمّد بن المـُثنّى الحضرمي: أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقي

____________________

(١) روضة الواعظين / ٨١، وعنه في بحار الأنوار ٣٥ / ١٦، ح١٢، الدّر النّظيم للعاملي / ٢٣٤.

(٢) روضة الكافي للكليني ٨ / ٣٧٥، عمدة الطالب لابن عنبة / ٣٠، وعن الكافي في بحار الأنوار ١٩ / ٢٩٤، ح٣٨، المـُجدي في أنساب الطالبيين للعلوي / ٣١٨، تاريخ الطبري ٢ / ١٤٤، الكامل في التاريخ ٢ / ١٢١، الوافي بالوفيات ١٦ / ٢٢٢، البداية والنّهاية ٣ / ٣٢٥، السّيرة النبويّة لابن هشام الحميري ٢ / ٤٥١، السّيرة النبويّة لابن كثير ٢ / ٤٠٠.

٦٧

أبا رافع مولى العبّاس بن عبد المـُطّلب يوم بدر فسأله عن قومه، فأخبره أنّ قريشاً أخرجوهم مُكرَهين(١) . ويشهد له ما رواه ابن جرير: أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم بدر:« إنّي لأعرفُ رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد اُخرجوا كرهاً، لا حاجة لهم بقتالنا، فمَن لقي منكم أحداً منهم فلا يقتله، ومَن لقيَ العبّاس بن عبد المـُطّلب فلا يقتله؛ إنّما خرج مُستَكرهاً » (٢) .

وقد اختلف في موت طالب؛ فقيل: إنّه لمـّا خرج إلى بدر فُقد ولم يُعرف خبره. وقيل: أقحمه فرسُهُ في البحر فغرق. وليس من البعيد أنّ قريشاً قتلته حينما عرفت منه الإسلام، وعرفت مصارحته بالتفاؤل بمغلوبيَّتهم، وكان حاله كحال سعد بن عبادة لمـّا رماه الجنّ

____________________

(١) الاُصول السّتة عشر من الاُصول الأوّليّة / ٢٥٩، وفي مجمع الزوائد للهيثمي ٧ / ١٠: عن ابن عباس -رضي‌الله‌عنهما - قال: كان ناسٌ من أهل مكّة قد أسلموا، وكانوا مُستخفين بالإسلام، فلمـّا خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم مُكرهين.

قلت: أخرج البخاري بعضه، رواه البزّار، ورجاله رجال الصحيح غير محمّد بن شريك، وهو ثقة.

أقول: وفي إخفاء الأسماء عادة قديمة عند القوم، ولهم تضلّع كبير فيها يعرفها مَن سَبَر كلماتهم، ولاحظ أقوالهم. وللّه مع ما يُسمَّون بـ ( أهل السُّنَّة والحديث ) شؤون لا تخفى.

(٢) بحار الأنوار ١٩ / ٣٠٤، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤ / ١٨٣، تفسير القرطبي ٨ / ٤٩، تفسير ابن كثير ٢ / ٣٤٠، الطبقات الكبرى لابن سعد ٤ / ١٠، تاريخ الطبري ٢ / ١٥١، الكامل في التاريخ ٢ / ١٢٨، تاريخ الإسلام ٢ / ٥٨ و١٢٠، البداية والنّهاية ٣ / ٣٤٨، السّيرة النّبويّة لابن هشام الحميري ٢ / ٤٥٨، السّيرة النّبويّة لابن كثير ٢ / ٤٣٦، سُبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ٤ / ٤٩، السّيرة الحلبيّة للحلبي ٢ / ٤١٣.

٦٨

( لو صدقت الأوهام )(١) .

____________________

(١) لم يُعرف حال طالب بن أبي طالب بشيء، غير ذكر له: مَن خرج مُكرَهاً من بني هاشم إلى معركة بدر. وأمّا حاله بعدها فهو مجهولٌ عند المـُحدّثين والمؤرّخين.

قال ابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ١٢١: كان اسم أبي طالب عبدَ مناف، وكان له من الولد طالب بن أبي طالب، وكان المـُشركون أخرجوه وسائر بني هاشم إلى بدر كرهاً... فلمـّا انهزموا لم يُوجد في الأسرى، ولا في القتلى، ولا رجع إلى مكّة، ولا يُدرى ما حلّ به، وليس له عقب. ومثله في تاريخ الطبري ٢ / ١٤٣، والكامل في التاريخ لابن الأثير ٢ / ١٢١.

وقال ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٨١٧: وذكروا أنّ ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم فهاموا، ولم يُوجد ولم يُسمع لهم بأثر؛ طالب بن أبي طالب. ومثله في اُسد الغابة ٣ / ١١٢، وغيرها من المصادر الكثيرة التي اتّفقت على جهالة حال طالب بعد معركة بدر، وهذا شيء غريب مُلفتٌ للنظر؛ خصوصاً وأنّ المؤرّخين ركَّزوا على بني هاشم وذكرِ أخبارِهم وسيَرهم!

ثُمّ إنّ المؤلِّف شبّهه - على بُعد - بسعد بن عبادة الأنصاري المعروف في وقعة السّقيفة، وموقفه من أبي بكر وعمر من معارضته وعدم مبايعته لهما، وهذا الصحابي اختُلف في موته.

قال ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٥٩٩: ولم يختلفوا أنّه وُجد ميّتاً في مغتسله، وقد اخضرّ جسدُهُ ولم يشعروا بموته حتّى سمعوا قائلاً - ولا يرون أحداً -:

قَتلنَا سيّدَ الخَزْ

رجِ سعدَ بنَ عبادَهْ

رميناهُ بسهمٍ

فلَمْ يُخطِ فؤادَهْ

ويُقال: إنّ الجنّ قتلته.

قال السيّد الأمين في أعيان الشيعة ٧ / ٢٢٥، وقيل: إنّ الذي رماه المغيرةُ بنُ شعبة، وقيل: شخصاً غيره رماه كلّ واحد بسهم، واُشيع أنّ الجنّ رمته، وقالت البيتين.

ويُحكى عن بعض الأنصار، أنّه قال:

وما ذنبُ سعدٍ أنّهُ بالَ قائماً

ألا رُبَّما حقَّقْتَ فعلَكَ بالغدرِ

يقولون سعدٌ شقّتْ الجنُّ بطَنَهُ

ولكنَّ سعداً لم يُبايع أبا بكرِ

وفي الاستيعاب: لم يختلفوا أنّه وُجد ميّتاً في مغتسله، وقد اخضرّ جسده ولم يشعروا بموته حتّى سمعوا قائلاً يقول - ولا يرون أحد -: نحن قتلنا... البيتين، ويُقال: إنّ الجنّ قتلته. وياليت شعري، وما ذنبه إلى الجنِّ حتّى تقتله الجنّ؟! ويُنقل عن محمّد بن جرير الطبري - وكأنّه الشيعي -، وفي مؤلّفه عن أبي علقمة، قلتُ لابن عبادة، وقد مال النّاس إلى بيعة أبي بكر: ألا تدخل فيما دخل فيه المـُسلمون؟ قال: إليك عنّي، فواللّه، لقد سمعتُ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:« إذا أنا متُّ تضلّ الأهواء، ويرجعُ النّاس على أعقابِهم، فالحقُّ يومئذٍ مع عليٍّ، وكتابُ اللّه بيده » . لا نُبايع أحداً غيره. فقلتُ له: هل سمع هذا الخبر أحدٌ غيرك من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: اُناسٌ في قلوبهم أحقادٌ وضغائنٌ. قلتُ: بل نازعتك نفسك أنْ يكون هذا الأمر لك دون النّاس. فحلف أنّه لم يهمّ بها ولم يُردها، وأنّهم لو بايعوا عليّاً لكان أوّلَ مَن بايعه.

٦٩

عقيل:

كان عقيل بن أبي طالب أحد أغصان الشجرة الطيّبة، وممّن رضي عنهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فإنّ النّظرة الصحيحة في التاريخ تفيدنا اعتناقه الإسلام أوّل الدعوة، وكان هذا مجلبة للحبّ النّبوي؛ حيث اجتمعت فيه شرائط الولاء من: رسوخ الإيمان في جوانحه، وعمل الخيرات بجوارحه، ولزوم الطاعة في أعماله، واقتفاء الصدق في أقواله، فقول النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله له:« إنّي اُحبّك حُبّين: حُبّاً لك، وحبّاً لحبِّ أبي طالب لك » (١) . إنّما هو لأجل هاتيك المآثر، وليس من المعقول كون حُبّه لغاية شهويّة، أو لشيء من عرض الدنيا.

____________________

(١) ورد هذا الحديث بألفاظه المختلفة في المصادر التالية: بحار الأنوار ٣٥ / ١٥٧ و٤٢ / ١١٥، المـُستدرك للحاكم ٣ / ٥٧٦، مجمع الزوائد ٩ / ٢٧٣، المعجم الكبير للطبراني ١٧ / ١٩١، الاستيعاب ٣ / ١٠٧٨، الطبقات الكبرى ٤ / ٤٤، معرفة الثقات للعجلي ١ / ٣٨٣، تاريخ مدينة دمشق ٢٠ / ٥٥ و٤١ / ١٨، اُسد الغابة ٣ / ٤٢٢، سير أعلام النّبلاء ١ / ٢١٩، تاريخ الإسلام للذهبي ٤ / ٨٤، الوافي بالوفيات ٢٠ / ٦٣، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١١ / ٢٥ و١٤ / ٧٠، السّيرة الحلبيّة ١ / ٤٣٢.

قال المؤلِّف: ولكنّه في المجالس - مجلس ٢٧ - روى عن ابن عباس: أنّ عليّاًعليه‌السلام قال لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« أتحب عقيلاً؟ » . قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« أي واللّه، إنّي لأحبُّه حُبّين: حُبّاً لرسول اللّه، وحُبّاً لحبّ أبي طالب له، وإنّ ولدَهُ لمقتولٌ في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيونُ المؤمنين، وتُصلّي عليه الملائكة المـُقرّبون » . ثُمّ بكى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى جرت دموعه على صدره، وقال:« إلى اللّه أشكو ما تلقَى عترتي بعدي » .

وهو في الأمالي للشيخ الصدوق / ١٩١ ح٢٠١/٣، وعنه بحار الأنوار ٢٢ / ٢٨٨، ح٥٨.

٧٠

إذاً فحسب عقيل من العظمة هذه المكانة الشامخة؛ وقد حدته قوةُ الإيمان إلى أنْ يسلق أعداء أخيه أمير المؤمنينعليه‌السلام بلسان حديد، خلّده عاراً عليهم مدى الحقب والأعوام(١) .

على أنّ حُبَّ أبي طالب له لم يكن لمحض النّبوّة؛ فإنّه لم يكن ولده البكر، ولا كان أشجع ولده، ولا أوفاهم ذمّة، ولا ولده الوحيد، وقد كان في ولده مثل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأبي المساكين جعفر الطيّار، وهو أكبرهم سنّاً، وإنّما كان ( شيخ الأبطح ) يُظهر مرتبة من الحُبِّ له مع وجود ولده (الإمام) وأخيه الطيّار؛ لجمعه الفضائل والفواضل، موروثة ومكتسبة.

وبعد أنْ فرضنا أنّ أبا طالب حجّة وقته، وأنّه وصيٌّ من الأوصياء، لم يكن يحابي أحداً بالمحبّة وإنْ كان أعزّ ولده، إلاّ أنْ يجده ذلك الإنسان الكامل الذي يجب في شريعة الحقِّ ولاؤه؛ ولا شكّ أنّ عقيلاً لم يكن على غير الطريقة التي عليها أهل بيته أجمع من الإيمان والوحدانية للّه تعالى، وكيف يشذّ عن خاصّته وأهله وهو وإيّاهم في بيت واحد، وأبو طالب هو المـُتكفّل

____________________

(١) قال العلاّمة الأميني في الغدير ١٠ / ٢٦١: قال معاوية لعقيل بن أبي طالب: إنّ عليّاً قد قطعك وأنا وصلتُك، ولا يرضيني منك إلاّ أنْ تلعنه على المنبر.

قال: أفعل. فصعد المنبر، ثُمّ قال - بعد أنْ حمدَ اللّهَ وأثنى عليه، وصلّى على نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله -: أيّها النّاس، إنّ معاوية بن أبي سفيان قد أمرني أنْ ألعن عليَّ بن أبي طالب فالعنوه، فعليه لعنةُ اللّه والملائكة والنّاس أجمعين.

ثُمّ نزل، فقال له معاوية: إنّك لمْ تُبيّن مَن لعنت منهما، بيّنه. فقال: واللّه، لا زدتُ حرفاً ولا نقصت حرفاً، والكلام إلى نيّة المـُتكلّم.

العقد الفريد ٢ / ١٤٤، المستطرف ١ / ٥٤.

والكلام فيه تورية لطيفة، ولعنٌ لمعاوية من قِبل عقيل.

٧١

تربيته وإعاشته، فلا هو بطارده عن حوزته، ولا بمبعده عن حومته، ولا بمتضجّر منه على الأقل.

وكيف يتظاهر بحُبِّه ويدنيه منه - كما يعلمنا النّص النّبوي السّابق - لو لمْ يتوثّق من إيمانه ويتيقّن من إسلامه، غير أنّه كان مُبطناً له كما كان أبوه من قبل وأخوه طالب؛ وإنْ كُنّا لا نشكّ في تفاوت الإيمان فيه وفي أخويه الطيّار وأمير المؤمنينعليهما‌السلام . وحينئذ لم يكن عقيل بدعاً من هذا البيت الطاهر الّذي بُني الإسلام على علاليه، فهو مؤمن بما صدع به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله منذ هتف داعية الهدى.

كما لبّت هذا الهتاف اُختهم اُمّ هاني، فكانت من السّابقات إلى الإيمان، كما عليه صحيح الأثر، وفي بيتها نزل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن معراجه، وهو في السّنة الثالثة من البعثة، وحدّثها بأمره قبل أنْ يخرج إلى النّاس، وكانت مُصدّقة له، غير أنّها خشيت تكذيب قريش إيّاه، وعليه فلا يُعبأ بما زعم من تأخّر إسلامها إلى عام الفتح سنة ثمان من الهجرة(١) .

____________________

(١) في مناقب ابن شهر آشوب ١ / ١١٠، إنّها ماتت في أيام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن ابن حجر في تقريب التهذيب ٢ / ٦٧٣، ٨٨٢١ نصّ على وفاتها في خلافة معاوية، وعليه فليست هي المعنيّة بما في كامل الزيارات / ١٩٥: وأقبلت إليه بعضُ عمّاته تقول: أشهد يا حسين، لقد سمعت قائلاً يقول:

وإنّ قَتيلَ الطّفِّ من آلِ هَاشمٍ

أذلَّ رِقَاباً مِنَ قُريشٍ فَذلّتِ

انتهى كلام المؤلِّف.

أقول: مضافاً إلى ذلك، فإنّ المـُحدّثين ذكروا أنّ قائل هذه الأبيات سليمان بن قتّة الخُزاعي. وارجع إلى: مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٦٣، مثير الأحزان لابن نما الحلّي / ٨٩، الاستيعاب لابن عبد البر ١ / ٣٩٤، نظم درر السّمطين / ٢٢٦، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٥٩، اُسد الغابة ٢ / ٢٢، تهذيب الكمال ٦ / ٤٤٧، سير أعلام النّبلاء ٣ / ٣١٨، تاريخ الإسلام ٥ / ١٠٨، البداية والنّهاية ٨ / ٢٣٠.

٧٢

وما عسى أنْ يقول القائل في اُمّهم - زوج شيخ الأبطح - بعد شهادة الرسول الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّها من الطاهرات الطيّبات المؤمنات في جميع أدوار حياتها.

والعجب ممّن اغتر بتمويه المـُبطلين؛ فدوّن تلك الفرية زعماً منه أنّها من فضائل سيّد الأوصياء، وهي: إنّ فاطمة بنت أسد دخلت البيت الحرام وهي حاملة بعليٍّعليه‌السلام ، فأرادت أنْ تسجد لهُبل فمنعها عليٌّعليه‌السلام وهو في بطنها!(١) . وقد فات المسكين أنّ في هذه الكرامة طعناً بتلك الذات المـُبرّأة من رجس الجاهليّة ودنس الشرك؛ وكيف يكون أشرف المخلوقات بعد خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله المتكوّن من النّور الإلهي مُودَعاً في وعاء الكفر والجحود؟!

كما أنّهم أبعدوها كثيراً عن مستوى التعاليم الإلهيّة، ودروس خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله المـُلقاة عليها كُلَّ صباح ومساء، وفيها ما فرضه المهيمن - جلّ شأنه - على الاُمّة جمعاء من الإيمان بما حبى ولدها الوصيَّعليه‌السلام بالولاية على المؤمنين حتّى اُختصّ بها دون الأئمّة من أبنائهعليهم‌السلام ؛ وإنْ كانوا نوراً واحداً، وطينة واحدة.

ولقد غضب الإمام الصادقعليه‌السلام على مَن سمّاه أمير المؤمنين، وقال:« مه، لا يصلح هذا الاسم إلاّ لجدّي أمير المؤمنين » .

____________________

(١) السّيرة الحلبيّة للحلبي ١ / ٤٢٢، شرح إحقاق الحقّ للمرعشي ٨ / ٧٠.

٧٣

فرووا أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف على قبرها وصاح:« ابنك عليٌّ لا جعفر ولا عقيل » . ولما سُئل عنه، أجاب:« إنّ المَلكَ سألَها عمّن تُدين بولايته بعد الرسول، فخجلت أنْ تقول ولدي » (١) .

أمن المعقول أنْ تكون تلك الذات الطاهرة، الحاملة لأشرف الخلق بعد النّبوّة بعيدة عن تلك التعاليم المـُقدّسة؟! وهل في الدِّين حياء؟! نعم، أرادوا أنْ يزحزحوها عن الصراط السّوي، ولكن فاتهم الغرض وأخطؤوا الرمية؛ فإنّ الصحيح من الآثار ينصّ على أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا أنزلها في لحدها، ناداها بصوت رفيع:« يا فاطمة، أنا محمّدٌ سيّدُ وُلدِ آدمَ ولا فخر، فإذا أتاك منكرٌ ونكيرٌ فسألاك: مَن ربّك؟ فقولي: اللّهُ ربّي، ومحمّدٌ نبيِّي، والإسلامُ ديني، والقرآنُ كتابي، وابني إمامي ووليّي » . ثمّ خرج من القبر، وأهال عليها التُّراب(٢) . ولعلّ هذا خاصّ بها ومَن جرى مجراها من الزّاكين الطيّبين، وإلاّ فلم يعهد في زمن الرسالة تلقين الأموات بمعرفة الولي بعده؛ فإنّه كتخصيصها بالتكبير أربعين مع أنّ التكبير على الأموات خمس.

وبالرغم من هاتيك السّفاسف التي أرادوا بها الحطّ من مقام والدة الإمامعليه‌السلام ، أظهر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أمام الاُمّة ما أعرب عن مكانتها من الدِّين، وأنّها بعين فاطر السّماء حين كفّنها بقميصه الذي لا يبلى؛ لتكن مستورة يوم يعرى الخلق، وكان الاضطجاع في قبرها إجابة

____________________

(١) الفضائل لابن شاذان / ١٠٣، مستدرك الوسائل ٢ / ٣٤٢.

(٢) روضة الواعظين للنيسابوري / ١٤٢، بحار الأنوار ٧٨ / ٣٥١، ح ٢٢ عن مجالس الصدوق، بشارة المصطفى للطبري / ٣٧٢.

٧٤

لرغبتها فيه عند ما حدّثها عن أهوال القبر، وما يكون فيه من ضغطة ابن آدم.

فتحصّل: إنّ هذا البيت الطاهر (بيت أبي طالب) بيتُ توحيدٍ وإيمانٍ، وهدى ورشاد، وإنّ مَن حواه البيت رجالاً ونساءً كُلّهم على دين واحد منذ هتف داعية الهُدى وصَدعَ بأمر الرسالة، غير أنّهم بين مَن جاهر باتّباع الدعوة، وبين مَن كتم الإيمان لضرب من المصلحة.

٧٥

السّفر إلى الشام:

لقد كانت الروايات في سفر عقيل إلى الشام، في أنّه على عهد أخيه الإمام أو بعده، متضاربة، واستظهر ابن أبي الحديد في شرح النّهج ٣ / ٨٢ أنّه بعد شهادة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وجزم به العلاّمة الجليل السيّد علي خان في الدرجات الرفيعة، وهو الذي يقوى في النّظر بعد ملاحظة مجموع ما يُؤثر في هذا الباب؛ وعليه تكون وفادته كوفود غيره من الرجال المرضيِّين عند أهل البيتعليهم‌السلام إلى معاوية في تلك الظروف القاسية، بعد أنْ اضطرّتهم إليه الحاجة، وساقهم وجه الحيلة في الإبقاء على النّفس، والكفّ من بوادر الرَّجل، فلا هُم بملومين بشيء من ذلك، ولا يحطّ من كرامتهم عند الملأ الديني؛ فإنّ للتقيّة أحكاماً لا تُنقض، ولا يُلام المـُضطرّ على أمر اضطرّ إليه.

على أنّ عقيلاً لم يُؤثر عنه يوم وفادته على معاوية إقرار له بإمامةٍ، ولا خضوع له عند كرامة، وإنّما المأثور عنه الوقيعة فيه، والطعن في حسبه ونسبه، والحطّ من كرامته، والإصحار بمطاعنه، مشفوعة بالإشارة إلى فضل أخيه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

من ذلك أنّ معاوية قال له: يا أبا يزيد، أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك؟ فقال عقيل: مررت والله، بعسكر أخي، فإذا ليلٌ كليل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونهارٌ كنهار رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلاّ أنّ رسول

٧٦

اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس في القوم؛ ما رأيت إلاّ مُصلّياً، ولا سمعت إلاّ قارئاً، ومررت بعسكرك، فاستقبلني قوم من المـُنافقين ممّن نفر برسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة العقبة(١) .

وقال له معاوية: إنّ عليّاً قطع قرابتك وما وصلك. فقال له عقيل: واللّه، لقد أجزلَ العطيّة وأعظَمها، ووصل القرابة وحفظها، وحسنَ ظنّه باللّه إذ ساء به مثلك، وحفظ أمانته، وأصلح رعيته إذ خنتُم وأفسدتم وجرتم، فاكفف لا أباً لك؛ فإنّه عمّا تقول بمعزل(٢) . ثُمّ صاح: يا أهل الشام، عنّي فاسمعوا لا عن معاوية، إنّي أتيت أخي عليّاًعليه‌السلام فوجدته رجلاً قد جعل دنياه دون دينه، وخشي اللّه على نفسه، ولم تأخذه في اللّه لومة لائم... وإنّي أتيت معاوية فوجدته قد جعل دينه دون دنياه، وركب الضلالة واتّبع هواه، فأعطاني ما لمْ يعرق فيه جبينُه، ولم تكدح فيه يمينُه؛ رزقاً أجراه اللّه على يديه، وهو المـُحاسَب عليه دوني، لا محمود ولا مشكور.

ثُمّ التفت إلى معاوية، فقال: أما واللّه يابن هند، ما تزال منك سوالف يمرّها منك قول وفعل؛ فكأنّي بك وقد أحاط بك ما الذي منه تحاذر. فأطرق معاوية ساعة، ثُمّ قال: مَن يعذرني من بني هاشم. ثُمّ أنشد يقول:

اُزيدُهُمُ الإكرامَ كَي يشعَبُوا العَصَا

فيأبَوا لدَى الإكرامِ أنْ لا يُكرَمُوا

____________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٢٥.

(٢) الدرجات الرفيعة / ١٦١.

٧٧

وإذا عَطَفتني رقَّتانِ عَليهمُ

نَأوا حَسداً عنّي فكانوا هُمُ هُمُ

واُعطيهمُ صَفوَ الإخا فكأنَّنِي

معاً وعطايايَ المـُباحةَ عَلقَمُ

واُغضِي عَنِ الذَّنبِ الّذي لا يُقيلُهُ

مِنَ القومِ إلاّ الهَزْبَريُّ المـُقَمَّمُ

حُباً واصطباراً وانعطافاً ورقَّةً

وأكظمُ غيظَ القلبِ إذْ ليسَ يُكظَم

أما واللّه يابن أبي طالب، لولا أنْ يُقال: عجل معاوية لخرقٍ ونكل عن جوابك، لتركتُ هامتَكَ أخفَّ على أيدي الرِّجال من حَوي الحنظل.

فأجابه عقيل:

عذيرُكَ مِنهُمْ مَنْ يلومُ عليهمُ

ومَنْ هو مِنهُمْ في المقالةِ أظلَمُ

لَعمرُكَ ما أعطيتَهُمْ منكَ رأفة

ولكنْ لأسبابٍ وحولَكَ علقَمُ

أبَى لهُمُ أنْ ينزلَ الذلُّ دارَهمْ

بنو حُرَّةٍ زُهرٌ وعقلٌ مُسلّمُ

وإنَّهُمُ لمْ يقبَلوا الذّلَّ عنوةً

إذا ما طغَى الجبَّارُ كانوا هُمُ هُمُ

فدونَكَ ما أسْدَيتَ فاشدُدْ يداً بِه

وخيرُكُمُ المبْسوطُ والشرَّ فالزموا

ثُمّ رمى المئة ألف درهم، ونفض ثوبه وقام ومضى، فلم يلتفت إليه.

فكتب إليه معاوية: أمّا بعد، يا بني عبد المـُطّلب، أنتم واللّه فروعُ قَصي، ولبابُ عبد مناف، وصفوةُ هاشم، فأين أحلامكم الراسية وعقولكم الكاسية، وحفظكم الأواصر وحبكم العشائر، ولكم الصفح

٧٨

الجميل والعفو الجزيل، مقرونان بشرف النّبوّة وعزّ الرسالة، وقد والله، ساءني ما كان جرى، ولنْ أعود لمثله إلى أنْ اُغيّب في الثرى.

فكتب إليه عقيل:

صَدقتَ وقلتَ حقّاً غيرَ أنّي

أرَى ألا أراكَ ولا ترانِي

ولستُ أقولُ سُوءاً في صدِيقي

ولكنِّي أصدُّ إذا جفاني

فكتب إليه معاوية وناشده في الصفح، وأجازه مئة ألف درهم حتّى رجع(١) . فقال له معاوية: لِمَ جفوتنا يا أبا يزيد؟ فأنشأ عقيل:

وإنّي امرُؤٌ منّي التَّكرُّمُ شيمةٌ

إذا صاحبِي يوماً على الهَونِ أضمَرَا

ثُمّ قال: أيم اللّه يا معاوية، لئن كانت الدُّنيا أفرشتك مهادها، وأظلّتك بسرادقها، ومدّت عليك أطناب سلطانها، ما ذاك بالذي يزيدك منّي رغبةً ولا تخشّعاً لرهبة. فقال معاوية: لقد نعتها أبو يزيد نعتاً هشّ له قلبي. وأيم اللّه يا أبا يزيد، لقد أصبحت كريماً وإلينا حبيباً، وما أصبحتُ أضمر لك إساءة(٢) .

هذا حال عقيل مع معاوية، وحينئذ فأيّ نقص يلمّ به والحالة هذه؟!

____________________

(١) الدرجات الرفيعة / ١٦٣ - ١٦٤.

(٢) الدرجات الرفيعة / ١٦٤.

٧٩

وعلى الوصف الذي أتينا به تعرف أنّه لا صحة لما رواه المتساهلون في النّقل من كونه مع معاوية بصفين؛ فإنّه ممّا لم يُتأكد إسنادُهُ ولا عُرِفَ متنُه، ويُضادُه جميعُ ما ذكرناه، كما يبعده كتابه من مكّة إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام حين أغار الضحّاك على الحيرة وما والاها، وذلك بعد حادثة صفين، وهذه صورة الكتاب: لعبد اللّه أمير المؤمنين، من عقيل بن أبي طالب: سلام عليك، فإنّي أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلاّ هو.

أمّا بعد، فإنّ اللّه حارسك من كُلّ سوء، وعاصمك من كُلّ مكروه وعلى كُلّ حال، فإنّي خرجت إلى مكّة معتمراً، فلقيت عبد اللّه بن أبي سرح مُقبلاً من ( قديد ) في نحو من أربعين شابّاً من أبناء الطُّلقاء، فعرفت المنكر في وجوههم، فقلت: إلى أين يا أبناء الشانئين؟ أبمعاوية لاحقون؛ عداوة للّه منكم غير مُستنكَرة، تُريدون إطفاء نور اللّه وتبديل أمره؟ فأسمعني القوم وأسمعتهم، فلمـّا قدمت مكّة سمعت أهلها يتحدّثون أنّ الضحّاك بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالها ما شاء، ثُمّ انكفأ راجعاً سالماً، وإنّ الحياة في دهرٍ جرّأ عليك الضحّاك لذميمة، وما الضحّاك إلاّ فقع بقرقر.

وقد توهّمت حيث بلغني ذلك أنّ شيعتك وأنصارك خذلوك، فاكتب إليّ يابن أبي برأيك؛ فإنْ كنتَ الموت تُريد، تحمّلتُ إليك ببَني أخيك وولد أبيك، فعشنا معك ما عشت، ومتنا معك إذا متّ؛ فواللّه، ما اُحبّ أنْ أبقى في الدُّنيا بعدك فواق ناقة، واُقسم بالأعزّ الأجل، إنّ عيشاً نعيشه بعدك لا هنئ ولا مرئ ولا نجيع، والسّلام.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بيعقوب » قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما الّذي نزل بيعقوب؟ قال: « كان يعقوب النّبيعليه‌السلام ، يذبح لعياله في كلّ يوم شاة، ويقسم لهم من الطّعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السّياحة، ورفض الدّنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخّى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصّالحين، ووقف لها وسأل ممـّا يسأل السّؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لمـّا هو عليه، (ولمـّا أغري)(١) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقيّة كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئاً ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتّى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخرّ من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلّا بعد هَوِىّ من اللّيل، فنهض لمـّا به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك اللّيلة ملكاً أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك ربّ العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النّعمة، فيعتري ببابك نبيّ من أنبيائي كريم عليّ، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئاً ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتّى غشي عليه فخرّ من قامته لاصقاً بالأرض عامّة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلّب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزّتي وجلالي لأبتلينّك ببليّة تكون لها حديثاً في الغابرين، فانتبه يعقوبعليه‌السلام مذعوراً، وفزغ إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتّى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم » ثمّ ذكر أبو جعفرعليه‌السلام قصّة يوسف بطولها.

____________________________

(١) في المصدر: وأنه أعترى ذات، والظاهر أنّه أصوب إذ أن عراه وأعتراه: غشيه طالباً معروفه (لسان العرب ج ١٥ ص ٤٤).

٢٠١

[ ٨٠٣٢ ] ١٠ - عماد الدّين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء ابراهيم بن الحسين البصري، عن أبي طالب محمّد بن الحسن، عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضّل أبي سلمة الأصفهاني، عن أبي علي راشد بن عليّ بن وائل القرشي، عن عبدالله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال فيما أوصاه إليه: « البركة في المال من إعطاء(١) الزكاة، ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين، وهم الأقربون(٢) يا كميل، زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين، وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدّق على المساكين، يا كميل، لا تردّن سائلاً ولو بشقّ تمرة، أو من شطر عنب، يا كميل، الصّدقة تنمى عند الله تعالى » الخبر.

ورواه الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(٣) ، ويوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

[ ٨٠٣٣ ] ١١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب: عن الجواهر للشّيخ الفاضل محمّد بن محاسن البادرائي، أنّه روى: أنّ عيسىعليه‌السلام قال: من ردّ السائل محروماً، لا تغشى الملائكة بيته سبعة أيّام.

____________________________

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٥.

(١) في المصدر: إيتاء.

(٢) وفيه: الأقربون لنا.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١١ - مجموع الغرائب:

٢٠٢

[ ٨٠٣٤ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « للسّائل حقّ وإن جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٥ ] ١٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّ سائلاً كان يسأل يوماً، فقالعليه‌السلام : « أتدرون ما يقول؟ » قالوا: لا، يا ابن رسول الله قالعليه‌السلام : « يقول: أنا رسولكم إن أعطيتموني شيئاً أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفّي صفر ».

[ ٨٠٣٦ ] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لو لا أنّ السّائلين(١) يكذبون، ما قدّس من ردّهم ».

[ ٨٠٣٧ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يقول: « اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين » فقالت له إحدى زوجاته: لم تقول هكذا؟ قال: « لأنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاماً، ثمّ قال: أنظري ألّا تزجري المسكين، وإن سأل شيئاً فلا تردّيه ولو بشقّ تمرة، واحبيه وقربيه إلى نفسك، حتّى يقرّبك الله تعالى إلى رحمته ».

[ ٨٠٣٨ ] ١٦ - وروي: أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عباده: استطعمتك فلم تطعمني، واستقيتك فلم تسقني، واستكسيتك فلم

____________________________

١٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧، وفي ج ٥ ص ٥٤٨، وأخرجه في البحار ج ٩٦ ص ١٧ ح ٢ عن جامع الأخبار ص ١٦٢.

١٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

١٤ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: السؤّال.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٦.

١٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢٨١.

٢٠٣

تكسني، فيقول العبد: إلهي أنّه كان، وكيف كان؟ فيقول تعالى: العبد الفلاني الجائع استطعمك فما أطعمته، والفلاني العاري استكساك فما كسوته، فلأمنعنك اليوم فضلي كما منعته.

[ ٨٠٣٩ ] ١٧ - أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن عدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها - لا يردّ سائلاً، ولا يبخل بنائل ».

[ ٨٠٤٠ ] ١٨ - البحار، عن الديلمي في أعلام الدين: عن أبي أمامة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الخضرعليه‌السلام : من سُئل بوجه الله عزّوجلّ فردّ سائله، وهو قادر على ذلك، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم، (إلّا)(١) عظم يتقعقع » الخبر.

[ ٨٠٤١ ] ١٩ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « ما سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً قطّ، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده، قال: يكون إن شاء الله ».

[ ٨٠٤٢ ] ٢٠ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه

____________________________

١٧ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

١٨ - البحار ج ١٣ ص ٣٢١ ح ٥٥ عن أعلام الدين ص ١١٢.

(١) في أعلام الدين: ولا.

١٩ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢١٢.

٢٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٠٤

فقير فدفعها إليه، فلمّا مضى فإذا بأعرابي على جمل، فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه »، قال: اشتر نسية، فاشتراه بمائة درهم، ثمّ أتاه إنسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهماً نقداً، فدفع إلى البايع مائة، وجاء بخمسين إلى داره، فسألته - أي فاطمةعليها‌السلام - عن ذلك، فقال: « أتجّرت مع الله، فأعطيته واحداً فأعطاني مكانه عشرة ».

[ ٨٠٤٣ ] ٢١ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نهر سائلاً، نهرته الملائكة يوم القيامة ».

٢١ -( باب جواز ردّ السّائل، بعد إعطاء ثلاثة)

[ ٨٠٤٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه، فسأله فأعطاه، ثمّ جاء آخر فسأله فأعطاه ثمّ جاء الثّالث(١) فأعطاه ثمّ جاء الرّابع فقال له: « يرزقنا الله وإيّاك » ثمّ قال لأصحابه: « لو أنّ رجلاً عنده مائة ألف، ثمّ أراد ان يضعها موضعها لوجد ».

[ ٨٠٤٥ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثمّ ناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده

____________________________

٢١ - لب اللباب: مخطوط.

الباب - ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٦.

(١) في المصدر زيادة: فسأله.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٦٩ ح ٥٩.

٢٠٥

فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقال: « رزقنا الله وإيّاك »(١) .

٢٢ -( باب عدم جواز الرّجوع في الصّدقة، وحكم صدقة الغلام)

[ ٨٠٤٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا تصدّق الرّجل بصدقة، لم يحلّ له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها، بعد أن تصدّق بها، إلّا بالميراث، فإنّها(١) إن دارت له بالميراث حلّت له ».

[ ٨٠٤٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن كتاب الفنون، قال: نام رجل من الحاجّ في المدينة فتوهّم أنّ هميانه سرق، فخرج فرأى جعفر الصّادقعليه‌السلام ، مصلّيا ولم، يعرفه فتعلّق به وقال له: أنت أخذت همياني، قال: « ما كان فيه؟ » قال: ألف دينار، قال: فحمله إلى داره، ووزن له ألف دينار، وعاد إلى منزله ووجد هميانه، فرجع(١) إلى جعفرعليه‌السلام معتذراً بالمال فأبى قبوله، وقالعليه‌السلام : « شئ خرج من يدي لا يعود إليّ » (إلى أن)(٢)

____________________________

(١) ورد في هامش الطبعة الحجرية، منه (قدّه) ما نصّه: « هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥ ح ٧ بإسناده عن عجلان كما في الأصل، وفيه أنهم كانوا أربعة أعطى ثلاثة منهم وردّ الرابع فالظاهر أنّه سقط في نسخة العياشي جملة أخرى، والله العالم ».

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

(١) في الطبعة الحجرية « فانهما » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر: فعاد.

(٢) ليس في المصدر.

٢٠٦

قال: فسأل(٣) الرّجل، فقيل: هذا جعفر الصّادقعليه‌السلام ، قال: لا جرم هذا فعال مثله.

[ ٨٠٤٨ ] ٣ - السيّد عليّ بن طاووس في مهج الدّعوات: نقلاً من كتاب عتيق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة، عن محمّد بن العبّاس العاصمي، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبيه، عن محمّد بن الرّبيع الحاجب، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - في حديث طويل - أنّه قال: « إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا » الخبر.

٢٣ -( باب استحباب التماس الدّعاء من السّائل، واستحباب دعاء السّائل لمن أعطاه)

[ ٨٠٤٩ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنّه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٨٠٥٠ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن القاسم، عن بريد العجلي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: جعلت فداك، قد كان الحال حسنة، وإنّ الأشياء اليوم متغيّرة، فقال: « إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثمّ ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاماً، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك » قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها، حتّى بعت

____________________________

(٣) وفيه: فسأل عنه.

٣ - مهج الدعوات ص ١٩٦.

الباب - ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٨.

٢ - الاختصاص ص ٢٤.

٢٠٧

وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاماً، ودعوت أصحابي عشرة، فلمّا أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتّى مالت إليّ(١) الدّنيا.

٢٤ -( باب استحباب المساعدة على إيصال الصّدقة والمعروف إلى المستحقّ)

[ ٨٠٥١ ] ١ - الصّدوق في الخصال: عن حمزة بن محمّد العلوي(١) ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن جعفر الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن الصّادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شفع شفاعة حسنة أو أمر بمعروف، فإن الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٣ ] ٣ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: قال: روي أنّ الصّدقة لتجري على سبعين رجلاً، تكون أجر آخرهم كأوّلهم.

____________________________

(١) في المصدر عليّ.

الباب - ٢٤

١ - الخصال ص ١٣٤ ح ١٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي النسخة الحجرية « حمزة بن الحسن العلوي » راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٧٨ و ٢٨١، ومجمع الرجال ج ٧ ص ٢٣٦.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٢٠٨

[ ٨٠٥٤ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الخازن الأمين الذي يؤدّي ما ائتمن به، طيبة به نفسه فإنّه أحد المتصدّقين ».

[ ٨٠٥٥ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة المرأة من بيت زوجها، غير مسرفة ولا مضرّة، مع علم عدم كراهيّة، لها أجر وله مثلها، لها بما أنفقت، وله بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك ».

٢٥ -( باب مواساة المؤمن في المال)

[ ٨٠٥٦ ] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أشدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف النّاس من نفسك، حتّى لا ترضى لهم إلّا ما ترضى به لها منهم، ومواساة الأخ في الله(١) ، وذكر الله على كلّ حال ».

[ ٨٠٥٧ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: ما أشدّ ما عمل العباد؟ قال: « إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كلّ حال » الخبر.

[ ٨٠٥٨ ] ٣ - الصّدوق في مصادقة الإخوان: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب - ٢٥.

١ - الغايات ص ٧٣.

(١) في المصدر: المال.

٢ - الغايات ص ٧٤.

٣ - مصادقة الإخوان ص ٣٦ ح ٢.

٢٠٩

فيهم (وإلّا فاغرب ثمّ اغرب)(١) ، قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصّلاة(٢) ، والمواساة للإخوان وإن كان الشّئ قليلاً ».

[ ٨٠٥٩ ] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « المواساة أفضل الأعمال، وقال(١) : أحسن الإحسان مواساة الإخوان ».

[ ٨٠٦٠ ] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه »، فقلت: ما أعرف ذلك فينا، قال: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلا شئ إذاً »، قلت: فالهلكة إذاً؟ قال: « إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».

[ ٨٠٦١ ] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيّد الأعمال ثلاث: إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله، وذكرك الله تعالى في كلّ حال ».

[ ٨٠٦٢ ] ٧ - أصل من أصول القدماء: قال: دخل رجل إلى جعفر بن

____________________________

(١) في المصدر: وإلّا فأعزب ثمّ أعزب.

(٢) في المصدر: الصلوات في مواقيتهن.

٤ - درر الحكم ودرر الكلم ص ٤٧ ح ١٣٥٩.

(١) نفس المصدر ص ١٨٤ ح ١٩٧.

٥ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٣.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٧ - أصل من أصول القدماء.

٢١٠

محمّدعليهما‌السلام ، وقال: يابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظّلم ومواساة الإخوان في السّعة » الخبر.

[ ٨٠٦٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه أوصى لبعض(١) شيعته فقال: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا، اصدقوا في قولكم، وبرّوا في أيمانكم لأوليائكم واعدائكم، وتواسوا بأموالكم، وتحابّوا بقلوبكم » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في أبواب العشرة من كتاب الحجّ.

٢٦ -( باب استحباب الإيثار على النّفس ولو بالقليل، لغير صاحب العيال)

[ ٨٠٦٤ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن سماعة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألناه عن الرّجل لا يكون عنده إلّا قوت يومه، ومنهم من عنده قوت شهر، ومنهم من عنده قوت سنة، أيعطف من عنده قوت يوم على من ليس عنده شئ؟ ومن عنده قوت شهر على من دونه؟ والسّنة(١) على نحو ذلك؟ وذلك كلّه الكفاف الذي لا يلام عليه، فقالعليه‌السلام : « هما أمران، أفضلهم(٢) فيه أحرصكم على الرّغبة فيه والأثرة على نفسه، إنّ الله عزّوجلّ

____________________________

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٤.

(١) في المصدر: بعض، والظاهر هو الصحيح.

الباب - ٢٦

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: ومن عنده قوت سنة على من دونه.

(٢) وفيه: أفضلكم.

٢١١

يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٣) وإلّا لا يلام عليه، اليد العليا خير اليد السّفلى، ويبدأ بمن يعول ».

[ ٨٠٦٥ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « قد فرض الله التّحمل على الأبرار في كتاب الله »، قيل: وما التّحمل؟ قال: « إذا كان وجهك آثر من(١) وجهه التمست له، وقال في قول الله عزّوجلّ:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) وقال: لا تستأثر عليه بما هو أحوج إليه منك ».

[ ٨٠٦٦ ] ٣ - سبط الشّيخ الطّبرسي في مشكاة الأنوار: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه سئل: ما أدنى حقّ المؤمن على أخيه؟ قال: « أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه ».

[ ٨٠٦٧ ] ٤ - وعن أنس [ قال ](١) : أنّه أهدي لرجل من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأس شاة مشوي فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا حقّاً، فبعث [ به ](٢) إليه، فلم يزل يبعث به واحد بعد واحد، حتّى تداولوا بها سبعة أبيات، حتّى رجعت إلى الأوّل، فنزل( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٢ - المؤمن ص ٤٤ ج ١٠٤.

(١) في الطبعة الحجرية « عن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٢.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه ليستقيم المعنى.

٢١٢

نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) وفي رواية: فتداولته تسعة أنفس، ثمّ عاد إلى الأوّل.

[ ٨٠٦٨ ] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السّلام لجميع العالم ».

[ ٨٠٦٩ ] ٦ - زيد الزرّاد في أصله: قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : نخشى أن لا نكون مؤمنين، قال: « ولم ذاك؟ » فقلت: وذلك أنّا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده آثر من درهمه وديناره، ونجد الدّينار والدّرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « كلّا، إنّكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتّى يخرج قائمنا، فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين، ولو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون، إذاً لرفعنا الله إليه، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السّماء، [ بل ](١) والذي نفسي بيده، إنّ في الأرض في أطرافها مؤمنين، ما قدر الدّنيا كلّها عندهم يعدل جناح بعوضة - إلى أن قالعليه‌السلام - هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر، كذلك وصفهم الله فقال:( وَيُؤْثِرُونَ ) (٢) الآية - إلى أن

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٣١.

٦ - أصل زيد الزرّاد ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٢١٣

قال - حليتهم طول السكوت بكتمان السّر، والصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصوم: والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر » الخبر.

[ ٨٠٧٠ ] ٧ - وفيه: قال زيد: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان، وفي ذلك محبّة من الرّحمان، ومرغمة من الشّيطان، وتزحزح عن النّيران ».

[ ٨٠٧١ ] ٨ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر رحمه الله، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « جهد من مقل إلى فقير (في سرّ)(١) ».

كتاب الغايات(٢) لجعفر بن أحمد القمي: مثله.

[ ٨٠٧٢ ] ٩ - وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: قلت: ما أفضل الصّدقة؟ قال: « جهد المقلّ، أما سمعت الله يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ويرى هيهنا فضلاً ».

[ ٨٠٧٣ ] ١٠ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: قال: روى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللّفظ له، عن أبي هريرة: أنّه جاء

____________________________

٧ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « محتال ».

(٢) الغايات ص ٦٨.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٠ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٤.

٢١٤

رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لهذا الرّجل اللّيلة؟ » فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنا يا رسول الله » فأتى فاطمةعليها‌السلام وسألها: « ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصّبية، لكنّا نؤثر ضيفنا به، فقالعليه‌السلام : يا بنت محمّد نوّمي الصّبية، واطفئي المصباح، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل أتت فاطمةعليها‌السلام بسراج، فوجدت الجفنة مملوّة من فضل الله، فلمّا أصبح صلى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا سلّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته، نظر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى بكاءً شديداً وقال: « يا أمير المؤمنين، لقد عجب الرّب من فعلكم البارحة، إقرأ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) » أي مجاعة الخبر.

[ ٨٠٧٤ ] ١١ - وعن محمّد بن العتمة(١) ، عن أبيه، عن عمّه، قال: رأيت في المدينة رجلاً على ظهره قربة وفي يده صحفة، يقول: « اللّهم وليّ المؤمنين(٢) وجار المؤمنين، اقبل قرباني اللّيلة، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فإنّك تعلم إنّي منعت نفسي [ مع شدّة ](٣) سغبي، أطلب القربة إليك غنماً، اللّهم فلا تخلق وجهي ولا تردّ دعوتي » فأتيته حتّى عرفته فإذا هو عليّ بن أبي طالب

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٤١ ص ٢٩.

(١) في المصدر: الصمة.

(٢) في المصدر زيادة: وإله المؤمنين.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢١٥

عليه‌السلام ، فأتى رجلاً فأطعمه.

[ ٨٠٧٥ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة صلة العشاء، فقام رجل من بين الصّف، فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير، وأسألكم في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاطعموني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الحبيب لا تذكر الغربة، فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: مسجد ظهراني قوم لا يصلّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الرّوم بين الكفّار لا يعرفون الله، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذي يكفي مؤونة هذا الرّجل؟ فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى، فقام أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخذ بيد السائل، وأتى به إلى حجرة فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضّيف، فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا ابن العمّ، لم يكن في البيت إلّا قليل من البرّ، صنعت منه طعاماً، والأطفال محتاجون إليه، وأنت صائم، والطّعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضريه، فذهبت وأتت بالطّعام ووضعته، فنظر إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطّعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السّراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيّدة النّساءعليها‌السلام : تعلّلي في إيقاده، حتّى يحسن الضّيف أكله ثمّ إثتيني به، وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحرّك فمه المبارك، يري الضّيف أنّه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضّيف من

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٨٩.

٢١٦

أكله وشبع، وأتت خير النّساءعليها‌السلام بالسّراج ووضعته، وكان الطّعام بحاله، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لضيفه: لم ما أكلت الطّعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطّعام وشبعت، ولكنّ الله تعالى بارك فيه، ثمّ أكل من الطّعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسيّدة النّساء، والحسنانعليهم‌السلام ، وأعطوا منه جيرانهم، وذلك ممـّا بارك الله تعالى فيه، فلمّا أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، كيف كنت مع الضّيف؟ فقال: بحمد الله - يا رسول الله - بخير، فقال: إنّ الله تعالى تعجّب ممـّا فعلت البارحة، من إطفاء السّراج والامتناع من الأكل للضّيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) (١) الآية ».

[ ٨٠٧٦ ] ١٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه رأى يوماً جماعة فقال: « من أنتم؟ » قالوا: نحن قوم متوكّلون، فقال: « ما بلغ بكم توكّلكم؟ » قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقالعليه‌السلام : « هكذا يفعل الكلاب عندنا »، فقالوا: كيف نفعل يا أمير المؤمنين؟ فقال: « كما نفعله، إذا فقدنا شكرنا، وإذا وجدنا آثرنا ».

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٩٠.

٢١٧

٢٧ -( باب استحباب تقبيل الإنسان يده بعد الصّدقة، وتقبيل ما تصدّق به، وشمّه بعد القبض، وتقبيل يد السّائل)

[ ٨٠٧٧ ] ١ - الشّيخ في مجالسه: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الصّدقة تطفئ غضب الرّب، قال: وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست أقبل يد السّائل، إنّما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي، قبل أن تقع في يد السّائل ».

٢٨ -( باب استحباب القرض للصّدقة، وصدقة من عليه قرض، واستحباب الزّيادة في قضاء الدين)

[ ٨٠٧٨ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثمّ أنّ المرأة قالت لزوجها: أما

____________________________

الباب - ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥.

الباب - ٢٨

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٢١٨

آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرّجل مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أنّه دخل ذات يوم عند اللّيل، فقال له ابن له: جئت بشئ؟ فإنّي لم أذق شيئاً اليوم، ثمّ قال: والولد فتنة، فغدا الرّجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقال: سيكون ذلك، فقال: حتّى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرّجل: إنّما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إيّاه ».

[ ٨٠٧٩ ] ٢ - إبن شهر آشوب في المناقب: قال: روت الخاصّة والعامّة، عن الخدري: أنّ عليّاًعليه‌السلام أصبح ساغباً، فسأل فاطمةعليها‌السلام طعاماً، فقالت: « ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرت به على نفسي وعلى الحسن والحسين » - إلى أن قال - فخرج واستقرض من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ديناراً، فخرج يشتري به شيئاً، فاستقبله المقداد قائلاً: ما شاء الله، فناوله عليّعليه‌السلام الدينار، ثمّ دخل المسجد فوضع رأسه ونام الخبر.

وهذا الخبر، رواه جماعة من أصحابنا، بألفاظ مختلفة، أجمعها وأطولها ما رواه الشّيخ أبوالفتوح الرّازي(١) في تفسيره، وقد أخرجناه في كتابا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٦٣.

٢١٩

٢٩ -( باب تحريم السّؤال من غير احتياج)

[ ٨٠٨٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن الحسين بن إبراهيم، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزّعفراني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يا محمّد، لو يعلم السّائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة، ما ردّ أحد أحداً - قال: ثمّ قال لي - يا محمّد، أنّه من سأل وهو بظهر(١) غنى، لقي الله مخموشاً وجهه ».

[ ٨٠٨١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في الخرائج: روى أنّ رجلاً جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين، فقال: « عليك بالسّوق » فلمّا كان من الغد، دخل فقال: يا رسول الله، أتيت السّوق أمس فلم أصب شيئاً، فبتّ بغير عشاء، قال: « فعليك بالسّوق » فأتى بعد ذلك أيضاً، فقال: « عليك بالسّوق » فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرّجل وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما أصبت شيئاً، قال: « بل أصبت من عير آل فلان شيئاً » قال: لا، قال: « بلى، ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار » قال: نعم، قال: « فما حملك على أن تكذب؟ » قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم، أتعلم ما يعمل النّاس؟ وأن أزداد خيراً إلى

____________________________

الباب - ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: يظهر غنى.

٢ - الخرائج والجرايح ص ٨٠ باختلاف يسير.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394