التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)8%

التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 473

التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 218770 / تحميل: 9701
الحجم الحجم الحجم
التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

تنبيهات :

١ - المقصود من الفعل المحكم والمتقن صدوره مرّة بعد أخرى ، لا صدوره مرّة واحدة ولهذا لا يصح الإشكال ، بأنّ الفعل المحكم والمتقن لا يدل على علم الفاعل ؛ لأنّ النائم والساهي والجاهل قد تصدر منه بعض الأفعال المحكمة والمتقنة وهو غير عالم بها.

دليل عدم صحة هذا الإشكال :

صدور الفعل المحكم والمتقن مرّة واحدة أو مرّتين ، قد لا يدل على علم الفاعل ، ولكن صدور هذا الفعل مرّة بعد أخرى ، يدل بالضرورة على علم الفاعل ، وذلك لاستحالة وقوع الفعل المحكم والمتقن مرّة بعد أخرى من غير العالم(١) .

٢ - الفعل المحكم والمتقن هو المطابق للمنافع المقصودة منه(٢) .

وبما أنّ المقصود من هذا العالم هو اختبار الإنسان ، فلهذا تكون الشرور والآلام والآفات من الأفعال المحكمة والمتقنة ؛ لأنّها الوسيلة المطلوبة لهذا الاختبار ، وهي الأداة اللازمة لمعرفة مدى صبر وتحمّل الإنسان.

٣ - إنّ الله تعالى هو الذي يدبّر الحيوانات ، وهو الذي يهديها إلى القيام ببعض الأفعال المحكمة والمتقنة.

ولهذا فإنّ قيام هذه الكائنات الحيّة ببعض الأفعال المحكمة مع عدم امتلاكها للعلم لا يعني صحّة صدور الفعل المحكم والمتقن من الجهة غير العالمة.

الدليل الثاني:

" إنّه [ تعالى ] مختار ، وكلّ مختار عالم ؛ لأنّ فعل المختار تابع لقصده ، ويستحيل قصد شيء من دون العلم به "(٣) .

____________________

١- انظر : قواعد العقائد ، نصيرالدين الطوسي : الباب الثاني ، علمه تعالى ، ص ٥٢.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث الثاني ، ص ٨٥.

٢- انظر : تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، ص ٢٧٧.

٣- النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر ، مقداد السيوري : الفصل الثاني ، الصفة الثانية ، ص ٣٥.

١٨١

الدليل الثالث :

العلم صفة من صفات الكمال ، ووجوده عند المخلوقات دليل على وجوده عند الخالق بأكمل مراتبه وأظهر مصاديقه.

الدليل الرابع :

الجهل نقص ، والله منزّه عن جميع أنواع النقص.

١٨٢

المبحث السابع :علم الله بذاته

يتعلّق العلم الإلهي بجميع الأشياء ، وبما أنّ الله " شيء " ، فلهذا يتعلّق هذا العلم بذات الله ، فيثبت علم الله تعالى بذاته.

سُئل الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : هل كان الله عارفاً بنفسه قبل أن يخلق الخلق ؟

قالعليه‌السلام : ( نعم )(١) .

شبهة علم الله بذاته(٢)

" العلم " نسبة قائمة بين " العالم " و " المعلوم ".

والنسبة إنّما تكون بين شيئين متغايرين.

فإذا قلنا بأنّ الله يعلم بذاته ، فإنّه يلزم أن يكون " علم الله " شيئاً مغايراً " لذات الله ".

وهذا يخالف القول بأنّ " علم الله " عين " ذاته ".

جواب الشبهة :

أوّلاً :

ليس " العلم " نسبة قائمة بين " العالم " و " المعلوم ".

____________________

١- التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ٢٩ ، ح ٤ ، ص ١٨٦.

٢- أُشير إلى هذه الشبهة وجوابها في كتاب :

تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، ص ٣٩٤ - ٣٩٥.

كشف المراد ، العلاّمة الحلّي : المقصد الثالث ، الفصل الثاني ، المسألة الثانية ، ص ٣٩٩.

اللوامع الإلهية ، مقداد السيوري : اللامع الثامن ، المرصد الثاني ، الفصل الأوّل ، ص ١٩٩.

١٨٣

وإنّما العلم حقيقة.

قد تكون بين شيئين متغايرين ،

وقد تكون في شيء واحد.

فإذا قلنا بأنّ الله يعلم بذاته ، فإنّه لا يلزم التغاير بين " علم الله " و " ذاته ".

وإنّما المقصود بيان حقيقة في شيء واحد.

ثانياً :

لو سلّمنا بأنّ العلم نسبة قائمة بين " العالم " و " المعلوم ".

فإنّ التغاير الموجود بين العالم والمعلوم في هذا المقام ، تغاير من حيث " المفهوم " لا من حيث " المصداق ".

وتعدّد " المفهوم "(١) لا يوجب تعدّد " المصداق "(٢) .

ومثاله :

إنّ لله تعالى العديد من الأسماء وهي مفاهيم ، وتعدّد هذه الأسماء لا يوجب تعدّد الذات الإلهية التي هي مصداق لهذه الأسماء والمفاهيم.

بعبارة أخرى :

الشبهة المذكورة واردة فيما لو كان التغاير الموجود بين العالم والمعلوم في هذا المقام ، هو التغاير " الحقيقي " ، ولكن التغاير الموجود هنا تغاير " اعتباري " ، ولا يرد الإشكال المذكور في هذا النمط من التغاير.

____________________

١- المفهوم : مجموع الصفات والخصائص الموضّحة لمعنى كلّي.

انظر : المعجم الوسيط ، مادة ( ف ه- م ).

٢- المصداق : الفرد الذي يتحقّق فيه معنى كلّي.

انظر : المعجم الوسيط: مادة ( ص د ق ).

١٨٤

المبحث الثامن :علم الله بالاشياء قبل ايجادها

قال الشيخ المفيد : " إنّ الله تعالى عالم بكلّ ما يكون قبل كونه ، وإنّه لا حادث إلاّ وقد علمه قبل حدوثه وبهذا قضت دلائل العقول والكتاب المسطور والأخبار المتواترة عن آل الرسولعليهم‌السلام ، وهو مذهب جميع الإماميّة "(١) .

أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام حول علم الله بالأشياء قبل إيجادها

١ - وردت إلى الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام رسالة فيها سؤال حول الله ، والسؤال :

" أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق وما كوّن ؟ "

فوقّععليه‌السلام بخطه : ( لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعدما خلق الأشياء )(٢) .

٢ - قال الإمام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام : ( كان الله ولا شيء غيره ولم يزل عالماً بما يكون ، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه )(٣) .

٣ - قال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : ( لم يزل الله عزّ وجلّ ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم ، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم )(٤) .

٤ - قال الإمام عليعليه‌السلام : ( كلّ عالم فمن بعد جهل تعلّم ، والله لم يجهل ولم

____________________

١- أوائل المقالات ، الشيخ المفيد : القول ٢١ : القول في علم الله تعالى بالأشياء قبل كونها ، ص ٥٤ - ٥٥.

٢- الكافي ، الشيخ الكليني : ج ١ ، كتاب التوحيد ، باب صفات الذات ، ح ٤ ، ص ١٠٧.

٣- المصدر السابق : ح ٢.

٤- المصدر السابق : ح ١.

١٨٥

يتعلّم ، أحاط بالأشياء علماً قبل كونها ، فلم يزدد بكونها علماً ، علمُه بها قبل أن يكوّنها كعلمه بعد تكوينها )(١) .

٥ - سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس كان في علم الله ؟

قالعليه‌السلام : ( بلى قبل أن يخلق السماوات والأرض )(٢) .

٦ - سئل الإمام علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام : أيَعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون ، أو لا يعلم إلاّ ما يكون ؟

فقالعليه‌السلام : ( إنّ الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء )(٣) .

٧ - سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : عن الله تبارك وتعالى أكان يعلم المكان قبل أن يخلق المكان ، أم علمه عندما خلقه وبعدما خلقه ؟

فقالعليه‌السلام : ( تعالى الله ، بل لم يزل عالماً بالمكان قبل تكوينه كعلمه به بعد ما كوّنه ، وكذلك علمه بجميع الأشياء كعلمه بالمكان )(٤) .

٨ - سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى.

قالعليه‌السلام : ( لا ، من قال هذا فأخزاه الله ).

أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله ؟ !

قالعليه‌السلام : ( بلى ، قبل أن يخلق الخلق )(٥)

٩ - عن جعفر بن محمّد بن حمزة قال : كتبت إلى الرجلعليه‌السلام أسأله : أنِّ مواليك اختلفوا في العلم ، فقال بعضهم : لم يزل الله عالماً قبل فعل الأشياء وقال بعضهم : لا نقول : لم يزل الله عالماً ؛ لأنّ معنى يعلم يفعل ، فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل

____________________

١- التوحيد ، الشيخ الصدوق : الباب الثاني ، باب التوحيد ونفي التشبيه ، ح ٣ ، ص ٤٤.

٢- المصدر السابق : الباب العاشر ، باب العلم ، ح ٥ ، ص ١٣١.

٣- المصدر السابق ، ح ٨ ، ص ١٣٢.

٤- المصدر السابق : ح ٩ ، ص ١٣٢.

٥- المصدر السابق ، باب ٥٤ ، باب البداء ، ح ٨ ، ص ٣٢٥.

١٨٦

معه شيئاً.

فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تعلّمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه ؟

فكتبعليه‌السلام بخطه : ( لم يزل الله عالماً تبارك وتعالى ذكره )(١) .

١٠ - قال الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ( لم يزل الله عزّ وجلّ علمه سابقاً للأشياء قديماً قبل أن يخلقها )(٢) .

تنبيه :

دور علم الله بالأشياء قبل وجودها ، هو الكشف عمّا سيقع في الواقع الخارجي فقط ، وليس لهذا العلم أيّ دور في علّة صدور الأشياء(٣) بل يستحيل أن يكون لهذا العلم أيّ أثر على أفعال الله تعالى.

كيفية علم الله بالأشياء قبل إيجادها :

ذهب بعض العلماء(٤) إلى أنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول(٥) .

فمع لحاظ الأمور التالية :

١ - إنّ الله تعالى عالم بذاته.

٢ - إنّ الذات الإلهية علّة لجميع ما سواه.

نستنتج :

____________________

١- الكافي ، الشيخ الكليني ، ج١ ، كتاب التوحيد ، باب صفات الله ، ح٥ ، ص ١٠٨.

٢- التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ١٠ ، ح ٨ ، ص ١٣٢.

٣- انظر : تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، ص ٢٩٦.

٤- انظر : كشف المراد ، العلاّمة الحلّي : المقصد الثالث ، الفصل الثاني ، المسألة الثانية ، ص ٣٩٨ الأسرار الخفية ، العلاّمة الحلّي : الفن الثالث ، المقالة السادسة ، المبحث الأوّل ، سرّ ١٢٠ ، ص ٥٦٠.

إشراق اللاهوت ، عميدالدين العبيدلي : المقصد الخامس ، المسألة ١٦ ، المبحث الثالث ، ص ٢٧٥.

٥- قال العلاّمة الحلّي بأنّ العلم بالعلّة يقع على ثلاثة أقسام ، وفي قسمين لا يوجب العلم بالعلّة العلم التام بالمعلول ، وإنّما يوجب العلم بالعلّة العلم التام بالمعلول فيما لو كان العلم بالعلّة من حيث هي هي ، ومن حيث لوازمها وأعراضها وملزوماتها ومعروضاتها ومالها في نفسها ومالها بالقياس إلى الغير.

انظر : الأسرار الخفية ، العلاّمة الحلّي : الفن الثالث ، المقالة السادسة ، المبحث الأوّل ، سرّ ١٢٠ ، ص٥٦٠.

١٨٧

علم الله بذاته يستلزم علمه تعالى بجميع ما سواه(١) .

يرد عليه :

١ - العلم بالعلّة ، لا يوجب العلم بالمعلول ، إلاّ إذا كانت العلّة غير ممتلكة للإرادة ، وغير مختارة(٢) ، ولكن إذا كانت العلّة لها إرادة ومختارة ، أي : كانت العلّة تفعل متى ما تشاء ولا تفعل متى ما لا تشاء ، فلا يؤدّي العلم بها العلم بمعلولاتها.

وبما أنّ الذات الإلهية ، علّة مختارة فلا يؤدّي العلم بها العلم بمعلولاتها.

٢ - العلم بالمعلول من خلال العلم بالعلّة لا يثبت إلاّ العلم الإجمالي ، ولكن علم الله بالأشياء قبل ايجادها - كما ورد في أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام - علم تام وغير إجمالي.

النتيجة :

إنّ الله تعالى عالم بالأشياء قبل إيجادها ، ولكنّنا نجهل كيفية ذلك ؛ لأنّ هذا العلم يرتبط بذات الله تعالى ، وعلم الله - كما قال الإمام الكاظمعليه‌السلام - لا يوصف بكيف ، وقد بيّنا هذه الحقيقة في المبحث الرابع من هذا الفصل.

____________________

١- تنبيه : لا يصحّ القول بأنّنا عالمون بذواتنا التي هي علل لأفعالنا الآتية ولكننا مع ذلك لا نعلم ما سيصدر منّا.

دليل ذلك : إنّ ذواتنا ليست علّة مستقلّة لأفعالنا ، بل أفعالنا محتاجة إلى أسباب خارجية بخلاف أفعال الله تعالى.

٢- مثاله : إنّ علم المنجّم بالقوانين الكونية وحركة الشمس والأرض والقمر يوجب علمه بوقوع الخسوف والكسوف وما شابه ذلك.

١٨٨

المبحث التاسع :علم الله بالاشياء بعد ايجادها ( العلم الفعلي )

إنّ الله تعالى محيط بجميع الأشياء بعد إيجادها.

وتسمّى هذه الإحاطة بعد تحقّق الأشياء في الواقع الخارجي ب- " العلم الفعلي لله ".

تنبيه :

لا يوجد فرق بين علم الله بالشيء قبل وجوده وبين علمه تعالى به بعد وجوده ، إلاّ في متعلّق العلم.

فإذا كان متعلّق العلم " ما هو موجود " ، فسيسمّى هذا العلم ب- " العلم الفعلي ".

قال الشيخ الطوسي حول تفسير قوله تعالى :( وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَکُمْ ) [ التوبة : ١٠٥ ] :

" إنّما قال( فَسَيَرَى اللَّهُ ) على وجه الاستقبال ، وهو عالم بالأشياء قبل وجودها ؛ لأنّ المراد بذلك أنّه سيعلمها " موجودة " بعد أن علمها " معدومة " ، وكونه عالماً بأنّها " ستوجد " من كونه عالماً " بوجودها " إذا " وُجدت " لا يجدّد حال له بذلك "(١) .

الآيات القرآنية المشيرة إلى العلم الفعلي لله :

١ -( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْکُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيکُمْ ضَعْفاً ) [ الأنفال : ٦٦ ]

٢ -( فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْکَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً ) [ الكهف : ١٢ ]

____________________

١- التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي : ج ٥ ، تفسير آية ١٠٥ من سورة التوبة ، ص ٢٩٥.

١٨٩

٣ -( وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْکُمْ وَ الصَّابِرِينَ ) [ محمّد : ٣١ ]

٤ -( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْکُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ‌ ) [آل عمران : ١٤٢ ]

٥ -( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ بِشَيْ‌ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيکُمْ وَ رِمَاحُکُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ) [ المائدة : ٩٤ ]

٦ -( وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) [ الحديد : ٢٥ ]

٧ -( وَ مَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي کُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) [ البقرة : ١٤٣ ]

تنبيه :

إذن ، المقصود من علم الله بهذه الأمور هو علمه تعالى " بوجودها " ؛ لأنّ قبل وجود هذه الأمور لا يصح القول بأنّه تعالى عالم بوجودها ، بل الله تعالى يعلم قبل ذلك بأنّها " ستوجد " أو " لا توجد ، فإذا " وُجدت " صح القول بأنّه تعالى عالم " بوجودها ".

١٩٠

المبحث العاشر :سعة علم الله تعالى

إنّ الله تعالى عالم بكلّ ما يصح أن يكون معلوماً ، سواء كان هذا المعلوم موجوداً أو معدوماً ، واجباً أو ممكناً ، قديماً أو حادثاً ، كلّياً أو جزئياً ، متناهياً أو غير متناه و(١) .

دليل ذلك :

إنّ الله تعالى عالم بكلّ ما يصح تعلّق العلم به من دون وجود مخصّص يخصّصه ببعض المعلومات دون البعض ،

ولهذا يلزم أن يكون علمه تعالى شاملاً لجميع المعلومات(٢) .

بعبارة أخرى :

نسبة تعلّق علم الله بجميع المعلومات متساوية ،

وعدم تعلّق علم الله بمعلوم يحتاج إلى سبب ،

ولا يوجد في هذا الصعيد أيّ سبب.

فنستنتج بأنّ علم الله يتعلّق بجميع المعلومات(٣) .

____________________

١- انظر : قواعد العقائد ، نصيرالدين الطوسي : الباب الثاني ، ص ٥٣.

كشف الفوائد ، العلاّمة الحلّي : الباب الثاني : صفات الصانع ، العلم ، ص ١٧١.

النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر ، مقداد السيوري : الفصل الثاني ، الصفة الثانية : أنّه تعالى عالم ، المقصد الثاني ، ص ٣٦.

٢- انظر : المنقذ من التقليد ، سديدالدين الحمصي : ١ / ٨٢.

٣- انظر : الياقوت ، أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت : القول في إثبات الصانع ، ص ٤٢.

النكت الاعتقادية ، الشيخ المفيد : الفصل الأوّل ، ص ٢٤.

إشراق اللاهوت ، عميدالدين العبيدلي : المقصد الخامس ، المسألة ١٦ ، المبحث الأوّل ، ص ٢٧٣.

النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر ، مقداد السيوري : الفصل الثاني ، الصفة الثانية : أنّه تعالى عالم ، المقصد الثاني ، ص ٣٦.

١٩١

علم الله بالجزئيات :

إنّ الله تعالى عالم بالجزئيات.

دليل ذلك :

١ - العلم بالجزئيات صفة كمال ، والجهل بها صفة نقصان.

وبما أنّ الله أكمل الموجودات ، فلهذا يوجب وصفه بالكمال الاعتقاد بأنّه عالم بالجزئيات.

تنبيه :

علم الله بالجزئيات المتغيّرة لا يوجب التغيّر في علمه تعالى ؛ لأنّ التغيير في هذا المقام يكون في " المعلومات " لا في " العلم ".

وحقيقة علم الله شيء واحد ، وهي الإحاطة الشاملة بكلّ المعلومات المتغيّرة من دون أن يطرء على هذه الإحاطة أيّ تغيير ، بل لا معنى لوقوع التغيير في الإحاطة(١) .

الآيات القرآنية الدالة على سعة علم الله تعالى :

١ - ( إنّ الله بكل شيء عليم ) [ الأنفال : ٧٥ ] [ التوبة : ١١٥ ] [ العنكبوت : ٦٢ ]

٢ - ( إنّ الله قد أحاط بكل شيء علماً ) [ الطلاق : ١٢ ]

٣ - ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو ويعلم ما في البرِّ والبحر و ) [ الأنعام : ٥٩ ]

٤ - ( لا يعزب [ أي : لا يغيب ] عنه مثقال ذرّة في السماوات ولا في

____________________

١- انظر : الياقوت ، أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت : القول في إثبات الصانع ، ص ٤٢.

تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، ص ٢٩٥.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث التاسع ، ص ٩٨ - ٩٩.

كشف المراد ، العلاّمة الحلّي : المقصد الثالث ، الفصل الثاني ، المسألة الثانية ، ص ٤٠٠.

إشراق اللاهوت ، عميدالدين العبيدلي : المقصد الخامس ، المسألة ١٦ ، المبحث الثالث ، ص ٢٧٥ - ٢٧٦ اللوامع الإلهية ، مقداد السيوري : اللامع الثامن ، المرصد الثاني ، الفصل الأوّل ، ص ٢٠٠.

١٩٢

الأرض ) [ سبأ : ٣ ]

٥ - ( إنّه يعلم الجهر وما يخفى ) [ الأعلى : ٧ ]

٦ - ( إنّ الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) [ آل عمران : ٥ ]

٧ - ( وسع ربّنا كلّ شيء علماً ) [ الأعراف : ٨٩ ]

٨ - ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض ) [ آل عمران : ٢٩ ]

١٩٣

١٩٤

الفصل التاسع :إدراك اللّه تعالى

معنى الإدراك ( لغة واصطلاحاً )

صلة الإدراك بالعلم

صلة الإدراك بالحياة

خصائص الإدراك عند الله تعالى

١٩٥

١٩٦

المبحث الأوّل :معنى الادراك ( لغة واصطلاحاً )

" الإدراك " صفة من صفات الله المذكورة في القرآن الكريم.

قال تعالى : ( وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) [ الأنعام : ١٠٣ ]

معنى الإدراك ( لغةً ) :

الإدراك في أصل اللغة هو بلوغ أقصى الشيء ومنتهاه(١) .

معنى الإدراك ( اصطلاحاً )

اختلف العلماء في معنى الإدراك نتيجة اختلافهم في صلة " الإدراك " بصفة " العلم " ، والمشهور وجود معنيين ، سنذكرهما في المبحث التالي.

____________________

١- راجع المعاجم اللغوية ، من قبيل : المنجد في اللغة ، والمعجم الوسيط مادة ( درك ).

١٩٧

المبحث الثاني :صلة الادراك بالعلم

الرأي الأوّل :

الإدراك هو العلم بالمُدَرك.

أي : الإدراك نوع من أنواع العلم ، وهو علم خاص يشمل العلم بالموجودات الجزئية العينية(١) .

وبعبارة أخرى : إدراك الله عبارة عن علمه بالأشياء الخارجية.

الرأي الثاني :

الإدراك لا يتعلّق بالعلم ، وهو وصف مستقل وزائد على العلم(٢) .

دليل ذلك :

إنّنا نجد في أنفسنا بأنّ " الإدراك " يفترق عن " العلم ".

فنعلم ما لا ندركه.

وندرك ما لا نعلمه.

فنستنتج مطلقاً بأنّ " الإدراك " مغاير " للعلم ".

مثال ذلك :

____________________

١- انظر : النكت الإعتقادية ، الشيخ المفيد : الفصل الأوّل ، ص ٢٥.

المسلك في أصول الدين ، المحقّق الحلّي : النظر الأوّل ، المطلب الثاني ص ٤٧.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث السابع ، ص ٩٥ - ٦٠.

الأبحاث المفيدة ، العلاّمة الحلّي : الفصل الرابع ، المبحث السابع ، ص ٣٤.

إرشاد الطالبين ، مقداد السيوري : مباحث التوحيد ، إثبات الإدراك للباري تعالى ، ص ٢٠٧.

٢- ذهب الشريف المرتضى والشيخ الطوسي إلى هذا الرأي ، وسيأتي لاحقاً بيان أقوالهما في هذا المجال مع ذكر المصدر.

١٩٨

مثال علم الإنسان بما لا يدركه :

١ - المعدومات ، فإنّها تقع في دائرة علم الإنسان ، ولكنّها لا تقع في دائرة إدراكه ؛ لأنّ الإدراك مختص بالموجودات(١) .

٢ - الموجودات التي يعلمها الإنسان وليس له اتّصال مباشر بها ، أي : لم تقع في دائرة إدراكه.

مثال إدراك الإنسان ما لا يعلمه :

إدراك النائم الأصوات وغيرها التي تكون سبباً في انتباهه.

وهذه الأصوات يدركها الإنسان من دون علمه بها ؛ لأنّه لا يمكن له العلم بها وهو نائم ، ولا يمكن القول بأنّه يدركها بعد الانتباه ؛ لأنّه لا يوجد سبب في استيقاظه إلاّ هي(٢) .

قال الشريف المرتضى : " لا يجوز أن ترجع هذه الصفة [ الإدراك ] إلى كونه عالماً ؛ لأنّه قد يعلم ما لا يدركه ، مثل : القديم سبحانه والقيامة ، وذلك غير مدرك "(٣) .

قال الشيخ الطوسي : " [ لا يرجع الإدراك ] إلى كونه عالماً ؛ لأنّه تعالى يكون عالماً بها قبل إدراكها وبعد انقضائها "(٤) .

____________________

١- إنّ " الإدراك " يشمل " العلم بالموجودات " فقط ، ولا يشمل " العلم بالمعدومات ".

انظر : عجالة المعرفة ، محمّد بن سعيد الراوندي : فصل في الصانع وصفاته ، ص ٣٢.

وخالف ميثم البحراني هذا الرأي وقال : " لا نسلّم أنّ المعدومات غير مدركة لنا " ، فإنّ المفهوم المتعارف من " الإدراك " هو لحوق العقل أو الحس للمعقول أو المحسوس ، وهو بهذا الاعتبار صادق على المعدومات ".

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث السابع ، ص ٩٦.

٢- انظر : الملخّص في أصول الدين ، الشريف المرتضى : باب الكلام في الصفات ، ص ٩٢.

الاقتصاد ، الشيخ الطوسى : القسم الأوّل ، الفصل الثاني ، الإدراك ، ص ٥٦.

غنية النزوع ، ابن زهرة الحلبي : ج ٢ ، الفصل الثالث ، في وجوب كونه تعالى مدركاً ، ص ٣١.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث السابع ، ص ٦٠.

٣- شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : باب ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد ، وجوب كونه تعالى مدركاً ، ص ٥٣.

٤- الاقتصاد ، الشيخ الطوسي : القسم الأوّل ، الفصل الثاني ، الإدراك ، ص ٥٦.

١٩٩

٢٠٠

المبحث الثالث :صلة الادراك بالحياة

الرأي الأوّل :

إنّه تعالى مدرك لأنّه حي، وكلّ من كان حيّاً فهو مدرك(١) .

الرأي الثاني :

إدراك الله لا يستند إلى كونه حيّاً.

دليل ذلك :

١ - إنّ " الإدراك " من صفات الله الفعلية.

لكن " الحياة " من صفات الله الذاتية.

ولا يصح أن تكون " صفة لفعل " بعينها " صفة الذات "(٢) .

قال الشريف المرتضى : " لا يجوز أن [ ترجع صفة الإدراك ] إلى كونه حيّاً ؛ لأنّ كونه حيّاً قد كان حاصلاً ، فلم يجد نفسه على هذا الأمر [ أي : الإدراك ] "(٣) .

قال الشيخ الطوسي : [ الإدراك ] لا يستند إلى كونه حياً ؛ لأنّه كان حيّاً قبل ذلك ولم يجد نفسه كذلك [ أي : لم يكن مدركاً للمعدومات ؛ لأنّ الإدراك لا يتعلّق

____________________

١- انظر : الباب الحادي عشر ، العلاّمة الحلّي : الفصل الثاني : الصفة الخامسة ، ص٤١.

٢- انظر : الملخّص في أصول الدين ، الشريف المرتضى : الجزء الأوّل ، باب الكلام في الصفات ، فصل في الدلالة على أنّ صانع العالم حي ، ص ٩٤.

المنقذ من التقليد، سديدالدين الحمصي : ج ١ ، القول في كونه تعالى مدركاً للمدركات ، ص ٥٦.

٣- شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : باب بيان ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد ، وجوب كونه تعالى مدركاً ، ص ٥٣.

٢٠١

بالمعدومات ، وإنّما يتعلّق بالموجودات ] "(١) .

٢ - يتطلّب " الإدراك " مُدركات مختلفة ، كالسمع والبصر وغيرهما ،

ولا تتطلّب " الحياة " إلى شيء من ذلك.

فيثبت أنّ الإدراك مغاير للحياة ، ووصفه تعالى بكونه مدركاً أمر زائد على كونه حيّاً(٢) .

____________________

١- الاقتصاد ، الشيخ الطوسي ، القسم الأوّل ، الفصل الثاني ، الإدراك ، ص ٥٦.

٢- انظر : الملخّص في أصول الدين ، الشريف المرتضى : الجزء الأوّل ، باب الكلام في الصفات ، فصل في الدلالة على أنّ صانع العالم حي ، ص ٩٥.

٢٠٢

المبحث الرابع :خصائص صفة الادراك عند الله تعالى

١ - " الإدراك " من صفات الله الفعلية ؛ لأنّ الإدراك لا يكون إلاّ بعد وجود " المُدرَك " في الواقع الخارجي ، فلهذا لا يتّصف الله بهذه الصفة إلاّ بعد خلقه تعالى للأشياء ، والخالقية - كما لا يخفى - من صفات الله الفعلية(١) .

٢ - يدرك الله الأشياء بذاته ومن دون الاستعانة بشيء ، وهو تعالى بخلاف الإنسان الذي يدرك الأشياء عن طريق حواسه ؛ لأنّه تعالى منزّه عن الاحتياج ، وهو لا يفتقر أبداً إلى الآله في الإدراك(٢) .

٣ - لا يصح وصفه تعالى بأنّه :

" ذائق " لإدراكه الطعوم.

" شام " لإدراكه الروائح.

" لامس " لإدراكه الحرارة والبرودة ؛

لأنّ " الذوق " و " الشمّ " و " اللمس " ليست إدراكات ، وإنّما هي طرق للإدراك.

والمطلوب بالنسبة إلى الله إثبات حقيقة الإدراك دون طرقها(٣) .

____________________

١- انظر : غنية النزوع ، ابن زهرة الحلبي : ج ٢ ، باب الكلام في التوحيد ، الفصل الرابع ، ص ٤٠.

٢- انظر : النكت الاعتقادية ، الشيخ المفيد : الفصل الأوّل ، ص ٢٥.

المنقذ من التقليد ، ابن زهرة الحلبي : ج ١ ، القول في كونه تعالى مدركاً للمدركات ، ص ٥٨.

كشف المراد ، العلاّمة الحلّي : المقصد الثالث ، الفصل الثاني ، المسألة الخامسة ، ص ٤٠٣.

٣- انظر : الملخّص في أصول الدين ، الشريف المرتضى : الجزء الأوّل ، باب الكلام في الصفات ، فصل في الدلالة على أنّ صانع العالم حي ، ص ٩٠.

المنقذ من التقليد ، سديدالدين الحمصي : ج ١ ، القول في كونه تعالى مدركاً للمدركات ، ص ٦٠.

٢٠٣

٤ - لا يصح وصفه تعالى بصفة الملتذ والمتألّم على الرّغم من إدراكه للذّة والألم ؛ لأنّ اللذّة والألم من خصائص الأشياء المادية ، والله تعالى منزّه عنها(١) .

____________________

١- انظر : المصدر السابق، الملخص، ص ١٠٠.

الذخيرة الشريف المرتضى : باب الكلام في الآلام ، ص ٢١٢.

٢٠٤

الفصل العاشر :سمع اللّه تعالى وبصره

حقيقة وصفه تعالى بالسميع والبصير

الصلة بين " السمع والبصر " وبين " العلم "

الأدلة العقلية على كونه تعالى سميعاً وبصيراً

٢٠٥

٢٠٦

المبحث الأوّل :حقيقة وصفه تعالى بالسميع والبصير

قال تعالى : ( إنّه هو السميع البصير ) [ البقرة : ٢٤٤ ] [ المجادلة : ١ ]

وقال تعالى لموسى وهارونعليهما‌السلام : ( إنّي معكما أسمع وأرى ) [ طه : ٤٦ ]

سبب تسميته تعالى بالسميع والبصير :

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : ( إنّما يُسمّى تبارك وتعالى بهذه الأسماء ؛ لأنّه لا تخفى عليه خافية ، ولا شيء مما أدركته الأسماع والأبصار )(١) .

قال الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : ( وسمّى ربّنا سميعاً أخبر أنّه لا يخفى عليه الأصوات الله بصير لا يجهل شخصاً منظوراً إليه )(٢) .

النتيجة :

إنّ الله تعالى سميع ، أي : لا يخفى عليه شيء من المسموعات.

إنّ الله تعالى بصير ، أي : لا يغيب عنه شيء من المبصرات.

الله سميع وبصير بذاته :

المخلوقات تسمع وتبصر عن طريق الحواس وآلتي السمع والبصر ، ولكنّ الله تعالى لا يسمع ولا يبصر عن طريق الحواس ، وإنّما يسمع ويبصر بذاته ؛ لأنّه تعالى منزّه عن الحواس ، ومنزّه عن الاحتياج إلى آلة أو أداة في هذا المجال.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام :

____________________

١- بحار الأنوار ، العلاّمة المجلسي : ج ٣ ، كتاب التوحيد ، باب ٥ ، ص ١٩٤.

٢- التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ٢٩ ، ح ٢ ، ص ٣٨٣.

٢٠٧

( هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ،

بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه.

ليس قولي : إنّه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر ، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً ، وإفهاماً لك إذ كنت سائلاً )(١) .

السميع والبصير من صفات الله الذاتية :

قال الإمام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام : ( لم يزل الله تعالى سميعاً بصيراً )(٢) .

قال الإمام محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام حول الله تعالى : ( إنّه واحد ، صمد ، أحدي المعنى ، ليس بمعاني كثيرة مختلفة).

فسأله الراوي : جعلت فداك ! يزعم قوم من أهل العراق ، أنّه يسمع بغير الذي يبصر ، ويبصر بغير الذي يسمع.

[ أي : إنّ السمع صفة زائدة على ذاته تعالى ،

وإنّ البصر صفة زائدة على ذاته تعالى.

وما يحتاج الله إليه في خارج ذاته عند السمع مغاير لما يحتاجه في خارج ذاته عند البصر ].

فقالعليه‌السلام : ( كذبوا وألحدوا وشبّهوا ، تعالى الله عن ذلك ، إنّه سميع بصير ، يسمع بما يبصر ، ويبصر بما يسمع ).

[ أي : إنّ صفة السمع والبصر من صفات الله الذاتية ، والله تعالى يسمع بذاته ، ويبصر بذاته.

وذاته هي التي يسمع بها وهي التي يبصر بها.

وهذا معنى قولهعليه‌السلام : يسمع بما يبصر ، ويبصر بما يسمع ](٣) .

____________________

١- التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ٣٦، ح ١ ، ص ٢٣٩.

٢- الكافي ، الشيخ الكليني : ج ١، كتاب التوحيد، باب أدنى المعرفة ، ح ٢ ، ص ٨٦.

٣- المصدر السابق : باب آخر من الباب الأوّل ، ح ١ ، ص ١٠٨.

٢٠٨

الفرق بين " السميع " و " السامع" وبين " البصير " و " المبصر " :

" السميع " و " البصير " من صفات الله الذاتية ،

ويصح القول بأنّه تعالى لم يزل سميعاً وبصيراً ؛ لأنّ معنى ذلك أنّه تعالى متمكّن من السمع والبصر فيما لو وُجدت المسموعات والمبصرات.

أمّا " السامع " و " المبصر " فهما من صفات الله الفعلية.

ولا يصح القول بأنّه تعالى لم يزل سامعاً ومبصراً ؛ لأنّه تعالى لا يوصف بالسامع والمبصر إلاّ بعد وجود المسموعات والمبصرات(١) .

____________________

١- انظر : التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ٢٩ ، ص ١٩٢.

شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : باب ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد ، وجوب كونه تعالى سميعاً بصيراً ، ص ٥٦.

الاقتصاد ، الشيخ الطوسي : القسم الأوّل ، الفصل الثاني ، السمع والبصر ، ص ٥٧.

٢٠٩

المبحث الثاني :الصلة بين " السمع والبصر " و بين " العلم "

الرأي الأوّل :

السمع والبصر معناهما العلم ،(١) وكشف الأشياء بالسمع والبصر نوع من العلم.

والله تعالى سميع ، أي : عالم بالمسموعات.

والله تعالى بصير ، أي : عالم بالمبصرات(٢) .

الرأي الثاني :

السمع والبصر لا يرجعان إلى العلم ،

والانكشاف بالسمع والبصر يغاير الانكشاف بالعلم.

والله تعالى سميع ، أي : أ نّه تعالى على صفة يدرك المسموعات إذا وجدت.

والله تعالى بصير ، أي : أنّه تعالى على صفة يدرك المبصرات إذا وجدت(٣) .

____________________

١- انظر : أوائل المقالات ، الشيخ المفيد : قول ٢٠ ، ص ٥٤.

٢- انظر : النكت الاعتقادية ، الشيخ المفيد : الفصل الأوّل ، ص ٢٤.

المسلك في أصول الدين ، الرسالة الماتعية ، المحقّق الحلّي : الفصل الأوّل ، ص ٢٩٦.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث الخامس ، ص ٩٠.

اللوامع الإلهية ، مقداد السيوري : اللامع الثامن ، المرصد الثاني ، الفصل الثاني ، ص ٢٠٢.

٣- انظر : التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ٢٩ ، ص ١٩٢.

شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : باب بيان ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد ، وجوب كونه تعالى سميعاً بصيراً ، ص ٥٥.

غنية النزوع ، ابن زهرة : ج ٢ ، باب الكلام في التوحيد ، الفصل الثالث ، ص ٣١.

وأشار العلاّمة الحلّي إلى هذين الرأيين في كتابه كشف المراد : المقصد الثالث ، الفصل الثاني : المسألة الخامسة ، ص ٤٠٣.

٢١٠

توضيح الرأي الأوّل :

السمع والبصر معناهما العلم.

وحقيقة كونه تعالى سميعاً ، أي : أنّه عالم بالمسموعات ،

وحقيقة كونه تعالى بصيراً ، أي : أنّه عالم بالمبصرات.

دليل تفسير السمع والبصر بالعلم :

حقيقة السمع والبصر عند المخلوقات مشروطة بوجود الحواس والأدوات ، وبما أنّه تعالى منزّه عن ذلك ، فلهذا يلزم القول بأنّ صفة " السمع " و " البصر " له تعالى مجازية ، ويراد منهما العلم بالمسموعات والمبصرات(١) .

المقصود من " العلم " في علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات :

إنّ تفسير السمع والبصر بالعلم لا يعني مطلق العلم ، بل المقصود من العلم في هذا المقام هو علم خاص ، وهو عبارة عن علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات بعد وجودها.

وهذا النمط من العلم يختلف مفهوماً عن العلم العام ، الذي يشمل العلم بالمسموعات والمبصرات قبل وجودها.

تنبيه :

حقيقة علم الله بالأشياء ( من قبيل : المسموعات والمبصرات ) هو نفس حقيقة علمه تعالى بها قبل كونها ، وعلم الله واحد لا يتعدّد ولا يتغيّر ، وإنّما الاختلاف الموجود هنا في " المفهوم " فقط دون " المصداق ".

ولهذا قال الإمام عليعليه‌السلام حول علمه تعالى :

( أحاط بالأشياء علماً قبل كونها، فلم يزدد بكونها علماً ،

علمه بها قبل أن يكوّنها كعلمه بعد تكوينها )(٢) .

____________________

١- انظر : كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي الطرابلسي : ج ١ ، القول في سميع وبصير ، ص ٨٥.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث الخامس ، ص ٩٠.

اللوامع الإلهية ، مقداد السيوري : اللامع الثامن ، المرصد الثاني ، الفصل الثاني ، ص ٢٠٢.

٢- الكافي ، الشيخ الكليني : كتاب التوحيد ، باب جوامع التوحيد ، ح ١ ، ص ١٣٥.

٢١١

دور علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات في توصيفه بالسميع والبصير :

ليس " علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات " هو السبب في توصيفه تعالى بالسميع والبصير ، ليُقال : لماذا لا يصح توصيفه تعالى بأنّه لامس وذائق وشام ؛ لأنّه عالم بالملموسات والمذوقات والمشمومات ؟

بل السبب في توصيفه تعالى بالسميع والبصير هو ذكرهما في الكتاب والسنة ، وكما لا يخفى أنّ صفات الله وأسمائه توقيفية ، ولا يصح وصفه تعالى إلاّ بما وصف به نفسه.

والسبب في أنّنا لا نصف الله باللمس والذوق والشم - على الرغم من علمه واحاطته بها - هو عدم ذكر هذه الصفات في الكتاب والسنة(١) .

تنبيه :

قد يكون السبب في تأكيد الشارع على وصفه تعالى بالسمع والبصر هو ردع المكلّفين عن المعاصي ؛ لأنّ علم المكلّف بأنّ الله يراه ويسمعه يدفعه إلى المزيد من التحرّز عن ارتكاب الذنوب والمعاصي.

توضيح الرأي الثاني :

السمع والبصر للّه وصفان لهما خصائصهما الذاتية ، ولهما معناهما الخاص ، ولا تعود حقيقتهما إلى العلم ، وبل لهما حقيقة خاصّة بهما.

ومعنى قولنا الله سميع وبصير : أنّه على صفة يدرك المسموعات والمبصرات إذا وجدت(٢) .

وليس معنى قولنا : الله سميع وبصير : أنّه عالم بالمسموعات والمبصرات.

دليل خطأ تفسير السمع والبصر بالعلم :

إنّا نجد فرقاً - معلوماً لنا بالضرورة - :

____________________

١- انظر : تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، القول في الصفات الثبوتية ، مسألة : الله تعالى سميع بصير باتّفاق المسلمين ، ص ٢٨٨.

٢- انظر : شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : باب بيان ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد ، وجوب كونه تعالى سميعاً بصيراً ، ص ٥٥.

٢١٢

بين إدراكنا حين فتح أعيننا ومشاهدة المرئي ، وبين إدراكنا حين تغميض أعيننا مع وجود العلم بالمرئي.

ومن هنا يثبت لنا بأنّ السمع والبصر لهما سماتهما الخاصة ، وأنّ صفتهما مغايرة لصفة العلم(١) .

____________________

١- انظر : إشراق اللاهوت ، عميدالدين العبيدلي ، المقصد الخامس ، المسألة الخامسة ، ص ٢١١.

٢١٣

المبحث الثالث :الادلة العقلية على كونه تعالى سميعاً وبصيراً

الدليل الأوّل :

إنّ الله تعالى عالم بجميع المعلومات التي من جملتها المسموعات والمبصرات ، فلهذا يصح اتّصافه تعالى بأنّه سميع بصير(١) .

يلاحظ عليه :

ينسجم هذا الدليل فقط مع الرأي الأوّل الذي يفسّر السمع والبصر ، بأنّهما عبارة عن العلم بالمسموعات والمبصرات ، ولا ينسجم مع الرأي الثاني القائل بوجود تغاير بين حقيقة السمع والبصر وبين حقيقة العلم.

الدليل الثاني :

كلّ حيّ يصح اتّصافه بالسمع والبصر ،

والله تعالى حي.

فيثبت أنّه تعالى سميع بصير(٢) .

يلاحظ عليه :

أوّلاً : لا يصح القول بأنّ كلّ حي سميع وبصير ، لوجود كائنات حيّة فاقدة للسمع والبصر.

____________________

١- انظر : النكتب الاعتقادية ، الشيخ المفيد : الفصل الأوّل ، ص ٢٤.

كشف الفوائد ، العلاّمة الحلّي : الصفات الثبوتية ، السمع والبصر ، ١٨٥ - ١٨٧.

٢- انظر : شرح جمل العلم والعمل ، الشريف المرتضى : باب بيان ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد ، وجوب كونه سميعاً بصيراً ، ص ٥٥.

الملخص في أصول الدين ، الشريف المرتضى : الجزء الأوّل ، باب الكلام في الصفات ، فصل في الدلالة على أنّ الله تعالى مدرك للمدركات سميع بصير ، ص ٩٩.

تقريب المعارف ، أبو الصلاح الحلبي : مسائل التوحيد ، مسألة في كونه تعالى سميعاً وبصيراً ، ص ٨٤ الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد ، الشيخ الطوسي : القسم الأوّل ، الفصل الثاني ، السمع والبصر ، ص ٥٧.

٢١٤

مثال ذلك:

أكثر الهوام والسمك لا سمع لها.

العقرب والخُلد(١) لا بصر لهما(٢) .

ثانياً : لو سلّمنا بأنّ حياة الإنسان توجب اتّصافه بالسمع والبصر.

فإنّ حياته تعالى مخالفة لحياتنا.

فلهذا لا يلزم الاشتراك بيننا وبين الله في كلّ ما يلازم حياتنا.

ومثال ذلك : إنّ حياتنا تستلزم الشهوة دون حياته تعالى(٣) .

الدليل الثالث :

لو لم يتّصف الله بالسمع والبصر ، لزم أن يتّصف بضدّهما.

وضدّهما نقص ، والنقص على الله محال ، فيثبت بالضرورة كونه تعالى سميعاً بصيراً.

يلاحظ عليه :

ليس كلّ من لا يتّصف بصفة يتّصف بضدّ تلك الصفة.

بل الاتّصاف بضدّ الصفة يكون لمن شأنه الاتّصاف بها ، ولكنّه لا يتّصف بها ، كالإنسان الذي من شأنه أن يكون سميعاً وبصيراً ، فإذا لم يتّصف بهما اتّصف بضدّهما ، أي : بالصمم والعمى.

ولم يثبت عقلاً أنّه تعالى من شأنه الاتّصاف بالسمع والبصر ، ولا سيما إذا قلنا بأنّ حقيقة السمع والبصر مشروطة بوجود الحواس ، فيكون السمع والبصر من لوازم

____________________

١- الخُلد : الفارة العمياء المعجم الوسيط : مادة ( خلد ) ، ص ٢٤٩.

الخلد نوع من القواضم يعيش تحت الأرض وهو ليس له عينان ولا أذنان المنجد ، مادة ( خلد ) ، ص ١٩١.

٢- انظر : تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، القول في الصفات الثبوتية ، مسألة : الله تعالى سميع بصير باتّفاق المسلمين ، ص ٢٨٨.

٣- انظر : إشراق اللاهوت ، عميدالدين العبيدلي : المقصد الخامس ، المسألة الخامسة ، ص ٢١٠.

٢١٥

الكائنات الجسمانية ، والله تعالى منزّه عن ذلك(١) .

الدليل الرابع :

إنّ السميع والبصير أكمل ممن لا يسمع ولا يبصر ،

والواحد منا سميع بصير.

فلو لم يكن الله سميعاً ، لكان الواحد منّا أكمل من الله ، وهذا محال.

فيثبت أنّه تعالى سميع بصير(٢) .

يلاحظ عليه :

ليس كلّ ما كان كمالاً في حقّنا يكون كمالاً في حقّه تعالى.

مثال ذلك : إنّ الماشي منّا أكمل ممّن لا يمشي.

فهل يمكننا القول بأنّه تعالى لو لم يكن ماشياً لكان أحدنا أكمل منه.

وقد يُقال : إنّ المشي صفة كمال في الأجسام ، والله تعالى ليس بجسم.

ولكن السمع والبصر غير مختصّان بالأجسام ، ولهذا يصح نسبتهما إليه تعالى.

والجواب : لا يوجد دليل عقلي على أنّ السمع والبصر غير مختصّان بالأجسام ، والواقع يكشف أنّهما ملازمان للجسمانية ، ومفتقران إلى الحواس والجوارح(٣) .

أضف إلى ذلك :

لو جاز عقلاً وصفه تعالى بالسميع والبصير ، لجاز عقلاً وصفه تعالى باللمس والذوق والشم ؛ لأنّ من يتصّف منّا بهذه الصفات أفضل ممن لا يتّصف بها ، ولكنّنا نجد أنّ الشارع لم يجوّز لنا وصفه تعالى بهذه الصفات.

____________________

١- انظر : قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث الخامس ، ص ٩١ ، إشراق اللاهوت ، عميدالدين العبيدلي : المقصد الخامس ، المسألة الخامسة ، ص ٢١٥.

٢- انظر : تلخيص المحصّل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، القول في الصفات الثبوتية ، مسألة : الله تعالى سميع بصير باتّفاق المسلمين ، ص ٢٨٨.

٣- انظر : تلخيص المحصل ، نصيرالدين الطوسي : الركن الثالث ، القسم الثاني ، القول في الصفات الثبوتية ، مسألة : الله تعالى سميع بصير باتّفاق المسلمين ، ص ٢٨٨.

قواعد المرام ، ميثم البحراني : القاعدة الرابعة ، الركن الثالث ، البحث الخامس ، ص ٩٢.

٢١٦

تنبيه مهم :

هذه الردود الواردة على أدلة إثبات كونه تعالى سميعاً وبصيراً ، لا تعني إنكار كونه تعالى سميعاً وبصيراً ، بل تعني عدم وجود دليل عقلي لهذا الإثبات ، وأنّ السبيل الوحيد لإثبات كونه تعالى سميعاً وبصيراً هو النقل ( الكتاب والسنة ) فحسب.

النتيجة :

إذا قلنا بأنّ الله سميع وبصير بمعنى أنّه عالم بالمسموعات والمبصرات ، فالدليل العقلي الوحيد لإثبات كونه تعالى سميعاً وبصيراً هو إثبات علمه تعالى.

وإذا قلنا بأنّ حقيقة السمع والبصر مغايرة لحقيقة العلم ، فلا يبقى دليل عقلي محكم لإثبات كونه تعالى سميعاً وبصيراً ، ويكون الدليل النقلي والاعتماد على القرآن والسنة ، هو السبيل الوحيد لإثبات ذلك.

٢١٧

الفصل الحادي عشر :قدرة اللّه تعالى

معنى القدرة ( لغة واصطلاحاً )

أقسام القادر

خصائص قدرة الله تعالى

سعة قدرة الله تعالى

أدلة عموم قدرة الله تعالى

٢١٨

٢١٩

المبحث الأوّل :معنى القدرة ( لغةً واصطلاحاً )

معنى القدرة ( في اللغة ) :

القدرة تعني التمكّن من الفعل وتركه.

ورد في " مجمع البحرين " : قدرت على الشيء : قويت عليه وتمكّنت منه(١) .

ورد في " لسان العرب " : يقال : قدر على الشيء ، أي : ملكه ، فهو قادر(٢) .

ورد في " مصباح الكفعمي " : القادر هو الموجد للشيء اختياراً من غير عجز ولا فتور(٣) .

وقال الشيخ الصدوق : قَدِر ، أي : ملك ، وقدرته على ما لم يوجد واقتداره على إيجاده هو قهره وملكه له(٤) .

تنبيه :

" القدير " هو الذي لا تتناهى قدرته ، فهو أبلغ من " القادر " ، ولهذا لا يوصف بصفة القدير إلاّ الله تعالى.

و " المقتدر " هو التام في القدرة الذي لا يمنعه شيء عن مراده(٥) .

____________________

١- مجمع البحرين ، الشيخ الطريحي : ٣ / ٤٦٦.

٢- لسان العرب ، ابن منظور : ١١ / ٥٧ مادة ( قدر ).

٣- مصباح الكفعمي ، الشيخ الكفعمي : ج ١ ، في الأسماء الحسنى وشرحها ، ص ٣٨٢.

٤- التوحيد ، الشيخ الصدوق : باب ٢٩ ، ذيل ح ٩ ، ص ١٩٢.

٥- مصباح الكفعمي ، الشيخ الكفعمي : ج ١ ، في الأسماء الحسنى وشرحها ، ص ٣٨٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473