العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)13%

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 432

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 432 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 193598 / تحميل: 8446
الحجم الحجم الحجم
العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

المبحث الخامس

غرض التكليف(١)

إنّ تكليف اللّه تعالى للعباد:

١ - ليس فيه غرض: وهو محال، لأنّ التكليف لغير غرض عبث، وفعل العبث قبيح، واللّه تعالى منزّه من فعل القبيح.

٢ - فيه غرض: وهو الصحيح.

وهذا الغرض:

١ - مضرّ: وهو محال، لأ نّه قبيح، واللّه تعالى منزّه من فعل القبيح.

٢ - مفيد: وهو الصحيح.

وهذه الفائدة:

١ - تعود للّه تعالى، وهو محال، لأ نّه يستلزم النقص والحاجة في ذاته تعالى، واللّه تعالى كامل وغني في ذاته وصفاته.

____________________

١- انظر: الذخيرة، الشريف المرتضى: باب الكلام في التكليف، فصل في بيان الغرض، ص ١١٠.

تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسألة العدل، في الغرض من التكليف، ص١١٥.

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الثالث، ص١١١.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج٢، فصل في التكليف وما يتعلّق به، ص١٠٦، ١٠٧.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة السابعة، الركن الثالث، البحث الثاني، ص١٥٨ - ١٥٩.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، الكلام في التكليف و...، ص٢٤٨.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث الرابع، ص٢٥٠.

النافع يوم الحشر، مقداد السيوري: الفصل الرابع: في العدل، ص٧١.

إشراق اللاهوت، عميد الدين العُبيدي: المقصدالعاشر، المسألة الثالثة، المبحث الثاني، ص٣٣٨.

إرشاد الطالبيين، مقداد السيوري: مباحث العدل، كون التكليف حسن، ص٢٧٢ - ٢٧٣.

٢٦١

٢ - تعود لغير اللّه تعالى: وهو الصحيح.

وهذا الغير هو:

١ - غير المكلَّف: وهو غير صحيح، لأنّ المكلَّف هو المتحمّل مشقة التكليف، فينبغي أن يكون هو المنتفع لا غيره.

٢ - المكلَّف: وهو الصحيح.

وهذه الفائدة التي يحصل عليها المكلَّف هي:

١ - جلب نفع أو دفع ضرر (أي: الحصول على الثواب والاجتناب عن العقاب): وهو غير صحيح، لأنّ الكافر الذي يموت على كفره مكلّف مع أنّ تكليفه لا يجلب له نفعاً ولا يدفع عنه ضرراً.

٢ - تعريض(١) للنفع وتحذير من الضرر (أي: تعريض للثواب وتحذير من العقاب): وهو الصحيح.

حديث شريف:

قال الإمام علي(عليه السلام):

"أ يّها الناس!

إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة وأخلاق شريفة.

فعلم أنّهم لم يكونوا كذلك إلاّ بأن يعرّفهم ما لهم وما عليهم.

والتعريف لا يكون إلاّ بالأمر والنهي.

والأمر والنهي لا يجتمعان إلاّ بالوعد والوعيد.

والوعد لا يكون إلاّ بالترغيب.

والوعيد لا يكون إلاّ بالترهيب.

والترغيب لا يكون إلاّ بما تشتهيه أنفسهم وتلذّه أعينهم.

والترهيب لا يكون إلاّ بضدّ ذلك.

____________________

١- معنى التعريض - كما ذكرنا سابقاً - هو جعل المكلّف بحيث يتمكّن من الوصول إلى النفع الذي عُرِّض له.

٢٦٢

ثمّ خلقهم في داره.

وأراهم طرفاً من اللذات، ليستدلّوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم، ألا وهي الجنة.

وأراهم طرفاً من الآلام، ليستدلوا به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة، ألا وهي النار.

فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطاً بمحنهم.

وسرورها ممزوجاً بكدرها وغمومها"(١) .

انقطاع التكليف:

ينبغي أن يكون التكليف منقطعاً ومحدّداً بفترة زمنية معيّنة، لأنّ التكليف يتبعه الحصول على الثواب الإلهي، ودوام التكليف يوجب عدم إمكان الحصول على ذلك الثواب، فلهذا ينبغي أن يكون التكليف الذي فيه مشقة منقطعاً، ليصل المكلّف بعد ذلك إلى الثواب الذي لا مشقة فيه(٢) .

إشكال وردّ:

أشكل البعض:

إذا كان الغرض الإلهي من تكليف العباد هو أن يعطيهم النفع، فإنّ اللّه تعالى قادر على إيصال هذا النفع إليهم من غير واسطة التكليف، فلهذا يكون التكليف عبثاً(٣) .

يرد عليه:

١ - إنّ اللّه تعالى هو الذي خلق نظام الأسباب، وهو الذي شاءت حكمته أن تتوقّف بعض الأُمور على البعض الآخر في الواقع الخارجي، ولهذا لا يكون توسّط

____________________

١- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، كتاب العدل والمعاد، باب ١٥، ح١٣، ص٣١٦.

٢- انظر: شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى: أبواب العدل، ص١٠٣، ١٠٤.

الذخيرة، الشريف المرتضى: فصل: في وجوب انقطاع التكليف، ص١٤١.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج٢، وجوب انقطاع التكليف، ص١٠٩.

٣- انظر: التفسير الكبير، فخر الدين الرازي: ج١٠، تفسير آية ٥٦ من سورة الذاريات، ص١٩٣.

٢٦٣

الفعل من أجل الوصول إلى الغرض عبثاً.

٢ - ليس الغرض الإلهي من تكليف العباد: أن يعطيهم النفع.

وإنّما الغرض الإلهي من تكليف العباد: أن يصلوا إلى الكمال.

والوصول إلى الكمال على نحوين:

أوّلاً: إجباري.

ثانياً: اختياري.

وبما أنّ الوصول إلى الكمال بالإجبار لا قيمة له، فإنّ اللّه تعالى منح العباد الاختيار، وجعل التكليف سبيلا لتكاملهم.

٢٦٤

النتيجة:

إنّ الغرض الإلهي من تكليف العباد هو أن يصلوا إلى التكامل الاختياري.

ولا يتحقّق هذا التكامل إلاّ عن طريق اختيار الإنسان الكمال بنفسه.

وقد جعل اللّه تعالى التكليف سبيلا يصل من خلاله الإنسان باختياره إلى الكمال المطلوب.

ولهذا لا يوجد أي عبث في هذا الصعيد.

٢٦٥

المبحث السادس

شروط حسن التكليف(١)

شروط التكليف:

١ - وجود المكلَّف، لأنّ تكليف المعدوم عبث(٢) .

٢ - انتفاء المفسدة فيه، لأنّ وجودها قبيح(٣) .

٣ - تقدّمه على وقت الفعل زماناً يتمكّن فيه المكلَّف من معرفة التكليف والامتثال به بالصورة المطلوبة، لأنّ التكليف يكون في غير هذه الحالة تكليفاً بما لا يطاق، وهو قبيح(٤) .

٤ - إمكان وقوعه، لأنّ التكليف بالمستحيل قبيح(٥) .

٥ - أن لا يتعلّق التكليف بالمباح، وإنّما يتعلّق بما يستحق به الثواب كالواجب والمندوب وترك القبيح، لأنّ التكليف بما لا يستحق الثواب عبث، وهو قبيح(٦) .

____________________

١- سنكتفي في هذا المبحث - مراعاة للاختصار - بذكر المصادر في الهامش بصورة موجزة، ويستطيع القارئ مشاهدة هذه المصادر بصورة مفصّلة في نهاية المبحث.

٢- انظر: نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: ١٣٤.

٣- انظر: الذخيرة: ١١٠، تقريب المعارف: ١٢١، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، مناهج اليقين: ٢٥١، النافع يوم الحشر: ٧٢، اللوامع الإلهية: ٢٢٣.

٤- انظر: الذخيرة: ١٠٠، تقريب المعارف: ١٢٣، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، مناهج اليقين: ٢٥١، اللوامع الإلهية: ٢٢٢.

٥- انظر: الذخيرة: ١١٢، الاقتصاد: ١١٢، المنقذ من التقليد: ١/ ٢٨٨، مناهج اليقين: ٢٥١، إرشاد الطالبين: ٢٧٤ - ٢٧٥، اللوامع الإلهية: ٢٢٣.

٦- تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، قواعد المرام: ١١٧، المنقذ من التقليد: ١ / ٢٨٨، نهج الحقّ: ١٣٦، مناهج اليقين: ٢٥١، إرشاد الطالبين: ٢٧٤ - ٢٧٥، اللوامع الإلهية: ٢٢٣.

٢٦٦

شروط المكلِّف:

١ - أن يكون حكيماً ومنزّهاً عن فعل القبيح والإخلال بالواجب، لأ نّه لو كان فاعلا للقبيح ومخلاًّ بالواجب لجاز تكليفه بالقبائح وإخلاله في إعطاء الثواب إزاء التكليف، وهذا قبيح(١) .

٢ - أن يكون عالماً بحسن وقبح الفعل الذي يكلّف به، لئلا يكلِّف بالقبيح، من قبيل الأمر بفعل القبيح(٢) .

٣ - أن يكون عالماً بمقدار الثواب والعقاب الذي يستحقه كلّ مكلَّف عند الطاعة أو المعصية، حتّى لا يكون مضيّعاً لحقّ المكلَّفين(٣) .

٤ - أن يكون قادراً على إيصال المستحق حقّه، لأنّ عدم القدرة في هذا المجال تستلزم العجز والظلم، وكلاهما محال على اللّه تعالى(٤) .

٥ - أن يكون له غرض في التكليف، لأنّ التكليف من دون غرض قبيح، وقد ذكرنا هذا الأمر في المبحث السابق(٥) .

٦ - أن يقوم بتقوية دواعي المكلَّف فيما يكلِّفه(٦) بحيث يمكّنه من فعل ما يؤمر به وترك ما يُنهى عنه(٧) .

شروط المكلَّف:

١ - أن يكون قادراً على ما يكلَّف به، لأنّ التكليف بما لا يطاق قبيح، واللّه تعالى

____________________

١- انظر: الذخيرة: ١٠٧، تقريب المعارف: ١١٤، الاقتصاد: ١٠٨، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، قواعد المرام: ١١٦، مناهج اليقين: ٢٥١، إرشاد الطالبين: ٢٧٤، اللوامع الإلهية: ٢٢٢.

٢- انظر: تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، قواعد المرام: ١١٦، المنقذ من التقليد: ١/٢٨٩، مناهج اليقين: ٢٥١، النافع يوم الحشر: ٧٢، إرشاد الطالبين: ٢٧٤، اللوامع الإلهية: ٢٢٢.

٣- انظر: الذخيرة: ١٠٧، الاقتصاد: ١٠٨، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، قواعد المرام: ١١٦، المنقذ من التقليد: ١/٢٨٩، مناهج اليقين: ٢٥١، إرشاد الطالبين: ٢٧٤، اللوامع الإلهية: ٢٢٢.

٤- انظر: المصادر المذكورة في الهامش السابق، ماعدا كتاب المنقذ من التقليد.

٥- راجع مبحث غرض التكليف من هذا الفصل.

٦- لا يخفى بأنّ المقصود من تقوية الدواعي هي التي لا تبلغ حدّ الإلجاء والجبر المنافي للتكليف.

٧- انظر: الذخيرة: ١١٢، تقريب المعارف: ١٢١، الاقتصاد: ١١٢.

٢٦٧

منزّه عن فعل القبيح(١) ، وسنبيّن تفاصيل هذا الشرط في المبحث الأخير من هذا الفصل.

٢ - أن يكون متمكّناً من الأدوات التي يحتاج إليها في أداء ما يُكلَّف به، لأنّ التكليف مع فقدان الأدوات يكون بمنزلة التكليف بما لا يطاق، وهو قبيح(٢) .

٣ - أن لا يكون مجبوراً فيما كُلِّف به، لأنّ من شروط التكليف أن يكون الإنسان مختاراً لفعل الخير أو الشر(٣) .

٤ - أن يكون عالماً أو متمكّناً من العلم بما كُلِّف به(٤) ، كما ينبغي أن يكون متمكّناً من التمييز بين ما كلِّف به وبين ما لم يكلّف به(٥) ، لأنّ التكليف لا يكون إلاّ بعد إقامة الحجّة.

تنبيه:

لا يخفى أنّ العلم بالتكليف والتمييز بينه وبين غيره يحتاج إلى كمال العقل، ولهذا يشترط أن يكون المكلَّف كامل العقل(٦) .

الجاهل بالتكليف

أقسام الجاهل بالتكليف:

١ - الجاهل القاصر: وهو الذي لم يتمكّن من طلب العلم لمانع أو لقصور في ذاته.

٢ - الجاهل المقصِّر: وهو الذي تمكّن من طلب العلم، ولكنه ترك ذلك عمداً أو

____________________

١- انظر: الذخيرة: ١٠٠، تقريب المعارف: ١٢٨، الاقتصاد: ١١٦، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، قواعد المرام: ١١٦، المنقذ من التقليد: ١/٢٥٢، مناهج اليقين: ٢٥١، النافع يوم الحشر: ٧٣، إرشاد الطالبين: ٢٧٤ - ٢٧٥، اللوامع الإلهية: ٢٢٢.

٢- انظر: الذخيرة: ١٠٠ و ١٢٣، تقريب المعارف: ١٢٨، الاقتصاد: ١١٨، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، قواعد المرام: ١١٧، مناهج اليقين: ٢٥١، إرشاد الطالبين: ٢٧٥.

٣- انظر: الاقتصاد: ١٢٠، المنقذ من التقليد: ١/٢٨٨.

٤- انظر: الذخيرة: ١٢١، الاقتصاد: ١١٧، تجريد الاعتقاد: ٢٠٣، المنقذ من التقليد: ١/٢٥٢، اللوامع الإلهية: ٢٢٢.

٥- انظر: قواعد المرام: ١١٦، مناهج اليقين: ٢٥١، إرشاد الطالبين: ٢٧٥.

٦- انظر: الذخيرة: ١٢١، الاقتصاد: ١١٧، المنقذ من التقليد: ١/٢٨٩، نهج الحقّ: ١٣٥.

٢٦٨

إهمالا.

حكم الجاهل بالتكليف:

١ - إنّ الجاهل القاصر معذور عند اللّه تعالى ولا عقاب عليه، لأنّ اللّه تعالى لا يعاقب أحداً إلاّ بعد البيان ووصول البرهان، وقد ورد في أحاديث أهل البيت(عليهم السلام)بأنّ الذين لم تتمّ عليهم الحجّة في الدنيا يُكلَّفون في الآخرة، ويُحدّد هناك مصيرهم عن طريق ذلك التكليف(١) .

٢ - إنّ الجاهل المقصِّر في معرفة التكليف غير معذور، وهو مسؤول عند اللّه تعالى ومعاقب على تقصيره.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) حول قوله تعالى:( قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) [الأنعام: ١٤٩]:

"إنّ اللّه تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالماً؟

فإن قال: نعم.

قال له: أفلا عملت بما علمت؟

وإن قال: كنت جاهلا.

قال له: أفلا تعلّمت حتّى تعمل؟

فتلك الحجّة البالغة"(٢) .

تتمة:

إنّ الحجّة - عند المتكلّمين - هي ما توجب القطع وتفيد العلم وتقطع العذر(٣) .

وتنقسم الحجّة إلى قسمين:

١ - باطنية: وهي العقول.

____________________

١- انظر: بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، كتاب العدل والمعاد، باب ١٣: الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجّة في الدنيا، ص ٢٨٨ - ٢٩٧.

٢- الأمالي، الشيخ الطوسي: المجلس الأوّل، ح١٤، ص١١.

٣- انظر: الفوائد البهية، محمّد حمود العاملي: ج١، الفصل الأوّل، الباب الخامس، ص٣٠٢.

٢٦٩

٢ - ظاهرية: وهي الرسل والكتب السماوية.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):

"حجّة اللّه على العباد النبي، والحجّة فيما بين العباد وبين اللّه العقل"(١) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني: ج١، كتاب العقل والجهل، ح٢٢، ص٢٥.

٢٧٠

مصادر هذا المبحث بصورة مفصّلة:

انظر: الذخيرة، الشريف المرتضى: باب: الكلام في الاستطاعة و...، فصل: في إبطال تكليف ما لا يطاق، ص١٠٠، وباب: الكلام في التكليف، فصل في صفات المكلِّف تعالى، ص ١٠٧، وفصل: في بيان الغرض بالتكليف و...، ص١١٠، وفصل: في بيان صفات الأفعال التي يتناولها التكليف، ص١١٢، وفصل: في الصفات والشرائط التي يكون عليها المكلَّف، ص١٢١ و١٢٣.

تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسائل العدل، مسألة: في التكليف، ص١١٤، ١٢١، ١٢٣، ١٢٨.

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الثالث: في الكلام في التكليف، صفات المكلّف، ص١٠٨، الفعل الذي يتناوله التكليف، ص١١٢، الصفات التي يجب أن يكون عليها المكلَّف، ص١١٦، ١١٧ و ١٢٠.

تجريد الاعتقاد، نصيرالدين الطوسي: المقصد الثالث، الفصل الثالث: في أفعاله، التكليف، ص٢٠٣.

قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة، الركن الثاني، البحث الرابع والبحث الخامس، ص١١٦، ١١٧.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في أن اللّه تعالى كلّف كلّ من أكمل شروط التكليف فيه، ص٢٥٢، القول في الشروط التي باعتبارها يحسن التكليف، ص٢٨٨، ٢٨٩.

نهج الحقّ: العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، المطلب الثامن عشر، ص١٣٥، ١٣٦.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث الرابع، ص٢٥١.

إرشاد الطالبين: مقداد السيوري: مباحث العدل، شرائط التكليف: ٢٧٤، ٢٧٥.

اللوامع الإلهية، مقداد السيوري: اللامع التاسع، المقصد الرابع، النوع الأوّل، ص٢٢٢، ٢٢٣.

٢٧١

المبحث السابع

تكليف من لم تتمّ عليهم الحجّة في الدنيا

إنّ الذين لم تتمّ عليهم الحجّة في الدنيا، ولم يتحقّق تكليفهم فيها، فإنّ تكليفهم سيكون في الآخرة.

وبذلك التكليف يتمّ تحديد مصيرهم:

فإن فازوا في ذلك التكليف الإلهي فمصيرهم الجنة.

وإن خسروا في ذلك التكليف الإلهي فمصيرهم النار.

أحاديث شريفة واردة في هذا المجال:

١ - قال الإمام محمّد بن على الباقر(عليه السلام): "إذا كان يوم القيامة احتجّ اللّه عزّ وجلّ على خمسة:

على الطفل.

والذي مات بين النبيين.

والذي أدرك النبي وهو لا يعقل.

والأبله.

والمجنون الذي لا يعقل.

والأصم والأبكم.

فكلّ واحد منهم يحتجّ على اللّه عزّ وجلّ.

قال: فيبعث اللّه إليهم رسولا فيؤجّج لهم ناراً فيقول لهم:

ربّكم يأمركم أن تثبوا فيها.

فمن وثب فيها كانت عليه برداً وسلاماً.

٢٧٢

ومن عصى سيق إلى النار"(١) .

٢ - قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام):

"... إذا كان يوم القيامة اُتِيَ:

بالأطفال

والشيخ الكبير الذي قد أدرك السنّ(٢) ولم يعقل من الكبر والخرف

والذي مات في الفترة بين النبيين

والمجنون

والأبله الذي لا يعقل

فكلّ واحد [منهم] يحتجّ على اللّه عزّ وجلّ

فيبعث اللّه تعالى إليهم ملكاً من الملائكة

فيؤجّج ناراً

فيقول: إنّ ربّكم يأمركم أن تثبوا فيها

فمن وثب فيها كانت عليه برداً وسلاماً

ومن عصاه سيق إلى النار"(٣) .

تنبيهات:

١ - قال الشيخ الصدوق: "إنّ قوماً من أصحاب الكلام ينكرون ذلك ويقولون:

إنّه لا يجوز أن يكون في دار الجزاء تكليف

____________________

١- الخصال، الشيخ الصدوق: باب الخمسة، ح٣١، ص٢٨٣.

الفصول المهمة، الشيخ الحرّ العاملي: ج١، باب ٥٦، ح٨ [٣١١]، ص٢٨٢.

بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، باب ١٣، ح٢، ص٢٨٩ - ٢٩٠.

٢- وردت عبارة "أدرك النبي" بدل "أدرك السن" في:

الفصول المهمة، الشيخ الحرّ العاملي: ج١، باب ٥٦، ح١ [٣٠٤]، ص٢٧٨.

بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، باب ١٣، ح٣، ص٢٩٠.

٣- معاني الأخبار، الشيخ الصدوق: نوادر الأخبار، ح٨٦، ص٤٠٨.

٢٧٣

ودار الجزاء للمؤمنين إنّما هي الجنة

ودار الجزاء للكافرين إنّما هي النار.

وإنّما يكون هذا التكليف من اللّه عزّ وجلّ في غير الجنة والنار، فلا يكون كلّفهم في دار الجزاء، ثمّ يصيّرهم إلى الدار التي يستحقونها بطاعتهم أو معصيتهم.

فلا وجه لإنكار ذلك"(١) .

٢ - قال الشيخ الصدوق حول الأحاديث الشريفة المبيّنة بأنّ أولاد المشركين والكفار مع آبائهم في النار:

"... أطفال المشركين والكفار مع آبائهم في النار لا يصيبهم من حرّها لتكون الحجّة أوكد عليهم متى أمروا يوم القيامة بدخول نار تؤجّج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به ولم يصدّقوا وعده في شيء قد شاهدوا مثله"(٢) .

٣ - قال العلاّمة الحلّي: "ذهب بعض الحشوية(٣) إلى أنّ اللّه تعالى يعذّب أطفال المشركين، ويلزم الأشاعرة تجويزه، والعدلية كافة على منعه، والدليل عليه أنّه قبيح عقلا، فلا يصدر منه تعالى"(٤) .

٤ - إنّ قوله تعالى:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمان أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) [الطور: ٢١] لا تدل على إلحاق مطلق الذرية بآبائهم المؤمنين، بل تدل على إلحاق الذرية المؤمنة بآبائهم المؤمنين.

والذرية التي لم ينكشف إيمانها في الدنيا، فإنّ الاختبار الإلهي لها في الآخرة يبيّن إيمانها وعدم إيمانها.

فإن اتّبعت هذه الذرية آباءها في الإيمان، فإنّها ستلحق بآبائها.

____________________

١- الخصال، الشيخ الصدوق: باب الخمسة، ذيل ح٣١، ص٢٨٣.

٢- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: ج٣، أبواب القضايا والأحكام، ب ١٥١، ذيل ح ٤ [١٥٤٦]، ص٣١٨.

٣- للتعرّف على الحشوية راجع: بحوث في الملل والنحل، جعفر سبحاني: ج١، ص١٢٤ والفصل الخامس.

٤- كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثالث، المسألة العاشرة، ص٤٣٦.

٢٧٤

وإن لم تتبع هذه الذرية آباءها في الإيمان، فإنّها لا تلحق بآبائها.

بعبارة أُخرى:

تبيّن هذه الآية بأنّ الذرية إذا اتّبعت آباءها بالإيمان ولكنها لم تبلغ درجة الآباء في الإيمان، فإنّ اللّه تعالى سيلحق هذه الذرية بالآباء، وذلك لتقرّ عين الآباء باجتماعهم معهم في الجنة(١) .

"فإن قيل: كيف يلحقون بهم في الثواب ولم يستحقوه.

فالجواب: إنّهم يلحقون بهم في الجمع لا في الثواب والمرتبة"(٢) .

تتمة:

تكليف ولد الزنا:

إنّ ولد الزنا غير مقصّر أبداً، ولا يمكن التنقيص منه نتيجة سوء فعل أبويه.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):

"إنّ ولد الزنا يستعمل، إن عمل خيراً جُزي به، وإن عمل شراً جُزي به"(٣) .

قال العلاّمة المجلسي بعد ذكره لهذا الحديث الشريف:

"هذا الخبر موافق لما هو المشهور بين الإمامية من أنّ ولد الزنا كسائر الناس مكلّف بأصول الدين وفروعه، ويجري عليه أحكام المسلمين من إظهار الإسلام، ويثاب على الطاعات ويعاقب على المعاصي"(٤) .

تنبيه:

لا يمكن الأخذ ببعض الأحاديث الدالة على أنّ في ولد الزنا منقصة تنافي

____________________

١- قال الإمام الصادق(عليه السلام) في تفسير هذه الآية: "قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحق اللّه عزّ وجلّ الأبناء بالآباء لتقرّ بذلك أعينهم".

التوحيد، الشيخ الصدوق: باب ٦١، ح٧، ص٣٨٣.

٢- مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج٩، تفسير آية ٢١ من سورة الطور.

٣- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، كتاب العدل والمعاد، باب ١٢، ح١٤، ص٢٨٧.

٤- المصدر السابق: ص ٢٨٧ - ٢٨٨.

٢٧٥

الاختيار، لأنّ هذه الأحاديث معارضة للآيات القرآنية الدالة على أنّه تعالى ليس بظلاّم للعبيد(١) .

____________________

١- للمزيد راجع: صراط الحقّ، محمّد آصف المحسني: ج٢، المقصد ٥، القاعدة ١٢، ص٤٠٣ - ٤١١.

٢٧٦

المبحث الثامن

التكليف بما لا يطاق

ذكرنا فيما سبق بأنّ من شروط حسن التكليف أن يكون المكلَّف قادراً على ما يُكلَّف به، لأنّ تكليف ما لا يطاق قبيح، واللّه تعالى منزّه عن فعل القبيح، ولكن ذهب الأشاعرة إلى عكس هذا القول، ولهذا تطلّب الأمر تسليط المزيد من الأضواء على هذا الموضوع.

أدلة قبح التكليف بما لا يطاق:

١ - إنّ العقل يحكم على نحو البداهة والضرورة بقبح التكليف بما لا يطاق(١) .

٢ - إنّ المكلَّف عاجز عن امتثال التكليف بما لا يطاق، وتكليف العاجز ومؤاخذته عليه ينافي العدل والحكمة الإلهية(٢) .

٣ - إنّ غاية التكليف هي أن يفعل المكلَّف ما كُلِّف به، وتنتفي هذه الغاية فيما لو كان التكليف فوق استطاعة المكلَّف، فيكون التكليف - في هذه الحالة - عبثاً، والعبث قبيح(٣) .

____________________

١- انظر: الذخيرة، الشريف المرتضى: باب الكلام في الاستطاعة و...، ص١٠٠.

شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى: أبواب العدل وما يتّصل بذلك، ص٩٩.

تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي: مسائل العدل، مسألة في التكليف، ص١١٢.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في تكليف ما لا يطاق، ص٢٠٣.

٢- انظر: شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى: أبواب العدل، قبح تكليف...، ص٩٨ - ٩٩.

نهج الحقّ، العلاّمة الحلّي: المسألة الثالثة، المطلب الثامن، ص٩٩.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج٢، قبح تكليف من ليس بقادر، ص١٠٥.

٣- انظر: إشراق اللاهوت، عميد الدين العُبيدلي: المقصد العاشر، المسألة الرابعة، ص٣٨٩.

٢٧٧

نفي التكليف بما لا يطاق في القرآن الكريم:

ورد في القرآن الكريم جملة من الآيات الدالة بوضوح على أنّ اللّه تعالى لا يكلِّف العباد إلاّ قدر وسعهم وطاقتهم، منها قوله تعالى:

١ -( لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ) [البقرة: ٢٨٦]

٢ -( لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها ) [الطلاق: ٧]

٣ -( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج ) [الحج: ٧٨]

٤ -( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) [البقرة: ١٨٥]

نفي التكليف بما لا يطاق في أحاديث أئمة أهل البيت(عليهم السلام):

ورد في أحاديث أئمة أهل البيت(عليهم السلام) العديد من النصوص الدالة بوضوح على أنّ اللّه تعالى لا يكلّف العباد إلاّ قدر وسعهم وطاقتهم، ومن هذه الأحاديث الشريفة:

١ - الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "ما كلّف اللّه العباد إلاّ ما يطيقون"(١) .

٢ - الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... ليس من صفته [عزّ وجلّ] الجور والعبث والظلم وتكليف العباد ما لا يطيقون"(٢) .

٣ - الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): "... كلّ شيء أُمر الناس بأخذه فهم متّسعون له، وما لا يتّسعون له فهو موضوع عنهم..."(٣) .

٤ - الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): "... إنّ اللّه تبارك وتعالى لا يكلّف نفساً إلاّ وسعها، ولا يحمّلها فوق طاقتها..."(٤) .

٥ - الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): سأله الراوي عن اللّه عزّ وجلّ هل يكلّف

____________________

١- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، كتاب العدل والمعاد، أبواب العدل، ب١، ح٦٦، ص٤١.

٢- المصدر السابق: ح٢٩، ص١٩.

٣- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، كتاب العدل والمعاد، أبواب العدل، ب١، ح٥١، ص٣٦.

٤- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب ٥٩: باب نفي الجبر والتفويض، ح٩، ص٣٥٢.

٢٧٨

عباده ما لا يطيقون؟ فقال(عليه السلام): "كيف يفعل ذلك وهو يقول:( وَما رَبُّكَ بِظَلاّم لِلْعَبِيدِ ) "(١) .

تنبيهان:

١ - إنّ التكليف بما لا يطاق قبيح، من غير فرق بين:

أوّلاً: أن يكون نفس التكليف بذاته محال.

ثانياً: أن يكون التكليف ممكناً بالذات، ولكنّه خارج عن إطار قدرة المكلَّف.

٢ - إنّ القيام بالتكاليف الإلهية يختلف باختلاف طاقة العباد، وكلّ إنسان مكلّف بأداء الواجبات وترك المحرمات بقدر طاقته.

رأي الأشاعرة حول التكليف بما لا يطاق:

جوّز الأشاعرة أن يكلّف اللّه تعالى العباد بما لا يطيقون، وقالوا بأنّ التكليف بما لا يطاق جائز، ولا يمتنع عليه تعالى أن يكلّف العباد بما هو فوق وسعهم وطاقتهم وما لا يقدرون عليه(٢) .

تنبيه:

ذكر بعض الأشاعرة بأنّ مرادهم من القول بجواز تكليف اللّه العباد بما لا يطيقون هو "إمكان الوقوع" فقط، وأمّا "الوقوع" فإنّه لم يقع في نطاق التشريع، وذلك لقوله تعالى:( لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ) (٣) .

بعبارة أُخرى:

إنّ اللّه تعالى يجوز له أن يكلّف العباد فوق وسعهم وطاقتهم، ولكنه لم يفعل

____________________

١- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥، كتاب العدل والمعاد، أبواب العدل، ب١، ح١٧، ص١١.

٢- انظر: المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ٧، ص٢٩٠ و٢٩٢.

شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٥، المبحث ٤، ص٢٩٦.

دلائل الصدق، محمّد حسن المظفر: ج١، المسألة ٣، المبحث ١١، المطلب ١، مناقشة الفضل، ص٣٢٧، والمطلب ٨، مناقشة الفضل، ص٤٢٥.

٣- انظر: المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ٧، ص٢٩١ و٢٩٣.

دلائل الصدق، محمّد حسن المظفر: ج١، المسألة ٣، المبحث ١١، المطلب ٨، مناقشة الفضل، ص٤٢٥.

٢٧٩

ذلك.

أدلة الأشاعرة على جواز التكليف بما لا يطاق ومناقشتها:

الدليل الأوّل:

إنّ اللّه تعالى يمتلك الحرّية المطلقة، فلهذا يجوز له أن يكلّف العباد بأيّ وجه أراد، ولو كان ذلك تكليفاً بما لا يطاق، لأ نّه تعالى يفعل ما يشاء(١) .

يرد عليه:

إذا كان الأمر كذلك، فينبغي القول بأنّ اللّه تعالى يجوز له الكذب على العباد، لأ نّه يمتلك الحرّية المطلقة، ويفعل ما يشاء، فتزول حينئذ الثقة بأنبيائه وكتبه السماوية.

ولكن الأمر ليس كذلك، لأنّ اللّه تعالى على رغم امتلاكه الحرية المطلقة في الفعل، فإنّه حكيم وعادل، ولا يصدر منه ما ينافي جلالة قدره وعظمة شأنه(٢) .

بعبارة أُخرى:

إنّ أيّ دليل يتمسّك به الأشاعرة لإثبات عدم إخباره تعالى بالكذب، فهو دليل على عدم تكليفه تعالى بما لا يطاق.

الدليل الثاني:

لو كان تكليف اللّه العباد بما لا يطيقون قبيحاً، لما وقع ذلك، ولكنه وقع، ومنه أنّ اللّه تعالى كلّف أبا لهب بأن يؤمن بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ويصدّق بكلّ ما أخبر به، ومن جملة ما أخبر به(صلى الله عليه وآله وسلم) هو أنّ أبا لهب لا يؤمن، فيكون تكليف أبي لهب: "أن يؤمن بأ نّه لا يؤمن"، وهو جمع بين النقيضين، وهذا تكليف بما لا يطاق، وقد وقع من قبل اللّه

____________________

١- انظر: المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ٧، ص٢٩٠.

شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٥، المبحث ٤، ص٢٩٦.

دلائل الصدق، محمّد حسن المظفر: ج١، المسألة ٣، المبحث ١١، المطلب ٨، مناقشة الفضل، ص٤٢٥.

٢- انظر: كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي: ج١، قبح التكليف بما لا يطاق، ص١٠٨ - ١٠٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432