العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)0%

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 432

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف: علاء الحسون
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف:

الصفحات: 432
المشاهدات: 185214
تحميل: 7464

توضيحات:

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 432 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 185214 / تحميل: 7464
الحجم الحجم الحجم
العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

المبحث الثاني

أدلة عدم فعله تعالى للقبيح

الدليل الأوّل:

لا يخلو الداعي إلى فعل القبيح عن أربع صور، وهي:

الاُولى: الجهل بالقبح: وهي أن يكون فاعل القبيح جاهلا بقبح ما يفعله.

الثانية: العجز عن تركه: وهي أن يكون فاعل القبيح عالماً بقبح ما يفعله، ولكنه عاجز عن تركه.

الثالثة: الاحتياج إليه: وهي أن يكون فاعل القبيح عالماً بقبح ما يفعله، وغير عاجز عن تركه، ولكنه محتاج إلى فعله.

الرابعة: فعله عبثاً: وهي أن يكون فاعل القبيح عالماً بقبح ما يفعله، وغير عاجز عن تركه، وغير محتاج إلى فعله، ولكنه يفعله عبثاً.

واللّه سبحانه وتعالى منزّه عن جميع هذه الصور (وهي الجهل والعجز والاحتياج والعبث)، لأنّه تعالى هو العالم والقادر والغني والحكيم على الإطلاق، فلهذا يستحيل عليه فعل القبيح(١) .

وذكر معظم علماء الشيعة:

أنّ اللّه تعالى لا يفعل القبيح لعلمه بقبحه واستغنائه عنه(٢) .

____________________

١- انظر: نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، مبحث: أن اللّه تعالى لا يفعل القبيح، ص ٨٥.

٢- انظر: الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الأوّل، ص ٨٨.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الثالث، ص٩٠.

قواعد المرام، ميثم البحراني،: القاعدة الخامسة، الركن الأوّل، البحث الخامس، ص١١١.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث الثالث، ص٢٤٣.

كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، المسألة الثانية، ص٤٢٠.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث العدل، إثبات أنّ الباري لا يفعل القبيح، ص٢٦٠.

٢١

تنبيه:

إنّ اللّه تعالى لا يفعل القبيح لعدم وجود الداعي لفعله.

أمّا فعله تعالى للحسن، فليس الداعي احتياجه تعالى إليه، وإنّما يفعل اللّه الحسن لحسنه لا للحاجة إليه(١) .

الدليل الثاني:

إنّ اللّه تعالى حكيم، وهذه الحكمة الإلهية تستلزم عدم فعله تعالى للقبيح، لأنّ فعل القبيح لا ينسجم مع الحكمة.

الدليل الثالث:

يلزم فعله تعالى للقبيح عدم الجزم بصدق الأنبياء، لأنّ دليل النبوّة مبني على إظهار اللّه المعجزة على يد النبي، فلو كان اللّه فاعلا للقبيح، فإنّه قد يُظهر المعجزة على يد من يدّعي النبوّة كذباً، فلا يمكن بعد ذلك الوثوق بصحة نبوّة أي نبي(٢) .

الدليل الرابع:

يلزم فعله تعالى للقبيح جواز صدور الكذب منه تعالى، لأنّ الكذب نوع من أنواع فعل القبيح، ومنه يلزم عدم الوثوق بوعد الله ووعيده تعالى، فينتفي الجزم بوقوع ما أخبر بوقوعه من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية(٣) .

____________________

١- انظر: شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى: أبواب العدل، في أ نّه تعالى لا يفعل القبيح، ص ٨٥.

تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسائل العدل، مسألة: في كونه تعالى لا يفعل القبيح، ص ١٠٢.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: القول في العدل، ص ١٦١.

٢- انظر: مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث الثالث، ص٢٤٣.

نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، مبحث أنّ اللّه تعالى لا يفعل القبيح، المطلب الثالث، ص ٨٦.

٣- انظر: النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد: الفصل الثاني، ص٣٣.

الرسالة السعدية، العلاّمة الحلّي: القسم الأوّل، المسألة السادسة، البحث الثاني، ص٥٧.

ومن هنا تتثّبط عزيمة الإنسان عن طاعة أوامر اللّه تعالى واجتناب نواهيه، وسيقول الإنسان: ما هي فائدة عبادتي للّه تعالى، وقد يدخلني اللّه تعالى في النار رغم عبادتي له، لأ نّه يفعل ما يشاء، ومنها فعل القبيح!

٢٢

الدليل الخامس:

يلزم من فعله تعالى للقبيح جواز وصفه تعالى بالظلم والجور والعدوان، لأ نّه تعالى لو كان فاعلا للقبيح لأمكن أن يصدر منه الظلم والجور والعدوان، لأ نّها من جملة القبائح.

تنبيه:

بما أنّ اللّه تعالى منزّه عن فعل القبيح، فلهذا لا يصح نسبة أيّ فعل قبيح إليه تعالى، وبما أ نّنا نجد ارتكاب بعض العباد للأفعال القبيحة، فلهذا لا يصح نسبة هذه الأفعال إلى اللّه تعالى، بل ينبغي نسبتها إلى العباد، ويكون كلّ إنسان هو المسؤول عن الفعل القبيح الذي يصدر عنه(١) .

____________________

١- انظر: المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في العدل، ص ١٦٤.

٢٣

المبحث الثالث

مناقشة رأي الأشاعرة حول فعله تعالى للقبيح

ذهب الأشاعرة إلى أنّ اللّه تعالى يفعل ما يشاء، وكلّ ما يفعله اللّه تعالى فهو حسن، وإن حكم العقل بقبح هذا الفعل(١) .

أدلة الأشاعرة:

الدليل الأوّل:

إنّ الفعل لا يكون قبيحاً إلاّ بعد نهي الشارع عنه، وبما أنّ أفعال اللّه تعالى لا تقع في إطار أوامر ونواهي الشرع، فلهذا لا يمكن تصوّر فعل القبيح في أفعال اللّه تعالى.

قال أبو الحسن الأشعري:

"الدليل على أنّ كلّ ما فعله [تعالى] فله فعله أ نّه... لا فوقه مبيح، ولا آمر، ولا زاجر، ولا حاظر، ولا من رسم له الرسوم، وحدّ له الحدود، فإذا كان هذا هكذا لم يقبح منه شيء، إذ كان الشيء إنّما يقبح منّا لأ نّا تجاوزنا ما حدّ ورسم لنا، وأتينا ما لم نملك إتيانه، فلمّا لم يكن الباري... تحت أمر لم يقبح منه شيء"(٢) .

يرد عليه:

١ - إنَّ بعض الأفعال قبيحة بذاتها، ولا يعود منشأ قُبحها إلى حكم الشرع.

وسنبحث هذا الموضوع بصورة مفصّلة في الفصل القادم.

____________________

١- انظر: المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ٦، ص ٢٨٣.

شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٥، المبحث ٤، ص٢٩٤.

٢- اللمع، أبو الحسن الأشعري: الباب السابع، ص١١٦.

٢٤

٢ - "لو كان القبيح إنّما يقبح للنهي، لوجب فيمن لا يعرف النهي ولا الناهي أن لا يعرف شيئاً من القبائح"(١) .

وبعبارة اُخرى: لو كان نهي الشرع هو المنشأ الوحيد لقبح جميع الأفعال، فينبغي أن لا يعتقد منكر الشرع بقبح شيء، لأ نّه لا يؤمن بالشرع فلا يكون عنده شيءٌ قبيحٌ.

ولكننا نرى غير الملتزمين بالدين - على اختلاف فصائلهم -:

يصفون بعض الأفعال بالقبح ويعتقدون بأ نّهم ملزمون بتركها.

ويسند هؤلاء تقبيحهم إلى العقل من غير أن يكون لحكم الشرع أيّ أثر في هذا التقبيح.

٣ - "لو كان القبيح يقبح للنهي، لوجب أن يكون الحسن يحسن للأمر، فيلزم عليه أن لا توصف أفعاله تعالى بالحسن أيضاً، لأ نّه [تعالى] كما لم ينه عن شيء، [فإنّه تعالى] لم يُؤمر بشيء"(٢) .

الدليل الثاني للأشاعرة:

"الدليل على أنّ كلّ ما فعله [تعالى]، فله فعله: أ نّه المالك القاهر الذي ليس بمملوك... فإذا كان هذا هكذا لم يقبح منه شيء"(٣) .

وقال الشهرستاني:

"أمّا العدل فعلى مذهب أهل السنة: أنّ اللّه عدل في أفعاله، بمعنى أ نّه متصرّف في مُلكه ومِلكه، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد"(٤) .

بعبارة أُخرى:

____________________

١- المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في العدل، ص ١٥٥.

٢- المصدر السابق.

٣- اللمع، أبو الحسن الأشعري: الباب السابع، ص١١٦.

٤- الملل والنحل، عبد الكريم الشهرستاني: ج١، الباب الأوّل، ص ٤٢.

٢٥

لا يمكن تصوّر فعل القبيح بالنسبة إلى اللّه تعالى، لأ نّه تعالى هو المالك لكلّ شيء على الإطلاق، ويعتبر أي تصرّف له تعالى في العالم، إنّما هو تصرّف في شيء يملكه، وله أن يفعل به كيفما يشاء.

يرد عليه:

إنّ ملكية الشيء لا تعني امتلاك المالك حقّ التصرّف بها على خلاف موازين الحكمة والعدل.

ولهذا نجد العقلاء يذمّون من يلقي أمواله في البحر بلا سبب، ويحكمون بسفاهته مع علمهم بمالكيته لتلك الأموال.

بعبارة أُخرى:

إنّ "الملكية" لا تبيح فعل القبائح العقلية أصلا.

ولهذا يستنكر العقلاء على المالك الذي يعذّب عبده بلا جهة، ويعتبرونه سفيهاً يستحق اللوم إزاء فعله القبيح هذا.

واللّه تعالى على رغم كونه مالكاً لكلّ شيء وقادراً على كلّ شيء، ولكنه مع ذلك "حكيم"، وحكمته تنزّهه عن فعل القبيح.

ولهذا قال تعالى:( وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْم وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ) [هود: ١١٧].

٢٦

المبحث الرابع

قدرة اللّه تعالى على فعل القبيح

قال الشيخ المفيد: "إنّ اللّه - جلّ جلاله - قادر على خلاف العدل، كما أ نّه قادر على العدل، إلاّ أ نّه لا يفعل جوراً ولا ظلماً ولا قبيحاً، وعلى هذا جماعة الإمامية"(١) .

أدلة قدرته تعالى على فعل القبيح:

١ - إنّ اللّه تعالى قادر على كلّ مقدور، والقبيح مقدور، فيثبت أ نّه تعالى قادر على فعل القبيح(٢) .

٢ - إنّ "الفعل الحسن" من جنس "الفعل القبيح"، والقادر على أحد الجنسين يكون قادراً على الآخر(٣) .

مثال:

ألف - إنّ قعود الإنسان في دار غيره غصباً من جنس قعوده فيها باذن مالكها، ولكن أحدهما قبيح والآخر حسن.

ب - إنّ اللّه تعالى قادر - بلا خلاف - على معاقبة العاصي، ولا يخفى بأنّ هذه القدرة لم تتحقّق عند وقوع المعصية من المكلّف، بل كان اللّه تعالى قادراً على

____________________

١- أوائل المقالات، الشيخ المفيد: قول ٢٤، ص ٥٦.

٢- انظر: شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى: باب مايجب اعتقاده في أبواب العدل، ص٨٣ - ٨٤.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الثالث، ص ٨٨.

٣- انظر: الملخص، الشريف المرتضى: الجزء الثاني، باب الكلام في العدل، ص٣٢٥.

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الأوّل، ص٨٨.

تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسائل العدل، مسألة في كونه تعالى قادراً على القبيح، ص٩٩.

٢٧

المعاقبة قبل ذلك، وعقوبته تعالى قبل ذلك من جملة الأفعال القبيحة، فثبت أ نّه تعالى قادر على فعل القبيح(١) .

٣ - إنّنا قادرون على فعل القبيح، واللّه تعالى أقدر منّا في جميع الأحوال، فيثبت بذلك أ نّه تعالى قادر على فعل القبيح(٢) .

مناقشة رأي القائلين بعدم قدرة اللّه على فعل القبيح:

ذهب البعض إلى أنّ اللّه تعالى غير قادر على فعل القبيح، لأ نّه تعالى لو كان قادراً على فعل القبيح لصح منه فعله، وصحة فعل القبيح منه تعالى دليل على اتّصافه تعالى بالجهل والاحتياج، وهو منزّه عن ذلك(٣) .

يرد عليه:

١ - إنّ امتلاك القدرة على فعل معيّن لا يدل على أنّ صاحب تلك القدرة سيستخدم قدرته في القيام بذلك الفعل.

وإنّما الفعل يتبع الإرادة والاختيار ووجود الداعي و....

واللّه تعالى حكيم، وتمنعه حكمته من فعل القبيح على الرغم من امتلاكه القدرة عليه.

٢ - إنّ الاتّصاف بالجهل والاحتياج يكون مع "فعل القبيح" لا مع "امتلاك القدرة

____________________

١- انظر: الملخص، الشريف المرتضى: الجزء الثاني، باب الكلام في العدل، ص٣٢٥.

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الأوّل، ص٨٨.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: القول في العدل، ص ١٥٣.

٢- انظر: تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسألة: في كونه تعالى قادراً على القبيح، ص١٠٠.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج٢، فصل: في أ نّه تعالى قادر على القبيح و...، ص ٧٤.

٣- أشار بعض علمائنا إلى هذا الرأي الذي ذهب إليه بعض أعلام المعتزلة.

انظر: تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسألة في كونه تعالى قادراً على القبيح، ص ١٠٠.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الثالث، ص ٨٩.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في العدل، ص ١٥٤.

٢٨

على فعله"، وإنّ عدم فعله تعالى للقبيح ليس لأ نّه غير قادر على فعله، بل لأ نّه تعالى حكيم وعالم وغني، فلا يريد فعل القبيح(١) .

____________________

١- انظر: المصدر السابق.

٢٩

المبحث الخامس

عدم فعله تعالى للظلم

معنى الظلم:

"وضع الشيء في غير موضعه... وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحدّ"(١) .

أدلة عدم فعله تعالى للظلم:

١ - إنّ الظلم ينبثق عن الجهل والحاجة والحقد والعجز والضعف والخوف والعبث وغيرها من الرذائل التي يكون اللّه تعالى منزّهاً عنها، فلهذا يستحيل عليه تعالى الظلم.

٢ - إنّ اللّه تعالى ذمّ الظالمين وندّد بهم ونهى الناس عن الظلم، فكيف يكون سبحانه ظالماً للعباد؟!

٣ - إنّ الظلم قبيح، واللّه تعالى - كما بيّنا فيما سبق - منزّه عن فعل القبيح.

نفي الظلم عن اللّه تعالى في القرآن الكريم:

١ -( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ) [آل عمران: ١٨]

٢ -( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) [الأنبياء: ٤٧]

٣ -( إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [يونس: ٤٤]

____________________

١- لسان العرب، ابن منظور: مادة (ظلم).

٣٠

٤ -( فَما كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [التوبة: ٧٠]

٥ -( وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [النحل: ١١٨]

٦ -( إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّة ) [النساء: ٤٠]

٧ -( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) [الكهف: ٤٩]

٨ -( وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاّم لِلْعَبِيدِ ) [الأنفال: ٥١]

٩ -( وَما رَبُّكَ بِظَلاّم لِلْعَبِيدِ ) [فصّلت: ٤٦]

١٠ -( وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ ) [آل عمران: ١٠٨]

١١ -( وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظّالِمِينَ ) [الزخرف: ٧٦]

١٢ -( وَما ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [النحل: ٣٣]

٣١

٣٢

الفصل الثاني

الحسن والقبح العقلي

معنى الحسن والقبح

أقسام الفعل من حيث الاتّصاف بالحسن والقبح

منشأ حسن وقبح الأفعال

إطلاقات الحسن والقبح

محل الاختلاف بين العدلية والأشاعرة حول حسن وقبح الأفعال

رأي العدلية القائلين بالحسن والقبح العقلي

أدلّة ثبوت الحسن والقبح العقلي

إثبات الحسن والقبح العقلي في القرآن الكريم

رأي الأشاعرة حول حسن وقبح الأفعال

أدلّة الأشاعرة على إنكار الحسن والقبح العقلي ومناقشتها

أقوال بعض أهل السنة الموافقين للحسن والقبح العقلي

٣٣

٣٤

المبحث الأوّل

معنى الحسن والقبح

معنى الحسن والقبح (في اللغة):

إنّ للحُسن والقبح - في اللغة - عدّة معان منها:

١ - "الحسن" ما هو كمال، و"القبيح" ما هو نقص.

٢ - "الحسن" ما يلائم الطبع، و"القبيح" ما ينافره.

٣ - "الحسن" ما يوافق المصلحة، و"القبيح" ما يخالفها.

٤ - "الحسن" ما يتعلّق به المدح، و"القبيح" ما يتعلّق به الذم.

وسنشير إلى هذه المعاني في المبحث الرابع من هذا الفصل.

معنى الحسن والقبح (في الاصطلاح العقائدي):

الفعل الحسن:

التعريف الأوّل: هو الفعل الذي لا يستحق فاعله الذم(١) .

التعريف الثاني: هو الفعل الذي يستحق فاعله المدح(٢) (٣) .

____________________

١- انظر: الذريعة إلى أصول الشريعة، السيّد المرتضى: ج٢، باب الكلام في الأفعال، ص٥٦٣.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الثاني، ص٨٥.

الرسالة السعدية، العلاّمة الحلّي: القسم الأوّل، المسألة السادسة، البحث الأوّل، ص٥٣.

٢- انظر: تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسائل العدل، مسألة في الحسن والقبح، ص٩٧.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة، الركن الأوّل، البحث الأوّل، ص ١٠٤.

٣- بشرط أن يكون الفاعل قاصداً إلى ما يفعل.

انظر: تقريب المعارف كما في (المصدر السابق).

٣٥

الفعل القبيح:

هو الفعل الذي يستحق فاعله الذم(١) (٢) .

صلة المدح والذم بالثواب والعقاب الأخروي:

الرأي الأوّل:

إنّ "الفعل الحسن" هو الفعل الذي يستحق فاعله "المدح"، ولا شكّ أنّ مدح اللّه تعالى يتبعه في الآخرة "إثابة" فاعل الفعل الحسن.

وإنّ "الفعل القبيح" هو الفعل الذي يستحق فاعله "الذم"، ولا شكّ أنّ ذمّ اللّه تعالى يتبعه في الآخرة "معاقبة" فاعل الفعل القبيح.

ولهذا ذكر أغلب علماء الإمامية في تعريفهم للحسن والقبح:

"الحسن" ما يستحق فاعله المدح عاجلا والثواب آجلا(٣) .

و"القبيح" ما يستحق فاعله الذم عاجلا والعقاب آجلا(٤) .

الرأي الثاني:

إنّ الثواب والعقاب الأخروي أمر غير ملازم للحسن والقبح.

لأنّ شرط حصول فاعل الفعل الحسن على "الثواب" هو: إيمانه باللّه وقصده للقربة ونحوها.

وشرط حصول فاعل الفعل القبيح على "العقاب" هو: عدم وجود العفو والشفاعة الإلهية، وعدم مبادرة فاعل القبيح إلى التوبة ونحوها.

فلا ربط للعقاب والثواب بالمدح والذم.

____________________

١- انظر: المصدر السابق (مصدري تعريف الفعل الحسن).

٢- بشرط أن يكون الفاعل عالماً بقبح ما يفعله، أو متمكّناً من العلم به، ولم يكن أي اضطرار إلى فعله.

انظر: تمهيد الأصول، الشيخ الطوسي: فصل في بيان حقيقة الفعل، وشرح أقسامه: ص ٩٨.

٣ و ٤) انظر: قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة، الركن الأوّل، البحث الثاني، ص١٠٤.

النافع يوم الحشر، مقداد السيوري: الفصل الرابع: في العدل، ص ٦٤.

إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث العدل، مسألة الحسن والقبح، ص ٢٥٤.

٣٦

ولهذا قال الشيخ محمّد حسن المظفر:

"إدخال كلمة الثواب والعقاب في تعريفهما [أي: تعريف الحُسن والقبح] خطأ ظاهر"(١) .

____________________

١- دلائل الصدق، محمّد حسن المظفر: ج ١، المسألة ٣، المبحث ١١، المطلب ٢، ص ٣٦٣.

٣٧

المبحث الثاني

أقسام الفعل من حيث الاتّصاف بالحسن والقبح(١)

١ - الفعل غير الاختياري(٢) : وهو الفعل الذي لا يوصف بالحسن والقبح، لأنّ استحقاق المدح والذم يرتبط بالفعل الاختياري فقط. وهو لا يتعلّق بالفعل غير الاختياري أبداً(٣) .

٢ - الفعل الاختياري: وهو الفعل الذي يوصف بالحُسن والقبح كما يلي:

أوّلا: الحُسن: وهو على نحوين:

أ - يكون له وصف زائد على حسنه، وهو:

الواجب: وهو ما يستحقّ فاعله المدح، ويستحقّ تاركه الذم.

المندوب: وهو ما يستحقّ فاعله المدح، ولا يستحقّ تاركه الذم.

ب - لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو:

المباح(٤) : وهو ما لا مدح فيه على الفعل والترك.

____________________

١- انظر: الذريعة إلى أصول الشريعة، السيّد المرتضى: ج٢، باب: الكلام في الأفعال، ص ٥٦٣.

تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسي: المقصد الثالث، الفصل الثالث، ص ١٩٧.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة، الركن الأوّل، البحث الأوّل، ص١٠٣.

النافع يوم الحشر، مقداد السيوري: الفصل الرابع: في العدل، ص٦٤.

كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثالث، المسألة الاُولى، ص٤١٨.

٢- من قبيل فعل الساهي وفعل النائم.

٣- انظر: تكملة شوارق الإلهام، محمّد المحمدي الجيلاني: الفصل الثالث، المسألة الاُولى، ص ٢٥.

٤- إنّ "المباح" يكون من أقسام "الحسن" فيما لو عرّفنا "الحسن" بأ نّه ما لا يستحقّ فاعله الذم، لأنّ المباح أيضاً لا يستحقّ فاعله الذم.

٣٨

ثانياً: القبيح: وهو ما يستحقّ فاعله الذم.

تنبيهان:

١ - اختلف علماء الإمامية في أنّ "المكروه" هل هو من أقسام القبيح أو الحسن:

فمن عرّف الحسن بـ "ما لا يستحقّ فاعله الذم" (وفق التعريف الأوّل الذي ذكرناه) اعتبر المكروه من الأمور الحسنة.

ومن عرّف الحسن بـ "ما يستحقّ فاعله المدح" (وفق التعريف الثاني الذي ذكرناه) اعتبر المكروه من الأمور القبيحة(١) .

٢ - الأصح اعتبار المكروه من الأفعال القبيحة، لترتّب الذم على فعله، وإن كان هذا الذم أضعف من الذم المتعلّق بالحرام.

____________________

١- للمزيد راجع: الكلام المقارن، علي الرباني الكلبايكاني: الباب السادس، الفصل الثاني، ص١٦٤.

٣٩

المبحث الثالث

منشأ حسن وقبح الأفعال

تنقسم الأفعال في كيفية اتّصافها بالحسن والقبح على ثلاثة أقسام:

١ - يكون الفعل بنفسه علّة تامة للحسن والقبح، فلا يتغيّر حسنه ولا قبحه بعروض العوارض.

ويشمل هذا الأمر الأفعال التي يدرك العقل - عند لحاظها - أنّها حسنة أو قبيحة، بغض النظر عن جميع الجهات الطارئة عليها.

وهذا ما يسمّى بالحسن والقبح الذاتي(١) .

مثال:

العدل والظلم.

فالعدل بما هو عدل لا يكون إلاّ حسناً.

والظلم بما هو ظلم لا يكون إلاّ قبيحاً.

ويستحيل - في جميع الأحوال - أن يكون العدل قبيحاً والظلم حسناً.

ومثله حسن الإحسان وقبح الإساءة.

٢ - لا يكون الفعل علّة تامة لحسنه أو قبحه، بل يكون مقتضياً للاتّصاف بالحسن أو القبح، بحيث يكون الفعل بنفسه حسناً أو قبيحاً، ولكن قد يتحوّل حُسن هذا الفعل إلى القبح، أو يتحوّل قبحه إلى الحسن فيما لو عرض عليه عنوان آخر.

____________________

١- انظر: مطارح الأنظار، الشيخ الأنصاري: ٢٤٥، نقلا عن المباحث الكلامية في مصنفات الشيخ الأنصاري، إبراهيم الأنصاري الخوئيني: العدل، هل الحسن والقبح ذاتيان أم لا، ص٦٢.

الالهيات، محاضرات: جعفر السبحاني، بقلم: حسن محمّد مكي العاملي: ١ / ٢٣٢ - ٢٣٣.

٤٠