التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي

التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي0%

التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي مؤلف:
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 550

التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي

مؤلف: السيد علي الشهرستاني
تصنيف:

الصفحات: 550
المشاهدات: 166661
تحميل: 7334

توضيحات:

التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 166661 / تحميل: 7334
الحجم الحجم الحجم
التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي

التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي

مؤلف:
العربية

موسى، وذلك ما لم يلتفت إليه هارون العباسي، فكان يغدق الأموال والعطايا والهدايا ‏على هذا الشاعر، فلمّا علم بذلك وبمقصد منصور النمري جنّ ‎ جنونه.

وقد نقل السيد المرتضى عن المرزباني، عن الحكيمي، عن يموت بن المزرّع عن ‏الجاحظ قوله: كان منصور النميري ينافق(١) الرشيد ويذكر هارون في شعره ويريه أنّه ‏من وجوه شيعته، وباطِنُهُ ومرادُهُ بذلك أميرالمؤمنينعليه‌السلام علي بن أبي طالب لقول ‏النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏(‏أنت منّي بمنزلة هارون من موسى‏)‏(٢) .

ولمّا وقف هارون العباسي على تشيّع منصور النمري أمر بِسَلِّ لسانه وقطع يديه ‏ورجليه ثمّ ضرب عنقه وحمل رأسه إليه وصلب بدنه، فلمّا ذهبوا لينفذوا ذلك وجدوه قد ‏مات ودفن، فرجعوا إلى هارون العباسي فأخبروه فقال: هلاّ احرقتموه بالنار، وفي ‏رواية أخرى أنّهم نبشوا قبره(٣) .

إذَنْ لولا تشابه الأسماء واختلاطها لما استطاع منصور النمري - أو غيره من الشعراء ‏أو الرواة أو الفقهاء - أن يبثّ قصائده وأفكاره بعيداً عن عيون الدولة وجواسيسها، لكنّ ‏تشابه الأسماء وعدم إظهار الحساسيّة منها كان له - في جانب من جوانبه - المردود الخيِّر ‏على شيعة آل محمّد بفضل علم وسياسة أئمّتهمعليهم‌السلام .

وبهذا قد انتهينا من بيان مسيرة الأسماء في القرنين الأول والثاني، وموقف أهل البيت ‏والخلفاء منها، والآن، نأتي بجرد إحصائي لمن سُمّى باسماء الثلاثة ‎

في العصور اللاّحقة كي نبيّن بأنّ الأئمة وشيعتهم لم يخالفوا الأسماء، ومن ‎

خلال ذلك تفند دعوى ابن تيمية وأتباعه القائلين بعدم وجود هذه الأسماء‏ عند ‎

الشيعة:‏

____________________

١- هذه عبارته، وهذا ليس نفاقاً و إنّما هو تقية، وفي الأدب يسمّى حسنى المُواربة.

٢- أمالي المرتضى ٤: ١٨٦.

٣- انظر مقدمة ديوانه: ٢٤، وقاموس الرجال للتستري ١١: ٥٢٦ وتاريخ بغداد ١٣: ٦٧.

٢٦١

وجود أسماء الثلاثة عند الشيعة في القرنين الثاني والثالث

تبيّن ممّا مرّ أنّ أسماء الثلاثة كانت موجودة بين الناس وأصحاب الأئمة ورواة الحديث ‏عنهمعليهم‌السلام ، كما أكّدنا أيضاً بأن ليس لتلك الأسماء دلالة على محبّتهم للخلفاء، ‏وأنّ أئمّة أهل البيت لم ينهوهم نهياً مطلقاً عن التسمية بهذه الأسماء، رغم ما لاقوه من ‏أولئك الأشخاص ومن اتّبعوهم من الحكّام، حتّى إنّنا نرى اسم معاوية ويزيد ومروان ‏موجوداً بين أصحاب الأئمة.

فمثلا ترى اسم عمر (عمرو)(١) وعثمان ويزيد والحجاج وأمثالها بين المستشهدين ‏بين يدي الحسين بن علي في واقعة الطف، وقد وقع التسليم في الزيارة الرجبية على عمر ‏‏(عمرو) بن كناد، وعمر بن أبي كعب.

وكذا وقع التسليم على عمر (عمرو) بن خالد الصيداوي، وعمر بن الأُحدوث في ‏زيارة الناحية المقدّسة.

وقد وقع التسليم أيضاً على عمر (عمرو) بن عبد الله الأنصاري الصائدي في زيارَتَي ‏الناحية المقدَّسة والرجبيّة معاً.

وكذا وقع السلام في الزيارة الرجبية - الذي ذكرها المفيد والسيد ابن طاووس - على ‏من اسمه عثمان: ‏(‏السلام على عثمان بن فروة القاري‏)‏.

وأيضاً على من اسمه: يزيد، والحجاج في زيارة الناحية المقدّسة: ‏(‏السلام على يزيد ‏بن حصين الهمداني المشرفي القاري السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي ‏السلام على يزيد بن زياد بن مهاجر الكندي‏)‏.

وهذا يشير الى انّ الامام الحسينعليه‌السلام كان يسمو بروحه وفكره على تصرفات ‏الأمويين، فلم يكن يخالف اسم عمر أو عثمان أو يزيد أو الحجاج أو أيّ اسم آخر بما هو ‏اسم، وإن كان على طرفي نقيض مع عمر بن الخطاب، وعثمان بن ‏

____________________

١- هناك احتمال طرحناه في اسماء الطالبيين مفاده ان شيوع اسم عمرو عندهم هو اكثر من عمر يمكنك ‏مراجعة صفحة ٣٢٤ من هذا الكتاب.

٢٦٢

عفان، ويزيد بن معاوية، فالإمامعليه‌السلام كان يعلم بأنّ ما جرى عليه وما ‏سيجري على شيعته إنّما هو نتيجة طبيعية لسياسة الشيخين ومن لفّ لفّهما، وحتى قيل بأن ‏الحسينعليه‌السلام قد قتل من يوم السقيفة(١) .

وكذلك تقف على اسم عمر في أصحاب الإمام زين العابدين عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، مثل: عمر (عمرو) بن أبي المقدام، وعمر بن جبلة، وعمر (عمرو) بن ثابت.

وكذا يوجد هذا الاسم في أصحاب الإمام الباقر والرواة عنه مثل: عمر بن أبان، ‏وعمر بن أبي شيبة، وعمر بن قيس الماصر، وعمر (عمرو) بن هلال، وعمر بن ‏حنظلة، وعمر بن عبد الله الثقفي، وعمر (عمرو) بن معمر بن وشيكة، وعمر بن ثابت، ‏وغيرهم.

وفي (الفائق في أصحاب الإمام الصادق) للحاج عبد الحسين الشبستري تقف على ‏خمسة سمّوا بأبي بكر، وهم: أبو بكر بن أبي سماك (أبي سمال) الأسدي، وأبو بكر بن ‏عبد الله بن سعد الأشعري القمّي، و أبو بكر بن عيّاش الأسدي الكوفي(٢) ، وأبو بكر بن ‏محمّد، وأبو بكر المرادي، وعلى أكثر من سبعين شخصاً قد سُمُّوا ب- ‏(‏عمر‏)‏، و ٣٢ ‏شخصاً سمّوا ب- ‏(‏عثمان‏)‏، و ١٨ شخصاً سموا ب- ‏(‏سفيان‏)‏، و ١١ شخصاً سموا ‏ب- ‏(‏معاوية‏)‏، و ٣٩ شخصاً سموا ب- ‏(‏خالد‏)‏، و ١٦ شخصاً سموا ب- ‏(‏يزيد‏)‏، و ١٨ ‏شخصاً سموا ب- ‏(‏الوليد‏)‏، و ٧ أشخاص سمّوا ب- ‏(‏الضحاك‏)‏ و ‏(‏المغيرة‏)‏.

وذكر الشيخ الطوسي وغيره الذين سُمّوا بعمر في أصحاب أبي الحسن موسى بن ‏جعفر، وهم: عمر بن يزيد بيّاع السابري، وعمر بن أذينة، وعمر بن رياح، ‏

____________________

١- قال القاضي أبو بكر بن قُرَيعة:‏

وأَريتُكُم أَنّ الحسينَ أُصيبَ من يوم السقيفة

كشف الغمة للأربلي ٢: ١٢٧.

٢- هذا من علماء ومحدّثي العامّة الذين يثقون بهم، وكان له محبة وميل إلى أهل البيت.

٢٦٣

وعمر بن محمّد بن يزيد الثقفي، وعمر بن حفص - ذكره النجاشي في ترجمة حفص ‏بن غياث - وعمر بن محمّد الأسدي، وفيهم أيضاً: عثمان بن عيسى الرواسي، وفيهم ‏أيضاً: يزيد بن سليط الزيدي، ويزيد بن خليفة، ويزيد بن الحسن، و(أبو بكر) عيسى بن ‏عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري.

وفي أصحاب الإمام الرضا تقف على من سُمُّوا بعمر وعثمان ومروان ومعاوية ‏ويزيد، مثل: عمر بن زهير الجزري، وعمر بن فرات البغدادي - كان بواباً للرضاعليه‌السلام - وعمر بن فرات، وعمر الجعابي، وعثمان بن عيسى الكلابي، وعثمان بن ‏رشيد، و مروان بن يحيى، ومعاوية بن يحيى، ومعاوية بن سعيد الكندي، ويزيد بن ‏عمر بن بنت عثمان، وأبو يزيد المكي.

وفي أصحاب الإمام الجواد يوجد اسم: معاوية بن حكيم.

وفي أصحاب الإمام الهادي اسم: أبو بكر الفهفكي، وعمر بن توبة الصنعاني، ‏وعثمان بن سعيد العمري، ومعاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار.

وفي أصحاب الإمام العسكري اسم: يشبه اسم عمر بن أبي مسلم، وعثمان بن سعيد ‏العمري الزيّات، وعمر بن أبي مسلم.

فوجود هذه الأسماء بين أصحاب الأئمة يؤكّد بأن الأئمّةعليهم‌السلام كانوا أسمى من ‏أعدائهم، حيث إنّهمعليهم‌السلام لم يتعاملوا مع الأشخاص على الهوية، ولم يكشّروا ‏وجهاً بوجه من سُمِّي باسم مخالفهم، ولم يغضّوا سمعاً من اسم عمر وأبي بكر وعثمان، ‏إذ هم بعلمهم الربانيّ وعملهم الحكيم الإلهي لا يريدون أن يخرجوا عمّا اعتاد عليه الناس ‏في التسميات، بدعوى أنّ فلاناً يخالفني ويعاديني.

بل الاكثر من ذلك تراهم لا يمنعون أتباع السلطة من أن يكنّوهم بأبي بكر، إذ حكى ‏بعض أصحاب كتب التراجم والرجال بأنّ الأئمة: السجاد والرضا والهادي والحجةعليهم‌السلام كانوا يُكَنَّون من قِبَلِ أَهلِ المدينة وأهل الشام بهذه الكنى(١) ، ولم ‏

____________________

١- انظر في ذلك الصفحات ٤٦٣ إلى ٤٧١ من هذا الكتاب.

٢٦٤

نرهمعليهم‌السلام يمنعونهم منها.

وحتّى إنّ بعض أصحابهم - الذين لهم أصول عامية - كانوا يطلقون تلك الكنى ‏عليهم، والأئمّةُ كانوا يسكتون، فممّا جاء في هذا السياق قول أبي الصلت الهروي أ نّه ‏قال: سألني المأمون عن مسألة، فقلت: قال فيها أبو بكر كذا وكذا.

قال: من هو أبو بكر: أبو بكرنا أو أبو بكر العامّة، قلت: أبو بكرنا، قال عيسى: ‏قلت لابي الصلت: من أبوبكركم ؟ فقال: عليّ بن موسى الرضا(١) كان يكنّى بها، ‏ووجود هذه الكنية للإمام الرضا وعدمه هو ما سنوضّحه في القسم الثاني من هذه الدراسة ‏‏(الكنى) إن شاء الله تعالى.

القرن الرابع الهجري

ذكر الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه (نوابغ الرواة في رابعة المئات) ثلاثة ‏أشخاص من علماء الشيعة - أو ممّن روى عنهم الشيعة - قد كنّوا بأبي بكر في هذا العهد ‏وهم:‏

‏١ - أبو بكر الخوارزمي: محمّد بن العباس(٢) .

‏٢ - أبو بكر الدوري: أحمد بن عبد الله بن جلين.

‏٣ - أبو بكر بن همام: محمّد بن همام بن سهيل(٣) .

وفي حرف الباء يوجد اسم بكر بن أحمد بن مخلّد من مشايخ الطوسي والنجاشي; ‏ذكره ابن النجّار في (ذيل تاريخ بغداد) كما نقله تلميذه ابن طاووس في كتاب (الأمان من ‏أخطار الأسفار والأزمان).

وبكر بن علي بن محمّد بن الفضل الحاكم الحنفي الشاشي من مشايخ ‏

____________________

١- مقاتل الطالبيين: ٣٧٤.

٢- أعيان الشيعة ٩: ٣٧٧ ت ٨٣٧، الطليعة من شعراء الشيعة ٢: ٢٤٨ / ت ٢٧٠، معجم البلدان ١: ٥٧، ‏قاموس الرجال للتستري: ٣٤٨/ ت ٦٨٦٥.

٣- طبقات اعلام الشيعة (القرن الرابع): صفحة ١٠.

٢٦٥

الصدوق، قال آغا بزرك: (إنّما ذكرته ليعلم أنّ الصدوق يتعرّض لمذهب شيخه لو ‏كان من العامّة)(١) .

وفي حرف (العين) قال آغا بزرك: عمر بن أحمد بن حمدان القشيري في طبقة عبد ‏العزيز بن يحيى الجلودي المتوفّى ٣٣٢ من مشايخ الصدوق.

وعمر بن سهل الدينوري من مشايخ الصدوق في (الأمالي).

وعمر بن أبي عسلان الثقفي من مشايخ الصدوق كما في (الأمالي).

وعمر بن الفضل المطيري الراوي عن محمّد بن الحسن الفرغاني (حديث تنصيص ‏زيد الشهيد بالاثني عشر) ويرويه عنه التلعكبري المتوفى ٣٨٥ كما في (كفاية الأثر).

وعمر بن الفضل الورّاق الطبري الذي روى عنه أبو غالب الزراري - المتوفى ‏‏٣٦٨ - بعض خطب أمير المؤمنين في رسالته.

وعمر بن محمّد بن سالم بن البراء المعروف بابن الجعابي، ترجمه في الفهرست ‏وذكر أ نّه يروي عن المفيد.

وعمر بن محمّد بن علي المعروف بابن الزيّات الصيرفي، يروي عنه المفيد في ‏‏(الإرشاد)، وهو يروي عن ابن أبي الثلج المتوفّى ٣٢٥، ويروي عنه المفيد في الأمالي ‏كثيراً.

وعثمان بن أحمد، أبو عمرو الدّقّاق من مشايخ المفيد المتوفّى ٤١٣.

وعثمان بن أحمد الواسطي من مشايخ النجاشي، فالواسطي والدعلجي والتلعكبري في ‏طبقة واحدة أدركهم النجاشي.

وعثمان بن جني النحوي الشهير المتوفّى ٣٩٢ كان من خواصّ تلاميذ أبي علي ‏الفارسي النحوي، وقرأ عليه الشريفان الرضي والمرتضى.

إِذن أسماء الثلاثة موجودة عند الشيعة في هذا القرن، وهو ما يفنّد مزاعم ابن ‏

____________________

١- طبقات أعلام الشيعة (القرن الرابع): صفحة ٦٦.

٢٦٦

تيمية وغيره القائلين بأنّ الشيعة هجروا هذه الأسماء في العصور الأُولى.

القرن الخامس الهجري

لم أقف على اسم أبي بكر، و بكر في كتاب (النابس في القرن الخامس) للشيخ آغا ‏بزرك الطهراني، بل وقفت على اسم واحد قد سُمّي بعمر، وهو: عمر بن محمّد بن عمر ‏بن يحيى من أحفاد زيد الشهيد، وثلاثة أشخاص سُمّوا بعثمان هم:‏

‏١ - عثمان بن أحمد الواسطي من مشايخ النجاشي (وهو نفس الذي تقدّم اسمه في ‏القرن الرابع الهجري).

‏٢ - عثمان بن إسماعيل بن أحمد المكنّى بأبي بكر، قال آغا بزرك: (أقول: ظاهر ‏الاسم والكنية أنّ المترجَم له عاميّ، إلاّ أنّ القراءة عليه مبّعدة له، ثمّ إنّ في أوّل (مهج ‏الدعوات) نقل أحرازاً عن كتاب (منية الداعي).

‏٣ - عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي، من مشايخ النجاشي (٣٧٢ - ٤٥٠)، قال ‏النجاشي في ترجمة سعدان بن مسلم ما لفظه: فقال أستاذنا عثمان بن حاتم بن منتاب ‏التغلبي.

وأنت ترى أنّ أسماء الثلاثة أخذت تقلّ منذ هذا القرن عند الشيعة، شيئاً فشيئاً، وذلك ‏لما فعلته الحكومات السنيّة بهم في العصور السابقة، ولوقوفهم على روايات أهل البيت في ‏كتب المحمّدين الثلاث - الكليني، الصدوق، الطوسي - في ظلامات الظالمين لهم، وما ‏سيجري عليهم لاحقاً من مصائب وفتن في عهد السفياني وقتل من يسمى بعلي ومحمد ‏والحسن والحسين وفاطمة.

القرن السادس الهجري

ذكر الشيخ آغا بزرك الطهراني في (الثقات العيون في سادس القرون) ثلاث اسماء قد ‏سموا بعمر وهم:‏

٢٦٧

عمر بن إبراهيم الخيّامي النيشابوري(١) ، صاحب ‏(‏رباعيات الخيّام‏)‏ المتوفّى ٥١٥ ‏أو ٥١٧ أو ٥٢٥.

وعمر بن إبراهيم بن محمّد، من أحفاد الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد، ولد ٤٤٢ ‏وتوفي ٥٣٩، ترجم له ياقوت في معجم الأدباء ونقل ولادته ووفاته عن تلميذه السمعاني ‏وأ نّه رأى له جزءً في الحديث مترجماً: (تصحيح الأذان بحيّ على خير العمل )، امتنع ‏من قراءت-ه عليه وقال: هذا لا يصلح لك، له طالب غيرك.

وعمر بن إسكندر، ذكره منتجب الدين بن بابويه.

ولم يذكر الشيخ آغا بزرك من اسمه: أبوبكر، أو بكر، أو عثمان فيما كتبه عن أعلام ‏الشيعة في (القرن السادس الهجري).

إساءة المفتي السلجوقي للصّدّيقة البتولعليها‌السلام

وهنا نكتة يجب الإشارة إليها، وهي: إنّ التعصّب الطائفي قد طغى في هذه الفترة، ‏و إنّ الصراعات احتدمت بين الطائفتين، وقد كان للدولة السلجوقية في العراق و إيران، ‏ولِطَوامِّ صلاح الدين الأيوبي في مصر والشام، الدور الأكبر في تشديد الخلاف والأزمة ‏بين الطرفين، وقد كُتِبَتْ آنذاك مؤلّفات في نقد عقائد الشيعة، وبيدنا اليوم وثائق كثيرة ‏موجودة عن ذلك العصر، بعضها باللغة العربية(٢) والأخرى باللغة الفارسية أو اللغة ‏التركية، أنقل لكم نصّاً واحداً منها، أورده عن كتاب قديم فارسي أُلِّف رداً على ما كُتب ‏من قِبَلِ أتباع الحكومة السلجوقية ضدّ الشيعة، وهو يرتبط بموضوع الإمامة والولاية ‏اسمه (النقض)، ومن المسائل التي بحثت في ذلك الكتاب موضوع تطابق أسماء أولاد ‏الأئمة مع أسماء الخلفاء.

وأرى في هذا المقطع من كتاب (النقض) للقزويني الرازي - الّذي أُلِّف في ‏

____________________

١- لم يثبت تشيّعه لكنّا أتينا باسمه رعاية للأمانة العلميّة ودقّة لما أتى به الشيخ الطهراني.

٢- منها كتب ابن تيمية.

٢٦٨

حدود سنة ٥٦٠ ه- - حدّاً فاصلا وفَيصلا قاطعاً كان سبباً مؤثِّراً لترك الشيعة في ‏أواخر القرن الخامس الهجري وأوائل القرن السادس التسمية بأسماء الثلاثة، ثمّ ازدادت ‏هذه الحساسية شيئاً فشيئاً إلى أن انعدمت التسمية بعمر في أواخر القرن الثامن الهجري ‏عند الشيعة، حتّى صار هذا الاسم غير مألوف عندهم، لأ نّهم أحسّوا بالإجحاف وعدم ‏المبالاة والسطو عليهم من قبل الحكّام، في حين أنّ الشيعة كانوا يريدون العيش المشترك ‏والتأكيد على المشتركات، لكنّ الآخرين كانوا يستغلّون هذا اللين وهذه السماحة و يعتبرون ‏ذلك ضعفاً، وهذا دعاهم إلى أن يتركوا التسمية بأسماء الثلاثة في العصور اللاّحقة جَرَّاءَ ‏ظلم ابن أبي سفيان، والحجاج، والعباسيين، والسلجوقيين، وصلاخ الدين الأيوبي ‏وغيرهم، و إليك هذا النص لترى فيه الظلامة والإجحاف من الطرف الآخر، وأراه كافياً ‏لتصوير ظلم الحكّام ومساسهم بالمقدّسات، وهو نصّ مترجَم من اللغة الفارسية القديمة إلى ‏العربية:‏

قال عبد الجليل القزويني الرازي صاحب كتاب ‏(‏النقض‏)‏ مجيباً دعاوى صاحب كتاب ‏‏(‏بعض فضائح الروافض‏)‏ على الشيعة، إذ قال:‏

‏(‏... ونقول في جواب ما ادّعيتموه من أ نّكم(١) تسمّون أبناءكم بالحسن ‏والحسين، والشيعة لا تسمي بأبي بكر وعمر، فهو كذب محض وبهتان لا ‏أصل له، فكثير من الشيعة يسمّون أولادهم بأبي بكر وعمر وعثمان، ‏وخصوصاً في العراق وخوزستان. والأهمّ من ذلك نرى اسم يزيد ومعاوية ‏بين الرواة عن أئمة أهل البيت مثل: يزيد الجعفي ومعاوية بن عمار ‏وغيرهما.

____________________

١- اشارة إلى قول العامة وأ نّهم يسمون باسم الحسن والحسين والشيعة لا تسمي بأبي بكر وعمر.

٢٦٩

وفوق كلّ ذلك قد سمّى الإمام أمير المؤمنين أولاده بأبي بكر وعثمان، ‏وهما اللَّذان قُتِلا مع أخيهما الحسين بالطّفّ، ولعمر بن علي أولاد وذرّيّة ‏كثيرة.

أمّا سبب كثرة اسم الحسين، ومحمّد، وعلي، والحسن، وموسى، ‏وجعفر، ومهدي، وحيدر، وأبو طالب، وحمزة وأمثالها عند الشيعة فهو ‏أمر طبيعي، لأنّ الإنسان يحقّ له أن يأكل ويشرب ممّا يحبّه، وبما أنّ ‏التسمية من الأمور المباحة فلكلّ إنسان أن يسمّي بما يحبّ ويترك ما لا ‏يحبّ، فلو كان لشخص زوجتان مثلا، إحداهما تحبّ الحلوى والأخرى ‏السكباج، فلا يحقّ لمن تحبّ الحلوى أن تعترض على الأخرى بقولها: ‏لماذا لا تحبين الحلوى، والعكس بالعكس، وذلك لاختلاف الطبائع، فلو ‏قالها شخص لضحك عليه الناس، فهو يشبه حال بعض الناس اليوم من ‏الذين يحبّون ملك اليمين ولا يحبون الزواج.

وعليه فالتسمية من الأمور المباحة التي تخضع لمتطلّبات النفس، وليس ‏فيها إلزامٌ وتعبُّدٌ، إلاّ اسم محمّد وعلي والحسن والحسين; حيث ورد فيه ‏النص في أنّ التسمية بها من السُّنَّة، فلو سمّى الشيعي ابنه بهذه الأسماء ‏وباسم حمزة وجعفر وعقيل وحيدر وموسى ومهدي فقد عمل بالسنة، ‏وسَمَّى بالأسماء المحبوبة عند أئمّة أهل البيت، فلا يحقّ للمشبّهة ‏والمجبّرة أن يعترضوا على الشيعي لتسمية أولادهم بهذه التسميات، ومثال ‏الشيعة هو مثال غيرهم من اتباع المذاهب، فالاحناف يسمّون باسم إمامهم ‏فلا يحقّ للشخص الشافعي الاعتراض عليهم بدعوى أنّ التسمية بأبي ‏حنفية أو ‏

٢٧٠

التسمية بالنعمان هو مساس بالشافعي، وهكذا العكس فلا يجوز للحنفي أن ‏يعترض على الشافعي لو سمى باسم امامه - أو من يحب -.

إذن اختيار اسم علي والحسن والحسين ليس لها الدلالة على العداوة مع ‏أبي بكر وعمر وعثمان، ولا غبار عند الجميع بأنّ الشيعة تحبّ هؤلاء ‏الأئمّة أكثر من أبي بكر وعمر وعثمان، لكنّ هذا لا يدعوهم لسبّهم ...‏

كما أنّا لا ننكر بأنّ التسمية بأبي بكر وعمر وعثمان في الريّ وقم وقاسان ‏هي أقلّ من غيرها من المحافظات في إيران، ولهذه القلّة سبب يعلمه ‏مصنّف كتاب (بعض فضائح الروافض)، لكنّ بغضه لأمير المؤمنين يجعله ‏يتجاهل هذا الأمر، والحادثة هي:‏

إنّ أحد وعّاظ السلاطين [في أواخر عهد ملكشاه السلجوقي (المتوفى ٤٨٥ ‏ه-) وأوائل عهد ابنه بركيارق (الذي ولد ٤٧١ وتوفي سنة ٤٩٨)] أفتى ‏بأمر تقشعرّ له الأبدان، وهو أ نّه كان لفاطمة الزهراء عليها السلام عيبٌ ‏وعلّة لا يمكن معها إلاّ أن تُزَوَّجَ لابن عمِّها -( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ ‏أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إلاَّ كَذِباً ) (١) .

نعم، إنَّ العلّة والعيب هو عصمتها وعدم وجود كُفْو لها إلاّ ابن عمّها، لأنّ ‏المعصومة لا يتزوّجها إلاّ المعصوم.

وأضاف هذا المفتى السنّي بأنّ الروافض تسمّي أبناءَها بأبي ‏

____________________

١- الكهف: ٥.

٢٧١

بكر وعمر وعثمان بغضاً للصحابة(١) ، وتنسب إليهم الكفر والإلحاد ‏والولادة من الزنا، كلّ ذلك كي يمكنهم سبّ الصحابه، بدعوى أنّهم يسبّون ‏أولادهم، في حين أنّ مقصودهم الخلفاء الثلاثة، وهنا ثارت ثائرة الشيعة ‏فجاؤوا الى علمائهم، مثل عليّ بن محمّد الرازي - والد أبي الفتوح الرازي ‏المتوفّى ٥٣٥ ه-(٢) - والشيخ أبي المعالي سعد بن الحسن بن الحسين بن ‏بابويه(٣) ، وشمس الإسلام الحسن بن الحسين بن بابويه القمّي نزيل الرّيّ ‏المدعو ‏(‏حسكا‏)‏(٤) - جد الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرست - كان حياً ‏سنة ٥١٠ ه-، وأبي طالب: إسحاق بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن ‏بابويه القمّي(٥) - من مشاهير تلامذة الشيخ الطوسي -، والسيد محمّد بن ‏الحسين الكيسكي(٦) ، والسيد رضي الدين مانكديم بن إسماعيل بن عقيل ‏من أحفاد الحسين الأصغر بن علي بن الحسين(٧) ، وطلبوا منهم حلاًّ لِما يمرّون به من أزمة

____________________

١- هذه الدعوى تشبه دعوى معاوية ضد الإمام علي والتي ذكرناها في أوّل (السير التاريخي للمسألة)، انظر ‏صفحة ١٦٧ من هذا الكتاب.

٢- هذا ما استظهرناه. انظر إيضاح المكنون ١: ٥٨٥ والذريعة ٤: ١٢٦ وأعيان الشيعة ٦: ١٢٥.

٣- الفهرست لمنتجب الدين: ٦٩ ت ١٨٧، طرائف المقال للسيد علي البروجردي ١: ١٢٧ ت ٥٥٦، مرآة ‏الكتب للتبريزي: ٢٧٣.

٤- فهرست منتجب الدين: ٤٦ ت ٧٢، أمل الآمل ٢: ٦٤ ت ١٧١، أعيان الشيعة ٤: ٦٢٤.

٥- فهرست منتجب الدين: ٣٣ ت ٤، مرآة الكتب: ٣٣٨ - ٣٣٩، أعيان الشيعة ٣: ٢٧٩، أمل الآمل ‏‏٢: ٣٢ ت ٨٥، معجم رجال الحديث ٣: ٢٣٢ ت ١١٨٠، مستدركات علم رجال الحديث للنمازي ١: ٥٨٠.

٦- فهرست منتجب الدين: ٤٤ ت ٦٣، أمل الآمل ٢: ٤٥ ت ٦٧٧، معجم رجال الحديث ٤: ٢٨١ - ٢٨٢ ‏ت ١٩١٥، الذريعة ٧: ١٨٥، ٢٤: ٢١٠.

٧- فهرست منتجب الدين: ١٠٢ ت ٣٦٢، امل الآمل ٢: ٢٢٦ - ٢٢٧ ت ٦٧٧، معجم رجال الحديث ‏‏١٥: ١٨٠ ت ٩٨٤٨.

٢٧٢

نفسية ‏وروحية، فمن جهة يسمّون بتلك الأسماء تبعاً لتسمية الإمام علي، ومن ‏جهة أخرى يواجهون مثل هذا الاتّهام من قبل العامة، فقال لهم بعض أولئك ‏الأعلام:‏

اتركوا التسمية بأسماء الثلاثة حتّى لا يشنّعوا عليكم هذا الأمر; لأنّ هؤلاء ‏أبعدوا المرمى وتجاوزوا الحدّ، وبذلك تركت التسمية بأسماء الثلاثة، ‏ويعود وِزْرُ ترك هذا العمل إلى فتوى ذلك العالم السنّيّ المتعصّب الذي ‏افترى كذباً على شيعة آل محمّد.

ومن المؤسف أنّ مصنّف كتاب ‏(‏بعض فضائح الروافض‏)‏ يعلم خلفيّة هذه ‏الأمور، ومع ذلك يشنّع على الشيعة لتركهم هذه الأسامي، فكان الأحرى ‏به أن لا يتّهمهم حتّى لا يكون مأثوماً كغيره من المفترين‏)‏(١) انتهى كلام ‏عبد الجليل القزويني الرازي.

وهذا النصّ يفسِّر لنا تماماً الحرب الأسمائية الشعواء التي كان يقودها ‎

الحكّام وأتباعهم ضدّ أهل البيت وشيعتهم، واستمرارها إلى القرن السادس الهجري، وهذه ‏الحرب عاد أمرها عليهم وَبالا في نهاية المطاف، فانقرضت ‎

- أو كادت ان تنقرض - أسماء‏ خلفائهم في العصور اللاحقة من قاموس ‎ الشيعة.

____________________

١- النقض، للقزويني الرازي: ٤٠٢ - ٤٠٥، وأيضا ذكر الدكتور السيد جلال الدين المحدث الارموي هذا ‏الأمر عن كتاب (النقض) في ترجمته لكتاب الفهرست لمنتجب الدين: ٤١٦ ت ٣٦٢ هامش ‏(‏ترجمة رضى ‏الدين مانكديم‏)‏ فراجع.

٢٧٣

القرن السابع الهجري

قال الشيخ آغا بزرك في (الأنوار الساطعة في المائة السابعة) في حرف (العين):‏

عمر بن الحسن بن خاقان، تلميذ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن سعيد الحلي، قرأ ‏عليه المبسوط وأجاز له سنة ٦٧٤، حكاه في البحار عن مجموعة الجبعي عن خطّ ‏الشهيد.

وعمر بن الحسن بن علي بن محمّد الكلبي، ترجمه ابن خلّكان وقال: كانت أ مّه بنت ‏ابن بسّام من أولاد جعفر بن علي (الهادي) بن محمّد (الجواد) بن علي (الرضا) بن موسى ‏بن جعفر، وكان يكتب عن نفسه: ذو النسبين، ويقصد به دحية والحسين.

وعمر بن صالح من العلماء المجازين عن ابن طاووس في سنة ٦٥٨.

وعمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل المصريّ المولد، من أكابر ‏الصوفية، والمعروف بابن الفارض(١) ، ولد في ٤ ذي القعدة ٥٧٦ بالقاهرة، وتوفّي بها ‏في ٦٣٢.

ولم يذكر الشيخ آغا بزرك من سُمّي بأبي بكر أو بكر أو عثمان في حرفي (الباء) و ‏‏(العين).

القرن الثامن الهجري

لم أقف في كتاب (الحقائق الراهنة في المائة الثامنة) للشيخ آغا بزرك الطهراني على ‏من سُمّي بأبي بكر، أو بكر، أو عمر، أو عثمان، إلاّ على وجود كنية أبي بكر لبعض المسمّين بأسماء خاصة.

____________________

١- لم أسمع أ نّه شيعي إماميّ، وان ذكره الأمين في أعيانه ٢: ٢٧٥ ت ٨٢٣ دون بيان شرح حاله، وقال عنه ‏القمّي في الكنى والألقاب ١: ٢٧٤ صرّح جمع بتشيّعه ونسبوا إليه هذه الأشعار وأظنّها للناشئ الأصغر: بآل ‏محمّد عرف الصواب

٢٧٤

وعليه فالتكنّي بأبي بكر كان موجوداً لا غير.

القرن التاسع الهجري

لم يذكر الشيخ آغا بزرك في كتابه ( الضياء اللاّمع في القرن التاسع ) من سُمِّي بأبي ‏بكر، أو بكر، أو عمر، أو عثمان، إلاّ وجود توقيع على وقفية البقعة الحسينية الواقعة ‏في محلة شهشهان بأصبهان في حدود سنة ٨٨٦ ( حرّره أبو بكر بن أحمد بن مسعود ‏الطهراني ) لا نعلم أنه كان شيعياً، أم مستبصراً، أم سنياً.

القرن العاشر إلى الثالث عشر الهجري

لم أقف في (إحياء الداثر من القرن العاشر) و (الروضة النضرة في علماء المائة ‏الحادية عشرة) و (الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة) و (الكرام البررة في ‏القرن الثالث بعد العشرة) للشيخ آغا بزرك الطهراني، لم أقف على من سُمِّي بأبي بكر، ‏أو بكر، أو عمر، أو عثمان، وهذا يؤكد ما قلناه بأنّ التسمية بأسماء الثلاثة أخذ يقل شيئاً ‏فشيئاً حتى انعدمت في العصور المتأخرة.

‏* * *

وتلخّص من كلّ ما سبق اُمور:‏

‏١ - ان عمر بن الخطاب طلب من الإمام علي أن يسمّي ابنه بعمر، وأهدى غلامه ‏موركاً للطفل، في حين أنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام لم يفعل ذلك مع من أسمّاه مثل علي بن ‏عبدالله بن عباس.

‏٢ - استغلال الآخرين هذه التسمية لإحراج الإمام علي، لكنّ الإمام تجاوز هذه ‏المشكلة عند ولادة ابنه الثالث من أم البنين فسمّاه بعثمان مؤكِّداً بأن هذه التسمية جاءت ‏لمكانه أخيه عثمان بن مظعون عنده، لا لعمثان بن عفان; قالها دَرْءًا لتلك التُّهَم، أي أ نّه عرّض بالآخرين كناية.

٢٧٥

‏٣ - تسمية عائشة غلامها بعبدالرحمن بن ملجم بعد مقتل الإمام علي، وفي المقابل ‏عدم رغبتها في أن تسمّي الإمام بآسمه الشريف في بعض الروايات مكتفية بقولها (ورجل ‏آخر).

‏٤ - اتّهام معاوية الإمام بأ نّه إنّما سَمَّى أولاده بأسماء الثلاثه كي يبرر نفسه لو ترحَّم ‏عليهم، و إذا سئل قال: أعني بذلك بَنِيَّ.

‏٥ - تأكيد الإمام الحسين على تسمية أولاده بعلي رغم قول مروان بن الحكم - و إلي ‏معاوية على المدينة - لعليّ بن الحسين: ‏(‏ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلاّ سماه ‏علياً‏)‏ ؟! حيث قال الإمامعليه‌السلام : ويلي علي ابن الزرقاء دبَّاغَة الأَدَم، لو ولد لي ‏مائة لأحببت أن لا أسميّ أحداً منهم إلاّ علياً.

‏٦ - إن قبول الإمام علي بتسمية أو تكنية الآخرين لابنيه بأبي بكر وعمر رجا فيه فوائد ‏كثيرة، منها: سحب البساط من تحت رجل معاوية الذي يريد الاحتماء بالشيخين وعثمان.

‏٧ - بدء النهج الأموي في المضادة مع اسم علي وكنية أبي تراب وقتل من سُمّي أو ‏كني بهما وحذف اسمه من الديوان بل حذف اسم كل شيعي.

‏٨ - اتّباع معاوية وابنه يزيد سياسة عمر بن الخطاب في التسميات فكانوا يعطون هدايا ‏لمن يسمي باسمهما، فجاء عن معاوية أ نّه قال لعبدالله بن جعفر سَمِّ ولدك باسمي ولك ‏خمسمائة ألف درهم، اشتر بها لِسَمِيِّي ضيعة، وهكذا فعل يزيد بمعاوية بن عبدالله بن ‏جعفر إذ طلب منه أن يسمّي ابنه يزيد.

‏٩ - لمّا رأى أهل البيت مضادّة النهج الحاكم مع اسم علي ونهجه، والدعوة إلى ‏التسمية بأسماء خلفائهم - في حين أنّ التسمية بأسماء أهل البيت كانت محبوبة عند رب ‏العالمين ومشتقّة من اسمه جل وعلا، وهي من أحسن الأسماء - تركوا التسمية بأسماء ‏الثلاثة من بعد الإمام زين العابدين.

‏١٠ - تقعيد الأئمّة قواعد عامة في التسميات دون التعريض بأسماء الأشخاص، منها أنّ الشيطان إذا سمع منادياً ينادي يا محمّد يا علي ذاب‏ ‎

٢٧٦

كما يذوب الرصاص، حتى إذا سمع منادياً ينادي باسمِ عدوٍّ من أعدائنا اهتز ‎ وصال.

وقولهم في نص آخر: وما الدين إلاّ الحب والبغض.

‏١١ - وجود اسم علي عند غالب الأئمّة، فقد مر عليك كلام الإمام الحسين قبل قليل، ‏كما أ نّه كان بين أولاد الإمام السجاد المعقبين من اسمه علي ‎ الأصغر.

وكذا كان اسم أحد أبناء أخيه (الحسن الأصغر) هو علي.

وأيضاً أحد أبناء أخيه الأخر (زيد الشهيد) اسمه الحسين ذي الدمعة، وابنه كان اسمه ‏علي.

وأحد أبناء الإمام الصادق علي العريضي.

ولعمر بن علي بن الحسين ابن واحد أعقبه اسمه علي.

وقد خلف الإمام الكاظم ابنه علي بن موسى.

وللإمام الرضا محمّد الجواد، وللأخير الإمام علي الهاديعليهم‌السلام .

وعليه فإنّ اسم عليّ محبوب عند الله ورسوله وأهل البيت خصوصاً بعد وقوفنا على ‏أهداف الآخرين و إصرارهم على طمسه.

‏١٢ - هَجْرُ بني هاشم لعبدالله بن جعفر لأ نّه سمى ابنه باسم معاوية.

‏١٣ - انتشار سياسة الخوف من التسمية بعليّ، حتى أنّ علي بن رياح قال: ‏لا تسمّوني عَلياً فأنا عُلَي، وقال الآخر: عقّني والدي حيث سمّاني ‎

عليّاً، وعن الحس-ن البصري أ نّه قال: لو قلت عن أبي زينب عن رسول الله، أعني علياً.

‏١٤ - الواقف على سياسة معاوية والأمويين يعلم بأ نّهم كانوا يريدون إبادة بني هاشم، ‏فجاء عن عليعليه‌السلام قوله: والله لَوَدَّ معاوية أ نّه ما بقي من بني هاشم نافح ضرمة ‏إلاّ طُعِن في نِيطِهِ إخفاءً لنور الله (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، والأئمّة كانوا يريدون أن يبقوا اسم علي ونهجه قائماً رغم كل

٢٧٧

‏الارهاصات.

‏١٥ - شيوع ظاهرة التسمية بخالد والوليد ومعاوية، والخوف من التسمية بعلي ‏والحسن والحسين في العصر الأموي والعباسي، أي أ نّهم رسموا البديل في التسميات.

‏١٦ - تغيير الأمويين والعباسيين للمفاهيم والأسماء، بل سعى العباسيون لمنح أنفسهم ‏ألقاب أهل البيت مثل (الهادي) و (المهدي) و (القائم) و (المهتدي)، والإمام الباقر نهى ‏عن تسمية وتلقيب اعدائهم بالقابهم إلاّ عند الضرورة .‏وفي هذا الصدد قال الشاعر:

مالي رأيت بني العباس قد فتحوا‏ من الكُنى ومن الألقاب أبواباً

ولقبوا رجلاً لو عاش أولهم ما كان يرضى به للحش بوَّابا

قلَّ الدراهم في كَفّ ‎ ‎ خليفتنا هذا فأنفق في القوم ألقابا(١)

‏١٧ - عدم حساسية الشيعة في العصور السابقة مع أسماء الثلاثة، بل إنّهم كانوا ‏يسمّون بهذه الأسماء على عهد الأئمّة ثم من بعدهم، إذ يوجد هناك كثير من رواة الشيعة ‏ومشايح الإجازة قد سموا بأبي بكر وعمر وعثمان، لكنّ وعّاظ السلاطين والحكّام الظلمة - ‏بافعالهم - شوهوا هذه الأسماء عند الشيعه، غير منكرين بأن الشيعة قد وقفوا على اعمال ‏الخلفاء المشينة بمرور التاريخ.

‏١٨ - لا يجوز تحميل الحكومات الشيعية مثل الصفوية مسؤولية ترك التسمية بعمرو ‏وأبي بكر وعثمان، بل إنّها كانت نتيجة طبيعية لما فعله الآخرون بالشيعة، لأن قضية ‏التسميات لا تحدث فجأة بل حدثت نتيجة للصراعات الدامية بين الطرفين، ولعدم الثقة ‏المتبادلة بينهم وبين الشيعة حتّى قبل أن يعرفَ التاريخُ

____________________

١- الأبيات لأبي بكر الخوارزمي، يتيمة الدهر ٢٦٤:٤ وحصن الاسم: ص٥٤، جاكلين سوبيليا، المعهد ‏الفرنسي للدراسات العربية، ترجمة سليم بركات.‏

٢٧٨

الصفويين وقبل أن يولد جدّهم ‏‏(‏صفي الدين‏)‏.

ثلاث طرائف إنّ ظُرفاء الشيعة وأهل السنة كانوا يتناقلون الحكايات ضدّ بعضهم الآخر، وكانوا ‏يستغلّون المواقف للإشادة برموزهم ولدعم ما يذهبون إليه، و إنّي تلطيفاً للجوّ أنقل بعض ‏الهزليّات التي وقفت عليها أثناء البحث لأوكّد وجود هذه الحساسية بين الطرفين في ‏العصور الماضية وأ نّها لم تكن وليدة في العصر ‏

الصفوي كما يقولون، و إنّ الشيعة كانت لا تهاب من ذكر هزليّات أهل السنّة فيهم ‏وكذا العكس بالعكس، وبه أختم السير التاريخيّ للمسألة.

‏١ - أخرج الخطيب البغدادي (ت ٤٣٦ ه-) بإسناده عن إسماعيل بن حمّاد، عن أبي ‏حنيفة - وعنه أخذ المجلسي من علماء الشيعة - قال: كان لنا جار طحّان رافضي، وكان له ‏بغلان، سمّى أحدهما أبابكر، والآخر عمر، فرمحه ذات ليلة أحدُهُما، فقتله، فأخُبِرَ أبو ‏حنيفة، فقال: انظروا البغل الذي رمحه، الذي سمّاه عمر ؟ فنظروا فكان كذلك(١) .

‏٢ - وحكى ياقوت الحموي (ت ٦٢٦ ه-) طريفة عن أهل قم، قال: كان لعبدالله بن ‏سعد الأشعري ولد قد رُبي بالكوفة، فانتقل منها إلى قم وكان اماميّاً، فهو الذي نقل التشيّع ‏إلى أهلها، فلا يوجد بها سُنيّ قط، ومن طريف ما يُحكى: أ نّه وُلِّي عليهم وال وكان سُنيّاً ‏متشدّداً، فبلغه عنهم أ نّهم لبغضهم الصحابة الكرام لا يوجد فيهم من اسمه أبوبكر قطّ ولا ‏عمر.

فجمعهم يوماً وقال لرؤسائهم: بلغني أ نّكم تبغضون صحابة رسول الله

____________________

١- تاريخ بغداد ٣: ٣٦٤، بحارالأنوار ٦١: ١٨٩، وفيات الأعيان ٢: ٢٠٥. وفيه فاخبر أبو حنيفة فقال: ‏انظروا فإني أخال أن البغل الذي سماه عمر هو الذي رمحه، فنظروا الخ.

٢٧٩

وأ نّكم لبغضكم ‏إيّاهم لا تسمّون أولادكم بأسمائهم، وأنا أقسم بالله العظيم لئن لم تجيئوني برجل فيكم اسمه ‏أبوبكر أو عمر ويثبت عندي أ نّه اسمه لأفعلنّ بكم ولأصنعنّ.

فاستمهلوه ثلاثة أ يّام وفتّشوا مدينتهم واجتهدوا فلم يَروا إلاّ رجلا صعلوكاً حافياً عارياً ‏أحول، أقبح خلق الله منظراً اسمه أبوبكر، لأنّ أباه كان غريباً استوطنها فسمّاه بذلك.

فجاؤوا به، فشتمهم وقال: جئتموني بأقبح خلق الله تتنادرون عليّ ! وأمر بصفعهم، ‏فقال له بعض ظرفائهم: أ يّها الأمير اصنع ما شئت فإنّ هواء قم لا يجيء ‏

منه مَن اسمه أبوبكر أحسن صورة من هذا، فغلبه الضحك وعفا عنهم(١) .

وهذه و إن كانت طريفة لكنها تصدق ما قلناه من ان فتوى ذلك العالم السلجوقي في ‏القرن السادس الهجري هي التي جعلت الشيعة يمتنعون من التسمية باسماء الثلاثه.

‏٣ - وذكر الزاكاني القزويني (ت ٧٧٢ ه-) في هزليّاته عن النزعة الطائفيّة عند بعض ‏الشيعة أنّهم ضربوا شخصاً اسمه عمران، فقيل لهم: لماذا تضربونه وهو المسمّى بعمران ‏لا بعمر، فقالوا: إنّه عمر، وسرق الألف والنون من عثمان ‎

أيضاً.

‏* * *

والآن بعد هذه المسيرة الطويلة الشاقّة ندخل إلى صلب الموضوع لنرى: هل حقّاً أنّ ‏هذه الأسماء كانت لأبناء المعصومين ؟ أم أ نّها تحريفات وتصحيفات المتأخّرين ؟ وهل أنّ ‏هذه الظاهرة هي ظاهرة بارزة في أسمائهم كظهور اسم: محمّد، وأحمد، وعلي، ‏والحسن، والحسين، وجعفر، و إبراهيم، أم أ نّها أسماء

____________________

١- معجم البلدان ٤: ٣٩٧ - ٣٩٨ (قم).

٢٨٠