وقعة الطف

وقعة الطف0%

وقعة الطف مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 290

وقعة الطف

مؤلف: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن مسلم الازدى الغامدى
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 290
المشاهدات: 171494
تحميل: 7425

توضيحات:

وقعة الطف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171494 / تحميل: 7425
الحجم الحجم الحجم
وقعة الطف

وقعة الطف

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

فقالعليه‌السلام :« فجزاكما الله - يا ابني أخي - بوجد كما من ذلك ومواساتكما إيّاي بأنفسكما، أحسن جزاء المتّقين » .

ثمّ استقدم الفتيان الجابريّان يلتفتان إلى حسينعليه‌السلام ، ويقولان: السّلام عليك يابن رسول الله. فقالعليه‌السلام :« وعليكما السّلام ورحمة الله » . فقاتلا حتّى قُتلا [رحمهما‌الله ].

[ مقتل حنظلة بن أسعد الشبامي ]

وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي، فقام بين يدي حسينعليه‌السلام :

فأخذ ينادي:( يَا قَوْمِ إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللّهُ يُريد ظُلْماً لِلْعِبَادِ * وَيَاقَوْمِ إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التّنَادِ * يَوْمَ تُوَلّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) (١) . يا قوم لا تقتلوا حسيناًعليه‌السلام ، فيُسحتكم الله بعذاب:( وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى ) (٢) .

فقال له حسينعليه‌السلام :« يابن أسعد - رحمك الله! - إنّهم قد استوجبوا العذاب حيث ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا أخوانك الصالحين؟ ».

قال: صدقت، جُعلت فداك! أنت أفقه منّي وأحقّ بذلك، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟

فقالعليه‌السلام :« رُح إلى خير من الدّنيا وما فيها، و إلى مُلك لا يُبلى » .

فقال: السّلام عليك أبا عبد الله، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك،

____________________

(١) سورة غافر / ٣٠ - ٣٣.

(٢) سورة طه / ٦١.

٢٤١

وعرّف بيننا وبينك في جنّته.

فقال [عليه‌السلام ]:« آمين، آمين » .

فاستقدم [ حنظلة الشبامي ] فقاتل حتّى قُتل [ رحمة الله عليه ].

[ مقتل عابس بن أبي شبيب الشاكري وشوذب مولاه ](١)

وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري، ومعه شوذب مولى شاكر، فقال [ له ]: يا شوذب، ما في نفسك أنْ تصنع؟

قال: ما أصنع، أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه [ وآله ]) حتّى أُقتل.

قال: ذلك الظنّ بك، أمّا لا(٢) ، فتقدّم بين يدي أبي عبد اللهعليه‌السلام حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه وحتّى احتسبك أنا؛ فإنّه لو كان معي السّاعة أحد، أنا أولى به منّي بك، لسرّني أنْ يتقدّم بين يديّ حتّى أحتسبه، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أنْ نطلب الأجر بكل ما قدرنا عليه؛ فإنّه لا عمل بعد اليوم وإنّما هو الحساب.

فتقدم [ شوذب ] فسلّم على الحسينعليه‌السلام ، ثمّ مضى فقاتل حتّى قُتل [ رحمة الله عليه ].

____________________

(١) عابس: هو الذي قام في الكوفة بعد ما قرأ عليهم مسلم بن عقيل كتاب الإمامعليه‌السلام ، فحمد الله واثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّي لا أخبرك عن النّاس ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرّك منهم، والله، لأحدّثنّك عمّا أنا موطّن نفسي عليه، والله، لأجيبنّكم إذا دعوتم، ولأقاتلنّ معكم عدوّكم ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله.

فقال له حبيب بن مظاهر: رحمك الله! قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ٥ / ٣٥٥. وحيث تحوّل مسلم بن عقيل إلى دار هانئ بن عروة وبايعه ثمانية عشر ألفاً، قدّم كتاباً إلى الحسينعليه‌السلام مع عابس بن أبي شبيب الشاكري: أن عجّل الإقبال ٥ / ٣٧٥.

(٢) أي: أمّا إنْ كنت تأبى الانصراف، وتقول: إنّك لا تنصرف

٢٤٢

ثمّ قال عابس بن أبي شبيب: يا أبا عبد الله، أمَا والله، ما أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك، ولو قدرت على أنْ أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لعملته، السّلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله أنّي على هديك وهدي أبيك.

ثمّ مشى بالسّيف مصلتاً نحوهم وبه ضربة على جبينه(١) .

قال ربيع بن تميم [ الهمداني ]: لمّا رأيته مقبلاً عرفته، فقلت:

أيّها النّاس، هذا أسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجنّ إليه أحد منكم.

فأخذ ينادي: ألاَ رجل لرجل؟

فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة.

فرُمي بالحجارة من كلّ جانب.

فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره، ثمّ شدّ على النّاس، فوالله، لرأيته يكرد(٢) أكثر من مئتين من النّاس.

ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه من كلّ جانب، فقُتل [ رحمة الله عليه ](٣) و(٤) .

[ مقتل يزيد بن زياد أبي الشعثاء الكندي ]

وكان يزيد بن زياد بن المهاصر - وهو أبو الشعثاء الكندي - ممّن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسينعليه‌السلام ، فلمّا ردّوا الشروط على الحسينعليه‌السلام مال إليه

____________________

(١) حدّثني نمير بن وعلة، عن رجل من بني عبد من همدان شهد ذلك اليوم ٥ / ٤٤٤.

(٢) يكرد، أي: يطرد.

(٣) حدّثني محمّد بن قيس، قال ٥ / ٤٤٠.

(٤) فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة، هذا يقول: أنا قتلته. وهذا يقول: أنا قتلته. فأتوا عمر بن سعد، فقال: لا تختصموا، هذا لمْ يقتله سنان واحد. ففرّق بينهم بهذا القول.

٢٤٣

فقاتل [ معه ]. وكان رجزه يومئذٍ:

أنا يزيد وأبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل خادر(١)

يا ربّ اني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر(٢)

وكان رامياً، [ فـ ] -جثا على ركبته بين يدي الحسينعليه‌السلام ، فرمى بمئة سهم ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم. فكلّما رمى، قال:أنا ابن بهدلة، فرسان العرجلة .

ويقول حسينعليه‌السلام :« اللهمّ، سدّد رميته، واجعل ثوابه الجنّة » . [ ثمّ ] قاتل حتّى قُتل [ رحمة الله عليه ].

[ الرجال الأربعة الذين جاؤوا مع الطرمّاح بن عدي إلى الحسينعليه‌السلام ، وهم ]: جابر بن الحارث السّلماني ومجمّع بن عبد الله العائذي(٣) ، وعمر بن خالد الصيدأوي وسعد مولى عمر بن خالد، فشدّوا مُقدمين بأسيافهم على النّاس.

فلمّا وغلوا،عطف عليهم النّاس يحوزونهم وقطعوهم من أصحابهم،

____________________

(١) الغيل: الشجر الكثير الملتف. وخادر، أي: نائم.

(٢) هذه رواية فضيل بن خديج الكندي، ولعلّه استنتج تركه وهجره لابن سعد ونصرته للإمامعليه‌السلام بعد ردّ الشروط عليه من رجزه هذا. وقد سبقت رواية عبد الرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان: أنّ رسول ابن زياد بكتابه إلى الحرّ في كربلاء، كان المالك بن النّسير البَدّيّ الكندي. فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك اُمّك! ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه، أطعت إمامي ووفيت ببيعتي. فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك وأطعت إمامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنّار، قال الله عزوجل:( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمّةً يَدْعُونَ إلى النّار وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ ) [ القصص / ٤١ ]. فهو إمامك ٥ / ٤٠٨.

فهذه الرواية: تدلّ على كونه مع الإمامعليه‌السلام قبل نزوله بكربلاء، بل قبل لقائه بالحرّ (ره). والطبري وأبو مِخْنَف، لم يلتفتا لذلك.

(٣) هو الذي قال للحسينعليه‌السلام : أمّا أشراف النّاس، فقد أُعظمت رشوتهم ومُلئت غرائزهم، يُستمال ودّهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم ألب واحدٍ عليك؛ وأمّا سائر النّاس - بعد -، فإنّ أفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غداً مشهورة عليك ٥ / ٤٠٥.

٢٤٤

فحمل عليهم العبّاس بن عليعليه‌السلام فاستنقذهم، [ ثمّ ] شدّوا بأسيافهم، فقاتلوا حتّى قُتلوا في مكان واحد(١) [رحمهم‌الله ].

[ سويد الخثعمي وبشير الحضرمي ]

[ و ] كان آخر من بقي مع الحسينعليه‌السلام من أصحابه: سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي(٢) وبشير بن عمر الحضرمي [؛ فأمّا بشير، فقد تقدّم وقاتل حتّى قُتلرحمه‌الله ؛ وأمّا سويد، فقد تقدّم وقاتل حتّى أُثخن فصُرع ](٣) ، فوقع بين القتلى مُثخناً وأُخذ سيفه.

[ فلمّا ] قُتل الحسينعليه‌السلام سمعهم، يقولون: قُتل الحسينعليه‌السلام . وجد إفاقة، ومعه سكّين فقاتلهم بسكّينه ساعةً [ حتّى ] قتله زيد بن رقاد الجنبي(٤) وعروة بن بطار التغلبي.

وكان آخر قتيل(٥) و(٦) .

____________________

(١) حدّثني فضيل بن خديج الكندي أنّ ٥ / ٤٤٥.

(٢) حدّثني زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي، قال ٥ / ٤٤٦.

(٣) حدثني عبد الله بن عاصم، عن الضحّاك بن عبد الله المشرقي، قال ٥ / ٤٤٤.

(٤) هو: قاتل العابس بن عليعليه‌السلام ٥ / ٤٦٨، وهو الرامي عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم. وكان يقول: لقد رميت فتى منهم بسهم. وإنّه لواضع كفّه على جبهته يتّقي النّبل فأثبت كفّه في جبهته، فما استطاع أنْ يُزيل كفّه عن جبهته. ثمّ إنّه رمى الغلام بسهم آخر، فقتله.

وكان يقول: جئته ميّتاً، فلمْ أزل انضنض السّهم من جبهته حتّى نزعته، وبقي النّصل في جبهته مثبتاً ما قدرتُ على نزعه.

وبعث المختار إليه: عبد الله بن كامل الشاكري، فأتى داره وأحاط بها واقتحم الرجال عليه، فخرج مصلتاً بسيفه، فقال ابن كامل: ارموه بالنّبل وارجموه بالحجارة، ففعلوا ذلك به حتّى سقط فدعا بنار فحرّقه بها، وهو حيّ لمْ تخرج روحه ٦ / ٦٤. وهو رجل من جنب ٦ / ٦٤. وفي غير الطبري يُذكر: الجهني، والحنفي.

(٥) حدّثني زهير بن عبد الرحمن الخثعمي، أنّ ٥ / ٤٥٣.

(٦) قال أبو مِخْنَف: حدّثني عبد الله بن عاصم، عن الضحّاك بن عبد الله المشرّقي، قال: لمّا رأيت أصحاب الحسينعليه‌السلام قد أُصبوا وقد خلص إليه و إلى أهل بيته، ولمْ يبقَ معه غير سويد بن عمرو

٢٤٥

____________________

بن أبي المطاع الخثعمي، وبشر بن عمرو الحضرمي، فأقبلت إلى فرسي - وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تُعقر، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت، وأقبلت أقاتل راجلاً فقتلت يومئذٍ بين يدي الحسينعليه‌السلام رجلين، وقطعت يد آخر.

وقال لي الحسينعليه‌السلام يومئذٍ مِراراً:« لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيراً من أهل بيت نبيّك (صلّى الله عليه [ وآله ] » . - فقلت له: يابن رسول الله، قد علمت ما كان بيني وبينك، قلت لك: أقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً، فإذا لمْ أرَ مقاتلاً فأنا في حلّ من الانصراف؟ فقلت لي:« نعم ». فقالعليه‌السلام :« صدقت، وكيف بالنّجاء! إنْ قدرت على ذلك، فأنت في حلّ » .

فلمّا أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط، ثمّ استويت على متنها ثمّ ضربتها حتّى إذا قامت على السّنابك رميت بها عرض القوم، فأُخرجوا لي واتبعني منهم خمسة عشر رجلاً حتّى انتهيت إلى شفيّة - قرية قريبة من شاطئ الفرات - فلمّا لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيّوب بن مشرح الخيواني، وقيس بن عبد الله الصائدي فقالوا: هذا الضحّاك بن عبد الله المشرّقي، هذا ابن عمّنا، ننشدكم الله لمّا كففتم عنه. فقال ثلاثة نفر من بني تميم، كانوا معهم: بلى والله، لنجيبنّ أخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم. فلمّا تابع التميميّون أصحأبي كفّ الآخرون فنجّاني الله ٥ / ٤٤٥.

٢٤٦

[ عليّ بن الحسين الأكبر ]

وكان أوّل قتيل من بني أبي طالب يومئذٍ: علي الأكبر(١) بن الحسين بن عليعليه‌السلام .

واُمّه: ليلى، ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي(٢) .

____________________

(١) ويصف أبو مِخْنَف في روايته، عن سليمان بن أبي راشيد عن حميد بن زياد، يصف الإمام السّجادعليه‌السلام بقوله:« علي بن الحسين عليه‌السلام الأصغر » . ٥ / ٤٥٤. ويُسمّي ولداً آخر للإمامعليه‌السلام ، قُتل في حجره:« عبد الله بن الحسين عليه‌السلام » . بنفس السّند ٥ / ٤٤٨.

وقال الطبري في كتابه ذيل المذيّل: وأمّا علي بن الحسين الأكبرعليه‌السلام ، فقُتل مع أبيه بنهر كربلاء، وليس له عقب. وشهد علي بن الحسين الأصغرعليه‌السلام مع أبيه كربلاء، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان مريضاً نائماً على فراش. قال عليّعليه‌السلام :« فلمّا أُدخلت على ابن زياد، قال: ما اسمك؟ قلت: علي بن حسين عليه‌السلام . قال: أوَلمْ يقتل الله عليّاً؟ قلت: كان لي أخ أكبر منّي يُقال له: علي، قتله النّاس. قال: بل الله قتله. قلت: ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) [ سورة الزمر / ٤٢ ] / ٦٣٠، ط دار المعارف.

ورواه أبو الفرج / ٨٠ - ط النّجف -، وكذلك وصفّه اليعقوبي: بالأكبر. ووصفه الإمام السّجادعليه‌السلام :« بالأصغر » . ٢ / ٢٣٣، ط النّجف، وكذلك المسعودي ٣ / ٧١، وسبط ابن الجوزي / ٢٢٥. وذكره المفيد في الإرشاد / ٢٣٨ بدون لقب: الأكبر.

(٢) في سنة ٦ للهجرة، كان قد نَفَر من قومه - من ثقيف - في الطائف إلى مكّة، وحالف قريشاً بأهله وولده ومَن أطاعه. فلمّا أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأصحابه في عام الحديبيّة معتمراً وأبلغهم بُديل بن ورقاء الخزاعي، ما يقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . قام عروة، فقال لذوي الرأي من قريش: إنّ هذا الرجل قد عرض عليكم خُطة رشد، فقبلوها ودعوني آته. فقالوا: ائته.

فأتاه فجعل يكلّم النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال له النّبيّ نحواً من مقالته لبُديل:« إنّا لمْ نأتِ لقتال أحد، ولكنّا جئنا معتمرين، وإنّ قريشاً قد نهكتهم الحرّب وأضرّت بهم، فإنْ شاؤوا أنْ يدخلوا فيما دخل فيه النّاس فعلوا، وإلاّ فقد جمّوا، وإنْ هم أبوا فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنّهم على أمري هذا حتّى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره » .

فقال عروة عند ذلك: أي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أرأيت إنْ أستأصلت قومك؟ فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإنْ تكن الأخرى! فوالله، إنّي لأرى وجوهاً وأوشاباً - أي: أخلاطاً - من النّاس خلقاً أنْ يفرّوا ويدعوك.

وجعل يرمق أصحاب النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعينه. ثمّ رجع عروة إلى أصحابه، فقال: أيّ قوم والله، لقد وفدت على الملوك ووفدت على: كسرى وقيصر والنّجاشي، والله، إنْ رأيت ملكاً قط يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ! والله، إنْ يتنخّم نخامته إلاَ وقعت في كفّ رجل منهم، فدلك بها وجهه وجَلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّموا عنده خفظوا أصواتهم، وما يحدوّن، النظر إليه تعظيماً له! وإنّه قد عرض عليكم خُطة رشد فأقبلوها ٢ / ٦٢٧. =

٢٤٧

أخذ يشدّ على النّاس، وهو يقول:

أنا عليّ بن حسين بن علي

نحن وربّ البيت أولى بالنّبيّ

تا لله لا يحكم فينا ابن الدّعي(١)

ففعل ذلك مِراراً، فبصر به مرّة بن مُنقذ بن النعمان العبدي(٢) فقال: عليّ

____________________

= وفي سنة (٨ هـ) في حرب حُنين كان في جِرش، يتعلّم صنعة الدّبابات والمجانيق ولمْ يشهد حرب حُنين ٣ / ٨٢.

وكان قد صاهر أبا سفيان على ابنته آمنة، فلمّا كان يوم حُنين تقدّم أبو سفيان مع المغيرة بن شعبة إلى الطائف، فناديا ثقيفاً: أنْ آمنونا حتّى نكلّمكم. فآمنوهما، فدعوا نساء قريش يخافون عليهم السّبي، فأبين عليهم ٣ / ٨٤.

وحينما انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أهل الطائف أتبع عروة بن مسعود أثره حتّى أدركه قبل أنْ يصل إلى المدينة فأسلم، وسأله أنْ يرجع إلى قومه بالإسلام.

وكان عروة محبوباً في ثقيف مطاعاً، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام ورجا أنْ لا يخالفوه لمنزلته فيهم، ولكنّهم رموه بالنّبل من كلّ وجه فقُتل. فقيل له: ما ترى في دمك؟ قال: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليّ، فليس فيّ إلاّ ما في الشهداء الذين قُتلوا مع رسول الله (صلّى الله عليه [ وآله ]) قبل أنْ يرتحل عنكم، فادفنوني معهم. فدفنوه معهم.

فروي، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيه:« إنّ مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه » . ٣ / ٩٧، كما في سيرة ابن هشام ٢ / ٣٢٥. وقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دَينه ودَين أخيه الأسود بن مسعود من حلى اللاّت، وثن ثقيف. ٣ / ١٠٠.

(١) وروى أبو الفرج: أنّه جعل يشدّ عليهم، ثمّ يرجع إلى أبيه، فيقول: يا أبة العطش! فيقول له الحسين عليه‌السلام : « اصبر حبيبى؛ فإنّك لا تمسي حتّى يسقيك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكأسه » . فجعل يكرُّ كرّةً بعد كرّةٍ / ٧٧.

(٢) نسبته إلى بني عبد القيس. كان مع أبيه مُنقذ بن النّعمان في صفّين مع أميرالمؤمنينعليه‌السلام

٢٤٨

آثام العرب إنْ مرّ بي بفعل مثل ما كان يفعل، إنْ لمْ أثكله أباه. فمرّ يشدّ على النّاس بسيفه، فاعترضه مرّة بن مُنقذ، فطعنه فصرع، واحتواه النّاس فقطّعوه بأسيافهم(١) و(٢) .

[ فجاءه ] الحسينعليه‌السلام يقول:« قتل الله قوماً قتلوك يا بنيّ، ما أجرأهم على الرّحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدّنيا بعدك العفاء ».

وخرجت امرأة مسرعة تنادي: يا أُخيّاه! ويابن أُخيّاه! فجاءت حتّى كبّت عليه. فجاءها الحسينعليه‌السلام فأخذ بيدها فرّدها إلى الفسطاط، وأقبل [ على ] فتيانه، فقال:« احملوا أخاكم ». فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يُقاتلون أمامه(٣) .

[ القاسم بن الحسنعليه‌السلام ]

قال حميد بن مسلم: خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقه قمر، في يده السّيف عليه قميص وإزار ونعلان، قد انقطع شِسع أحدهما - ما أنسى أنّها اليسرى -.

____________________

وأخذ راية عبد القيس من أبيه فكانت معه ٤ / ٥٢٢. وفي سنة (٦٦ هـ)، بعث المختار إليه عبد الله بن كامل الشاكري فأحاط بداره، فخرج وبيده الرمح وهو على فرس جواد، فضربه ابن كامل بالسّيف فاتّقاه بيده اليسرى فأصابها وأفلت، ولحق بمصعب بن الزبير وقد شلّت يده ٦ / ٦٤.

(١) حدّثني هير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي، قال ٥ / ٤٤٦. وأبو الفرج عن أبي مِخْنَف عن زهير بن عبد الله الخثعمي / ٧٦. وروى بسند آخر: لمّا برز علي بن الحسين إليهم أرخى الحسين (صلوات الله عليه) عينيه فبكى، ثمّ قال:« اللهمّ، كن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » .

(٢) وروى أبو الفرج، أنّه نادى: يا أبتاه! عليك السّلام، هذا جدّى رسول الله يقرئك السّلام، ويقول: عجّل القدوم إلينا. ثمّ شهق شهقةً وفارق الدنيا / ٧٧.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال ٥ / ٤٤٦. وأبو الفرج بنفس السّند / ٧٦ - ٧٧.

٢٤٩

فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي(١) : والله، لأشدنّ عليه. فقلت له: سبحان الله! وما تريد إلى ذلك، يكفيك هؤلاء الذين تراهم قد احتووه. فقال: والله، لأشدّن عليه.

فشدّ عليه فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسّيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عمّاه!

فجلّى الحسينعليه‌السلام كما يجلّى الصّقر، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب عمرواً بالسّيف فاتّقاه بالسّاعد، فأطنّها من لدن المرفق، وجالت الخيل فوطئته حتّى مات.

وانجلت الغبرة، فإذا بالحسينعليه‌السلام قائم على رأس الغلام والغلام يفحص برجليه، وحسينعليه‌السلام يقول:« بُعداً لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك. عزّ والله، على عمّك أنْ تدعوه فلا يُجيبك، أو يُجيبك ثمّ لا ينفعك، صوت والله، كثُر واتره وقلّ ناصره ».

ثمّ احتمله، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض، وقد وضع الحسينعليه‌السلام صدره على صدره، فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علي بن الحسينعليه‌السلام ، وحوله قتلى من أهل بيته.

فسألت عن الغلام. فقِيل: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب(٢) عليه‌السلام .

* * *

____________________

(١) وجاء اسمه في ٥ / ٤٦٨: سعد بن عمرو بن نفيل الأزدي، وكلاهما برواية أبي مِخْنَف.

(٢) حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٤٧. والمفيد في الإرشاد / ٢٣٩.

٢٥٠

[ العبّاس بن علي وأخوته ]

[ ثمّ ] إنّ العبّاس بن عليعليه‌السلام ، قال لأخوته من اُمّه، عبد الله وجعفر وعثمان: يا بني أمّي، تقدّموا حتّى [ أرثيكم ]؛ فإنّه لا وِلد لكم.

ففعلوا [ وتقدّموا، فقاتلوا قتالاً شديداً حتّى ] قُتلوا [رحمهم‌الله ](١) و(٢) .

[ رضيع الحسينعليه‌السلام ]

وقعد الحسينعليه‌السلام [ فـ ] -أُتي بصبيّ له، [ هو: الرضيع، أو أكبر منه ]

____________________

(١) قال أبو مِخْنَف: وزعموا ٥ / ٤٤٨.

(٢) ثمّ لمْ يذكر مقتل العبّاس بن عليعليه‌السلام ، فننقله عن الإرشاد، للشيخ المفيد (قده). قال:

واشتدّ العطش بالحسينعليه‌السلام فركب المسنّاة يُريد الفرات، وبين يديه العبّاس أخوه، فاعترضه خيل ابن سعد (لعنه الله!) وفيهم رجل من بني دارم، فقال لهم: ويلكم! حولوا بينه وبين الفرات، ولا تمكّنوه من الماء.

فقال الحسينعليه‌السلام :« اللهمّ، أظمئه! » . فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه، فانتزع الحسينعليه‌السلام السّهم وبسط يده تحت حنكه، فامتلأت راحتاه من الدم فرمى به، ثمّ قالعليه‌السلام :« اللهمّ، إنّي أشكو إليك ما يُفعل بابن بنت نبيّك » . ثمّ رجع إلى مكانه، وقد اشتدّ به العطش.

وأحاط القوم بالعبّاس فاقتطعوه عنه، فجعل يُقاتلهم وحده حتّى قُتل (رحمة الله عليه). وكان المتولّي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي (*) وحكيم بن الطفّيل السّنبسي، بعد أنْ أُثخن بالجراح فلمْ يستطع حِراكاً. الإرشاد / ٢٤٠، ط النّجف الأشرف.

____________________

(*) وذكره الطبري: زيد بن رقاد الجني ٥ / ٤٦٨. وفي ٦ / ٦٤: أنّه رجل من جنب، وهو قاتل عبد الله بن مسلم بن عقيل وسويد بن عمرو الخثعمي، من أصحاب الحسينعليه‌السلام . وقد مضت ترجمته في مقتل سويد.

أحرقه المختار بالنّار حيّاً. والحنفي: تحريف واضح.

٢٥١

عبدالله بن الحسينعليه‌السلام (١) ، فأجلسه في حجره(٢) - فهو في حجره - إذ رماه أحد بني أسد [ حرملة بن كأهل أو هانئ بن ثبيت الحضرمي ] بسهم فذبحه، فتلقيّ الحسينعليه‌السلام دمه، فلمّا ملأ كفّه صبّه في الأرض، ثمّ قال:« ربّ، إنْ تَكُ حبست عنّا النّصر من السّماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين ». (٣) و(٤) .

[ ابنا عبد الله بن جعفر ]

فاعتورهم النّاس من كلّ جانب:

فحمل عبد الله بن قطبة النّبهاني الطائي على: عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فقتله(٥) .

____________________

(١) واُمّه: الرباب ابنة امرئ القيس الكلبي ٥ / ٤٦٨. وذكره المفيد في الإرشاد / ٢٤٠ وقال: وهو طفل.

(٢) قال عقبة بن بشير الأسدي: قال لي أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ٥ / ٤٤٨.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٤٨.

(٤) وروى الطبري: عن عمّار الدهني، عن الباقرعليه‌السلام أنّه قالعليه‌السلام :« وجاء سهم فأصاب ابناً له معه في حجره، فجعل يمسح الدم عنه، ويقول: اللهمّ، احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا، فقتلونا » . ٥ / ٣٨٩.

وقال اليعقوبي: ثمّ تقدموا رجلاً رجلاً حتّى بقى وحده، ما معه أحد من أهله ولا ولده ولا أقاربه، فإنّه لواقف على فرسه إذ أُتي بمولود قد وُلد في تلك السّاعة، فأذّن في أُذنه وجعل يحنّكه، إذ أتاه سهم فوقع في حلق الصبيّ فذبحه، فنزع الحسين عليه‌السلام السّهم من حلقه وجعل يلطّخه بدمه، ويقول عليه‌السلام : « والله، لأنت أكرم على الله من النّاقة، ولمحمّد أكرم على الله من صالح » . ثمّ أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه ٢ / ٢٣٢، ط النّجف.

وقال السّبط: فالتفت الحسين عليه‌السلام فإذا طفل له يبكى عطشاً، فأخذه على يده، وقال عليه‌السلام : « يا قوم إنْ لمْ ترحموني، فارحموا هذا الطفّل » . فرماه رجل منهم بسهم فذبحه، فجعل الحسين عليه‌السلام يبكي، ويقول: « اللهمّ، احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا، فقتلونا » . فنُودي من الهواء: دعه يا حسين، فإنّ له مرضعاً في الجنّة / ٢٥٢، ط النّجف.

(٥) واُمّه: جُمانة ابنة المسيّب بن نجبة الغزاري ٥ / ٤٦٩، من زعماء التوّابين من شيعة الكوفة. وقال أبو الفرج: اُمّه زينب العقيلة بنت علي بن أبي طالبعليه‌السلام / ٦٠، ط النّجف.

٢٥٢

وحمل عامر بن نهشل التّيمي على: محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فقتله(١) .

[ آل عقيل ]

وشدّ عثمان بن خالد بن أسير الجهني وبشرّ بن حوط القابضي المداني، على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقتلاه(٢) واشتركا في سلبه. ورمى عبد الله بن عزرة الخثعمي(٣) جعفر بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقتله. ثمّ إنّ عمرو بن صبيح الصدّائي(٤) رمى عبد الله بن مسلم ابن

____________________

(١) واُمّه: الخوصاء ابنة خصفة بن ثقيف التّيمي من بكر بن وائل ٥ / ٤٦٩. وكذا أبو الفرج / ٦٠، ط النّجف. وذكرها سبط ابن الجوزي: حوط بنت حفصة التيمي / ٢٥٥، ط النّجف.

(٢) فبعث المختار إليهما عبد الله بن كامل، وكانا يُريدان أنْ يخرجا إلى الجزيرة - أي: الموصل - فخرجوا في طلبهما فوجدوهما في الجبّانة، فأُتى بهما فخُرج بهما إلى بئر الجعد فضُرب أعناقهما بالنّار. ورثيهما أعشى همدان ٦ / ٥٩.

وفي ٥ / ٤٦٩: قتله عثمان بن خالد الجهني فقط، ولمْ يشترك معه بشر بن حوط الهمداني. وذكرهما أبو الفرج بنفس السّند / ٦١، ط النّجف.

(٣) وقال في ٥ / ٤٦٩: قتله بشر بن حوط الهمداني. وذكر الخثعمي في ٦ / ٦٥: عبد الله بن عروة الخثعمي، طلبه المختار ففاته ولحق بمصعب. وذكره أبو الفرج: عبد الله بن عروة الخثعمي، بنفس السّند / ٦١، ط النّجف.

(٤) طلبه المختار، فأُتى ليلاً بعد ما هدأت العيون، وهو على سطحه لا يشعر فأُخذ وسيفه تحت رأسه. فقال: قبّحك الله سيفاً! ما أقربك وأبعدك! وكان يقول: لقد طعنت فيهم وجرحت وما قتلت أحداً. فجيء به إلى المختار فحبسه معه في القصر.

فلمّا أنْ أصبح أذن للنّاس فدخلوا، وجيء به مقيّداً. فقال: أمَا والله، يا معشر الكفرة الفجرة أنْ لو بيدي سيفي، لعلمتم أنّي بنصل السّيف غير رعش ولا رعديد، ما يسرّني - إذ كانت منيّتي قتلاً - أنّه قتلنى من الخلق أحد غيركم. لقد علمت أنّكم شرّار خلق الله! غير أنّي وددت أنْ بيدي سيفاً أضرب به فيكم ساعةً.

ثمّ رفع يده فلطم عين ابن كامل، وهو إلى جنبه فضحك ابن كامل، ثمّ أخذ يده وأمسكها، ثمّ قال:

٢٥٣

عقيل(١) بسهم فوضع كفّه على جبهته، فأخذ لا يستطيع أنْ يحرك كفّيه، ثمّ بسهم آخر ففلق قلبه(٢) .

وقتل لبيط بن ياسر الجهني: محمّد بن أبي سعيد ابن عقيل(٣) .

[ أبناء الحسن بن عليعليهما‌السلام ]

ورمى عبد الله بن عقبة الغنوى(٤) أبا بكر بن الحسن(٥) بن علي بسهم

____________________

إنّه يزعم أنّه قد جرح في آل محمّد وطعن، فمرنا بأمرك فيه.

فقال المختار: عليّ بالرّماح. فأُتي بها، فقال: اطعنوه حتّى يموت. فطُعن بالرماح حتّى مات ٦ / ٦٥.

وروى في ٥ / ٤٦٩، عن أبي مِخْنَف: أنّه قتل عبد الله بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام .

وروى في ٦ / ٦٤: أنّ الذي رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل، هو: زيد بن رقاد الجَنَبي. وأنّه كان يقول: لقد رميت فتى منهم بسهم، وإنّه لواضح كفّه على جبهته يتّقي النّبل فأثبت كفّه في جبهته، فما استطاع أنْ يزيل كفه عن جبهته، وأنّه حيث أثبت كفّه في جبهته، قال: اللهمّ، إنّهم استقلّونا واستذلّونا؛ اللهمّ، فاقتلهم كما قتلونا وأذلّهم كما استذلّونا. ثمّ إنّه رمى الغلام بسهم آخر فقتله. فكان يقول: جئته ميّتاً، فلمْ أزل انضنض السّهم من جبهته حتّى نزعته، وبقى النّصل مثبتاً في جبهته ما قدرت على نزعه.

فبعث المختار خلفه عبد الله بن كامل الشاكري، فلمّا أتى داره أحاط بها، واقتحم الرجال عليه، فخرج مصلتاً سيفه، فقال ابن كامل: ارموه بالنّبل وارجموه بالحجارة. ففعلوا به ذلك حتّى سقط وبه رمق، فدعا بنار فأحرقه وهو حيّ لمْ تخرج روحه ٦ / ٦٤.

(١) واُمّه رقيّة بنت علي بن أبي طالبعليه‌السلام ٥ / ٤٦٩. وأبو الفرج / ٦٢، ط النّجف.

(٢) قال أبو مِخْنَف ٥ / ٤٦٩. وأبو الفرج / ٦٢ ط النّجف.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال ٥ / ٤٤٧.

(٤) كان ممّن خرج مع المستورد بن علفة سنة (٤٣ هـ) في إمارة المغيرة بن شعبة بالكوفة. وكان كاتباً فأمره المستورد أنْ يكتب له، ثمّ يحمل الكتاب إلى سمّاك بن عبيد والي المدائن، يدعوه إليه ففعل ورجع إليه ٥ / ١٩٠.

ولمّا أُصيب أصحاب المستورد، فرّ الغنوي حتّى دخل الكوفة على شريك بن نملة، وسأله أن يلقى المغيرة بن شعبة فيأخذ له منه أماناً، ففعل. فقال المغيرة: قد آمنته ٥ / ٢٠٦. وبعد كربلاء فرّ من المختار فلحق بمصعب بن الزبير، ثمّ صار مع عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ٥ / ٢٠٥. وطلبه المختار فوحده قد هرب، فهدم داره ٦ / ٦٥.

(٥) كما في ٥ / ٤٦٨. وطُبع في / ٤٤٨: أبو بكر بن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهو خطأ.

٢٥٤

فقتله(١) .

وقُتل عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ، رماه حرملة بن كأهل(٢) بسهم فقتله(٣) .

____________________

(١) قال عقبة بن بشير الأسدي: قال لي أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ٥ / ٤٤٨. وأبو الفرج رواه، عن المدائنى من أبي مِخْنَف، عن سليمان بن أبي راشد، وعن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام . مقاتل الطالبيّين / ٥٧، ط النّجف.

(٢) كما في ٦ / ٦٥. وذكره هنا في ٥ / ٤٦٨: حرملة بن كاهن وهو خطأ، ولمْ يذكر طلب المختار له وكيفيّة قتلة.

قال هشام: حدّثني أبو الهذيل رجل من السّكون، قال: رأيت هانئ بن ثبيت الحضرمي في مجلس الحضرميّين في زمان خالد بن عبد الله وهو شيخ كبير، فسمعته يقول: إذ أقبل رجل يركض، حتّى إذا دنا منه مال عن فرسه، ثمّ اقتصد الغلام بالسّيف فقطّعه. ورواه أبو الفرج عن المدائني / ٧٩، ط النّجف.

قال أبو مِخْنَف: وواستصغر الحسن بن الحسن وعمر بن الحسنعليه‌السلام ، فلمْ يُقتلا ٥ / ٤٤٩.

وقتل من الموالي سليمان مولى الحسين، ومنجح مولى الحسينعليه‌السلام ٥ / ٤٦٩.

(٣) كما في ٤٦٨. وأبو الفرج / ٥٨، ط النّجف: عن المدائني. والمشهور أنّه هو الذي فرّ من المخيم إلى مصرع عمّه، فقُتل عنده، كما سيأتي حديثه.

ونصّ عليه المفيد في الإرشاد / ٢٤١، ط النّجف.

٢٥٥

[ الحسين عليه‌السلام ]

ولمّا بقي الحسينعليه‌السلام في ثلاثة رهط أو أربعة، دعا بسراويل يمانيّة محقّقة يلمع فيها البصر، ففرزه ونكثه؛ لكيلا يسلبه(١) و(٢) .

ومكث طويلاً من النّهار كلّما انتهى إليه رجل من النّاس انصرف عنه، وكره أنْ يتولّى قتله وعظيم إثمه عليه.

وأتاه مالك بن النّسير [ البَدّي الكنديّ(٣) ] فضربه على رأسه بالسّيف، فقطع البرنس [ الذي ] عليه وأصاب رأسه، فأدما [ ه و ] امتلأ البرنس دماً، فقال له الحسينعليه‌السلام :« لا أكلت بها ولا شربت، وحشرك الله مع الظالمين »

[ ثمّ ] ألقى ذلك البرنس [ و ] دعا بقلنسوة - فلبسها واعتمّ [ عليه ](٤) و(٥) .

____________________

(١) فقال له بعض أصحابه: لو لبست تحته تبّاناً [ والكلمة فارسية، بمعنى: اللباس القصير. ] قال عليه‌السلام : « ذلك ثوب مذلّة، ولا ينبغي لي أنْ ألبسه » . فلمّا قُتل سلبه إيّاه بحر بن كعب ٥ / ٤٥١.

قال أبو مِخْنَف: فحدّثني عمرو بن شعيب عن محمّد بن عبد الرحمن: أنّ يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء، وفي الصيف تيبسان كالعود ٥ / ٤٥١.

(٢) حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٥١. والمفيد في الإرشاد / ٢٤١.

(٣) هو رسول ابن زياد بكتابه إلى الحرّ، في الطريق بإنزال الحسينعليه‌السلام ٥ / ٤٠٨. ومضت ترجمته في نزول الإمامعليه‌السلام .

(٤) و (٥) وكان البرنس من خزّ، فجاء الكندي حتّى أخذ البرنس. فلمّا قدم به بعد ذلك على أهله أقبل يغسل البرنس من الدّم، فرأت ذلك امرأته وعلمت به، فقالت: أسَلَب ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه [ وآله ]) تُدخلُ بيتي؟! أخرجه عنّي. وذكر أصحابه أنّه لمْ يزل فقيراً به حتّى مات ٥ / ٤٤٨.

والبرنس: قلنسوة طويلة من قطن كان يلبسها عبّاد النّصاري، فلبسها عبّاد المسلمين في صدر الإسلام.

كما في مجمع البحرين - وذكر الخبر المفيد في الإرشاد / ٢٤١ باسم: مالك بن اليسر.

قال هشام: عن أبيه محمّد بن السّائب، عن القاسم بن الأصبغ بن نباته، قال: حدثني من شهد الحسينعليه‌السلام في عسكره: أنّ حسيناًعليه‌السلام حين غلب على عسكره ركب المسنّاة يُريد الفرات، وضرب فرسه.

فقال رجل من بني ابن بن دارم: ويلكم! حولوا بينه وبين الماء.

فاتبعه النّاس حتّى حالوا بينه وبين الفرات.

وانتزع الأُباتي سهماً فأثبته في حنك الحسينعليه‌السلام ، فانتزع الحسينعليه‌السلام السّهم وبسط كفيّه فامتلأت دماً، فقال:« اللهمّ، انّي أشكو إليك ما يُفعل بابن بنت نبيّك، اللهمّ، أظمه » . =

٢٥٦

[ فـ ] -كان معتمّاً [ على القَلنسوة بالخزّ الأسود ]، وعليه قميص (١) [ و] جبّة من خزّ. وكان مخضوباً بالوسمة، وهو يُقاتل قتال الفارس الشجاع، يتّقي الرّمية ويفترص العورة، ويشدّ على الخيل (٢) .

وأقبل شمر بن ذي الجوشن في نفر، نحومن عشرة من رجّالة أهل الكوفة قبل منزل الحسينعليه‌السلام الذي فيه ثقله وعياله، فمشى نحوه فحالوا بينه وبين رحله

____________________

= قال القاسم بن الأصبغ: لقد رأيت[ ـه ] وعنده عساس فيها اللّبن، وقلال فيها الماء؛ والماء يُبرّد له فيه السكّر [ فـ ] -يقول: ويلكم، اسقوني! قتلني الظمأ! فيُعطى الفلّة أو العُسّ فيشرّبه، فإذا نزعه من فيه، اضطجع الهنيهة ثمّ يقول: ويلكم، اسقوني! قتلني الظمأ! فوالله، ما لبث إلاّ يسيراً، حتّى انقدّ بطنه انقداد بطن البعير. ورواه أبو الفرج عن أبي مِخْنَف / ٧٨، ط النّجف.

قال هشام: حدّثني عمرو بن شمر، عن جابر الجُعفي، قال: عطش الحسينعليه‌السلام حتّى اشتدّ عليه العطش، فدنا ليشرب من الماء فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقّى الدّم من فمه ويرمي به إلى السّماء، فقال:« اللهمّ، أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تذر على الأرض منهم أحداً » . ٥ / ٤٤٩ - ٤٥٠.

حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٤٧ - ٤٤٨.

(١) حدّثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٥٢.

(٢) عن الحجّاج، عن عبد الله بن عمّار البارقي، قال ٥ / ٤٥٢.

٢٥٧

فقال الحسينعليه‌السلام :« ويلكم! إنْ لمْ يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في أمر دنياكم أحراراً ذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم ».

فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يابن فاطمة. وأقدم عليه بالرجّالة فأخذ الحسينعليه‌السلام يشدّ عليهم، فينكشفون عنه(١) .

قال عبد الله بن عمّار البارقي:(٢) شدّت عليه رجّالة ممّن عن يمينه وشماله، فحمل على من عن يمينه حتّى ذعروا، وعلى من عن شماله حتّى ذعروا، فوالله، ما رأيت مكسوراً قط - وقد قُتل وُلده وأهل بيته وأصحابه - أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه، والله، ما رأيت قبله ولا بعده مثله، إن كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب.

وقد دنا عمر بن سعد من حسينعليه‌السلام إذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته، فقالت: يا عمر بن سعد، أيُقتل أبوعبد الله، وأنت تنظر إليه؟! [ فـ ] -صرف بوجهه عنها(٣) . [ و] كأنّي أنظر إلى دموع عمر، وهي تسيل على خدّيه ولحيته(٤) .

وهوعليه‌السلام يشدّ على الخيل، ويقول:« أعلى قتلي تحاثّون: أمَا والله، لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله أسخط

____________________

(١) قال أبومِخْنَف في حديثه ٥ / ٤٥٠. ورواه أبو الفرج / ٧٩.

(٢) هوراوي خبر أمر أمير المؤمنينعليه‌السلام بعمل الجسر على الفرات، حين مضيّه إلى صفّين سنة(٢٦ هـ) ٤ / ٥٦٥.

(٣) ورواه المفيد في الإرشاد / ٢٤٢، ط النّجف.

(٤) عن الحجّاج عن عبد الله بن عمّار البارقي ٥ / ٤٥١. ورواه المفيد في الإرشاد، عن حميد بن مسلم / ٢٤١.

٢٥٨

عليكم لقتله منّي! وأيم الله، إني لأرجوأنْ يُكرمني الله بهوانكم، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون (١) أمَا والله، لوقد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دمائكم، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يُضاعف لكم العذاب الأليم » (٢) .

ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجّالة نحوالحسين [عليه‌السلام ، وفيهم ] سنان بن أنس النّخعي وخوْليّ بن يزيد الأصبحي(٣) ، وصالح بن وهب اليزني والقشعم بن عمروالجُعفي، وعبد الرحمن الجُعفي(٤) ، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرّضهم [ فـ ] -أحاطوا [ بالحسينعليه‌السلام ] أحاطةً.

وأقبل إلى الحسينعليه‌السلام غلام من أهله(٥) ، فقال الحسين [عليه‌السلام لـ ] أخته زينب، ابنة عليعليه‌السلام :« احبسيه » . فأخذته أخته زينب ابنة عليعليه‌السلام لتحبّسه، فأبى الغلام وجاء يشتدّ إلى الحسينعليه‌السلام .

____________________

(١) ولقد أُجيبت دعوة الإمامعليه‌السلام . فأصبح المختار وبعث أبا عمرة إلى عمر بن سعد وأمره أنْ يأتيه به، فجاءه حتّى دخل عليه. فقال: أجبْ الأمير. فقام عمر فعثر في جبّة له، فضربه أبوعمرة بسيفه فقتله. وجاء برأسه في أسفل قبائه حتّى وضعه بين يدي المختار.

وكان حفص بن عمر بن سعد جالسّا عند المختار، فقال له المختار: أتعرف هذا الرأس؟! فاسترجع، وقال: نعم، ولا خير في العيش بعده. فقال المختار: فإنّك لا تعيش بعده. وأمر به فقتل، وجعل رأسه مع رأس أبيه ٦ / ٦١.

(٢) حدّثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٥٢.

(٣) بعث المختار إليه معاذ بن هانئ بن عدي الكندي، ابن أخى حجر، ومعه أبا عمرة صاحب حرسه، فاختبأ خوْليّ في مخرجه، فأمر معاذ أبا عمرة أنْ يطلبه في الدار فدخلوا فخرجت إليهم امرأته. فقالوا لها: أين زوجك؟ قالت: لا أدري، وأشارت بيدها إلى المخرج. فدخلوا فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة التمر فأخرجوه، فأحرقوه ٦ / ٥٩.

(٤) كان من الشهود على حجر بن عدي الكندي ٥ / ٢٧٠. وكان يوم عاشوراء على ربع مذحج وأسد لعسكر عمر بن سعد ٥ / ٤٢٢، كما سبق.

(٥) ذكره المفيد في الإرشاد / ٢٤١ أنّه: عبد الله بن الحسن، وموارد الإشارة تُشير إلى ذلك. وقد سبق عن أبي مِخْنَف: أنّه رماه حرملة بن كأهل بسهم، فقتله. وروى هذه الرواية - هنا - أبو الفرج، عن أبي مِخْنَف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال / ٧٧، ط النّجف.

٢٥٩

وقد أهوى بحر بن كعب إلى الحسينعليه‌السلام بالسّيف، فقال الغلام: يابن الخبيثة! أتقتل عمّي(١) ! فضربه بالسّيف فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة، فإذا يده معلّقة، فنادى الغلام: يا ُامّتاه!

فأخذه الحسينعليه‌السلام فضمه إلى صدره، وقالعليه‌السلام :« يابن أخي (٢) اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير؛ فإنّ الله يُلحقك بآبائك الصالحين، برسول الله وعلي بن أبي طالب وحمزة، والحسن بن علي (٣) ،(٤) صلّى الله عليهم أجمعين.

اللهمّ، أمسك عنهم قطر السّماء وأمنعهم بركات الأرض، اللهمّ، فإنْ متّعتهم إلى حين، ففرّقهم فرقاً وأجعلهم طرائق قدداً، ولا تُرضي عنهم الولاة أبداً؛ فإنّهم دعونا لينصرونا، فعدوا علينا فقتلونا » (٥) .

ولقد مكث طويلاً من النّهار ولوشاء النّاس أنْ يقتلوه لفعلوا، ولكنّهم كان يتّقي بعضهم ببعض ويُحبّ هؤلاء أنْ يكفيهم هؤلاء. فنادى شمر في النّاس: ويحكم! ماذا تنظرون بالرجل؟ أقتلوه، ثكلتكم اُمّهاتكم! فحُمِل عليه من كلّ جانب.

[ مصرع الحسينعليه‌السلام ]

فضرب زُرعة بن شرّيك التميمي ضربة [ على ] كفّه اليسرى(٦) ، وضرب [ ضربة أخرى ] على عاتقه، [ فأخذ ] ينوء ويكبو[ على وجهه الشريف ]. وفي تلك الحال حمل عليه سنان بن أنس النّخعي فطعنه بالرمح، فوقععليه‌السلام

____________________

(١) و(٢) و(٣) راجع: هامش رقم / ٥ من الصفحة السّابقة.

(٤) قال أبومِخْنَف في حديثه ٥ / ٤٥٠. ورواها أبو الفرج، عن أبي مِخْنَف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم / ٧٧، ط النّجف.

(٥) حدّثنى، سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال ٥ / ٤٥١. وفي الإرشاد / ٢٤١.

(٦) وفي الإرشاد: كتفه اليسرى / ٢٤٢، وفي الخواص: كتفه الأيسر / ٢٥٣. ونقله المقرّم عن الإتحاف بحبّ الأشراف / ١٦.

٢٦٠