الإمامة الإلهية الجزء ٤

الإمامة الإلهية18%

الإمامة الإلهية مؤلف:
المحقق: محمد بحر العلوم
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 320

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99366 / تحميل: 7782
الحجم الحجم الحجم
الإمامة الإلهية

الإمامة الإلهية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

(٢) ـ ترجمة ابن قتيبة : (٢١٣ ـ ٢٧٦ ه‍)

هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (أبو محمّد) ، من أئمة الأدب والتاريخ والنحو وغيرها من العلوم ، وهو من المصنفين المكثرين. ولد ببغداد سنة [٢١٣ ه‍ / ٨٢٨ م] وسكن الكوفة ، ثم ولي قضاء الدينور مدة فنسب إليها. وتوفي ببغداد سنة [٢٧٦ ه‍ / ٨٨٩ م].

ومن كتبه : تأويل مختلف الحديث ـ أدب الكاتب ، ـ المعارف ، ـ وكتابي المعاني ، ـ عيون الأخبار ، ـ الشعر والشعراء ، ـ الإمامة والسياسة (ويعرف بتاريخ الخلفاء) ، ـ كتاب الشربة ، ـ الرّد على الشعوبية ، ـ فضل العرب على العجم ، ـ مشكل القرآن ، ـ الاشتقاق لغريب القرآن ، ـ المسائل والأجوبة ، وغير ذلك.

فهو من علماء العرب الذين يشار إليهم بالبنان ، الذين أفادوا اللغة العربية وأهلها أيما إفادة.

رحمه‌الله وجزاه خير الجزاء ، على ما قدمت يداه من خير ، وما حوى جنانه من علم ، إنه سميع الدعاء.

(٣) ترجمة البلاذري : (٠٠٠ ـ ٢٧٩ ه‍)

أبو الحسن ، أحمد بن يحيى بن داود البغدادي الكاتب. سمع بدمشق وبأنطاكية وبالعراق على جماعة ، منهم أبو عبيد القاسم بن سلام ، وعثمان بن أبي سيبة ، وعلي ابن المديني ، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي.

وكان أديبا راوية ، له كتب جياد. ومدح المأمون بمدائح ، وجالس المتوكل.وتوفي أيام المعتمد في رجب سنة ٢٧٧ ه‍ فجأة ببغداد ، ودفن بسرّ من رأى.

ومن مؤلفاته : كتاب البلدان الصغير (فتوح البلدان) ، وكتاب البلدان الكبير ، ولم يتمّه. وكتاب الأخبار والأنساب ، وهو عند ياقوت الحموي (جمل نسب الأشراف) يعني كتاب (أنساب الأشراف). ويقصد في كتابه (بالأشراف) عليه القوم والنبلاء والعرب الخلّص ، وليس أهل البيتعليه‌السلام كما هو متعارف.

(٤) ترجمة أبي حنيفة الدينوري : ٠٠٠ ـ ٢٩٢ ه‍)

أبو حنيفة ، أحمد بن داود بن ونند الدينوري. مهندس مؤرخ نباتي ، من نوابغ الدهر.

٦١

قال أبو حيان التوحيدي : جمع بين حكمة الفلاسفة وبيان العرب.

له تصانيف نافعة ، منها : الأخبار الطوال ، ـ مختصر في التاريخ ، ـ الأنواء ، ـ النبات (وهو من أجلّ كتبه) ، ـ تفسير القرآن (١٣ مجلدا) ، ـ ما تلحن فيه العامة ، ـ الشعر والشعراء ، ـ الفصاحة ، ـ البحث في حساب الهند ، ـ الجبر والمقابلة ، ـ البلدان ، ـ إصلاح المنطق.

وللمؤرخين ثناء كبير عليه وعلى كتبه.

(٥) ـ ترجمة اليعقوبي : (٠٠٠ ـ ٢٩٢ ه‍)

أبو يعقوب ، أحمد بن إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح ، الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي.

مؤرّخ جغرافي كثير الأسفار ، شيعي من أهل بغداد.

كان جده من موالي المنصور العباسي. رحل إلى المغرب وأقام مدة في أرمينيا.ودخل الهند ، وزار الأقطار العربية.

وصنف كتبا جيدة ، منها (تاريخ اليعقوبي) انتهى به إلى خلافة المعتمد العباسي.وكتاب البلدان ، ـ وأخبار الأمم السالفة ، ـ ورسالة مشاكلة الناس لزمانهم.

واختلف المؤرخون في سنة وفاته ، فقال ياقوت الحموي : سنة ٢٨٤ ه‍ ، ونقل غيره ٢٨٢ ه‍ ، وقيل ٢٧٨ ه‍ أو بعدها. وترجّح رواية ٢٩٢ ه‍ التي أوردها ناشر الطبعة الثانية من التاريخ ، إذ وجد في كتاب (البلدان) أبياتا لليعقوبي نظمها سنة ٢٩٢ ه‍ (راجع كتاب الأعلام للزركلي).

(٦) ترجمة ابن جرير الطبري : (٢٢٤ ـ ٣١٠ ه‍)

هو أبو جعفر ، محمّد بن جرير بن يزيد الطبري ، المحدث الفقيه المؤرخ ، علامة وقته ووحيد زمانه ، الذي جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره.صاحب المصنفات الكثيرة ، منها : التفسير الكبير ، ـ والتاريخ الشهير ، ـ وكتاب طرق حديث الغدير المسمى ب (كتاب الولاية) ، الذي قال فيه الذهبي : إني وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه.

وعن أبي محمد الفرغاني أن قوما من تلامذة محمد بن جرير الطبري حسبوا له منذ بلغ الحلم حتى مات ، ثم قسّموا على تلك المدة أوراق مصنفاته ، فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة.

٦٢

وقال ابن خلكان عن الطبري : إنه كان ثقة في نقله ، وتاريخه أصح التواريخ وأثبتها. كانت ولادته بآمل طبرستان سنة ٢٢٤ ه‍ ، وتوفي سنة ٣١٠ ه‍ في بغداد ، وعمره ٨٦ سنة.

(٧) ترجمة ابن أعثم الكوفي : (٠٠٠ ـ ٣١٤)

أبو محمد ، أحمد بن علي بن أعثم ، وفي بعض المصادر حرّف الاسم إلى محمّد بن عليّ.

جاء في دائرة المعارف الإسلامية أنه محمّد بن علي ، والصواب أنه (أبو محمّد) أحمد بن علي المعروف بأعثم. وما في دائرة المعارف تصحيف ، فجعل محمد مكان (أبي محمد) وأسقط أحمد. واسم أبيه عليّ ، وأعثم لقبه.

ثم جاء في دائرة المعارف : أنه ألف تاريخا قصصيا عن الخلفاء الأول وغزواتهم متأثرا بمذهب الشيعة. ونقل هذا الكتاب إلى اللغة الفارسية محمد بن محمد المستوفي الهروي ، وطبع طبعة حجرية في بومباي سنة ١٣٠٠ ه‍ (أقول) : والذي يؤكد تشيّعه أمور :

١ ـ أنه كان كوفيا ، وأغلب أهل الكوفة يتشيعون لعليعليه‌السلام .

٢ ـ اهتمامه بفترة حكم الإمام عليّعليه‌السلام وما جرى على أهل البيتعليهم‌السلام في كربلاء ، فتناولها في كتاب (الفتوح) بالتفصيل.

٣ ـ عدم اهتمام المؤرخين بكتابه (الفتوح) وعدم ذكره في كتب التراجم والأعلام. ففي كتاب (تاريخ التراث العربي) لفؤاد سزكين ، المجلد ١ ج ١ (التدوين التاريخي) ص ٣٢٩ يقول : «محمد بن علي بن أعثم الكوفي ، لم تبحث حياته أو مؤلفاته بحثا دقيقا. توفي على وجه التقريب سنة ٣١٤ ه‍». فهناك تغطية مقصودة على هذا المؤرخ القديم المعاصر للطبري ، وعلى كل مؤلفاته ، ولا نرى أي سبب لذلك سوى أنه شيعي.

٤ ـ وصفوه بأنه ضعيف الحديث. فقد قال ياقوت الحموي المشهور بالتعصب على الشيعة ، في (معجم الأدباء) ج ٢ :

«أحمد بن أعثم الكوفي أبو محمّد ، الإخباري المؤرخ. كان شيعيا ، وهو عند أصحاب الحديث ضعيف ، وله كتاب (الفتوح) معروف ، ذكر فيه إلى أيام الرشيد.

٦٣

وله كتاب (التاريخ) إلى أيام المقتدر ، ابتدأه بأيام المأمون ، ويوشك أن يكون ذيلا على الأول. رأيت الكتابين».

ومن الغريب قول صاحب (مجالس المؤمنين) أنه كان شافعي المذهب. قال ما تعريبه: «في تاريخ أحمد بن أعثم الكوفي ، الّذي كان شافعي المذهب ، ومن ثقات المتقدمين من أرباب السير». ثم حكى خبر محاصرة عثمان. فانظر كيف أن العامة حين عدّوه شيعيا ضعّفوه ، وحين عدّوه شافعيا وثّقوه ، ونعم الحكم الله.

(٨) ترجمة المسعودي :

أبو الحسن ، عليّ بن الحسن بن علي المسعودي ، من ذرية عبد الله بن مسعود.مؤرخ رحالة بحاثة ، من أهل بغداد. أقام بمصر وتوفي فيها.

قال الذهبي : وكان معتزليا. والصحيح أنه شيعي.

من تصانيفه : مروج الذهب ـ أخبار الزمان ومن أباده الحدثان (كتاب تاريخ يقع في نحو ثلاثين مجلدا) ـ التنبيه والإشراف ، ـ أخبار الخوارج ، ـ ذخائر العلوم وما كان في سالف الأعصار ، ـ أخبار الأمم من العرب والعجم ، ـ خزائن الملوك وسر العالمين ، ـ المقالات في أصول الديانات ، ـ البيان (في أسماء الأئمة) ، ـ المسائل والعلل في المذاهب والملل ، ـ الاستبصار (في الإمامة) ، ـ إثبات الوصية ، ـ السياحة المدنية (في السياسة والاجتماع) وغير ذلك.

وهو غير (المسعودي) الفقيه الشافعي ، وغير شارح المقامات الحريرية.

(٩) ترجمة أبي الفرج الإصفهاني : (٢٨٤ ـ ٣٥٦ ه‍)

هو عليّ بن الحسين بن محمّد الإصبهاني ، ونسبه ينتهي إلى بني أمية ، فهو أموي ، وهو من ولد محمّد بن مروان بن الحكم.

ولد بإصبهان سنة ٢٨٤ ه‍ ، وتوفي سنة ٣٥٦ ه‍ وعمره ٧٢ عاما. وذكر أنه خولط في عقله قبل أن يموت ، وأصابة الفالج.

قضى أغلب عمره في بغداد ، أم البلاد وقرارة العلم والعلماء ، ومثابة الأدب والأدباء. ألّف كتاب (الأغاني) ولما يبلغ الثلاثين من عمره ، ثم ألّف (مقاتل الطالبيين).

يقول عنه القاضي التنوخي : من الرواة المتسعين الذين شاهدناهم ، أبو الفرج

٦٤

الإصبهاني ، فإنه كان يحفظ الشعر والأغاني والأخبار والآثار والحديث المسند والنسب ، ما لم أر قط من يحفظ مثله.

من مؤلفاته : الأغاني الكبير ، ـ مجرد الأغاني ، ـ التعديل والانتصاف في أخبار القبائل وأنسابها ، ـ مقاتل الطالبيين ، ـ الأخبار والنوادر ، ـ كتاب جمهرة النسب ، ـ كتاب المماليك الشعراء.

مذهبه :

في كتاب (مقاتل الطالبيين) ظهر ميل أبي الفرج إلى التشيع. وفي كتاب (أنساب بني عبد شمس وبني شيبان والمهالبة وبني تغلب) ظهر ميله إلى العرب. ولا شك في أن التصانيف التي كان يرسلها إلى المسؤولين على بلاد المغرب من بني أمية كانت تشتمل على روح أموية.

ففي كتاب (الأغاني) يروي عن عبيد الله بن زياد أخبارا تصور عقله الراجح ورفقه بالرعية ، وتفصح عن فضائل أبيه زياد! كما يشيد بأخلاق بني أمية!. وخصص بعد التعميم ، فأشار إلى فضل يزيد بن معاوية (انظر ج ٧ ص ١٨).

وروى أخبارا تتصل بمحاسن هشام بن عبد الملك. إضافة إلى افترائه على السيدة المصونة سكينة بنت الحسينعليها‌السلام !.

يقول الدكتور عليّ الشلق في كتابه (الحسين إمام الشاهدين) ص ١٠٠ :

«وكم لأبي الفرج من أحدوثات ، قيمتها أنها إطار لما يروي من شعر ، بينما هي في أبعد الأبعاد عن واقع الحقيقة والتاريخ ، وما أظنها إلا من تلافيق العصر العباسي ، لتبيان فضل فلان والغمز من قيمة فلان».

وقد نصّ على تشيّعه بعض مترجميه ، منهم معاصره القاضي التنوخي ، فقال : إنه من المتشيعين الذين شاهدناهم. وقال ابن شاكر في (عيون التواريخ) : إنه كان ظاهر التشيع. ونصّ على تشيّعه الحر العاملي في (أمل الآمل) ، والخونساري في (روضات الجنات). وذكر ذلك ابن الأثير في تاريخه (الكامل).

وذكر العلامة الحلي أنه شيعي زيدي. والله أعلم.

(المصدر : كتاب «مقتل الحسن والحسين ٤» لأبي الفرج الإصبهاني ، تحقيق السيد مصطفى مرتضى القزويني).

٦٥

(١٠) ترجمة الشيخ المفيد : (٣٣٨ ـ ٤١٣ ه‍)

أبو عبد الله ، محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبد السلام العكبري الحارثي البغدادي الكرخي ، المعروف بالشيخ المفيد ، وبابن المعلّم. فقيه أصولي متكلم محقق من شيوخ الإمامية. انتهت إليه رئاسة الشيعة في وقته ، كثير التصانيف في الأصول والكلام والفقه.

ولد في ١١ ذي القعدة سنة ٣٣٦ ه‍ في (عكبرا) من أعمال الدجيل شمال بغداد ، وقرأ عليه الشريف الرضي والمرتضى وغيرهما. وناظر كثيرا من أرباب العقائد ، وكان له نفوذ في الدولة البويهية. نشأ وتوفي في بغداد في شهر رمضان سنة ٤١٣ ه‍.

وله نحو مائتا مصنف كبار وصغار (انظر هدية العارفين) ، منها :

الإعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من الأحكام ، ـ الإرشاد (في تاريخ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والزهراءعليها‌السلام والأئمة) ، ـ الرسالة المقنعة (في الفقه) ، ـ الأمالي (مرتب على مجالس) ، ـ إيمان أبي طالب ، ـ أصول الفقه ، ـ الكلام في وجوه إعجاز القرآن ، ـ تاريخ الشريعة ، ـ الإفصاح (في الإمامة) ، ـ الفصول من العيون والمحاسن ، ـ النصرة لسيد العترة في أحكام البغاة عليه بالبصرة ، ـ كتاب النقض ، على ابن قتيبة.

(١١) ترجمة الخوارزمي : (٤٨٤ ـ ٥٦٨ ه‍)

أبو المؤيد ، الملقب بصدر الأئمة ، وبأخطب خوارزم ، الموفق محمّد بن أحمد المؤيد ابن أبي سعيد اسحق المؤيد المكي الخوارزمي الحنفي. فقيه محدّث ، خطيب شاعر.

ولد بمكة سنة ٤٨٤ ه‍ وقرأ على أبيه وغيره. وطاف في طلب الحديث في بلاد فارس والعراق والحجاز ومصر والشام. وتولى الخطابة بجامع خوارزم ، وتتلمذ على يد الزمخشري في العربية ، وتضلّع فيها فكان يقال له : خليفة الزمخشري.

وللموفق من المصنفات : كتاب الأربعين ، في أحوال سيد المرسلين ـ مناقب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ـ مناقب أبي حنيفة (جزآن) ، ـ مقتل الحسينعليه‌السلام (جزآن) ، ـ مسانيد على البخاري وغيره.

وله شعر كثير في أهل البيتعليهم‌السلام وغيرهم ، منه قوله في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام :

٦٦

لقد تجمّع في الهادي أبي حسن

ما قد تفرّق في الأصحاب من حسن

ولم يكن في جميع الناس من حسن

ما كان في المرتضى الهادي أبي الحسن

هل سابق مثله في السابقين فقد

جلّى إماما وما صلّى إلى وثن

توفيرحمه‌الله في (خوارزم) سنة ٥٦٨ ه‍. وخوارزم اسم لناحية في تركستان الروسية شمال بحر قزوين ، وهو مركّب من (خوار) بمعنى اللحم باللغة الخوارزمية ، و (رزم) بمعنى الحطب ، لشيّهم اللحم على الحطب.

(١٢) ترجمة ابن عساكر :

أبو القاسم ، عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين ، ثقة الدين ابن عساكر الدمشقي الشافعي. محدث حافظ ، فقيه مؤرخ. كان محدث الديار الشامية.

ولد بدمشق سنة ٤٩٩ ، وتوفي فيها سنة ٥٧١ ه‍ ، ودفن في الباب الصغير.

ورحل إلى العراق ومكة والمدينة والكوفة وإصفهان ومرو ونيسابور وهراة وسرخس وأيبورد وطوس والري وزنجان ، وغيرها من البلدان. وحدّث ببغداد ومكة ونيسابور واصفهان.

له (تاريخ مدينة دمشق الكبير) المعروف بتاريخ ابن عساكر ، مخطوط في ثمانين مجلدا. وقد اختصر هذا التاريخ الكبير الشيخ عبد القادر بدران ، بحذف الأسانيد والمكررات ، وسمّى المختصر (تهذيب تاريخ ابن عساكر) ، طبع من التهذيب سبعة أجزاء فقط. ولم يطبع من التاريخ الأصلي غير جزء ونصف.

وله كتب كثيرة أخرى مثل : الإشراف على معرفة الأطراف (في الحديث ، ٣ مجلدات) ، ـ تاريخ المزة ، ـ معجم الصحابة ، ـ معجم النسوان ، ـ معجم الشيوخ والنبلاء.

(١٣) ترجمة ابن شهراشوب : (٤٨٨ ـ ٥٨٨ ه‍)

رشيد الدين أبو جعفر ، محمّد بن علي بن شهراشوب السروي المازندراني ، فخر الشيعة ومروّج الشريعة ، محيي آثار المناقب والفضائل ، والبحر المتلاطم الزخّار الذي لا يساجل. شيخ مشايخ الإمامية ، صاحب كتاب المناقب والمعالم وغيرهما.وكفى في فضله إذعان فحول أعلام أهل السنة بجلالة قدره وعلو مقامه. حفظ أكثر القرآن وعمره ثماني سنين ، ووعظ على المنبر أيام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه. توفي سنة ٥٨٨ ه‍ عن عمر يقارب المئة عام. وقبره خارج حلب على جبل

٦٧

الجوشن ، عند مشهد السقط. وكان إمام عصره ووحيد دهره ، أحسن الجمع والتأليف.

من كتبه : الفصول في النحو ، ـ أسباب نزول القرآن ، ـ تأويل متشابهات القرآن ، ـ مناقب آل أبي طالبعليه‌السلام في إثبات ولاية الأئمة الكرام من طريق الخاص والعام. وغلب عليه علم القرآن والحديث ، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي عند السنة.

(١٤) ترجمة ابن الأثير : (٥٥٥ ـ ٦٣٠ ه‍)

أبو الحسن ، عليّ بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري ، عز الدين ابن الأثير. المؤرخ الإمام ، من العلماء بالنسب والأدب.

ولد في جزيرة ابن عمر سنة ٥٥٥ ه‍ ، ثم سكن الموصل. وتجول في البلدان ، وعاد إلى الموصل ، فكان منزله فيها مجمع الفضلاء والأدباء ، وتوفي بها عام ٦٣٠ ه‍.

من تصانيفه (الكامل في التاريخ) اثنا عشر مجلدا ، مرتّب على السنين ، بلغ فيه حتى سنة ٦٢٩ ه‍. وأكثر من جاء بعده من المؤرخين عيال على كتابه هذا. و (أسد الغابة في معرفة الصحابة) خمسة مجلدات كبيرة ، مرتب على حروف الهجاء و (الجامع الكبير) في البلاغة وعلم البيان ، و (تاريخ الموصل) لم يتمّه ، و (اللباب في تهذيب الأنساب) اختصر به أنساب السمعاني وزاد عليه.

(١٥) ترجمة ابن نما الحلي : (٥٦٧ ـ ٦٤٥ ه‍)

نجيب الدين أبو إبراهيم ، محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الحلي. شيخ الفقهاء في عصره. أحد مشايخ المحقق الحلي والسيد أحمد ورضي الدين بن طاووس. ولد بالحلة سنة ٥٦٧ ه‍ ، وتوفي بالنجف الأشرف سنة ٦٤٥ ه‍ ، وعمره ٧٨ عاما.

(١٦) ترجمة محمد بن طلحة الشافعي : (٥٨٢ ـ ٦٥٣ ه‍)

كمال الدين أبو سالم ، محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي العدوي الشافعي.

وزير من الأدباء الكتّاب ، محدّث فقيه أصولي ، عارف بعلم الحروف والأوفاق.

٦٨

ولد بالعمرية (من قرى نصيبين) ورحل إلى نيسابور. ولي القضاء بنصيبين ، ثم الخطابة بدمشق. وترسّل عن الملوك وساد وتقدم. وحدّث ببلاد كثيرة ، وقلّد الوزارة فاعتذر وتنصّل ، فلم يقبل منه ، فتولاها يومين ، ثم انسلّ خفية وترك الأموال وذهب. ثم حجّ وأقام بدمشق قليلا ، ثم سار إلى حلب ، فتوفي بها في رجب سنة ٦٥٣ ه‍.

ومن آثاره : العقد الفريد للملك السعيد ، ـ مطالب السّؤول في مناقب آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ـ الدر المنظّم في السر الأعظم ، ـ الجفر الجامع والنور اللامع ، ـ مفتاح الفلاح في اعتقاد أهل الصلاح (تصوف) ، ـ نفائس العناصر لمجالس الملك الناصر.

(١٧) ترجمة سبط ابن الجوزي : (٥٨١ ـ ٦٥٤ ه‍)

شمس الدين أبو المظفر ، يوسف بن قز أوغلي (أي سبط) ابن عبد الله ، سبط أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي. محدث ومؤرخ ، وكاتب وواعظ مشهور ، حنفي المذهب. وله صيت وسمعة في مجالس وعظه ، وقبول عند الملوك وغيرهم.

ولد ونشأ ببغداد سنة ٥٨١ ه‍ ، ورباه جده. ثم انتقل إلى دمشق ، فاستوطنها وتوفي فيها.

من كتبه : مرآة الزمان في تاريخ الأعيان (وهو تاريخ كبير يقع في أربعين مجلدا) ، ـ تذكرة خواص الأمة بذكر خصائص الأئمة الأثني عشر ، ـ الجليس الصالح (في أخبار موسى بن أبي بكر بن أيوب صاحب دمشق) ، ـ كنز الملوك في كيفية السلوك (حكايات ومواعظ) ، ـ مقتضى السياسة في شرح نكت الحماسة ، ـ منتهى السؤول في سيرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ـ الانتصار والترجيح ، ـ اللوامع (في الحديث) ، ـ كتاب في تفسير القرآن (٢٩ مجلدا) ، ـ مناقب أبي حنيفة ، ـ شرح الجامع الكبير (في الحديث) ، ـ إيثار الإنصاف في آثار الخلاف (وهو في الفقه على المذاهب الأربعة ، موجود في خزانة عابدين بدمشق).

وذكره الذهبي في (ميزان الإعتدال) ، وبعد ثنائه عليه عدّه في الضعفاء ، وذلك لأنه ألّف كتابا في أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عنه : «ثم ترفّض ، وله مؤلف في ذلك ، نسأل الله العافية».

وترجم له ابن رافع السلامي في (تاريخ علماء بغداد) وقال في ص ٢٣٨ :

٦٩

«ورأيت في النورية بدمشق أربعة أجزاء حديثة ضخمة في مناقب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من تأليفه ورأيت كتابا في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام يعرف (برياض الأفهام) ولا ندري إن كان هذا الكتاب هو (تذكرة الخواص) أو كتاب آخر.

توفي بدمشق في ٢١ ذي الحجة سنة ٦٥٤ ه‍ ، ودفن بجبل قاسيون.

(١٨) ترجمة ابن طاووس : (٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه‍)

وهو رضي الدين أبو القاسم ، عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني ، السيد الأجل الأورع الأزهد ، قدوة العارفين ، صاحب الكرامات المشهورة. وكان من أعبد أهل زمانه.

من كتبه : الأمان من أخطار الأسفار والأزمان ، وهو أربعة عشر بابا في آداب السفر.

وجاء في آخر (اللهوف) في ترجمة حياته : أجمع أصحاب كتب التراجم والرجال على فضله وورعه.

وقيل : إنه تتلمذ على محمد بن نما الحلي (صاحب مثير الأحزان) وتلامذته كثيرون ، وقد تولى نقابة الطالبيين في بغداد على زمن هولاكو التتري.

ولد في شهر المحرم سنة ٥٨٩ ه‍ وتوفيرحمه‌الله يوم الاثنين الخامس من ذي القعدة سنة ٦٦٤ ه‍ ، وعمره ٧٥ عاما.

(١٩) ترجمة العلامة المجلسي : (١٠٣٧ ـ ١١١١ ه‍)

محمّد باقر بن محمّد تقي بن مقصود علي الإصفهاني. علامة إمامي ، ولي مشيخة الإسلام في إصفهان.

له كتاب (بحار الأنوار) ١١٠ مجلدا في مباحث مختلفة. ومن كتبه : العقل والعلم والجل ، ـ كتاب التوحيد ، ـ مرآة العقول ، ـ جوامع العلوم ، ـ السيرة النبوية ، ـ الإمامة ، ـ الفتن والمحن ، ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ـ تاريخ فاطمة والحسنينعليهم‌السلام ، ـ وعدة تواريخ للأئمة ، ـ الأحكام ، ـ السماء والعالم (كبير جدا).

(٢٠) ترجمة الفاضل الدربندي : (٠٠٠ ـ ١٢٨٦ ه‍)

آغا بن عابد بن رمضان بن زاهد الشيرواني الحائري الدربندي. فقيه إمامي.

٧٠

ولد ونشأ في (دربند) بإيران ، وأقام مدة في كربلاء ، ثم استقر في طهران إلى أن مات.

من كتبه : خزائن الأحكام (مجلدان في الأصول وفقه الإمامية) ، ـ دراية الحديث والرجال ، ـ قواميس الصناعة (في الأخبار والتراجم) ، ـ جوهر الصناعة (في الاصطرلاب) ، ـ إكسير العبادات.

(٢١) ترجمة آغا بزرك الطهراني : (١٢٩٢ ـ ١٣٨٩ ه‍)

أبو محمد ، محسن بن عليّ بن محمّد رضا الطهراني. عالم بتراجم المصنفين ، مع كثير من التحقيق والتحري.

وهو من أهل طهران ، ولد بها وانتقل إلى العراق سنة ١٣١٣ ه‍ ، فتفقّه في النجف ، وأجيز بالاجتهاد قبل سن الأربعين. وقد أصبح شيخ محدثي الشيعة على الإطلاق.

من كتبه المطبوعة : الذريعة إلى تصانيف الشيعة (٢٨ مجلدا) ، ـ طبقات أعلام الشيعة ، وهو ١١ كتابا في التراجم ، في وفيات المئة الرابعة الهجرية فما يليها إلى الآن ، وقد أفرد كل كتاب منه بقرن وباسم.

٧١

٧ ـ فهرس عام للمصادر التاريخية التي اعتمدنا عليها

[مع ذكر الاسم الكامل للمؤلف وسنة الولادة والوفاة(١) ]

(مرتّبة وفق التسلسل الزمني لتاريخ الوفاة).

ولادة وفاة

ـ مقتل الحسين لأبي مخنف

وهو لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي

٠٠٠ ـ ١٥٧ ه

٠٠٠ ـ ٧٧٤ م

ـ الطبقات الكبرى لابن سعد

وهو أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصري

١٦٨ ـ ٢٣٠ ه

٧٨٥ ـ ٨٤٥ م

ـ الإمامة والسياسة ـ المعارف لابن قتيبة

وهو أبو محمد ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري

٢١٣ ـ ٢٧٦ ه

٨٢٨ ـ ٨٨٩ م

ـ أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٢

وهو أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري

٠٠٠ ـ ٢٧٩ ه

٠٠٠ ـ ٨٩٥ م

ـ الأخبار الطوال للدينوري (ط القاهرة)

وهو أبو حنيفة ، أحمد بن داود بن ونند الدينوري

٠٠٠ ـ ٢٨٢ ه

٠٠٠ ـ ٨٩٥ م

ـ تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ (طبع بيروت)

وهو أحمد بن اسحق بن جعفر بن وهب بن واضح

٠٠٠ ـ ٢٩٢ ه

٠٠٠ ـ ٩٠٥ م

ـ تاريخ الطبري ، ج ٦ (طبعة أولى مصر)

وهو محمّد بن جرير بن يزيد الطبري

٢٢٤ ـ ٣١٠ ه

٨٣٩ ـ ٩٢٣ م

ـ كتاب الفتوح لابن أعثم ، ج ٥

وهو أبو محمد ، أحمد بن عليّ بن أعثم الكوفي

٠٠٠ ـ ٣١٤ ه

٠٠٠ ـ ٩٢٦ م

__________________

(١) كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي ، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ، ومعجم مؤلفي الشيعة للقائيني.

٧٢

ولادة وفاة

ـ العقد الفريد لابن عبد ربه ، ج ٤

وهو أحمد بن محمّد بن عبد ربه الأندلسي

٢٤٦ ـ ٣٢٨ ه

٨٦٠ ـ ٩٤٠ م

ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر ، ج ٣

ـ التنبيه والاشراف للمسعودي

وهو أبو الحسن ، عليّ بن الحسين بن عليّ المسعودي

٠٠٠ ـ ٣٤٦ ه

٠٠٠ ـ ٩٥٧ م

ـ مقاتل الطالبيين (ط ٢ نجف)

ـ الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ١٦ و ١٧

وهو عليّ بن الحسين بن محمّد بن أحمد المرواني

٢٨٤ ـ ٣٥٦ ه

٨٩٧ ـ ٩٦٧ م

ـ كامل الزيارات لابن قولويه القمي

وهو جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي

٠٠٠ ـ ٣٦٨ ه

٠٠٠ ـ ٩٧٩ م

ـ علل الشرائع ـ عقاب الأعمال

ـ الأمالي للشيخ الصدوق

وهو محمد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي

٣٠٥ ـ ٣٨١ ه

٩١٨ ـ ٩٩١ م

ـ الإرشاد للشيخ المفيد (ط نجف)

وهو محم بن محمد بن النعمان بن عبد السلام العكبري

٣٣٨ ـ ٤١٣ ه

٩٥٠ ـ ١٠٢٢ م

ـ تجارب الأمم لمسكويه ، ج ٢ (ط إيران)

وهو أبو علي ، أحمد بن محمّد بن يعقوب الرازي

٣٢٠ ـ ٤٢١ ه

٩٣٢ ـ ١٠٣٠ م

ـ التعجب من أغلاط العامة في مسألة الإمامة للكراجكي

(طبع حجر في قم)

وهو أبو الفتح ، محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي (ملحق بكنز الفوائد)

٠٠٠ ـ ٤٤٩ ه

٠٠٠ ـ ١٠٥٧ م

ـ مصباح المتهجّد ـ الأمالي للشيخ الطوسي

وهو أبو جعفر ، محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي

٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه

٩٩٥ ـ ١٠٦٧ م

٧٣

ولادة وفاة

ـ الإستيعاب لابن عبد البرّ

وهو يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البر النمري

(في هامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر) ج ١

٣٦٣ ـ ٤٦٣ ه

٩٧٣ ـ ١٠٧٠ م

ـ إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي وهو أبو علي ، الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي

٤٧٢ ـ ٥٤٨ ه

١٠٧٩ ـ ١١٥٣ م

ـ مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ وج ٢ (ط نجف)

وهو الموفق محمّد بن أحمد المكي ، أخطب خوارزم

٤٨٤ ـ ٥٦٨ ه

١٠٩١ ـ ١١٧٢ م

ـ تاريخ ابن عساكر [الجزء الخاص بالحسين (ع)]

وهو أبو القاسم ، عليّ بن الحسن بن هبة الله الدمشقي

٤٩٩ ـ ٥٧١ ه

١١٠٥ ـ ١١٧٦ م

ـ الخرايج والجرايح للقطب الراوندي (ط الهند)

وهو قطب الدين ، سعيد بن هبة الله بن الحسن

٠٠٠ ـ ٥٧٣ ه

٠٠٠ ـ ١١٨٧ م

ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ج ٣ (ط نجف)

وهو محمّد بن عليّ بن شهراشوب

٤٨٨ ـ ٥٨٨ ه

١٠٩٥ ـ ١١٩٢ م

ـ الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ (ط نجف)

وهو عليّ بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الجزري

٤٨٨ ـ ٥٨٨ ه

١١٦٠ ـ ١٢٣٣ م

ـ مثير الأحزان لابن نما الحلي (ط نجف)

وهو نجم الدين محمّد بن جعفر بن أبي البقاء بن نما الحلي

٥٦٧ ـ ٦٤٥ ه

١١٧٢ ـ ١٢٤٨ م

ـ مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول (ط حجر إيران)

لكمال الدين محمد بن طلحة الشافعي النصيبي

(ملحق بتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي

٥٨٢ ـ ٦٥٣ ه

١١٨٦ ـ ١٢٥٤ م

ـ تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي (ط ٢ نجف)

وهو يوسف قز أوغلي بن عبد الله بن الجوزي

٥٨١ ـ ٦٥٤ ه

١١٨٥ ـ ١٢٥٦ م

٧٤

ولادة وفاة

ـ اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس (ط نجف)

وهو رضي الدين ، عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس

٥٨٩ ـ ٦٦٤ ه

١١٩٣ ـ ١٢٦٦ م

ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة للإربلي ، ج ٢

٠٠٠ ـ ٦٩٣ ه

وهو بهاء الدين ، عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي

٠٠٠ ـ ١٢٩٣ م

ـ الفخري في الآداب السلطانية لابن طباطبا

٦٦٠ ـ ٧٠٩ ه

وهو فخر الدين ، محمد بن عليّ بن طباطبا بن الطقطقي

١٢٦٢ ـ ١٣٠٩ م

ـ المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء ، ج ٢ (ط بيروت)

٦٧٢ ـ ٧٣٢ ه

وهو الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل بن عليّ

١٢٧٣ ـ ١٣٣١ م

ـ تاريخ البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٦ وج ٨

٧٠١ ـ ٧٧٤ ه

وهو إسماعيل بن عمر بن كثير البصروي الدمشقي

١٣٠٢ ـ ١٣٧٣ م

ـ الخطط والآثار للمقريزي ، ج ٢

٧٦٦ ـ ٨٤٥ ه

وهو أحمد بن عليّ بن عبد القادر الحسيني البعلبكي

١٣٦٥ ـ ١٤٤١ م

ـ الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة لابن الصباغ

٠٠٠ ـ ٨٥٥ ه

وهو عليّ بن محمّد بن أحمد الصباغ المالكي

٠٠٠ ـ ١٤٥١ م

ـ المصباح للشيخ الكفعمي

٨٤٠ ـ ٩٠٥ ه

وهو إبراهيم بن عليّ بن الحسن الحارثي العاملي الكفعمي

١٤٣٦ ـ ١٥٠٠ م

ـ إحياء الميت بفضائل أهل البيت (بهامش الإتحاف بحب الأشراف)

ـ تاريخ الخلفاء للسيوطي

وهو عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمّد بن سابق الدين

٨٤٩ ـ ٩١١ ه

١٤٤٥ ـ ١٥٠٥ م

ـ أخبار الدول وآثار الأول للقرماني (ط بيروت)

وهو أحمد بن يوسف بن أحمد بن سنان القرماني الدمشقي

٩٣٩ ـ ١٠١٩ ه

١٥٣٢ ـ ١٦١٠ م

٧٥

ولادة وفاة

ـ المنتخب في المراثي والخطب للطريحي (ط ٢ قم)

وهو فخر الدين بن محمّد عليّ بن أحمد بن طريح

٩٧٩ ـ ١٠٨٥ ه

١٥٧١ ـ ١٦٧٤ م

ـ وسائل الشيعة للحر العاملي

وهو محمّد بن الحسن بن عليّ العاملي

١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه

١٦٢٣ ـ ١٦٩٢ م

ـ مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني (ط حجر طهران)

وهو هاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسيني الكتكتاني

٠٠٠ ـ ١١٠٧ ه

٠٠٠ ـ ١٦٩٦ م

ـ بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ و ٤٥ (ط ٣ بيروت)

ـ مزار البحار ، ج ٩٨ ـ مرآة العقول (شرح الكافي)

وهو محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود عليّ الإصفهاني

١٠٣٧ ـ ١١١١ ه

١٦٢٧ ـ ١٧٠٠ م

ـ مقتل العوالم [فيما يتعلق بالحسين (ع)] ، ج ١٧

لعبد الله بن نور الله البحراني الإصفهاني

٠٠٠ بعد ١١١١ ه

٠٠٠ بعد ١٧٠٠ م

ـ الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ (ط تبريز)

للسيد نعمة الله بن عبد الله الموسوي الجزائري

١١٠٥٠ ـ ١١١٢ ه

٦٤٠ ـ ١٧٠١ م

ـ تظلّم الزهراء من إهراق دماء آل العباء للقزويني

لرضي الدين بن نبي القزويني (شرح على الله وف)

٠٠٠ بعد ١١٣٤ ه

٠٠٠ بعد ١٧٢٣ م

ـ الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي

وهو عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي

١٠٩١ ـ ١١٧١ ه

١٦٨٠ ـ ١٧٥٨ م

ـ إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان

(بهامش نور الأبصار للشبلنجي)

٠٠٠ ـ ١٢٠٦ ه

٠٠٠ ـ ١٧٩٢ م

ـ رياض المصائب (في آل العباء) ، ٥ أجزاء

للسيد محمّد مهدي بن محمّد جعفر الموسوي

٠٠٠ بعد ١٢٥٠ ه

٠٠٠ بعد ١٨٣٤ م

ـ ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ (ط ١)

وهو سليمان بن خوجه إبراهيم قبلان الحسيني الحنفي

١٢٢٠ ـ ١٢٧٠ ه

١٨٠٥ ـ ١٨٥٣ م

٧٦

ولادة وفاة

ـ نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار للشبلنجي

وهو الشيخ مؤمن بن السيد حسن مؤمن الشبلنجي

١٢٥٢ ـ ١٣٢٢ ه

١٨٣٦ ـ ١٩٠٤ م

ـ أسرار الشهادة للفاضل الدربندي (ط إيران)

وهو ملا آغا بن عابد بن رمضان بن زاهد الشيرواني

٠٠٠ ـ ١٢٨٥ ه

٠٠٠ ـ ١٨٦٨ م

ـ الدمعة الساكبة في المصيبة الراتبة

لمحمد باقر بن عبد الكريم الدهدشتي البهبهاني النجفي

٠٠٠ ـ ١٢٨٨ ه

٠٠٠ ـ ١٨٧١ م

ـ مقتل الحسين (ع) أو واقعة الطف (ط ٢)

للسيد محمّد تقي آل بحر العلوم

١٢١٩ ـ ١٢٨٩ ه

١٨٠٥ ـ ١٨٧٢ م

ـ الخصائص الحسينية للتشتري (ط تبريز)

وهو الشيخ جعفر بن الحسين التستري

٠٠٠ ـ ١٣٠٣ ه

٠٠٠ ـ ١٨٨٥ م

ـ مثير الأحزان للجواهري

للسيد شريف بن عبد الحسين بن محمّد حسن الجواهري

٠٠٠ ـ ١٣١٤ ه

٠٠٠ ـ ١٨٩٦ م

ـ ذخيرة الدارين [فيما يتعلق بالحسين (ع)] ٣ مجلدات

لعبد المجيد بن محمد رضا الحسيني الشيرازي الحائري

٠٠٠ بعد ١٣٤٥ ه

٠٠٠ بعد ١٩٢٦ م

ـ نفس المهموم في مصيبة الحسين المظلوم

للشيخ عباس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمي

١٢٩٤ ـ ١٣٥٩ ه

١٨٧٧ ـ ١٩٤٠ م

ـ إبصار العين في أنصار الحسين (ع) للسماوي

وهو محمد بن الشيخ طاهر السماوي

١٢٩٣ ـ ١٣٧٠ ه

١٨٧٦ ـ ١٩٥٠ م

ـ لواعج الأشجان في مقتل الحسين (ع)

ـ المجالس السّنية للسيد محسن الأمين الحسيني العاملي

وهو محسن بن عبد الكريم بن عليّ بن محمّد الأمين

١٢٨٢ ـ ١٣٧١ ه

١٨٦٥ ـ ١٩٥٢ م

ـ ذكرى الحسين (ع) ، وهو ج ٩ من تاريخ الإسلام

للشيخ حبيب آل إبراهيم البعلبكي العاملي

٠٠٠ نحو ١٣٨٣ ه

٠٠٠ نحو ١٩٦٤ م

٧٧

ولادة وفاة

ـ معالي السبطين في أحوال السبطين ، ج ١ وج ٢

لمحمد مهدي المازندراني الحائري

نحو ١٣٠٠ ـ ٠٠٠

نحو ١٨٨٣ ـ ٠٠٠

ـ نهضة الحسين (ع) للشهرستاني

وهو محمّد علي هبة الدين الموسوي الشهرستاني

١٣٠١ ـ ١٣٨٦ ه

١٨٨٤ ـ ١٩٦٧ م

ـ العباس قمر بني هاشم ـ الشهيد مسلم بن عقيل

ـ عليّ الأكبر ـ السيدة سكينة ـ المختار الثقفي

ـ مقتل الحسين (ع) أو حديث كربلاء للمقرّم

وهو عبد الرزاق بن محمّد الموسوي النجفي

١٣١٢ ـ ١٣٩١ ه

١٨٩٥ ـ ١٩٧١ م

ـ دائرة المعارف ، ج ١٥ وج ٢٣

(المسماة بمقتبس الأثر ومجدد ما دثر

للشيخ محمّد حسين بن سليمان الأعلمي

١٣٢٠ ـ ٠٠٠ ه

١٩٠٢ ـ ٠٠٠ م

ـ الحسين في طريقه إلى الشهادة

للسيد عليّ بن الحسين الهاشمي

١٣٢٨ ـ ٠٠٠ ه

١٩١٠ ـ ٠٠٠ م

ـ العيون العبرى في مقتل سيد الشهدا (ع)

ـ للسيد إبراهيم بن يوسف بن مرتضى الميانجي

١٣٣٢ ـ ٠٠٠ ه

١٩١٤ ـ ٠٠٠ م

٧٨

٨ ـ فهرس لمصادر التراجم والأنساب

ولادة وفاة

ـ نسب قريش لمصعب الزبيري (ط مصر)

وهو أبو عبد الله ، مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير

١٥٦ ـ ٢٣٦ ه

٧٧٣ ـ ٨٥١ م

ـ جمهرة نسب قريش وأخبارها للزبير بن بكار

وهو الزبير بن بكّار بن عبد الله بن مصعب الزبيري

٧٨٩ ـ ٨٧٠ م

١٧٢ ـ ٢٥٦ ه

ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الإصفهاني

وهو الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن اسحق

٣٣٦ ـ ٤٣٠ ه

٩٤٨ ـ ١٠٣٨ م

ـ أعلام النبوة للماوردي

وهو أبو الحسن ، عليّ بن محمّد بن حبيب الماوردي

٣٦٤ ـ ٤٥٠ ه

٩٧٤ ـ ١٠٥٨ م

ـ جمهرة أنساب العرب لابن حزم

وهو عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري

٣٨٤ ـ ٤٥٦ ه

٩٩٤ ـ ١٠٦٤ م

ـ تذكرة الحفّاظ ج ١ ـ سير أعلام النبلاء للذهبي ج ٣

وهو محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي

٦٧٣ ـ ٧٤٨ ه

١٢٧٤ ـ ١٣٤٨ م

ـ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة

وهو أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنا الحسني

٠٠٠ ـ ٨٢٨ ه

٠٠٠ ـ ١٤٢٤ م

ـ تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني

وهو أبو الفضل ، أحمد بن عليّ بن حجر الكناني

٧٧٣ ـ ٨٥٢ ه

١٣٧٢ ـ ١٤٤٩ م

ـ الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة للسيد علي خان

وهو صدر الدين ، عليّ خان المدني الشيرازي الحسيني

١٠٢٥ ـ ١١٢٠ ه

١٦١٢ ـ ١٧٠٨ م

ـ تنقيح المقال (في أحوال الرجال) للمامقاني

وهو عبد الله بن محمد حسن بن عبد الله المامقاني

١٢٩٠ ـ ١٣٥١ ه

١٨٧٣ ـ ١٩٣٢ م

٧٩

ولادة وفاة

ـ الكنى والألقاب للشيخ عباس القمّي

وهو عباس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمي

١٢٩٤ ـ ١٣٥٩ ه

١٨٧٧ ـ ١٩٤٠ م

ـ أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين الحسيني ، ج ٤

وهو محسن بن عبد الكريم بن عليّ بن محمّد الأمين العاملي

١٢٨٢ ـ ١٣٧١ ه

١٨٦٥ ـ ١٩٥٢ م

ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة

ـ طبقات أعلام الشيعة لآغا بزرك الطهراني

وهو محمّد حسن آغا بزرك بن علي المحسني النجفي

١٢٩٣ ـ ١٣٨٩ ه

١٨٧٦ ـ ١٩٦٩ م

ـ معجم مؤلفي الشيعة لعلي الفاضل القائيني النجفي

(معاصر)

ـ كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي

(معاصر)

ـ معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة

(معاصر)

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٢ - مرّ بنا أن الدين عند اللَّه الإسلام - وهو واحد لا تعدّد فيه - وأن جميع المخلوقات بما فيهم سائر الأنبياء عجزوا عن تحمّل الدين والسبق في فتح سبله وبلوغ مقاماته الرفيعة، سوى الذات النبويّة المباركة التي لها الأهلية والاستعداد لتلقّي ذلك عن اللَّه عزّ وجل، فكان للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الأسبقية في الإسلام والتسليم للَّه تعالى؛ ولذا كان الدين دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله . إذن؛ دين الإسلام الواحد عبارة عن تلك المقامات السامية والنور الأعظم الذي لم يتحمّله مخلوق عن اللَّه تعالى سوى خاتم الرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسكن اللَّه عزَّ وجلَّ ذلك النور في بيوت أذن اللَّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وكان بدن النبي الأكرم مسكناً لذلك النور؛ لأنه أوّل مَن قال بلى عندما قال اللَّه تعالى للبشر: ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) .

ومن هنا يتّضح أن الميثاق والعهد الذي أخذه اللَّه على أنبيائه هو الإيمان بذات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإيمان بمقامه صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الدين الذي بُعث به جميع الأنبياء، وهو بدرجاته العالية غيب اللَّه وسره المكنون الذي أمر الأنبياء بالإيمان به والتسليم له. وكان نيل مقامات النبوّة على قدر درجة التسليم لذلك الدين، وقد مدح اللَّه تعالى أنبياءه لكونهم مسلمين، قال عزّ وجلَّ: ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١) ، وقد أمر اللَّه تعالى أنبياءه باتخاذ الإسلام ديناً، كما في قوله لإبراهيم: ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) (٢) .

إذن؛ الدين الواحد هو الميثاق الذي أخذ على جميع الأنبياء التسليم له

____________________

(١) آل عمران: ٦٧.

(٢) البقرة: ١٣١.

٢٠١

والإيمان به ونصرته، وهو دين النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله المتمثِّل برسالته ووساطته بين اللَّه وخلقه، فهو دين اللَّه الناطق.

وإذا كان الأمر كذلك، فكلّ ما هو داخل في دائرة الدين يكون من الميثاق الذي‏ أُخذ على الأنبياء الإيمان به ونصرته والتسليم له، ومن الدين ولاية أهل البيت عليهم‌السلام بنصّ القرآن الكريم؛ وذلك في قوله تعالى: ( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِْسْلَامَ دِينًا ) (١) حيث نصّت روايات الفريقين على أن هذا المقطع من الآية المباركة نزل عند تنصيب اللَّه عزّ وجلَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لمقام الخلافة والإمامة بعد رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك في واقعة الغدير (٢) .

إذن؛ الولاية والخلافة بعد رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله من الدين الذي بعث به جميع الأنبياء، وقد أُكمل بتنصيب أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد حجّة الوداع. مضافاً إلى أن جملة الآيات والأدلّة القائمة على إمامة أهل البيت عليهم‌السلام دالّة على أن إمامتهم وولايتهم من أصول الدين تتلو أصل النبوّة، سيما وأن الأنبياء مخاطبون بآيات الولاية والقربى والمودّة عند رجوعهم للنصرة، فهم مأمورون بطاعة أولي الأمر والمودّة للقربى والتوجّه بهم إلى اللَّه تعالى.

والحاصل: إنه لم يبعث نبيّ من الأنبياء إلّا بعد أن آمن وسلّم بالدين الذي هو ولاية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته، فالولاية دين اللَّه الذي بتسليمه استحقّ الأنبياء مقام النبوّة كلّ بحسب ما بلغه من درجة التسليم، فإن للولاية والتسليم درجات

____________________

(١) المائدة: ٣.

(٢) لاحظ كتاب الغدير للأميني وشرح إحقاق الحق؛ حيث تتبَّعا الروايات في هذا المجال.

٢٠٢

وبحسب درجة التسليم لكلّ نبيّ يعطى ذلك النبي مقام الحظوة عند اللَّه تعالى ويستحقّ مقام النبوّة، وإذا ازدادت درجة التسليم، كان ذلك النبي من أولي العزم. فتفضيل الأنبياء الوارد في قوله تعالى: ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيينَ عَلَى بَعْضٍ ) (١) ، كذلك تفضيل الرسل كما في قوله تعالى: ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) (٢) ، كلّ ذلك التفضيل بحسب درجة التسليم والتولّي

لدين اللَّه عزّ وجل؛ وذلك بالولاية للنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته، فالتسليم للنبيّ وأهل بيته والإيمان بولايتهم نوع توجّه قلبي إلى اللَّه عزّ وجلَّ بهم، وهو شرط لنيل المقامات العظيمة عند اللَّه تعالى كالنبوّة والرسالة، فضلاً عن غيرها من العبادات وقبول التوبة واستدرار الأرزاق الإلهيّة.

٣ - لقد بيّن اللَّه عزّ وجلَّ حقيقة الميثاق الذي أخذه على الأنبياء وكيفية إقرارهم وإيمانهم به وثباتهم عليه كما في قصة آدم عليه‌السلام ؛ حيث جاء فيها أن الأمانة والميثاق الذي أقرّ به آدم وتحمّله لنيل منصب الخلافة الإلهية عبارة عن الأسماء الحيّة العاقلة الشاعرة، التي علّمها اللَّه عزَّ وجلَّ آدم، وليست هي من السماوات والأرض، بل هي ملكوتها وباطنها ومحيطة بها ومهيمنة عليها، والأسماء هم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام ، كما تقدّم في الأبحاث السابقة كما نصّت عليه روايات الفريقين، وعليه فيكون الميثاق الذي تحمّله آدم وآمن به ونال بواسطته مقام الخلافة هو الولاية للنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيت عليهم‌السلام .

____________________

(١) الإسراء: ٥٥.

(٢) البقرة: ٢٥٣.

٢٠٣

كذلك الحال في الكلمات التي ابتلي بها إبراهيم عليه‌السلام ، فلمَّا أتمّهن نال مقام الإمامة، فهذه الكلمات هي ميثاق إبراهيم عليه‌السلام لمَّا أتمّها وآمن بها وأسلم بواسطتها للَّه ربّ العالمين، استحقّ مقام الإمامة الإلهية، وسبق أيضاً أن تلك الكلمات التي ابتلي بها إبراهيم وكان إتمامها سبباً لنيل المقامات العالية هم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وآله الطاهرين عليهم‌السلام .

إذن؛ الميثاق عبارة عن امتحان وابتلاء لنيل المقامات الرفيعة كالنبوّة والإمامة، والميثاق هو ولاية أهل البيت الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً.

نعم، النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله أعلى مقاماً من أهل بيته عليهم‌السلام ، وهم يتوجّهون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اللَّه عزّ وجلَّ وبشفاعته ينالون درجة مقامه عند اللَّه.

٤ - إن ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام وأهل البيت عليهم‌السلام ذكرت تلو ولاية النبي الأكرم في جملة من آيات الطاعة والولاية التي تقدَّم ذكرها، ممَّا يدلّل على أن ولاية المعصومين عليهم‌السلام من الدين الذي بعث به الأنبياء؛ إذ الدين دائرته موحّدة بين الأنبياء، والذي هو عبارة عن أصول العقائد وأصول الواجبات والمحرّمات، التي هي أركان الفروع كأصل وجوب الصلاة والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه كلّها من دائرة الدين لا الشريعة المختلفة من نبيّ إلى آخر، وولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام من الدين الذي بعث به جميع الأنبياء والرسل.

كذلك من الآيات التي قرنت الرسول الأكرم بأهل بيته عليهم‌السلام آيات الفي‏ء والخمس، كما في قوله تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (١) فإن الآية المباركة

____________________

(١) الأنفال: ٤١.

٢٠٤

تبيّن أن أولياء الخمس الذين لهم الولاية على اقتصاد الدولة الإسلامية هم اللَّه تعالى ورسوله وذوي القربى؛ بقرينة الاشتراك بـ (اللام) الدالّة على ملكية التصرف في أموال الدولة الإسلامية. وأمَّا اليتامى والمساكين وابن السبيل، فهم موارد مصرف الخمس؛ ولذا تغيّر التعبير فيهم بحذف اللام.

كذلك بنفس البيان ما ورد في قوله تعالى: ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ) (١) . فلإقامة العدالة المالية والاقتصادية على الأرض لابدّ أن تدار الأموال العامة التي ترجع إلى بلاد الإسلام بولاية اللَّه ورسوله وذوي القربى، وهم قربى الرسول الأكرم الذين جعلت مودّتهم أجراً وعدلاً لَمَا جاء به النبي الأكرم من

الدين الحنيف، وذلك في قوله تعالى: ( قُلْ لاَ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) .

وهذا يكشف عن أهميّة تولّي ذوي القربى وأن ولايتهم مفتاح لسائر أبواب الدين، ومن دون التوسّل بها يخطأ الشخص ويضلّ طريق التوحيد، فيقع في مثل الجبر أو التفويض أو غير ذلك، فلابدّ من الولوج إلى الدين عن الطريق والباب الذي نصبه اللَّه عزّ وجلَّ لخلقه، ولا يمكن الوقوف على حقيقة الدين إلّا بالإمامة.

فمودّة ذوي القربى أمر عظيم إذا سَلِم سَلِمت بقيّة أصول الدين، ولا يوجد قربى للنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الشأن الخطير سوى المعصومين من أهل بيته،

____________________

(١) الحشر: ٧.

(٢) الشورى: ٢٣.

٢٠٥

فولايتهم عاصمة عن الضلال وهي ركن ركين في الدين الذي بعث به الأنبياء كافّة.

ولا شك أن الدين عام - كما ستأتي الإشارة إلى ذلك - لا يستثنى منه أحد في جميع النشآت بنحو الأبد وعدم الانقطاع، ومن ثمّ يكون وجوب الطاعة والولاية مكلَّف به جميع المخلوقات بنحو من التأبيد والخلود، فخلافة وولاية أولي الأمر ووجوب طاعتهم لا تختصّ بالجنّ أو الإنس ولا بالأمور السياسية الدنيوية وليس لأمدها حدّ ولا انقطاع.

وهناك أيضاً آيات أخرى ستأتي لاحقاً قرنت بين النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته، ممَّا يكشف عن أن مقامات الأنبياء ونيل الحظوة الإلهية لا يتم إلّا بالتوسل والتوجّه بهم إلى اللَّه تعالى، وأن تولّيهم واسطة للفيض الإلهي، ولولاهم لَمَا بُعث الأنبياء والمرسلون، فهم الوسيلة إلى اللَّه تعالى في عظائم الأمور، فكيف بالقضايا الأخرى التي هي أقلّ شأناً ممَّا يرتبط بالأمور الحياتية والمعيشية للناس؟!

وهذا كلّه يصلح بياناً بذاته لتبعية الأنبياء جميعاً لخاتم الأنبياء وأهل بيته عليهم‌السلام مع سبقهم الزمني عليهم.

بيان آخر لتوسل الأنبياء بالرسول الأكرم وأهل بيته في نيل المقامات

النبي وأهل بيته قدوة للأنبياء:

ممَّا يشير إلى كون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام قدوة لجميع الأنبياء والمرسلين حتّى أولي العزم منهم، وبالتالي اتّباعهم للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام وسيلة

٢٠٦

لبلوغهم المقامات العالية من النبوّة والرسالة والخلّة والإمامة وغيرها، مع أن النبي وأهل بيته متأخرين عنهم من حيث الزمان في النشأة الأرضية؛ هو ما دلّت عليه جملة من الآيات والروايات من أن اللَّه تعالى أنبأ آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والرسل بالأحوال والحوادث التي تجري على خاتم الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام ، من المحن والمصائب والابتلاءات والامتحانات والشدائد، وكيفية ثباتهم عليهم‌السلام فيها وصبرهم ورضاهم وتسليمهم بقضاء اللَّه وقدره وتنمّرهم في ذات اللَّه، وأطلعهم على الكمالات والمقامات الرفيعة التي يكونون عليها، مع عظيم ابتلائهم بتلك الشدائد.

وهذا ما يوجب تربية روحية عالية لهم ليتحلّوا بالكمالات عند مواجهتهم للشدائد والفتن والمحن وبالتالي نيل المقامات التي حظوا بها عند اللَّه تعالى.

وكان فيما أوحى اللَّه عزّ وجلَّ لهم عن أحوال النبي وأهل بيته بأنماط متعدّدة من الوحي - أي من الوحي الصوري نظير الرؤيا أو الوحي بالإلهام والمعنى وغيرها من أنماط الوحي - فكانت سيرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام تمثالاً منصوباً وشعاراً مرفوعاً لهم يحتذون ويقتدون به، ماثل أمام أعينهم طيلة مسيرة أيَّام نبوّتهم ورسالتهم. وهذا أحد معاني اقتداء الأنبياء والمرسلين بالنبي وأهل بيته.

أمَّا الآيات التي تشير إلى هذا المعنى، فهي عديدة نشير إلى جانب منها:

١ - ما تقدّم من قوله تعالى: ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النبيينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) (١) فإنها دالّة

____________________

(١) آل عمران: ٨١.

٢٠٧

على أن اللَّه عزّ وجلَّ أخبرهم عن خاتم الأنبياء ومقاماته وأن الدين دينه وهو فاتح حصونه، ثم بعد ذلك أمرهم بالتسليم له والإيمان به ونصرته.

٢ - قوله تعالى على لسان عيسى عليه‌السلام : ( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) (١) .

٣ - قوله تعالى في يهود المدينة، قُبيل ولادة النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (٢) ، فقد نقل المفسّرون في ذيل هذه الآية المباركة أن اليهود من أهل المدينة وخيبر كانوا إذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب من الأوس والخزرج يستنصرون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم ويستفتحون به لِمَا يجدون من ذكره وصفاته وشمائله ومحلّ ولادته في التوراة، وكانوا يدعون ويتوسَّلون بحقّه للنصرة عليهم، حيث يقولون: (اللّهم إنّا نستنصرك بحقّ النبيِّ الأميِّ إلّا نصرتنا عليهم).

وعن ابن عباس قال: (كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلّما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء: اللّهم إنا نسألك بحقّ محمّد النبي الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلّا نصرتنا عليهم. قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلمَّا بُعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كفروا به، فأنزل اللَّه تعالى: ( وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ ) أي بك يامحمّد إلى قوله تعالى: ( فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ) (٣) .

٤ - قوله تعالى في اليهود والنصارى الذين آمنوا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ

____________________

(١) الصف: ٦.

(٢) البقرة: ٨٩.

(٣) تفسير الطبري، ج١، ص٣٢٤، وتفسير القرطبي، ج٢، ص٢٧.

٢٠٨

الرَّسُولَ النبي الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) .

٥ - قوله تعالى في معرفة أهل الكتاب بصفات وشمائل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٢) .

إن هذه الأربع آيات الأخيرة صريحة في إخبار الأنبياء عليهم‌السلام أممهم بأحوال خاتم الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرته، وهذا يكشف عن أن اللَّه تعالى أطلع أنبياءه على سيرة النبي الأعظم وما يجري عليه من المحن والشدائد.

٦ - قوله تعالى على لسان إبراهيم في دعائه لذريّته:

( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (٣) فهي دالّة على أن إبراهيم كان مطّلعاً على سيرة ذرِّيَّته الطاهرة، ودعا اللَّه عزّ وجلَّ بمودّة الناس لهم وهويّ القلوب إليهم.

هذا بالنسبة إلى الآيات المباركة، وهي دالّة على أن الأنبياء عليهم‌السلام كانوا على اطّلاع بالنبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين وما يجري عليهم من البلايا.

أمَّا الروايات في هذا المجال، فهي كثيرة جدّاً، نشير إلى شطر منها على سبيل الاختصار:

____________________

(١) الأعراف: ١٥٧.

(٢) البقرة: ١٤٦.

(٣) إبراهيم: ٣٧.

٢٠٩

١ - ما أخرجه القندوزي الحنفي في الينابيع، عن رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (ياعباد اللَّه، إن آدم عليه‌السلام لمَّا رأى النور ساطعاً من صلبه، إذ كان اللَّه تعالى نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبيّن الأشباح، فقال: ياربِّ ما هذه الأنوار؟

قال: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع العرش إلى ظهرك؛ ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك، إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح.

فقال آدم عليه‌السلام : ياربِّ لو بيّنتها لي.

فقال اللَّه عزّ وجل: انظر - ياآدم - إلى ذروة العرش. فنظر آدم عليه‌السلام ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم عليه‌السلام إلى ذروة العرش، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية، فرأى أشباحنا.

فقال: ما هذه الأشباح ياربِّ؟

قال اللَّه تعالى: يا آدم، هذه الأشباح أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي؛ هذا محمّد - وأنا المحمود في أفعالي - شققت له اسماً من اسمي، وهذا علي ‏ـ وأنا العليّ العظيم - شققت له اسماً من اسمي، وهذه فاطمة - وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل

القضاء، وفاطم أوليائي ممَّا يبيرهم ويشينهم - شققت لها اسماً من اسمي، وهذا الحسن وهذا الحسين - وأنا المحسن المجمل ومنّي الإحسان، شققت اسميهما من اسمي.

وهؤلاء خيار خلقي وكرائم بريّتي، بهم آخذ وبهم أعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسَّل بهم إليّ يا آدم، وإذا دهتك داهية فاجعلهم إليّ شفعائك، فإني آليتُ

٢١٠

على نفسي قسماً حقّاً لا أُخيّب لهم آملاً ولا أردّ لهم سائل) (١) .

فهذه الرواية صريحة في أن اللَّه تعالى أطلع خليفته ونبيّه آدم على حقائق أهل البيت عليهم‌السلام ؛ ليكونوا له قدوة يقتدي بهم وشفعاء يتوسَّل بهم إلى اللَّه تعالى.

٢ - روي: أن آدم عليه‌السلام لمَّا هبط إلى الأرض، لم يرَ حوَّاء، فصار يطوف الأرض في طلبها، فمرَّ بكربلاء فاغتمَّ وضاق صدره من غير سبب، وعثر في الموضع الذي قُتل فيه الحسين عليه‌السلام حتى سال الدمّ من رجله، فرفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به؟ فإني طفت جميع الأرض وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض.

فأوحى اللَّه تعالى إليه: يا آدم ما حدث منك ذنب، ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلماً، فسال دمك موافقة لدمه (٢) .

٣ - ما أخرجه المجلسي في البحار عن صاحب الدرّ الثمين في تفسير قوله تعالى: ( فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ) (٣) : (أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي والأئمة عليهم‌السلام ، فلقّنه جبرئيل، قل: ياحميد بحقّ محمّد، ياعالي بحقّ عليّ، يافاطر بحقّ فاطمة، يامحسن بحقّ الحسن والحسين ومنك الإحسان.

فلمَّا ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه، وقال: ياأخي جبرئيل، في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال: جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب، فقال: ياأخي وما هي؟ قال: يقتل عطشاناً غريباً وحيداً

____________________

(١) القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة لذوي القربى، ج١، ص٢٨٩.

(٢) بحار الأنوار، ج٤٤، ص٢٤٢.

(٣) البقرة: ٣٧.

٢١١

فريداً ليس له ناصر ولا معين) (١) .

٤ - ما أخرجه الصدوق عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال: (لمَّا أمر اللَّه تبارك وتعالى إبراهيم عليه‌السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم عليه‌السلام أن يكون يذبح ابنه إسماعيل عليه‌السلام بيده، وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه؛ ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده بيده، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى اللَّه عزّ وجلَّ إليه: ياإبراهيم، مَن أحبّ خلقي إليك؟ فقال: ياربّ ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله . فأوحى اللَّه عزّ وجل إليه: ياإبراهيم، أفهو أحبّ إليك أو نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي. قال: فولده أحبّ إليك أو ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: ياربّ، بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: ياإبراهيم، فإن طائفة تزعم أنها من أمة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ستقتل الحسين عليه‌السلام إبنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يذبح الكبش، فيستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم عليه‌السلام لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي، فأوحى اللَّه عزّ وجلَّ إليه: ياإبراهيم ن قد فديت جزعك على إبنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليه‌السلام وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب) (٢) .

٥ - ما أخرجه ابن قولويه في كامل الزيارات عن أبي عبداللَّه عليه‌السلام قال: (إن إسماعيل الذي قال اللَّه تعالى في كتابه: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ

____________________

(١) بحار الأنوار، ج٤٤، ص٢٤٥.

(٢) الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج٢، ص١٨٨، ب١٧، ح١.

٢١٢

صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) (١) لم يكن إسماعيل بن إبراهيم عليه‌السلام ، بل كان نبيّاً من الأنبياء بعثه اللَّه إلى قومه، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه، فأتاه ملك عن اللَّه تبارك وتعالى فقال: إن اللَّه بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع

بالحسين عليه‌السلام ) (٢) .

وفي حديث آخر عنه عليه‌السلام قال: (ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي عليه‌السلام ، بعثه اللَّه إلى قومه فكذّبوه، فقتلوه وسلخوا وجهه، فغضب اللَّه له عليهم فوجّه إليه أسطاطائيل ملك العذاب، فقال له: ياإسماعيل، أنا أسطاطائيل ملك العذاب، وجّهني إليك ربّ العزّة لأعذّب قومك بأنواع العذاب إن شئت، فقال له إسماعيل: لا حاجة لي في ذلك، فأوحى اللَّه إليه فما حاجتك ياإسماعيل؟ فقال: ياربّ، إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوّة ولأوصيائه بالولاية، وأخبرت خير خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن عليّ عليه‌السلام من بعد نبيّها، وأنك وعدت الحسين عليه‌السلام أن تكرَّهُ إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممَّن فعل ذلك به، فحاجتي إليك ياربّي أن تكرّني إلى الدنيا حتّى أنتقم ممَّن فعل ذلك بي، كما تكرّ الحسين عليه‌السلام ، فوعد اللَّه إسماعيل بن حزقيل ذلك، فهو يكرّ مع الحسين عليه‌السلام ) (٣) .

٦ - عن سعد بن عبداللَّه القمي في سؤاله للإمام المهدي عليه‌السلام في محضر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ؛ حيث قال: فاخبرني ياابن رسول اللَّه عن تأويل ( كهيعص )؟ قال عليه‌السلام : (هذه الحروف من أنباء الغيب، أطْلَع اللَّه عليها عبده زكريّا، ثم قصّها على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وذلك إن زكريا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء

____________________

(١) مريم: ٥٤.

(٢) جعفر بن محمد بن قولويه، كامل الزيارات، ص١٣٧.

(٣) المصدر، ص١٣٨ - ١٣٩.

٢١٣

الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين، سرى عنه همّه، وانجلى كربه، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة (١) ، فقال ذات يوم: ياإلهي، ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه اللَّه تعالى عن قصّته ( إلى أن قال: ) فلمَّا سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيَّام ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكانت ندبته: إلهي، أتفجع خير خلقك بولده؟ إلهي، أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟ إلهي، أتُلبس عليَّاً وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي، أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟

ثم كان يقول: أللّهم ارزقني ولداً تقرّ به عيني على الكبر، واجعله وارثاً وصيّاً، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثم افجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك بولده، فرزقه اللَّه يحيى وفجعه به) (٢) .

والروايات في هذا المجال كثيرة جدّاً، وهي دالّة على ما أردنا التنبيه عليه من تبعية الأنبياء لمحمّد وأهل بيته عليهم‌السلام ، وكونهم قدوة لهم وواسطة في بلوغ ما وصلوا إليه من المقامات، وذلك عن طريق استعراض سيرتهم والحوادث التي جرت عليهم عليهم‌السلام .

____________________

(١) البهر: تتابع النفس وانقطاعه كما يحصل بعد الإعياء والعدو الشديد.

(٢) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص٤٥٩.

٢١٤

آيات أخرى في اقتران أهل البيت عليهم‌السلام بالنبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصفات

١ - قوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ) (١) ، حيث قرنت هذه الآية المباركة بالنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته عليهم‌السلام وجعلتهم شركاء له تابعون في الطهارة، وهي تعني درجة العصمة التي للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو صلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد الأنبياء ويفوق الكلّ في درجة العصمة والطهارة، إلّا أن سنخ عصمته صلى‌الله‌عليه‌وآله متقاربة ومتقارنة مع سنخ العصمة التي لأهل البيت عليهم‌السلام ، ففي الوقت الذي قرن اللَّه تعالى بنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته في العصمة والطهارة، لم يقرن أحداً من الأنبياء في نمط التطهير والعصمة الذي له صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ - قوله تعالى: ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (٢) ، فلم يُنزَّل أحد كنفس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا عليّ عليه‌السلام ، وقرن اللَّه تعالى بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته عليهم‌السلام في الحُجِّيَّة، فالخمسة عليهم‌السلام معاً حجج على جميع الأديان السماوية والبشرية عموماً إلى يوم القيامة، فهم عليهم‌السلام شركاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الرسالة؛ لأن المباهلة نوع محالفة، وفي الحلف لابدّ أن يحلف الأصيل ولا وكالة في الحلف، وهذا يعني أنهم عليهم‌السلام شركاء في الرسالة أصالة، ولكنَّهم تابعون في ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو سيّدهم وبشفاعته نالوا الأصالة في الحُجِّيَّة.

والحاصل: إن أهل البيت عليهم‌السلام مقرونون بسيّد الأنبياء في المقامات تبعاً له صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا يعني أن الإيمان بأهل البيت والتولّي لهم من الدين الذي أخذ على

____________________

(١) الأحزاب: ٣٣.

(٢) آل عمران: ٦١.

٢١٥

الأنبياء الإيمان به ونصرته لأجل نيل المقامات العالية عند اللَّه تعالى.

هذا تمام الكلام في الدليل السابع على عموم شرطية التوسّل بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام لصحّة الإيمان وللتوبة وسائر العبادات ولنيل مقامات القرب.

الدليل الثامن: قوله تعالى: ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (١) .

تقدّم أن هذه الآية المباركة دالّة على مبدأ التوسّل، ونشير هنا أيضاً إلى أنها دالّة على عموم شرطية التوسّل في التوجّه إلى الحضرة الإلهية، فلابدّ من التوسّل بالذريّة والتوجّه بهم وصلتهم والمجي‏ء إليهم، وسبق كذلك أن التوجّه نوع دعاء، وهو لا يرتفع ولا تفتّح له أبواب السماء إلّا بالتوسل بالنبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام وهويّ القلوب إليهم.

ولذا كانت مودّة أهل البيت عليهم‌السلام أجر الرسالة الخاتمة كما في قوله تعالى: ( قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) ، وقال تعالى: ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) (٣) ، ممَّا يعني أن مودّة أهل البيت عليهم‌السلام يعود نفعها للأمة جمعاء، وقال عزّ وجل: ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ) (٤) ، ومعنى ذلك أن مودّتهم عليهم‌السلام هي السبيل الوحيد والطريق والوسيلة المنحصرة إلى اللَّه تعالى، فهم السبيل إليه والمسلك إلى رضوانه.

____________________

(١) إبراهيم: ٣٧.

(٢) الشورى: ٢٣.

(٣) سبأ: ٤٧.

(٤) الفرقان: ٥٧.

٢١٦

الدليل التاسع: الاستكبار والصدّ عن آيات اللَّه تعالى موجب لحبط الأعمال

نريد أن نتعرض هنا في الاستدلال على المقام بما تقدّم من قوله عزّ وجل: ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الُْمجْرِمِينَ ) (١) ونريد أن نضيف على ما تقدَّم من بيان هذه الآية الكريمة بما له دلالة على المطلوب في المقام، وذلك بالبيان التالي:

إن الآية المباركة تتعرّض لبعض الأحكام المترتّبة على التكذيب بآيات اللَّه تعالى، والمقصود من الآيات هي الحجج الإلهية؛ حيث أطلق

اللَّه عزّ وجل لفظ الآية على مريم وعيسى عليهما‌السلام : ( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ) (٢) ، وإذا كان عيسى عليه‌السلام لم ينل ما ناله إلّا بولايته وإقراره وإيمانه بسيّد الأنبياء فكيف بنفس النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو أعظم آية للَّه تعالى؟ وإذا كان عيسى عليه‌السلام من وزراء الإمام المهدي عليه‌السلام وتابعاً له في دولته، فكيف لا يكون أهل البيت عليهم‌السلام من أعظم آيات اللَّه تعالى؟ خصوصاً وأن اللَّه تعالى قرَن بالنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته عليهم‌السلام في الطهارة والعصمة والحُجِّيَّة والولاية وغيرها من المقامات التي تقدّم التعرّض لها آنفاً، فلا شك أن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام المصداق البارز للآية التي نحن بصدد بيانها، فهم عليهم‌السلام أوضح وأبرز وأعظم آيات اللَّه تعالى.

____________________

(١) الأعراف: ٤٠.

(٢) المؤمنون: ٥٠.

٢١٧

والذين يكذّبون بآيات اللَّه تعالى ويصدّون ويستكبرون عنها - كما فعل إبليس مع آدم عليه‌السلام - لا تفتّح لهم أبواب السماء، فلكي تفتّح أبواب السماء لقبول الأعمال والعبادات والعقائد وجميع المقامات، وقد قال تعالى: ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (١) والكلم الطيب هو العقيدة، فبيّنت الآية أن الإيمان والعقيدة لابدّ له أن يصعد في مسير قبوله عند اللَّه تعالى، والصعود إلى السماء لابدّ أن تفتّح له أبواب

السماء، وقد بيّنت الآية السابقة أن مفتاح أبواب السماء هو كلّ من التصديق بالآيات الإلهية والخضوع لها واللجوء إليها وعدم الصدّ عنها. ومن أجل الرُّقي والعروج إلى السماء لابدّ من التوجّه إلى آيات اللَّه تعالى واللجوء إليها والتصديق بها وعدم الصدّ عنها، فالآية صريحة في أن التوبة والعبادة وأيّ قربى أو زلفى إلى اللَّه عزّ وجلَّ تفتقر إلى تفتُّح أبواب السماء وأنها لا تفتّح أبداً مع الاستكبار على الآيات الإلهية، فليس الإيمان بآيات اللَّه فحسب كافٍ في قبول العبادات ورقي المقامات، بل لابدّ من المودّة والصلة والإقبال والتوجّه إلى الآيات والتوسّل بها إلى اللَّه، وعدم الصدّ والاعراض والاستكبار عنها؛ لأن الآية جعلت شرطين لفتح أبواب السماء ولدخول الجنّة:

الأول: عدم التكذيب؛ أى التصديق والإيمان والمعرفة بآيات اللَّه الحجج.

والثاني: عدم الاستكبار عنها، وهذا الأمر يتضمّن شيئين:

أحدهما: عدم الاستكبار؛ أي الخضوع والتواضع، وثانيهما: عدم الصدّ الذي قد ضُمِّن في فعل الاستكبار بقرنية عن، نظير ما ذكرته الآيات في مسبب كفر إبليس: ( أَبَى وَاسْتَكْبَرَ ) . فالإباء هو الجحود مقابل التصديق، والاستكبار مقابل

____________________

(١) سورة فاطر: ١٠.

٢١٨

الخضوع والاتباع.

ونظير ذلك ما ورد في سورة المنافقين في قوله تعالى: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ) (١) وهذه الآية الكريمة صريحة في أن الاستغفار وقبول التوبة متوقّف على المجي‏ء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن صفة المنافق الصدّ عن الآيات الإلهية والاستكبار عليها والابتعاد عنها وعدم اللجوء إليها واللواذ بها، وهذا نوع من التشاهد بين الآيات القرآنية. فالآية تدلّ على أن الأوبة إلى اللَّه تعالى والقرب إليه لابدّ فيه من التوجّه أوّلاً إلى الحضرة النبوّية والتوسّل والاستشفاع بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم شفاعته.

فالتوسّل خيار حصري لابدِّي شرطي منحصر بالمجي‏ء واللجوء إلى الحضرة النبويّة واللّواذ بها والاستغاثة به صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم ابداء التوبة والاستغفار وإمضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله له باستغفاره وشفاعته لهم من أجل تحقّق التوبة ومقام المغفرة وقبول العبادة التي منها عبادة التوبة.

ونظير هذه الآيات أيضاً قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (٢) .

ومن الشواهد أيضاً على أن المراد من الآيات هنا هم الأنبياء والخلفاء الأوصياء الحجج هو التعبير بـ ( كَذَّبُوا ) ؛ فإنه مقابل التصديق فيما يزعمون من مناصب وفيما لهم من دعوى. وأمَّا الآية الكونية، فليس فيها تكذيب أو تصديق، بل إنما تقع الغفلة والإعراض عنها؛ إذ لا يوجد فيها زعم أو دعوى معيّنة

____________________

(١) المنافقون: ٥.

(٢) الأعراف: ٣٦.

٢١٩

كي يصدق في حقّها التصديق أو التكذيب، فالتصديق أو التكذيب إنما يكون للحجج الإلهية التي تدّعي مقاماً إلهياً وكذا فيما تبلّغه عن اللَّه تعالى، فالمراد بالآية والآيات في المقام الحجج الإلهية من الأنبياء والرسل والأصفياء والأوصياء، الذين أُسندت إليهم المقامات الإلهية.

والحاصل: أن هذه الآيات المباركة تبيّن أن مفتاح أبواب سماء الحضرة الربوبية الإقرار بالحجج والآيات والتوجّه إليها والتوسّل والتشبّث بها والانقطاع إليها لا عنها، وأبرز وأعظم تلك الآيات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام ، فهم مفاتيح أبواب السماء في قبول وصعود التوبة والعبادة والمعرفة والإيمان والعقيدة ونيل المقامات، فلا ترتفع أي عبادة ولا ينال مقام ولا تتحقّق التوبة مع عدم التصديق بالآيات وصلتها ومودّتها والتوجّه إليها والتوسّل بها، والإعراض عنها يوجب حبط الأعمال وامتناع دخولهم الجنّة في الآخرة ( وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) ( أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، فشرط النجاة يوم القيامة الارتباط بالآيات الإلهيّة والانتماء إليها و

التوسّل بها؛ لكونها قنوات غيبيّة توجب القرب إلى اللَّه تعالى.

فالتوسل شرط في تفتّح الأبواب لقبول وصحّة الإيمان والتوبة وقبول الأعمال وسائر المقامات.

الدليل العاشر: خضوع الملائكة لآدم عليه‌السلام

كلّ خليفة للَّه باب أعظم لملائكته

لقد سبق ذكر الآيات التي تعرّضت لقصة آدم عليه‌السلام وأمر الملائكة كلّهم

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320