العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)13%

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 432

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 432 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192983 / تحميل: 8378
الحجم الحجم الحجم
العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الطّرفة السادسة عشر

في وصف ما كان بعد إفاقتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتأكيد تعريفه بما يحدث من الإنكار لوصيّته(١)

وروى(٢) صاحب كتاب الخصائص أيضا الرضي الموسويّ، قال: حدّثني هارون بن موسى، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار(٣) ، قال: حدّثنا أبو موسى عيسى(٤) الضّرير البجلي، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألت أبي، فقلت: فما(٥) كان بعد إفاقته؟

قال: دخل عليه النساء يبكين، وارتفعت الأصوات، وضجّ الناس بالباب، من المهاجرين والأنصار، فبيناهم كذلك إذ نودي(٦) : أين عليّ؟ فأقبل حتّى دخل عليه.

قال عليّ: فانكببت عليه(٧) ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أخي، افهم فهّمك الله، وسدّدك وأرشدك،

__________________

(١) في « هـ » « و »: لوصيّه

(٢) في « أ » « ب »: روى

(٣) في « أ » « ب » « ج »: أحمد بن محمّد بن عليّ

في « د » « هـ » « و »: حدثني محمّد بن عليّ. والمثبت عن الخصائص (٧٢). ولعل ما هنا تصحيف ( احمد بن محمّد ابو عليّ ) انظر معجم رجال الحديث ( ج ٣؛ ٨٢ )

(٤) ساقطة من « أ »

(٥) في « ب »: ما

(٦) لفظة ( إذ ) ساقطة من « هـ » « و »

في « هامش أ » « د »: فبيناهم كذلك نادى

(٧) في « هامش أ » « د »: فأقبل حتّى دخل عليه عليّ فانكبّ عليه

لفظة ( عليه ) ساقطة من « أ » « ب »

١٦١

ووفّقك وأعانك، وغفر ذنبك ورفع ذكرك، اعلم يا أخي أنّ القوم سيشغلهم عنّي ( ما يريدون من عرض الدّنيا وهم عليه قادرون، فلا يشغلك عنّي(١) )(٢) ما يشغلهم، فإنّما مثلك في الأمّة مثل الكعبة؛ نصبها الله للناس علما، وإنّما تؤتى - من(٣) كلّ فجّ عميق ( ونأي سحيق - ولا تأتي )(٤) ، وإنّما أنت علم الهدى، ونور الدّين، وهو نور الله.

يا أخي، والّذي بعثني بالحقّ لقد قدّمت إليهم بالوعيد، وبعد أن أخبرتهم(٥) رجلا رجلا بما(٦) افترض الله عليهم(٧) من حقّك وألزمهم من طاعتك، وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر، وإنّي لأعلم خلاف قولهم(٨) ، فإذا قبضت(٩) ، وفرغت من جميع ما أوصيتك(١٠) به، وغيّبتني في قبري، فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والأحكام على تنزيله، ثمّ أمض ذلك على عزائمه(١١) على ما أمرتك به، وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها حتّى تقدموا عليّ(١٢) .

__________________

(١) ساقطة من « ب »

(٢) ساقطة من « و »

(٣) في « هـ » « و »: وإنّما تولى في كلّ

(٤) ساقطة من « د »

في « ج » « و »: ونأي سحق

في « هـ »: ونأي إسحاق

(٥) في « ج » « هـ » « و »: أخبرهم

(٦) في « ب » « ج » « هـ » « و »: ما

(٧) ساقطة من « أ » « ب »

(٨) في « ب » « ج » « هـ » « و »: قوله

(٩) في « هامش أ »: قضيت

(١٠) في « ب »: ما وصّيتك

في « ج » « هـ » « و »: ما أوصيك

(١١) كلمة ( ذلك ) ساقطة من « هـ » « و »

جملة ( ذلك على عزائمه ) ساقطة من « د »

(١٢) ساقطة من « هـ »

١٦٢

الطّرفة السابعة عشر

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (١) ، لمهمّات(٢) يحتاج إليها في الوصيّة، لإمام(٣) بعد إمام

وعنه، عن أبيه، عن جدّه محمّد بن عليّ، قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : كنت مسند(٤) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صدري ليلة من الليالي في مرضه، وقد فرغ من وصيّته، وعنده فاطمة ابنتهعليها‌السلام ، وقد أمر ازواجه و(٥) النساء(٦) أن يخرجن من عنده، ففعلن(٧) .

فقال: يا أبا الحسن، تحوّل من موضعك، وكان أمامي، قال: ففعلت، وأسنده

__________________

(١) في « ج » « هـ » « و »: عليهما أفضل السلام

(٢) في « د »: لعليّ ما يحتاج إليه

في « هـ » « و »: مهمّات

(٣) في « أ »: الإمام

(٤) في « أ »: سند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

في « هامش أ » « هـ » « و »: مسندا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

في « ب »: أسند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

(٥) الواو عن « أ » فقط

(٦) كلمة ( والنساء ) ساقطة من « د ». وأدخلها في « أ » عن نسخة

(٧) ساقطة من « د »

١٦٣

جبرئيلعليه‌السلام إلى(١) صدره، وجلس ميكائيل عن(٢) يمينه.

فقال: يا عليّ، ضمّ كفّيك بعضها الى بعض، ففعلت.

فقال لي: قد عهدت إليك، أخذت العهد لك(٣) ، بمحضر أميني(٤) ربّ العالمين؛ جبرئيل وميكائيل، يا عليّ بحقّها عليك إلاّ أنفذت وصيّتي على ما فيها، وعلى قبولك إيّاها، وعليك(٥) بالصبر والورع، ومنهاجي(٦) وطريقي، لا(٧) طريق فلان وفلان، وخذ ما آتاك الله بقوّة.

وأدخل كفّيه(٨) فيما بين كفّي، وكفّاي مضمومتان، فكأنه أفرغ بينهما(٩) شيئا، فقال: يا عليّ قد أفرغت(١٠) بين يديك الحكمة، وقضاء ما يرد عليك، وما هو وارد، حتّى(١١) لا يعزب عنك(١٢) من أمرك شيء، وإذا حضرتك الوفاة فأوص وصيّك(١٣) من بعدك على ما أوصيتك(١٤) ، واصنع هكذا، لا كتاب ولا صحيفة.

__________________

(١) في « و »: على

(٢) في « ج » « هـ » « و »: على

(٣) في « أ » « ب »: فقال لي قد اخذت العهد لك بمحضر

في « هامش أ »: فقال لي قد عهدت إليك بمحضر

في « هـ » « و »: فقال لي قد عهد إليك أحدث الحدث لك

(٤) في « ب »: أمين

(٥) قوله ( وعليك ) ساقط من « د ». وقد أدخله في متن « أ » عن نسخة قوله ( عليك ) فقط ساقط من « هـ » « و »:

(٦) في « هامش أ » « د »: وعلى منهاجي

(٧) في « ب »: ولا

(٨) في « أ » « ب » « ج » « هـ » « و »: وادخل يده. والمثبت عن « هامش أ » « د »

(٩) في « هـ » « و »: بهما

(١٠) في « و »: فرّغت

(١١) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٢) ساقطة من « أ » « ب »

(١٣) في « أ » « ب » « هـ »: وصيّتك. والمثبت عن « هامش أ » « ج » « د » « و »

(١٤) في « ج » « هـ »: على ما أوصيك

في « و »: كما أوصيك

١٦٤

الطّرفة الثامنة عشر

في جواب من سأل عن(١) أسرار الوصيّة، وهل كان فيها ذكر من يخالف على عليّعليه‌السلام ويطلب الأمور الدّنيويّة.

قال: وحدّثني عيسى بن المستفاد، قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : بأبي أنت وأمّي ألا تذكر ما في الوصيّة؟

( قال: ذلك سرّ الله وسرّ رسوله.

قال: فقلت(٢) : جعلت فداك، أكان(٣) في الوصيّة )(٤) ذكر القوم وخلافهم على عليّ(٥) أمير المؤمنين؟

قال: نعم، حرفا حرفا، و(٦) شيئا شيئا، أما سمعت قول الله تعالى( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (٧) ، والله والله لقد قال

__________________

(١) في « ب »: من

(٢) في « ج » « هـ » « و »: قال عمي فقلت

(٣) في « أ » « د » « هـ »: كان

(٤) ساقطة من « ب »

(٥) عن « ب »

(٦) الواو ساقطة من « د »

(٧) يس: ١٢. وفي « أ » « ب » كتب آخر الآية المباركة فقط، أعني قوله( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ )

١٦٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ وفاطمةعليهم‌السلام : قد فهمتما ما كتب ربّكما وما شرط(١) ؟ قالا: بلى، وقبلناه بقبوله(٢) ، وصبرنا على ما ساءنا(٣) وأغاظنا حتّى نقدم عليك.

__________________

(١) في « هامش أ » « د »: قد فهمتما ما نبأتكما وما شرطتما؟

(٢) ساقطة من « هامش أ » « د »

في « ج »: بقوله

(٣) في « ب »: ما أساءنا

١٦٦

الطّرفة التاسعة عشر

في تسليم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة(١) إلى عليّعليهم‌السلام عند وفاته، وتعظيم المخالفة لوصيّته بها(٢) في حياته(٣)

قال: حدّثني عيسى، قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام (٤) : فما كان بعد خروج الملائكة من عند(٥) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال(٦) : فقال: لما كان اليوم الّذي ثقل فيه وجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) وخيف عليه فيه(٨) الموت،

__________________

(١) عن « ب ». وفي باقي النسخ: لفاطمة

(٢) ساقطة من « ب »

(٣) في « د »: وتعليمه للمحافظة لوصيته بها قال ...

في « هـ »: وتعظيمه لوصيّه بها قال ...

في « و »: وتعظيم للمخالفة لوصيّته بها قال ...

(٤) في « هامش أ » « د »: قال حدثنا عيسى ...

في « ب » « ج »: قال حدثني عليّ قال قلت لأبي فما كان

في « هـ » « و »: قال حدثنا عيسى قال قلت لأبي فما كان

(٥) ساقطة من « هـ » « و »

(٦) ساقطة من « د »

(٧) في « د »: لما كان الذي ثقل فيه دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وفاطمة ...

في « هـ » « و »: لمّا كان الذي ثقل فيه وجمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

(٨) ساقطة من « أ » « ب »

١٦٧

دعا عليّا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وقال لمن في بيته: اخرجوا عنّي، وقال(١) لأمّ سلمة: تكوني ممّن(٢) على الباب فلا يقربه أحد، ففعلت أمّ سلمة، فقال: يا عليّ، ادن منّي(٣) ، فدنا منه، فأخذ بيد فاطمةعليها‌السلام فوضعها(٤) على صدره طويلا، وأخذ بيد(٥) عليّ بيده الأخرى.

فلما أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام غلبته عبرته فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة - بكاء شديدا - وعليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام لبكاء رسول(٦) اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت فاطمةعليها‌السلام (٧) : يا رسول الله قد قطّعت قلبي، وأحرقت كبدي، لبكائك يا سيّد النّبيّين(٨) من الأوّلين والآخرين(٩) ، ويا أمين ربّه ورسوله، ويا(١٠) حبيبه ونبيّه، من لولدي بعدك؟ ولذلّ ينزل بي بعدك(١١) ؟ من لعلي أخيك وناصر الدّين(١٢) ؟ من لوحي الله وأمره(١٣) ؟ ثمّ بكت وأكبّت على وجهه فقبّلته، وأكبّ عليه عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام

فرفع رأسه إليهم، ويدها في يده، فوضعها في يد عليّعليه‌السلام ، وقال له: يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمّد عندك، فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنّك لفاعل يا عليّ(١٤) ،

__________________

(١) عن « د ». وفي باقي النسخ: فقال

(٢) ساقطة من « د » « هـ » « و ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) جملة ( ادن مني ) ساقطة من « ب »

(٤) في « أ » « ب »: فوضع. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٥) ساقطة من « ب »

(٦) في « هـ »: لبكاء على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولعلّها لبكاء عليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٧) عن « أ » « د »

(٨) في « د »: المرسلين

(٩) قوله ( من الاولين والآخرين ) ساقطة من « د »

(١٠) حرف النداء ( يا ) ساقط من « د ». وأدخل في متن « أ » عن نسخة

(١١) في « أ » « ب »: ولذلّ أهل بيتك بعدك. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(١٢) في « هامش أ » « د »: من لعلي أخيك من ناصر ومعين ثمّ بكت

(١٣) عن « ج » « هـ » « و »

(١٤) قوله ( يا عليّ ) ساقط من « ب »

١٦٨

هذه والله سيدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى، أم والله، ما بلغت نفسي هذا الموضع حتّى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته.

يا عليّ، انفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمرني(١) بها جبرئيلعليه‌السلام ، واعلم يا عليّ أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته(٢) .

يا عليّ، ويل ( لمن ظلمها، وويل )(٣) لمن ابتزّها حقّها، وويل لمن انتهك(٤) حرمتها، وويل لمن أحرق بابها، ( وويل لمن آذى جنينها، وشجّ جنبيها )(٥) ، وويل لمن شاقّها وبارزها.

اللهمّ إنّي منهم بريء وهم منّي براء(٦) ثمّ سمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضمّ فاطمة إليه وعليّا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وقال: اللهمّ إنّي لهم ولمن شايعهم سلم(٧) ، وزعيم يدخلون الجنّة، ( وحرب وعدوّ لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم(٨) أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم )(٩) ، زعيم لهم يدخلون النّار، ثمّ والله يا فاطمة لا أرضى حتّى ترضي(١٠) ، ثمّ لا والله لا أرضى حتّى ترضي(١١) ، ثمّ والله لا أرضى حتّى ترضي(١٢) .

__________________

(١) في « د » « هـ » « و »: أمر

(٢) في « أ » « ب »: والملائكة. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٣) ساقطة من « هـ »

(٤) في « د » « هـ » « و »: هتك

(٥) بدلها في « ب » « ج » « هـ » « و »: وويل لمن آذى حليلها

(٦) في « و »: برءاء

(٧) ساقطة من « هـ »

(٨) ساقطة من « هـ »

(٩) بدلها في « هامش أ » « د »: ولعدي وتيم ولحرب ولمن عاداكم وظلمكم وتقدمكم وتأخّر عنكم وعن شيعتكم

(١٠) إلى هنا ينتهي ما في « أ » « هـ »

(١١) في « هامش أ » « د »: ثمّ لا والله لا أرضى على أحد حتّى ترضي عنه

في « ب »: ثمّ لا أرضى حتّى ترضى. وإلى هنا ينتهي ما في « ب »

(١٢) هذه الفقرة الاخيرة والنسق المثبت في المتن عن « ج » « و ». وهي في « هامش أ » « د » باختلاف يسير وهو: ثم والله لا ارضى حتّى ترضي

١٦٩

١٧٠

الطّرفة العشرون

في تحقيق ما يروون(١) من صلاة أبي بكر بالناس عند المرض، وكشف ما في ذلك من الوهم المعترض

وعنهعليه‌السلام ؛ قال عيسى: وسألته(٢) ؛ قلت: ما تقول؛ فإنّ الناس قد أكثروا(٣) في(٤) أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس ثمّ عمر؟

فأطرقعليه‌السلام عنّي(٥) طويلا، ثم قال: ليس كما ذكروا، و(٦) لكنّك يا عيسى كثير البحث في الأمور، وليس(٧) ترضى عنها إلاّ بكشفها.

فقلت: بأبي أنت وأمّي، إنّما أسأل منها(٨) عمّا أنتفع به(٩) في ديني وأتفقّه، مخافة أن أضلّ

__________________

(١) في « ب »: ما يرون

في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: ما يروونه

(٢) في « ب »: سألته، بسقوط الواو

في « د »: وسألته

(٣) في « ج » « هـ » « و »: قد أكثر

(٤) ساقطة من « د ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٥) في « ب »: فاطرق عليّ

(٦) الواو ساقطة من « ب »

(٧) في « و »: ولست

(٨) في « هـ »: عنها

(٩) ساقطة من « أ » « ب »

في « هامش أ » « د »: إنّما اسأل عنها لانتفع به

١٧١

وأنا لا أدري، ولكن متى أجد مثلك أحدا(١) يكشفها لي(٢) !!

فقالعليه‌السلام : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا ثقل في مرضه دعا عليّاعليه‌السلام ، فوضع رأسه في حجره وأغمي عليه، وحضرت الصلاة، فأوذن بها(٣) ، فخرجت عائشة، فقالت: يا عمر اخرج فصلّ بالنّاس.

فقال: أبوك أولى بها.

فقالت: صدقت، ولكنّه رجل ليّن وأكره أن يواثبه القوم، فصلّ أنت.

فقال لها عمر: بل يصلّي هو، وأنا أكفيه إن وثب واثب، أو تحرّك متحرّك، مع أنّ محمّدا مغمى عليه لا أراه يفيق منها، والرّجل مشغول به لا يقدر يفارقه - يريد عليّاعليه‌السلام - فبادر(٤) بالصّلاة قبل أن يفيق، فإنّه إن أفاق خفت أن يأمر عليّا بالصلاة(٥) ، فقد سمعت مناجاته منذ(٦) الليلة، وفي آخر كلامه يقول(٧) : الصلاة الصلاة.

قال: فخرج أبو بكر ليصلّي بالناس، فأنكر القوم ذلك، ثمّ ظنّوا أنّه بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكبّر حتّى أفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) ، فقال(٩) : ادعوا إليّ(١٠) العباس، فدعي، فحملاه؛ هو وعليّعليه‌السلام ، فأخرجاه حتّى صلّى بالناس وإنّه لقاعد، ثمّ حمل فوضع على منبره، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر(١١) ، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار، حتّى

__________________

(١) عن « هامش أ » « د »

(٢) قوله ( لي ) ساقط من « د »، وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) في « هامش أ » « د »: فأذّن فخرجت

في « و »: فأذّن بها فخرجت

(٤) في « د » « هـ » « و »: فبادره. وقد أدخلت الهاء في متن « أ » عن نسخة

(٥) ساقطة من « أ » « ب »

(٦) ساقطة من « و »

(٧) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) قوله ( رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن « أ » فقط

(٩) في « ج » « د » « هـ » « و »: وقال

(١٠) في « هامش أ » « ب » « د »: ادعوا لي

(١١) في « ج » « هـ » « و »: على المنبر محمله، دون نقط. ولعلّها ( محمله )

١٧٢

برزن العواتق من خدورهنّ، فبين باك وصائح وصارخ(١) ومسترجع، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) يخطب ساعة ويسكت ساعة.

وكان ممّا(٣) ذكر في خطبته أن قال: يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا و(٤) في ساعتي هذه من الجنّ والإنس، فليبلّغ شاهدكم غائبكم(٥) ، ألا قد(٦) خلّفت فيكم كتاب الله؛ فيه(٧) النّور والهدى والبيان، ما فرّط الله فيه من شيء، حجّة الله لي عليكم، وخلّفت فيكم العلم الأكبر، علم الدّين ونور الهدى، وصيّي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ألا و(٨) هو حبل الله فاعتصموا به(٩) جميعا ولا تفرّقوا عنه(١٠) ،( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ) (١١) .

أيّها(١٢) الناس، هذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كنز(١٣) الله اليوم وما بعد اليوم، من(١٤) أحبّه وتولاّه اليوم وما بعد اليوم(١٥) فقد أوفى بما عاهد عليه الله، وأدّى ما وجب عليه، ومن

__________________

(١) في « ج »: ومادح

(٢) ( والنبي ) ساقطة من « ب »

(٣) في « هامش أ » « د »: فيما

(٤) في « ج »: أو. وأدخلت الالف في متن « أ » عن نسخة

(٥) في « هامش أ » « د »: فيبلّغ شاهدكم الغائب

في « هـ » « و »: فيبلغ شاهدكم الغائب

(٦) في « أ » « ب »: ألا وقد

(٧) في « د » « هـ » « و »: منه

(٨) الواو ساقطة من « ج » « د » « هـ » « و »

(٩) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٠) ساقطة من « أ »

(١١) آل عمران: ١٠٣

(١٢) في « د »: يا أيّها الناس

(١٣) في « ج » « هـ »: كثّر الله. ومن هنا إلى نهاية الفقرة اختلافات كثيرة بين النسخ، وما اثبتناه عن « ج » « هـ » « و ».

وسيأتي نصّ « أ » « ب » ونص « هامش أ » « د » في آخر الفقرة

(١٤) في « هـ »: لم أحبه. في « ج »: من أحبّه وتوالاه

(١٥) جملة ( وما بعد اليوم ) ساقطة من « هـ » « و »

١٧٣

عاداه اليوم وما(١) بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى و(٢) أصمّ، لا حجّة له عند الله(٣) .

أيّها الناس، لا تأتوني غدا بالدّنيا(٤) تزفّونها زفّا(٥) ، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا، مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم، إيّاكم(٦) وبيعات الضلالة، والشّورى للجهالة(٧) .

ألا وإنّ هذا الأمر له أصحاب وآيات، قد سمّاهم الله في كتابه، وعرّفتكم وأبلغت(٨) ما أرسلت به إليكم( وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ) (٩) .

لا ترجعنّ بعدي كفّارا مرتدّين، متأوّلين للكتاب(١٠) على غير معرفة، وتبتدعون(١١) السّنّة بالهوى؛ لأنّ كلّ سنّة وحدث(١٢) وكلام خالف القرآن فهو ردّ(١٣) وباطل، القرآن إمام هدى، وله(١٤)

__________________

(١) ( ما ) ساقطة من « هـ » « و »

(٢) الواو عن « هـ » « و »

(٣) الفقرة في « هامش أ » « د » هكذا: كنز الله اليوم وما بعد اليوم، من لم أحبّه وتوالاه اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم [ في « د »: أعمى أصم ] لا حجة له عند الله، أيها الناس ومن أوفى بما عاهد عليه الله، وأدّى ما وجب عليه من حق عليّ، جاء يوم القيامة بصيرا مستوجبا لفضل الله، ومن عادى عليا اليوم وما بعد [ في « د »: وبعد ] اليوم فقد أخزاه الله

الفقرة في « أ » « ب » هكذا: هذا عليّ بن أبي طالب فأحبّه، ومن تولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم، لا حجّة له عند الله

(٤) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٥) في « د »: تزقونها زقا

(٦) في « ج » « د » « هـ » « و »: أمامكم. والمثبت عن « ب »، وقد أدخل في متن « أ » استظهارا من الناسخ، وكتب في الهامش: في النسخة أمامكم

(٧) في « د »: والشور الجهالة

(٨) في « د » « هـ » « و »: وبلغتكم

في « ج »: وأبلغتكم

(٩) الأحقاف؛ ٢٣

(١٠) في « د »: الكتاب

(١١) في « أ »: وتبدعون. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ.

(١٢) في « و »: وحديث

(١٣) في « هامش أ » « د »: بدعة

(١٤) ساقطة من « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

١٧٤

قائد يهدي(١) إليه، ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وليّ الأمر بعدي عليّ، وليّه(٢) ووارث علمي وحكمتي(٣) ، وسرّي وعلانيتي، و(٤) ما ورّثه النّبيّون من قبلي، وأنا وارث ومورّث(٥) ، فلا تكذبنّكم أنفسكم.

أيّها الناس، الله الله في أهل بيتي، فإنّهم أركان الدّين، ومصابيح الظّلم، ومعدن العلم، عليّ أخي ووارثي، ووزيري وأميني، والقائم بأمري، والموفي بعهدي(٦) على سنّتي(٧) ، أوّل الناس بي إيمانا، وآخرهم عهدا عند الموت، وأوّلهم(٨) لي لقاء يوم القيامة، وليبلّغ(٩) شاهدكم غائبكم، ألا ومن أمّ(١٠) قوما إمامة عمياء - وفي الأمّة من هو أعلم منه - فقد كفر.

أيّها الناس، ومن كانت له قبلي تباعة(١١) تبعة فها أنا(١٢) ، ومن كانت له عندي(١٣) عدة(١٤) فليأت فيها(١٥) عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنّه ضامن لذلك كلّه، حتّى لا يبقى لأحد عليّ تباعة(١٦) .

__________________

(١) في « ج » « هـ »: ويهدي

(٢) في « ب » « ج » « هـ » « و »: ولي الأمر بعد وليّه

(٣) في « هامش أ » « د »: وحكمي

(٤) في « أ » « د »: ووارثي ووارث ما ورّثه

(٥) في « هامش أ »: وأنا وارث ومورّثه عليّ. في « د »: وأنا وارث النبيون ومورثه عليّ. وهي غلط

(٦) في « ب »: بعدي

(٧) في « هامش أ » « د »: والموفي بعهدي على سنتي عليّ

في « ج » « هـ » « و »: والموفي بعهدي على سنتي ويقبل على سنّتي

(٨) في « هامش أ » « ج » « د » « هـ » « و »: وأوسطهم

(٩) في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: ويبلغ

(١٠) في « د »: ألا ومن قال في الأمّة من هو أعلم منه فقد كفر

(١١) كتب في « هامش أ »: تباعة بدل من تبعة في نسخة صحيحة. وكلمة ( تباعة ) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٢) في « ب »: فيها أو من كانت

في « ج » غير واضحة القراءة، ويمكن قراءتها ( فهابنا ) أو ( فهاندا )

(١٣) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٤) ساقطة من « ب »

(١٥) في « هامش أ » « د »: بها

(١٦) في « هامش أ » « د »: تبعة

١٧٥

١٧٦

الطّرفة الحادية والعشرون

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بطرف ما يتجدّد(١) ويكون

وعنه، عن أبيه، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيّته لعليّعليه‌السلام - والناس حضور(٢) حوله -: أما والله يا عليّ ليرجعنّ أكثر هؤلاء كفّارا يضرب بعضهم رقاب بعض، وما بينك وبين أن ترى ذلك إلاّ أن يغيب عنك شخصي(٣) .

__________________

(١) في « د »: ما يجدّد

في « هـ » « و »: ما يحدّد

(٢) ساقطة من « هـ »

(٣) في « ج »: الشخص

١٧٧

١٧٨

الطّرفة الثانية والعشرون

في زيادة تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بما يتجدّد(١) من اختلاف الآراء وتغيّر(٢) الأهواء

وعنه، عن أبيهعليه‌السلام ، قال: في(٣) مفتاح الوصيّة « يا عليّ من شاقّك من نسائي وأصحابي فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله، وأنا منهم بريء، فابرأ منهم ».

فقال عليّعليه‌السلام فقلت: نعم قد فعلت(٤) .

فقال(٥) : اللهمّ فاشهد، يا عليّ إنّ(٦) القوم يأتمرون بعدي على قتلك، يظلمون(٧) ، ويبيّتون

__________________

(١) في « هـ » « و »: بما تجدّد

(٢) في « أ » « ب »: وتغيير

(٣) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٤) جملة ( قد فعلت ) ساقطة من « ب »

(٥) في « هامش أ » « د »: قال

(٦) في « أ »: فاشهد عليّ أنّ

في « ب »: فاشهد عليّ أنّ

في « ج »: فأشهدنا على أنّ. والمثبت عن « هامش أ » « د » « هـ » « و »

(٧) في « أ » « ب »: ان القوم يأتمرون بعدي عليّ، ويبيّتون

في « هامش أ » « د »: ان القوم يأتمرون بعدي ويظلمون

في « هـ » « و »: ان القوم يأتمرون بعدي يظلمون

١٧٩

على ذلك، فمن يبيّت(١) على ذلك فأنا منهم بريء، وفيهم نزلت( بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) (٢) ، ثمّ يميتك(٣) شقيّ هذه الأمّة، هم(٤) شركاؤه فيما يفعل.

__________________

(١) في « ج »: ومن يبيّت

في « د »: ويلبثون على ذلك، ومن يلبث

في « هـ »: ويلبثون على ذلك، ومن ثبت

في « و »: ويثبون على ذلك، ومن ثبت

(٢) النساء: ٨١

(٣) في « ج »: ثم ينسك

في « د »: ثم ذاك هذه الأمة

في « هـ »: ثمّ دك

في « و »: ثم دل

(٤) في « هامش أ » « د »: وهم

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

المبحث الخامس

تنبيهات حول اللطف

١ - إنّ الإنسان قد يخطىء في تشخيص اللطف، فيحكم على ما فيه مفسدة بأنّه من اللطف، وهو غير ملتفت إلى وجود المفسدة فيه.

ولهذا ينبغي أن لا يحكم الإنسان على شيء بأ نّه من اللطف إلاّ بعد بلوغ مرحلة اليقين بانتفاء المفسدة من ذلك الشيء(١) .

٢ - إنّ اللطف لا ينحصر تحقّقه دائماً في فعل معيّن، بل قد تكون مجموعة أفعال تؤدّي كلّ واحدة منها دور اللطف المطلوب(٢) .

٣ - إنّ للّه تعالى لطفاً لا يمنحه إلاّ لمن ينتفع منه.

وأمّا الّذين لا ينفعهم هذا النمط من اللطف، ولا يؤدّي بهم إلى فعل الطاعة وترك المعصية، فإنّه تعالى سيحرمهم من هذا اللطف(٣) .

بعبارة أخرى:

إنّ اللطف الإلهي ينقسم إلى قسمين:

أوّلاً: لطف عام

____________________

١- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثالث، المسألة (١٢)، ص٤٤٥.

مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث الخامس، ص٢٥٣.

٢- انظر: الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الرابع، ص١٣٣.

٣- ذهب المحقّق الحلّي والشيخ سديد الدين الحمصي إلى حرمان الكافر من اللطف بصورة مطلقة، ولكن التقسيم المذكور لاحقاً أكثر دقّة وشمولية.

انظر: المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الرابع، المطلب الأوّل، ص١٠٢.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في اللطف و...، ص٣٠٣.

٣٢١

وهو من قبيل إرسال الرسل لهداية الناس.

وهذا اللطف يفعله اللّه لجميع المكلّفين إتماماً للحجّة عليهم.

ثانياً: لطف خاص

وهو من قبيل دعم المكلَّفين بما يجعلهم أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد عن فعل المعصية.

ويكون هذا اللطف للعباد الذين ينتفعون منه، وأمّا الذين لا ينتفعون منه فإنّهم هم الذين يحرمون أنفسهم من هذا اللطف، لأ نّه تعالى لو يعلم انتفاعهم من لطفه هذا لفعله بهم.

قال تعالى:( وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لاََسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) [الأنفال: ٢٣].

أي: لو علم اللّه انتفاع هؤلاء المشركين من اللطف، لألطف عليهم وأسمعهم الجواب عن كلّ ما يسألونه، ولكنه علم بأنّهم لا ينتفعون ولا يفيدهم هذا اللطف، فلهذا أهملهم.

وقال الشيخ الطبرسي حول تفسير هذه الآية: "وفي هذا دلالة على أنّ اللّه تعالى لا يمنع أحداً من المكلّفين اللطف، وإنّما لا يلطف لمن يعلم أنّه لا ينتفع به"(١) .

ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول قوله تعالى:( تَرَكَهُمْ فِي ظُلُمات لا يُبْصِرُونَ ) [البقرة: ١٧].

قال(عليه السلام): "إنّ اللّه تبارك وتعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه، ولكنه متى علم أنّهم لا يرجعون عن الكفر والضلال، منعهم المعاونة واللطف وخلّى بينهم وبين اختيارهم"(٢) .

____________________

١- مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج٤، تفسير آية ٢٣ من سورة الأنفال، ص ٨١٨.

٢- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق: ج١، باب ١١، ح١٦، ص١١٣.

٣٢٢

المبحث السادس

اللطف والمفسدة

إنّ ما يقابل "اللطف" هو "الإفساد".

وتطلق "المفسدة" على مايدعو المكلَّف إلى فعل المعصية وترك الطاعة، بحيث يكون المكلَّف مع هذه الدعوة أقرب إلى فعل ما نهاه اللّه تعالى عنه، وأبعد عن امتثال أوامره تعالى(١) .

تنبيهات:

١ - لا يصح أبداً نسبة الإفساد إلى اللّه تعالى.

لأنّ الإفساد في جميع الأحوال قبيح، واللّه تعالى منزّه عن فعل القبيح.

٢ - لا يمكن القول بأنّ اللّه تعالى بما أنّه خلق "الشهوة" في الإنسان، فإنّه المسبِّب في إفساده.

لأنّ الشهوة بحدّ ذاتها ليست مفسدة.

وإنّما الإفساد يكمن في طغيانها(٢) .

وطغيان الشهوة أمر يرتبط باختيار الإنسان.

وقد أمر اللّه تعالى الإنسان بضبط شهواته والسيطرة على زمامها.

ولهذا لو أدّت الشهوة إلى الإفساد بسبب طغيانها.

____________________

١- انظر: الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الرابع، ص١٣٠.

المسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الرابع، المطلب الأوّل، ص١٠١.

المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في اللطف و...، ص٢٩٨.

٢- بعبارة أخرى: إنّ الشهوة بذاتها أمر ضروري للإنسان، وهي التي تدفع الإنسان إلى نيل متطلّباته في الحياة. ولا تعتبر الشهوة مصدراً للإفساد إلاّ بعد أن يطلق الإنسان العنان لها ويفسح لها مجال الطغيان وتجاوز الحدّ.

٣٢٣

فإنّ الإنسان يكون هو المسؤول عن ذلك، لأنّه هو السبب في طغيانها.

ولا يصح نسبة هذا الإفساد إلى اللّه سبحانه وتعالى.

٣ - إنّ بعض المكلّفين - سواء كانوا من الجن والإنس - يسيؤون الاستفادة من الاختيار الذي مكّنهم اللّه تعالى منه، فيختارون سبيل الغي والضلال، ثمّ يصبحون بعد ذلك مصدراً لإفساد الآخرين.

ومثال ذلك: إبليس والشياطين وغيرهم من الإنس والّذين يفعلون ما يقرّب الآخرين إلى فعل المعاصي ويبعّدهم عن فعل الطاعات.

وينسب "الإفساد" في هذا المقام إلى هؤلاء العصاة، لأنّهم اتجهوا نحوه باختيارهم.

ولا يصح نسبة هذا الإفساد إلى اللّه تعالى.

لأنّه تعالى أمر الإنس والجن بفعل ما هو حسن، ونهاهم عن فعل ما هو قبيح، ويكون هؤلاء هم المسؤولون فيما لو اختاروا سبيل الإفساد.

فينسب الإفساد إليهم ولا ينسب إلى اللّه تعالى أبداً.

٤ - إنّ اللّه تعالى لا يفعل الإفساد أبداً، لأنّه حكيم، ولكنّه قد يحجب ألطافه عن البعض لدواع مختلفة من قبيل معاقبتهم إزاء ارتكابهم المعاصي أو نتيجة علمه تعالى بعدم انتفاعهم من اللطف فيما لو منحهم ذلك(١) .

ومن هذا القبيل قوله تعالى:

( سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَة لايُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لايَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ ) [الأعراف: ١٤٦]

( وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) (٢)

____________________

١- سنبيّن هذا الموضوع بصورة مفصّلة في الفصل الثاني عشر: الهداية والإضلال.

٢- ورد بيان معنى هذه الآية في المبحث السابق.

٣٢٤

[الأنفال: ٢٣].

٣٢٥

المبحث السابع

الإشارة إلى اللطف الإلهي في القرآن الكريم

١ -( وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَداً ) [النور: ٢١].

أي: لولا ألطاف اللّه بكم ومعونته لكم، لكنتم أقرب إلى المفسدة، ولكنه تعالى قد ألطف بكم وأعانكم من منطلق رحمته بحيث جعلكم أقرب إلى تزكية أنفسكم(١) .

٢ -( وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً ) [النساء:٨٣].

أي: لولا الألطاف الإلهية بكم ورحمته لاتّبعتم الشيطان إلاّ قليلاً(٢) .

٣ -( وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) [المؤمنون: ٧٥].

أي: إنّنا لو كشفنا الضرّ عنهم لاستمروا في طغيانهم يتردّدون، وهذا ما فيه فساد لهم، ولهذا فإنّنا نلطف بهم ولا نرفع هذا الضرّ عنهم(٣) .

٤ -( وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّة وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ ) [الزخرف: ٣٣ - ٣٤].

أي: لو فعل اللّه ما ذكره لاجتمع الناس على الكفر، ولكنّه تعالى لم يفعل ذلك لما

____________________

١- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج٧، تفسير آية ٢١ من سورة النور، ص٢١٠.

٢- انظر: المصدر السابق: ج٣، تفسير آية ٨٣ من سورة النساء، ص١٢٦.

٣- انظر: المصدر السابق: ج٧، تفسير آية ٧٥ من سورة المؤمنين، ص١٨١.

٣٢٦

فيه من المفسدة، بل يفعل اللّه ما فيه اللطف للعباد حفاظاً عليهم من الانجراف في أودية الكفر والضلال(١) .

____________________

١- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطوسي: ج٩، تفسير آية ٤٣ و ٤٤ من سورة الزخرف، ص٧٢.

٣٢٧

المبحث الثامن

مناقشة رأي الأشاعرة حول اللطف الإلهي

يعتقد الأشاعرة بأنّ اللّه تعالى هو الذي يخلق أفعال العباد سواء كانت هذه الأفعال طاعة أو معصية، ويذهب هؤلاء إلى "أنّ أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة اللّه تعالى وحده"(١) .

ومن هذا المنطلق عرّف الأشاعرة اللطف بأنّه عبارة عن عدم خلق اللّه قدرة فعل المعصية في العبد.

ومن هنا لا يعصي الشخص الذي يشمله اللطف الإلهي "إذ لا قدرة له على المعصية"(٢) .

وعرّف بعض الأشاعرة اللطف بأنّه يعني: أن لا يخلق اللّه تعالى الذنب في العبد(٣) .

يرد عليه:

يستلزم هذا الرأي القول بالجبر، لأنّ من لا يمتلك القدرة على فعل المعصية يكون مجبوراً على عدم فعلها.

ويترتّب عليه عدم استحقاق الإنسان الثواب بتركه للمعصية، لأنّه كيف يستحق الثواب على تركه للمعصية وهو لا يمتلك القدرة على فعلها. وإنّما يكون الثواب لمن يمتلك القدرة على فعل المعصية، ولكنّه يتركها باختياره، فيكون مستحقاً للثواب

____________________

١- المواقف، عضدالدين الايجي، ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ١، ص٢٠٨.

٢- شرح المقاصد، سعدالدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٦، المبحث ٢، ص٣١٢ - ٣١٣.

٣- انظر: المصدر السابق.

٣٢٨

إزاء هذا الاختيار(١) .

____________________

١- للمزيد راجع في هذا الكتاب: الفصل السابع: الجبر والتفويض.

٣٢٩

الفصل الحادي عشر

الأصلح

معنى الأصلح

وجوب فعل الأصلح

الأصلح في خلق العالم

٣٣٠

٣٣١

المبحث الأوّل

معنى الأصلح

معنى الأصلح (في اللغة):

الأصلح عبارة عن أفعل تفضيل "الصلاح".

والصلاح ضدّ الفساد.

قال تعالى:( وَلا تُفْسِدُوا فِي الاَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ) [الأعراف: ٨٥].

والمصلحة: "ما يتعاطاه الإنسان من الأعمال الباعثة على نفعه أو نفع قومه"(١) .

معنى الأصلح (في الاصطلاح العقائدي):

يظهر من المتكلّمين: أنّ "المصلحة" عندهم تساوى "المنفعة".

قال السيّد المرتضى: الصلاح عبارة عن النفع... ويقال عند التزايد "أصلح" كما يقال "أنفع"(٢) .

وقال أيضاً: "الأصلح في باب الدنيا هو فعل المنافع واللذات الخالية من وجه قبح"(٣) .

____________________

١- انظر: مفردات القرآن، الراغب الاصفهاني: باب: صلح.

المنجد: مادة (صلح).

٢- الذخيرة، السيّد المرتضى: باب الكلام في الأصلح، ص١٩٩.

٣- شرح جمل العلم والعمل، السيّد المرتضى: لا يجب عليه تعالى الأصلح في أمر الدنيا، ص١٠٩.

وانظر: الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الخامس: الكلام في فعل الأصلح، ص١٤٠.

٣٣٢

المبحث الثاني

وجوب(١) فعل الأصلح

إنّ الأصلح ينقسم إلى قسمين(٢) :

١ - الأصلح في الدين: ومصالح الدين هي "الألطاف".

ولا إشكال في أنّ اللّه تعالى حكيم، وهو يفعل دائماً ما هو الأصلح بالعباد في أمور دينهم. وقد بينّا "اللطف الإلهي" في الفصل السابق.

٢ - الأصلح في الدنيا: ومصالح الدنيا هي الأُمور التي ينتفع بها الأحياء بشرط أن لا تكون هذه الأُمور قبيحة(٣) ، ووجوب فعله تعالى لهذا المعنى من "الأصلح" هو الذي وقع النزاع حوله بين العلماء.

الآراء حول وجوب أو عدم وجوب فعله تعالى للأصلح:

١ - عدم الوجوب.

٢ - الوجوب.

الرأي الأوّل: عدم وجوب فعله تعالى للأصلح (أي: لا يجب على اللّه تعالى في الدنيا أن يفعل بالعباد ما هو أنفع لهم في دنياهم).

أدلة ذلك:

____________________

١- نؤكّد مرّة أخرى بأنّ الوجوب على اللّه تعالى لا يعني أنّه تعالى مكلّف بأنّ يفعل كذا وكذا، بل معناه أنّ عدم فعله تعالى لكذا وكذا لا ينسجم مع صفاته الكمالية.

انظر: بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج٥٩، كتاب السماء والعلم، باب ٢٤: عصمة الملائكة...، ص٣١٠.

٢- انظر: المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج١، القول في اللطف والمصلحة والمفسدة، ص٢٩٨.

٣- قال السيّد المرتضى: "لا يحسن فعل ذلك [أي: فعل] الأصلح إلاّ مع التعرّي من المفاسد".

الذخيرة، السيّد المرتضى: باب الكلام في الأصلح، ص٢٠٥.

٣٣٣

الدليل الأوّل:

وجوب الأصلح يستلزم المحال.

توضيح ذلك:

ما من أصلح (أي: أنفع للعباد) إلاّ وهناك فعل أصلح منه، وهو مع ذلك خال عن المفسدة.

فلو كان الأصلح واجباً لوجب على اللّه تعالى أن يقوم بأفعال غير متناهية، وكلّها أصلح، وهذا محال.

ولهذا ينبغي القول بعدم وجوب فعل الأصلح على اللّه تعالى مطلقاً(١) .

يلاحظ عليه:

١ - إنّ البحث حول الأصلح يشمل المنافع التي يمكن وقوعها، وأمّا المحال فهو خارج عن البحث.

قال العلاّمة الحلّي: "إنّ الفعل إنّما يجب على اللّه تعالى من حيث الحكمة، إذا كان مُمكناً، أمّا إذا كان ممتنعاً فلا، وما لا يتناهى يستحيلُ إيجاده"(٢) .

٢ - إنّ الأصلح مرتبة واحدة، ولهذا فإنّ الزيادة التي يتصوّرها البعض ليست داخلة في دائرة الأصلح، بل هي خارجة عنه، ولهذا لا يتجه الوجوب إليها، فتكون هذه الزيادة خارجة عن البحث.

قال نصير الدين الطوسي: " لا يقال: فأيُّ مرتبة فُرضت، أمكن الزيادةُ عليها، ويدخل بذلك تحت ما لا نهاية له.

لأ نّا نقول: نمنع كونَه أصلح، لأنَّا فرضنا الأصلح مرتبة، فالزائد ليس أصلح"(٣) .

____________________

١- انظر: الذخيرة، السيّد المرتضى: باب الكلام في الأصلح، ص٢٠١ - ٢٠٢.

شرح جمل العلم والعمل، السيّد المرتضى: لا يجب عليه تعالى الأصلح في أمر الدنيا، ص١٠٩ - ١١٠.

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الخامس، ص١٤٠.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج٢، لا يجب عليه تعالى الأصلح في أمر الدنيا، ص١١٠.

٢- مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج السادس، البحث العاشر، ص٢٦٢.

٣- كشف الفوائد، نصير الدين الطوسي: الباب الثالث، الفصل الأوّل، وجوب الأصلح، ص٢٥٣.

٣٣٤

الدليل الثاني على عدم وجوب فعله تعالى للأصلح:

لو كان الأصلح واجباً لم يستحق اللّه الشكر منّا على ما يفعله بنا من الإحسان والإنعام، لأنّ الذي يقوم بفعل يجب عليه، فإنّه لا يستحق الشكر، وإنّما الشكر يكون للمتفضّل الذي له أن يفعل وله أن لا يفعل(١) .

يلاحظ عليه:

١ - إنّ "الوجوب" الذي يتنافى مع استحقاق الشكر هو "الوجوب" بمعنى "الاضطرار" و"عدم الاختيار"، ولكن المقصود من "الوجوب" هنا غير هذا المعنى، وإنّما المقصود من الوجوب هنا أنّ العدل والحكمة الإلهية تقتضي أن يفعل اللّه تعالى كذا، لأنّ تركه لهذا الفعل يؤدّي إلى الإخلال بعدله وحكمته ويوجب اتّصافه تعالى بأوصاف يتنزّه عنها(٢) .

٢ - إنّ شكرنا للّه تعالى إزاء فعل الأصلح يكون من قبيل شكرنا له تعالى إزاء إعطائه "الثواب" و"العوض".

و"إعطاء الثواب" و"إعطاء العوض" أمران يجبان على اللّه تعالى بمقتضى عدله وحكمته.

ولكننا - مع ذلك - نشكر اللّه تعالى إزاءهما.

ولكن لا يكون شكرنا له تعالى إزاء ما يجب عليه تعالى.

وإنّما يكون شكرنا له تعالى إزاء ما تفضّل به علينا.

وتفضّله تعالى في هذا المقام أنّه خلقنا ومنحنا العقل وكلّفنا وأوجد فينا الأسباب التي تجعلنا ممن يشملهم "الثواب" و"العوض" الإلهي.

وكان بإمكانه تعالى أن لا يخلقنا أو لا يمنحنا العقل، فنكون ممن لا يشملهم

____________________

١- انظر: الذخيرة، الشريف المرتضى: باب الكلام في الأصلح، ص٢٠٧.

الاقتصاد، الشيخ الطوسي: القسم الثاني، الفصل الخامس، ص١٤٢.

غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج٢، لايجب عليه تعالى الأصلح في أمر الدنيا، ص١٠٩.

٢- انظر: البراهين القاطعة، محمّد جعفر الاسترآبادي: ج٢، المقصد ٣، الفصل ٣، المقام ٥، ص٤٥٥.

٣٣٥

"الثواب" و"العوض" الإلهي.

ولكنّه تعالى خلقنا ومنحنا العقل من باب التفضّل، وبذلك أصبحنا ممن يقتضي عدله أن لا يظلمنا.

فيكون شكرنا للّه تعالى إزاء هذا التفضّل.

وتعتبر مسألة الشكر إزاء فعل الأصلح أيضاً من هذا القبيل(١) .

الدليل الثالث على عدم وجوب فعله تعالى للأصلح:

لو كان فعل الأصلح واجباً لم يكن للدعاء أيّة فائدة.

لأنّه إذا كان كلّ ما يفعله اللّه تعالى هو الأصلح الذي يجب أن يفعله، فعندئذ لا يمكن تغيير هذا الواجب، فينتفي دور الدعاء.

ولكن بما أنّ للدعاء دوراً، فلهذا نستنتج بأنّه تعالى لا يجب عليه فعل الأصلح.

يلاحظ عليه:

لا يوجب هذا الاستدلال نفي فعله تعالى للأصلح، لأنّ اللّه تعالى يفعل بالعباد ما هو أصلح لهم وفق ما تقتضيه الحكمة، وقد اقتضت حكمته تعالى أن يجعل للعباد بعض "الأسباب" التي يحصلون بها على المزيد من المنافع، ومن هذه الأسباب "الدعاء".

فالأصلح في هذا المقام للعباد أن تتاح لهم الفرصة ليصلوا إلى منافعهم عن طريق تمسّكهم بالأسباب.

فمن يتمسّك بهذه الأسباب، فإنّه يصل إلى المنافع إن شاء اللّه تعالى.

ومن لا يتمسّك بهذه الأسباب، فإنّه يحرم نفسه بنفسه من هذه المنافع.

الرأي الثاني: وجوب فعله تعالى للأصلح(٢) :

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام): "إنّ اللّه تبارك وتعالى لا يفعل بعباده إلاّ

____________________

١- انظر: إشراق اللاهوت، عميد الدين العبيدلي: المقصد الحادي عشر، المسألة الخامسة: ص٣٩٧.

٢- أي: وجوب فعله تعالى الأنفع للعباد في الدنيا.

٣٣٦

الأصلح لهم"(١) .

تنبيه مهم:

ينبغي الالتفات في هذا الصعيد إلى حقيقة مهمّة وهي:

إنّ الأصلح في الدنيا لا يكون دائماً في مطلق إيصال الشيء النافع للعبد.

بل قد يكون الأصلح للعبد في الدنيا حرمانه من المنافع الدنيوية.

لأنّ المنافع الدنيوية ليست بنفسها ملاكاً عند اللّه تعالى في تعامله مع العباد.

وإنّما الملاك عند اللّه تعالى هو المنافع الأخروية للعباد.

وعلى ضوء هذا الملاك يتعامل اللّه تعالى مع العباد في إيصال الأنفع إليهم.

ورد في الحديث الشريف:

عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل، عن اللّه عز وجل، قال: "قال اللّه تبارك وتعالى:

إنّ من عبادي المؤمنين لَمَن لا يصلُح إيمانه إلاّ بالفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك.

وإنّ من عبادي المؤمنين لَمَن لا يصلُح إيمانه إلاّ بالغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك.

وإنّ من عبادي المؤمنين لَمَن لا يصلُح إيمانه إلاّ بالسقم، ولو صحّحت جسمه لأفسده ذلك.

وإنّ من عبادي المؤمنين لَمَن لا يصلُح إيمانه إلاّ بالصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك.

إنّي أدبّر عبادي لعلمي بقلوبهم، فإنّي عليم خبير"(٢) .

قال الشيخ المفيد:

"إنّ اللّه تعالى لا يفعل بعباده ما داموا مكلَّفين إلاّ أصلح الأشياء لهم في دينهم ودنياهم، وأنّه لا يدّخرهم صلاحاً ولا نفعاً، وأنّ من أغناه فقد فعل به الأصلح في التدبير، وكذلك من أفقره ومن أصحّه ومن أمرضه فالقول فيه كذلك"(٣) .

____________________

١- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب ٦٢: باب أنّ اللّه تعالى لا يفعل بعباده إلاّ الأصلح لهم، ح٩، ص٣٩٢.

٢- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب ٦٢، ح١، ص٣٨٨.

٣- أوائل المقالات، الشيخ المفيد: القول ٢٨: القول في اللطف والأصلح، ص٥٩.

٣٣٧

٣٣٨

المبحث الثالث

الأصلح في خلق العالم

إنّ كيفية نظام الوجود وقوانين الكون هي الأفضل والأكثر إتقاناً حسب ما اقتضته الحكمة والرحمة الإلهية، بحيث لا يمكن تصوّر أحسن منه في تنظيم عالم الإمكان مع لحاظ الأهداف المطلوبة.

الأدلة المثبتة للنظام الأحسن:

١ - إنّ اللّه تعالى حكيم، ولا يفعل إلاّ الأفضل والأحسن حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.

٢ - إنّ اللّه تعالى عالم بجميع جهات حسن وقبح الأفعال، والحكيم يختار دائماً ما هو الأحسن والأكمل.

٣ - إنّ اللّه تعالى غني عن العالمين، وهو في منتهى الجود والكرم والعطاء، ولا يوجد ما يمنع اللّه من إيجاد الأحسن حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.

٣٣٩

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432