العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)13%

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 432

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 432 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192956 / تحميل: 8374
الحجم الحجم الحجم
العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

العدل عند مذهب

أهل البيت (عليهم السلام)

علاء الحسون

١

٢

العدل عند مذهب

أهل البيت (عليهم السلام)

علاء الحسون

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

٥

٦

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

كلمة المجمع

إنّ تراث أهل البيت(عليهم السلام) الذي اختزنته مدرستهم وحفظه من الضياع أتباعهم يعبّر عن مدرسة جامعة لشتى فروع المعرفة الإسلامية. وقد استطاعت هذه المدرسة أن تربّي النفوس المستعدة للاغتراف من هذا المعين، وتقدّم للاُمة الإسلامية كبار العلماء المحتذين لخُطى أهل البيت(عليهم السلام)الرسالية، مستوعبين إثارات وأسئلة شتى المذاهب والاتجاهات الفكرية من داخل الحاضرة الإسلامية وخارجها، مقدّمين لها أمتن الأجوبة والحلول على مدى القرون المتتالية.

وقد بادر المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام) - منطلقاً من مسؤولياته التي أخذها على عاتقه - للدفاع عن حريم الرسالة وحقائقها التي ضبّب عليها أرباب الفرق والمذاهب وأصحاب الاتجاهات المناوءة للإسلام، مقتفياً خطى أهل البيت(عليهم السلام)وأتباع مدرستهم الرشيدة التي حرصت في الرد على التحديات المستمرة، وحاولت أن تبقى على الدوام في خطّ المواجهة وبالمستوى المطلوب في كلّ عصر.

إنّ التجارب التي تختزنها كتب علماء مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)في هذا المضمار فريدة في نوعها; لأنها ذات رصيد علمي يحتكم إلى العقل والبرهان ويتجنّب الهوى والتعصب المذموم، ويخاطب العلماء والمفكرين من ذوي الاختصاص خطاباً يستسيغه العقل وتتقبله الفطرة السليمة.

وقد حاول المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام)أن يقدم لطلاّب الحقيقة مرحلة جديدة من هذه التجارب الغنيّة من خلال مجموعة من البحوث والمؤلفات التي يقوم بتصنيفها مؤلفون معاصرون من المنتمين لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، أو من الذين أنعم الله عليهم بالالتحاق بهذه المدرسة الشريفة، فضلاً عن قيام

٧

المجمع بنشر وتحقيق ما يتوخى فيه الفائدة من مؤلفات علماء الشيعة الأعلام من القدامى أيضاً; لتكون هذه المؤلفات منهلاً عذباً للنفوس الطالبة للحق، لتنفتح على الحقائق التي تقدّمها مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)الرسالية للعالم أجمع، في عصر تتكامل فيه العقول وتتواصل النفوس والأرواح بشكل سريع وفريد.

ونتقدم بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ علاء الحسّون لتأليفه هذا الكتاب، ولكل الإخوة الذين ساهموا في إخراجه.

وكلّنا أمل ورجاء بأن نكون قد قدّمنا ما استطعنا من جهد أداءً لبعض ما علينا تجاه رسالة ربّنا العظيم الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه وكفى بالله شهيداً.

المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام)

المعاونية الثقافية

٨

المقدمة

مقدّمة المؤلف:

يمتاز موضوع العدل الإلهي بأهمية فائقة نتيجة تأثيره البالغ في بلورة رؤيتنا حول التعامل الإلهي معنا وتحديده العلاقة فيما بيننا وبين اللّه تعالى، وتركه الآثار الواضحة في مختلف جوانب حياتنا الفردية والاجتماعية.

وقد تعرّض موضوع العدل الإلهي - للأسف الشديد - إلى هجمات مغرضة من قبل بعض السلطات الجائرة التي هيمنت على العالم الإسلامي في العصور السابقة، وقد تركت هذه الهجمات الآثار السيئة في عقول ونفوس المسلمين نتيجة وقوعهم في التفسيرات الخاطئة لكيفية التعامل الإلهي مع الإنسان.

وقد وقف أئمة أهل البيت(عليهم السلام) بوجه هذه التيارات المنحرفة التي استهدفت العدل الإلهي وأشاعت مفهوم الجبر بين الناس، واهتم أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) - اقتداءً بسيرة أئمتهم الهداة، واعتماداً على كلماتهم النورانية - بمسألة إصلاح الرؤية الخاطئة حول العدل الإلهي، وأكّدوا على تنزيه اللّه تعالى عما لا يليق بشأنه حتّى أصبح موضوع العدل الإلهي - بمرور الزمان - أصلا من أصول الدين عندهم.

وقد اهتم علماء مذهب أهل البيت(عليهم السلام) - على مرّ العصور - بهذا الموضوع في مصنّفاتهم، وتناولوه من جميع الجوانب، وحاولوا تأسيس الإيمان باللّه على ضوء قواعد معرفية متينة وإشاعة الفهم الصحيح لموضوع العدل الإلهي من أجل صيانة أبناء المجتمع من العقائد الضالّة والاختراقات الفكرية المنحرفة، ولتكون علاقتهم مع ربّهم قائمة على أسس عقائدية مبتنية على أدلة وبراهين ساطعة.

ولكن المشكلة التي نعاني منها - في يومنا هذا - هي أنّ المفاهيم المطروحة حول موضوع العدل الإلهي في كتب هؤلاء العلماء على رغم امتلاكها القيمة العلمية الكبيرة، فإنّها مؤلّفة بلغة زمانها ومدوّنة وفق المناهج السائدة في عصرها.

ولهذا تطلّب الأمر - في مرحلتنا الراهنة - القيام بإعادة صياغة هذه المفاهيم

٩

وتبيينها وفق عرض جديد ومحاولة تطويرها بقدر الإمكان لتكون غذاءً فكرياً مناسباً لمتطلّبات واحتياجات العصر، ولتكون زاداً علمياً منسجماً مع أجواء الساحة العلمية والفكرية المعاصرة.

ولهذا الغرض تمّ تأليف هذا الكتاب، فهو محاولة لعرض المواضيع العقائدية المرتبطة بمفهوم العدل الإلهي بلغة واضحة وسهلة وميسّرة وبعيدة عن الالتواء والتعقيد، وعلى شكل فقرات موجزة وتقسيمات واضحة تساعد القارئ على فهم المواضيع المطروحة بسهولة، وتشوّقه لمتابعة البحث، وتأخذ بيده ليندمج مع التفاصيل من دون تكلّف.

وقد تضمّن هذا الكتاب أهم المواضيع العقائدية المرتبطة بالعدل الإلهي.

وهي حسب ترتيب عرضها في هذا الكتاب:

الفصل الأوّل: العدل في أفعال اللّه تعالى.

الفصل الثاني: الحسن والقبح العقليّان.

الفصل الثالث: وجود الغرض والغاية في أفعال اللّه تعالى.

الفصل الرابع: الشرور والآلام.

الفصل الخامس: العوض.

الفصل السادس: القضاء والقدر.

الفصل السابع: الجبر والتفويض.

الفصل الثامن: التكليف.

الفصل التاسع: الثواب والعقاب.

الفصل العاشر: اللطف.

الفصل الحادى عشر: الأصلح.

الفصل الثاني عشر: الهداية والإضلال.

الفصل الثالث عشر: الأجل.

الفصل الرابع عشر: الرزق.

١٠

وسيشعر القارئ خلال نظرته الأُولى إلى المواضيع المطروحة في هذا الكتاب بأنّ رغبته لمطالعة بعض الفصول أكثر من غيرها، بل قد تكون رغبته في الفصل الواحد متّجهة لبعض المباحث دون غيرها، ولهذا أقول لكلّ من يقع هذا الكتاب بيده: لا يوجد أي داع للمواظبة على مراعاة التسلسل في مطالعة مواضيع هذا الكتاب، بل تستطيع - أيها القارئ العزيز - أن تصفّح هذا الكتاب أو تلاحظ الفهرس فتختار الموضوع المثير لاهتمامك وتقرأ ما تتجه إليه رغبتك.

وفي الختام آمل أن تكون المنهجية الجديدة المتّبعة في هذا الكتاب مؤثّرة في سهولة إلمام القارئ بالمفاهيم الدينية المرتبطة بالعدل الإلهي، كما آمل أن تكون هذه المنهجية المتمثّلة بعرض البحوث على شكل فقرات مقسّمة ومقاطع موجزة نموذجاً لعرض بقية المواضيع العلمية بهذه الطريقة المؤدّية إلى وصول القارئ بسهولة إلى معرفة المفاهيم المطروحة.

علاء الحسّون

١١

١٢

الفصل الأوّل

العدل في أفعال اللّه تعالى

معنى العدل

أدلة عدم فعله تعالى للقبيح

مناقشة رأي الأشاعرة حول فعله تعالى للقبيح

قدرة اللّه تعالى على فعل القبيح

عدم فعله تعالى للظلم

١٣

١٤

المبحث الأوّل

معنى العدل

معنى العدل (في اللغة):

ورد في "لسان العرب": العَدْل: ما قام في النفوس أ نّه مستقيم، وهو ضدّ الجور.

والعدل في أسماء اللّه تعالى يعني الحكم بالحق. والعدل في الناس يعني المرضي قوله وحُكمه(١) .

تنبيه:

"العَدْل" من أسماء اللّه تعالى، وهو مصدر أُقيم مقام الاسم، والمقصود منه المبالغة في وصفه تعالى بأ نّه عادل، أي: كثير العدل(٢) .

معنى العدل (في الاصطلاح العقائدي):

العدل يعني تنزيه اللّه تعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب(٣) .

معنى التنزيه:

التنزيه يعني البُعد، ويُقال: اللّه منزّه عن القبيح، أي: بعيد عنه(٤) .

____________________

١- انظر: لسان العرب، ابن منظور: مادة (عدل).

٢- انظر: مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي: ٣/١٣٣.

٣- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الثاني، ص٣٢.

شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى: أبواب العدل، ص ٨٣.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة، الركن الأوّل، البحث الخامس، ص١١١.

نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، مبحث أنّ اللّه تعالى لا يفعل القبيح، ص٨٥.

شرح الأصول الخمسة، القاضي عبد الجبار: الأصل الثاني، الفصل الثاني، ص ٣٠١.

٤- انظر: لسان العرب، ابن منظور: مادة (نزه).

١٥

معنى الفعل القبيح:

الفعل القبيح هو الفعل الذي يستحق فاعله الذم، ويستحق تاركه المدح(١) .

معنى الفعل الواجب:

الفعل الواجب هو الفعل الذي يستحق فاعله المدح، ويستحق تاركه الذم(٢) (٣) .

معنى الوجوب على اللّه تعالى:

إنّ قولنا "الوجوب على اللّه تعالى" لا يعني أ نّه تعالى محكوم بأوامر غيره، بل يعني أنّنا نكتشف عن طريق التدبّر في صفاته تعالى أ نّه حكيم، وتقتضي حكمته أن يفعل كذا، لأنّ عدم فعله له يؤدّي إلى الإخلال بحكمته(٤) .

الآيات القرآنية المتضمّنة لمعنى الوجوب على اللّه تعالى:

١ -( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) [الأنعام: ٥٤]

أي: أوجب اللّه تعالى على نفسه الرحمة(٥) .

٢ -( وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) [النحل: ٩]

أي: يجب على اللّه تعالى بيان الطريق المستقيم للعباد(٦) .

٣ -( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) [الليل: ١٢]

أي: يجب علينا بمقتضى العدل أن نهدي العباد إلى الحقّ ببعث الرسل ونصب الدلائل(٧) .

٤ -( وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى ) [النجم: ٤٧]

____________________

١ و ٢) انظر المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في العدل، ص١٥٢.

الاعتماد، مقداد السيوري: الركن الثاني، ص ٧٥.

٣- ينبغي تقييد المدح والذم في هذا المجال بمرتبة خاصة لئلاّ يشمل المستحب.

انظر: صراط الحقّ، محمّد آصف المحسني: ج٢، المقصد الخامس، القاعدة الاُولى، ص ١٦٧.

٤- للمزيد راجع: تلخيص المحصّل، نصير الدين الطوسي: الركن الثالث، القسم الثالث، ص٣٤٢.

٥- انظر: الميزان، محمّد حسين الطباطبائي: ج٧، تفسير آية ١٢ و ٥٤ من سورة الأنعام، ص ٢٧ و ١٠٥.

٦- انظر: تفسير القرآن الكريم، عبد اللّه شبّر: تفسير آية ٩ من سورة النحل.

٧- انظر: المصدر السابق: تفسير آية ١٢ من سورة الليل.

١٦

أي: يجب على اللّه تعالى أن يجعل داراً أُخرى إضافة إلى دار الدنيا ليقع فيها الجزاء والانتصاف(١) .

دليل عدم إخلاله تعالى بالواجب:

إنّ اللّه تعالى لا يخل بالواجب، لأنّ الإخلال به قبيح(٢) . وسنبيّن لاحقاً أدلة عدم فعله تعالى للقبيح.

معنى العدل الإلهي في أحاديث أئمة أهل البيت(عليهم السلام):

١ - قال الإمام علي(عليه السلام): "العدل أن لا تتهمه"(٣) .

٢ - قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "أمّا العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه"(٤) .

تنبيهات:

١ - إنّ "العدل" من صفات اللّه "الفعلية"، وليس من صفاته "الذاتية"(٥) ، لأنّ "العدل" عبارة عن تنزيه اللّه تعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب، وهذا الأمر منتزع من مقام الفعل.

____________________

١- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج٩، تفسير آية ٤٧ من سورة النجم، ص ٢٧٦.

٢- انظر: قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة، الركن الأوّل، البحث الخامس، ص ١١١.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث العدل، الفصل الخامس، البحث الثالث، ص٢٦٠.

الاعتماد، مقداد السيوري: الركن الثاني، ص ٧٥

٣- نهج البلاغة، الشريف الرضي: باب المختار من حكم أمير المؤمنين (عليه السلام)، الحكمة ٤٧٠، ص٧٥٥.

٤- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب ٥، ح١، ص٩٣.

٥- الفرق بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية:

الصفات الذاتية الصفات الفعلية

منتزعة من الذات الإلهية منتزعة من الأفعال الإلهية

قديمة بقدم الذات الإلهية حادثة بحدوث الأفعال الإلهية

لا يصح سلبها عنه تعالى أبداً يصلح سلبها عنه تعالى في بعض الأحيان

فلا يقال: اللّه غير عالم وغير قادر في فيقال: اللّه لا يخلق ولا يرزق في

بعض الأحيان بعض الأحيان

انظر: الكافي، الشيخ الكليني: ج١، كتاب التوحيد، باب صفات الذات، ص ١١١.

١٧

٢ - إنّ العدل الإلهي صفة لكيفية تعامل اللّه تعالى مع الكون بما فيه الإنسان، ولهذا اكتسبت هذه الصفة أهمية خاصة وموقعاً مميّزاً، لأنّ بها يتمّ تحديد نوعية موقف تعامل اللّه عزّ وجلّ مع الإنسان.

٣ - إنّ "العدل الإلهي" لا يتنافى مع "حرّية اللّه في أفعاله".

وليس "العدل" قيداً لأفعال اللّه عزّ وجلّ.

لأنّ "الحرية الإلهية" منزّهة عن النقص والظلم والقبائح.

ولا يفعل اللّه تعالى إلاّ الحسن.

ولا يضع الأُمور إلاّ في مواضعها اللائقة بها.

ولهذا لا يكون بين "حرية اللّه في أفعاله" و"العدل الإلهي" أيّ تضاد أو تناف.

الفرق بين "العدل" و "المساواة":

إنّ "المساواة" تعني مراعاة التساوي بين طرفين أو بين عدّة أطراف.

ولكن "العدل" يعني إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه.

والفرق بينهما:

إنّ أموراً من قبيل: "مراعاة الاستحقاق" و"أخذ الأولويات بنظر الاعتبار" و"إعطاء كلّ كائن نصيبه بموجب ما يستحق":

تُشترط في "العدل".

ولكنها لا تُشترط في "المساواة".

مثال:

لايعني مراعاة العدل بين تلاميذ الصف الواحد أن يُعطى الجميع درجات متساوية.

ولا يعني مراعاة العدل بين العمّال والموظفين أن يُعطى الجميع أُجوراً متساوية.

بل يعني مراعاة العدل في هذا المقام:

إعطاء كلّ تلميذ الدرجة التي تستحقها معلوماته ولياقته العلمية.

١٨

وإعطاء كلّ عامل أُجرته بحسب أهمية العمل الذي يقوم به.

تنبيه:

إنّ الحكمة في جعل اللّه الاختلاف والفوارق بين الناس وعدم المساواة بينهم في إعطاء المواهب والنعم هو لأ نّه تعالى جعل الحياة الدنيا داراً للبلاء والاختبار، فخلق نظاماً يؤدّي إلى رفع بعض الناس فوق البعض الآخر، ليبلوهم أيّهم أحسن عملا، وليرى مستوى صبرهم وشكرهم ومدى نجاحهم في الاختبار الإلهي.

لماذا اعتبر العدل أصلا من أصول مذهب التشيّع؟

الدليل الأوّل:

بالعدل يتمّ التوحيد، ومن دون إثبات العدل لا يمكن إثبات النبوّة والإمامة والمعاد(١) .

قال العلاّمة الحلّي:

"اعلم أنّ هذا الأصل [العدل] عظيم تبتني عليه القواعد الإسلامية، بل الأحكام الدينية مطلقاً، وبدونه لا يتمّ شيء من الأديان"(٢) .

توضيح ذلك:

١ - الصلة بين "العدل" و"النبوّة":

إنّ العدل الإلهي هو الذي يقتضي:

أوّلا: إرسال اللّه الأنبياء بالهدى ودين الحقّ.

ثانياً: وثوق الناس بهؤلاء الأنبياء، واطمئنانهم بأنّ هؤلاء هم الذين أرسلهم اللّه وسدّدهم بالمعاجز، وأنّ هدفهم الخير والصلاح لهم.

ولولا العدل الإلهي لأمكن القول:

____________________

١- انظر: حقّ اليقين، عبد اللّه شبّر: كتاب العدل، الفصل الأوّل، ص ٨٣.

٢- نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، المبحث الحادي عشر، ص ٧٢.

١٩

أوّلا: قد لا يرسل اللّه تعالى أحداً من رسله إلى العباد، فيترك الناس لشأنهم، ثمّ يفعل بهم كيفما يشاء، فيبطل أصل النبوّة.

ثانياً: قد يسدّد اللّه تعالى الكذّابين والدجّالين بالمعجزة، أو يرسل رسلا من أجل إغواء العباد وإلقائهم في التهلكة، فلا يمكن بعد ذلك الوثوق بالأنبياء.

٢ - الصلة بين "العدل" و "الإمامة":

إنّ العدل الإلهي هو الذي يقتضي اصطفاء اللّه تعالى الأئمة والأوصياء بعد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) للحفاظ على ما جاء به الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) والتصدّي من بعده للقيام بالمسؤوليات التي كانت على عاتقه(صلى الله عليه وآله وسلم) ما عدا النبوّة.

ولولا العدل الإلهي لجاز له تعالى أن يترك الأُمة من بعد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) سُدى، ويتركهم يتخبّطون في الضلال من دون وجود أحد يرشدهم إلى الحقّ والصواب.

٣ - الصلة بين "العدل" و "المعاد":

إنّ الاعتقاد بالعدل الإلهي هو الذي يستلزم الاطمئنان بالوعد الإلهي وتحقّق المعاد وإثابته تعالى للمحسن وعقوبته للمسيء في دار الآخرة.

ولولا ثبوت العدل الإلهي لم يمكن الوثوق بوعد اللّه تعالى، ولأمكن القول بأ نّه تعالى قد يلغي المعاد أو يقيمه ولكنه يتصرّف بالعباد كيفما يشاء، فيلقي الأنبياء في نار جهنم ويدخل الطغاة والمجرمين في جنّة النعيم! فيبطل بذلك أصل "المعاد".

الدليل الثاني:

إنّ الأشاعرة فسّروا "العدل الإلهي" بصورة تؤدّي إلى نفيه، فوقف أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بقوة أمام هذا التفسير، ودافعوا عن "العدل الإلهي" بحيث عُرفوا بالعدلية، واعتبر "العدل الإلهي" أصلا من أصول مذهبهم(١) .

____________________

١- اشتهر الخلاف حول مسألة العدل الإلهي بين المسلمين من بداية القرن الثاني للهجرة، واستمر هذا الخلاف بحيث أصبحت هذه المسألة علامة بارزة على أنّ المعتقد بها:

"شيعي" إذا كان من أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

"معتزلي" إذا كان من أتباع مذهب أهل السنة.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

وتفسير الطبريّ ( ج ١٠؛ ٦ ) وفتح القدير ( ج ٢؛ ٢٩٥ ) والدّرّ المنثور ( ج ٣؛ ١٨٧ ) وسنن النسائي ( ج ٧؛ ١٢١ ) وصحيح البخاري ( ج ٣؛ ٣٦ ) وصحيح مسلم ( ج ٢؛ ٧٢ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٢٩٤ ) وشرح النهج ( ج ١٦؛ ٢٣٠ - ٢٣١ ) و ( ج ١٢؛ ٨٣ ) والمصنف لابن أبي شيبة ( ج ١٢؛ ٤٧١ / الحديث ١٥٢٩٧ ) و ( ج ٥؛ ٢٣٨ / الحديث ٩٤٠٨ ) و ( ج ١٢؛ ٤٧٢ / الحديث ١٥٣٠١ ) والسنن الكبرى ( ج ٦؛ ٣٤٤ ) ومشكل الآثار ( ج ٢؛ ٣٦ ) والأموال (٣٣٢). وانظر النصّ والاجتهاد (١١١).

رضيت وإن انتهكت الحرم

إنّ انتهاك القوم حرمة عليّعليه‌السلام ، وحرمة الزهراءعليها‌السلام ، وحرمة الدين، ثابت بالأدلّة القطعيّة، حتّى أنّ عليّاعليه‌السلام صرّح بظلامته في كثير من الموارد، وصرّح بلفظ استحلال حرمته أيضا في خطبه وكلماته، ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) في خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام قال فيها: اللهم إنّي استعديك على قريش، فخذ لي بحقّي؛ ولا تدع مظلمتي لها، وطالبهم يا ربّ بحقّي فإنّك الحكم العدل، فإنّ قريشا صغّرت قدري، واستحلّت المحارم منّي، واستخفّت بعرضي وعشيرتي إلى آخر الخطبة. والخطبة في كتاب العدد القويّة ( ١٨٩ - ١٩٠ / الحديث ١٩ ).

ونقلها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٨؛ ١٦٩ ) نقلا عن كتاب العدد نقلا عن كتاب « الإرشاد لكيفيّة الطلب في أئمّة العباد » للصفار.

وانظر كلامه القريب من ذلك في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ٨٥ / الخطبة ١٧٢ ) و ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ١٧٦ ).

وسيأتي انتهاكهم حرمة عليّعليه‌السلام في الطّرفة الثامنة والعشرين عند قوله: « وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة، ثمّ لبّبت بثوبك، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل »، وفي الطّرفة التاسعة عشر انتهاكهم حرمة الزهراء والحسنينعليهم‌السلام ، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « وويل لمن انتهك حرمتها »، وما بعده من حرق الباب وضربها وإسقاط جنينها وشجّ جنبيها.

٣٤١

وعطّلت السنن

إنّ تلاعب الثلاثة - ومن بعدهم معاوية - بالأحكام ممّا لا ينكره ذو عقل، ولا يجحده إلاّ مكابر، وقد ألّفت الكتب في ذلك، ومخالفاتهم لسنّة رسول الله مبثوثة في كتب المسلمين، وفي أغلب أبواب الفقه، بل في أمّهات أبوابه وأساسيّات مسائله، وذلك جهلا منهم بالأحكام وعداوة لله ولرسوله، ولذلك كان أئمّة أهل البيت يؤكّدون هذه الحقيقة ويصدعون بها ويبيّنونها للمسلمين.

ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٢ ) قول عليّعليه‌السلام في الخطبة الطالوتيّة: ولكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدّت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم، واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتّبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمّة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ...

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ١٦ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: لا يرفع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر أبدا، ولا إلى آل عمر، ولا إلى آل بني أميّة، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك أنّهم بتروا القرآن وأبطلوا السنن، وعطّلوا الأحكام.

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٥٨ ) بسنده عن سليم بن قيس الهلالي، قال: خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ صلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتّخذونها سنّة، فإذا غيّر منها شيء قيل: قد غيّرت السنّة ثمّ أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته، فقال:

قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها - وحوّلتها إلى مواضعها، وإلى ما كانت في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي، الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيمعليه‌السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

٣٤٢

ورددت فدك إلى ورثة فاطمةعليها‌السلام ، ورددت صاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا، وأعطيت كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي بالسويّة ولم أجعلها دولة بين الأغنياء، وألقيت المساحة، وسوّيت بين المناكح، وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عزّ وجلّ وفرضه، ورددت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سدّ منه، وحرّمت المسح على الخفّين، وحددت على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم، وأخرجت من أدخل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده ممّن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله ممّن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن، وعلى الطلاق على السنّة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها إذا لتفرّقوا عنّي ما لقيت من هذه الأمّة، من الفرقة وطاعة أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار ....

وفي مصباح الكفعمي ( ٥٥٢، ٥٥٣ ) المروي عن ابن عبّاس أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يقنت به، فيه قولهعليه‌السلام : اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وأفّاكيها وابنتيهما، الّذين خالفا أمرك وحرّفا كتابك وعطّلا أحكامك، وأبطلا فرائضك اللهم العنهم بعدد كلّ منكر أتوه، وحقّ أخفوه وفرض غيّروه، وأثر أنكروه وخبر بدّلوه، وكفر نصبوه، وإرث غصبوه، وفيء اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس استحلّوه وحلال حرّموه وحرام أحلّوه اللهم العنهم بكلّ آية حرّفوها، وفريضة تركوها، وسنّة غيّروها، ورسوم منعوها، وأحكام عطّلوها ...

وانظر الأحكام الّتي بدّلوها والسنن الّتي عطّلوها في بحار الأنوار ( ج ٨؛ الباب ٢٢ / ٢٣ - ٢٥ ) في تفصيل مطاعن الأوّل والثاني والثالث على التوالي، ودلائل الصدق ( ج ٣؛ ٥ - ١٠٥ ) في مطاعن الأوّل، ( ١٠٧ - ٢٣٧ ) في مطاعن الثاني، ( ٢٤١ - ٣٤١ ) في مطاعن الثالث،

٣٤٣

والغدير ( ج ٧؛ ٩٥ - ١٨١ ) فيما يتعلّق بالأوّل، ( ج ٦؛ ٨٣ - ٣٣٣ ) في مطاعن الثاني بعنوان « نوادر الأثر في علم عمر »، ( ج ٨؛ ٩٧ - ٣٢٣ ) فيما يتعلّق بعثمان، النصّ والاجتهاد في ابتداعاتهم جميعا، والطرائف ( ٣٩٩ - ٤٩٨ ) في مطاعنهم جميعا.

ومزّق الكتاب

روى الشيخ الصدوق في الخصال (١٧٥) بسنده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله: المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: يا ربّ حرّقوني ومزّقوني وانظر بحار الأنوار ( ج ٢؛ ٨٦ ) عن المستدرك المخطوط لابن البطريق، وفي بصائر الدرجات ( ٤٣٣، ٤٣٤ ) بلفظ ( حرّفوا ) بدلا عن ( حرّقوا ).

وفي مقتل الحسين للخوارزمي ( ج ٢؛ ٨٥ ) بسنده عن جابر الأنصاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يجيء يوم القيامة ثلاثة: المصحف والمسجد والعترة، فيقول المصحف: حرقوني ومزّقوني ونقله الإمام المظفر في دلائل الصدق ( ج ٣؛ ٤٠٥ ) عن كنز العمال ( ج ٦؛ ٤٦ ) عن الديلمي عن جابر أيضا، وعن أحمد والطبراني وسعيد بن منصور، عن أبي أمامة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي حديث أصحاب الرايات الخمس التي ترد يوم القيامة، أنّهم يسألون عن الكتاب والعترة، فيقول أصحاب أربع رايات منها: أمّا الأكبر فكذّبناه ومزّقناه كما في اليقين ( ٢٧٥، ٢٧٦ ) والخصال (٤٥٩) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٠٩ ). وستأتي تخريجات هذا الخبر ومتنه في الطّرفة الثانية والثلاثين عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ابيضّت وجوه واسودّت وجوه، وسعد أقوام وشقي آخرون »، وفيها التصريح بأنّ الثلاثة هم أصحاب الرايات الثلاثة الأول، وهم القائلون هذا القول، فلاحظه.

وقد ثبت أنّ عثمان بن عفان هو الّذي أحرق المصاحف واستهان بها، وكان ذلك ممّا نقمه عليه المسلمون، حتّى كسر عثمان أضلاع ابن مسعود لمعارضته حرق المصاحف.

ففي تقريب المعارف (٢٩٦) عن زيد بن أرقم أنّه سئل: بأي شيء كفّرتم عثمان؟ فقال:

٣٤٤

كفّرناه بثلاث: مزّق كتاب الله ونبذه في الحشوش الخ.

وفي إرشاد القلوب (٣٤١) قول حذيفة بن اليمان: وأمّا كتاب الله فمزّقوه كلّ ممزّق ....

وفي المسترشد (٤٢٦) في كتاب عليّ الّذي أخرجه للناس، قال في شأن عثمان: وأنحى على كتاب الله يحرّقه ويحرّفه ...

وفي كتاب سليم بن قيس (١٢٢) وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٣ ) قول طلحة: وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألّف عمر، فجمع له الكتّاب، وحمل الناس على قراءة واحدة، فمزّق مصحف أبي بن كعب وابن مسعود وأحرقهما بالنار ....

وانظر في حرق المصاحف وتمزيقها تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٥٧ ) وتاريخ المدينة المنوّرة ( ج ٣؛ ٩٩١ )، عن أنس وبكير، وصحيح البخاريّ ( ج ٦؛ ٩٦ ) وكنز العمال ( ج ٢؛ ٥٨١ ) بسند عن الزهريّ، عن أنس، وفيه لفظ « وأمر بسوى ذلك في صحيفة أو مصحف أن يحرق »، ثمّ كتب « ابن سعد خ ت ن، وابن أبي داود وابن الأنباريّ معا « في المصاحف » حب، ق » انتهى.

وفي تاريخ الطبريّ ( ج ٧؛ ١٦٠ ) ذكر تسمية الناس لعثمان من بعد « شقّاق المصاحف »، وكان كلّ ذلك بسبب غصب الخلافة من آل محمّد، وتسلّط من لا علم له بالدين على أمور المسلمين بالقهر والمؤامرات، فصاروا يهتكون حرمات الله دون رادع ولا وازع، حتّى آل الأمر إلى أن يستفتح الوليد بن يزيد - خليفة المسلمين!! - بكتاب الله، فإذا هو بقوله تعالى:( وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) (١) ، فنصب القرآن غرضا ومزّقه بالسهام، وأنشد يقول:

تهدّد كلّ جبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربّك يوم حشر

فقل يا ربّ مزّقني الوليد

انظر تمزيق الوليد للمصحف في مروج الذهب ( ج ٣؛ ٢٢٨، ٢٢٩ ) والفتوح ( ج ٤؛ ٣٣٣ )

__________________

(١) إبراهيم؛ ١٥

٣٤٥

والكامل في التاريخ ( ج ٥؛ ٢٩٠ ) والأغاني ( ج ٧؛ ٤٩ ) والبدء والتاريخ ( ج ٦؛ ٥٣ ).

وهدّمت الكعبة

في بصائر الدرجات ( ٤٣٣، ٤٣٤ ) بسنده عن جابر، عن الباقرعليه‌السلام ، قال: دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بمنى فقال: يا أيّها الناس، إنّي تارك فيكم حرمات الله، وعترتي، والكعبة البيت الحرام، ثمّ قال أبو جعفر: أمّا كتاب الله فحرّفوا، وأمّا الكعبة فهدموا ...

ويدلّ عليه ما مرّ من حديث المصحف والمسجد والعترة، لأنّ المراد من المسجد، مسجد بيت الله الحرام، حيث يقول المسجد: يا ربّ خرّبوني وعطّلوني وضيّعوني، وهو أشرف المساجد وأوّلها.

وعلى كلّ حال، فقد أحرقت الكعبة وهدمت مرتين، الأولى على يد الحصين بن نمير، والثانية على يد الحجّاج لعنهما الله، وكانت المرّتان بسبب اعتصام عبد الله بن الزبير ومقاتلته في الكعبة:

أمّا الأولى : فقد أحرق الحصين بن نمير الكعبة المشرّفة وهدمها في أواخر أيّام يزيد لعنه الله، وبأمر منه، وذلك بعد وقعة الحرّة وانتهاك حرمة المدينة.

قال الطبريّ في تاريخه ( ج ٧؛ ١٤ ) في أحداث سنة ٦٤: قذفوا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون:

خطارة مثل الفنيق المزبد

نرمي بها أعواد هذا المسجد

وقال المسعوديّ في مروج الذهب ( ج ٣؛ ٨١ ): ونصب الحصين فيمن معه من أهل الشام المجانيق والعرّادات على مكّة والمسجد، من الجبال والفجاج فتواردت أحجار المجانيق والعرّادات على البيت، ورمي مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتّان وغير ذلك من المحرقات، وانهدمت الكعبة واحترقت البنيّة.

وقال ابن أعثم الكوفيّ في الفتوح ( ج ٣؛ ١٨٥ - ١٨٦ ): والحصين بن نمير قد أمر بالمجانيق فنصبت، فجعل يرمي أهل مكّة رميا متداركا، لا يفتر من الرمي، فجعل رجل من

٣٤٦

أهل مكة يقول في ذلك:

ابن نمير بئس ما تولّى

قد أحرق المقام والمصلّى

وبيت ذي العرش العليّ الأعلى

قبلة من حجّ له وصلّى

وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ( ج ٢؛ ١٦، ١٧ ): ونصب [ الحصين ] عليها العرّادات والمجانيق، وفرض على أصحابه عشرة آلاف صخرة في كلّ يوم، يرمونها بها وكانت المجانيق قد أصابت ناحية من البيت الشريف فهدمته مع الحريق الّذي أصابه.

وانظر في ذلك الكامل في التاريخ ( ج ٤؛ ١٢٤ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٢٥١ ) والأخبار الطوال ( ٢٦٧، ٢٦٨ ) والبدء والتاريخ ( ج ٦؛ ١٥ ).

وأمّا المرّة الثانية: فقد أحرق الحجّاج الكعبة المشرّفة في محاصرته لعبد الله بن الزبير في سنة ٧٣ ه‍، حيث طال الحصار ستّة أشهر وسبع عشرة ليلة كما نصّ عليه الطبريّ في تاريخه ( ج ٧؛ ٢٠٢ ) وكانت مكّة والبيت الحرام بيده من سنة ٦٤ ه‍ حتّى سنة ٧٣ ه‍، وكان هو يقيم الحجّ للناس، وكان يأخذ البيعة لنفسه من الحجّاج، فمنع عبد الملك بن مروان أهل الشام من الحجّ وبنى الصخرة في بيت المقدس، فكان الناس يحضرونها يوم عرفة ويقفون عندها. انظر في ذلك وفيات الأعيان ( ج ٣؛ ٧١ - ٧٢ ) في ترجمة عبد الله بن الزبير، وهل بعد هذا التلاعب في الدين من تلاعب؟!

وعلى أيّ حال، فإنّ الكعبة المشرّفة أحرقت مرّة ثانية، وكان الحجّاج يرمي الكعبة بنفسه، قال ابن الأثير في الكامل ( ج ٤؛ ٣٥١ ) في أحداث سنة ٧٣:

وأوّل ما رمي بالمنجنيق إلى الكعبة رعدت السماء وبرقت، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا أيديهم، فأخذ الحجّاج حجر المنجنيق بيده، فوضعه فيه ورمى به معهم.

وقال اليعقوبي في تاريخه ( ج ٢؛ ٦٦ ): وقدم الحجّاج فقاتلهم قتالا شديدا، وتحصّن [ ابن الزبير ] بالبيت، فوضع عليه المجانيق، فلم يزل يرميه بالمنجنيق حتّى هدم البيت.

وقال ابن أعثم الكوفي في الفتوح ( ج ٣؛ ٣٨٦ ): وجعلوا يرمون البيت الحرام بالحجارة،

٣٤٧

وهم يرتجزون بالأشعار فلم يزل الحجّاج وأصحابه يرمون بيت الله الحرام بالحجارة حتّى انصدع الحائط الّذي على بئر زمزم عن آخره، وانتقضت الكعبة من جوانبها، قال: ثمّ أمرهم الحجّاج فرموا بكيزان النفط والنار، حتّى احترقت الستارات كلّها فصارت رمادا، والحجّاج واقف ينظر في ذلك كيف تحترق الستارات، وهو يرتجز ويقول:

أما تراها صاعدا غبارها

والله فيما يزعمون جارها

فقد وهت وصدعت أحجارها

ونفرت منها معا أطيارها

وحان من كعبته دمارها

وحرقت منها معا أستارها

لما علاها نفطها ونارها

وانظر في ذلك الإمامة والسياسة ( ج ٢؛ ٣٨ ) والأخبار الطوال (٣١٤) وتاريخ الطبريّ ( ج ٧؛ ٢٠٢ ) ومروج الذهب ( ج ٣؛ ١٢٠ ) والخرائج والجرائح (٢٤١).

وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط

هذا الإخبار من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بشهادته وقاتله، يعدّ من دلائل وعلامات نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد اتّفق على نقل هذا الإخبار جميع المسلمين في كتبهم ومصادرهم الروائيّة، واتّفقوا على أنّ عليّاعليه‌السلام كان يقول: ما ينتظر أشقاها، عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لتخضبنّ هذه من هذا. رواه ابن المغازلي في مناقبه (٢٠٥).

وفي كتاب سليم بن قيس (٩٤) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : تقتل شهيدا، تخضب لحيتك من دم رأسك.

وفي أمالي الصدوق (٩٩) بسنده، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أمّا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٢٧ ) عن عليّعليه‌السلام ، قال: إنّي سمعت رسول الله الصادق المصدّقصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّك ستضرب ضربة هاهنا - وأشار إلى صدغيه - فيسيل دمها حتّى تخضب

٣٤٨

لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

وانظر في ذلك روضة الواعظين (٢٨٨) والخرائج والجرائح ( ١١٥، ١٧٦ ) وأمالي الطوسي (٦٦) والخصال ( ٣٠٠، ٣٧٧ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) و ( ج ٢؛ ١١٨ ) وإرشاد المفيد (١٦٨) وإرشاد القلوب (٣٥٨) وبشارة المصطفى (١٩٨) ومقاتل الطالبيين (٣١) وشرح النهج ( ج ٤؛ ٣٦٩ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٣٤ - ٣٥ ) وتذكرة الخواص ( ١٧٢ - ١٧٥ ) ومناقب الخوارزمي (٢٧٥) ومسند أحمد ( ج ٤؛ ٢٦٣ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١١٣، ١٤٠ ) وخصائص النسائي ( ١٢٩ - ١٣٠ ) ونزل الأبرار ( ٦١ - ٦٢ ) وكفاية الطالب (٤٦٣) وكنز العمال ( ج ١١؛ ٦١٧ ) وتاريخ دمشق ( ج ٣؛ ٢٧٠ / الحديث ١٣٤٨ ) و ( ٢٧٩ الحديث ١٣٦٥ ) و ( ٢٨٥ / الحديث ١٣٧٥ ) و ( ٢٩٣ / الحديث ١٣٩١ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٣٦، ١٣٧، ١٣٨ ) وأنساب الأشراف ( ج ٢؛ ٤٩٩ / الحديث ٥٤٤ ) ونظم درر السمطين (١٣٦) وجواهر المطالب ( ج ٢؛ ٨٧ ).

وقد علم من التاريخ ضرورة، أنّ عليّا استشهد على يد أشقى البريّة عبد الرحمن بن ملجم الخارجي، وذكرت كلّ التواريخ قول عليّعليه‌السلام : « فزت وربّ الكعبة »، فمضى صابرا محتسبا حتّى لقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فختمت الوصيّة بخواتيم من ذهب لم تمسّه النار ودفعت إلى عليّعليه‌السلام

ذكر الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٧٩ - ٢٨٤ ) أربعة أحاديث حول هذه الوصيّة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في باب « أنّ الأئمّة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه »، الأولى: بسنده عن معاذ بن كثير، عن الصادقعليه‌السلام ، والثانية: عن محمّد بن أحمد بن عبيد الله العمريّ، عن أبيه، عن جدّه، عن الصادقعليه‌السلام ، والثالثة: عن ضريس الكناسي، عن الباقرعليه‌السلام ، والرابعة: عن عيسى بن المستفاد، عن الكاظمعليه‌السلام ، وهي الطّرفة المذكورة في متن الطّرف. وإليك نصّ الرواية الثانية:

أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عن

٣٤٩

أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكنديّ، عن محمّد بن أحمد بن عبيد الله العمريّ، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إنّ الله عزّ وجلّ أنزل على نبيّه كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمّد هذه وصيّتك إلى النّجبة من أهلك، قال: وما النّجبة يا جبرئيل؟ فقال: عليّ بن أبي طالب وولده، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبي إلى أمير المؤمنين، وأمره أن يفكّ خاتما منه ويعمل بما فيه، ففكّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسنعليه‌السلام ، ففكّ خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى الحسينعليه‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه أن « أخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلاّ معك، واشر نفسك لله عزّ وجلّ » ففعل، ثمّ دفعه إلى عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه أن « أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه « حدّث الناس وأفتهم ولا تخافنّ إلاّ الله عزّ وجلّ، فإنّه لا سبيل لأحد عليك » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه جعفرعليه‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه « حدّث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك، وصدّق آباءك الصالحين، ولا تخافنّ إلاّ الله عزّ وجلّ وأنت في حرز وأمان » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه موسىعليه‌السلام ، وكذلك يدفعه موسى إلى الّذي بعده، ثمّ كذلك إلى قيام المهديّ صلّى الله عليه.

وفي الحديث الأوّل قال الصادقعليه‌السلام : إنّ الوصيّة نزلت من السماء على محمّد كتابا، لم ينزل على محمّد كتاب مختوم إلاّ الوصيّة، فقال جبرئيل: يا محمّد، هذه وصيّتك في أمّتك عند أهل بيتك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّ أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال: نجيب الله منهم وذريّته، ليرثك علم النبوّة كما ورثه إبراهيم، وميراثه لعليّ وذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم ....

وانظر حديث هذه الصحيفة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل في أمالي الصدوق (٣٢٨) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٩٨، ٢٩٩ ) عن الصادقعليه‌السلام ، ثمّ قال: « وقد روى نحو هذا الخبر أبو بكر بن أبي شيبة، عن محمّد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »، وبصائر الدرجات ( ١٦٦ / الحديث ٢٤ من الباب ١٢

٣٥٠

من الجزء الثالث ) و ( ١٧٠ / الحديث ١٧ من الباب ١٣ من الجزء الثالث ) وإكمال الدين ( ٢٣١، ٢٣٢ / الحديث ٣٥ من الباب ٢٢ ) و ( ٦٦٩ - ٦٧٠ / الحديث ١٥ من الباب ٥٨ ) والإمامة والتبصرة ( ٣٨ - ٣٩ ) وأشار إليه في الصفحة ١٢ أيضا، وعلل الشرائع ( ١٧١ / الحديث الأوّل من الباب ١٣٥ ) والغيبة للنعماني (٢٤) وأمالي الطوسي ( ٤٤١ / الحديث ٩٩٠ ). وانظر روايات هذه الصحيفة السماويّة المباركة في بحار الأنوار ( ج ٢٦؛ ١٨ / الباب الأوّل « ما عندهم من الكتب » و ( ج ٣٦؛ ١٩٢ - ٢٢٦ / الباب ٤٠ ).

٣٥١

٣٥٢

الطّرفة الخامسة عشر

روى هذه الطّرفة الشريف الرضي في كتاب خصائص الأئمّة (٧٢) ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٢ - ٤٨٣ ) عن كتاب الطّرف، عن خصائص الأئمّة، وهي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩١، ٩٢ )، حيث نقلها العلاّمة البياضي باختصار.

وهذه الطّرفة موضوعها متعلّق بما سبقها من حديث الصحيفة المختومة، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها لعليّعليه‌السلام ، وأمره وولده أن يعملوا بما فيها، فعملوا طبق ما في هذه الوصيّة، ولم يجاوزوا ما فيها، فوردوا على رسول الله لا مقصّرين ولا مفرّطين. والمطالب الفرعيّة الموجودة في الطّرفة كلّها مرّ بعضها، وسيأتي بعضها الآخر.

٣٥٣

٣٥٤

الطّرفة السادسة عشر

روى هذه الطّرفة الشريف الرضي في كتاب خصائص الأئمّة ( ٧٢ - ٧٣ ) ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٣ - ٤٨٤ ) عن كتاب الطّرف، وعن خصائص الأئمّة، ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٢ ) باختصار.

اتّفقت الكلمة على أنّ عليّاعليه‌السلام وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا عند رسول الله قبل موته، وأنّهم هم الّذين قاموا بأمره، وتظافرت الروايات من طرق الفريقين أنّ النبي مات ورأسه في حجر عليّ، أو أنّ عليّا كان مسنّده، ولم يزعم أحد غير ذلك إلاّ عائشة، فقد ادّعت لوحدها ذلك، ولم يقرّها عليه المسلمون، بل كان عليّعليه‌السلام هو القائم بشأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد دعاه رسول الله في مرضه وأسرّ له جميع الأسرار، وأخبره بكلّ ما يجري من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ففي الخصال (٦٤٢) بسنده عن أمّ سلمة، قالت: قال رسول الله في مرضه الّذي توفّي فيه: ادعوا لي خليلي، فأرسلت عائشة إلى أبيها، فلمّا جاء غطّى رسول الله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي، فرجع أبو بكر، وبعثت حفصة إلى أبيها، فلمّا جاء غطّى رسول الله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي، فرجع عمر، وأرسلت فاطمةعليها‌السلام إلى عليّعليه‌السلام ، فلمّا جاء قام رسول الله فدخل، ثمّ جلّل عليّا بثوبه، قال عليّ: فحدّثني بألف حديث، يفتح كلّ حديث ألف حديث، حتّى عرقت وعرق رسول الله، فسال عليّ عرقه وسال عليه عرقي.

وفيه أيضا (٦٤٣) عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علّمني ألف باب من الحلال والحرام، وممّا كان إلى يوم القيامة، كلّ باب منها

٣٥٥

يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتّى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب.

وفي بصائر الدرجات (٣٢٤) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة وحفصة في مرضه الّذي توفي فيه: ادعيا لي خليلي، فأرسلتا إلى أبويهما، فلمّا نظر إليهما أعرض عنهما، ثم قال: ادعيا لي خليلي، فأرسلتا إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فلمّا نظر إليه أكب عليه يحدّثه، فلمّا خرج لقياه، فقالا له: ما حدّثك خليلك؟ فقال: حدّثني خليلي ألف باب، ففتح لي كلّ باب ألف باب.

وفيه أيضا (٣٢٥) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول الله علّمني ألف باب من الحلال والحرام، وممّا كان وما هو كائن وممّا يكون إلى يوم القيامة، كلّ يوم يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتّى علمت المنايا والوصايا وفصل الخطاب.

فدعوة المرأتين أبويهما، وسؤال أبويهما عليّا عمّا حدّثه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقول عليّ: أنّه علّمه ما كان وما هو كائن وما سيكون، يدلّ على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّاعليه‌السلام بما سيصنعه القوم، وما سيكون من بعده، وقد كان عليّعليه‌السلام يصرّح بأنّه سكت لعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأمره فيه بالسكوت.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٦ ) قال: الطبريّ في الولاية، والدار قطني في الصحيح، والسمعاني في الفضائل، وجماعة من رجال الشيعة، عن الحسين بن عليّ ابن الحسن، وعبد الله بن عبّاس، وأبي سعيد الخدريّ، وعبد الله بن الحارث، واللّفظ الصحيح أنّ عائشة قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في بيتها لمّا حضره الموت: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له أبا بكر، فنظر إليه ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لي حبيبي، فدعوا له عمر، فلمّا نظر إليه، قال: ادعوا لي حبيبي، فقلت: ويلكم، ادعوا له عليّ بن أبي طالب، فو الله ما يريد غيره، فلمّا رآه أفرج الثوب الّذي كان عليه، ثمّ أدخله فيه ولم يزل يحتضنه، حتّى قبض ويده عليه.

وفي فضائل ابن شاذان ( ١٤١ - ١٤٢ ) بسنده يرفعه إلى سليم بن قيس، أنّه قال: لمّا

٣٥٦

قتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، بكى ابن عبّاس بكاء شديدا، ثمّ قال: ولقد دخلت على عليّ ابن أبي طالب ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذي قار، فأخرج لي صحيفة، وقال: يا بن عبّاس، هذه الصحيفة إملاء رسول الله وخطّي بيدي، قال: فقلت يا أمير المؤمنين اقرأها عليّ، فقرأها وإذا فيها كلّ شيء منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم قتل الحسينعليه‌السلام وكان فيها لمّا قرأها أمر أبي بكر وعمر وعثمان وكم يملك كلّ إنسان منهم فلمّا أدرج الصحيفة، قلت: يا أمير المؤمنين، لو كنت قرأت عليّ بقية الصحيفة، قال: ولكنّي أحدّثك بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ عند موته بيدي، ففتح لي ألف باب من العلم، تنفتح من كلّ باب ألف باب، وأبو بكر وعمر ينظرون إليّ، وهو يشير لي بذلك، فلمّا خرجت قالا: ما قال لك؟ قال: فحدّثتهم بما قال، فحرّكا أيديهما ثمّ حكيا قولي، ثمّ ولّيا يردّدان قولي ويخطران بأيديهما ورواه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٨؛ ٧٣ / الحديث ٣٢ عن كتاب الروضة ) - لأحد علماء القرن السابع - بسنده إلى سليم بن قيس.

وانظر مناجاة النبي ومسارّته لعليّ عند موته، وإخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا بكلّ ما كان وما يكون، وتعلّمه ألف ألف باب من العلم، ودعوة المرأتين أبويهما للنبي وإعراضهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهما، في أمالي الصدوق (٥٠٩) وبصائر الدرجات ( ٣٢٢ - ٣٢٧ ) وفيه عدّة أحاديث / في الباب ١٦ من الجزء السادس « في ذكر الأبواب الّتي علّم رسول الله أمير المؤمنين »، ( ٣٩٧ - ٣٩٨ ) الباب ٣ من الجزء الثامن « باب في الأئمّة أن عندهم أسرار الله، يؤدي بعضهم إلى بعض، وهم أمناؤه » وفيه ستّة أحاديث في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسرّ كلّ شيء إلى عليّعليه‌السلام ، وكفاية الأثر ( ١٢٤ - ١٢٦ ) والخصال ( ٦٤٢ - ٦٥٢ ) وفيه أحاديث كثيرة، وروضة الواعظين (٧٥) والتهاب نيران الأحزان ( ٤٣ - ٤٤ ) وأمالي الطوسي (٣٣٢) والاختصاص (٢٨٥) والإرشاد (٩٩) وفيه « أنّ عليّا قال لهم: علّمني ألف باب من العلم، فتح لي كلّ باب ألف باب، وأوصاني بما أنا قائم به إن شاء الله »، وإعلام الورى (٨٣) والطرائف (١٥٤) والكافي ( ج ١؛ ٢٩٦ ).

وهو في تاريخ ابن عساكر ( ج ٢؛ ٤٨٥ / الحديث ١٠٠٣ ) وفيه « أنّهم دعوا له عثمان

٣٥٧

فأعرض عنه »، ( ج ٣؛ ١٥ / الحديث ١٠٢٧ ) ومناقب الخوارزمي (٢٩) عن ابن مردويه، وبحار الأنوار ( ج ٣٨؛ ٣٣١ ) عن كتاب الأربعين، وقال المظفر في دلائل الصدق ( ج ٢؛ ٦٣٩ ): « إنّ الحديث ذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة عن الدار قطني، ثمّ حكم بضعفه، وقال: أنّ له طريقا آخر إلى ابن عمر أيضا »، وقد ناقش المظفر تضعيف السيوطي فراجعه. ومهما يكن من شيء فهو ثابت وطرقه كثيرة، وهو دالّ على محتوى الطّرفة، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّاعليه‌السلام بما سيجري، وأوصاه بوصايا، فقام بها عليّعليه‌السلام جميعا.

أنّ القوم سيشغلهم عنّي ما يريدون من عرض الدنيا وهم عليه قادرون، فلا يشغلك عنّي ما يشغلهم

لهذا المطلب أكثر من دليل ودليل، فقد علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بما كانوا ينوونه من غصب الخلافة، والتهافت على الدنيا، فبعثهم في جيش أسامة، ولعن من تخلّف عنه، وأبقى عليّا وأهل بيتهعليهم‌السلام ليقودوا الأمّة، ويستلموا الخلافة، وصرّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في رواياتنا أنّه إنّما بعثهم لذلك، ولتتمّ عليهم الحجّة، وأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأنّه المظلوم والمضطهد من بعده، وأنّ الأمّة ستغدر به، وأنّه المبتلى والمبتلى به؛ كما مرّ كلّ ذلك، وقد تحقّق ما أخبر بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتنازع القوم على الخلافة، وغصبوها في سقيفة بني ساعدة، وتركوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ملقى في بيته، والحزن يغمر عليّا، وأهل بيت النبي صلوات الله عليهم، وقد احتجّت فاطمةعليها‌السلام على الأنصار والمهاجرين بأحقّيّة عليّعليه‌السلام ، فاعتذروا بأنّ عليّا لو كان حاضرا في السقيفة لبايعوه، فقال الإمامعليه‌السلام : أفأترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جنازة وأنازع الأمر؟! فقالت الزهراءعليها‌السلام : ما فعل أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي، وهذا كلّه ثابت في التواريخ والمناقب والتراجم، وقد اتّفقت كلمة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم على ذلك.

ففي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٣٠ ) عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: فلمّا قبض نبي الله، كان الذي كان؛ لما قد قضي من الاختلاف، وعمد عمر فبايع أبا بكر، ولم يدفن رسول الله بعد. وإليك بعض النصوص في ذلك من كتب العامّة.

٣٥٨

فقد قام الشيخان يعرض كلّ منهما لصاحبه، فيقول هذا لصاحبه: ابسط يدك لأبايعك، ويقول الآخر: بل أنت، وكلّ منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه، ومعهما أبو عبيدة الجراح - حفّار القبور بالمدينة - يدعو الناس إليهما. تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ١٩٩ ). وعليّ والعترةعليهم‌السلام وبنو هاشم ألهاهم النبي، وهو مسجّى بين أيديهم، وقد أغلق دونه الباب أهله. سيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٣٦ ).

وخلّى أصحابه بينه وبين أهله فولوا إجنانه. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠١ ).

ومكثصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أيّام لا يدفن. تاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ٢٧١ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ١؛ ١٥٢ ).

أو مكث من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء أو ليلته. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٣ - ٢٧٤، ٢٩٠ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٤٣ - ٣٤٤ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ) وسنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٩٩ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ١؛ ١٥٢ ) قال: « والأصحّ دفنه ليلة الأربعاء »، وتاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ١٧١ ) قال: « وهو المشهور عن الجمهور، والصحيح أنّه دفن ليلة الأربعاء »، وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١١٣ - ١١٤ ).

فدفنه أهله، ولم يله إلاّ أقاربه. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠٤ ).

دفنوه في اللّيل، أو في آخره. سنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٩٩ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ).

ولم يعلم به القوم إلاّ بعد سماع صريف المساحي، وهم في بيوتهم في جوف اللّيل.

طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠٤ - ٣٠٥ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٤٤ ) وتاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ٢٧٠ ).

ولم يشهد الشيخان دفنه. أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في كنز العمال ( ج ٣؛ ١٤٠ ).

وقالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى سمعنا صوت المساحي في جوف اللّيل؛ ليلة الأربعاء. سيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣١٤ )، تاريخ الطبري ( ج ٣؛ ٢٠٥ )، شرح النهج ( ج ١٣؛ ٣٩ ).

٣٥٩

إنّما مثلك في الأمّة مثل الكعبة وإنّما تؤتى ولا تأتي

في المسترشد (٣٩٤) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال:( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) فلو ترك الناس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم إيّاه، ولكن كانوا يكفرون بتركه؛ لأنّ الله تبارك وتعالى قد نصبه لهم علما، وكذلك نصّبني علما، حيث قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أنت بمنزلة الكعبة، يؤتى إليها ولا تأتي.

وفي أسد الغابة ( ج ٤؛ ٣١ ) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت بمنزلة الكعبة، تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلّموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتّى يأتوك.

وقد روت كتب الفريقين هذا الحديث بمعنى واحد، وألفاظ مختلفة، فورد في بعضها « أن مثل عليّ مثل الكعبة، يحجّ إليها ولا تحجّ » و « إنّما أنا كالكعبة أقصد ولا أقصد » و « مثل عليّ كمثل بيت الله الحرام، يزار ولا يزور »، وما شاكلها وقاربها من الألفاظ. انظر في ذلك الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٧٥ ) وكشف اليقين (٢٩٨) وكفاية الأثر ( ١٩٩، ٢٤٨ ) وبشارة المصطفى (٢٧٧) وإرشاد القلوب (٣٨٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٦٢ ) ( ج ٣؛ ٢٠٢، ٢٦٨ ) وأمالي الصدوق (١٧) والتحصين (٦٠٩) وتفسير فرات ( ٨١ - ٨٢ ) ودلائل الإمامة (١٢) والمسترشد (٣٨٧) وبحار الأنوار ( ج ٤٠؛ ٧٥ - ٧٨ ) نقلا عن الفردوس للديلمي.

وهو في مناقب ابن المغازلي (١٠٧) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٤٠٧ / الحديث ٩٠٥ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٧ ) ونور الهداية للدواني المطبوع في الرسائل المختارة (١٢٦) وكنوز الحقائق (١٨٨).

وأئمّة آل البيتعليهم‌السلام كلّهم كالكعبة، ففي الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٧٥ ) قال: أسند ابن جبر في نخبه إلى الصادقعليه‌السلام ، قوله: « نحن كعبة الله، ونحن قبلة الله » وفي هذا وجوب

__________________

(١) آل عمران؛ ٩٧.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432