التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي

التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي0%

التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي مؤلف:
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 550

التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي

مؤلف: السيد علي الشهرستاني
تصنيف:

الصفحات: 550
المشاهدات: 166386
تحميل: 7324

توضيحات:

التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 166386 / تحميل: 7324
الحجم الحجم الحجم
التسميات بين التسامح العلوي  والتوظيف الأموي

التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي

مؤلف:
العربية

وقال ابن البطريق (ت ٦٠٠ ه-) في (العمدة): يحيى وعبيدالله أ مّهما أسماء بنت ‏عميس الخثعمية(١) .

وقال ابن حاتم العاملي (ت ٦٦٤ ه-) في (الدر النظيم): وكان له من أسماء بنت ‏عميس الخثعمية: يحيى وعون(٢) .

وقال أحمد بن علي الطبري (ت ٦٩٤ ه-) في (ذخائر العقبى): ومحمّد الاصغر قتل ‏مع الحسين أمه أم ولد، ويحيى وعون أ مّهما: أسماء بنت عميس، فهما أخوا بني جعفر، ‏وأخوا محمّد بن أبي بكر لأُمِّه(٣) .

وقال في موضع آخر - في ولد جعفر -: كان له من الولد ثلاثة: عبدالله وبه كان ‏يكنّى، ومحمّد وعون، ولدوا كلّهم بأرض الحبشة ذكره الدارقطني وأبو عمرو والبغوي، ‏أ مّهم أسماء بنت عميس، و إخوتهم لأمهم: محمّد بن أبي بكر ويحيى بن علي بن أبي ‏ طالب رضي‌الله‌عنهم(٤) .

وحكى الذهبي (ت ٧٤٨ ه-) في (سير اعلام النبلاء) قول الواقدي: ثم تزوَّجَتْ علياً ‏فولدت له يحيى وعوناً(٥) .

وقال الزرندي (ت ٧٥٠ ه-) في (نظم درر السمطين): وقتل معه ‏ ‎ ] الحسينعليه‌السلام ‏ ‎ [ ‎ ‏ من إخوته وبنيه وبني أخيه الحسن ومن أولاد جعفر وعقيل تسعة عشر رجلاً ‏ومن ولد عبدالله بن جعفر اثنان عونٌ ومحمّد(٦) .

وقال ابن الصبّاغ المالكي (ت ٨٥٥ ه-) في (الفصول المهمة): ويحيى وعون أ مّهما ‏أسماء بنت عميس الخثعمية(٧) .

____________________

١- العمدة: ٣٠.

٢- الدر النظيم: ٤٣٠.

٣- ذخائر العقبى: ١١٦ - ١١٧.

٤- ذخائر العقبى: ٢١٩.

٥- سير اعلام النبلاء ٢: ٢٨٦.

٦- نظم درر السمطين: ٢١٨.

٧- الفصول المهمة ١: ٦٤٣ - ٦٤٤.

٣٨١

وقال ابن الدمشقي (ت ٨٧١ ه-) في (جواهر المطالب): وتزوّج أيضاً أسماء بنت ‏عميس الخثعمية، فولدت يحيى ومحمّد الأصغر ولا عقب لهما.

قال الواقدي: وولدت له محمّد الأصغر، قتل مع الحسين(١) .

وقال العاصمي (ت ١١١١ ه-) في (سمط النجوم العوالي): ويحيى وعون أ مّهما ‏اسماء بنت عميس الخثعمية(٢) .

ثم حكى التستري بسنده عن المدائني أ نّه قال: إنّ رجلاً من بني أبان بن دارم قتله ‏رضوان الله عليه ولعن الله قاتله(٣) .

قلت قبل قليل: بأنّ ما أَحْتِمُلُه في وَلَدَي أسماء بنت عميس يرجع سببه إلى وجود ‏مثلهما في ولد زوجها الأول جعفر بن أبي طالب، وأيضاً وجود اسم محمّد في ولدها من ‏أبي بكر.

توضيح ذلك: إنَّ أسماء بنت عميس تزوّجها الإمام علي بعد زوجين، أوَّلُهما أخوه ‏جعفر بن أبي طالب، وقد ولدت منه محمّداً وعوناً، وثانيهما أبو بكر بن أبي قحافة وقد ‏ولدت منه محمّد اً، وبعد هذا فلا يستبعد أن يختلط هذا الأمر على المؤرّخين والنسّابة وأن ‏ينسبوا محمّداً وعوناً ابنَيْ أسماء من جعفر(٤) إلى زوجها الإمام علي، لأ نّهما يكونان ربيبْيه وابْنَيْ أخيه، وهوعليه‌السلام بمنزلة الأب لهما، ‏فلا يستبعد أن يقال لمحمد أو عون ابنَيْ جعفر: محمّد أو عون ابنا علي، لأ نّه أب لهما ‏بمعنيين، لأ نّه زوج أ مِّهما وعمُّهما.

____________________

١- جواهر المطالب ٢: ١٢٢.

٢- سمط النجوم العوالي ٣: ٧٤.

٣- قاموس الرجال ٩: ٢٥.

٤- قال ابن عنبة في أولاد جعفر بن أبي طالب، وأنهم: ثمانية بنين وهم: عبدالله، وعون، ومحمّد الأكبر، ‏ومحمّد الاصغر، وحميد، وحسين، وعبدالله الأصغر، وعبدالله الأكبر، وأمهم أجمع أسماء بنت عميس ‏الخثعمية.

أ مّا محمّد الأكبر فقتل مع عمه أمير المؤمنين بصفين.

وأ مّا عون ومحمّد الأصغر فقتلا مع ابن عمهما الحسين يوم الطف عمدة الطالب: ٣٦.

٣٨٢

ولا أَستبعدُ أن يكون هذان الاسمان موجودَيْن معاً لولَدَي جعفر بن أبي طالب ولوَلدَي ‏علي بن أبي طالب، وحيث رأينا غالب المؤرّخين لا يقبلون بوجود ابن للإمام علي من ‏أسماء باسم محمّد أو عون قلنا بالاحتمال الأوّل، و إلاّ فالأمر لا يستبعد وجوده في أولاد ‏الإمام وعند غيره.

‏٤ - أم البنين الكلابية = أم العباس وعبدالله وعثمان وجعفر

اسمها: فاطمة، وكنيتها: أمّ البنين الكلابية العامرية(١) ، كنّاها بذلك الإمام علي بن ‏أبي طالب بطلب منها حتّى لا يتأذَّى أولاد الزهراء حينما يناديها الإمام أمير المؤمنين ‏ب- ‏(‏يا فاطمة‏)‏.

أبوها: حزام - وقيل حرام بالراء المهملة(٢) - بن خالد بن ربيعة بن الواحد وهو عامر ‏بن كعبب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن ‏هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر(٣) .

أمها: ثمامة(٤) - وقيل ليلى(٥) - بنت السهل بن عامر بن مالك بن أبي برّة عامر بن ملاعب الأسنّة بن جعفر بن كلاب، وقد عدّ أبو الفرح الاصفهاني إحدى عشرة ‏إمرأة من أ مّهات أمّ البنين(٦) .

____________________

١- يقال لها العامرية لأ نّها من غصن بني عامر، كما يقال لها الوحيدية لأ نّها من بني الوحيد أحد بني كلاب.

٢- مروج الذهب ٣: ٦٣، تاريخ اليعقوبي ٢: ٢١٣، الكامل في التاريخ ٣: ٢٦٢، الإصابة ٢: ١٦٩، ‏جمهرة أنساب العرب: ٣٨، ٢٨٢، سر السلسلة العلوية: ٨٨، قاموس الرجال ١٢: ١٩٥.

٣- منتقلة الطالبية: ٢٦١ - ٢٦٢.

٤- مقاتل الطالبيين: ٥٣، إبصار العين: ٥٦.

٥- عمدة الطالب: ٣٥٦.

٦- مقاتل الطالبيين: ٥٤، عمدة الطالب: ٣٥٦، ذكر اربعة منهن.

٣٨٣

تاريخ زواجها اختلف المؤرّخون في تاريخ زواجها من الإمام علي، فبعضهم قال: إنّ عليّاً تزوّجها ‏بعد شهادة فاطمة مباشرة - بعد ثلاث ليال أو تسع ليال - مخالفين بذلك الوصية المشهورة ‏عن الزهراء في زواجه من أُمامَة، لكنّ القائلين بهذا القول ‎ علّلوا كلامهم بعدم منافاة هذا الأمر مع وصيّة الزهراء; لأ نّهاعليها‌السلام لم تُوصِ‏ ‎ أن يتزوّجعليه‌السلام أُمامة بلا فصل بعد وفاتها(١) ، وهذا البعض سعى أن يؤيد كلامه ‏بكلمة (ثم) الواردة في تاريخ الطبري والكامل لابن الأثير(٢) ، وأ نّها دالّة ‎ على الترتيب; لأنّ الطبري قال: فأوّل زوجة تزوّجها فاطمة بنت رسول الله ولم يتزوّج ‏عليها حتّى توفّيت عنده ثمّ تزوّج بَعْدُ أم البنين بنت حزام ...‏ ‎

ثم ثم.

لكنّي لا أقبل هذا الاستدلال ولا هذا التعليل، لأنّ السيّدة فاطمة الزهراء استشهدت في ‏النصف الأوّل من سنة ١١ الهجرة، فلو كان الإمام قد تزوّجها بلا فصل فقد خالف الوصية ‏ونَفَى ضرورة الزواج من أُمامة، علماً بأنّ العبّاس كان أكبر ولدها إذ ولد سنة ٢٤ ه-، ‏وهذا ليشير إلى أنّه قد تزوّجها بعد أُمامة، وخولة، وأسماء - أ مّا الصهباء فقد ولدت له ‏مبكّراً لكنّها بقيت أمّ ولد - وبذلك تكون أمّ البنين الزوجة الثالثة للإمام بعد الزهراءعليها‌السلام - إن كانت خولة قد توفيت لِكبر سنها(٣) - لأنّ محمّد بن الحنفية هو أكبر من ‏العباس يقيناً، لكنهم اختلفوا فيمن هو الاكبر: هل عمر بن الصهباء، أم العبّاس بن أم البنين، فالبعض رجّح الأول، ‏والآخر الثاني.

وهناك رأي ثالث وهو أ نّهعليه‌السلام تزوّجها بعد أمامة مباشرة لأنّ أمامة لم تلد له ،

____________________

١- الخصائص العباسية، للكلباسي: ٧٤.

٢- تاريخ الطبري ٣: ١٦٢، حوادث سنة ٤٠، الكامل في التاريخ ٣: ٦٦٢.

٣- لأنّه جاء في بعض الأخبار أن ابنها محمد كان يمشط شعرها وهو ليشير إلى كهولة سنها.

٣٨٤

‏وحيث إنّ الإمام كانعليه‌السلام يريد الولد فتزوّجها لكي تلد له غلاماً فارساً بطلا يسند ‏أخاه الحسين في كربلاء(١) ، وهناك أقوال أخرى لا أرى ضرورة لذكرها.

أ مّا مكان ولادتها فلا نعلمه بالتحديد، لكنّا نعلم أنّ قبيلتها بني كلاب كانوا يقطنون ‏الجزيرة العربية والكوفة، وكانوا يرتبطون فيما بينهم عن طريق وادي عرعر أو وادي ‏عذيب.

والراجح أ نّها مدنية ولادةً ونشأةً، وفي آبائها يقول لبيد بن ربيعة العامري للنعمان بن ‏المنذر ملك الحيرة:‏

نحن بنو أمُّ البنين الأربعةْ ونحنُ خيرُ عامر بن صعصعةْ

الضَّاربونَ الهامَ وَسْطَ المعمَعةْ

فلم يُنكِر على لبيد النعمانُ ولا أحد من العرب; لأنّ لهم شرفاً لا يدافع(٢) ، ولبيد بن ‏ربيعة هو عمّ أمّ البنين وقيل: عمّ حزام - أبيها -(٣) .

وملاعب الأسنة - عامر بن مالك الكلابي - جدّ أمّ البنين من أ مّها يضرب به المثل في ‏الشجاعة.

ولبيد بن ربيعة هو من فحول الشعراء والقائل:‏

ألا كلُّ شيء ما خلا الله باطلُ وكلُّ نعيم لا محالةَ زائلُ

فقال رسول الله: أصدقُ كلمة قالتها العرب كلمة لبيد(٤) .

هذه النصوص وغيرها تؤكّد أنّ بني كلاب كانوا يتنقلون بين مكة والمدينة، ويذهبون ‏إلى الكوفة ويسكنونها أحياناً، وأنّ ‏(‏الوحيدة‏)‏ هي اسمٌ لمكان كان

____________________

١- قاموس الرجال ١٢: ١٩٥، أعيان الشيعة ٧: ٤٢٩ عن عمدة الطالب.

٢- لسان العرب ٨: ٧٤ ‏(‏بتصرف‏)‏، وانظر جمهرة الامثال للعسكري ٢: ١١٧، الاغاني ١٧: ١٨٩، مجمع ‏الامثال ٢: ١٠٣.

٣- انساب الاشراف ٢: ٤١٢.

٤- تهذيب الاثار للطبري ٢: ٦٥٨، فيض القدير ١: ٥٢٤، تاريخ اصبهان ١: ٣٢١، وانظر صحيح مسلم ‏‏٤: ١٧٦٨ وسنن الترمذي ٥: ١٤٠، وتاريخ بغداد ٥: ٤٢، ١٢: ٤٩٣، وفيهن: اشعر كلمة قالتها ‏العرب الخ.

٣٨٥

يعيش فيه آباء أمّ البنين ‏من أعراض المدينة، بينها وبين مكة فراسخ، فإن قلنا بأنّ نسبة ‏(‏ الوحيدية ‏)‏ إليها جاءت ‏نسبة لهذه المنطقة فهي مدنية ولادةً ونشأةً وآباءً.

أ مّا لو أردنا الذهاب إلى كوفيّتها - اعتماداً على ما حكاه ابن الأثير عن ابن أخي أمّ ‏البنين الآتي - فتكون هي كوفية ويكون عمر العبّاس في كربلاء ٢٤ سنة، لأنّ الإمام لم ‏يدخل الكوفة إلاّ بعد خلافته الظاهريّة في سنة ٣٥ ه-، وهذا يخالف جميع الحقائق ‏التاريخيّة، اللّهمّ إلاّ أن نقول انّ المقصود من الكوفة حدودها الموازية للمدينة، أي أنّ ‏قبيلتها كانت تتنقل بين الكوفة والمدينة، فمن يأتي إليها من الكوفة يراها كوفيّة ومن يأتي ‏إليها من المدينة فيعتبرها مدنيّة، وهذا كلام بعيد جدّاً.

و إمّا أن نقول أنّ قول ابن حزام العامري (عندنا بالكوفة) محرّف عن (عندنا ‏بالمدينة)، وبهذا يمكن أنّ نجمع بين القولين، لكنّ الأمر شائك في الجمع بين القولين.

ما يدل على كوفيتها

جاء في الفتوح لابن اعثم: أنّ عبدالله بن المحل بن حزام العامري - ابن أخي أمّ البنين ‏- جاء إلى عبيدالله بن زياد وقال له: إنّ علي بن أبي طالب قد كان عندنا بالكوفة فخطب ‏إلينا فزوّجناه بنت عمّ لنا يقال لها: أمّ البنين بنت حزام، فولدت له عبدالله وعثمان وجعفراً ‏والعباس، فهم بنو أختنا وهم مع أخيهم الحسين بن علي، فإن أذنت لنا أن نكتب إليهم كتاباً ‏بأمان منك فعلتَ متفضّلاً.

فأجابه عبيدالله بن زياد إلى ذلك، فكتب عبدالله بن المحل ودفع الكتاب إلى آخر الخبر(١) .

ومن الطريف أ نَّا لا نرى اسم عثمان بين ولد أمّ البنين في أحد نصي الفتوح

____________________

١- الفتوح ٥: ٩٣ وليس فيه عثمان بين ولد أم البنين لكنه ذكره في ٥: ١١٣ ضمن من تسمية من قتل مع ‏الحسين.

٣٨٦

والمعارف ‏ومروج الذهب والجوهرة(١) في حين أ نّه موجود في نص البلاذري وخليفة بن خياط ‏واليعقوبي وابن سعد والطبري(٢) ، لا أدري هل سقط أم أُسقِطَ اشارة إلى عدم وجود هذا ‏الولد للإمام، أو إشارة إلى شيء آخر !!‏

اولادها

‏١ - أبو الفضل العباس: وهو أكبر أولاد أمّ البنين، وقد ولد سنة ٢٦ للهجرة - على ‏المشهور - وكان عمره الشريف أيام واقعة الطف أربعاً وثلاثين، أو خمساً وثلاثين عاماً - ‏على المشهور - وكان عمره أ يّامَ شهادة أخيه الحسن ٢٤ سنة، ونقل عنه أنّه لمّا رأى ‏جنازة أخيه الحسنعليه‌السلام تُرمى بالسهام من قِبَلِ بني مروان أراد البطش بهم فنهاه ‏الحسينعليه‌السلام (٣) .

‏٢ - عبدالله: وقد ولد هذا بعد أخيه العباس بثمان سنين، وكان عمره وقت الشهادة ‏خمساً وعشرين سنة(٤) ، ولا يخفى عليك بأنّ لعبدالله أخاً من ليلى النهشلية سميه كان ‏يكنّى بأبي بكر، وكان أصغر منه، استشهد في كربلاء، وقد وقع الخلط والالتباس بين هذين كثيراً كذلك، وسنتكلّم عنه لاحقاً(٥) .

‏٣ - عثمان: وهو الثالث من ولد أمّ البنين، وقد ولد بعد أخيه عبدالله بسنتين، وكان ‏عمره وقت الشهادة ثلاثة وعشرين سنة(٦) .

____________________

١- الفتوح ٥: ٩٣ - ٩٤، المعارف: ٨٨، ٢١١، مروج الذهب ٣: ٦٣، الجوهرة في نسب الإمام عليعليه‌السلام : ٥٨ لكن المسعودي في التنبيه والاشراف: ٢٥٨ - عند ذكره ولد أمير المؤمنينعليه‌السلام - قال: ‏والعباس واُمه أم البنين ابنة حزام وعبدالله وجعفر وعثمان ومحمّد الأصغر ويكنّى ابا بكر.

٢- أنساب الاشراف ٢: ٤١٣، ٣: ٣٩٠ - ٣٩١، تاريخ خليفة: ٢٣٤، تاريخ اليعقوبي ٢: ٢١٣، طبقات ‏ابن سعد ٣: ٢٠، تاريخ الطبري ٣: ١٦٢، ٣١٣.

٣- العباس للمقرم: ٢٤٥.

٤- مقاتل الطالبيين: ٥٣ - ٥٤.

٥- تحت عنوان (أبو بكر اسم ام كنيه) في صفحة ٣٩٣.

٦- قال الموضح العمري في المجدي: ١٩٧ وعثمان بن علي يكنّى أبا عمرو، قتل وهو ابن إحدى وعشرين، ‏وجعفر أبو عبدالله وهو ابن تسع وعشرين سنة، وعبدالله أبو محمّد الاكبر قتل وهو ابن خمس وعشرين سنة ‏ودمه في بني دارم، أم الأربعة اُم البنين بنت حزام الكلابية، قتلوا جميعاً بالطف رضي ‌الله‌ عنهم وانظر مقاتل ‏الطالبيين: ٥٥، وفيه: قتل عثمان بن علي وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وقال الضحاك المشرفي أنّ خولى ‏بن يزيد رمى عثمان بسهم فأوسطه وشدّ عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله وأخذ راسه، وعثمان بن علي ‏الذي روى عن علي أ نّه قال: إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون.

٣٨٧

قال أهل السير: لما قتل عبدالله بن علي دعا العباس عثمان وقال له: تقدم يا أخي، ‏كما قال لعبدالله، فتقدّم إلى الحرب يضرب بسيفه يقول(١) .

وفي أنساب الاشراف: فجعل عمر ‏ ‎ ] ‎ بن سعد ‎ [ شمراً على الرجَّالة ونهض بالناس عشية ‏الجمعة، ووقف شمر على مخيّم الحسين فقال: أين بنو أختنا ؟ يعني العباس وعبدالله ‏وجعفراً وعثمان بن علي بن أبي طالب، وأ مّهم أم البنين بنت حزام بن ربيعة الكلابيّ ‏الشاعر، فخرجوا إليه فقال: لكم الأمان، فقالوا له: لعنك الله ولعن أمانك !!! أتؤمّننا وابن ‏بنت رسول الله لا أمان له(٢) .

ومن منفردات ابن أبي الحديد إبداله اسم (عثمان) الثابت والمعروف بين ولد علي ‏ب- ‏(‏عبد الرحمن‏)‏ ضمن أولاد أمّ البنين(٣) ، ولا أعرف سبب ذلك، إذ لم يقل أحد بأن لأم ‏البنين من أمير المؤمنين ولد بأسم عبدالرحمن، فمن أين أتى بهذا الاسم لها ؟!‏

وكذا لم يذكر ابن قتيبة(٤) ولا المسعودي في مروج الذهب(٥) ولا المفيد في

____________________

١- ابصار العين: ٦٨.

٢- أنساب الاشراف ٣: ٣٩٠، وانظر تاريخ الطبري ٣: ٣١٤، الكامل في التاريخ ٣: ٤١٥، المنتظم ‏‏٥: ٣٣٧.

٣- شرح نهج البلاغة ٩: ٢٤٣.

٤- المعارف لابن قتيبة: ٨٨، ٢١١.

٥- مروج الذهب ٣: ٦٣.

٣٨٨

‏الاختصاص(١) اسم عثمان ضمن أولاد عليّ وأمّ البنين.

وكلامي هذا لا يعني بأ نّي أريد أن أشكّك في وجود ابن للإمام علي باسم عثمان، فهو ‏كان موجوداً في واقعة الطّفّ واستشهد مع إخوته، وقد وقع التسليم عليه في زيارة ‏الناحية: ‏(‏السّلام على عثمان ابن أميرالمؤمنين، سَمِيِّ عثمان بن مظعون، لعن الله راميَهُ ‏بالسهم خوليَّ بن يزيد الأصبحي الإِيادي الدارمي(٢) ‏)‏ لكنّي أردت أن آتي بكلّ شيء وقفت ‏عليه في دراستي، حتّى لا أرمى بالتحيّز.

نعم، جاء في مناقب بن شهرآشوب وعنه في بحار الأنوار أ نّه برز من بعد أخيه عمر ‏بن علي، قال أبو الفرج: ثمّ برز من بعده أخوه عثمان بن علي، وأ مّه أمّ البنين بنت حزام ‏بن خالد من بني كلاب، وهو يقول:‏

إنّي أَنا عثمانُ ذُو المفاخرِ شيخي عليٌّ ذُو الفَعال الظاهرِ

و إِبنُ عَمٍّ للنبيّ الطاهرِ أخي حسينٌ خيرةُ الأَخايِرِ

وسيِّدُ الكِبار والأَصاغرِ بَعدَ الرَّسُولِ وَالوَصِيِّ النَّاصِرِ

فرماه خوليّ بن يزيد الأصبحي على جبينه فسقط عن فرسه، وجزّ رأسه رجل من ‏بني أبان بن دارم(٣) .

قال أبو الفرج: قال يحيى بن الحسن، عن علي بن إبراهيم، عن عبيدالله بن الحسن ‏وعبدالله بن العباس قالا: قتل عثمان بن علي وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وقال ‏الضحاك بإسناده: إنَّ خولي بن يزيد رمى عثمان بن علي بسهم فأوهطه وشدّ عليه رجل من بني أبان بن دارم وأخذ رأسه.

وروي عن عليعليه‌السلام أ نّه قال: إنّما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون(٤) .

____________________

١- الاختصاص للمفيد: ٨٢.

٢- المزار للمشهدي: ٤٨٩، اقبال الاعمال ٣: ٧٥، بحار الانوار ٤٥: ٦٧ وفيه زيادة الاباني الدارمي.

٣- مناقب بن شهرآشوب ٣: ٢٥٥، وبحار الأنوار ٤٥: ٣٧.

٤- مقاتل الطالبيين: ٥٥.

٣٨٩

أقول والكلام للمجلسي ‎‎ ‏: ولم يذكر أبو الفرج عمر بن علي في المقتولين يومئذ(١) .

‏٤ - جعفر: ولد بعد عثمان بسنتين، وكان عمره الشريف وقت الشهادة إحدى وعشرين ‏سنة.

ولم يعقّب أحدُ هؤلاء الأربعة من أولاد أمّ البنين إلاّ العباس.

وحكى الطبري عن أبي مخنف قوله: وزعموا أنّ العبّاس بن علي قال لإخوته من أ مّه ‏- عبدالله، وجعفر، وعثمان -: يا بني أمّي ! تقدّموا حتّى ‎

أرثكم(٢) .

والنصّ لم يكن كذلك، وإنّما هو بشكل آخر سنذكره بعد قليل.

لقد حرّضهم أبو الفضل على الشهادة، لأنهم لو بقوا بعد الحسينعليه‌السلام لأصابهم ‏ما أصابهم، ولَما وُفِّقوا للشهادة في سبيل الله، فأراد العباس أن يقدّمهم للحرب كي يفدوا ‏بأنفسهم إمامهم الحسين، لأنّهم لو بقوا لشمت بهم شمر بن ذي الجوشن الكلابي، والنص ‏الصحيح هو الذي ورد في الإرشاد وغيره وهو أنّ العباسعليه‌السلام - لمّا رأى كثرة ‏القتلى قال لأخوته من أُمّه -: يا بني أُمّي ! تقدّموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله فإنّه لا ‏ولد لكم(٣) ، فوقع التصحيف من ‏(‏أراكم‏)‏ إلى (أرثكم) بجعل الهمزة على الكرسي ثاءً ‏‏(أرثكم).

____________________

١- بحار الأنوار ٤٥: ٣٧ - ٣٨.

٢- تاريخ الطبري ٣: ٣٣٢، الكامل في التاريخ ٣: ٤٣٠.

٣- الإرشاد للمفيد ٢: ٢٢٤، اعلام الورى ١: ٤٦٦، الدر النظيم: ٥٥٦، مثير الاحزان: ٥٠.

٣٩٠

‏٥ - ليلى النهشلية = أم أبي بكر وعبيدالله

وهي المكناة بأم عبيدالله، وهذه الكنية تشير إلى أنّ عبيدالله هو أكبر من أخيه عبدالله ‏المكنى بأبي بكر، وقد تزوّجهاعليه‌السلام بعد أن ماتت خولة - أم محمّد بن الحنفية -.

أبوها: مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم(١) .

أمها: عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر ‏ ‎ [ ‎ سيد أهل الوبر ‎ ] ‎ ابن عبيد ‏بن الحارث(٢) .

تاريخ زواجها:‏

جاء في التذكرة الحمدونية وربيع الأبرار وغيرهما ما مضمونه: أنّ الإمام علي بن ‏أبي طالب تزوّج ليلى النهشلية لمّا دخل البصرة حدود عام ٣٥ للهجرة، وذلك ليعمّق ‏روابطه مع قبائلها، فتزوّج من أعرق قبيلة فيها وهم بنو دارم، وقد مر عليك قول الإمام ‏لابنه محمّد بن الحنفية لمّا تزوج النهشلية وقعدعليه‌السلام على سريره وأقعد الحسن عن ‏يمينه والحسين عن شماله وجلس محمّد بن الحنفية بالحضيض، فخاف الإمام علي أن يجد ‏محمّدُ بن الحنفية في نفسه شيئاً، فقال له: يا بني أنت ابني، وهذان ابنا رسول الله(٣) .

وفي الغارات للثقفي (ت ٢٨٣ ه-) عن مغيرة الضّبّي (ت ١٣٦ ه-) قال: لما نكح عليٌّ ‏ليلى بنت مسعود النهشلي قالت: ما زلت أحب أن يكون بيني وبينه سبب منذ ‏

____________________

١- الجمهرة لابن حزم: ٣٨.

٢- مقاتل الطالبيين: ٥٦.

٣- موسوعة الإمام عليعليه‌السلام للريشهري ١٠: ٢٣٥، عن ربيع الابرار ٢: ٥٩٨. والتذكرة الحمدونية ‏‏٣: ٩٦ ح ٢٣١.

٣٩١

رأيته قام مقاماً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

وفي (سفرنامه) لناصر خسرو: وفي البصرة ثلاثة عشر مشهداً باسم أمير المؤمنين ‏علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، يقال لأحدها، مشهد بني مازن، وذلك أنّ أمير ‏المؤمنين علياً جاء إلى البصرة في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين (سبتمبر ٦٥٥) من ‏هجرة النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت عائشة رضي ‌الله‌ عنها قد أتت مُحارِبةً، وقد ‏تزوّج أمير المؤمنينعليه‌السلام ليلى بنت مسعود النهشلي، وكان هذا المشهد بيتها، وقد ‏أقام أمير المؤمنين اثنين وسبعين يوماً، ثم رجع إلى الكوفة(٢) .

أولادها

‏١ - عبيدالله (أبو علي).

‏٢ - عبدالله أو محمّد (أبو بكر).

ترجمة عبيدالله (أبي علي)‏

قال ابن سعد (ت ٢٣٠ ه-) في ‏(‏الطبقات الكبرى‏)‏: عبيدالله بن علي بن أبي طالب بن ‏عبدالمطلب وكان عبيدالله بن عليّ قدم من الحجاز على المختار بالكوفة وسأله فلم ‏يعطه، وقال ‏ ‎ ] ‎ المختار ‎ [ ‎ ‏: أَقَدِمت بكتاب من المهدي ‏ ‎ ] ويعني محمّد بن الحنفية ‎ [ ‎ ‏ ؟(٣)

____________________

١- الغارات ١: ٩٣.

٢- سفرنامه لناصر خسرو: ١٤٨.

٣- وقد حكوا مثل هذا الأمر في أخيه عمر بن علي الأطرف أيضاً انظر الأخبار الطوال: ٣٠٦، وتاريخ ‏حلب: ١٦٤ حوادث سنة ٦٧، وخلاصة الخزرجي: ٢٨٥، وشذرات الذهب ١: ٧٥ حوادث ٦٧، وتاريخ ‏الإسلام ٥: ١٩٧ حوادث سنة ٦٧، وسفينة البحار ٢: ١٤٤ لكن بفارق ان عبيدالله بن علي قتل في جيش ‏مصعب لكنّ عمر بن علي قتل في جيش المختار، ولا يخفى عليك بأن المؤرخين اختلفوا في مقتله هل كان في ‏جيش مصعب أو المختار ؟

٣٩٢

قال: لا، فحبسه أ يّاماً ثمّ خلّى سبيله، وقال: اخرُجْ عنّا.

فخرج إلى مصعب بن الزبير بالبصرة هارباً من المختار، فنزل على خاله نُعيم بن ‏مسعود التميمي ثم النهشلي، وأمر له مصعب بمائة ألف درهم، ثمّ أمر مصعب بن الزبير ‏الناس بالتهيؤ لعدوّهم ووقّت للمسير وقتا، ثمّ عسكر، ثمّ انقلع من معسكره ذلك واستخلف ‏على البصرة عبيدالله بن عمر بن عبيدالله بن معمر.

فلمّا سار مصعب تخلَّف عبيدالله بن علي بن أبي طالب في أخواله، وسار خاله نعيم ‏بن مسعود مع مصعب، فلمّا فصل مصعب من البصرة جاءت بنو سعد بن زيد مناة بن ‏تميم إلى عبيدالله بن عليّ فقالوا: نحن أيضاً أخوالك ولنا فيك نصيب فتحوّل إلينا فإنا نحبّ ‏كرامتك. قال: نعم، فتحوّل إليهم، فأنزلوه وسطهم وبايعوا له بالخلافة وهو كاره يقول: ‏يا قوم لا تعجلوا ولا تفعلوا هذا الأمر، فأبوا، فبلغ ذلك مصعباً، فكتب إلى عبيدالله بن ‏عمر بن عبيد بن معمر بعجّزه ويخبره غفلته عن عبيدالله بن علي وعمّا أحدثوا من البيعة ‏له.

ثم دعا مصعب خاله نعيم بن مسعود، فقال، لقد كنتُ مُكْرِماً لك محسناً فيما بيني ‏وبينك، فما حملك على ما فعلت في ابن أُختك وتخلّفه بالبصرة يؤلّب الناس ويخدعهم ؟ ‏فحلف بالله ما فعل وما علم من قصته هذه بحرف واحد، فقبل منه مصعب وصدّقه، وقال ‏مصعب: قد كتبتُ إلى عبيدالله ألومه في غفلته عن هذا، فقال نعيم بن مسعود: فلا يهيجه ‏أحد أنا أكفيك أمره وأقدم به عليك.

فسار نعيم حتى أتى البصرة، فاجتمعت بنو حنظلة وبنو عمرو بن تميم فسار بهم حتى ‏أتى بني سعد، فقال: والله ما كان لكم في هذا الأمر الذي صنعتم خير، وما أردتم إلاّ ‏هلاك تميم كلّها، فادفعوا إليَّ ابن اختي.

فتلاوموا ساعة ثم دفعوه إليه، فخرج حتى قدم به على مصعب فقال: يا أخي ما حملك ‏على الذي صنعت ؟

فحلف عبيدالله بالله ما أراد ذلك ولا كان له به علم حتّى فعلوه، ولقد كرهتُ ذلك ‏وأبيتُهُ، فصدّقه مصعب وقبل منه، وأمر مصعب بن الزبير صاحب مقدّمته ‏

٣٩٣

عبّاداً الحبطي أن يسير إلى جمع المختار، فسار فتقدّم وتقدم معه عبيدالله بن علي بن ‏أبي طالب فنزلو المذار، وتقدّم جيش المختار فنزلوا بإزائهم، فبيّتهم أصحاب مصعب بن ‏الزبير فقتلوا ذلك الجيش فلم يفلت منهم إلاّ الشريد، وقتل عبيدالله بن علي بن أبي طالب ‏تلك الليلة(١) .

وفي تهذيب التهذيب ومقتل ابن أبي الدنيا عن الزبير بن بكار عن عمه مصعب: ‏(‏ذكر ‏غير واحد من أهل التاريخ أنّ الذي قتل مع مصعب بن الزبير هو عبيدالله بن علي بن أبي ‏طالب ‏ ‎ [ ‎ لا عمر بن علي ‎ ] ‎ ‏ والله أعلم‏)‏(٢) .

لكنّ الشيخ محمّد مهدي شمس الدين نقل خطأ عن المفيد في ‏(‏الارشاد‏)‏ أ نّه قال ‏‏(عبدالله) في حين الموجود في الارشاد المطبوع أ نّه عبيدالله بن علي فقال شمس الدين: ‏ورد ذكره عند المفيد في الإرشاد ولم يذكره غيره، وقال: إنّ أ مّه وأمّ أبي بكر بن علي ‏هي ليلى بنت مسعود الثقفية، وينبغي أن يكون هذا غير عبدالله بن علي بن أبي طالب الذي ‏أ مّه أمّ البنين بنت حزام، فذاك متّفق على شهادته، وقد ذكرناه في عداد السبعة عشر(٣) .

لكنّي أرى أنّ عبدالله الموجود في بعض نسخ الإرشاد - كما يراه البعض - هو تصحيف ‏لعبيدالله بلا كلام، لاتّفاق المؤرخين على أنّ الذي يقابل ‏(‏أبي بكر‏)‏ هو ‏(‏عبيدالله‏)‏ لا ‏‏(‏عبدالله‏)‏.

ولا يخفى عليك أنّ جمعاً من العلماء والمؤرّخين خالفوا الشيخ المفيد بما قاله من مقتل ‏عبيدالله في كربلاء، إذ قال الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه-) في ‏(‏الرسائل العشر‏)‏: وقد ذهب ‏أيضاً شيخنا المفيد في الإرشاد إلى أنّ عبيدالله بن النهشلية قتل بكربلاء مع أخيه ‏الحسينعليه‌السلام ، وهذا خطأ محض بلا مراء، لأنّ عبيدالله بن النهشلية كان في جيش ‏مصعب بن الزبير ومن جملة أصحابه، فقتله أصحاب ‏

____________________

١- الطبقات الكبرى ٥: ١١٧ - ١١٨.

٢- تهذيب التهذيب ٧: ٤٨٥ الرقم ٨٠٦ ومقتل ابن أبي طالب: ١١٩.

٣- أنصار الحسين: ١٣٦.

٣٩٤

المختار بن أبي عبيده في المذار، وقبره هناك ظاهر، والخبر بذلك متواتر، وقد ‏ذكره شيخنا أبو جعفر في الحائريات لمّا سأله السائل عمّا ذكره المفيد في الإرشاد فأجاب ‏بأن عبيدالله بن النهشلية قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدالله بالمذار، وقبره هناك ‏معروف عند أهل تلك البلاد(١) .

وقال ابن إدريس الحلي (ت ٥٩٨ ه-) في ‏(‏السرائر‏)‏: وقد ذهب أيضاً شيخنا المفيد في ‏كتاب الإرشاد إلى أنّ عبيدالله بن النهشلية قتل بكربلاء مع أخيه الحسينعليه‌السلام ، ‏وهذا خطأٌ محض بلا مراء; لأنّ عبيدالله بن النهشلية كان في جيش مصعب بن الزبير، ‏ومن جملة اصحابه، قتله أصحاب المختار أبي عبيد بالمذار، وقبره هناك ظاهر والخبر ‏بذلك متواتر(٢) .

وقال أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين: وذكر يحيى بن الحسن فيما حدثني به ‏أحمد بن سعيد أنّ أبا بكر بن عبيدالله الطَّلْحي حدّثه عن أبيه: أنّ عبيدالله بن علي قتل مع ‏الحسين، وهذا خطأ، و إنّما قتل عبيدالله يوم المذار، قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة، ‏وقد رأيته بالمذار(٣) .

وقال بعده: عبيدالله بن علي بن أبي طالب، وأ مّه ليلى بنت مسعود قتله أصحاب ‏المختار بن أبي عبيدة يوم المذار، وكان صار إلى المختار فسأله أن يدعو إليه و يجعل ‏الأمر له فلم يفعل، فخرج فلحق بمصعب بن الزبير فقتل في الوقعة وهو لا يعرف(٤) .

وفي تاريخ الطبري: فزعم هشام بن محمّد أنّهما ‏ ‎ [ ‎ أي عبيدالله وأبو بكر ‎ ] ‎ قتلا مع ‏الحسين بالطف، وأ مّا محمّد بن عمر ‏ ‎ [ ‎ الواقدي ‎ ] ‎ ‏ فإنه زعم أن عبيدالله بن علي قتله المختار ‏بن أبي عبيدة بالمذار، وزعم أن لا بقية لعبيدالله ولا لأبي بكر ‏

____________________

١- انظر الرسائل العشر: ٢٨٧.

٢- السرائر ١: ٦٥٦.

٣- مقاتل الطالبيين: ٥٧، وانظر أنساب الأشراف للبلاذري ٢: ٤١٠ أيضاً.

٤- مقاتل الطالبيين: ٨٤.

٣٩٥

ابني علي(١) .

وقال الشيخ محمّد تقي التستري في ‏(‏قاموس الرجال‏)‏ معلقاً على كلام ابن إدريس ‏بقوله: الأمر كما ذكر ابن إدريس من تواتر الخبر بقتل هذا في المذار من أصحاب ‏المختار، وقد روى المسعودي في إثباته ] أي اثبات الوصية ‎ [ ‎ ‏: أنّ أمير المؤمنين دعا عليه ‏بذلك، فقال: إنّ أمير المؤمنين جمع في حال احتضاره أهل بيته - وهم اثنا عشر ذكراً - ‏وقال: إنّ الله تعالى أحبّ أن يجعل فيَّ سنّة نبيه يعقوب، إذ جمع بنيه وهم اثنا عشر فقال ‏‏(إني أُوصي إلى يوسف فاستمعوا له وأطيعوا أمره)، و إنّي أوصي إلى الحسن والحسين، ‏فاسمعوا لهما وأطيعوا أمرهما.

فقام عبيدالله، فقال: أَدُونَ محمَّد - يعني ابن الحنفية ؟! فقال له ] علي ‎ [ : أَجُرْأَةً في ‏حياتي ! كأني بك وقد وُجِدْتَ مذبوحاً في خيمة.

ثم أضاف التستري قائلاً:‏

ورواه صاحب الخرائج عن الباقرعليه‌السلام وزاد: لا يُدْرَي من قتلك، فلمّا كان في ‏زمن المختار أتاه فقال: لستَ هناك، فغضب، فذهب إلى مصعب وهو بالبصرة، فقال: ‏وَلّني قتالَ أهل الكوفة، فكان على مقدمة مصعب فالتقوا بحروراء، فلمّا حجز الليل بينهم ‏أصبحوا وقد وجدوه مذبوحاً في فسطاطه ! لا يُدرى من قتله(٢) .

إنّي لا أُوافق المسعودي ولا التستري فيما ذكراه من قرائن، لأن الإمام علياً كان قد ‏تزوج ليلى النهشلية - أم عبيدالله - حينما دخل البصرة أيام حربه مع عائشة، أي بعد السنة ‏‏٣٥ ه-، وكانت شهادتهعليه‌السلام في سنة ٤٠ للهجرة، فعبيدالله بن ليلى النهشلية كان ‏صغيراً لا يتجاوز عمره السادسة، فإن شخصاً بهذا العمر لا يطيق الكلام مع أبيه، ولا ‏يعقل أن يقول الإمام علي هذا الكلام لطفل بهذا العمر: (أجراة في حياتي) !!‏

____________________

١- تاريخ الطبري ٣: ١٦٢ وقريب منه في البداية والنهاية ٧: ٣٣٢، والكامل في التاريخ ٣: ٢٦٢.

٢- قاموس الرجال ٧: ٨١، وانظر الجرائح والخرائج ١: ١٨٤.

٣٩٦

قال السيّد الخوئي (ت ١٤١١ ه-) في ‏(‏معجم رجال الحديث‏)‏: عبيدالله بن علي بن أبي ‏طالب عدّه الشيخ المفيد في الإرشاد من أولاد أمير المؤمنين حيث قال: محمّد الأصغر ‏المكنّى بأبي بكر، وعبيدالله، الشهيدين مع أخيهما الحسينعليه‌السلام بالطفّ، وأ مّهما ‏ليلى بنت مسعود الدارمية(١) .

وهكذا نقل ذلك الأربلي في كشف الغمة ٢: ٦٦ عن الإرشاد.

وقد تقدم في عبدالله عن المفيد أيضاً عدّه عبدالله من المقتولين بالطفّ حيث قال ‏ ‎ [ ‎ في ‏فصل أسماء من قتل مع الحسين ‎ ] ‎ ‏: وعبدالله(٢) وأبو بكر ابنا أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، امّهما ليلى بنت مسعود الثقفية.

ومن ذلك يظهر أن لهعليه‌السلام من ليلى بنت مسعود ابنين، وكلاهما قتلا بالطف.

وفي الاختصاص ص ٨٢ عند عدّه من شهد مع الحسين، عدّ منهم أبا بكر بن علي ‏وأ مّه ليلى.

وقال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة عند ذكره أولاد عليعليه‌السلام : ‏وأ مّا أبو بكر وعبدالله(٣) فأ مّهما ليلى بنت مسعود النهشلية من تميم.

وقال الشيخ في الكنى من رجاله من أصحاب الحسينعليه‌السلام : أبو بكر بن ‏عليعليه‌السلام ، أخوه، قتل معه، أمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي بن سلمة بن ‏جندل بن نهشل من بني دارم.

ولكن عن الخوارزمي أنّ أبا بكر بن علي اسمه عبدالله كما في مقتله; حيث ذكره ‏وذكر أ مّه كما في الرجال وذكر رجزه:‏

شيخى عليٌّ ذو الفخار الأطولِ من هاشم الصدق الكريم المفضل(٤)

____________________

١- معجم رجال الحديث ١٢: ٨٨.

٢- باعتقادي أنه تصحيف (عبيدالله) لأ نّه الموافق لما في المصادر ولما قاله الشيخ المفيد فيما مضى (في اولاد ‏أمير المؤمنين) من الارشاد ١: ٣٥٤.

٣- الصحيح عبيدالله، وهو الموافق لما في المصادر.

٤- انظر مقتل الحسين للخوارزمي ٢: ٣٨.

٣٩٧

وذكر هذا في البحار وذكر أنّ اسمه عبيدالله(١) ، فلم يعلم أنَّ أبا بكر كنية عبدالله بن ‏علي، أو عبيدالله.

وذكر غير واحد أنّ عبيدالله بن علي لم يقتل بالطف، بل بقي إلى زمان المختار فبايع ‏مصعباً، فقتل يوم المختار وقبره بالمزار ‏ ‎ ] ‎ المذار ‎ [ مشهور(٢) . انتهى كلام السيّد الخوئي.

كان هذا هو مختصر ترجمة عبيدالله بن علي المكنّى بأبي علي بن ليلى النهشلية. ‏و إليك الآن ترجمة أخيه عبدالله - أو محمّد الأصغر - المكنى بأبي ‎

بكر.

ترجمة عبدالله أو محمّد المكنى بأبي بكر

وهو الثاني من أولاد الإمام علي من ليلى بنت مسعود النهشلية، وقد اختلفوا في كون ‏أبي بكر هل هو اسمٌ له، أو كنية ؟

أبو بكر اسم أم كنية ؟

أراد البعض الاستدلال على كونه اسماً بما جاء في بعض النصوص التاريخية، إذ ‏جعلوه قسيما لعبيدالله فقالوا: أبو بكر وعبيدالله.

وذهب آخرون إلى أنّ تلك النصوص لا دلالة لها على كونه اسماً له، فقد تكون كنية ‏اشتهر بها. و إنّي أرجّح أن يكونوا قد استفادوا من هذه الشهرة لتمييزه عن غيره من أبناء ‏علي، وذلك لوجود إخوة له يسّمون بعبدالله ومحمّد، مثل عبدالله ابن أمّ البنين المكنّى بأبي ‏بكر والمقتول مع أخيه العباس في كربلاء، ومحمّد الأصغر بن أمّ ولد، وقيل أنّ محمّد ‏الأصغر هو ابن أسماء بنت عميس.

____________________

١- بحار الأنوار ٤٥: ٣٦.

٢- معجم رجال الحديث ١٢: ٨٨ ت ٧٥٠٠.

٣٩٨

فقد يكون المترجم له اسمان احدهما قد سُمّي من قبل أمّه بعبدالله، والآخر من قبل أبيه ‏بمحمد، وهذان الاسمان عبدالله ومحمّد يشترك فيهما مع إخوته سواء الذين سمتهم ‏الأمهات كعبدالله، أو الذين سُمُّوا من قبل أبيهم مثل اسم محمّد، لكي يميزّوه عن أخوية.

فوجود هذه الأسماء بين إخوته، وأيضاً تسميته بأكثر من اسم، دعت المؤرّخين ‏وأصحاب المقاتل أن يكنّوه بكنية أبي بكر تمييزاً عن إخوانه.

ومعنى هذا أنّ كنية ‏(‏أبي بكر‏)‏ قد أُطلقت عليه بعد مقتل الحسين، ولم يكن يعرف بها ‏في الصدر الأوّل، في حين هناك نصوص توحي بأنّ هذه الكنية كانت موضوعة عليه منذ ‏زمن الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام وعلى لسان معاويه.

وهناك عبدالله آخر وهو أخو العباس وجعفر وعثمان أبناء أمير المؤمنين من أم البنين ‏بنت حزام الكلابية، والذي استشهد في الطف مع أخيه الحسين.

ومحمّد الأصغر هو من ابن أمّ ولد، وهذا أيضاً استشهد مع أخيه الحسين في كربلاء.

وبما أنّ أبا بكر بن علي المسمى بعبدالله أو محمّد قيل عنه أ نّه كان من المستشهدين في ‏كربلاء فلا يستبعد أن يكون النسّابة والمؤرخون وأصحاب المقاتل ميّزوه عن أخويه بكنية ‏أبي بكر.

وهناك احتمال آخر وهو أن تكون هذه الكنية أخذت من محمّد بن عبدالله بن جعفر بن ‏أبي طالب المكنّى بأبي بكر والمستشهد في كربلاء، لأنّ أباه عبدالله بن جعفر هو ابن ‏أسماء بنت عميس والتي تزوّجها الإمام علي بعد جعفر وأبي بكر، وكذا هو زوج ليلى ‏النهشلية - أم عبدالله بن علي المكنّى بأبي بكر - فقد تكون هذه الكنية جاءته لهذا الأمر.

وهناك احتمال ثالث وهو أنّ يكون هذا هو ابن الإمام الحسن المجتبى لا الإمام عليّ ‏المباشر، لورود اسمه في الزيارة وأنّ قاتله هو عبدالله الغنوي أو عقبة الغنوي، والذي ‏قيل عنه بأ نّه وجد في ساقه مقتولا، أو أنّ رجلا من همدان قد قتله ‏

٣٩٩

واتحاد الاشعار التي قيلت في حقهما، وهذه الأقوال يشترك فيها مع ما قيل في أبي ‏بكر بن عليّ بن أبي طالب، فقد يكون اسم الإمام الحسن قد سقط - أو أسقط - لعلل سنشير ‏إلى بعضها في آخر هذا القسم إن شاء الله تعالى.

وعليه فهذا الاشتهار لا دلالة له على كونه اسماً له. ولا يخفى عليك بأنّ العرب كانت ‏تسمي أولادها بعدّة أسماء، فلا يستبعد أن يكون للمكنّى بأبي بكر ثلاثة اسماء: عبدالله، ‏وعبدالرحمن، ومحمّد الأصغر، لأ نّا احتملنا بأن تكون عائلة الام - من الأخوال والجد - ‏قد سموه بعبدالله وعبدالرحمن مثلاً، والأب سماه محمّداً.

بهذا التقريب يمكن الجمع بين الأقوال المطروحة فيه، مع الحفاظ على كنية أبي بكر ‏له، وبذلك يكون المسمّى في بعض المصادر عبدالله، وفي البعض الآخر محمدُ الاصغر، ‏وفي بعض ثالث بأبي بكر، كلّها لشخص واحد، فأحدها هو ما سمّته به أ مّه، والآخر ما ‏سمّاه به أبوه، وثالث خاله، ورابع هي كنية أطلقوها عليه للتمييز عن إخوته. و إليك الآن ‏الاقوال التي قيلت في أنّ اسمه هو ‏(‏أبو بكر‏)‏:‏

أبو بكر اسماً

حكي عن ابن هشام (ت ٢١٣ ه-) أ نّه قال في ‏(‏السيرة النبوية‏)‏: وقد قيل أنّ أبا بكر بن ‏علي قتل في ذلك اليوم، وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي(١) .

وقال ابن سعد (ت ٢٣٠ ه-) في ‏(‏الطبقات الكبرى‏)‏: وعبيدالله بن علي قتله المختار بن ‏أبي عبيده بالمذار، وأبو بكر بن علي قتل مع الحسين ولا عقب لهما، وأ مّهما ليلى بنت ‏مسعود بن خالد(٢) .

____________________

١- السيرة النبوية لابن هشام ١: ٣٧٠.

٢- الطبقات الكبرى لابن سعد ٣: ١٩ - ٢٠.

٤٠٠